إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 10-24-2009, 11:12 PM
  #1
1accountant
 الصورة الرمزية 1accountant
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: مصر
العمر: 40
المشاركات: 2,094
افتراضي المحاسبة الحكومية - النفقات العامة

النفقات العامة


مقدمــــة:
تعتمد الدولة على قاعدة أولوية النفقات العامة على الإيرادات، وهو ما يعني أن تحدد الدولة أولا" الحاجات العامة، الواجب اشباعها، الأمر الذي يتطلب منها إنفاق مبالغ ضخمة للوفاء بالتزاماتها، وتقديم الخدمات المختلفة المنوط بها. هذه المبالغ الضخمة المنفقة هي ما يطلق عليها النفقات العامة، تلك النفقات التي تعتبر وسيلة لإشباع الحاجات العامة. واحتلت هذه النفقات العامة مكانا" بارزا" في الدراسات المالية، ليس لأنها وسيلة لإشباع الحاجات العامة فحسب، وإنما كذلك لأنها السبب الوحيد الذي ركزت عليه النظرية التقليدية لتحصل الدولة على الإيرادات العامة كما تأتي أهمية النفقات العامة من أنها الأداة التي تساعد الدولة وهيئاتها العامة، على ممارسة نشاطها المالي الرامي إلى إشباع الحاجات العامة، وهي أيضا" أداة تؤدي مع الأدوات المالية الأخرى دورها البارز في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
ولم تكن للنفقات العامة الأهمية التي تحتلها في الوقت الحاضر. فقد أهملت النظرية التقليدية- نسبيا"- موضوع النفقات العامة، ولم تتعرض له بإسهاب وتفصيل مناسبين، واتجهت في دراساتها للبحث والتركيز بصفة أساسية على الجوانب الفنية والقانونية، وبخاصة على القواعد التشريعية المنظمة لعمليات الإنفاق العام،وعلى وسائل الرقابة عليها دون أن توجه الاهتمام إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للنفقات العامة، والعوامل التي تحدد حجمها،وآثارها الاقتصادية والاجتماعية في الاقتصاد القومي، وإلى أنواع النفقات العامة، وآثار كل منها في مستوى النشاط الاقتصادي، وتوزيع الموارد الاقتصادية بين مجالات الإنتاج المختلفة، وإلى آثارها في توزيع وإعادة توزيع الدخل القومي.
فالفكر التقليدي ارتبط في مجموعه بمفهوم الدولة الحارسة التي تتميز نفقاتها أولا" بضآلة حجمها، أي ضرورة حصر النفقات العامة وتقييدها في أضيق الحدود. ولعل فكرة الاقتصادي ساي وعبارته المشهورة ” إن أفضل النفقات أقلها حجما" “ هي خير ما يعبر عن هذا الاتجاه. وثانيا" حياد تلك النفقات العامة أي ألا يؤثر الإنفاق العام في توازن الاقتصاد القومي، أو في تحديد اتجاهات نموه أو في أسلوب توزيع الناتج القومي، وبعبارة أخرى، أن يكون الإنفاق العام محايدا" لا يؤثر في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للدولة.
وفي ظل هذا الإطار الفكري، لم يميز التقليديون بين الإنفاق العام والإنفاق الخاص؛ فاعتبرت النظرية التقليدية كلا" من الإنفاق العام والإنفاق الخاص إنفاقا" استهلاكيا" غير منتج، وتضييعا" للثروة القومية، لذلك يجب أن ينحصر في أضيق الحدود، لتقليل الاستهلاك وزيادة الادخار، لتكوين رأس المال وتوجيهه إلى الصناعة والتجارة لزيادة الإنتاج.
ومع تطور الفكر الاقتصادي، أكد الاقتصاديون أنه لا يمكن تحقيق النفقة المحايدة، وأنه لا بد من وجود الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لأي نوع من أنواع النفقات العامة في مجريات النشاط الاقتصادي كافة. ومع تطور دور الدولة وظهور النظرية التقليدية الكينزية التي تنادي بضرورة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، بكل ما يتاح لها من أدوات السياسة الاقتصادية والمالية لتحقيق أهداف المجتمع، اتسع نطاق الحاجات العامة، وأصبح مطلوبا" من الدولة أن تعدل من سياستها المالية (الإنفاق) كلما دعت الحاجة إلى ذلك حتى تؤتي هذه السياسة الإنفاقية آثارها المرغوبة، وتحول دون وقوع آثار اقتصادية واجتماعية غير مرغوبة، واستتبع هذا التطور اهتماما" متزايدا" بدراسة النواحي كافة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية للنفقات العامة.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله


if you fail to plan you plan to fail


كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم
1accountant غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-24-2009, 11:13 PM
  #2
1accountant
 الصورة الرمزية 1accountant
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: مصر
العمر: 40
المشاركات: 2,094
افتراضي مشاركة: المحاسبة الحكومية - النفقات العامة

ماهية النفقات العامة

من الضروري قبل البدء بدراسة النفقات العامة أن نعرض أولا" تطور مفهوم النفقات العامة، وأن نحدد ثانيا" تعريف النفقات العامة وأركانها.
أولا"- تطور مفهوم النفقات العامة (1) :
تعكس النفقات العامة دور الدولة وتطوره. ومع تطور دور الدولة من الدولة الحارسة إلى الدولة المتدخلة، إلى الدولة المنتجة، تطورت النفقات العامة، وتطور مفهومها الذي اختلف في ظل الدولة الحارسة عنه في ظل الدولة المتدخلة، أو في ظل الدولة المنتجة.
- المفهوم التقليدي للنفقات العامة:
لم تنجح سياسة التدخل التي انتهجها الفكر التجاري في أواخر عهده، وطالب الفكر الاقتصادي الطبيعي الدولة، أن تتبع النظام الاقتصادي الطبيعي الحر وعدم التدخل في النشاط الاقتصادي، واقتصر دور الدولة الحارسة-حسب رأي الاقتصادي آدم سميث- على القيام بالوظائف التقليدية التي تتمثل في تأمين الدفاع والأمن والعدالة، إضافة إلى بعض أوجه النشاط المحدودة، التي تستهدف توفير بعض الخدمات والمرافق العامة، التي لا تتعارض مع مبادئ المذهب الفردي الحر.
وقد أدى تقلص أهمية نشاط الدولة الحارسة، والتمسك بحياد نشاطها المالي حسب قانون ساي إلى نتائج عديدة، أثرت في مفهوم النفقات العامة، أهمها:
أ‌- ضرورة تقليل النفقات العامة، بحيث يجب أن تكون في أضيق الحدود، وبالقدر اللازم لتمكين الدولة من القيام بوظائفها التقليدية المحدودة، لما تنطوي عليه النفقات العامة من استهلاك لجانب من ثروة المجتمع، نتيجة للطابع الاستهلاكي، وغير الإنتاجي لنشاط الدولة.
ب‌- ضرورة التمسك بحياد النفقات العامة، واقتصارها على الغرض المالي فقط، الذي أبعدها عن أن يكون لها آثار اقتصادية واجتماعية.
وفي واقع الأمر، فإن النفقات العامة في ظل الدولة الحارسة، لم تخل كليا" من إحداث بعض الآثار الاقتصادية والاجتماعية، حتى ولو كان ذلك بصورة غير مباشرة، رغم طابعها غير المنتج، الأمر الذي جعل الاقتصاديين التقليديين، يتشددون في الحد من النفقات العامة لضمان حيادها، أو على الأقل لتضييق نطاق آثارها الاقتصادية والاجتماعية.
وقد اقتصرت الدراسات المالية التقليدية، على التعرض للجوانب القانونية والإدارية للنفقات العامة، لضمان ضغطها والحد منها، على النحو الذي يحول دون الالتجاء إلى التوسع في تدبير الموارد المالية (كالضرائب) اللازمة لتغطيتها.
- المفهوم الحديث للنفقات العامة:
لم تحاول الدراسات المالية التقليدية التعرض بقدر كاف لما تثيره النفقات العامة من قضايا تتعلق بآثارها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، التي لم يعترف بها التقليديون، وأسس توزيعها على أوجه النشاط المختلفة، نظرا" لحيادها من ناحية، وطابعها الإداري من ناحية أخرى، وأدى تعدد الأزمات الاقتصادية والسياسية التي واجهتها المجتمعات الرأسمالية منذ بداية القرن الحالي، وظهور المبادئ الاشتراكية، ووضعها موضع التطبيق منذ الثورة في روسيا 1917، إلى تخلي الدولة عن حيادها التقليدي ولجوئها إلى التدخل في الحياة الاقتصادية بقصد تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي، الذي عجز قانون السوق للنظام الفردي الحر عن تحقيقه تلقائيا". فقامت الدولة الرأسمالية بالكثير من أوجه النشاط الاقتصادي، وخرجت من نطاق الدولة الحارسة إلى نطاق الدولة المتدخلة، وبخاصة بعد انتشار الفكر الكينزي.
ولم يعد دور الدولة الرأسمالية المعاصرة قاصرا" على مجرد الاحتفاظ بالتوازن الاقتصادي علاجا" للأزمات؛ وإنما تحقيقا" لزيادة معدل نمو الاقتصاد القومي. وهذا مما أدى إلى زيادة حجم النفقات العامة،وتعددها من ناحية، وتغير مفهومها وطبيعة دورها من ناحية أخرى. وأصبحت النفقات العامة أداة رئيسة لتدخل الدولة، في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية (1) .
وفي ظل الدولة الاشتراكية أو المنتجة التي تتحمل مسؤولية النشاط الاقتصادي في مجموعه، نتيجة لسيطرتها الفعلية على وسائل الإنتاج، ازداد حجم النفقات العامة، وبخاصة الاقتصادية والاجتماعية، وذلك لاتساع نطاق نشاط الدولة الذي يهدف إلى توزيع موارد الإنتاج بين مختلف الاستخدامات، وتنسيق أوجه النشاط الاقتصادي، بما يحقق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك وفقا" لخطة قومية شاملة، تملك الدولة سلطات مطلقة في تنفيذها.
وفي الدول النامية، تتحمل مسؤولية إحداث التغيرات الهيكلية اللازمة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بإقامة المشروعات اللازمة لتقديم الخدمات الأساسية لعملية التحول الاقتصادي، والتي يطلق عليها مشروعات البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية . ولا شك أن نجاح الدولة في سياستها الاقتصادية يعتمد على مدى زيادة حجم النفقات العامة من ناحية، ومدى ما تتميز به من إيجابية وإنتاجية وكفاءة في تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى.
ثانيا"- تعريف وأركان النفقات العامة(1):
تتطلب دراسة النفقات العامة في بادئ الأمر، بعد التعرف على تطور مفهوم النفقات العامة، أن نحدد النفقات العامة من حيث تعريفها وبيان أركانها. ويمكن القول إن النفقات العامة هي مبلغ من المال (اقتصادي أو نقدي) يصدر عن الدولة أو عن أي شخص معنوي عام،بقصد تحقيق منفعة عامة. ويمكننا من هذا التعريف أن نحدد أركان النفقة العامة.
1- النفقة العامة هي مبلغ من المال (اقتصادي أو نقدي):
يتطلب قيام الدولة بنشاطها المالي - الذي يستهدف إشباع الحاجات العامة، والتي يحددها كل من طبيعة النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وخصائص مرحلة التطور التي يمر بها المجتمع- أن تتوافر بعض الأموال الاقتصادية اللازمة والمخصصة لهذا الغرض. فقد كانت الدولة تحصل على كل أو بعض السلع التي تحتاجها بطرائق مختلفة. كأن تلجأ إلى الاستيلاء الإجباري على ما تحتاج إليه من أموال وسلع دون دفع التعويض العادل، أو أن تلزم الأفراد القيام ببعض الأعمال دون أن تدفع لهم الأجر، وهو ما يطلق عليه السخرة، أو أن يقوم بعض الأفراد بأعمال، أو أن يؤدوا بعض الخدمات مقابل مزايا عينية، كالسكن المجاني، أو مزايا شرفية، كالأوسمة والنياشيين والألقاب.
وفي مرحلة لاحقة من التطور،لم يعد ممكنا" تسخير الأفراد والاستيلاء على خدماتهم دون تعويض،أو تقديم بعض الامتيازات الشرفية،بل لجأت الدولة إلى التعويض الكلي أو الجزئي بصورة عينية، فكانت تعطي حق استغلال بعض الأموال العامة للأشخاص المستولى على خدماتهم، أو تقدم لهم أموالا" عينية، أو تقرر التعليم المجاني، أو الخدمات الصحية والاجتماعية المجانية لمن يقدم لها خدماته (1) .
ومع التطور لم يعد مقبولا"، كما كان سائدا" في العصور القديمة، أن تدفع الدولة للأفراد مقابلا" عينيا"، مقابل حصولها على السلع والخدمات، بل قاد هذا التطور إلى انتقال النظام الاقتصادي من اقتصاد المقايضة أو الاقتصاد العيني إلى الاقتصاد النقدي، حيث شاع استخدام النقود وسيلة للتبادل، اعتمدها المجتمع للحصول على السلع والخدمات. وأصبح الإنفاق العام (والإيراد العام) يتم في الغالب بشكل نقدي، وذلك للأسباب التالية:
‌أ- أدى الانتقال من الاقتصاد العيني إلى الاقتصاد النقدي، إلى أن تصبح النقود وسيلة التبادل وذاع استخدامها في مجمل الاقتصاد القومي، للحصول على السلع والخدمات، فليس من المعقول أن يتعامل أفراد المجتمع بالنقود، في الوقت الذي تتعامل الدولة معهم بالمقايضة.
‌ب- قد يتضمن تقديم المزايا العينية إخلالا" بمبدأ المساواة بين الأفراد في تحمل الأعباء العامة، فقد تحقق الدولة المساواة بين الأفراد في دفع الضرائب نسبيا"، ولكنها تعود وتحابي بعضهم بمنحهم مزايا عينية على حساب بعضهم الآخر.
‌ج- تحتاج النفقة العامة إلى أنواع مختلفة من الرقابة الإدارية والتشريعية، لضمان تنفيذها وتوجيهها إلى الأهداف التي خصصت لها، فيصعب إجراء هذه الرقابة إذا كانت النفقة عينية، ويسهل إجراء الرقابة عليها إذا كانت في شكلها النقدي.
‌د- يثير تقدير النفقة العينية مشكلات إدارية متعددة، منها: عدم الدقة في تقديرها، أو التهاون في ذلك التقدير، وهو ما يفسح المجال أمام السلطة العامة لمحاباة بعض الأفراد، بإعطائهم مزايا عينية تزيد في قيمتها على ثمن السلع والخدمات التي قدموها مقابل ذلك.
‌ه- أدى انتشار الأفكار والمبادئ الاشتراكية والديمقراطية إلى عدم لجوء الدول إلى إلزام الأفراد وإكراههم على القيام بالأعمال، أو تأدية الخدمات عن طريق السخرة (1)
وبناء" على ما تقدم، أصبح الأصل في النفقات العامة أن يكون نقديا" ومع ذلك فإن هذا الأصل لا يحول بين الدولة واللجوء إلى الطرائق الأخرى. فالدولة تستطيع أن تلجأ إلى أي أسلوب تحصل به على السلع والخدمات وهو بصدد إشباع الحاجات العامة، ففي الظروف الاستثنائية والطارئة تجند ّ الدولة كل الموارد الاقتصادية. وإذا كانت السخرة والحصول على خدمات الأفراد بالإكراه طرائق غير مقبولة في الوقت الحاضر، فإن انتشار الوعي بين الأفراد في العصر الحاضر، أصبح دافعا" لهم لتقديم خدماتهم طوعا"، إذا ما دعتهم الدولة للمساهمة في إنجاز مشروع عام.
وهكذا يمكن القول إن النفقة العامة تكون في شكل مال اقتصادي، وهو ما دعا إلى تعريف النفقة العامة بأنها مبلغ من المال (اقتصادي أو نقدي). فالمال الاقتصادي أوسع في مفهومه من النقود. فكل نقد هو مال اقتصادي، ولكن المال قد يكون نقدا"، وقد يكون سلعة اقتصادية أخرى.
نخلص إلى أن النفقات العامة تتخذ الشكل النقدي في الوقت الحاضر. ولكن لا تحول هذه القاعدة دون الحصول على بعض الخدمات والسلع مجانا" أو عينيا" في حالات الضرورة. وفي كل من الأحوال الاعتيادية يكون الإنفاق نقديا".
2- أن تصدر النفقة العامة عن الدولة أو عن شخص معنوي عام:
إن الحديث عن النفقات العامة يعني، النفقات التي تصدر عن الدولة إلا أن هذه النقطة هي موضع نقاش في الفكر المالي، الذي اعتمد على معيارين للتمييز بين النفقة العامة والنفقة الخاصة. يرتكز المعيار الأول على الجهة التي يصدر عنها الإنفاق، وهو ما يطلق عليه المعيار القانوني والإداري. ويعتمد المعيار الثاني على الوظيفة التي تؤديها النفقة العامة، وهو ما يسمى المعيار الوظيفي أو الموضوعي.

(1) د. يونس أحمد البطريق، المالية العامة، مرجع سابق، ص (177-182).

(1) Gaudemet P.M.-Précis de finances publiques, cp. Cit , p. (60).

(1) د. رفعت المحجوب، المالية العامة 1990، مرجع سابق، ص (35-41).
د. محمد سعيد فرهود، مبادئ المالية العامة، مرجع سابق، ص (7-55).
د. علي لطفي- د. محمد رضا العدل، اقتصاديات المالية العامة، مكتبة عين شمس، القاهرة 1986 ص (7-12).
د. حسن عواضة، المالية العامة، دار الطليعة، بيروت 1967، ص (330-335).
د. محمد حلمي مراد، مالية الدولة، القاهرة 1960، ص (25-37).
د. عاطف صدقي، المالية العامة، مرجع سابق، ص (45-51).

(1) د. عبد العال الصكبان، مقدمة في علم المالية العامة، مرجع سابق، ص (44-45).

(1) د. محمد سعيد فرهود، مبادئ المالية العامة، مرجع سابق، ص (48-50).
د. عاطف صدقي، المالية العامة، مرجع سابق، ص (45-46).
د. علي لطفي، د. رضا العدل، اقنصاديات المالية العامة، مرجع سابق، ص (7-8).
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله


if you fail to plan you plan to fail


كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم
1accountant غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-24-2009, 11:14 PM
  #3
1accountant
 الصورة الرمزية 1accountant
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: مصر
العمر: 40
المشاركات: 2,094
افتراضي مشاركة: المحاسبة الحكومية - النفقات العامة

المعيار القانوني والإداري:
يعتمد مؤيدو هذا المعيار على الطبيعة القانونية للجهة التي تقوم بالإنفاق، فهي التي تحدد طبيعة النفقة، وما إذا كانت عامة أم خاصة. فالنفقات العامة هي تلك النفقات التي يقوم بها أشخاص القانون العام، أو الأشخاص المعنوية العامة، وهي الدولة والهيئات العامة القومية والمحلية والمؤسسات العامة، وتعتبر نفقات خاصة تلك النفقات التي يقوم بها الأفراد والشركات والجمعيات الخاصة أو أشخاص القانون الخاص. ويستند أصحاب هذا الرأي، إلى اختلاف طبيعة نشاط القانون العام عن طبيعة نشاط الأشخاص المعنوية الخاصة، ويرجع هذا الاختلاف بصورة أساسية إلى أن نشاط أشخاص القانون العام يهدف إلى تحقيق المصلحة الجماعية العامة، ويعتمد في ذلك على القوانين والقرارات الإدارية، أي على سلطة الأمر. بينما يهدف نشاط الأشخاص الخاصة إلى تحقيق المصلحة الفردية الخاصة، التي تعتمد على التعاقد، ومبدأ المساواة بين المتعاقدين (1).
يتفق هذا المعيار القانوني والإداري مع الفكر التقليدي، الذي يؤمن بدور الدولة الحارسة التي يجب أن يكون دورها في أضيق الحدود، والقيام بالوظائف التقليدية المحددة، وهي الأمن الداخلي والعدالة وبعض المرافق العامة، وبذلك تتحقق وانتقالها من الدولة الحارسة إلى الدولة المتدخلة إلى الدولة المنتجة، امتد نشاط الدولة ليشمل كثيرا" من أوجه النشاط التي كانت تدخل فيما مضى ضمن نشاط الأشخاص المعنوية الخاصة، كالإنتاج والتوزيع. وأصبح المعيار القانوني والإداري غير كاف للتمييز بين النفقات العامة والنفقات الخاصة وقاصرا" عن مجاراة الواقع العملي والتطور الذي لحق الحياة الاقتصادية والاجتماعية؛ لإنهيار الأساس الذي يقوم عليه، وهو اختلاف نشاط الدولة عن نشاط الأفراد، واقتراح بعض الكتاب الماليين المعيار الثاني وهو المعيار الوظيفي.
ب- المعيار الوظيفي (الموضوعي):
يعتمد هذا المعيار على الفكرة الاقتصادية والاجتماعية، والتي تأخذ في حسابها تطور الدولة، واتساع نطاق نشاطها المالي، حيث تتحدد طبيعة النفقات العامة، طبقا" لهذا المعيار على أساس طبيعة الوظيفة التي تخصص لها هذه النفقات، وبناء" على ذلك تعتبر النفقات عامة إذا قامت بها الدولة بصفتها السيادية، أو إذا قام بها أشخاص معنيون تفوضهم الدولة في استخدام سلطتها السيادية. أما النفقات التي تقوم بها الدولة أو الهيئات والمؤسسات العامة أو شركات القطاع العام في الظروف نفسها، التي يقوم الأفراد والقطاع الخاص للإنفاق فيها، فإنها تعتبر نفقات خاصة.
يلاحظ أن الأخذ بالمعيار الوظيفي الذي يعتمد الفكرة الاقتصادية والاجتماعية، يستبعد جزءا" كبيرا" من نفقات الدولة التي تدخل ضمن النفقات العامة -التي تقوم بها الدولة، من أجل إشباع الحاجات العامة- التي استجدت إثر تطور الدولة، مما يحول دون إمكان قياس ما يعرف باسم الاقتصاد العام.
وخلاصة القول أن مفهوم النفقات العامة يجب أن يتسع ليشمل جميع النفقات العامة التي تصدر عن الدولة، الحكومة المركزية والمحلية والهيئات والمؤسسات العامة وشركات القطاع العام وشركات الاقتصاد المختلط، التي تملك الدولة الجزء الأكبر من رأسمالها، وتسيطر عليها وتتحكم في إدارتها. وهو ما يطلق عليه معيار ملكية الأموال المنفقة (1) .
3- تحقيق المنفعة العامة:
لا يكفي أن يتحقق الركنان السابقان حتى نكون أمام نفقة عامة، بل يجب أن يؤدي الإنفاق العام إلى تحقيق منفعة عامة. أي أنه من الضروري أن تستخدم النفقة العامة من أجل إشباع حاجة عامة. ويجد هذا الركن مبرره في أمرين اثنين، أولهما أن المبرر الوحيد للنفقات العامة، هو وجود حاجات عامة، فتتولى الدولة أو الهيئات والمؤسسات العامة إشباعها نيابة عن الأفراد، لذلك يجب أن يكون الهدف من النفقة العامة هو تحقيق نفع عام يتمثل في إشباع حاجة عامة. ثانيهما إذا كان الإنفاق يهدف إلى تحقيق منفعة خاصة لبعض الفئات أو بعض الأفراد، فإنه يخرج عن إطار النفقات العامة؛ لأنه يتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين في تحمل الأعباء العامة؛ لأن مساواة الأفراد في تحمل عبء الضريبة لا يكفي لتحقيق مبدأ المساواة؛ بل إن هذا يعني تخفيف العبء على بعض الأفراد، أو بعض الفئات على حساب بقية الأفراد أو بقية الفئات الأخرى.
ولكن ما مفهوم المنفعة العامة ؟ في واقع الأمر فإن مفهوم المنفعة العامة قد اختلف مع تطور الفكر المالي. فالفكر التقليدي كان يرى أن تحقيق المنفعة العامة يتم من خلال قيام الدولة بوظائفها التقليدية المحددة، في الجيش والأمن الداخلي والقضاء وبعض المرافق العامة. إلا أن تطور الفكر المالي، واتساع دور الدولة، أديا إلى اتساع مضمون المنفعة العامة ليضم النفقة المخصصة للأغراض الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى الأغراض المالية التقليدية، وبذلك تتحقق المنفعة العامة؛ لأنها تسهم في تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي.
ومن الملاحظ أن فكرة المنفعة العامة، قد أثارت كثيرا" من الجدل بين كتاب المالية العامة والاقتصاد، حول التوصل إلى معيار دقيق لقياس المنفعة العامة، وقد بذلت محاولات عديدة في سبيل التوصل إلى مثل هذا المعيار، يمكن أن نذكر منها:
‌أ- تتحقق المنفعة العامة القصوى، عندما تتساوى التضحية الحدية التي يتحملها الأفراد في سبيل تمويل النفقات العامة، مع المنفعة الحدية لدخولهم المتبقية بعد اقتطاع جزء من هذه الدخول لتمويل النفقات العامة.
‌ب- تتحقق المنفعة العامة القصوى، عندما تتساوى المنافع الحدية لجميع النفقات العامة في أوجه استخداماتها المختلفة.
‌ج- تتحقق المنفعة العامة القصوى، عندما يتم توزيع النفقات العامة على أوجه الاستخدامات المختلفة بحيث يتحقق أكبر قدر من الدخل القومي الحقيقي (1) .
ومع ذلك، فقد وجهت انتقادات كثيرة إلى هذه المعايير وغيرها، بحيث يمكن القول إنه لا يوجد معيار دقيق لقياس المنفعة العامة؛ بل يمكن القول إن فكرة المنفعة العامة تختلف من دولة إلى أخرى، ومن نظام اقتصادي إلى آخر،ومن مرحلة إلى أخرى في الدولة الواحدة.
لذلك فمن المتفق عليه بين الاقتصاديين، أن تقرير المنفعة العامة أمر يجب أن يترك للسلطات السياسية، ويخضع هذا التقرير إلى رقابة تشريعية أو أحيانا" إلى رقابة قضائية.
وتتمثل رقابة السلطة التشريعية في حقها بالموافقة على الاعتمادات المالية التي تطلبها السلطة التنفيذية (الحكومة)، كما تتمثل الرقابة القضائية في بعض الدول،في حق
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله


if you fail to plan you plan to fail


كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم
1accountant غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-24-2009, 11:15 PM
  #4
1accountant
 الصورة الرمزية 1accountant
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: مصر
العمر: 40
المشاركات: 2,094
افتراضي مشاركة: المحاسبة الحكومية - النفقات العامة

قواعد النفقات العامة

إن التعريف بالنفقات العامة لا يقف عند حد بيان أركانها بل يتعدى ذلك إلى ضرورة بيان القواعد التي تخضع لها هذه النفقات، أي بيان الضوابط التي تحكم الإنفاق العام، أو ما يطلق عليه دستور النفقات العامة، وهذه القواعد هي:
1- قاعدة المنفعة القصوى:
تعني قاعدة المنفعة القصوى، أن تهدف النفقات العامة إلى تحقيق أكبر قدر من المنفعة بأقل تكلفة ممكنة، أو تحقيق أكبر رفاهية لأكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع، وخاصة أن أحد أركان النفقات العامة هو تحقيق المنفعة العامة.
تلك المنفعة التي تريد الدولة تحقيقها، يجب أن تفهم على نحو يختلف عن المفهوم الضيق للمنفعة عند الأفراد. أي أن فكرة المنفعة بالنسبة لإنفاق الدولة، لا تقتصر على الإنتاجية الحدية والدخل العائد منه، وإنما تتسع لتشمل جميع النفقات التي تؤدي إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للمجتمع، وزيادة إنتاجية الفرد ، وتحسين جودة الإنتاج، وتخفيض الفاقد من الموارد الاقتصادية الناتجة عن البطالة أو غيرها. وتشمل كذلك النفقات التي تؤدي إلى تقليل التفاوت بين الدخول، وكذلك مواجهة المخاطر التي يتعرض لها الأفراد نتيجة التقلبات الحادة في دخولهم، من خلال ما تقدمه الدولة من إعانات البطالة والعجز والشيخوخة (1) . أو ما يطلق عليه بشكل عام النفقات العامة الاقتصادية والاجتماعية التي تهدف إلى إعادة توزيع الدخل والثروة بين الأفراد والطبقات الأخرى في المجتمع.
ويتطلب تحقيق هذه القاعدة أن توجه الدولة نفقاتها إلى إشباع الحاجات العامة، الأمر الذي يقتضي دراسة متطلبات الاقتصاد والمجتمع، ومقدار الحاجة إلى مختلف المشاريع، وأن تفاضل بينها وفق جدول للأولويات، يعتمد على طبيعة المشكلات التي يواجهها الاقتصاد القومي وتوجه نفقاتها إلى كل من هذه المشاريع وفق ما يحققه كل منها من منافع جماعية، بالحجم والنوع، والكم والتوقيت المناسبين، مراعين في ذلك ما يضيفه المشروع إلى كل من الدخل القومي والتشغيل والطاقة الإنتاجية ومدى حاجة واستخدام المشروع للموارد الاقتصادية المحلية والعملات الأجنبية والمدة اللازمة للإنشاء والإنتاج، ومعدل ما يحققه المشروع من ربح. وتراعي الدولة في ذلك حاجة المناطق الجغرافية والأقاليم المختلفة وكذلك المنفعة التي تعود على الطبقات الاجتماعية المختلفة.
أي أن الدولة تتخذ من التخطيط الاقتصادي الشامل أداة لوضع الأهداف العامة، وكيفية الوصول إليها وتحقيقها، معتمدة في ذلك على المعلومات والبيانات والإحصاءات المتوافرة اللازمة لتحقيق أقصى منفعة عامة ممكنة. وفق معيار أو آخر، تحدده الاعتبارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
2- قاعدة الاقتصاد والتدبير:
تعني هذه القاعدة أن تتجنب الدولة والسلطات العامة الإسراف والتبذير في الإنفاق فيما لا مبرر ولا نفع لـه، وكذلك الابتعاد عن الشح والتقتير، فيما إذا كانت هناك الضرورة والمنفعة والدواعي الجدية المبررة للإنفاق. أي الاقتصاد في الإنفاق وحسن التدبير.
وتتضح أهمية قاعدة الاقتصاد والتدبير في الإنفاق العام، إذا ما لاحظنا أن النفقات العامة تنطوي على تصرف في مال يخرج من خزانة الدولة، ويقوم على هذا الإنفاق أفراد لا يملكون هذا المال، فلا يحرصون عليه كحرصهم على أموالهم الخاصة مما يغري بالبذخ والتبذير، فمن مظاهر البذخ زيادة عدد العاملين في الأجهزة الإدارية عن الحاجة الحقيقية لمتطلبات العمل، ووضع كل منهم في غير مكانه المناسب، الإسراف في شراء الأجهزة غير الضرورية، وعدم الاستخدام العقلاني لها، وتأمين الصيانة الضرورية لإطالة عمرها الإنتاجي، المبالغة في تقدير الأموال اللازمة لإنشاء بعض المشاريع والمصانع الإنتاجية، كثرة عدد السيارات وسوء استخدامها، والاهتمام بالمظاهر والزخرفة في الأبنية الحكومية، وبخاصة في الدول النامية تطبيقا" لمبدأ التقليد والمحاكاة للنمط الاستهلاكي في الدول المتقدمة.
ويؤدي حدوث الإسراف والبذخ في الإنفاق العام إلى ضياع أموال عامة، كان من الممكن أن تستخدم وتوجه إلى أوجه استخدام أخرى، تكون الفائدة منها أكبر وأجدى، إضافة إلى أنه يضعف الثقة العامة في مالية الدولة ويعطي المكلفين بدفع الضريبة مبررا" للتهرب من دفعها (1) .
ولا يعني تطبيق قاعدة الاقتصاد والتدبير في الإنفاق العام الشح في البذل، أو إدخار المال أو الإحجام عن الإنفاق جزافا" حتى على المسائل التي يقود الإنفاق عليها إلى تحقيق منفعة اجتماعية كبيرة، فهذه الفكرة بعيدة كل البعد عن الصواب، وعن فكرة الاقتصاد والتدبير المطروحة، وهي تعني التقتير، وهو مذموم غير محمود، ذلك أن هذه القاعدة يتسع نطاقها ليشمل كل إنفاق رشيد مع مجانية التبذير والتقتير، أي هذه القاعدة تعني إنفاق كل ما يلزم إنفاقه من أموال مهما بلغت كميتها على جوهر الموضوع، وتجنب الإنفاق على الجوانب التي لا تدخل كعنصر أساسي في موضوع الإنفاق (2) .
حتى يتم تطبيق هذه القاعدة وإدراك الوفر في التكاليف، لتحقيق الرشد في الإنفاق العام وتحقيق أكبر منفعة اجتماعية بأقل التكاليف يتطلب الأمر أن يتوافر لدى الدولة رقابة مالية حازمة، يمتد سلطانها إلى كل بند من بنود النفقات العامة، ويقف خلفها رأي عام يقظ ساهر على مصلحته العامة، إلى جانب جهاز إداري عالي الكفاءة، يشعر بمهمته وحدودها في التنفيذ السليم إلى جانب تضافر وتعاون جهود الرقابة الإدارية والتشريعية التي تقوم بدور فعال في الكشف عن أوجه الإسراف والتبذير، وفرض العقاب اللازم على المخالفين

- قاعدة الموافقة المسبقة من السلطة التشريعية:
وتعني هذه القاعدة ألا يصرف أي مبلغ من الأموال العامة، أو أن يحصل الارتباط بصرفه. إلا إذا سبق ذلك موافقة الجهة المختصة، أي موافقة الجهة المختصة بالتشريع، ضمن حدود اختصاصها الزماني والمكاني، وبخاصة أن النفقات العامة هي مبالغ ضخمة مخصصة لإشباع الحاجات العامة، وتحقيق المنفعة العامة.
وتظهر أهمية هذه القاعدة أنها ضرورية لتحقيق القاعدتين السابقتين، وهما: قاعدة المنفعة القصوى، وقاعدة الاقتصاد والتبذير، والتأكد من استمرار تحققهما. من خلال تقنين كل ما يتعلق بالنشاط المالي للدولة، وهو يتمثل في احترام الإجراءات القانونية، التي تتطلبها التدابير التشريعية السارية، عند إجراء الإنفاق العام، بوساطة مختلف أساليب الرقابة المتعارف عليها.
وتعدّ هذه القاعدة مظهرا" آخر من مظاهر الاختلاف بين المالية العامة والمالية الخاصة التي لا تحتاج إلى إجراءات وموافقة مسبقة، بل يكفي أن تصدر الموافقة ممن يملك حق الإنفاق، الفرد أو الشركة الخاصة، دون الحاجة إلى موافقة مسبقة(2).
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله


if you fail to plan you plan to fail


كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم
1accountant غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-24-2009, 11:18 PM
  #5
1accountant
 الصورة الرمزية 1accountant
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: مصر
العمر: 40
المشاركات: 2,094
افتراضي مشاركة: المحاسبة الحكومية - النفقات العامة

