تداول الشيك والوفاء بقيمته
1. تداول الشيك
إن انتقال الشيك، يكون وفقًا للشكل، الذي يصدر به. فإذا كان الشيك لحامله، فإنه يُتَداوَل بالمناولة. أما إذا كان الشيك إذنياً، أو لأمر شخص معين، فلا بدّ من تظهير ناقل للملكية، كتابة، على ظهر الشيك، بما يفيد انتقاله إلى المحال إليه. وكلما ازداد التظهير في الشيك، ازدادت التوقيعات، التي يحملها، وازداد، استطراداً، الضمان المقرر له؛ إذ يضمن كل مظهر الوفاء بالشيك، متى امتنع المصرف المسحوب عليه عن الدفع.
ويختلف الشيك عن الكمبيالة، من حيث كونه وسيلة وفاء مستحقة الدفع لدى الاطلاع. إضافة إلى أن مدة تقديمه للوفاء قليلة نسبياً؛ ما يجعل حياته، غالباً، أقصر من حياة الكمبيالة. وهذا يرجع إلى جعله واجب الدفع دائماً، بمجرد الاطلاع.
وفي أغلب الحالات، يكون تظهير الشيك للمصرف، كي يتولى تحصيله، نيابة عن حاملة؛ وذلك في مقابل عمولة تحصيل، يحصل عليها المصرف.
وجدير بالذكر أنه إذا لم يستوف التظهير سوى توقيع المظهِّر، فإنه يفترض أن نيَّةَ المظهر، اتجهت إلى التظهير.
2. الوفاء بقيمة الشيك
إن عملية سحب الشيك، تفترض وجود علاقة سابقة، بين الساحب (الدائن) والمسحوب عليه، المصرف (المدين).
والشرط الأساسي في هذه العلاقة، أن يكون رصيد الساحب لدى المصرف، مساوياً لقيمة الشيك، وقابلاً للتصرف فيه.
وبناءً على ذلك، إذا كان لعميل عدة حسابات لدى مصرف واحد، ثم أصدر شيكاً على أحد هذه الحسابات، فإنه لا يجوز للمصرف، إذا كان الحساب المسحوب عليه الشيك، لا يسمح بالوفاء، أن يسحب من الحسابات الأخرى، التي بها أرصدة دائنة، لكي يغطي مبلغ الشيك.
وبذلك، يُعَدّ الشيك شيكاً من دون رصيد، ما لم يكن هناك اتفاق بين المصرف والعميل، يقضي بوحدة الحسابات. وإصدار شيك من دون رصيد هو جريمة، يعاقب عليها القانون، في مختلف دول العالم.
ولإثبات عدم وجود رصيد للشيك، في المصرف المسحوب عليه، يطلب حامل الشيك رداً من المصرف على الشيك نفسه، بما يفيد تقديمه في التاريخ المحدد بمقتضاه، إلى المصرف المسحوب عليه، وإفادته بعدم وجود رصيد للساحب، يغطي مبلغ الشيك.
بعد ذلك، يستوفي حامل الشيك الإجراءات القانونية، بموجب الشيك والرد الموجود عليه، والرجوع إلى المستفيد، للوفاء بقيمة الشيك.
أخطار الشيك، ووسائل الحدّ منها
هناك عدة أخطار، يتعرض لها المتعاملون بالشيك، تفرض اتخاذ الاحتياطات للحدَ منها.
1. خطر انعدام مقابل الوفاء، أو عدم كفايته
لتلافي هذا الخطر، يتعين على المستفيد، أن يطلب من الساحب اعتماد الشيك، قبل إصداره؛ وذلك لإلزام المصرف المسحوب عليه بحبس مقابل الوفاء، في مصلحة المستفيد، حتى فترة انقضاء ميعاد تقديم الشيك.
هناك عدة صور لخطر ضياع الشيك، أو تزويره:
أ. ضياع الشيك
ويقصد بضياع الشيك، زوال اليد عنه، ويكون هذا الزوال، إما بسبب غير إرادي (كالسرقة والإكراه)، أو بسبب إرادي، من طريق النصب.
وأشهر مثال على ضياع الشيك، من دون ورود تزوير عليه، حالة ضياع الشيك لحامله؛ وذلك لأنه لا يحتاج إلى التزوير، لكي يصرفه.
ب. ضياع الشيك وتزويره
قد يُسرَق نموذج الشيك من دفتر الشيكات، الذي سلَّمه المصرف لفرد، أو منشأة. ثم يعمد سارقه إلى تزوير إمضاء صاحب الحساب، ويحرره في مصلحته، أو مصلحة شخص آخر، حسن النية، يتقدم به إلى المصرف، مطالباً الوفاء.
