الملف الساخن لأموال التأمينات
بسم الله الرحمن الرحيم
الملف الساخن لأموال التأمينات
ملف أعدته : نهلة أبو العز
بقلم / سامي نجيب
خبير التأمين
دفع حدثان ملف التأمينات والمعاشات إلي صدارة الاحداث الاقتصادية, أولهما حكم الدستورية العليا بعدم دستورية خفض معاشات الأجر المتغير. وثانيهما: مشروع القانون الموحد للتأمينات الاجتماعية, مما جدد المخاوف المزمنة التي صاحبت الحديث عن أموال التأمينات والمعاشات في مصر خلال السنوات القليلة الماضية.
ارتبطت المخاوف ـ بل الظنون ـ بما تصوره قطاع من المؤمن عليهم عن ضياع أموال التأمينات بعد ضمها الي وزارة المالية وعدم قدرة الدولة علي سداد ما اقترضته من هذه الأموال لبنك الاستثمار القومي, وانطلقت الشائعات بأن الــ15 عاما القادمة سوف تحمل مفاجآت غير سارة لأصحاب المعاشات, حيث أشار البعض الي أنه خلال هذه المدة سوف تنخفض قدرة الحكومة علي سداد المعاشات لأصحابها. وبين المخاوف والشائعات أكدت الحكومة ممثلة في وزارة المالية صاحبة حق الرد في قضية أموال المعاشات والتأمينات أن هذه الأموال آمنة ولامساس بها, وأن الحكومة تعد قانون التأمينات الموحد الذي سوف يقضي علي تعددية القرارات والقوانين المنظمة للتأمينات والمعاشات في مصر, وهذا القانون سوف يحقق مزايا ويجيز لإدارة الاستثمار المستحدثة به استثمار أموال التأمينات عن طريق البورصة بنسبة35% وهو ماجدد المخاوف تجاه هذه النقطة ولأن قانون التأمينات الموحد الذي لم يصدر ومازال يحمل لقب مشروع قانون يهم قطاعا كبيرا من المصريين.
الاقتصادي يقلب أوراق هذا الملف.. بعد حكم الدستورية العليا:
معادلة جديدة لحساب المعاشات المبكرة يحددها القانون130
حكم الدستورية عام2005 كلف الدولة2 مليار جنيه فروق معاشات لـ553 ألف صاحب معاش
------
في مايو عام2005 اصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما في الدعوي310 لسنة24 ق يقضي بعدم دستورية المادة/223 من القانون رقم79 لسنة75 فيما كانت تنص عليه من تخفيضات معاشات الاجر المتغير ـ بواقع5% عن كل سنة من العمر تقل عن الستين ـ وقامت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بتنفيذ الحكم بعد تدبير حوالي2 مليار جنيه لتمويل صرف فروق زيادة معاشات الاجر المتغير بالاضافة الي متجمدات السنوات الخمس نتيجة لتطبيق حكم المحكمة الدستورية.
وقد روعي صرف الفروق والمتجمدات علي مراحل ثلاث, الاولي تمت في ديسمبر2008 والثانية تمت في مارس2009 وفي المرحلتين تم صرف ما يزيد علي المليار و400 مليون جنيه الي حوالي553 الف صاحب معاش ومستحق عنهم, منهم326 الف صاحب معاش حصلوا علي كامل مستحقاتهم دفعة واحدة في شهر ديسمبر2008.
جاءت المرحلة الثالثة لتبدأ في نهاية يونيو الماضي فقد تم صرف متجمدات اصحاب المعاشات تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية وتتم المرحلة الثالثة بصرف حوالي175 مليون جنيه نقدا وبشيكات, فمن ناحية يستكمل الصرف نقدا لمستحقات18.384 الف من اصحاب المعاشات والمستفيدين عنهم ممن تقل باقي مستحقات كل منهم عن الف جنيه, ومن ناحية اخري يستكمل الصرف لمن تزيد مستحقاته عن الالف جنيه بشيكات تصرف من البنوك ـ روعي الصرف النقدي وتسليم الشيكات من مناطق ومكاتب التأمينات الموجود بها ملفات اصحاب المعاشات منعا من حدوث زحام وتكدس اثناء عمليات الصرف ـ ويبلغ عدد من سيتم الصرف لهم من خلال البنوك نحو39.639 صاحب معاش والمستحقين عنهم.
