مشاركة: دور المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة
وتلاحظون أنني لم استخدم مؤقتاً كلمة "صك" حتى لا يقع الخلط ومن ثم اللبس بين مرحلتين هما :
(1)
مرحلة إنشاء حقوق أو حق الملكية لدين أو عين بضوابطه الشرعية .
(2)
ثم مرحلة التعامل على هذا الحق الذي يخضع أيضا للضوابط الشرعية بحسب طبيعة هذا الحق ونوعه وما إذا كان دينا أو عينا . وحتى إذا كان عينا فيتم تداوله بضوابطه الشرعية وهنا تأتي عمليات أو برامج التوريق Securitization
والتي تتمثل في السوق العالمية :
في سندات تمثل التزامات مالية أو في خلق أدوات مالية قابلة للتداول مدعومة أو تساندها أو مبنية على حافظة استثمارية أو حقوق مالية ذات تصنيف ائتماني جيد ، تنوعت في الواقـع العملي إلى أنواع عديدة : فقد تكون ديوناً نقدية أو عينية أو ناتجة عن استعمال حقوق ملكية فكرية أو معنوية أو حقوق امتياز وغيرها ، مما يزيد على ثمانية عشر نوعاً وجدتها في ممارسات السوق الدولية ، وهنا لا بد من تحديد طبيعة ونوع العلاقة بين هذه الأوراق المالية وبين الأصول والموجودات والحقوق التي تدعم أو تساند هذه الأوراق المالية وهل هي : مجرد ضمان فقط لتلك السندات أو الأوراق المالية المختلفة . أم نوع ملكية .
ولكن الأهم هو أنه :
لا بد من وجود سبب جيد وحافز قوي جدير بأن يجعل الشخص طبيعياً كان أو اعتبارياً أن يتخلى عن نقوده كأصل سائل ويحوله إلى ورقة ماليه ، ويتمثل ذلك في الدخل المنتظر أو المحتمل من هذه الورقة المالية .
وهذا هو الضابط الجوهري لنجاح عمليات أو برامج التوريق .
ولما كان المنهج الفقهي في المعاملات "والالتزامات المالية"على وجه الخصوص يميز بين ما هو دين وما هو عين ، وأن هذا هو التمييز البارز الذي تقوم عليه الصناعة الفقهية وما يقابلها من التزامات شخصية تتمثل في علاقة دائن بمدين . والتزامات عينية متعلقة بأعيان مادية أو بمنافعها ، وأن الصور الجائزة من بيع الدين لغير من هو عليه على رأي من يجيزه (رواية عن أحمد ووجه عند الشافعية) بشروط : من التفاوض في المجلس ، والتماثل بين البلدين إذا كانا في جنس واحد .
* هذه الصور الجائزةعلى نحو ما سبق هل تسعف فيما نحن بصدده من عمليات التوريق التي تجرى في الواقع أم لا بد من تطوير أدوات أو أوراق مالية مناسبة شرعاً .
وأن الصور الجائزة من بيع الدين لغير من هو عليه عند الحنفية استثناء من عدم الجواز ، والقائمة على الوكالة والحوالة ، هل تسعف أيضا فيما نحن بصدده ، وبخاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن الجهة المصدرة للأوراق المالية (التوريق) قد تكون هي نفسها المستخدم النهائي للتمويل ، وقد تكون مجرد وكيل أو وسيط فتتحول الموارد المالية المتجمعة إلى بنك آخر أو مشروع استثماري معين .
وعلى هذا النحو :
تكون كلمة الفقهاء قد اتفقت على عدم جواز بيع أو تمليك الدين النقدي ( أياً كان سبب وجوبه في الذمة) الثابت في الذمة المؤجل السداد نقودا ، ومن ثم امتناع تداوله وذلك لسريان أحكام الصرف عليه بشروط من الحلول والتقابض .
ويدخل في الصور الممنوعة شرعاً :
التعامل بسندات القرض أو الخزينة أو حسم الكمبيالات أو سندات ديون المرابحة ونحوها من سندات الديون النقدية أيا كان مصدرها .