حجم النفقات العامة
ربطت النظرية المالية التقليدية، بين الدخل القومي وحجم النفقات العامة، وحدد بعض كتابها نسبة تتراوح ما بين (5%-25%) من الدخل القومي كحجم للإنفاق العام، ولا شك أن النظرية المالية التقليدية قد ركزت على تحديد الحجم الكلي للإنفاق العام، ولم تهتم بتحديد حجم كل نوع من أنواعه، وهذا ما يتفق مع منطق الفكر الاقتصادي التقليدي، والفروض الأساسية التي يقوم عليها، وبخاصة ما افترضته تلك النظرية، من أن الإنفاق العام ذو طبيعة استهلاكية، ومن ثم يجب أن يقتصر على أضيق الحدود، إضافة إلى حياد النفقات العامة.
ورغم أهمية التأكيد على ضرورة قيام علاقة بين حجم النفقات العامة والدخل القومي، فإن الفكر المالي التقليدي، قد وقع في خطأ منهجي، عندما حدد تلك النسبة من الدخل القومي، وطالب الدولة بالالتزام بها وعدم تجاوزها. ذلك لأن تحديد معدل أو نسبة جامدة من الدخل للإنفاق العام معناه ، التعامل مع اقتصاد ساكن عديم الحركة، فضلا" عن إغفال لمسألة أساسية هي طبيعة النفقات العامة، وكيف أن مقدارها يختلف باختلاف الهدف منها، وباختلاف آثارها، والظروف الاقتصادية والاجتماعية في مختلف الدول.
إذن مما لا شك فيه، أن حجم النفقات العامة في أي دولة تقرره مجموعة من الاعتبارات الموضوعية، ذات علاقة وطيدة بالدولة ذاتها، ولهذا فإن تحديد نسبة معينة من الدخل القومي للنفقات العامة، يعدّ أمرا" غير منطقي، ولا ينسجم مع الواقع العملي بدلالة أن نسبة ما أو حجما" ما للنفقات العامة المناسب لدولة معينة، قد لا يصلح لدول أخرى بحكم الاختلاف في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي والفلسفة السياسية لكل منهما، ناهيك عن عدم صلاحية ذلك، للدولة ذاتها بين فترة ومرحلة تطور أخرى، لهذا يصبح من الضروري الإقرار أن حجم النفقات العامة في دولة معينة وفي فترة زمنية محددة، تحكمه مجموعة من العوامل، وهي تقوم من حيث مضمونها في جميع الدول، وإن أدت إلى اختلاف حجم النفقات العامة من دولة إلى أخرى، وسوف يتعرض هذا الفصل إلى أهم هذه العوامل على النحو التالي:
1- دور الدولة (1) :
إن غاية النفقات العامة هي إشباع الحاجات العامة التي تتطور باستمرار مع تطور الوظائف التي تدخل ضمن اختصاص الدولة؛ ولهذا فإن دور الدولة يحدد حجم النفقات العامة.
إذ لا يتقرر الإنفاق العام إلا بإشباع حاجة عامة فيدخل إشباعها في نطاق وظائف الدولة، فالنفقات العامة تعكس إذن حقيقة النظام الاقتصادي والسياسي، فهي تعكس في حجمها وفي أنواعها وفي أغراضها الحرية والتدخل والاشتراكية، وهي مراحل التطور التي مرت بها الدولة خلال الفترة ما بين القرن الثامن عشر والقرن العشرين على الشكل التالي:
أ- الدولة الحارسة:
يتحدد الدور الذي تقوم به الدولة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في المحافظة على الفكر الاقتصادي والسياسي الذي كان سائدا"، والذي كان يؤمن بالنظام الطبيعي، والحرية الاقتصادية وبقدرتها على تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي. فاقتصرت وظائف الدولة على المحافظة على هذا النظام وديمومة استمراره من خلال القيام بأعمال الدفاع الخارجي، والمحافظة على الأمن الداخلي والعدالة. ومن هنا جاءت تسمية الدولة بالدولة الحارسة. وانعكس هذا الدور على طبيعة السياسة المالية، لتكوين سياسة محايدة مقتصرة على الأغراض المالية لتغطية النفقات العامة، دون أن يكون لها أي تأثير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وقد ترتب في ضوء هذا الدور للدولة النتيجتان التاليتان:
- انخفاض حجم النفقات العامة، وكذلك انخفاض نسبتها إلى الدخل القومي؛ لأن هذه النفقات تعتبر نفقات استهلاكية، يجب أن تضغط إلى أضيق الحدود.
- قلة أنواع هذه النفقات العامة، وذلك نتيجة لتحديد الوظائف التي تستطيع الدولة أن تقوم بها، انسجاما" مع طبيعة الواجبات الملقاة على عاتقها، وضيق نطاق النفقات العامة ودون أن تكون أداة من أدوات السياسة الاقتصادية والمالية، ودون أن تكون أداة لإعادة توزيع الدخل القومي بين الطبقات المختلفة (1) .
ب- الدولة المتدخلة:
وفي أوائل القرن العشرين، وتحت تأثير الأزمات الاقتصادية المتكررة، وما سببته من اضطرابات اجتماعية، أثبتت الوقائع عجز النظام الطبيعي، والحرية الاقتصادية عن ضمان استمرار الفلسفة الفردية، فتطور دور الدولة، وبدأت تخرج عن حيادها التقليدي، وأصبحت مسؤولة عن التوازن الاقتصادي والاجتماعي، وكان منطقيا" أن تنعكس هذه التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في المالية العامة للدولة بشكل عام، وفي جانب النفقات العامة خاصة، لتنسجم مع الدور الجديد للدولة من خلال:
- تنوع النفقات العامة، طبقا" لتنوع وظائف الدولة. فقد أصبحت الدولة مسؤولة عن التوازن الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى وظائفها التقليدية. فاتسع مجال النفقات العامة الاقتصادية، الإعانات الاقتصادية ونفقات البطالة، والنفقات العامة الاجتماعية، مثل النفقات العامة لإعادة توزيع الدخل القومي، فأصبحت النفقات العامة أداة من أدوات السياسة المالية والاقتصادية والاجتماعية.
- ازدياد حجم النفقات العامة، وزيادة معدله إلى الدخل القومي، وهذا ما يتضح من خلال دراسة تطور النفقات العامة في العديد من الدول المختلفة.
ج- الدولة المنتجة (الاشتراكية):
وفي العقد الثاني من هذا القرن، قامت الثورة في روسيا عام 1917، وبرزت الأفكار والمبادئ الاشتراكية، ووجدت تطبيقا" لها في إطار الدولة الاشتراكية التي تقوم على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج، وأصبحت الدولة مسؤولة بشكل عن الإنتاج وعن توزيعه أيضا"، وظهر ما أطلق عليه الدولة المنتجة وانعكس هذا التغير في دور الدولة على المالية العامة بعامة، والنفقات العامة بخاصة، فاتسع نطاق النفقات العامة بشكل كبير، وأصبح حجمها كما" ضخما" متنوعا" متعددا"، يغطي مجالات اقتصادية واجتماعية لم تكن معروفة من قبل في ظل الأنماط السابقة لدور الدولة، وهكذا، تعاظمت أهمية النفقات العامة وشكلت نسبة هامة جدا" من الدخل القومي، تكاد تستحوذ على كامل الدخل القومي، في المراحل المتقدمة لهذا الدور.
نخلص مما سبق أن الدور الذي تمارسه الدولة، يعتبر عاملا" حيويا" في تحديد حجم النفقات العامة، يتحدد هذا الحجم عند مستويات منخفضة في ظل دور محدد للدولة، ويزداد هذا الحجم كلما اتسع نطاق الدور الذي تقوم به الدولة، الذي يعكس الفلسفة السياسية التي تؤمن بها الدولة نفسها، إذ لا يمكن تصور وجود تدخلية في ظل دور محدد للدولة، وبذلك يمكن التعبير عن دور الدولة كعامل مؤثر في حجم النفقات العامة، بالعوامل السياسية أو الاعتبارات المذهبية أساسا"، دون إنكار الدور الهام الذي تلعبه العوامل الاقتصادية في تحديد حجم النفقات العامة.
2- مستوى النشاط الاقتصادي (الطلب الفعلي):
تشكل الحالة التي يكون عليها مستوى النشاط الاقتصادي حدا" يجب أن يؤخذ في الحسبان عند تحديد حجم النفقات العامة، ويمكننا القول: إن هناك أثرا" متبادلا" بين مستوى النشاط الاقتصادي وحجم النفقات العامة، وهو ما يتضح من إدراك العلاقة بين حجم النفقات العامة وحالة النشاط الاقتصادي، من خلال تصور العلاقة بين النفقات العامة والطلب الفعلي، وكما يتضح من النظر إلى البنيان الاقتصادي، وفيما إذا كانت الدولة متقدمة أو نامية. فالطلب الفعلي يتكون من كل من الطلب الحكومي والطلب الخاص على سلع وخدمات الاستهلاك والاستثمار. ويأتي الطلب الحكومي من النفقات العامة، وبذلك تعتبر النفقات العامة أحد مكونات الطلب الفعلي، وتبرز أهميتها في رسم السياسة الاقتصادية ورسم السياسة المالية، وبمعنى آخر سيكون بإمكان النفقات العامة أن تؤثر بشكل ملموس في مستوى الطلب الفعلي.
ففي حالة الركود التي تتمثل في انخفاض مستوى الطلب الفعلي في الاقتصاد عن المستوى الذي يحقق التشغيل الكامل، فإن الأمر يتطلب رفع مستوى الطلب الفعلي إلى المستوى الذي يقضي على البطالة، ويحقق التشغيل الكامل. وذلك بزيادة حجم النفقات العامة إلى المستوى الذي يرفع الطلب الفعلي في الاقتصاد إلى المستوى الذي يحقق التشغيل الكامل، مع الأخذ بعين الاعتبار، فيما إذا كان الاقتصاد متقدما" أو ناميا".
وفي حالة التضخم التي يمكن ترجمتها في أبسط حالاتها، بارتفاع مستوى الطلب الفعلي، عن حجم العرض من السلع والخدمات والذي يترجم عادة بارتفاع الأسعار، فإن الأمر يتطلب تخفيض الطلب الفعلي، أي تخفيض النفقات العامة، إلى المستوى الذي يتوافق مع حجم العرض الكلي، ويعالج الضغوط التضخمية ويقللها بما يضمن تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن طبيعة البنيان الاقتصادي، وهي تشير إلى درجة التقدم التي يتصف بها الاقتصاد، توضح العلاقة الطردية التي تربط بين مستوى النشاط الاقتصادي وحجم النفقات العامة. فالدول المتقدمة ذات البنيان الاقتصادي المتقدم، تستطيع أن تنفق مبالغ ضخمة من النفقات العامة، وذلك لارتفاع دخلها القومي، واتساع نطاق الحاجات العامة التي تستطيع إشباعها، وتعدل سياستها المالية والنفقات العامة وفق التغيرات الاقتصادية الدورية التي يمر بها الاقتصاد القومي، في الوقت الذي تكون فيه النفقات العامة منخفضة في الدول النامية ذات البنيان الاقتصادي المتخلف، لضآلة حجم الدخل القومي، وضيق نطاق الحاجات العامة التي تستطيع الدولة إشباعها في تلك الدول.
بيد أنه يمكننا أن نلاحظ العكس تماما"، إذا ما نظرنا إلى النفقات العامة بمعيار الأهمية النسبية التي تمثلها النفقات العامة من إجمال الدخل القومي، فالنفقات العامة في الدخول النامية، ذات البنيان الاقتصادي المتخلف ، تشكل أهمية نسبية مرتفعة من الدخل القومي، مقارنة بالدول المتقدمة ذات البنيان الاقتصادي المتقدم ، وذلك نظرا" للدور الهام والكبير الذي تقوم به الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. حيث لا يمكن تصور تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية في غياب الدولة. وهذا ما يتضح من استعراض الخطط الاقتصادية والإنفاقية والاستثمارية التي ترسمها الدول النامية في سعيها لتحقيق أهدافها التنموية (1).
3- قدرة الدولة على الحصول على الإيرادات العامة:
من الطبيعي أن تتحدد النفقات العامة بقدرة الدولة على الحصول على الإيرادات العامة العادية منها وغير العادية، وتتمتع النفقات العامة بقدر كبير من المرونة، وهذا على عكس النفقات الخاصة، ويرجع ذلك إلى أن الدولة تتمتع بقدرة أكبر من الأفراد على الحصول على الإيرادات العامة اللازمة لتغطية النفقات العامة، لما لها من حق السيادة والسلطة في فرض الضرائب والرسوم وإصدار النقود، ويهيئ لها قدرة كبيرة على الاقتراض الداخلي والخارجي.
ولكن ليس معنى ذلك، أن قدرة الدولة على الحصول على الإيرادات العامة هي قدرة مطلقة ولا نهائية؛ بل تتحدد هذه القدرة في الواقع بما يطلق عليه المقدرة المالية القومية التي يقصد بها قدرة الدخل القومي على تحمل الأعباء المالية العامة، بمختلف صورها (الضرائب والرسوم وشبه الضرائب والقروض العامة، والإصدار النقدي الجديد والإعانات الاقتصادية والاجتماعية) دون إحداث أية ضغوط اقتصادية واجتماعية وسياسية، تضر بمستوى معيشة الأفراد ودون الإضرار بالمقدرة الإنتاجية القومية.
وتشكل المقدرة التكليفية القومية أو الطاقة الضريبية القومية أحد مكونات المقدرة المالية القومية، ويقصد بها قدرة الدخل القومي على تحمل الأعباء الضريبية وشبه الضريبية دون إحداث أية ضغوط اقتصادية واجتماعية وسياسية تضر بمستوى معيشة الأفراد ودون الإضرار بالمقدرة الإنتاجية القومية (1) . وتتوقف المقدرة المالية القومية على عدة اعتبارات اقتصادية واجتماعية وسياسية ونقدية، أهمها:
- حجم الناتج القومي الصافي، وكيفية توزيعه بين الفئات الاجتماعية المختلفة.
- اعتبارات المحافظة على مستوى معيشة الأفراد في المجتمع.
- اعتبارات المحافظة على المقدرة الإنتاجية القومية وتنميتها.
- مدى اتساع دور كل من النشاط الخاص والنشاط العام في الحياة الاقتصادية، وهو ما يتعلق بطبيعة دور الدولة.
- اعتبارات ضرورة المحافظة على قيمة النقود.
نخلص إلى أن المقدرة المالية القومية، يمكن أن تتغير تحت تأثير هذه الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنقدية. فإذا ما أردنا أن نزيد من قدرة الدولة على الحصول على الإيرادات العامة من دخل قومي ثابت، فإننا يجب أن نقبل تغيرا" في بعض الاعتبارات السابقة. وينتج عن ذلك أن قدرة النظام الاشتراكي على الحصول على الإيرادات العامة من دخل معين- وبالتالي على تحديد النفقات العامة- أكبر من قدرة النظام الرأسمالي، وذلك نظرا" لاحترام النظام الرأسمالي التفاوتَ في الدخول والثروات، بصفته أساسا" اجتماعيا" هاما"، وبصفته مصدرا" للتراكم الرأسمالي(1).
4- ضرورة المحافظة على قيمة النقود:
يترتب على العلاقة القائمة بين مستوى النفقات العامة ومستوى النشاط الاقتصادي قيد آخر على حجم النفقات العامة، عند المستوى الذي يحافظ على قيمة النقود، أي ألا تعمل هذه النفقات على تدهور القوة الشرائية للنقد، مما يضر بأصحاب الدخول الثابتة والمتغيرة ببطء، ويرفع تكاليف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ففي البلاد المتقدمة التي تعمل عند مستوى التشغيل الكامل، تؤدي زيادة النفقات العامة على حجم معين إلى زيادة الطلب الفعلي على المستوى اللازم لتحقيق التشغيل الكامل لعوامل الإنتاج أو للمحافظة عليه؛ مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وظهور الضغوط التضخمية وانخفاض قيمة النقود.
وفي البلاد النامية التي لا تملك جهازا" إنتاجيا" مرنا"؛ أي أنها تتميز بعدم مرونة عرض عوامل الإنتاج، مما يعني عدم قدرة العرض الكلي على الاستجابة للزيادة في الطلب الفعلي الناتجة عن زيادة النفقات العامة، وبخاصة في الفترة القصيرة، فإن زيادة النفقات العامة على حجم معين، لا بد أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وظهور الضغوط التضخمية وانخفاض القوة الشرائية للنقود.
نخلص إلى أن تحديد حجم النفقات العامة يجب أن يتم بحيث يحافظ على القوة الشرائية للنقود، سواء أكان ذلك في الدول المتقدمة أم في الدول النامية. بمعنى أن تتحدد النفقات العامة في الدولة المتقدمة عند المستوى الذي يحقق توازن التشغيل الكامل، وفي البلاد النامية عند المستوى الذي يلزم لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبمعدل ملائم. ومن ثم تعتبر المحافظة على قيمة النقود أحد المحددات الهامة لحجم النفقات العامة.
5- المنفعة الجماعية (1):
من الطبيعي أن نقول إن النفقة العامة ظاهرة أساسية، بمعنى أنها تتأثر بالاعتبارات السياسية، وتشكل من ناحية أخرى أداة من أدوات السياسة العامة للدولة. وبالتالي يخضع اختيار النفقة العامة للاعتبارات السياسية و في الوقت نفسه تخضع النفقة العامة - شأن النفقة الخاصة- للحساب الاقتصادي؛ أي للحساب المنفعي؛ أي تخضع لمبدأ ”أكبر منفعة بأقل نفقة“ .
وهذا المبدأ قديم في الفكر الاقتصادي، وهو موضع اتفاق بين الكتاب التقليديين والكتاب المحدثين وقد تطور هذا المبدأ مع تطور التحليل الاقتصادي، وتمثل هذا التطور بصفة أساسية في اتجاهين:
الأول: حلول المنفعة الحدية في التحليل محل المنفعة الكلية على يد المدرسة الحدية، ومع هذا التطور وجدت النفقات العامة قيدها المحدد لها في المنفعة الحدية، فالوحدة النقدية الحدية من النفقات العامة لا تكون مبررة إلا إذا حققت منفعة جماعية حدية مساوية لها على الأقل.
والثاني: اتساع مضمون المنفعة وبخاصة مع اتساع دور الدولة، فلم يعد يقتصر هذا المضمون على ما يعود على الدولة، بصفتها الشخص المعنوي العام من منفعة، كما لا يصح أن يقتصر هذا المضمون على المنفعة المترتبة على قيام الدولة بوظائفها التقليدية فحسب؛ بل يجب أن يشمل أيضا" المنفعة التي تعود على الأفراد المواطنين من الإنفاق على الأغراض الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وبناء " على ذلك فإن المنفعة العامة منفعة مركبة، تتكون من مجموعة متباينة من العناصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ويترتب على تطبيق مبدأ ” أكبر منفعة بأقل نفقة“ في نطاق النفقات العامة أمران:
أولهما: ضرورة تحقيق المنفعة العامة بأقل نفقة ممكنة، وهذا ما يعرف بمبدأ ” الوفر في الإنفاق“، ويتطلب تطبيق هذا المبدأ، دقة حساب كل من النفقة والمنفعة، والعمل على رفع المنفعة المترتبة على الإنفاق سواء أكان ذلك في نطاق إنتاج السلع المادية، أم في نطاق الخدمات الشخصية.
وثانيهما: ضرورة تساوي المنفعة المترتبة على النفقة العامة مع التضحية التي تسببها، أي مع المنفعة التي تضيعها على الممولين، وهذا ما يعرف بمبدأ المنفعة الحدية المتساوية ولتطبيق هذا المبدأ على الإنفاق العام، نجد أنه يحدد الحجم الكلي للنفقات العامة، ويحدد أيضا" توزيع هذه النفقات العامة بين مختلف الاستخدامات.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله


if you fail to plan you plan to fail


كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم
1accountant غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-24-2009, 11:20 PM
  #6
1accountant
 الصورة الرمزية 1accountant
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: مصر
العمر: 40
المشاركات: 2,094
افتراضي مشاركة: المحاسبة الحكومية - النفقات العامة

الأسباب الظاهرية لازدياد النفقات العامة
يقصد بالأسباب الظاهرية، تلك الأسباب التي تؤدي إلى تضخم الرقم الحسابي للنفقات العامة، دون أن يقابلها زيادة في كمية السلع والخدمات المستخدمة في إشباع الحاجات العامة، وبعبارة أخرى، تلك الأسباب التي تؤدي إلى زيادة رقم النفقات العامة، دون أن ينتج عنها زيادة عدد الحاجات العامة التي تشبعها الدولة، أو دون أن تؤدي إلى زيادة عدد الأفراد الذين يستفيدون من النفقات العامة؛ أي أن هذه الزيادة في النفقات العامة لا تؤدي إلى زيادة في كمية الخدمة العامة المقدمة للأفراد ولا في تحسين نوعية تلك الخدمات، فهي لا تعدو أن تكون مجرد زيادة رقمية، ويمكن إرجاع تلك الزيادة إلى الأسباب الظاهرية التالية:
1- انخفاض قيمة النقد:
أصبح الانخفاض في قيمة النقد مظهرا" من مظاهر الحياة الاقتصادية في العصر الحديث، ولم تفلت منه دولة من الدول، مما دفع بعض الاقتصاديين إلى القول بأن التضخم أصبح ظاهرة لصيقة بالحياة الاقتصادية للدول (1).
ويقصد بالتضخم زيادة الطلب الكلي على العرض الكلي لسلع الاستهلاك زيادة لا يستجيب لها العرض، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الأسعار أي انخفاض القوة الشرائية لوحدة النقد، وليس المقصود بالتضخم الارتفاع المؤقت للأسعار؛ بسبب عجز طارئ في أحد المحاصيل الأساسية في الاقتصاد، أو ارتفاع الأسعار مرة واحدة، ثم استقرارها بعد ذلك ولكن المقصود بالتضخم هو الارتفاع المستمر في الأسعار عبر فترة ممتدة من الزمن (2).
ويترتب على ظاهرة التضخم انخفاض قيمة النقد؛ أي أن تدفع الدولة عددا" من الوحدات النقدية للحصول على كمية من السلع والخدمات أكبر مما كانت تدفعه للحصول على الكمية نفسها من السلع والخدمات. بعبارة أخرى أن تدفع الدولة زيادة في الوحدات النقدية للحصول على كمية من السلع والخدمات كان من الممكن الحصول عليها، بمقدار أقل من الوحدات النقدية في فترة سابقة؛ أي قبل الارتفاع الحاصل في الأسعار، وهو ما يترجم بارتفاع المستوى العام للأسعار، وبذلك تتضح العلاقة الطردية بين الأسعار والنفقات العامة، حيث يتطلب ارتفاع الأسعار المزيد من النفقات العامة للحصول على القدر نفسه من السلع والخدمات، ويعني ذلك أن انخفاض قيمة النقود، يؤدي إلى زيادة النفقات العامة في جزء منها زيادة ظاهرية، يتحدد هذا الجزء بمدى الانخفاض ومعدله، ويعني ذلك أن الزيادة في النفقات العامة تعود إلى ارتفاع الأسعار وليس إلى زيادة كمية السلع والخدمات التي تحققها النفقات العامة.
وبناء" على ذلك فإن دراسة ومقارنة النفقات العامة خلال فترات مختلفة للتعرف على الزيادة الحقيقية للنفقات العامة، تتطلب أن نستبعد التغيرات التي طرأت على تدهور القوة الشرائية للنقود، ويكون ذلك بالاستعانة بالأرقام القياسية لمستوى الأسعار، للتعرف على تطور النفقات العامة بالأسعار الثابتة، وذلك باستخدام المعادلة التالية:

النفقات العامة بالأسعار الجارية
النفقات العامة بالأسعار الثابتة = × 100
المستوى العام للأسعار
2- التغير في القواعد المالية للحسابات الحكومية ([1]) :
يؤدي تغير القواعد الفنية المتبعة في إعداد الحسابات العامة للدولة إلى إحداث زيادة في حجم النفقات العامة، هذه الزيادة هي زيادة ظاهرية وليست حقيقية، كما في حالة الانتقال من طريقة الموازنة الصافية إلى طريقة الموازنة الإجمالية، فاتباع الطريقة الأولى كان يسمح لبعض الإدارات والهيئات والمؤسسات العامة، أن تخصم نفقاتها من الإيرادات التي تقوم بتحصيلها، وتوريد المبالغ الصافية وإدراجها في الموازنة العامة، ونظرا" للانتقادات التي وجهت إلى هذه الطريقة، اتجهت في العصر الحديث غالبية الدول إلى إتباع طريقة الموازنة الإجمالية، التي توجب على الهيئات والمؤسسات العامة أن تسجل جميع الإيرادات والنفقات بأنواعها كافة في الموازنة العامة، تطبيقا" لمبدأ عمومية الموازنة، مما أدى إلى تضخم رقم النفقات العامة، رغم أنه لم تحدث أية زيادة حقيقية في هذه النفقات، وهو ما يجب أن يؤخذ في الحسبان عند إجراء المقارنة بين النفقات العامة خلال فترات مختلفة.
كما تعود الزيادة الظاهرية في النفقات العامة إلى التعديل الذي تجريه الدولة عند تحديد بداية ونهاية السنة المالية على نحو يؤدي إلى زيادة مبالغ النفقات العامة، دون أن ينطوي ذلك على زيادة حقيقية في حجم النفقات العامة.
كما يؤدي تعديل مضمون النفقات العامة بين مرحلة وأخرى، بصورة تسمح باتساعه، ليشمل بعض النفقات التي لم يكن يتضمنها قبلا"، إلى زيادة ظاهرية في حجم النفقات العامة، وهو ما يجب مراعاته عند إجراء المقارنة.
إضافة إلى ذلك، فإن تعدد الموازنات العامة وتداخل عناصرها يؤدي إلى تكرار حساب بعض النفقات العامة، بحيث يؤدي إلى إحداث زيادة ظاهرية في أرقام النفقات العامة.
كما أن اختلاف الفن الإحصائي المتبع بين سنة وأخرى، قد يؤدي إلى إيجاد زيادة ظاهرية في النفقات العامة.
3- اتساع إقليم الدولة:
يؤدي اتساع رقعة الدولة، وزيادة مساحة الإقليم التابعة لها (بانضمام إقليم أو أقاليم جديدة) إلى اتجاه النفقات العامة نحو الزيادة، لمواجهة مطالب الأقاليم الجديدة، وتعد هذه الزيادة في النفقات العامة زيادة ظاهرية رقمية؛ لأنها لم تؤد إلى زيادة نصيب الفرد منها، رغم ازدياد أرقامها (مثال فترة الوحدة بين مصر وسورية، خلال الفترة 1958-1961).
4- زيادة عدد السكان:
تنشأ زيادة عدد السكان عن اتساع مساحة الدولة، والزيادة الطبيعية للسكان عن طريق التكاثر، وتؤثر الزيادة الحاصلة في السكان في زيادة حجم النفقات العامة، لمواجهة الأعباء الجديدة في ميادين مختلفة من الخدمات العامة، ولا تعود الزيادة في النفقات العامة إلى الزيادة المطلقة في عدد السكان فقط، وإنما تتأثر النفقات العامة وتزداد بفعل التغيرات الهيكلية في السكان، فارتفاع عدد الأطفال إلى إجمالي السكان، يتطلب توفير الخدمات الأساسية المناسبة لمرحلة الطفولة، وفي مرحلة لاحقة، زيادة نفقات التعليم بشكل خاص، لمواجهة تلك الزيادة الحاصلة في نسبة عدد الأطفال، كما أن زيادة عدد الشيوخ يؤدي إلى زيادة المعاشات، كما أن ارتفاع توقعات الحياة يؤدي إلى العمل على زيادة العائد من الاستثمارات التعليمية، وكل ذلك يبرر الزيادة في النفقات العامة في هذا المجال وفي المجالات الأخرى المختلفة.
ورغم أن الزيادة في النفقات العامة الناشئة عن زيادة عدد السكان لا تعتبر زيادة ظاهرية، إلا أن ما جرت العادة عليه في دراسة النماذج الاقتصادية الرياضية والقياسية لقياس معدل النمو الاقتصادي الحقيقي، أن تستبعد أثر النمو السكاني باعتبار أن هذه الزيادة السكانية هي ظاهرة طبيعية للتكاثر السكاني، وبناء" على ذلك، يتطلب التعرف على الزيادة الحقيقية في النفقات العامة إلغاء أثر الزيادة في عدد السكان في النفقات العامة، من خلال تقسيم النفقات العامة الحقيقية على عدد السكان في كل فترة من الفترات.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله


if you fail to plan you plan to fail


كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم
1accountant غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-24-2009, 11:21 PM
  #7
1accountant
 الصورة الرمزية 1accountant
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: مصر
العمر: 40
المشاركات: 2,094
افتراضي مشاركة: المحاسبة الحكومية - النفقات العامة

الأسباب الحقيقية لازدياد النفقات العامة
ويقصد بالأسباب الحقيقية، تلك الأسباب التي تؤدي إلى زيادة رقم النفقات العامة، ناتجة عن زيادة عدد الحاجات العامة التي تشبعها الدولة، وعن زيادة الأفراد الذين يستفيدون من النفقات العامة، إذا ظلت مساحة الدولة وعدد سكانها دون تغيير، أي أن هذه الزيادة في النفقات العامة تؤدي إلى زيادة كمية الخدمات العامة المقدمة للأفراد وإلى تحسين نوعية تلك الخدمات.
وقد اختلف كتاب المالية العامة والاقتصاد، حول تحديد الأسباب الحقيقية لتزايد النفقات العامة، وتحديد الأهمية النسبية لكل منها، إلا أنه يمكن القول إن هناك أسبابا" حقيقية عديدة، تكمن خلف الزيادة في النفقات العامة للدولة، يمكن إجمالها في الأسباب التالية:
1- الأسباب الإدارية:
أدى التوسع في وظائف الدولة ومهماتها إلى اتساع جهازها الإداري، وزيادة عدد العاملين فيه، من عمال وموظفين، ورافق ذلك ارتفاع في حجم المستلزمات السلعية والخدمية اللازمة لتسهيل مهمة هذا الجهاز، ومما لا شك فيه أن هذا التوسع يؤدي إلى زيادة النفقات العامة، سواء ما كان منها في شكل رواتب وأجور، أم ما كان منها ثمنا" لمشتريات الحكومة.
ومن العوامل الإدارية التي تساهم في زيادة النفقات العامة، سوء التنظيم الإداري وازدياد عدد العاملين وهي ظاهرة ملموسة في كثير من الدول المتخلفة، ويزيد الأمر سوءا" انخفاض إنتاجية العمل وكفاءة العاملين في أجهزة الدولة في تلك الدول، وبخاصة أن الخدمات الحكومية التي تقدمها الدولة تعتمد على كثافة عنصر العمل، مما يزيد الحاجة إلى عدد أكبر من العاملين وزيادة حجم الأجور والرواتب المدفوعة، وبالتالي زيادة النفقات العامة للدولة، وهو ما يطلق عليه قانون باركنسون (1).
2- الأسباب الاقتصادية:
إن التطور الذي لحق بالفكر الاقتصادي، والذي تمثل في سقوط سياسة الحرية الاقتصادية، وفي الإيمان بضرورة التدخل في الشؤون الاقتصادية، قد أدى دورا" هاما" في زيادة النفقات العامة للأغراض الاقتصادية، وقد عرف القرنان التاسع عشر والعشرون أزمات اقتصادية وانتشار البطالة، مما أدى إلى نقص التشغيل، وأدى تعدد الأزمات الاقتصادية التي واجهها النظام الرأسمالي، وانتشار المبادئ الاشتراكية، إلى تخلي الدولة عن حيادها التقليدي الذي فرضه عليها نظام الاقتصاد الحر، وجعل نشاطها مقتصرا" في أداء وظائفها التقليدية التي حددها مفهوم الدولة الحارسة، فالتجأت الدولة إلى اتباع سياسة جديدة قائمة على التدخل في الحياة الاقتصادية بهدف تحقيق التوازن الاقتصادي الذي عجز قانون السوق عن تحقيقه تلقائيا"، فقامت الدولة الرأسمالية بالكثير من أوجه النشاط الاقتصادي التي أضفت عليها طابع الدولة المتدخلة، وبخاصة بعد انتشار الفكر ”الكينزي“ الذي أثبت عجز النظام الرأسمالي عن تحقيق التوازن التلقائي، دونما تدخل من جانب الدولة التي تعتبر مسؤولة عن تحقيق كل من التوازن والاستقرار الاقتصادي، مما أدى إلى ازدياد حجم النفقات العامة وتعددها، سواء بتوزيع الإعانات أم بالقيام بالمزيد من الاستثمارات العامة، بغرض رفع الطلب الفعلي إلى المستوى اللازم لتحقيق التشغيل الكامل، أو بمعنى آخر بقصد زيادة الدخل القومي، مثل السياسة الجديدة التي اتبعتها حكومة الرئيس روزفلت في عام 1933، وسياسة القوة الشرائية التي اتبعتها حكومة ليون بلوم في فرنسا عام 1936.
وقد ازداد الاتجاه التدخلي، وازداد بالتالي حجم النفقات العامة خلال سنوات الحرب العالمية الثانية والسنوات التي تلتها؛ نتيجة للسياسة الاقتصادية التي اتبعتها الدول الرأسمالية لتعبئة المجتمع من أجل خوض الحرب، ثم بعد ذلك لتعويضه في أعقاب الحرب، عما فقده من أجهزة إنتاجية دمرت أثناء الحرب.
كما أن التطور الفني يؤدي إلى خلق سلع اقتصادية جديدة، ومن ثم خلق أنماط استهلاكية جديدة، سينعكس ذلك كله في زيادة النفقات العامة، منسوبة إلى الناتج القومي الإجمالي.
ومن ناحية أخرى تتحمل الدول المعاصرة في المجتمعات المتخلفة اقتصاديا" مسؤولية كبيرة في محاربة التخلف، والتعجيل بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقد أدى ذلك إلى اتساع نطاق نشاط الدولة، مثل الري والصرف والطاقة والطرق والمواصلات... الخ التي يطلق عليها الهيكل الأساسي ذو الطابع الاقتصادي (1) .
3- الأسباب الاجتماعية:
تعد الأسباب الاجتماعية عوامل أخرى أدت إلى زيادة النفقات العامة للدولة، فالانتقال من دور الدولة الحارسة، إلى دور الدولة المتدخلة والمنتجة، أدى إلى إحلال سياسة اقتصادية واجتماعية جديدة، مكان السياسة الاقتصادية والاجتماعية القديمة، ومن ثم أصبحت الدولة مسؤولة عن تحقيق التوازن الاجتماعي، إضافة إلى التوازن الاقتصادي، وساعد على ذلك تقدم الوعي الاجتماعي، وانتشار الأفكار الاشتراكية وقوة الطبقة العاملة.
ولم يعد هدف الدولة هو تحقيق الزيادة في الإنتاج ورفع مستوى الدخل، بل تحسين توزيع الدخل، وإقامة العدالة الاجتماعية، وتوفير الخدمات لجميع الفئات الاجتماعية في الميادين المختلفة، من صحة وتعليم وثقافة وإسكان... الخ، والإعانات الاجتماعية والمعاشات، ورعاية الأطفال وتغذيتهم وإعانات العجز والمرض والبطالة والشيخوخة، ومن أهم النفقات العامة الاجتماعية في الدول النامية ما يطلق عليه الهيكل الأساسي ذو الطابع الاجتماعي، وتتضمن الصحة والثقافة والتعليم والإسكان، ونفقات الضمان الاجتماعي التي تحاول الدول أن يستفيد منها جميع الأفراد، وأن تغطي جميع المخاطر التي يتعرضون لها.
ولا شك أن هذه النفقات الاجتماعية وبرامجها لها فائدتها الاجتماعية وفائدتها الاقتصادية أيضا"، وذلك بتوزيعها قوة شرائية لطبقات ذات ميل حدي مرتفع للاستهلاك، فتزيد من الطلب الفعلي، وتساهم في زيادة التشغيل ورفع مستوى الدخل وهذا ما يزيد التوقع بتزايد النفقات العامة.
4- الأسباب السياسية (1) :
وتتمثل الأسباب السياسية في انتشار المبادئ الديمقراطية والأفكار الاشتراكية، وتعمق مسؤولية الدولة تجاه أفرادها وخروج الدول أو المجتمعات من حالة العزلة في العلاقات الخارجية، إلى مجال الانفتاح والتعاون والمصالح المشتركة، وهو ما يعد انعكاسا" لما طرأ على المفهوم السياسي المعاصر للدولة من تغييرات أثرت في نطاق وطبيعة العلاقات التي تنشأ داخل المجتمع من ناحية، وبين المجتمعات المختلفة من ناحية أخرى، وأهم الأسباب السياسية هي الأسباب التالية:
‌أ- انتشار المبادئ والنظم الديمقراطية: لقد انعكس تطور الفكر السياسي في انتشار المبادئ والنظم الديمقراطية، ووصول ممثلين عن الشعب إلى السلطة، وترتب على ذلك اهتمام الدولة بحالة الطبقات الفقيرة وذات الدخل المحدود، تحسينا" لوضعها الاقتصادي والاجتماعي، وكسبا" للرأي العام. وأدى ذلك إلى التوسع في النفقات العامة، بهدف توفير الخدمات الأساسية اللازمة لها، إضافة إلى دعم أسعار السلع الأساسية، وتقديمها لكثير من الخدمات بالمجان، هذا بالإضافة إلى أن المجالس النيابية -وبخاصة إذا ما انتشرت على المستوى المحلي- تتطلب نفقات هامة كبيرة وهذا كله يساهم في زيادة النفقات العامة للدولة.
‌ب-تعدد الأحزاب السياسية واتجاه كل منها خلال فترة توليه الحكم إلى زيادة النفقات العامة، لكسب رأي أنصاره، ولتنفيذ برنامجه الانتخابي الذي يتصف غالبا" بالطموح.
‌ج- مدى انتشار القيم الأخلاقية بين رجال الحكم، وموظفي الدولة القائمين على أمورها، حيث تزداد النفقات العامة بصورة ملموسة، في الدول التي تنتشر فيها الرشوة، واستغلال النفوذ للحصول على الأموال التي تضيع على الدولة من جرّاء حوادث الاختلاس والرشوة والصرف المتكرر والتزوير دون أن يعود إنفاقها على المجتمع بأية فائدة أو منفعة.
‌د- العلاقات الدولية: إن خروج المجتمع الدولي من حالة العزلة السياسية إلى حالة الانفتاح السياسي، ساعد على نمو العلاقات الدولية، وزادت أهمية التمثيل السياسي والمشاركة في عضوية المنظمات الدولية، والهيئات التابعة لها، والمنظمات الإقليمية المختلفة، والمؤتمرات الدولية مما ساهم في زيادة النفقات العامة المخصصة لتدعيم تلك العلاقات الضرورية.
هـ- المنح والمساعدات والقروض: كما يساهم في زيادة النفقات العامة ما يمليه واجب التعاون والتضامن الدولي، فقد تلجأ كثير من الدول إلى تقديم إعانات نقدية أو عينية للدول الصديقة، وذلك بغرض مساعدتها على تحقيق التنمية الاقتصادية، أو على معالجة أزمة ما، أو إعادة التعمير، أو بغرض تكوين الأحلاف العسكرية والسياسية، أو دعم اتجاه سياسي معين، أو محاربة اتجاه سياسي معين، أو بقصد خلق طلب على منتجات الدول التي تقدم الإعانة.
يتضح مما سبق أن الأسباب السياسية عملت على دفع النفقات العامة للدولة في اتجاه التزايد المستمر.
5- الأسباب المالية (1) :
ترتبط هذه الأسباب بتطور الفلسفة الاقتصادية، واتساع دور الدولة. فقد أدى تطور مفهوم النفقة العامة من المفهوم التقليدي للنفقة المحايدة، إلى المفهوم الحديث للنفقة الإيجابية، إلى ازدياد حجم النفقات العامة، فقد حدد الفكر التقليدي نطاق النشاط الحكومي، وبالتالي بضرورة الحد من النفقات العامة، لكن نتيجة للمفهوم الحديث للنفقة العامة، وأهمية النشاط الحكومي، وإنتاجيته في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، والاعتراف بأهمية قيام الدولة في أوقات الأزمات، وضرورة زيادة نفقاتها، لتعويض النقص في الطلب الفعلي، والمحافظة على مستوى معين من التشغيل والدخل القومي، اتجهت الدولة الحديثة إلى التوسع في حجم الإنفاق العام، وساعدها على ذلك سهولة الحصول على الإيرادات اللازمة لتغطية هذه النفقات (القروض العامة والإصدار الجديد) وتوافر فائض في إيراداتها العامة أو الاحتياطي العام.
فلم تعد القروض العامة مصدرا" استثنائيا" للإيرادات العامة، لا تلجأ إليه الدولة إلا في ظروف غير عادية، بل أصبح للدولة الحق في الالتجاء إلى مثل هذا المصدر للحصول على إيرادات تكفي لتغطية نفقاتها العامة، الموجهة إلى إشباع الحاجات العامة المتزايدة، وأمام ضغط الحاجة إلى مثل هذه القروض، تستخدم الدولة العديد من الوسائل للوصول إلى مدخرات المجتمع؛ لإغراء الأفراد وتشجيعهم على الاكتتاب في سندات القروض، وذلك بمنح المكتتبين بعض المزايا، مثل إعفاء الفوائد من الضرائب، وعدم قابلية السندات للحجز، مكافآت السداد واليانصيب ...الخ، إضافة إلى اللجوء إلى القروض العامة الإجبارية لتغطية النفقات العامة المتزايدة، وقد أدت سهولة الاقتراض العام وتوسع الدولة فيه إلى زيادة النفقات العامة اللازمة لخدمته واستهلاكه.
وقد تلجأ الدولة إلى زيادة إيراداتها العامة، على القدر اللازم لتغطية نفقاتها، نتيجة سوء تقدير النفقات الواجب تغطيتها، فتحصل الدولة على مبالغ أكثر مما يتطلبه إنفاقها، مما يؤدي إلى ظهور فائض في الإيرادات العامة، وقد يكون لهذا الفائض في الظروف العادية الذي لا تهدف الدولة من تكوينه هدفا" خاصا"، مساوئ معينة، إذ قد يغري القائمين على تبذير الأموال العامة، بإيجاد أبواب جديدة في الإنفاق، يتعذر ضغطها حينما تدعو الحاجة إلى ذلك، وقد يكون هذا الفائض في ظروف معينة، أداة ضرورية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي كما في حالة التضخم، حيث تعمد الدولة إلى امتصاص القوة الشرائية الفائضة لتحد من ارتفاع الأسعار، ولتتولى إنفاق هذا الفائض في أوقات الكساد لتساعد على انتعاش الاقتصاد القومي.
وفي جميع الأحوال، يجب الحذر من التوسع في الإنفاق العام، حتى لا يكون ذلك وسيلة لضياع الأموال العامة، بل يجب أن يكون الهدف من الإنفاق العام، هو تحقيق المنفعة القصوى للمجتمع وبأقل تكلفة.
6- الأسباب العسكرية (1) :
تعد الأسباب العسكرية من أهم الأسباب المؤدية إلى زيادة النفقات العامة، وإلى دفع هذه النفقات باتجاه التزايد المستمر، والنفقات الحربية (نفقات الدفاع) هي من أهم فقرات النفقات الحكومية وقد درج بعض الاقتصاديين والماليين، على دراسة هذه الأسباب ضمن الأسباب السياسية، ولكن نظرا" لطبيعتها الخاصة، واستقلالها وتحديدها في ضوء اعتبارات اقتصادية واجتماعية وسياسية واستراتيجية، كان لها هذه الفقرة الخاصة بها.
وترجع أهمية الأسباب العسكرية إلى أن الدولة وحدها هي الموكلة بتنفيذها حتى في ظل أفكار المدرسة التقليدية التي جعلت مهمة الدفاع الخارجي من أول واجبات الدولة تجاه المواطني.ن إضافة إلى ذلك، فإن مهمة الدفاع ترمي إلى تحقيق منفعة عامة، تتمثل فيما تخلفه هذه النفقات من شعور المواطنين بالأمن والطمأنينة، وهما غير خاضعين للقياس الكمي والنقدي، وتهيئ الظروف المناسبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية(1).
وتتضمن النفقات العسكرية النفقات الموجهة إلى رواتب وأجور العاملين من عسكريين وفنيين، وإلى قيمة الآلات والمعدات ونفقات الصيانة سواء في فترة الحرب أم في فترة السلم، وكذلك تشمل المعاشات للمحاربين المتعاقدين وتعويضات لمنكوبي ضحايا الحرب، وما تدفعه الدولة سدادا" للديون الخارجية والداخلية، التي ترتبت بذمتها نتيجة الحرب، وكذلك ما تقدمه من مساعدات للاقتصاد الوطني في وقت الحرب.
وتزداد النفقات العسكرية خلال فترة الحروب زيادة كبيرة، وتشكل نسبة مرتفعة من الموازنة العامة، ومن الدخل القومي، غير أنها تعود إلى الانخفاض بعد انتهاء الحرب، ولكنها لا تنخفض عادة إلى المستوى الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب، بل تظل مرتفعة عنه، ولا يلغي هذا الانخفاض بعد الحرب، قانون تزايد النفقات العامة بشكل مستمر، بل يظل القانون ساري المفعول، وتبقى ظاهرة تزايد النفقات العامة قانونا" من قوانين التطور الاقتصادي والاجتماعي.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله


if you fail to plan you plan to fail


كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم
1accountant غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-23-2014, 01:34 PM
  #8
pharaooon
مشارك مبتدئ
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1
افتراضي مشاركة: المحاسبة الحكومية - النفقات العامة

thnxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
pharaooon غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:01 AM