
التقييم ودمجه في تخطيط المشاريع
مقدمة
عرفت فكرة التقييم أو التقويم, وهو المصطلح الأكثر شيوعاً واستعمالاً في الوقت الحاضر تطوراً كبيراً عبر تاريخ هذا النشاط, حيث أن المؤسسات والجهات التي كانت توكل إليها مسؤولية السهر على إنجاز بعض المشاريع المخصصة لمساعدة الشرائح الاجتماعية الأقل حظاً, أو المحدودة الدخل, كانت غالباً ما تطالب من قبل الممولين لتلك المشاريع بتقارير تشرح وتبرر الكيفية التي صرفت بها الاعتمادات المالية التي رصدت لإنجاز تلك المشاريع.
وكانت هذه المؤسسات المذكورة كثيراً ما تقتصر على رفع تقارير تصفا نشاط المنجز, وبعض التفاصيل حول الخدمات المقدمة من خلال المشروع. ومع تقدم المعرفة الإنسانية, وتطور العلوم, وظهور الحاجة إلى معلومات أدق وأشمل لتنفيذ المشاريع بسرعة وفعّالية, بدأ المهتمون بالتنمية, يعمدون إلى تحليل سجلات الأنشطة التي يقومون بها عن طريق جمع المعلومات بواسطة الاستمارات للحصول على معلومات أكثر تمكن من تخطيط أكثر دقة وإدارة أكبر نجاعة.
ومع نشوب الحرب العالمية الثانية, وحرص الدول المتحاربة على إيجاد طريقة مثلى للاقتصاد في النفقات للحيلولة دون تبذير الإمكانيات المتاحة, وقع طلب متزايد على تقييم الحلقات التدريبية التي كانت تنظم لفائدة الجيوش المتحاربة, وكان ذلك بداية القيام بتقييم التصرف الإنساني وردود فعله لمواقف معينة.
وعرفت الفترة اللاحقة للحرب العالمية الثانية, ظهور وانتشار آلات وأجهزة متطورة (آلات التسجيل الصوتية, الكاميرا, التلفاز, والحاسب الإلكتروني...) استعملت في مجال التقييم لتساعد على جمع وتسجيل, وحفظ عدد ضخم من المعلومات تهم نشاطات ومجالات مختلفة.
ونظراً للنتائج التي حققها التقييم, وظهور سيل كبير من الكتب والمجلات التي تهتم بهذا الموضوع في العالم المتقدم واقتصادياً, برزت إلى الوجود هيئات ومنظمات متخصصة في مجال التقييم.
ومع توالي موجة الاستقلالات في إفريقيا وأمريكا اللاتينية التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار, وعزم الحكومات في البلدان المستقلة حديثاً القيام بالتنمية في تلك الدول, بدأت بعض الخبرات والتقنيات المتعلقة بالتقييم تتسلل إلى الدول النامية مع إدخال بعض التغييرات عليها لتتلائم ومحيط البلاد النامية.
وعلى الرغم من تسرب فكرة التقييم وتقنياته إلى البلدان النامية, فإن الملاحظ عبر المشاريع الكثيرة والمتعددة التي قامت بها الجمعيات الأهلية, أن هذه المشاريع ظلت تفتقر أثناء إنجازها إلى عنصر التقييم, إذ نادراً ما كلفت الجمعيات نفسها عناء القيام به.
وآخر ما عرفته نظريات التقييم من تطور, هو التقييم وفق النظرية الاشتراكية participatory Approach, وهي تقنية جديدة تعتمد على إشراك كل العناصر البشرية المساهمة في إنجاز مشروع ما, للقيام بتقييمه. ولنجاح هذه العملية, تفترض هذه النظرية الانسجام بين صفوف العاملين في المشروع, وتقارب مستواهم المعرفي التقني والفني. وهو شيء قد لا يتوفر لدى الكثير من الجمعيات الأهلية المتواجدة بالمنطقة العربية, لذا فإن التقييم سيقتصر على النظر في التقنيات الأكثر شيوعاً للقيام بهذه العملية.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله
if you fail to plan you plan to fail
كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم