إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 10-29-2016, 04:28 PM
  #1
محمد نبيل سعيد
 الصورة الرمزية محمد نبيل سعيد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
العمر: 43
المشاركات: 300
Icon27 الإحتيال الوظيفي وصفات المحتالين

الاحتيال يعتبر من أهم التحديات التي تواجه المؤسسات الخاصة والعامة وغير الهادفة للربح، فهو يهدر المال والموارد ويعيق الأداء ويلحق الضرر بالمؤسسة وبسمعتها وبمصداقيتها وبقدرتها التنافسية. وهذا الضرر قد يكون له أثر مالي مباشر يمكن قياسه أو غير مباشر صعب قياسه، وقد يكون الضرر أيضاً غير مالي.

أظهرت دراسة أجرتها جمعية فاحصي الاحتيال المعتمدين الأمريكية (Association of Certified Fraud Examiners – ACFE) والتي نشرت في عام 2014 أن المؤسسات حول العالم تخسر حوالي 5% من إيراداتها السنوية (3.7 تريليون دولار أميركي) نتيجة الاحتيال. الجمعية قامت بدراسة 1483 حالة احتيال وظيفي حدثت في مؤسسات موجودة في 100 دولة حول العالم، وتبين أن الخسائر في 22% منها تجاوزت المليون دولار أمريكي.

وقد أشار اتحاد الغرف التجارية الأمريكية (U.S. Chamber of Commerce) في إحدى الدراسات أن الاحتيال الوظيفي كان السبب الرئيس في ثلث حالات فشل الشركات، وأن 75% من الموظفين سرقوا من الشركات التي يعملون بها على الأقل مرة واحدة في حياتهم الوظيفية، وأن نصف هؤلاء الموظفين يسرقون بشكل متكرر. وفي دراسة أخرى قديمة قامت بها إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة في المحاسبة الجنائية (Michael G. Kesseler & Associates) تم الإشارة فيها إلى أن 79ظھ‏ من الموظفين أقروا أنهم سرقوا أو أنهم يرغبون بسرقة الشركات التي يعملون بها.

*ما هو الاحتيال؟

تناول العديد من الكتاب والمتخصصين العرب موضوع “الاحتيال” (Fraud) بشكل عام و “الاحتيال المالي” (Financial Fraud) بشكل خاص، وقلة منهم تناول بشكل دقيق موضوع “الاحتيال الوظيفي” (Occupational Fraud) والذي يطلق عليه في بعض الأحيان “الاحتيال الداخلي” (Internal Fraud). وللأسف البعض لم يُفرق بدقة بين “الاحتيال المالي” و “الاحتيال الوظيفي” واعتبرهما نفس الشيء.

يوجد عدة تعريفات للاحتيال متبناه من قبل الكثير من الجمعيات المهنية حول العالم، وكلها أشارت إلى وجود ثلاثة صفات في الاحتيال:

-فعل مقصود

-ينتج عنه ضرر لطرف ومنفعة لطرف آخر

-فعل غير قانوني

بحسب الاتحاد الدولي للمحاسبين القانونيين: “الاحتيال فعل مقصود من قبل واحد أو أكثر من أفراد الإدارة أو أولئك المكلفين بالرقابة أو الموظفين أو أطراف ثالثة، ينطوي على اللجوء إلى الخداع للحصول على منفعة غير عادلة أو غير قانونية”، وبحسب جمعية المحاسبين القانونيين الامريكية (AICPA): “الاحتيال فعل مقصود يؤدي إلى أخطاء مادية في البيانات المالية التي تخضع لتدقيق الحسابات”، بينما معهد المدققين الداخليين الأمريكيين (IIA) عرف الاحتيال على أنه: “أي أعمال أو تصرفات غير قانونية أو غير مشروعة تتسم بالغش أو الخداع أو الإخفاء أو انتهاك الثقة، ولا تعتمد مثل تلك الأعمال أو التصرفات على استخدام التهديد باستخدام العنف أو القوة المادية”.

