إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-18-2009, 06:37 PM
  #21
khaled88
 الصورة الرمزية khaled88
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 360
افتراضي مشاركة: اللهم بلغنا رمضان

مكفرات الذنوب


بقلم: د. أحمد حسن



وقفتنا هذه المرة مع دعاء أولي الألباب ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ (193)﴾ (آل عمران).

وتكفير الذنوب: هو محو لأصل الذنب بالكلية أو محو لبعضه فلا يبقى له أثر بالكلية فضلاً من الله وتكرمًا.

أما مغفرة الذنوب: فهي وقاية شر الذنوب بسترها وتغطيتها عفوًا من الله ورحمةً، ولكنها مكتوبة في سجلات العبد.. يُذكِّره الله بها بلا حسابٍ عليها، وكفى بذلك تخويفًا.

- والاستغفار: هو دعاء بالمغفرة كمثل كل الدعاء إن شاء الله استجاب وإن لم يشأ لم يستجب جلَّ وعلا.
- والاستغفار: كلمة مطلقة تقيدها آية آل عمران ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)﴾ (آل عمران).
- والاستغفار مطلوبٌ في كل الأوقات لعله يوافق ساعات استجابة في الأوقات الفاضلة.
- وتدبر قول عائشة- رضي الله عنها-: "طوبي لمَن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا".
- ثم أُبشرك بمقولة نبيك صلى الله عليه وسلم "عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لزم الاستغفار جعل الله له من كلِّ همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب".

ومكفرات الذنوب ثمانية:
1- الدعاء مع الرجاء.
2- الاستغفار.
3- التوحيد.
4- اتباع السيئة الحسنة.
5- المصائب المكفرة للذنوب.
6- اجتناب الكبائر.
7- شفاعة النبي لأهل الكبائر من أمته.
8- نار جهنم- عياذًا بالله منها- لمَن لم يتطهر بالسبع السابقات.

والأسباب الثلاثة الأول يجمعهن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. عن أنس رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: "يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تُشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة".

والسبب الرابع ورد في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم من رواية أبي ذر عند الترمذي، وقال حديث حسن: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئةَ الحسنةَ تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".

والمعني: إذا فعلت سيئةً فأتبعها بحسنة، فهذه الحسنة تمحو السيئة، واختلف العلماء- رحمهم الله- هل المراد بالحسنة التي تتبع السيئة هي التوبة، فكأنه قال: إذا أسأت فتب أو المراد العموم؟

الصواب الثاني، أن الحسنة تمحو السيئة وإن لم تكن توبة، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)﴾ (هود)، ولما سأل رجلٌ النبي صلي الله عليه وسلم وقال: إنه أصاب من امرأةٍ ما يُصيب الرجل من امرأته إلا الزنا، وكان قد صلَّى معهم الفجر فقال صلى الله عليه وسلم: "أصليت معنا الفجر؟ قال: نعم، فتلا عليه الآية: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾"، وهذا يدل على أن الحسنة تمحو السيئة وإن لم تكن هي التوبة.

فيا من تحاول الاقلاع عن السيئات.. ولا تقدر.. أحدث بعد كل سيئةٍ حسنة، السر بالسر والعلانية بالعلانية.

السبب الخامس يوضحه حديث النبي- صلي الله عليه وسلم- الذي رواه أبو سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنهما: "ما يصيب المسلم من نصبٍ ولا وصبٍ ولا هم ولاحزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها الا كفَّر الله بها من خطاياه" (متفق عليه).. فقط استحضر عند صبرك على المصيبة نية أن يُكفِّر الله بذلك الصبر من خطاياك.

السبب السادس: يظهر في قوله تعالى ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا (31)﴾ (النساء).


فقط استحضر نية باجتنابك للكبائر أن يُكفِّر الله الصغائر، وتبقى الكبائر تحتاج إلى التوبة النصوح.

السبب السابع: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم للعصاة من أمته فعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" (صحيح).

"فأكرم به من نبي نسأل الله أن يجعلنا من أهل شفاعته فهو صاحب المقام المحمود عند ربه، وما كان الله ليخذل حبيبه يوم القيامة أبدًا.

أخي الحبيب.. إذا لم تُفدك السبعة السابقة!! فلم يبق لك إلا الثامنة.. نار جهنم- عياذًا بالله منها- يتطهر بها مَن استوجب النار بذنوبه حتى إذا نُقِّي وهُذِّب دَخَلَ الجنةَ مُطَّهرًا، فلا يفرح عاقلٌ بأنَّ مآله في النهاية إلى الجنة؛ لأن نارَ الدنيا جزءٌ من سبعين جزءٍ من نار جهنم.. نار أُوقد عليها ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتي ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودَّت فهي الآن سوداء مظلمة!!.

وقفات مع بعض مكفرات الذنوب
أ) الدعاء الذي تُكفَّر به الذنوب (كمثل كل صيغ الدعاء بالمغفرة وتكفير الذنوب التي وردت في الكتاب وصحيح السنة).. له شروط وآداب:
1- استحضر قلبك وارج الإجابة من الله تعالى: كما خرَّجه الترمذي من حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، وإن الله لا يقبل الدعاء من قلب غافل لاه".

وما دام العبد مخلصًا في الدعاء ويطمع في الإجابة من غير قطع الرجاء فهو قريبٌ من الإجابة، ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يُفتح له.

2- كن لحوحًا بالدعاء بالمغفرة: بتكرير ذكر ربوبيته، وهو من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء، ومن تأمَّل الأدعية المذكورة في القرآن وجدها غالبًا تفتتح باسم الرب جلَّ وعلا: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ (البقرة: من الآية 201)، ﴿رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ (آل عمران: من الآية 8)، ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا﴾ (البقرة: من الآية 286)، ومثل هذا في القرآن كثير.

3- لا تستعجل: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل: يقول: قد دعوت ربي فلم يستجب لي" (متفق عليه)، وفي رواية لمسلم: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أرَ يستجيب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء".

4- اسجد واقترب، واغتنم الأوقات الفاضلة كوقت السحر في جوف الليل الآخر، وادخل على مولاك من باب السجود، واستحضر دموع الندم لتكون واحدًا من السبعة الذين يظلهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله "ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضت عيناه..".

وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء" (رواه مسلم).
5- لا تيأس من هول الذنوب وعظمها: فإن عفو الله ومغفرته أعظم منها وأعظم فهي صغيرة في جنب رحمته التي وسعت كل شيء والله تعالي يقول: "أنا عند ظن عبدي بي" (حديث قدسي متفق عليه من حديث أبي هريرة).

ب) التوحيد الذي يغفر الله تعالى به الذنوب هو التوحيد الذي يخرج من قلب العبد كل ما سوى الله محبةً وتعظيمًا وإجلالاً ومهابةً وخشيةً ورجاءً وتوكلاً، وحينئذٍ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر، بل وربما قلبتها حسنات، فإن هذا التوحيد هو الإكسير الأعظم فلو وُضع منه ذرة على جبال الذنوب والخطايا لقلبها حسنات، كما في المسند وغيره عن أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا إله إلا الله لا تترك ذنبًا ولا يسبقها عمل".

فإن كمُل توحيد العبد وإخلاصه لله فيه وقام بشروطه كلها بقلبه ولسانه عند الموت وبجوارحه في حياته قبل الموت أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها ومنعه من دخول النار بالكلية والموحد، كما هو معلوم في عقيدة أهل السنة والجماعة لا يخلد في النار بل يخرج منها ثم يدخل الجنة برحمة الرحمن الرحيم.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يحيينا على التوحيد الخالص، وأن يقبضنا عليه.. آمين.
ج) لكي تكون من أهل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أسألك أخي الحبيب أن تتدبر أحاديث الحوض عند الامام مسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا رب أصحابي.. مناديًا على أُناسٍ مُنعوا من الحوض فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فيدعو عليهم رسول الله: "سحقًا سحقًا لمَن غيَّر بعدي" فاحذر أن تكون من هؤلاء الذين بدَّلوا شرعته وهجروا سنته فتُحرم شفاعته.


وها هي أيام الخير قد أقبلت، وأكرمنا الله ببلوغها.. فهل أعددنا لها توبةً نصوحًا؟، والله من وراء القصد.
khaled88 غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-18-2009, 06:39 PM
  #22
khaled88
 الصورة الرمزية khaled88
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 360
افتراضي مشاركة: اللهم بلغنا رمضان

ثمانية أعمال.. يستعد بها البيت المسلم لاستقبال رمضان








لم تبق إلا أيام معدودات، ويحل بنا شهر الخير والبركات، شهر كان رسولنا الكريم يحرص [ على تنبيه أصحابه إلى قرب قدومه، حتى يستعدوا له، فعن أبي هريرة، قال "كان رسول الله يقول "قد أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تُفتح أبواب الجنان، وتُغلق أبواب الجحيم، وتُغلّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم" (رواه أحمد).
إن شهراً هذه خصائصه، وتلك خيراته، لجدير بأن نفكر له، ونخطط لاستقباله، ولحقيق بأن نتلهف شوقاً للقائه، لما فيه من نفحات إيمانية، وروح ملائكية، وهبات إلهية، ومكرمات ربانية.

دعاء رسولنا الكريم في رجب

يخبرنا سيدنا أنس بن مالك،أن رسول الله كان إذا دخل رجب قال "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان".

السلف الصالح وشهر رمضان

وورد عن سلفنا الصالح أنهم كانوا يدعون ربهم ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم، فكان عامهم كله رمضان
والسؤال الآن هو كيف يستعد البيت المسلم لاستقبال شهر رمضان؟
ثمة أعمال يلزم أن يؤديها البيت المسلم، كي يُحسن استقبال هذا الشهر الكريم، وهذه الأعمال يمكن إيجازها في ثمانية أعمال هي :

أولاً وقفة محاسبة

وأعني بها أن يقف المسلم مع نفسه وقفة تقويمية، يحاسب فيها نفسه على ما أسرف من ذنوب ومعاصٍ، وعلى ما فرَّط في جنب الله، وعلى ما أضاع من وقت، وعلى ما قصَّر في الطاعات، يقول الحق سبحانه "يّا أّيٍَهّا الَّذٌينّ آمّنٍوا تَّقٍوا اللَّهّ ّلًتّنظٍرً نّفًسِ مَّا قّدَّمّتً لٌغّدُ ّاتَّقٍوا اللَّهّ إنَّ اللَّهّ خّبٌيرِ بٌمّا تّعًمّلٍونّ>18ّلا تّكٍونٍوا كّالَّذٌينّ نّسٍوا اللَّهّ فّأّنسّاهٍمً أّنفٍسّهٍمً أٍوًلّئٌكّ هٍمٍ الًفّاسٌقٍونّ "19 (الحشر).
إن خلوة المسلم بنفسه قبل رمضان، وبشكل دوري في سائر الأوقات لمحاسبتها عما بدر منها من الأقوال، والأفعال، ووزنها بميزان الشرع، لمن الأمور المهمة في التغيير الإيجابي في الشخصية المسلمة، كما أنها من علامات المؤمن. يقول الحسن البصري رحمه الله "لا تلقى المؤمن إلا بحساب نفسه ماذا أردت تعملين؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟ والفاجر يمضي قدماً لا يحاسب نفسه، ومن أقواله أيضاً أي الحسن البصري "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة همته".
وقال ميمون بن مهران "لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل "النفس كالشريك الخوَّان؛ إن لم تحاسبه ذهب بمالك".
وينبغي لرب البيت المسلم أن يبادر بذلك، ويبدأ بنفسه، حتى يكون قدوة لأهل بيته، ثم يدعو رعيته إلى ذلك، وينبههم إلى اغتنام فرصة رمضان، وذلك في جلسة خاصة، يكون قد خطط لها جيداً.
والمحاسبة لازمة لتقويم المسلم في جميع الأوقات؛ فينبغي أن يفرد لها المسلم وقتها، وألا يغفل عنها، فمما ذكره الإمام أحمد رحمه الله عن وهب، قال مكتوب في حكمة داود حق على العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه، ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عوناً على تلك الساعات، وإجماماً للقلوب".
وقد نبَّه الشاعر إلى فرح الإنسان بالدنيا وغفلته عن المحاسبة في قوله
إنا لنفرح بالأيام نقطعها
وكلُّ يوم مضى يُدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً
فإنما الربح والخسران في العمل

ثانياً : الاستغفار والتوبة

فكل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون، وما دام ابن آدم خطاء.. فلا بد أنه بعد المحاسبة سيقف على أخطائه ويحددها، ومن ثم يجب أن يسعى إلى الدعاء والاستغفار، كي يغفر الله عز وجل له، كما تجب عليه التوبة.. ولأهمية التوبة فقد أفردتُّ لها المقال السابق، وبقي لي أن أدعو نفسي وكل رُعاة البيوت المسلمة أن نقرأ جميعاً باب التوبة من كتاب رياض الصالحين، أو غيره من الكتب التي عالجت هذا الباب العظيم.

ثالثاً : تجهيز عدَّاد تنازلي يُوضع في مكان بارز في البيت

ينبغي استثمار القدرات الفنية للأولاد في تجهيز هذا العداد، وذلك يشعرهم بذواتهم، وبأنهم يقدمون شيئاً مفيداً، ويستثمرون به أوقاتهم ، وحبذا أن يكافئهم رب الأسرة، وهذا العداد قد يُجهز من بطاقات ورقية.. أو غير ذلك من الخامات، ويعلق في مكان بارز بالبيت، منذ منتصف شعبان، أو بعد مرور عشرين يوماً منه، وكلما مر يوم رُفعت البطاقة الورقية التي كتب عليها هذا اليوم وظهرت لأفراد البيت المسلم عبارة بقيت تسعة أيام، وفي اليوم التالي بقيت ثمانية أيام... وهكذا، وعلى من يرفع البطاقة أن ينبه بقية أفراد البيت إلى ذلك بصوت مسموع.

رابعاً : تدريب النفس والأهل والأولاد

وذلك على العبادات الرمضانية في شهر شعبان، كالصيام، والقيام، والصدقات... وغير ذلك.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان" (رواه البخاري).
فمن فوائد الصوم في شعبان أنه تمرين وتدريب على صيام رمضان، حتى لا يجد المسلم مشقة في صيام رمضان، بل يكون قد تمرّس على الصوم، فيدخل رمضان بهمّة ونشاط وقوة، فشعبان مقدّمة لرمضان، ومن ثمّ فمن المفيد لأفراد البيت المسلم أن يتدربوا على عبادات رمضان في شعبان، كالقيام، والصيام، وتلاوة القرآن، والصدقة... وغير ذلك، ولذلك كان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أكثر من قراءة القرآن.
وذكر بعض أهل العلم أن السبب في كثرة صيام النبي في شعبان أنه شهر يغفل الناس عنه بين شهرين عظيمين شهر رجب الفرد.. وهو من الأشهر الحرم، وشهر رمضان المعظّم، واستشهدوا برده على أسامة بن زيد عندما سأله عن كثرة صيامه في شعبان فقال "ذاك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" (رواه النسائي).

خامساً : إصلاح ذات البين

ويكفي المسلم هنا أن يُصغي إلى قول الله عز وجل فّاتَّقٍوا اللَّهّ ّأّصًلٌحٍوا ذّاتّ بّيًنٌكٍمً ّأّطٌيعٍوا اللَّهّ ّرّسٍولّهٍ إن كٍنتٍم مٍَؤًمٌنٌينّ (1) (الأنفال)، فإذا ما أصغى واستمع وأنصت ووعى، فلا بد من أن يستجيب ويُنفذ ويطيع ربه سبحانه ورسوله [، ومن ثم يسعى المسلم للتصالح والتسامح والتغافر مع أقاربه وأصدقائه، وجيرانه وزملائه، في العمل وسائر المسلمين.

سادساً : صلة الرحم

فإذا كان الشرع الحنيف دعانا إلى ذلك في سائر الأوقات، فإن ذلك في شهر رمضان أنفع وأنسب لاقتناص هذا الخير، قال تعالى محذراً من قطيعة الرحم فّهّلً عّسّيًتٍمً إن تّوّلَّيًتٍمً أّن تٍفًسٌدٍوا فٌي الأّرًضٌ ّتٍقّطٌَعٍوا أّرًحّامّكٍمً "22أٍوًلّئٌكّ الَّذٌينّ لّعّنّهٍمٍ اللَّهٍ فّأّصّمَّهٍمً ّأّعًمّى" أّبًصّارّهٍمً"23 (محمد).

سابعاً : تزويد البيت باحتياجاته

ويراعى في ذلك الاقتصاد في المطعم والمشرب، فرمضان شهر عبادات وطاعات وليس شهر ملذات وشهوات.

ثامناً : إظهار جمال البيت وتزيينه احتفالاً بقدوم الضيف العزيز

وذلك بزينة رمضان، وتعليق آيات من القرآن، والأحاديث، والأدعية، والأذكار، وعبارات الترحاب، ولذلك أثر كبير في تحبيب رمضان إلى نفوس الأطفال والكبار.

منقول
khaled88 غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-18-2009, 06:41 PM
  #23
khaled88
 الصورة الرمزية khaled88
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 360
افتراضي مشاركة: اللهم بلغنا رمضان

لا تقنطوا من رحمة الله

د. صلاح الخالدي



قال الله عز وجل: ﴿قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (الزمر: 53).. ترغِّب هذه الآية المذنبين في التوبة والاستغفار، وتدعوهم إلى الرجوع إلى الله، وعدم اليأس والقنوط من رحمة الله.
وإن وقوع المسلم في الخطأ والذنب متوقَّع، وليس مستبعدًا؛ لأن الإنسان ضعيف أمام الإغراءات والشهوات، كما قال تعالى: ﴿وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾ (النساء: 28)، ولم يجعل الله العصمة إلا لأنبيائه ورسله- عليهم الصلاة والسلام- فهم الذين حفظَهم وصانَهم، وعصَمَهم من الوقوع في الذنوب أو المعاصي أو الأخطاء؛ لأنهم قدوةٌ لأتباعهم، ويبلغونهم شرع الله.

