
مشاركة: لماذا تقدم اليهود وتفوقوا علي المسلمين
* * *
وكان النظام الربوي هو السائد في الجزيرة العربية، وعليه يقوم اقتصادها الأساسي. ولا يحسبن أحد انها كانت مجرد معاملات فردية في حدود ضيقة. فقد قامت لقريش تجارة ضخمة مع الشام في رحلة الصيف، ومع اليمن في رحلة الشتاء. وكانت توظف في هذه التجارة رؤوس أموال قريش. ولا يجوز ان ننسى ان قافلة ابي سفيان التي ترصد لها المسلمون في غزوة بدر، ثم أفلتت منهم، وقسم الله لهم ما هو خير منها، كانت تحوى ألف بعير موسوقة بالبضائع! ولو كان الربا مجرد معاملات فردية محدودة، لا نظاماً شاملاً للحياة الاقتصادية ما استحق من الله - سبحانه - هذه الحملة المفزعة المتكررة في القران، ولا متابعة تلك الحملة من الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديثه!.
هذه الأموال، وهذه الحركة التجارية، وهذا الاقتصاد الذي يقوم عليها، كان يقوم كله على اساس النظام الربوي. وفيه تجمعت اقتصاديات البلاد تقريباً قبيل البعثة، فكذلك كانت تقوم الحياة في المدينة. وأصحاب اقتصادها هم اليهود. والربا قاعدة اقتصاد اليهود!.
وكان هذا "واقعا" اقتصادياً تقوم عليه حياة البلاد!.
ثم جاء الاسلام.. جاء ينكر هذا الأساس الظالم الجارم؛ ويعرض بدله اساساً آخر: أساس الزكاة والقرض الحسن والتعاون والتكافل.
" الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية، فلهم اجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم، ولا هم يحزنون. الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخطبه الشيطان من المس. ذلك بأنهم قالوا: انما البيع مثل الربا. واحل الله البيع وحرم الربا. فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف، وأمره الى الله. ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. يمحق الله الربا ويربى الصدقات. والله لا يحب كل كفار أثيم. ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات. واقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، لهم اجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا ان كنتم مؤمنين. فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وان تبتم فلكم رؤوس أموالكم، لا تَظلمون ولا تُظلمون، وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة، وأن تصدقوا خير لكم ان كنتم تعلمون. واتقوا يوماً ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ". [البقرة: 274-281]
ووجدت الفطرة ان دعوة الله خير مما هي فيه. واشمأزت من الأساس الهابط الذي يقوم النظام الربوي عليه. ومع مشقة الانتقال في الأوضاع الاقتصادية التي تقوم عليها حياة الناس، فقد كانت استجابة الفطرة أقوى من ثقل " الواقع" ، وتطهر المجتمع المسلم من تلك اللوثة الجاهلية. وكان ما كان. وفق سنة الله التي تتكرر كلما دعيت الفطرة فانتفضت من تحت الركام والأنقاض!.
* * *