الاحتيال قد يرتكب من قبل أطراف أو مؤسسات مختلفة بقصد الحصول على المال أو الممتلكات أو الخدمات أو لتجنب الدفع أو تفادي خسارة الخدمات أو من أجل ضمان الحصول على مزايا شخصية أو تجارية.

*الفرق بين “الاحتيال المالي” و “الاحتيال الوظيفي”

للاحتيال عدة تصنيفات، وأحد هذه التصنيفات مبني على وجود أثر مالي للاحتيال من عدمه، فعند وجود أثر مالي يسمى “احتيال مالي”، وعند عدم وجود أثر مالي يسمى “احتيال غير مالي” مثل الاحتيالات اللاانسانية والذي يرتكبه شخص لا يبالي من تأثير احتياله على شعور وعواطف الآخرين الإنسانية. وهناك تصنيف أخر للاحتيال مبني على وجود أو عدم وجود علاقة وظيفية لـ “المُحتال” بالمؤسسة، فإذا كان المُحتال موظفاً في المؤسسة سواء أكان مالكاً أو مديراً أو موظفاً، فأي احتيال يقوم به يسمى “احتيال وظيفي”، وأي احتيال يقوم به أي شخص لا تربطه علاقة وظيفية بالمؤسسة مثل الزبائن والموردين والمستثمرين والهاكرز وغيرهم يسمى “احتيال غير وظيفي”.


*
الكثير من أعمال “الاحتيال الوظيفي” تعتبر أيضاً “احتيال مالي” لأن لها أثر مالي، والعكس صحيح إذا كان المحتال موظفاً في المؤسسة. وحتى نفرق بدقة أكبر بين “الاحتيال الوظيفي” و”الاحتيال المالي” لنأخذ المثال التالي لإحدى طرق الاحتيال الشائعة حالياً وهو الاحتيال عبر أجهزة الصراف الآلي من خلال مسح البطاقات، حيث يقوم المحتال بتركيب أجهزة على جهاز الصراف الآلي للحصول على تفاصيل حساب بطاقات عملاء بنك معين وتسجيل الرقم السري الذي قام العميل بإدخاله، ثم يقوم باستخدام هذه المعلومات لإجراء عمليات سحب نقدي غير مشروعة باستخدام بطاقات مزورة. ففي هذه الحالة يسمى هذا النوع من الاحتيال “احتيال مالي” وليس “احتيال وظيفي” إذا لم تربط المحتال أي علاقة وظيفية بالبنك. مثال آخر احتيال “غسل الأموال”، حيث يعتبر بشكل عام “احتيال مالي” وليس “احتيال وظيفي”، إلا إذا كان هناك تواطئ بين المحتال وموظف من داخل المؤسسة. والمقصود بغسل الأموال الاحتيال بغرض جعل المال “غير الشرعي” والناتج عادة عن أنشطة إجرامية “مالاً شرعياً” من خلال إدخاله في النظام المالي بغرض إخفاء مصادر هذه الأموال.

جمعية فاحصي الاحتيال المعتمدين الأمريكية عرفت “الاحتيال الوظيفي” على النحو التالي: “استغلال المنصب الوظيفي في المؤسسة للإثراء الشخصي من خلال تعمد سوء استخدام أو استغلال موارد أو أصول المؤسسة”.

أخطاء شائعة في بعض المصطلحات

الكثير من الناس يعتبر أن “الغُش” هو نفسه “الاحتيال”، وهذا خطأ شائع للأسف، حيث أن “الغُش” أحد وسائل ارتكاب “الاحتيال”. و”الغُش” نقيض “النُصح”، وهو نوع من أنواع الخيانة، لأن فيه إخفاء للواقع وإظهار لخلافه، ويتحقق الغُش بإخفاء العيب أو تزيينه لتضليل طرف آخر.