وقد يُسرَق شيك، حرره الساحب، باسم المستفيد، ويُسرق الشيك منه. فيلجأ السارق إلى تزوير توقيع المستفيد، ويجري تظهيره في مصلحته.
ج. تزوير الشيك، من دون ضياعه
والفرض الغالب في تزوير الشيك، من دون ضياعه، أن يُصدر الساحب شيكاً لشخص مستفيد، ويبادر الأخير إلى تغيير المبلغ المستحق الوفاء بالشيك، ليصبح أكبر من المبلغ الأصلي، الذي حُرِّر الشيك به.
3. الحد من أخطار السرقة والضياع
بالنسبة إلى ضياع الشيك، من دون تزويره، أو ضياعه وتزويره، فإنه على الساحب أن يعارض الوفاء بقيمة الشيك لدى المسحوب عليه، بمجرد اكتشافه واقعة الضياع.
فإذا عارض الساحب، تعين على المصرف المسحوب عليه، الامتناع عن دفع قيمة الشيك؛ إضافة إلى تجميد المقابل، ريثما يُفصَل في صحة المعارضة المقدمة من الساحب، من عدمها. وإذا لم تقع المعارضة، فإنه يصعب على المصرف رفض الوفاء بقيمة الشيك، للحامل، متى كان لديه مقابل وفاء كافٍ.
أما بالنسبة إلى عملية التزوير، من دون ضياع الشيك، فإنه يستحيل على الساحب، أن يعارض الوفاء بقيمة الشيك، لعدم استطاعته التنبؤ بعملية التزوير.
ولتجنب هذا النوع من الأخطار، فإنه على المصرف، أن يتخذ واجبات الحيطة، التي يقررها العرف، مثل التحقق من سلامة الورقة، ومقابلة التوقيع الوارد عليها، بنموذج توقيع العميل، في المصرف.
هذا وقد عُنيت المواد الآتية، بعد، من قانون التجارة الموحد، لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالشيك، من حيث:
(1) أركانه، المواد من 568 إلى 577.
(2) تعدد النسخ والتحريف، المواد من 578 إلى 580.
(3) تداول الشيك بالتظهير، المواد من 581 إلى 587.
(4) الضامن الاحتياطي، المادة 588.
(5) وفاء الشيك، المواد من 589 إلى 599.
(6)الشيك المسطر، والشيك المقيد في الحساب، المواد من 600 إلى 602.
(7) الامتناع عن الوفاء، المواد من 603 إلى 606.
(8) التقادم، المواد من 607 إلى 610.
(9) الادعاء المدني في جرائم الشيكات، المادة 611.
تأثير التطور التكنولوجي في مستقبل الشيك
أسفر التقدم التكنولوجي عن إيجاد بطاقات الائتمان، وآلات السحب، المتوافرة في أغلب دول العالم. ويستخرج المصرف هذه البطاقة لعميل لديه، إما بناءً على الثقة الائتمانية، التي له، أو بناء على وديعة للعميل، احتجزها المصرف، ويوازي مبلغها حدّ السحب للعميل، على البطاقة.
وعندما يسحب صاحب البطاقة (العميل) مبلغاً معيناً من آلات السحب، الموجودة في شوارع الكثير من دول العالم، فما عليه سوى إدخال الرقم السري للبطاقة في آلة، هي، في الحقيقة، وحدة حاسب آلي، مبرمجة، ومتصلة بغرفة الحاسب الآلي المركزية للمصرف. ويلجأ هذا الحاسب الآلي إلى الكشف عن رصيد العميل، صاحب البطاقة؛ فإذا كان يسمح بسحب المبلغ المطلوب، فإن الآلة تستخرجه، وفي الوقت نفسه، تخصمه من حساب العميل.
وهذه العملية نفسها، هي التي تؤديها الأجهزة الإلكترونية في المحلات، فتخصم على العميل قيمة البضاعة المشتراة، وتضيفها إلى حساب صاحب المتجر، لدى المصرف نفسه، أو لدى مصرف آخر.
وظهر نوع آخر من البطاقات، لا يمثل ائتماناً؛ ولكنه يمثل سحبًا من الحساب الجاري. وعادة ما يستخدم لصرف المرتبات، في الشركات والهيئات الكبيرة.
وأصبحت هذه البطاقات منتشرة، ومتنوعة، ومتعددة، بصورة مذهلة؛ ما قد يؤدي إلى التأثير في الشيك، والحدّ من استخدامه، في المستقبل، ليصبح قاصرًا على الوفاء بالمبالغ الضخمة فقط.