أما بيع الدين السلعي أو المديونية العينية المتعلقة بالأعيان فنحن مع من أجازه من الفقهاء (رواية عن أحمد وقول ثان عند الشافعية) وهو ما اختاره ورجحه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم . جاء فيالاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية:ويجوز بيع الدين في الذمة من الغريم وغيره ، ولا فرق بين دين السلم وغيره ،وهو رواية عن أحمد ([1]) .
وإليك ما أصدرتـه ندوة البركة الثانية والعشري،ن وقد شاركت فيها – بخصوص " التوريق": .
ضوابط إصدار الصكوك للتمويلات الإسلامية
وبخاصة الإجارة والاستصناع والسلم
أ ) إصدار الصكوك الإسلامية:
إن صكوك ( سندات ) التمويل والاستثمار الإسلامي أصبحت الحاجة ملحة إليها لإيجاد نواة للسوق الثانوية للعمل المصرفي الإسلامي. لأنها تنَشط الاستثمار لتوافر إمكانية التسييل بالتداول والاسترداد عند حاجة حملة الصكوك.
ب) صكوك المضاربة والمشاركة:
يجوز إصدار صكوك مضاربة ومشاركة.وفقا للضوابط الشرعية التي صدر بها قرار مجمع الفقه الإسلامي الأول رقم 30 ( 4/5 ) ويستفاد مع هذه الضوابط في إصدار أي صكوك أخري سواء كانت استثمارية أو تمويلية.
ج) صكوك الإجارة:
يجوز إصدار صكوك إجارة تمثل ملكية الأعيان الموجرة للمستفيدين من منافعها؛ ويستحق حامل الصك حصة في أجرة هذه الأعيان بنسبه ما تمثله الصكوك التي يملكها من حصة في الأعيان المؤجرة.
وكذلك يجوز إصدار صكوك إجارة تمثل منافع الأعيان القابلة للتأجير سواء كانت : إجارة تشغيلية أو منتهية بالتمليك. ويستحق حامل الصك حصته من مقابل هذه المنافع للمستفـيدين فيها ( المستأجرين من الباطن ) تتناسب مع قيمة ما يملكه حامل الصك في هذه المنافع ويقتضي تأجيرها إجارة منتهية بالتمليك للمستفيد من المنفعة أن يكون عقد الإجارة الأول منتهيا بالتمليك.
ويجوز أيضا إصدار صكوك تمثل الخدمات المختلفة : كالحراسة والعلاج والتعليم والعمالة.
ويملك حامل الصك منافع مقدمي تلك الخدمات. ويعيد تأجيرها للمستفيدين منها فعلا بأجرة تحقق عائداً للصكوك. ويستحق حامل الصك نسبة من مقابل إعادة التأجير تتناسب مع ما يملكه من منافع ( خدمات ) الأشخاص.
د) صكوك الاستصناع:
يجوز إصدار صكوك استصناع يصدرها البائع بالاستصناع على أن تمثل هذه الصكوك حصصا في موجودات مختلفة من الأصول ( الأعيان ) المملوكة للبائع من مبان (أصول ثابتة) ومن معدات ومواد خام بالإضافة إلى ديونه لدي المستصنعين والنقود التي يقبضها منهم في صورة دفعات من ثمن الاستصناع علي أن تكون الغلبة للموجودات العينية (المادية والمعنوية)
المشار إليها أعلاه.
ويكون عائد هذه الصكوك هو الفرق بين تكلفة الأعيان المصنعة وثمن بيعها ، وتستهلك تلك الصكوك بإنهاء مدتها ، حيث يرد مصدر الصكوك التي حملتها القيمة حسب التنضيض الحكمي عند الاستهلاك ( الإطفاء ).
وأما المستصنع فلا يجوز له إصدار صكوك قابله للتداول لأن ما يملكه لدي الصانع هو التزام بتسليمه الشى الموصوف في الذمة. وهو دين لا يمكن تداوله. ولا مانع من إصدار صكوك استصناع تمثل ثمن الاستصناع او البضاعة المستصنعة إذا كانت مغلقه ( غير قابله للتداول ) يحتفظ بها المستثمرون حتى نهاية الإصدار ( استهلاك الصكوك ).
ه) صكوك السلم :
لا يجوز إصدار صكوك قابلة للتداول سواء كان مصدرها هو البائع سلما لأنه يملك نقودا. هي رأس مال السلم. أو كان مصدرها هو المشتري لأنه ( كالمستصنع ) يملك سلعا موصوفة في الذمة وهي دين لا يمكن تداوله.
