مصر.. صناديق الاستثمار الإسلامية تفرض حضورها وسط منافسة بين البنوك
شهدت سوق المال المصرية مؤخرا تناميا ملحوظا لصناديق الاستثمار الإسلامية، سواء من حيث العدد أو قيمة الاستثمارات التي تتولى إدارتها، والملفت للنظر أن البنوك المملوكة للدولة بدأت تنافس نظيرتها الخاصة والأجنبية على إطلاق مثل هذه النوعية من الصناديق التي باتت تلقى اهتماما متزايدا من قبل المؤسسات المالية والاستثمارية العاملة في السوق والمستثمرين أصحاب المدخرات البسيطة.
ومن بين 42 صندوق استثمار تعمل في السوق المصرية، نجد أن عدد صناديق الاستثمار الإسلامية يبلغ 7 صناديق، وهناك توقعات بارتفاعها إلى 12 صندوقا نهاية العام الجاري، إذ تعتزم عدة بنوك عاملة في مصر اقتحام هذا المجال بشكل قوي وطرح صناديق جديدة.
من بين البنوك التي بدأت بالفعل اتخاذ إجراءات في هذا الشأن بنك الإسكندرية، الذي تستحوذ مجموعة أنتيسا سان باولو الإيطالية على 80% من أسهمه، حيث تقدم البنك قبل أيام بطلب للسلطات المصرية بهدف الحصول على ترخيص بتأسيس صندوق استثمار إسلامي.
وقال رئيس مجلس إدارة بنك الإسكندرية محمود عبد اللطيف -في تصريحات خاصة لـ"الأسواق.نت"- إن الصندوق المقرر تأسيسه يبلغ رأسماله 100 مليون جنيه (الدولار يساوي 5.42 جنيهات)، وإنه سيتم طرح 95% من الوثائق الصادرة عنه للاكتتاب للمصريين والعرب والأجانب، عقب الحصول على موافقة هيئة سوق المال المصرية، مشيرا إلى أن البنك حصل بالفعل على موافقة البنك المركزي المصري لتأسيس الصندوق. وحول مغزى تأسيس الصندوق الجديد قال عبد اللطيف إن الدراسات التي أعدها البنك في هذا الشأن، أكدت وجود طلب متزايد من قبل أصحاب المدخرات على هذه النوعية من الصناديق لأسباب بعضها ديني وآخر يتعلق بالعائد المحقق على الأموال المستثمرة، حيث إن هذه الصناديق تحقق عوائد جيدة قد تفوق العوائد المحققة من الصناديق الأخرى. ويبدو أن بنك الإسكندرية لن يكون الأخير في قائمة البنوك التي قررت اقتحام مجال تأسيس صناديق استثمار إسلامية، فطبقا للمعلومات التي حصل عليها موقع "الأسواق.نت" فإن بنوكا عدة قررت اقتحام هذا المجال بقوة منها بنوك: المؤسسة العربية المصرفية - ABC مصر ومصر إيران للتنمية والوطني المصري، إلى جانب عدد من البنوك الأجنبية والعربية العاملة في السوق وعلى رأسها بي إن بي باريبا - مصر. وكان البنك الأهلي المصري، أكبر بنك عام في مصر، قد فاجأ القطاع المالي والمصرفي المصري مؤخرا بإعلانه تأسيس صندوق استثمار إسلامي بالتعاون مع بنك التمويل المصري السعودي، الذي تسيطر مجموعة دلة البركة السعودية على معظم أسهمه، ولاقى هذا الصندوق الذي يحمل اسم "بشائر" إقبالا كبيرا من المستثمرين، الذين غطوا رأسماله البالغ 200 مليون جنيه في غضون فترة قليلة. وعلى الرغم من أن هذا الصندوق يعد الأول للبنك الأهلي المصري في المجال، إلا أنه يعد الثاني لبنك التمويل المصري السعودي، الذي اقتحم هذا المجال مبكرا، كما قال الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للبنك أشرف الغمراوي لموقع "الأسواق. نت". وبرر ذلك بوجود طلب متنام على المنتجات الإسلامية بشكل عام وصناديق الاستثمار الإسلامية بشكل خاص. وقال الغمراوي إن الإقبال على صناديق الاستثمار الإسلامية بشكل خاص والبنوك الإسلامية بشكل عام بات ظاهرة عالمية ولا تقتصر على مصر والمنطقة العربية، مشيرا إلى أن بنوكا تعمل في أسواق مالية كبرى على رأسها باريس ولندن وجنيف توسعت بشكل ملحوظ في تأسيس صناديق إسلامية.