وفي ضوء نتائج صدور المحكمة الدستورية من اعباء مالية تتزايد حالات المعاشات المبكرة محسوبة وفقا لما قضت به المحكمة الدستورية قامت وزارة المالية التي تتبعها الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية ـ باعداد مشروع قانون بتعديل بعض احكام قانون التأمين الاجتماعي للعاملين الصادر بالقانون رقم79 لسنة1975 وكان علي رأس تلك التعديلات معادلة حساب المعاش المبكر ليكون في المستوي السابق علي ما قضت به المحكمة الدستورية من ناحية وتلافيا لحسابات المعاشات المبكرة علي النحو الذي ابطلته المحكمة الدستورية.
ووفقا للمذكرة الايضاحية لمشروع قانون التعديل جاء الآتي بالنسبة للتعديل الخاص بالمعاشات المبكرة والذي تضمنته المادة20 من القانون79 لسنة1975 المعدلة:
صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوي رقم310 لسنة24 ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة23 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم79 لسنة1975 والذي قضي بعدم دستورية تخفيض المعاش المبكر المستحق عن الا جر المتغير بنسبة5% عن كل سنة متبقية حتي سن الستين ومن مقتضي هذا الحكم أحقية صاحب المعاش المبكر في الحصول علي معاشه عن الاجر المتغير في اي سن بدون تخفيض وقد تم تنفيذ هذا الحكم علي حوالي نصف مليون صاحب معاش الذين انتهت خدمتهم نتيجة خصخصة الكثير من شركات القطاع العام, كما تم صرف متجمدات هذا المعاش بأثر رجعي عن السنوات الخمس السابقة علي تاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية, الامر الذي أدي الي الاخلال بالمركز المالي بصندوق التأمين الاجتماعي, ومن ثم فان اعادة هذا التوازن والحفاظ علي الملاءة المالية لصندوقي التأمين الاجتماعي والتأكد من استمرارها في الوفاء بالتزاماتها تجاه الاجيال الحالية والقادمة من اصحاب المعاشات والمستحقين وذلك فأن الامر يقتضي اجراء تعديلات تشريعية تعيد هذا التوازن وتحقق المساواة بين اصحاب المراكز القانونية المتماثلة. وعلي هذا فقد تم تعديل المعادلة الاكتوارية التي يحسب علي اساسها المعاش بمراعاة سن المؤمن عليه وبمراعاة ثبات هذه المعادلة في حالتي الوفاة والعجز مع بلوغ السن وهذه المعادلة تم اعدادها بمعرفة السادة الخبراء الاكتواريين لصندوق التأمين الاجتماعي بما يحقق التوازن المالي لهذه الصناديق ومواءمة ذلك مع حقوق المؤمن عليهم بحيث يحصل كل مؤمن عليه علي حقوقه كاملة وفقا لاحكام القانون وفي ضوء المعادلة الاكتوارية التي تم علي اساسها حساب الاشتراكات التي يلتزم بها كل من صاحب العمل والمؤمن عليه وذلك دون المساس بحجة حكم المحكمة الدستورية المشار اليه.
وعلي هذا فان التعديل يؤكد علي حكم المحكمة الدستورية بعدم تخفيض المعاشات المبكرة بعد حسابها ويؤكد علي عدم افتئات فئة من اصحاب المعاشات علي باقي الفئات باعتبار ان اموال التأمين الاجتماعي هي ملك مجموعة المؤمن عليهم.
وهكذا احالت الحكومة لمجلس الشوري مشروع القانون فأحاله رئيس مجلس الشوري في29 مارس الماضي الي لجنة مشتركة من لجنة تنمية القوي البشرية والادارة المحلية ومكتبة لجنة الشئون المالية والاقتصادية قرار رئيس الجمهورية المؤرخ26 مارس الماضي بمشروع قانون بتعديل بعض احكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم79 لسنة1975.
وقد عقدت اللجنة المشتركة عدة اجتماعات آخرها في السابع من ابريل الماضي انتهت بعدها الي الموافقة علي قرار رئيس الجمهورية ودعوة المجلس للموافقة عليه, وفي نهاية مايو2009 وافق مجلس الشوري علي تقرير اللجنة المشتركة عن مشروع القانون واحيل في ذات التاريخ الي رئيس مجلس الشعب الذي احاله الي اللجنة المشتركة وفي صباح ومساء ذات اليوم عقدت لجنة القوي العاملة ومكتب لجنة الخطة والموازنة اجتماعين لنظر مشروع القانون انتهت بعدهما وفي ذات التاريخ ـ1/6/2009 ـ الي الموافقة علي مشروع القانون وطلب موافقة المجلس.
وفي التاسع من يونيو2009 اصدر رئيس الجمهورية القرار بقانون130 لسنة2009 بالقانون المعدل لقانون التأمين الاجتماعي79 لسنة2009 ونشر في العدد24 تابع من الجريدة الرسمية الصادر في11 يونيو2009 ليعمل به اعتبارا من12 يونيو2009 او اليوم التالي لنشره.