لا مانع من إصدار صكوك السلم تمثل ثمن السلم أو البضاعة المشتراة بالسلم. إذا كانت مغلقه (غير قابله للتداول ) يحتفظ بها المستثمرون حتى نهاية الاستثمار ( استهلاك الصكوك ).
ولا يتغير الحكم المشار إليه أعلاه بالنسبة لصكوك الاستصناع من المستصنع أو صكوك السلم باختيار القول بجواز بيع المسلم فيه قبل قبضته لأنه سينتقل إلي المشتري الجديد دينا فلا يصح التداول أيضا.
ثالثا: تنظيم التجمعات المصرفية من أجل التمويل syndication
بين المصارف الإسلامية بعضها البعض وبينها وبين البنوك التقليدية من أجل المشروعات الصغيرة والمتوسطه.
التمويل المصرفي الُمجمَع ظاهرة حديثه في السوق الدولية:
يعتبر تكوين التجمعات المصرفية من أجل التمويل ظاهره حديثه سائدة في السوق الدولية وذلك التجمع بهدف التقليل من المخاطر الاقتصادية والقانونية ، والاستفادة من التقنية المصرفية الحديثة ، وتحقيق الوفورات الاقتصادية المتحصلة من التركز الاقتصادي ، وضبط العلاقات القانونية الناشئة عن هذا الاتفاق.
بناء التَجمع المصرفي:
تلجا الجهة طالبة التمويل إلي أحد البنوك يسمي "البنك المنظم" أو "المنسق" الذي يسعى إلي تكوين التجمع المصرفي ، أي عمليه التمويل من حيث: المبلغ والعملة والمدة والربح وفترة السحب وجدول رد المبلغ والضمانات ووكيل العملية. وعند توقيع الاتفاق أو العقد النهائي تنتهي مهمة البنك المنظم وتبدا مهمة البنك "الوكيل" حيث يتولى إدارة التمويل المُجمَع وتمثيل البنوك أعضاء التجمع المصرفي.
ومما يجب التأكيد عليه أن هذا التجمَع المصرفي يتم دون تكوين رأس مال خاص به حيث يكون التزام كل بنك بتقديم حصته في التمويل منفردا ، ويعتبر غير متضامن في علاقته مع باقي البنوك قبل الممول.
ويأخذ نقل الحقوق والالتزامات التي يقوم بها البنك عضو التجَمع المصرفي الذي تغيرت ظروفه إحدي طريقتين:
1)
طريقة المشاركة من الباطن.
2)
النزول عن المشاركة علي أساس حوالة الحق إذا توافرت شروطها وبخاصة إذا كان البنك المتنازل قد سدد حصته بالكامل ، ويتم هذا التنازل طبقا لشروط اتفاقية التجمَع المصرفي.
ويلاحظ أن التجمع المصرفي إذا كان وسيلة هامة ورئيسة لتوزيع المخاطر الاقتصادية ، فإنه في ذات الوقت من العوامل التي تودي إلي زيادة المخاطر القانونية حيث إن أعضاء التجمع متعددي الجنسية ، ومن ثم يجوز للعديد من الدول صاحبة السلطة أن تتدخل في
عملية التمويل في أي وقت ولا خلاف في أن ذلك سيؤثر علي العلاقات المتعددة داخل التجمع المصرفي ، هذا فضلا عن مشكلة تنازع القوانين وهل يخضع التجمع لقانون بلد العقد الأصلي أم قانون محل السداد.
المصارف الإسلامية والتمويل المصرفي الُمجمَع[2]
علي ضوء ما سبق من الطرح السائد في الواقع العملي فإن المصارف الإسلامية تستطيع أن تمارس التمويل المصرفي المجمع وفقا لآليته فيما بينها نظرا لالتزاماتها بالأدوات والصيغ التي لا تخالف حكما شرعياً.
المحور الخامس: متطلبات النجاح الخمسة للمؤسسات والمنشاّت في التمويل والتمول كمؤشر تقيمي.
متطلبات النجاح الخمسة هي:
1.
تحليل البيئة الخارجية وتهيئة البيئة القانونية[3]للعمل المصرفي الإسلامي ، وإعادة النظر في القوانين المحلية التي تقيد من انطلاقة القطاع المالي المصرفي وتقيد من قنوات تدفق رأس مال.
