
مشاركة: ماالمقصود بغسيل الأموال
غسيل الأموال
1- مفهوم مصطلح غسيل الأموال :
لقد عرف الإتحاد الأوروبي في سنة 1990مصطلح غسيل الأموال بأنه: "تحويل أو نقل الملكية The conversion or transfer of property مع العلم بمصادرها الإجرامية الخطيرة، لأغراض التستر وإخفاء الأصل غيرالقانوني لها، أو لمساعدة أي شخص يرتكب مثل هذه الإعمال وهذا يعني أن غسيل الأموالهو الحصول على أموال أو إستثمارات غير شرعية من خلال طرف خارجي لإخفاء المصدرالحقيقي لها، وبعبارة أخرى هو عملية تنظيف الأموال من مصدرها وجعلهاقانونية.
غسيل الأموال هو "تحويل الأموالالناتجة من أنشطة إجرامية إلى أموال تتمتع بمظهر قانوني سليم خصوصاً من حيثمصادرها".
غسيل الأموال هو "إضفاء المشروعيةعلى الأرباح المستمدة من أي نشاط غير مشروع".
2- أركان جريمة غسل الأموال: لجريمة غسيل الأموال ركنان:
مادي ومعنوي، وفيما يلي بيانذلك:
2-1.الركن المادي : ويتألف من ثلاثةعناصر، هي:
2-1-1. السلوك الذي يكون ركناماديا للجريمة ويتضمن :
* حيازة أو اكتساب أواستخدام الأموال القذرة وتودع في حساب بنكي أو توضع كأمانة في خزانة مستأجرة فيالبنك.
* إخفاء الأموال القذرة من حيثالمصدر، أو المكان أو التصرف أو الحركة أو الحقوق المتعلقة بها أوالملكية.
2-1-2. المحل الذي يرد عليه السلوكوهي الأموال المتحصلة من الإتجار بالمخدرات أو بالدعارة أو الاختلاس أو الرشاوي أوالإتجار بالرقيق أو بالأطفال.
2-1-3. الجريمةالتي تحصلت الأموال بموجبها كالإتجار غير المشروع بالسلاح أو المخدرات... الخ.
2-2. الركن المعنوي : يفترض علم الجانيأو الجناة بالمصدر غير المشروع للأموال القذرة فهي جريمة عمدية تنصرف إرادة الفاعلإلى إرتكابها دون خلل بإرادته الحرة، فالجاني يعلم علم اليقين بأنه يمارس نشاطاإجراميا وهذه الجريمة في حقيقتها إنما هي جريمة مستمرة ويقترح أحد الباحثين إعادةالنظر بالتقسيم التقليدي للجرائم في ضوء واقع جرائم غسيل الأموال بحيث يمكن تقسيمهاإلى جرائم ارتكاب وجرائم امتناع وجرائم وقتية وجرائم مستمرة وجرائم مسبقة وجرائممرتبة وجرائم اعتيادية ، ويذهب أحد الباحثين إلى تصنيف جرائم غسيل الأموال الىجرائم لا تحقق أية عواقب مالية مثل القتل والإيذاء، وجرائم تحقق دخلا ماليا محدودالمقدار ما يفقده المجني عليه في السرقة والإحتيال. وهناك جرائم تحقق دخلا مالياكبيرا جدا مثل تجارة السلاح غير المشروع والتزوير والجرائم الإقتصادية. وجريمة غسيلالأموال عبارة عن جريمة تحويل أو نقل الأموال، وجريمة إخفاء أو تمويه حقيقة الأموالبالإضافة الى جريمة حيازة أو اكتساب أو استخدام هذه الأموال.
3- مراحل عمليات غسيل الأموال:
عالمياً تم تحديد ثلاثة مراحل تمر و تكتمل بها عمليات غسيلالأموال وهى على النحو التالي:
المرحلةالأولى : و تمثل عملية التوظيف بإدخال الأموال المكتسبة من الأنشطة غير المشروعة فيالدورة المالية ويتم ذلك عن طريق نقل تلك الأموال وتجميعها في أماكن مدروسة تمهيداًلشرعنتها باستخدام آلية معينه تتمثل فى استبدال تلك الأموال غير الشرعية بأشكالأخرى.
المرحلة الثانية: وهى عمــلية تمويه ،تفريق أو تكديس الأموال وإخفاء مصدرها الحقيقي عن طريق إبعاد الأموال من مكانها إلىدولة أخرى مثلاً مع التركيز على ضرورة اختيار الدول التي لا تملك قوانين متشددةوأنظمتها المالية والمصرفية بها تساهل بعض الشئ .
المرحلة الثالثة : الإدماج أو المزج وفى هذه المرحلة تتمشرعنة الأموال وإظهارها وكأنها شرعية على الرغم من أنها أموال قذرة يتم ذلك عبراستخدام تقنيات متطورة عن طريق إعادة توظيف واستثمار الأموال وإدخالها ضمن الدورةالاقتصادية .
4- أساليب غسل الأموال:
هناك في الوقت الحاضر عدةأساليب لغسل المال غير الشرعي، نوجزها فيما يلي:
4-1. أسلوب التركيب: وهو أسلوب يتم عن طريقه تقسيم المالالمراد غسله إلى مبالغ أقل من الحد الذي يجب على البنك إبلاغ البنك المركزي عنده ،ثم يقوم فرد أو عدة أفراد بإيداع هذه المبالغ لدى البنوك أو تحويلها أو شراء شيكاتسياحيةأو شيكات بنكية بها.
4-2. أسلوبالتواطؤ الداخلي (الفردي أو الجماعي): وفي هذا الأسلوب يقوم موظفو البنك بتسهيلقبول الإيداعات الكبيرة مقابل انتفاع شخصي لهم، مع عدم إبلاغ السلطات الأمنية عنذلك.
4-3. أسلوب التمثيل المخالف للحقيقة،وهو المظلة التي تهدف إلى إظهار الأموال المغسولة أو مصدرها أو غاسلها بغير المظهرالحقيقي، ويتم هذا الأسلوب بطرق متعددة منها:
أ- الاتفاق بين الغاسل وبعض الشركات القائمة على خلط المالالقذر غير القانوني بأموال الشركة، وبعد فترة تظهر الأموال الإجمالية لعوائد لنشاطالشركة.
ب- تكوين ما يعرف بشركات الواجهة،وهي في الغالب شركات وهمية، قد تكون مجرد دمية أنشئت فقط لغرض استخدامها في عمليةالغسل، وهي تمارس نشاطاً هامشياً، ويتركز معظم دخلها من مصادر المال الحرام،ويتعاظم دور هذا النوع من الشركات في غسل الأموال عندما يتصل نشاطها بتجارة الذهبوالمجوهرات والأحجار الكريمة.
4-4. أسلوبالتحويل من بنك إلى آخر: وهو أسلوب يحتاج إلى تواطؤ داخلي بين البنوك، حيث يتم منخلاله تحويل الأموال غير القانونية من بنك إلى آخر بوصفها أموالاً قانونية.
4-5. الاستثناء من الإبلاغ عن الإيداعاتالكبيرة : حيث تودع الأموال في البنوك وفقاً لهذا الأسلوب من خلال شركات كبيرةمعفاة من الإبلاغ عن إيداعاتها.
4-6 شراءالموجودات والأدوات ذات القيم : حيث يقوم الغاسل من خلال هذا الأسلوب بشراءالسيارات ـ الطائرات ـ السفن ـ العقارات ـ المعادن النفيسة ـ الشيكات السياحية ـالأوراق المالية ـ وغيرها بما لديه من أموال قذرة، وهو يستطيع بعد ذلك بيعها والكشفعن أثمانها كمصادر قانونية مشروعة لأمواله.
4-7. تهريب العملة من الدولة التي اكتسب منها المال الحرامإلى أية دولة أخرى مع المسافرين أو في شحنات البضائع، ثم إعادتها عن طريق الحوالاتالبنكية التلكسية.
5- مجالات و مصادر غسيل الأموال :
- المضاربات على الأسهم فيالبورصات الوليدة الناشئة.
- المضاربة علىأسعار الأراضي والعقارات والشقق الفاخرة.
- مجال العقود والتوريدات الحكومية وغير الحكومية الهائلة.
- المزادات والمناقصات الحكومية وغيرالحكومية.
- الهدايا وبيع التحف النادرةوتجارة الأشياء الثمينة ذات القيمة المعنوية .
- صناعة السينما ومكاتب الإنتاج السينمائي .
- مجال المطاعم والوجبات السريعة (العالمية).
- دور السينما واستخدام حفلاتها لغسلالأموال.
- الملاهي على اختلاف أشكالهاوألوانها.
- أنشطة التهريب عبر الحدود للسلعوالمنتجات المستوردة دون دفع الرسوم والضرائب الجمركية .
- أنشطة السوق السوداء والتي تحقق منها دخول طائلة للمتعاملينفيها بالمخالفة للقوانين الدولية .
- أنشطةالرشوة والفساد الإداري والتربح من الوظائف العامة .
- العمولات التي يحصل عليها بعض الأفراد والمشروعات مقابل عقدصفقات الأسلحة والسلع الرأسمالية
- الاقتراضمن البنوك المحلية بدون ضمانات كافية أو بضمانات صورية.
- جمع أموال من المودعين وتهريبها إلى الخارج دون وجود ضماناتكافية لأصحابها بزعم توظيفها.
- الدخولالناتجة عن الغش التجاري أو الاتجار في السلع الفاسدة أو تقليد الماركات العالميةأو المحلية.
- الدخول الناتجة عن تزييفالنقود المحلية والأجنبية ذات الفئات الكبيرة القيمة.
- الدخول الناتجة عن تزوير الشيكات المصرفية وسحب المبالغ منالبنوك المحلية بشيكات أو حوالات مزورة أو من خلال تزوير الاعتمادات المستنديةالمعززة بموافقة البنوك.
- تجارة المخدرات: وهي من أكبر العمليات الإجرامية في هذا الشأن، ويلجأ اليها أصحاب النفوس الضعيفةنظرا للمردود المالي الضخم من هذه التجارة الآثمة
- الإتجار بالرقيق الأبيض:وهي ظاهرة الإتجار بالنساء والأطفاللغرض الدعارة.
- التهرب الضريبي، تزييفالعملة،...
6- الآثار السلبية لظاهرة غسيل الأموال:
يتخلف عن جريمة غسلالأموال مجموعة من الآثار غير المرغوبة، يمكن تصنيفها إلى:
6-1 الآثار الاجتماعية: هناك سلسلة متوالية من الآثارالاجتماعية لجرائم غسل الأموال، تبدأ بإحداث خلل في البنيان الاجتماعي، حيث تتيحعمليات الغسيل للقائمين بها الحصول على مكاسب خيالية بما يمكن أن يعيد الترتيبالطبقي في المجتمع لغير صالح الشرفاء ثم تنتهي هذه السلسلة بانحطاط القيم والمثلوالثوابت الاجتماعية وما بين حلقة البداية وحلقة النهاية تتآكل الطبقة الوسطى فيالمجتمع .
6-2. الآثار الاقتصادية: هناك علىوجه التحديد ثلاثة آثار اقتصادية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بجرائم غسل الأموال وهي: التضخم. ، المضاربة على العقارات والمجوهرات، الكساد.
وذلك إن المال غير الشرعي المراد غسله عندما يحل في أسواقدولة ما، فإنه يحدث زيادة بمقدار حجمه في العرض النقدي لهذه الدولة بما يفوق كثيراًمقدار ناتجها القومي من السلع والخدمات، ومن شأن ذلك أن يؤدي حتماً إلى التضخم،وعندما يحين موعد رحيله وتصديره إلى الخارج حيث موطنه الأصلي، فإن ذلك يتسبب في نقصالسيولة في الدولة المضيفة له، وهو ما يعني الانكماش ثم الكساد وما بين هاتينالدورتين الاقتصاديتين تتقلب بشدة أسعار صرف عملة الدولة المضيفة للمال المغسول،ولما كان الجهاز الإنتاجي بل والبنيان الاقتصادي للدولة المضيفة غير قادرين علىاستيعاب المال المغسول عند قدومه، فإن منظمات غسل الأموال تفضل غالباً المضاربة علىالعقارات والمجوهرات بما يرفع قيمتها السوقية بغير مبرر وبما قد يضر بالغالبية منأبناء هذه الدولة .
وفي دراسة AUSTRAC - Australian Transaction Reports and Analysis Centre (1998) بعنوان Estimates of the Extent of Money Laundering In and Throughout Australia تم التوصل إلى أن حدوثعمليات غسيل أموال بمقدار 5 مليار دولار يؤدي إلى خسارة في الناتج تتراوح بين 5.63إلى 11.26 مليار، وفقدان في الوظائف يتراوح بين 125000 إلى 250000 وظيفة، بسبب آثارالمضاعف الناجمة عن تغير نمط الإنفاق .
6-3. الآثار المالية و المصرفية: لا شك أن التحويلات المالية المفاجئة سواء تلك التي تردإلى الدولة أو تخرج منها تحدث تشوهات غير متوقعة على سوق النقد والجهاز المصرفي،وعلى سوق رأس المال (سوق الإقراض المباشر وسوق الأوراق المالية)، وهو ما يؤدي إلىانهيار هذه الأسواق، كما حدث في دول جنوب شرق آسيا منذ سنوات، وذلك بما يهدداستقرار النظام المالي والمصرفي في الدولة المضيفة، بل إن عملية غسل الأموال قدتصيب السياسة المالية والإئتمانية للدولة المضيفة بالتخبطوالارتباك.
------
المصدر: مداخلة للدكتور كتوش عاشور و الأستاذ قورين حاج قويدرفي الملتقى الدولي بجامعةبومرداس بعنوان:
أبعاد الجيل الثاني من الإصلاحات الاقتصادية في الدول النامية "أيام 4-5 نوفمبر 2006