أما غير الأنبياء والمرسلين فهم عرضةٌ للوقوع في الذنوب والمعاصي؛ حتى لو كانوا من كبار العلماء أو قادة الأولياء، أو من السابقين من الصحابة والتابعين!! وهذا دليل ضعف الإنسان وعجزه وقصوره وحاجته إلى الله!!

والفرق بين ذنب الصالح وذنب الطالح أن ذنب الطالح المفرِّط المقصِّر يكون بقصد وتعمد وتوجُّه وتصميم، فهو يفكر فيه ويبحث عنه ويطلبه ويخطط له، ويتفاعل معه، ويرتكبه برضى وقبول، في الوقت الذي يكره فيه العبادة والطاعة والفضيلة والعفة.. أما الصالح التقي فإنه يجاهد نفسه لعدم الوقوع في الذنب، ويأخذ بها نحو العبادة والعمل الصالح، ويحذر المعاصي والذنوب.. ومع ذلك قد يضعف ويغفل فيقع في الذنب، ويكون هذا بدون قصد أو تعمد.. ثم إنه سرعان ما يصحو ويتذكر فيعرف خطأه ويعترف بذنبه، ويسارع إلى التوبة والاستغفار، وعلى هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ (الاعراف: 201).

وإن الله عليم حكيم، خلق الإنسان بهذا الضعف؛ ولذلك يدعوه إلى سرعة الرجوع إليه، وعدم الارتكاس في المعصية، والركون إلى الذنب، والقنوط من رحمة الله.

ينادي الله عباده المقصرين الذين أسرفوا على أنفسهم بالمعاصي ويرغِّبهم في التوبة، ويحثهم على الاستغفار، ويتحبب إليهم سبحانه قائلاً: يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم، لا تقنطوا من رحمتي، ولا تيأسوا من مغفرتي، واحذروا أن يخدعَكم الشيطان، وإياكم أن تيأسوا من فضلي.. هلموا وتعالوا إليَّ، وأقبلوا عليَّ، وأنا أقبلكم وأغفر لكم كل ذنوبكم ومعاصيكم؛ لأني أغفر الذنوب جميعًا.

أرأيتم هذا الترغيب من الله لعباده في التوبة والاستغفار؟! وهذا التحبب من الله لهم!! وهذه الفرصة الجديدة التي يتيحها.. وكم يخسر الذين لا ينتهزون الفرصة ويرفضون التوبة!!
khaled88 غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-19-2009, 01:53 AM
  #24
أبو ريناد
مشارك ذهبى
 الصورة الرمزية أبو ريناد
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 221
افتراضي مشاركة: اللهم بلغنا رمضان

ممتاز يا أستاذ خالد
جزاك الله خيراً
و كل عام و أنت بخير
__________________
أبو ريناد غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-19-2009, 12:03 PM
  #25
khaled88
 الصورة الرمزية khaled88
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 360
افتراضي مشاركة: اللهم بلغنا رمضان

نويت الصيام في رمضان
]

بقلم: عبد الله الحامد


اللهم أهلَّه علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام، هي أيامٌ معدوداتٌ تمضي أسرع من البرق.. أيام نكون فيها على موعد مع طاعة الله في شهر القرآن ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (البقرة: من الآية 185)، فهل نويت صوم رمضان هذا العام؟! وهل نويت صيام الشهر كله؟! وهل عقدت العزم على ذلك؟!

سؤال يعتقد الجميع أنه بسيطٌ، وأن إجابته بسيطة أيضًا، وربما يتعجَّب البعض من كيفية وصيغة السؤال، ولكني أحببت أن أقف وقفاتٍ تربويةً من زاوية مختلفة، وأحب أن تقف أخي المسلم معي تلك الوقفات التربوية حول نية صيام شهر رمضان، فافتح قلبك وعقلك لتلك الوقفات، واستحضر ما قاله ابن القيم عن صيام رمضان؛ "فهو لجام المتَّقين، وجُنَّة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقرَّبين، وهو لربِّ العالمين من بين سائر الأعمال، فإنَّ الصائم لا يفعل شيئًا، وإنَّما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذُّذاتها إيثارًا لمحبَّة الله ومرضاته، وهو سرٌّ بين العبد وربه، لا يطَّلع عليه سواه، والعباد قد يطَّلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأمَّا كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده؛ فهو أمر لا يطَّلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم".