في تناول التعديل الجديد لمعادلة حساب المعاش المبكر بالايضاح يجب الاشارة الي ان المادة20 الجديدة في فقرتها الاولي الي معادلة تسوية المعاشات بواقع جزء واحد من خمسة واربعين جزءا من متوسط اجر الاشتراك عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في التأمين جاءت فقرته الثانية لتقرر قاعدة جديدة لحساب المعاش المبكر تقضي بتسويته بواقع جزء واحد من المعامل المناظر لسن المؤمن عليه المحدد بجدول مستحدث رقم9 في تاريخ تقديم طلب صرف الحقوق التأمينية.
وبمراجعة معاملات الجدول المستحدث يتبين تحديدها بحيث تتناقص عن المعامل الموحد كلما كان سن طالب المعاش المبكر اقل من الستين.. وقد جاءت نسبة التناقص لتتناسب مع نسبة تخفيض المعاش المبكر والتي كانت اعلي من نسبة تناقص معاش الاجر الاساسي المبكر الواردة بالجدول رقم8 والذي سقط مع الغاء المادة23 من القانون.ثم اكدت الفقرة الثالثة علي ربط المعاش بحد اقصي مقداره80% من اجر التسوية بمراعاة استثناء الحالات الاتية من الحد الاقصي:
1 ـ المعاشات التي تنص القوانين او القرارات الصادرة تنفيذا لها بتسويتها علي غير الاجر المنصوص عليه في القانون فيكون حدها الاقصي100% من اجر اشتراك المؤمن عليه الاخير وتتحمل الخزانة العامة الفرق بين هذا الحد والحد الاقصي المشار اليه.
2 ـ المعاشات التي تربط وفقا لنص الفقرة الاخيرة من المادة18 فيكون حدها الاقصي100% من اجر اشتراك المؤمن عليه الاخير.
وقد اهمل النص الجديد الاشارة الي تقرير حد اقصي100% من اجر التسوية للمعاشات الاقل من70 جنيها.
وفي جميع الاحوال يتعين الا يزيد الحد الاقصي للمعاش عن80% من الحد الاقصي لاجر الاشتراك في تاريخ الاستحقاق وقد اهمل النص فقرة اخيرة بالحد الاقصي الرقمي للمعاش والسابق تقريره بواقع200 جنيه.
من ثم يتضح ان مضمون التعديل خاص بالمعاشات المبكرة بعد ان انتهت المحكمة الدستورية في الدعوي310 لسنة24 ق دستورية الي عدم دستورية م23/2 التي تقرر تخفيض معاش الاجر المتغير المبكر بنسبة5% عن كل سنة متبقية حتي سن الستين وبعد ان تم تنفيذ هذا الحكم وتبين انه يمتد لاكثر من نصف مليون صاحب معاش انتهت خدمتهم نتيجة لخصخصة العديد من شركات القطاع العام وتم صرف متجمدات هذا المعاش بأثر رجعي عن خمس سنوات سابقة علي نشر الحكم في الجريدة الرسمية فبلغت حوالي مليارين من الجنيهات.
--------
وفي توضيح للتعديل نقدم مثالا لحساب معاش مبكر قبل وبعد صدور حكم المحكمة الدستورية في4/5/2008 ثم اعتبارا من12/6/2009 تنفيذا للتعديل الصادر بالقانون130 لسنة2009 وذلك لعامل انتهت خدمته وتقدم بطلب لصرف معاشه المبكر عن51 عاما السن في تاريخ طلب الصرف مدة اشتراكه30 عاما في الاساسي و24 سنة في المتغير واجره الاساسي خلال السنتين الاخيرتين من مدة اشتراكه600 جنيه ومتوسط اجره الشهري المتغير خلال مدة الاشتراك بمراعاة المادة19 ـ450 جنيها.
1 ـ المعاش بفرض طلبه قبل4/5/2008 تاريخ صدور حكم الدستورية في الدعوي24310 ق:
ا ـ معاش الاجر الاساسي=30*45/1*600=400 جنيه يخفض وفقا للجدول8 بواقع5% ليصبح380 جنيها.
ب ـ معاش الاجر المتغير=24*1/45*450=240 جنيها يخفض بواقع5% عن كل سنة اقل من الستين مع جبر كسر السنة في المدة الي سنة اي بواقع45% ليصبح132 جنيها.
ج ـ المعاش المستحق:380+132=512 جنيها.
2 ـ المعاش بفرض طلبه في الفترة من4/5/2008( تاريخ صدور حكم الدستورية) وقبل12/6/2009 تاريخ بدء العمل بالتعديل الصادر بالقانون130 لسنة2009.