2.
نظام فعَّال لحماية المودعين ، وما يستلزمة من الشفافية والإفصاح ، ودقة الرقابة وشموليتها ، وتقويم الآداء والتأمين التعاوني على الودائع ، ووجود مؤسسات مسانده لضمان الودائع الاستثمارية علي أسس التأمين التعاوني.
3.
بناء تنظيمي قوي وملائم وتنمية الموارد البشرية وإعادة تأهيلها.
4.
العمل الدؤوب والسعي الحثيث لإنشاء والتوسع في السوق المالية الإسلامية لتداول الصكوك الإسلامية ، والقيام بدورها في خدمة أهداف التنمية والإسهام في إيجاد الوسائل المناسبة لتوظيف السيولة الفائضة وانتقال رؤوس الأموال داخل بلدان العالم الإسلامي إقليمياً وعالمياً[4].
5 - حتمية تكامل المؤسسات المصرفية الإسلامية
أولا: جوهر وطبيعة النشاط المصرفي الإسلامي :
المصرف الإسلامي باعتباره جزءا من الجهاز المصرفي وتمثل عملياته وأدواته جزءا من الوسائل المتاحة لتنفيذ السياسة النقدية والمالية والاقتصادية يقوم في نشاطه علي أساس من قاعدتي : الخراج بالضمان وقاعدة الغرم بالغنم أي المشاركة في الربح والخسارة ومن ثم لا يعتمد علي سعر الفائدة في التعامل.
1) المصرف الإسلامي مضارب أصلاً ويضارب تبعاً :
يضارب ويتجر في أموال المودعين مقابل نسبة شائعة معلومة من الربح المتحقق . وذلك إما بتقديم أموال المودعين مضاربة لرجال الأعمال والمستثمرين أو تقديمها لشريك في مشروع تجاري أو زراعي أو صناعي ... إلخ أو تشغيل أموال المودعين في عمليات البيوع المختلفة ومنها الآجلة والسلم والاستصناع والإجارة.
والمصرف الإسلامي في كل ذلك ملتزم بالأحكام الشرعية التي تراقب تطبيقها الهيئات الشرعية المتخصصة.
2) على أساس جوهر وطبيعة نشاط المصرف الإسلامي :
السابق تحديدها فإنه ليس هناك إلتزام من قبل المصرف تجاه المودعين والعملاء برد أموالهم كاملة إليهم إلا إذا أهمل المصرف أو قصر أو تعدى وهذا هو الأساس العادل الذي يحكم علاقة بالمصرف وينظم حالات المسؤولية فيها.
لذا تختلف المصارف الإسلامية عن البنوك التقليدية في الأمور الجوهرية التالية :
أ) نبذ الفوائد الربوية بأشكالها المختلفة أخذاً وإعطاءً.
ب) ممارسة الإتجاز المباشر.
ج) ملكية أصول لغايات الإستثمار.
د) المشاركة المباشرة في مشاريع منتجة.
وتأسيساً على ذلك يبرز بشكل واضح التساؤل التالي وهو :
كيفية إخضاع المصارف الإسلامية لمجموعة من الأسس والمعايير الرقابية والتنظيمية والتوجيهية وفقا لطبيعة عملها[5].
ثالثا: عناصر تكامل المؤسسات المصرفية الاسلامية:
إن تكامل النظام المصرفي ينعكس حتما في تكامل المؤسسة القائمة علي ذلك النظام وتتحقق كنتيجة طبيعية لذلك الآثار التنموية وتصحيح المسار الاقتصادي وتتمثل أهم عوامل ذلك التكامل
المؤسسي فيما يلي:
1) رسالة وأهداف المؤسسات المصرفية الإسلامية :
إن تكامل النظام المصرفي الإسلامي في ذاته علي أساس من خصوصية المنهج وخصوصية الصيرفه/ المصرفية يحدد رسالة وأهداف المؤسسات المالية والمصرفية الإسلامية إذ:
-
تتمثل رسالة المؤسسات – وهي صمام الأمان – كما يعبر علماء التخطيط والاستراتيجية في الخصائص الفريدة التي تميزها عن غيرها من المنظمات النظيرة وتعبر هذه الرسالة عن الصورة الذهنية التي ترغب المنظمة في إسقاطها في أذهان الناس وهو ما سردناه فيما تقدم من خصائص.
-
أما الأهداف[6] فتتمثل في الدور الأساسي لهذه المؤسسات الذي يحقق مصلحة جميع الأطراف ذات العلاقة بهذة المؤسسات وصاحبة المصلحة وهي مثلثة الأضلاع:
¨المؤسسات المالية ذاتها .
¨المتعاملون معها .
¨البيئة / المجتمع الذي تعمل فيه تلك المؤسسات وتخضع لنظامه.
ولا شك أن الارتباط بالرسالة يحدد الأهداف والغايات وكلاهما يحقق مصلحة الجميع أي الأطراف الثلاثة المذكورة .
ومن هنا فإن الدور الأساسي لهذه المؤسسات والذي تلتقي عنده هذه المصالح مجتمعة ومن ثم يحدد هدفها هو أنه أن يكون توظيف / استخدام الأموال في وجوه التجارة والاستثمار( التنمية ) طبقاً لمقاصد الشريعة وأحكامها التفصيلية.
2) تحديد طبيعة الوساطة المالية في ممارسة المهنة المصرفية الإسلامية ودورها في التنمية:
البنك الإسلامي في ممارسته للوساطة فى توظيف واستخدام أموال المودعين لاتتسم بحيادية الوسيط التقليدي[7] إذ يمارس المهنة المصرفية بأدوات تجارية واستثمارية ومن ثم فهو طرف فاعل فى علاقاته المالية والاستثمارية ومن ثم فإن مزاولة البنك الإسلامي للمهنة المصرفية وعمليات التمويل يستخدم الأدوات المصرفية الإسلامية كالمرابحة والسلم والاستصناع
والمشاركة والمضاربة والإجارة مما يقتضى حتما التملك والبيع والشراء (التجارة ) باتفاق الفقهاء ، والقول بغير ذلك يزيد من أعباء تلك المؤسسات الناتجة عن إدارة مجوداتها من خلال كيانات أخرى مثل الشركات.
وتأسيساً على ذلك فإن البنوك الإسلامية تدخل طرفا مباشرا في المعاملات الشرعية بحسب نوعها وطبيعتها وما يتطلبه ذلك من تملك أصول ثابتة ومنقولة ، وذلك حتى تستطيع أن تؤدي دورها فى بناء قاعدة إنتاجية ، وتحقيق مصالح المتعاملين معها على أساس قاعد الربح والخسارة أو الغرم بالغنم التي لايجوز القول بأنها تُعرَض أموال الناس للخطر لأن الخطر يمكن التقليل منه أو حتى تلافيه بقواعد ونظم أخرى ، هنا تبرز أهمية وجود نظام رقابة فنَية فعال ، ونظام صناديق تأمين مخاطر الاستثمار ، مع ضرورة الالتزام في ممارسة الوساطة المصرفية من خلال ممارسة المهنة المصرفية بالشرائط الفنية البحتة مثل : مراعاة طبيعة مصادر التمويل وحجمه وتنوعه. وبكل ذلك تتحقق كفاءة تمثيل وظيفة الوساطة والتجاوب بفاعلية مع حاجات الاقتصاد وتقليل المخاطر.
3) العقود المشتقة من المعاني والتكامل فيها.
إن تنوع وتعدد الصيغ والأدوات التمويلية والاستثمارية فى ممارسة المهنة المصرفية الإسلامية يعتمد اعتمادا جوهرياً على تكاملها في ذاتها والتكامل فيما بينها على النحو التالي:
تكامل العقود في ذاتها:
إن المتأمل في أدوات وصيغ التمويل والاستثمار الإسلامي يجد أنها تتنوع إلى زمر أو حزم متجانسة متكاملة في ذاتها ، وهو ما يعَبر عنه فقهياً بالعقود المشتقة من معانيها كما يقول الإمام الرملي[8] وأسماء العقود المشتقة من المعاني لابد من تحقق تلك المعاني فيها.
وعلى هذا الأساس فالمرابحات مشتقة من الربح إذ هو جوهر هذه البيوع ؛ والسلم مشتق من تسليم رأس المال أي تعجيله ، وهو جوهر هذا البيع ؛ والاستصناع مشتق من الصنعة ؛ وهكذا في المشاركات والإجارة والمضاربة كلها مشتقة من معانيها التي يجب تحققها فيها.
