-مقدمة:
في ظل لتحولات الاقتصادية الراهنة, و في ظل المفاوضات الجارية لأجل انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة, أصبح تأهيل المؤسسات الجزائرية شيئاً ضرورياً كي تضمن استمراريتها في سوق تحكمه قوانين المنافسة.
تأهيل المؤسسات الجزائرية يخص كل الوظائف بما في ذلك وظيفة إدارة الموارد البشرية, فالفرد في المؤسسة يجب أن ينظر إليه كمورد و ليس كتكلفة, و لضمان نجاعته أصبح إجباريا أن تؤهله المؤسسة التي ينتمي إليها, و أن نعيد تأهيله في حالة الجمود الوظيفي, ضمن هذا السياق نطرح الإشكالية التالية:
ما هي استراتيجيات تأهيل و إعادة تأهيل العنصر البشري في المؤسسة الجزائرية ؟
هذه الإشكالية تتفرع بدورها إلى أسئلة جزئية أخرى يمكن طرحها كالتالي:
-ما معنى التأهيل ؟
-ما هو دافع التأهيل؟
-ما هي مختلف استراتيجيات التأهيل الممكن إتباعها ؟
يمكن أن نضع إجابات مسبقة لهذه الأسئلة في شكل الفرضيات التالية:
-التأهيل هو رفع نجاعة العنصر البشري و تحسيسه بالمسؤولية و إعطائه قوة القرار.
-نتبع استراتيجيات التأهيل لأنها ضرورة ملحة من أجل مسايرة تطورات المحيط و التكيف معه عن طريق استغلال العنصر البشري لكامل طاقاته.
-هناك عدة استراتيجيات للتأهيل يمكن إتباعها كالتدريب, والتمكين و إعادة هندسة وظيفة إدارة الموارد البشرية.
من أسباب اختيارنا لهذا البحث نذكر:
·الأسباب الذاتية:
-علاقة البحث بمجال تخصصنا كطالبين في فرع إدارة الأعمال.
-الرغبة في الإطلاع على هذا الموضوع.
·الأسباب الموضوعية:
-أهمية العنصر البشري في نشاطات المؤسسة؛
-دخول المؤسسات الجزائرية مرحلة اقتصاد السوق يلزمها رسم استراتيجية لتأهيل أفرادها؛
-وجود هذا الموضوع ضمن محاور مقياس إدارة الموارد البشرية.
يمكن للقارئ أن يلتمس أهمية هذا البحث المتواضع من خلال اعتباره حجر الأساس لدراسات مستقبلية أدق و أعمق في ميدان الموارد البشرية.
نتطلع من خلال هذا البحث إلى:
-المساهمة في إيضاح مفهوم التأهيل و إعادة التأهيل؛
-محاولة إيجاد طرق ناجعة في تأهيل العنصر البشري في المؤسسة الجزائرية؛
-محاولة رفع كفاءتنا و تحسين مستوانا العلمي.
اتبعنا في هذا البحث المنهج التحليلي و الذي من خلال قسمنا بحثنا إلى أربعة أقسام, في الأول تناولنا تأهيل المؤسسة الجزائرية ككل دون تخصيص وظيفة من وظائفها أو إهمال لخصوصيتها, أما القسم الثاني فقد عرفنا فيه مصلحة التأهيل و إعادة التأهيل و الأساليب الممكن إتباعها لإعادة التأهيل الأفراد ذوي الجمود الوظيفي غير الفعال.
في القسم الثالث و الذي يعتبر جوهر بحثنا تطرقنا إلى مختلف الاستراتيجيات التي يمكن المؤسسة الجزائرية أن تتبعها في ميدان تأهيل عناصرها البشرية و هي التدريب, التمكين, إعادة الهندسة وظيفة الموارد البشرية, بالإضافة إلى استراتيجيات أخرى. و القسم الأخير أشرنا فيه إلى التكاليف المترتبة عن عملية التأهيل.
و آخراً ما نطوي به بحثنا هي الخاتمة و التي عززناها باستنتاجاتنا حوا هذا الموضوع.
- I تأهيل المؤسسة الجزائرية:
إن التحولات التي طرأت على التبادلات الدولية في سياق العولمة, جعل بقاء الجزائر على الحياد شيء غير ممكن, خاصة بعد إبرام اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي مؤخراً ة التحضيرات الجارية لانضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة « OMC » قريباً. فعلى الجزائر أن تستغل هذه الفترة (قبل انضمامها إلى OMC لتقوم بتأهيل مؤسساتها.
و برنامج التأهيل هو ممول في أغلبه من طرف الإعانات المقدمة من طرف الإتحاد الأوروبي, كما تنص عليه اتفاقية الشراكة التي يهدف إلى إعطاء مستوى تنظيمي موحد لمؤسساتنا حتى تتمتع منتوجاتها و خدماتها بقدرة تنافسية مقبولة مقارنة بالمنتوجات الخارجية.
فعملية التأهيل تضم المؤسسات (كل المؤسسات), و المحيط الذي تنموا و تنطوي فيه لتصل إلى هدفها الرئيسي المتوخى من عملية التأهيل و الذي هو استمرارية فترة حياة المؤسسات, و الحفاظ على حصتها في السوق الداخلية و التحول إلى الأسواق الخارجية, و خاصة خلق مناصب شغل جديدة. -1-I أهداف سياسة التأهيل: -1-1-I القدرة التنافسية للمؤسسات: [1]
يمكن الوصول إلى تحقيق هذه الأخيرة عن طريق:
·تكييف المؤسسات مع الظروف الحديثة للتسيير و التنظيم, خاصة التحكم في نوعية المنتوجات والخدمات, و يقتضي هذا وجوب خضوع المؤسسات للمقاييس الدولية الخاصة بالنوعية (مقاييس الإيزو ISO)؛
·تدعيم مؤهلات المديرين, المسيرين, المستخدمين المنفذين, في الوظائف الإنتاجية و التجارية ويتعلق الأمر هنا بتدعيم القدرة التسييرية لدى مسيري المؤسسات.
و تجدر الإشارة إلى أن الكفاءة ضرورية للحفاظ على المؤسسات الصغيرة و المتوسطة الموجودة وتطويرها فحسب, بل هي مطلوبة حتى في إطار إنشاء المؤسسات الجديدة " في هذا الشأن بينت الإحصائيات أن %80 من المشاريع المعتمدة عليها من طرف وكالة دعم و ترقية الاستثمارات ومتابعتها « APSI » و قد تم التخلي عنها أو لم تعرف الانطلاق بتاتاً بسبب نقص مؤهلات التسيير و الكفاءة التسييرية للمبادرين (2/3 أصحاب المشاريع ينتمون إلى قطاع التجارة). -2-1-I قابلية استمرار المؤسسة:[2]
تهدف التنافسية إلى السماح للمؤسسات بصيانة حصتها في السوق الداخلية, كمرحلة أولى و اقتحام الأسواق الدولية في مرحلة ثانية. و من أجل تجسيد ذلك يجب:
·تحديد الاحتياجات الحقيقية للمستهلك و المنتج المحلي و الأجنبي (دراسة السوق...)؛
·تشخيص المجالات ذات القدرات العالية؛
·البحث عن تنمية متوازنة و مستقرة للاقتصاد الوطني بالتركيز على الثروات الطبيعية الموجودة, السطحية و الباطنية من أجل توفير فرص ملائمة للتصدير؛
·العمل على تخصص المؤسسات الصغيرة و المتوسطة من أجل التحكم في التكاليف؛
·تطوير الشراكة الدولية بغية الإندماج الحقيقي في الاقتصاد العالمي؛
·مساعدة المؤسسات على إعادة إنشائها و نفرعها.
[1]عامر يحي حسين, تأهيل و المنافسة الصناعية, 2002, ص 1-2.