المعاش المستحق:380 معاش الاساسي+240 معاش المتغير دون تخفيض=620 جنيها.
3 ـ المعاش بفرض طلبه اعتبارا من12/6/2009 في ظل التعديل بالقانون130 لسنة2009 يحسب المعاش الاساسي والمتغير علي اساس معامل السن51 من الجدول9 اي1/58 عن كل سنة كالاتي:
ا ـ معاش الاجر الاساسي=30*1/58*600=310.34 جنيه
ب ـ معاش الاجر المتغير=24*1/58*450=186.20 جنيه
ج ـ المعاش المستحق:310.34+186.20=496.54 جنيه.
الخبراء: أموال التأمينات مال خاص من حيث الملكية
ظهرت أزمة التأمينات مصحوبة بحقائق خاصة بأموال التأمينات والمعاشات المودعة لدي بنك الاستثمار القومي. حيث اقترضت الدولة175 مليار وتعجز عن السداد من ناحية مما يزيد حجم الدين الداخلي من ناحية ثانية. وأنه يطرح علي التأمينات استبدال هذه الديون بشركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام التي كانت مطروحة ضمن برنامج الخصخصة, علي أن تحتفظ الحكومة بحق الإدارة ويكون للتأمينات والمعاشات حق الملكية فقط ومع نقل تبعية كل أموال التأمينات إلي وزارة المالية أصبح الدائن والمدين جهة واحدة.
وهذا السيناريو الذي جمع بين مدخرات التأمينات وأموال الخزانة العامة في وزارة واحدة هو السيناريو الأسوأ حيث حدث إخفاء دين التأمينات من الدين العام. فقد اظهر تقرير ميزانية بنك الاستثمار القومي موارد البنك وتوظيفاته الاستثمارية و صافي القروض التي حصلت علهيا الحكومة والهيئات العامة حيث أوضح التقرير أن ديون الحكومة أصبحت صفرا في نهاية شهر مارس2007 وقد كان آخر ديونها للبنك طبقا للتقرير السابق في يونيو2006 قد بلغت6.142 مليار جنيها, وهو نفس الوقت الذي استولت فيه المالية علي أكثر من200 مليار جنيه من أموال صناديق التأمين الأجتماعي للعاملين بالحكومة وقطاعي الأعمال الخاص والعام التي يقوم بنك الاستثمار بتوظيفها لصالح أصحاب المعاشات.في ظل مخاوف من شطب35 مليار دولار ديونا للهيئة لدي الحكومة0
وقد ثار الجدل حول مصير أموال التأمينات بعد ضم صناديق التأمين الي وزارة المالية وفي الوقت الذي أكدت فيه الحكومة علي لسان رئيس الوزراء الدكتور احمد نظيف أن أموال التأمينات مصانة وان الدولة ملزمة بدفع المعاشات, يحذر بعض الخبراء من مخاطر ضم أموال صناديق التأمين الي الموازنة العامة للدولة, ووصل الموقف ببعض الخبراء الي التحذير من عدم إمكانية دفع المعاشات بعد مرور حوالي15 عاما هذا رغم تأكيد الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية والتأمينات علي التزام الحكومة الكامل بصرف مستحقات أصحاب المعاشات في مواعيدها والعمل علي زيادتها وتأكيده بأن الخزانة العامة ستحل محل الصناديق في حالة حدوث أي عجز.
وأكد الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية والتأمينات أن الهدف من ضم هيئة التأمينات الي وزارة المالية هو تحقيق إدارة مالية اكفأ لموارد صناديق المعاشات وإعادة صياغة القوانين في إطار برنامج متكامل لإصلاح نظام المعاشات. وقال إن الحكومة ملتزمة التزاما كاملا بصرف مستحقات أصحاب المعاشات في مواعيدها بل والسعي لزيادة هذه المعاشات لمساعدة المستحقين وأسرهم علي تحمل تكاليف الحياة.
غير أن الدكتور محمد عبد الحليم عمر أستاذ المحاسبة بجامعة الأزهر يري أن ضم أموال التأمينات الي وزارة المالية كان متوقعا خلال التشكيل الوزاري الأخير خصوصا أن هذا الأجراء قد تم التمهيد له عن طريق سلسلة من الإجراءات. ففي منتصف عام2002 خرج مقترح من لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب بضم أموال التأمينات الي الحكومة وما يترتب عليه من نقل تبعية صناديق التأمين الي وزارة المالية ثم تلاه مقترح اخر بنقل تبعية بنك الاستثمار القومي من وزارة التخطيط الي وزارة المالية.