من هنا نبدأ
هي وقفة قبل البدء نريد أن نستشعر ما أراده الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" ولذلك فإن نقطة البدء حدَّدها لنا صلى الله عليه وسلم وهو يضع أهم قاعدة يقوم عليها عمل المسلم بقوله: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، وهذه هي نقطة الانطلاق في حياة المسلم، فهو لا يؤدي عملاً دنيويًّا كان أم أخرويًّا من قول أو فعل أو جهاد إلا وهو يقصد به وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته وحسن مثوبته، من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر، لا ينتظر محمدةً من الناس ولا ثناءً منهم عليه، ولا يخاف لومهم وذمهم وعتابهم له، بل يريد الله والجنة، ومن أجل ذلك كانت نية المؤمن خيرًا من عمله، ويبلغ العبد بنيته ما لا يبلغه بعمله، ونية الخير باقية أبدًا لا تتوقف وإن توقف العمل، وقاصد الخير يثاب بنيته وإن لم يُصِبْ المراد، والنيات تحوِّل العادات إلى عبادات ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ (الكهف: من الآية 110).

ماذا أنت فاعل؟!
لقد أقبل علينا شهر التوبة والرحمة، شهر الإحسان والزهد، شهر الخيرات والبركات، تُرى ماذا أنت فاعل في رمضان؟ أتكون من المقبلين التائبين؟ أتكون من الطائعين الخاشعين؟ أتكون من الذاكرين الله آناء الليل وأطراف النهار والمستغفرين بالأسحار؟ أتكون من القائمين بالليل والناس نيام؟ أتكون من الزاهدين قاطعي النفس عن التلذذ بالمشتهيات؟!.. أم تكون من القانعين بعملهم؟ أم تكون من المكتفين بصيام العوام؟ أم تكون من السالكين درب الدعة والراحة في شهر الجد؟! وحبيبك يقول: "لا يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة"، فلا منتهى لفعل المؤمن في الطاعة والعبادة لله، ولا منتهى لطمعه في الخير حتى ينال حب الله وفي الحديث القدسي خير حافز "ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه".

معذرة ولكن
يتساءل الكثير من المسلمين لماذا يدخل رمضان ويخرج ولا تتحقق فيه التقوى المذكورة في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾ (البقرة)، ونجد البعض الآخر يشكو أن قلبه لا يخشع في مجالس الذكر، ولا يبكي لما يبكي له غيره، بالرغم من أنهم صاموا الشهر كله، وأنهم توقفوا عن الأكل والشرب والجماع من الفجر إلى المغرب.. إنه حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم: "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش".

من أجل ذلك نقول لكل مسلم: معذرة أخي الحبيب.. عُدْ فصم؛ فإنك لم تَصُم كما ينبغي، فأحسِن إلى نفسك بإحسان الصيام وإتقانه، فجدِّد أخي صيامك وأعدَّه من جديد، وفق ما أراد الله وشرع لنا، فهل نويت الصيام أم تنوي معي الآن نية الصيام كما يحب ربنا ويرضى؟!.

أي صيام؟!
نعم نويت الصيام.. لكن أي صيام؟! الغالبية منا يركِّزون في صيامهم على تحقق ركن الصيام الأساسي من الامتناع عن الطعام والشراب والجماع من الفجر إلى المغرب، وهذا ما تعارف عليه المسلمون ويحافظون عليه، وفيه قال ميمون بن مهران "إن أهون الصوم ترك الطعام والشراب" وقد يرتقي المسلم في صيامه فيضيف إلى ما سبق أن يمتنع عن معصية الله عز وجل طوال اليوم بما يحقق له التقوى المنشودة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾ (البقرة).

أريدك أخي الحبيب أن تشاركني فيما أردته من صومي، لقد نويت الصيام في رمضان صومًا يحقق منزلة التقوى، لقد نويت الصيام في رمضان صومًا يجلب لي رحمة الله ومغفرته وعتقه من النيران، لقد نويت الصيام في رمضان صيامًا يرتقي بصاحبه في درجات الجنان، لقد نويت الصيام في رمضان صومًا يمنع صاحبه من الوقوع في معاصي الله مساءً وصباحًا، لقد نويت الصيام في رمضان صومًا يخرجني شخصًا آخر بعد رمضان، لقد نويت الصيام في رمضان صومًا يقترب بي من صوم خصوص الخصوص؛ بأن يصوم القلب عما سوى الله عز وجل، فلا يفكر إلا في الله ولا يتعلق قلبه إلا بالله، هذا هو الصوم الذي نويت صيامه في رمضان، يقول الشاعر:
أهل الخصوص من الصوام صومهمم *** صون اللسان عن البهتان والكذب
والعارفون وأهل الأنس صومهمو *** صون القلوب عن الأغيار والحجب