ولم يقتصر اقتحام بنوك القطاع العام في مصر مجال تأسيس الصناديق الإسلامية على البنك الأهلي المصري، بل دخل أيضا بنك مصر ثاني أكبر بنك قطاع عام مؤخرا مجال تأسيس مثل هذه النوعية من الصناديق، حيث طرح صندوق استثمار إسلامي برأسمال 200 مليون جنيه قابلة للزيادة، وأسند أداته إلى شركة "إتش سي"، ولاقى الصندوق إقبالا من جمهور المكتتبين، وهو ما دفع البنك إلى أن يجعل الصندوق من النوع المفتوح مع إمكانية توزيع عائد دوري وشراء واسترداد أسبوعي للوثائق. وأعلنت إدارة بنك مصر أن الصندوق سيستثمر أمواله في الأنشطة المباحة شرعا ووفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وقرارات وتوصيات هيئة الرقابة الشرعية الدائمة للصندوق، حيث سيتم استثمار أموال الصندوق في عمليات تتفق وصيغ الاستثمار الإسلامي بالمشاركة في أسهم الشركات، وكذا في صناديق الاستثمار الإسلامية وأسهم الشركات العربية والإسلامية المدرجة بالبورصات الخارجية، وفقا للمعايير والضوابط التي تنظم عمل الاستثمار الإسلامي في تلك الأسواق المالية بنسبه لا تزيد عن 50% من أصول الصندوق. كما أعلن البنك كذلك أنه سيوجه جزءا من أمواله لاستثمارها في الأوعية البنكية التي تتعامل بالمعاملات الإسلامية سواء ببنك مصر أو البنوك الإسلامية الأخرى. ولم يقتصر الأمر على دخول بنوك القطاع العام التجارية مجال تأسيس صناديق استثمار إسلامية، فقد انضمت إلى القائمة أيضا بنوك القطاع العام المتخصصة، في هذا الشأن أطلق مؤخرا البنك الرئيس للتنمية والائتمان الزارعي التابع للدولة صندوق استثمار إسلامي يحمل اسم "ساقية الخير" وبرأسمال 100 مليون جنيه، وقد بلغ معدل تغطية وثائق استثماره أكثر من 150%. وواكب هذه الخطوة إطلاق بنك الشركة المصرفية العربية الدولية الذي يرأسه وزير الاقتصاد السابق د. حسن عباس زكي صندوق استثمار يحمل اسم "سنابل" برأسمال 100 مليون جنيه تم طرح 95% منها للاكتتاب العام للجمهور، وأسند البنك إدارة الصندوق إلى شركة برايم أنفستمنتس لإدارة صناديق الاستثمار التي تتولى إدارة صناديق البنك، والصندوق المطروح هو صندوق استثمار ذو عائد تراكمي مع توزيع عائد دوري نصف سنوي تخصص أموال حملة الوثائق به للاستثمار في الأوراق المالية و صناديق الاستثمار والأوعية الادخارية التي ينطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية.