وقد بدأت الحكومة في تنفيذ المقترحات حيث قامت بدمج حسابات صناديق التأمين ضمن الموازنة العامة تحت مسمي العمليات المالية الموحدة للحكومة, ثم صدر قرار من رئيس الوزراء في عام2003 بنقل تبعية بنك الاستثمار القومي من وزارة التخطيط الي وزارة المالية رغم مخالفة هذا القرار لقانون إنشاء البنك رقم119 لسنة1980 والذي ينص في مادته الأولي علي ينشأ بنك الاستثمار القومي وتكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع وزير التخطيط.
وقال إن بنك الاستثمار كان يقوم بتحصيل نحو92% من أموال التأمينات ويقرضها لوزارة المالية بفائدة سنوية يحددها البنك المركزي لتمويل مصروفات الموازنة العامة حتي بلغت ديون الحكومة لهيئة التأمينات اكثر من200 مليار جنيه في يونيو الماضي.
ويضيف هناك العديد من أحكام المحكمة الدستورية تؤكد أن أموال التأمينات لا تدخل في الذمة المالية للحكومة لأنها ان كانت أموال عامة من حيث الحماية فإنها مال خاص من حيث الملكية لأصحاب المعاشات.
وأكد أن نقل تبعية صناديق التأمينات الي وزارة المالية سيلغي دورها كجهة استثمار وستتحول الي مجرد إدارات تحصيل تابعة للوزارة, مؤكدا أن هذا الأجراء هدفه تخفيض حجم الدين العام الحكومي الذي بلغ في نهاية يونيو الماضي نحو349 مليار جنيه بنسبة60% من الناتج القومي الإجمالي وباتحاد الذمة المالية للخزانة العامة وصناديق التأمينات سوف تلغي الديون المستحقة علي الخزانة للتأمينات ليصبح الدين العام الحكومي149 مليار جنيه فقط فضلا عن توقف الحكومة عن دفع فوائد علي هذا الدين كما ستتوقف وزارة المالية عن دفع الإعانات لمواجهة الزيادات التي تقررها الحكومة لزيادة المعاشات سنويا.
واشار احد خبراء التأمين الي إن تبعية صناديق التأمينات الي وزارة المالية ليست مشكلة في حد ذاتها خصوصا أن هذه الصناديق كانت بدايتها في كنف وزارة المالية ثم انتقلت بعد ذلك الي وزارة التأمينات ثم عادت الي المالية مرة أخري في عهد الدكتور عبد العزيز حجازي الذي قام بإنشاء بنك الاستثمار القومي في عام1980 بهدف تحصيل أموال صناديق التأمين وإعادة إقراضها للخزانة العامة مقابل فوائد دفترية لم تحصل هذه الصناديق عليها منذ أن تم إنشائها.
وأضاف أن أموال التأمينات ليست مشكلة فالدولة حصلت عليها في شكل قروض بلغت حتي الان اكثر من200 مليار جنيه والدولة أنفقتها علي مشروعات تنموية, وقال ان مستقبل أموال التأمينات لا خوف عليه لان وزارة المالية أو غيرها لن تستطيع وضع يدها علي هذه الأموال لان مواد الدستور ونصوص القوانين تؤكد أن هذه الأموال مملوكة ملكية خاصة للمؤمن عليهم ولا تملك الدولة حق التصرف فيها والتعامل معها علي إنها ملكية عامة, ورغم ذلك يؤكد أن هناك مخططا حكوميا لتغيير نظم التأمينات الاجتماعية حتي لا تتحمل أي أعباء جديدة بل وتريد التحلل من الأعباء الموجودة حاليا والخاصة بدفع تأمينات العاملين لديها كصاحب عمل مشيرا الي صدور قرار من رئيس الوزراء بتشكيل لجنة وزارية لتطوير أنظمة التأمين الاجتماعي بالتعاون مع البنك الدولي تضم د. يوسف بطرس غالي وزير المالية والدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار فقط بعد خروج الدكتورة أمينة الجندي في التشكيل الوزاري الأخير. وقال إن هذه اللجنة والتي ترفع شعار التطوير تهدف الي إلغاء القانون رقم112 لسنة1980 والخاص بالتأمين علي العمالة غير المنتظمة لأنه يمثل عبئا كبيرا علي الموازنة العامة حيث تقوم هذه العمالة بدفع جنيه واحد شهريا مقابل قيام الحكومة بدفع معاش ثابت قدره80 جنيها. علما بأن الحكومة حاليا لا تقوم بدفع هذه الأموال ولكنها تطالب الهيئة القومية للتأمينات بدفعها واعتبارها ديونا علي الحكومة للهيئة والحكومة تريد التحلل من هذه الأعباء خصوصا ان هناك6.5 مليون عامل يستفيدون من هذا القانون كما تهدف اللجنة الي توحيد قوانين التأمين الاجتماعي حتي تتحلل الدولة من جميع التزاماتها التأمينية فضلا عن تحسين صورة الموازنة العامة للدولة. ورغم عدم تخوفه من عدم قدرة الدولة علي دفع مستحقات أصحاب المعاشات علي اعتبار أن الاشتراكات وحدها تكفي لتنفيذ التزامات الحكومة إلا انه يحذر من كارثة اجتماعية في حالة إلغاء القانون ورقم112 لسنة1980 نتيجة توقف صرف معاشات6.5 مليون عامل مؤقت.