نويت الصيام
إليك أخي الحبيب صور الصيام الذي نويته في رمضان:
* نويت الصيام في رمضان إيمانًا واحتسابًا.. إيمانًا بوجوبه.. واحتسابًا واستشعارًا بالأجر عند الله؛ انطلاقًا من قوله صلى الله عليه وسلم: "الغيبة تفسد الصوم" ولن أقع في السخرية أو اللمز والغمز أو التنابز بالألقاب؛ لقوله تعالى: ﴿وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ﴾ (الحجرات: من الآية 11)، ولن أقع في لعنة الناس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء"، وسأجعل الصوم حاكمًا على لساني وحابسًا له؛ حتى لا يكون سببًا في المؤاخذة بين يدي الله، متذكرًا قول الحبيب: "وهل يكب الناس على وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم".

* نويت الصيام في رمضان.. فلن أسمح لأذني أن تصول وتجول في كل ميدان تتسمَّع فيه ما يغضب الله، بل هو كفُّ السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه؛ لأن كل ما حرُم قوله حرُم الإصغاء إليه؛ لقوله تعالى ﴿وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ﴾ (التوبة: من الآية 47)، ولقوله ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ (الأنعام: من الآية 68)، قال الحارث المحاسبي: "وليس من جارحة أشد ضررًا على العبد بعد لسانه من سمعه؛ لأنه أسرعُ رسول إلى القلب، وأقربُ وقوعًا في الفتنة، "ولن أسمح لأذني أن تتسمَّع لكل ما هو حرام من أغانٍ ومجونٍ وفحش قول، وغيبة ونميمة؛ امتثالاً لوصية عمرو بن عتبة: "نزِّه سمعك عن استماع الخنا كما تنزِّه لسانك عن الكلام به، فإن السامع شريك القائل"، وقد أجمع علماء القلوب على أن طول الاستماع إلى الباطل يطفئ حلاوة الطاعة من القلب، وأن حب الغناء وترديده والتعلق به يصرف عن العبد أنوار القرآن وحلاوة الذكر، قال عبد الله بن مسعود: "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل".

* نويت الصيام في رمضان.. فلن أبالغ في الاستماع للأناشيد والكلمات التي لا فحش فيها ولا سوء؛ لأن التجاوز فيها عن الحدِّ والترنُّم بها في الخلوات بديلاً عن الترنم بآيات القرآن؛ يؤدي عكس المطلوب منها ويضر بصاحبها.

* نويت الصيام في رمضان.. فلن أطلق العنان لبصري صباحًا أو مساءً، بل سأكفُّه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يُذم ويُكرَه، وإلى كل ما يشغل القلب، ويلهي عن ذكر الله عز وجل، مستشعرًا قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، فمن تركها خوفًا من الله آتاه الله إيمانًا يجد حلاوته في قلبه".

* نويت الصيام في رمضان.. بأن أجعل سيري ومشيي لله، إما في حاجة مسلم؛ لقوله: "ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام"، وإما في عيادة مسلم؛ لقوله: "إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة الجنة حتى يجلس، فإذا جلس غمرته الرحمة"، وإما في اتباع جنازة؛ لقوله: "من تبع جنازة حتى يصلي عليها كان له من الأجر قيراط، ومن مشى مع الجنازة حتى تدفن كان له من الأجر قيراطان، والقيراط مثل أحد"، وإما إلى مسجد للصلاة؛ لقوله: "أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى" وقوله "من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة، ومن مشى إلى صلاة تطوع فهي كعمرة نافلة" وإما زيارة أخ في الله "زار رجل أخًا له في قرية، فأرصد الله له ملكًا على مدرجته، فقال: أين تريد؟ قال: أخًا لي في هذه القرية، فقال: هل له عليك من نعمة تربها؟ قال: لا إلا أني أحبه في الله. قال: فإني رسول الله إليك أن الله أحبك كما أحببته"، وإما في دعوة الخلق وهداية الناس؛ لقوله "من دعا إلى هدى فله أجرها وأجر من علم بها إلى يوم القيامة"، وإما جهادًا ودعوة في سبيل الله؛ لقوله "ما اغبرَّت قدما عبد في سبيل الله إلا حرَّم الله عليه النار"، وإما سعيًا في طلب الرزق "إن الله تعالى يحب أن يرى عبده تعبًا في طلب الحلال‏" وإما سعيًا في طلب العلم؛ لقوله "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع".