من المهم معرفة الفرق أيضاً بين “الاختلاس” و “خيانة الأمانة”، وبين “الاختلاس” و “السرقة”. يعتبر “الاختلاس” صورة من صور “خيانة الأمانة”، والمختلس يجب أن تتوفر فيه صفة معينة وهي أن يكون موظفاً، بينما هذه الصفة ليست شرط توفرها لدى خائن الأمانة، فقد يخون أحد الزبائن أو الموردين الأمانة وهنا لا يسمى مختلساً. وللتوضيح أكثر، وعلى سبيل المثال في “الاختلاس” يفترض أن المال موجود بين يدي الموظف بسبب وظيفته، أما في حالة “خيانة الأمانة” فتقتضي أن يكون المال مسلماً إلى شخص مستأمن بمقتضي عقد من عقود الأمانة. وفي حالة “السرقة” لا يكون السارق مسؤولاً عن ذلك المال أساساً

وهذا ما يجعله يختلف عن “الاختلاس” مهما كان أسلوب السرقة. فعلى سبيل المثال لو فقدت مؤسسة أحد أجهزتها وكان الذي أخذ الجهاز بطريقة غير قانونية موظفاً فيسمى مختلساً، أما إذا كان الذي أخذ الجهاز بطريقة غير قانونية من غير موظفي المؤسسة فيسمى سارقاً.

أنواع الاحتيال الوظيفي

جمعية فاحصي الاحتيال المعتمدين الأمريكية قامت بتصنيف “الاحتيال الوظيفي” على النحو التالي:

1- الفساد (Corruption) مثل الرشوة، وتضارب المصالح، والإكراميات غير القانونية، والرشوة بالإكراه، والعمولة الخفية، وافتعال عمل مناقصة أو مزايدة.

2- اختلاس الأصول (Asset Misappropriation) مثل السرقة، سرقة التحصيلات النقدية قبل التسجيل، إخفاء العجز في النقدية، والتزوير، وسوء الاستغلال، والصرف غير النظامي، والتلاعب بالسجلات المحاسبية.

3- احتيال القوائم المالية (Financial Statements Fraud) مثل تعظيم أو تقليل الأصول والإيرادات، وتقليل أو تعظيم الالتزامات والمصاريف، والتلاعب بالافصاحات المالية.


* *
وحيث أن جميعها له أثر مالي فيمكن اعتبارها أيضاً “احتيال مالي”. قد يتساءل البعض وهل يوجد احتيال وظيفي غير هذه الأنواع ولا يعتبر “احتيال مالي”؟ والجواب نعم إذا لم يترتب على الاحتيال أي أثر مالي يمكن قياسه مثل “التدخل لتوظيف شخص مكان شخص آخر” و “الإساءة المتعمدة لزميل في العمل”.

يوجد تصنيف آخر لـ “الاحتيال الوظيفي” مبني على الغرض منه وعلى النحو التالي:

*1- الاحتيال بغرض تحقيق منفعة للمؤسسة والذي تتحقق المنفعة الشخصية للمحتال عن طريق استغلال ميزة غير منصفة أو غير أمينة قد تخدع أي طرف خارجي، مثل بيع أو التنازل عن أصول وهمية أو صورية أو مختلفة في حقيقتها عن البيانات التي تم الإدلاء بها، والإدلاء المتعمد بإفادات وبيانات أو تقييمات غير سليمة عن الصفقات أو الأصول أو الخصوم أو الدخل، والامتناع المتعمد عن تسجيل أو الإفصاح عن أي معلومات هامة بقصد تحسين الصورة المالية للمؤسسة أمام الأطراف الخارجية، والاحتيال الضريبي.

2- الاحتيال بغرض الإضرار بالمؤسسة من أجل تحقيق مصلحة مباشرة أو غير مباشرة لأحد الموظفين في المؤسسة مثل قبول الرشاوى أو العمولات أو الإكراميات غير القانونية، وتحويل إحدى الصفقات التي يحتمل أن تحقق أرباحاً للمؤسسة إلى أحد الموظفين في المؤسسة، والاختلاس.

صفات المحتالين في الاحتيال الوظيفي

في كتابه الاحتيال المالي، أشار الدكتور عدنان عابدين إلى أنه من الصعب أن نميز بين الموظف المحتال وبين الموظف الأمين المستقيم. فالعديد من صفات المحتالين الشخصية تشابه صفات الأمناء والمستقيمين من الناس، حيث أن جرائم الاحتيال تختلف عن الجرائم ضد أرواح الناس والجرائم الأخلاقية والجسدية.*

تناولت عدة دراسات عالمية صفات المحتالين بشكل عام وصفات المحتالين في “الاحتيال الوظيفي”، فعلى سبيل المثال قامت شركة الاستشارات العالمية كي بي إم جي (KPMG) في عام 2013 بدراسة 526 حالة احتيال وظيفي حدثت في 78 دولة، وتبين من خلال الدراسة أن 33% من المحتالين تتميز شخصياتهم بالانفتاح، و35% بالألفة والود، و39% يحظون بالاحترام الشديد في مؤسساتهم ومن قبل زملائهم في العمل. وأشارت نفس الدراسة أن من سماتهم العامة التالي:

1- أعمارهم ما بين 35 إلى 55 عاماً (70% من الحالات).

2- استمر عملهم مع المؤسسة لمدة تزيد عن 6 أعوام (41% من الحالات).

3- يتعاونون مع موظفين آخرين في ارتكاب عمليات الاحتيال (70% من الحالات تم ارتكابها بمساعدة شخص واحد على الأقل).

4- لا يعيرون المؤسسات التي يعملون بها اهتماماً كبيراً.

5- يشغلون مناصب تمنحهم صلاحيات خاصة بعمليات مؤسسية مهمة.

وفي دراسة أخرى لنفس الشركة في عام 2011 تم دراسة 348 حالة احتيال وظيفي حدثت في 69 دولة، تبين أن 87% من المحتالين رجال، و60% من المحتالين يعملون في الإدارة التنفيذية العليا، و36ظھ يعملون في إدارة المحاسبة والمالية و32% في المبيعات والعمليات و9% في المشتريات و11% كان المحتال هو الرئيس التنفيذي للمؤسسة.

وفي دراسة جمعية فاحصي الاحتيال المعتمدين الأمريكية التي نشرت في عام 2014 كانت صفات المحتالين على النحو التالي:

1- * *42 % موظفين، و36.2% مدراء، و18.6% تنفيذيين أو ملاك للمؤسسة. كان متوسط خسائر الشركة المالية من احتيالات الموظفين 75,000 دولار أمريكي، والمدراء 130,000 دولار أمريكي، والتنفيذيين والملاك 500,000 دولار أمريكي. فكلما علا المستوى الوظيفي للمحتال تزداد خسائر الشركة لقدرته على تجاوز الأنظمة والصلاحيات.
2- *60.1 % أعمارهم بين 36-55 سنة.

3- *66.8 % رجال و33.2% نساء. كان متوسط خسائر الشركة المالية من احتيالات الموظفين الرجال 185,000 دولار أمريكي، والنساء 83,000 دولار أمريكي.

4- *52.5 % عملوا في المؤسسة أكثر من خمس سنوات.

5- *5 % من المحتالين سبق إدانتهم بجرائم سابقة.

إن شاء الله سأتناول في مقالات لاحقة كيفية مكافحة الاحتيال الوظيفي.

بقلم: علاء عبد العزيز أبونبعه – الكويت

خبير في التدقيق الداخلي والرقابة ومكافحة الاحتيال.
__________________
[frame="8 80"]
محاسب / محمد نبيل سعيد
عضو جمعية الضرائب المصرية
عضو الجمعية المصرية للمالية العامة والضرائب
[/frame]
محمد نبيل سعيد غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:43 PM