مزايا القانون الجديد
ونظرا لهذه المشاكل المتعددة كان الحل في مشروع القانون الموحد الذي يحقق يحقق4 مزايا رئيسية وهي تخفيض نسب الاشتراكات بحيث تواكب المعدل العالمي, الحفاظ علي الأسس الحالية لتوريث المعاش, إنشاء نظام معاشات شيخوخة علي أساس الحسابات الشخصية للمؤمن عليهم, وربط المعاش بنص قانوني يسمح بزيادته سنويا لمقابلة التضخم كما يضمن النظام الجديد حدا أدني للمعاش لكل المواطنين فوق سن المعاش ودون اشتراط الاشتراك أو المساهمة في النظام. كذلك فإن النظام الجديد يهدف إلي منح معاشات كافية في حالة الشيخوخة مع ضمان أن يكون المعاش بمثابة استبدال حقيقي للأجر الأخير قبل التقاعد ويتم ذلك من خلال احتساب المعاش علي أساس الأجر الحقيقي للعاملين وليس الأجر الخاضع كما هو الحال في النظام الحالي.
ومشروع القانون الجديد لن يلغي العمل بالقوانين الحالية للتأمينات والتي سيستمر العمل بها حتي خروج أخر مشترك بها, وأوضح غالي أن وزارة المالية تستهدف خلال عام2009 تحويل نظام التأمينات الاجتماعية من نظام يعتمد علي الملفات الورقية إلي نظام يعتمد علي الملفات الالكترونية بما يساعد علي سرعة استخراج البيانات من ملف المتعامل مع الصندوقين, وتقليل خطأ فقد المستندات الورقية مما سيقضي بشكل ملحوظ علي مشكلات ضم المدد التأمينية وتواريخ الالتحاق وترك النظام
البورصة شبح يطارد أموال التامنيات
تظل قضية استثمار اموال التامنيات الاجتماعية في البورصة هي المحور الاساسي في الحديث عن استثمار هذه الاموال حيث تعتبر البورصة استثمارا تشوبه المخاطرة العالية من وجهه نظر الكثيرين لذا فإن اقتراح استثمار جزء من أموال التأمينات والمعاشات بنسبة تصل إلي35% استثمارا مباشرا أي في البورصة أو من خلال تأسيس الشركات الاستثمارية واجه رفضا من معظم الخبراء وأصحاب المعاشات, لما تنطوي عليه من مخاطرة عالية لا تتحملها هذه الاموال التي يطلق عليها الكثيرون اموال اليتامي والارامل
يؤكد هشام توفيق المستشار السابق لوزير المالية وعضو لجنة التأمينات السابق ان فكرة الاستثمار بشكل مباشر لأموال التأمينات امر غير مستحب موضحا أن الاستثمار المباشر يعني أن الحكومة سترتد إلي الملكية العامة من خلال إقامة مصانع وشركات بأموال التأمينات.
وقال إن استثمار أموال التأمينات مسألة شديدة الحساسية, ويجب أن تكون من خلال أوراق مالية, سواء سندات أو أسهم, بشرط ألا تزيد نسبة الأسهم عما يتراوح بين10 و15% من هذه الأموال تجنبا لمخاطر الاستثمار في البورصة' لابد أن تكون ضوابط استثمار تلك النسبة في البورصة شديدة, ولا تتم إلا من خلال مديري استثمار محترفين وأضاف توفيق أن السندات هي أنسب وعاء استثماري لأموال التأمينات, ويجب أن تكون السبيل الوحيد, لأنها أداة استثمار آمنة, فضلا عن أنها تكون مضمونة من الدولة, ويسهل تسييلها في أي وقت.
بينما يري محمد الصهرجتي العضو المنتدب لشركة سوليدير للأوراق المالية, أن استثمار أموال التأمينات في البورصة يتم في معظم دول العالم, ولكن إدارة محفظة التأمينات يجب أن تكون متحفظة, وأن تهدف إلي حماية رأس المال المستثمر, وتتجنب الأسهم أو السندات التي تنطوي علي درجة مخاطرة عالية.