* نويت الصيام في رمضان.. بأن أجعل يدي يدًا عليا، تعمل الصالحات وتحرث الخير، أو ترحم وتعطف وتحنو؛ لقوله "وامسح رأس اليتيم"، أو تعمل في الكسب؛ لقوله: "أطيب الكسب عمل الرجل بيده"، أو تكتب خيرًا للناس، أو تتصدَّق بصدقة، أو ترفع للإسلام رايةً، أو تميط الأذى عن الطريق، أو تصافح المؤمنين لتتناثر الذنوب مع المصافحة؛ لقوله "إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلَّم عليه وأخذ بيده فصافحه؛ تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر"، وألا أجعلها يدًا سفلى تعبث في المعاصي، أو تخطَّ حرفًا في حرام أو تكتب ما يغضب الله في صحيفة أو عبر النت، أو تحرِّك شهوةً، أو تقدِّم رشوةً، أو ترفع سلاحًا على مسلم، أو أن تبطش به ظلمًا وجورًا، أو تُعين على معصية، أو أن تزني لقوله: "واليد زناها اللمس" وقوله "واليد زناها البطش"، أو أن تمس امرأة أجنبية.

* نويت الصيام في رمضان.. فلا شهوة للبطن في رمضان، فلن أُكثر من الطعام وإن كان حلالاً، ولن أملأ جوفي منه، بل صيام بلا سرف في طعام وشراب لقول الفاروق عمر "إياكم والبطنة في الطعام والشراب؛ فإنها مفسدة للجسد، مورِّثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما؛ فإنه أصلح للجسد، وأبعد من السرف، وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين، وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه".

* نويت الصيام في رمضان.. بكف كل الجوارح عن الآثام، سواءٌ الأذن أو العين أو اللسان أو اليد أو الرجل أو البطن أو غير ذلك، والكفّ لها عن الشهوات والشبهات على السواء، وسأسعى لكسر الشهوة بالليل كما كسرتها بالنهار، ولله درُّ جابر حين قال: "إذا صُمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودعْ أذى الجار، وليكُن عليك وقارٌ وسكينةٌ يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء"، لله در الحكيم: "مثل القلب مثل بيت له ستة أبواب، فاحذر أن يدخل عليك من أحد الأبواب شيء، فيفسد عليك البيت، فالقلب هو البيت، والأبواب: اللسان، والبصر، والسمع، والشم، واليدان، والرجلان، فمتى انفتح باب من هذه الأبواب بغير علم ضاع البيت"، فمن جمع بين صوم البطن والفرج والجوارح فقد فاز وسبق غيره من الصائمين، وإلا فما أرخص الصوم الزائف.

إذا لم يكن في السمع مني تصاون وفي بصري غضُّ وفي منطقي صمت
فحظي إذًا من صومي الجوع والظمأ وإن قلت أني صمت يومي فما صمتُ

هكذا نويت الصيام في رمضان، فهل تنوي معي أخي الكريم أن نصوم رمضان هذا العام بهذه الكيفية، وأن نجعل صيام رمضان هذا العام مختلفًا عن سابقه؟
khaled88 غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-19-2009, 11:13 PM
  #26
احمد مرسي
 الصورة الرمزية احمد مرسي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
العمر: 56
المشاركات: 850
افتراضي مشاركة: اللهم بلغنا رمضان

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة khaled88 مشاهدة المشاركة
[overline]
[fot1]
[fot1] كل عام وانتم جميعا بخير واحسن صحة[/fot1]
[/overline]
[/fot1]
__________________
[frame="7 50"][glow1=#00ff09]
[/glow1][/frame]
احمد مرسي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-20-2009, 07:58 AM
  #27
walidgamal75
مشارك ماسى
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
الدولة: القاهرة
المشاركات: 344
افتراضي مشاركة: اللهم بلغنا رمضان

اللـــــــــــــــــــــــــــــــــــــهم آمين
تقبل الله منا و منكم أجمعين
__________________
[fot1][blur][a7la1=#ff00ae]وليد جمال[/a7la1][/blur][/fot1]


جزاكم الله خيرا
walidgamal75 غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-20-2009, 01:45 PM
  #28
alaasalama
مشارك ذهبى
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
العمر: 48
المشاركات: 200
افتراضي مشاركة: اللهم بلغنا رمضان

كل عام وانتم بخير
__________________

alaasalama غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-21-2009, 01:51 PM
  #30
khaled88
 الصورة الرمزية khaled88
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 360
افتراضي مشاركة: اللهم بلغنا رمضان

khaled88 غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:08 PM