4) تكامل العقود فيما بينها وتغطية أشكال الإنتاج المختلفة:
فضلا عن تكامل العقد فى ذاته على نحو ما سبق فان حزم العقود وزمرها تتكامل فيما بينها، فهناك زمرة أو حزمة البيوع التي تناسب التجارة القائمة على السلع والخدمات والاتجار فيها، وهناك داخل حزمة البيوع تتكامل الأدوات فمثلاً : في المرابحة السلعة حاضرة مملوكة للبائع والثمن حال أو مؤجل أو مقسط. وفي السلم السلعة غائبة موصوفة والثمن حال حاصر ؛ وفى الاستصناع السلعة موصوفة والثمن حال أو مؤجل.وهكذا تتكامل العقود بصيغها وأحكامها بحسب الحاجة والحال ؛ على المستوى الجزئي والأفراد والمؤسسات ، وعلى المستوى الكلى للدولة ، ومن هنا كان من لوازم تكامل صيغ العقود تنوعها أيضاً : ألا يصح الاعتماد كلية على صيغة منفردة واحدة ، وإلا تخلف المقصد والغاية والهدف ، ولم تتحقق الرسالة المنشودة في الاقتصاد[9].
[1] مجموع الفتاوي 29/506 – المنثور في القواعد 2/160 – 161 – الاختيارات للبعلي ص 131 – إعلام الموقعين 4/3 – المسائل الماردينية .
[2] للاستئناس انظر ندوه البركة التاسعة للاقتصاد الإسلامي فتوى رقم 9/1 .
[3] للمزيد من التفصيل انُظر علي محسن يوسف – بحث: تحليل للبيئة الخارجية للمنظمات دراسة تحليلية منظور معاصر – منشور في مجلة آفاق اقتصادية المجلد 20 العدد 79 لسنة 1420 هـ - 1999 م ص 123 وما بعها.
[4] انظر د.حمد الكساسبه – ما هبة السوق الإسلامية لرأس المال وإمكانية تطويرها – بحث مقدم لندوة التنمية من منظور إسلامي – عَمان فبراير 1991 م مشار إليه في عبد الرزاق إلهيتي – المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق ص 708ط 1998 م ط دار أسامة للنشر – عَان.
[5] نثير فقط هذا التساؤل لأهميته ولكن الإجابة عليه تخرج عن نطاق هذا البحث.
[6] أنظر د. محسن الخضيري – البنوك الإسلامية ص29 الهدف التنموي للبنك الإسلامي – ط1995 ايتراك للنشر - مصر
[7]0 لمزيد من التفصيل حول أهمية الوساطة المالية أنظر د. عبد الله الجهنى الكشى – تطور النظم المصرفية وأثره على النمو الاقتصادى فى دول مجلس التعاون الخليجي م . آفاق اقتصادية. العدد186 لسنة 1421 هــ - 2001 م
[8] حاشية الرملي على أسني المطالب ح2 ص122.
[9] في تنظيم الإنتاج في الفقة وأثره في التنمية الاقتصادية أنظر د.سعيد أبو الفتوح بسيوني – الحرية الاقتصادية في الإسلام وأثرها في التنمية ص325 وما بعدها ط دار الوفاء – المنصورة مصر – وفى أشكال الملكية ودورها في الإنتاج – أنظر كتابنا – الملكية وضوابطها في الإسلام ط. مكتبة وهبة – مصر – وأصول الاقتصاد الإسلامي ط سنة 2001 – ط دار الرواي بالمملكة العربية السعودية
في تنظيم الإنتاج في الفقة وأثره في التنمية الاقتصادية أنظر د.سعيد أبو الفتوح بسيوني – الحرية الاقتصادية في الإسلام وأثرها في التنمية ص325 وما بعدها ط دار الوفاء – المنصور مصر – وفى أشكال الملكية ودورها في الإنتاج – أنظر كتابنا – الملكية وضوابطها في الإسلام ط. مكتبة وهبة – مصر – وأصول الاقتصاد الإسلامي ط سنة 2001 – دار الرواي بالمملكة العربية السعودية