تقليل درجة المخاطرة في المحفظة يجب أن يكون الهدف الأساسي وليس تحقيق أعلي عائد'- تبعا للصهرجتي ــ, الذي يؤكد أن إدارة أموال التأمينات لهذا السبب يجب أن تتم بواسطة إدارة محترفة, من خلال شركات متخصصة مرخص لها من قبل الهيئة العامة لسوق المال.
ويرفض عدد من أصحاب المعاشات, والمدافعين عن حقوقهم, استثمار أموال التأمينات بهذا الشكل, فيقول سعيد الصباغ, أمين عام اتحاد أصحاب المعاشات- تحت التأسيس- إن استثمار أموال المعاشات مغامرة غير محسوبة لأن الحالة الاقتصادية في مصر لا تبشر بخير, و' أي شخص يمتلك مشروعا تجاريا الآن لا يضمن أن يربح العام القادم نفس ربحه العام الحالي', واعتبر أن القانون الجديد سيسير علي خطي التعديلات التي أجرتها وزارة المالية علي قانون التأمينات القديم والتي أهدرت الكثير من حقوق أصحاب المعاشات.
يعلق قطب فايق حسن رئيس حركة الدفاع عن أصحاب المعاشات, علي المقترح بأن معناه ضياع الفلوس, فوزارة المالية استثمرت من قبل أموال المعاشات وكانت النتيجة ضياع مليارات الجنيهات.
واستثمار اموال التأمنيات في البورصة ليس امرا جديدا ولكنه حدث قبل ذلك من خلال تجربة تم من خلالها استثمارجزء ضئيل من أموال الصناديق بسوق الأوراق المالية وقبل عرض هذه التجربة علينا اولا ان نتعرف علي استثمارات صندوقي التامين الاجتماعي وقت قرار الدخول للبورصة وكانت كالآتي:
ـ92.4% استثمارات طرف بنك الاستثمار القومي
ـ4.4% ودائع بالبنوك التجارية لمواجهة التزامات الهيئة
ـ2.1% صكوك علي الخزانة العامة1,1% استثمارات في أوراق مالية ومشروعات استثمارية
ـ0.7% في سندات حكومية ومساهماته في شركات قائمة
ـ0.5% محافظ الأوراق المالية
وقد تأسست شركة الصندوق المصري العالمي للاستثمار في1997/12/15 ـ الذي يمثل تجربة استثمار لاموال التأمينات ـ كشركة مساهمة مصرية خاضعة لاحكام القانون رقم95 لسنة1992 ولائحته التنفيذية والتي قامت بتكوين الصندوق المصري العالمي بلغت مساهمته صندوقي التأمين200 مليون جنيه وشركة مصر للتأمين100 مليون جنيه والبنك الأهلي, مصر, الإسكندرية, القاهرة بمبلغ50 مليون جنيه لكل منهم.
وكان الهدف من تأسيس الصندوق هدفا قوميا علي المدي القصير وهدفا استثماريا في الأجل البعيد:
الأول: وهو هدف قصير الأجل وهو العمل علي استقرار سوق المال في مصر, وكذلك توازن سوق المال حتي لا تحدث هزات كما حدثت في أسواق شرق أسيا وحتي لا يتأثر سوق المال المصري بأحداث البورصات العالمية, حيث إنه في الآونة التي تأسس فيها الصندوق قام المستثمر الأجنبي بسحب استثماراته من مصر
الثاني: للصندوق هو متوسط وطويل الأجل حيث إن تأسيس الصندوق في ذلك الوقت يعد انسب وقت للشراء لانخفاض أسعار اسهم بعض الشركات والتي يمكن اقتناؤها بهدف تكوين محفظة أوراق مالية يمكن الاحتفاظ بها وليس للمضاربة حيث تعود أسعارها للارتفاع لقوة مركزها المالي وعلي ضوء هذه التوقعات سوف يحقق الصندوق أرباحا عالية علي المدي الطويل والمتوسط وحيث إن أسعار الأسهم لا تمثل قيمتها الحقيقية والعادلة.
