
التحكيم في الشيك في ضوء أحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999
بسم الله الرحمن الرحيم
التحكيم في الشيك
في ضوء أحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999
مقدمة
لا يوجد موضوع في الموضوع التجاري أو الموضع الجنائي أثار و لا يزال يثير صعوبات قانونية و خلافات فقهية مثل موضوع الشيك و قد جاء قانون التجارة الجديد عند تنظيمه لهذا الموضوع ليضيف مشكلات و صعوبات قانونية جديدة و من بين نصوص هذا القانون التي أثارت الجدل و كانت مصدرا للعديد من التساؤلات نص المادة /534 فقرة 4 التي قضت بانقضاء الدعوى الجنائية و بوقف تنفيذ العقوبة في حالة التصالح بين الساحب و المستفيد من الشيك , حيث تجري على أنه " 000 4- و للمجني عليه و لوكيله الخاص في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة يطلب من النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال و في أية حالة كانت عليها الدعوى إثبات صلحه مع المتهم
و يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية و لو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر
و تأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها و لو بعد صيرورة الحكم باتا "
فقد أثار هذا النص اختلافات في التطبيق بشأن التصالح ففي حين يشترط البعض وجود عقد صلح بين الساحب و المستفيد و هذا هو التفسير الذي يتسق مع نص المادة المشار إليه فإن البعض الآخر يكتفي بقيام السحب بسداد مبلغ الشيك في أي مرحلة كانت عليها الدعوى للحكم بانقضائها و لا يشترط موافقة المستفيد على هذا الوفاء الذي يتقدمن به الساحب فما موقف المحكمة في هذه الحالة هل يعد مسلك المستفيد منطويا على تعسف في استعمال الحق أم لا ؟ تلك أسئلة تحتاج لإجابات واضحة و محددة لأنها تطرح على القضاء بشكل يومي و تختلف بشأنها المحاكم بشكل بين إلا أن هذا الموضوع لا يتم التعرض له بالتفصيل في إطار هذا البحث
و قد أثارت مسألة جواز التصالح في الشيك جدلا أخر لا تختلف أهمية حسمه عن سابقه و لكنه هذه المرة في مجال التحكيم 0 فإذا كانت القاعدة العامة التي تحدد المسائل التي يجوز فيها التحكيم تقضي بأن التحكيم يجوز في المسائل التي يجوز فيها الصلح ( م 11 من قانون التحكيم ) و أصبح الشيك بموجب حكم المادة 534 في الفقرة 4 من قانون التجارة , يجوز فيه الصلح فهل أصبح من الجائز الاتفاق في التحكيم في المنازعة المتعلقة بالشيك ؟ و هل هذا الاتفاق يغلق باب اللجوء للقضاء المدني للمطالبة بقيمة الشيك باعتبار أن تلك الحماية أصبحت تتعلق بمصلحة خاصة بالمستفيد و ليس بالمصلحة العامة طالما أن القانون أجاز له التصالح بشأن الشيك أم أن الأمر لا يزال متعلقا بقاعدة آمرة وفقا للمفهوم التقليدي للنظام العام الذي يعتبر كل قواعد القانون الجنائي قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها , و من ثم لا يجوز التصالح بشأنها و من ثم عدم جواز الاتفاق على التحكيم بصددها ( الفصل الأول )
و ما دفعنا إلى تناول هذا الموضوع بالبحث , فضلا عن الصعوبات التي تصادفه في التطبيق , حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية المقيدة بجدول المحكمة المذكورة تحت رقم 8 لسنة 22 ق " تنازع " و الصادر بتاريخ 4/8/2001
حيث أنه تعرض لمسألة التحكيم في الشيك و هو بصدد حسم التنازع بين حكمين صدر أحدهما من هيئة تحكيم و صدر الآخر من محكمة جنح مستأنفة قضى الأول بإلزام المستفيد من الشيك برده
إلى الساحب و قضى الثاني بمعاقبة الساحب عن جنحة شيك دون رصيد ( الفصل الثاني )