من جهته توقع مدير الاستثمار وأسواق المال ببنك مصر إيران للتنمية ناجي هندي تأسيس مزيد من صناديق الاستثمار الإسلامية داخل السوق المصرية خلال الفترة القادمة، كما توقع إقبالا أكبر من قبل البنوك على تأسيس هذه الصناديق. وقال هندي لـ"الأسواق.نت" إن السوق في حاجة إلى 10 أضعاف عدد الصناديق الإسلامية الحالية، وبرر ذلك بعدة أسباب في مقدمتها توافر سيولة ضخمة داخل السوق المصرية تبحث عن أدوات استثمار تناسب توجهاتها الأيديولوجية، كما أن المستثمرين العرب الذين يوجهون أموالهم للسوق المصرية يفضلون مثل هذه النوعية من الصناديق. بالإضافة إلى أن هذه الصناديق باتت جاذبة لأصحاب المدخرات والاستثمارات معا، وكذا لمستثمري البورصة الذين تزايد عددهم بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية. ورصد هندي سببا آخر يحاول من خلاله تفسير تنامي عدد صناديق الاستثمار الإسلامية في مصر، حيث أكد أن ضعف أدوات الاستثمار بالبنوك الإسلامية العاملة في مصر دفع المستثمرين إلى البحث عن أدوات أكثر مرونة، وقد وجدوا ضالتهم في صناديق الاستثمار الإسلامية التي تحقق عوائد جيدة تفوق في أغلب الأحيان العوائد المحققة على صناديق الاستثمار التقليدية. ولضمان نجاح صناديق الاستثمار الإسلامية في المستقبل اقترح هندي على المسؤولين عن إدارة هذه الصناديق التوسع في تأسيس الصناديق الإسلامية المتخصصة التي تستثمر أموال حملة الوثائق في قطاع اقتصادي واعد؛ كالعقارات والنفط والغاز وغيرها، وتنويع الاستثمارات الخاصة بالصندوق، بحيث لا تقتصر على الاستثمار في الأسهم فقط، بل تشمل أيضا الاستثمارات المباشرة. وقال إن هذه النوعية من الصناديق في حاجة إلى أدوات مالية ثابتة غير موجودة حاليا بالسوق؛ مثل الصكوك، وذلك على غرار الأدوات المالية الثابتة التي تتعامل معها الصناديق الأخرى وعلى رأسها السندات وأذون الخزانة.
ويعد بنك فيصل الإسلامي المصري أول من اقتحم مجال تأسيس صناديق الاستثمار الإسلامية، فقبل نحو 4 سنوات وتحديدا في ديسمبر/كانون الأول 2004 أطلق البنك صندوق استثمار "ذا عائد دوري" برأسمال 50 مليون جنيه، وأسند إدارته إلى شركة هيرمس للاستثمار في الأوراق المالية، ويعد هذا الصندوق الأول من نوعه الذي يستثمر أمواله في الأسهم وفقا للشريعة الإسلامية. واعتبر البنك أن الصندوق أحد الأنشطة المصرفية المرخص بها لبنك فيصل الإسلامي المصري، بموجب قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 ولائحته التنفيذية، وبموجب موافقة البنك المركزي المؤرخة 5-8-2004، وموافقة الهيئة العاملة لسوق المال بموجب الترخيص رقم 330 الصادر بتاريخ 30-9-2004 لمباشرة هذا النشاط. وقام بنك فيصل الإسلامي المصري في ذلك الوقت بإبرام اتفاق مع الهيئة القومية للبريد لتسويق الصندوق والاستثمار في وثائقه. وحدد صندوق استثمار بنك فيصل الإسلامي المصري سياسته الاستثمارية في العمل على تحقيق أكبر قدر من النمو لاستثمارات الصندوق بدون الدخول في مخاطر مرتفعة، وذلك للمحافظة على الأموال المستثمرة، كما هدف الصندوق إلى توزيع أرباح نصف سنوية لحاملي وثائق استثمار الصندوق في أسهم الشركات الصناعية والإنتاجية والخدمات الحيوية. وبسبب نجاح التجربة أطلق بنك فيصل بالتعاون مع البنك التجاري الدولي أكبر بنك خاص في مصر صندوق استثمار ثان يحمل اسم "صندوق استثمار بنك فيصل الإسلامي المصري والبنك التجاري الدولي ذو العائد التراكمي" وبرأسمال 100 مليون جنيه. وعمل الصندوق على تحقيق أكبر قدر من النمو لاستثمارات العملاء بدون الدخول في مخاطر مرتفعة، وذلك للمحافظة على الأموال المستثمرة. ويستثمر الصندوق أمواله في أسهم الشركات الصناعية والإنتاجية والخدمات المحلية والعالمية، وكذا في صكوك التمويل وشهادات الإيداع الدولية لأسهم الشركات المصرية المسجلة بالخارج، واعتمد الصندوق على مختلف آليات التداول المتوافرة بالسوق.
05-04-2009, 09:48 PM
تعليمات المشاركة
العرض العادي