وقد بلغت القيمة السوقية للأوراق المالية بمحفظة الصندوق العالمي مبلغ256.6 قدره مليون جنيه في2001/9/30- بلغت قيمة الكوبونات المحصلة علي اسهم محفظة الصندوق99.4 مليون جنيه بنسبة عائد أجمالي قدرة17%
وبتاريخ1998/8/30 تم الاتفاق بين الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وبنك الاستثمار القومي لتخصيص مبلغ900 مليون جنيه للاستثمار في سوق الوراق المالية, بتاريخ1998/9/5 تم البدء في تكوين ثلاث محافظ مالية بقيمة900 مليون جنيه نصيب الصندوقين600 مليون جنيه تعادل0.5% واسند إدارتها إلي افضل مديري شركات إدارة محافظ الأوراق المالية تم اختيارهم علي أن يتم اختيار الأسهم التي تضمها هذه المحافظ من الأسهم الأكثر نشاطا وتتمتع بمركز مالي مرتفع وتحقيق أعلي عائد وتندرج هذه الأسهم في المؤشرات العالمية وتمتع بنسبة سيولة عالية في البورصة لسهولة التعامل عليها شراء أو بيعا وكان الهدف من هذه التجربة:
- دعم واستقرار سوق الأوراق المالية وتوازنها وتحقيق التوازن بين الحصول علي أعلي عائد وضمان سداد الالتزامات طويلة الأجل وهو ما يميز طبيعة السياسة الاستثمارية التي تدار بها محافظ الأوراق المالية.
- تعظيم قيمة الاستثمارات في الأوراق المالية من خلال الأرباح الموزعة سواء في صورة نقدية أو اسهم مجانية.
- تعظيم الأرباح الرأسمالية الناتجة عن تغير قيمة الأسهم المشتراة منها.
- تدعيم سوق الأوراق المالية من خلال ضخ سيولة من صناديق المعاشات في السوق المحلية يحفز الطلب علي شراء الأوراق المالية وهذا يساهم في تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة للاقتصاد القومي0
- تعظيم دور صناديق المعاشات في الحد من سياسة الاستثمار قصير الأجل ولاسيما أسلوب المضاربة والذي يؤدي إلي تقلبات الأسعار وهو ما يضر بمصالح المتعاملين في سوق الأوراق المالية.
يتبين منه تقييم أداء محافظ الاوراق المالية المشتركة في2001/9/17 مايلي:
- بلغ إجمالي المبالغ المستثمرة بمحافظ الأوراق المالية900 مليون جنيه.
- بلغت القيمة السوقية لمحافظ الأوراق المالية في2001/9/17 مبلغ627.3 مليون جنيه0
- بلغت قيمة الكوبونات المحققة حتي2001/12/13 حوالي180.5 مليون جنيه0
- بلغت قيمة الأرباح الرأسمالية المحققة في46.72001/12/13 مليون جنيه0
- بلغت قيمة فوائد الودائع المربوطة من حصيلة الكوبونات المحصلة21.4 مليون جنيه.
وبالتالي يصبح إجمالي العوائد المحققة من الكوبونات والأرباح الرأسمالية وفوائد الودائع248.6 مليون جنيه بنسبة عائد أجمالي قدرة27.6% وعائد سنوي قدره9.2%.
بتاريخ99/7/1 تم تكوين محفظتين جديدتين قيمة كل منها50 مليون جنيه وتم إسناد إدارتهما الي شركات متخصصة. ويظهر تقييم أداء هذه المحافظ في2001/12/13:
- إجمالي الكوبونات المحققة حتي2001/12/13 بلغت13.7 مليون جنيه
- قيمة الأرباح الرأسمالية المحققة حتي2001/12/13 حوالي8.3 مليون جنيه
بالتالي يصبح إجمالي العوائد المحققة من الكوبونات والأرباح الرأسمالية22 مليون جنيه بعائد سنوي قدرة11% سنويا.
وقد أوصي الخبراء الاكتواريون في مجال الاستثمار بضرورة تخصيص جزء من الأموال المستثمرة للمساهمة في بعض الشركات التي تحقق عوائد مجزية وفي نفس الوقت قابلة للنمو وذلك لتحقيق التنويع في الاستثمارات.
واوصي بأنه نظرا لان التزامات صناديق المعاشات طويلة الأجل حيث يتم سداد الاشتراكات خلال فترة زمنية طويلة فيجب أن يتم استثمار هذه الأموال في أصول تدر عائدا في المدي الطويل وفي نفس الوقت تحقيق معدلات نمو لهذه الأصول.
ويري المحللون أن دخول أموال التأمينات الاجتماعية في سوق الأوراق المالية يضمن تغيير هيكل الطلب وعلاج الخلل مما يؤدي إلي تغيير اتجاه السوق وذلك بدخول دعم جديد وإيجابي طالما أن استثمار مدخرات التأمينات يتم من خلال مدراء استثمار محترفين لهم خبرة بسوق الأوراق المالية وبطبيعة أموال التأمينات.
المصدر : الأهرام الأقتصادى العدد 2113
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته