إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 03-13-2010, 04:43 AM
  #1
eskandrany
 الصورة الرمزية eskandrany
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
الدولة: اسكندرية
المشاركات: 1,486
افتراضي جوانب اقتصادية من بيت سعيد بن عامر




جوانب اقتصادية من بيت سعيد بن عامر



عرف الصحابي الجليل سعيد بن عامر بأنه من المتواضعين المتواصلين المخبتين، المجتهدين بالأسحار، الذاكرين الله كثيراً، المجاهدين في سبيله.. فقد شهد مع الرسول – صلى الله عليه وسلم - جميع المشاهد والغزوات، وفي عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب – رضى الله عنه - رغب في تعيين واليا لحمص في بلاد الشام، ففكر مليا ثم قال : إلي بسعيد بن عامر، وعندما جاء وعرض عليه ولاية حمص، اعتذر سعيد، وقال : يا أمير المؤمنين نشدتك الله ألا تفتنني، فغضب عمر وقال: ويحكم وضعتم هذا الأمر في عنقي ثم تخليتم عني!!. والله لا أدعك. ثم ولاه على حمص وقال: ألا نفرض لك رزقًا؟ قال: وما أفعل به يا أمير المؤمنين؟! فإن عطائي من بيت المال يزيد عن حاجتي.

وانطلق سعيد بن عامر إلى حمص ومعه زوجته العروس الفائقة الجمال، والتي لم يحل جمالها أن تعيش مع زوجها في بيت الزهد شيمته، والإيمان يغطي جوانبه، طمعا فيما عند الله ورسوله. حتى وفد على أمير المؤمنين بعض من يثق بهم من أهل حمص، فقال لهم: اكتبوا لي أسماء فقرائكم حتى أسد حاجتهم. فرفعوا كتابًا فإذا فيه فلان وفلان وسعيد بن عامر. فقال: ومن سعيد بن عامر؟! فقالوا: أميرنا. قال: أميركم فقير؟! قالوا: نعم، ووالله إنه لتمر عليه الأيام الطوال ولا يوقد في بيته نار. فبكى عمر حتى بللت دموعه لحيته، ثم عمد إلى ألف دينار فجعلها في صرة وقال: إقرؤوا عليه السلام مني، وقولوا له: بعث إليك أمير المؤمنين بهذا المال لتستعين به على قضاء حاجاتك.

ولما جاء الوفد لسعيد بالصرة فنظر إليها فإذا هي دنانير، فجعل يبعدها عنه وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون – كأنما نزلت به مصيبة أو نازلة– فهبت زوجته المؤمنة الصابرة مذعورة وقالت: ما شأنك يا سعيد؟! أمات أمير المؤمنين؟! قال : بل أعظم من ذلك، قالت: أأصيب المسلمون في وقعة؟! قال: بل أعظم من ذلك. قالت: وما أعظم من ذلك؟! قال: دخلت علي الدنيا لتفسد آخرتي، وحلت الفتنة في بيتي. قالت: تخلص منها – وهو لا تدري من أمر الدنانير شيئًا – قال: أوتعينينني على ذلك؟ قالت: نعم. فأخذ الدنانير فجعلها في صرر ثم وزعها على فقراء المسلمين.

ولم يمض على ذلك وقتا طويلا حتى أتى عمر بن الخطاب - رضي الله- عنه ديار الشام يتفقد أحوالها فلما نزل بحمص لقيه أهلها للسلام عليه فقال: كيف وجدتم أميركم؟ فشكوه إليه أمورا، كل واحد منها أعظم من الآخر. قال عمر: فجمعت بينه وبينهم، ودعوت الله ألا يخيب ظني فيه؛ فقد كنت عظيم الثقة به. فلما أصبحوا عندي هم وأميرهم، قلت: ما تشكون من أميركم؟ فكان مما قالوا : لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار. فقلت: وما تقول في ذلك يا سعيد؟ فسكت قليلا، ثم قال: والله إني كنت أكره أن أقول ذلك، أما وإنه لا بد منه، فإنه ليس لأهلي خادم، فأقوم في كل صباح فأعجن لهم عجينهم، ثم أتريث قليلا حتى يختمر، ثم أخبزه لهم، ثم أتوضأ وأخرج للناس. قال عمر: فقلت لهم: وما تشكون منه ايضًا؟ قالوا: إنه لا يجيب أحدا بليل. قلت: وما تقول في ذلك يا سعيد؟ قال: إني والله كنت أكره أن أعلن هذا أيضًا. فأنا قد جعلت النهار لهم والليل لله عز وجل. قلت: وما تشكون منه أيضًا؟ قالوا: إنه لا يخرج إلينا يوما في الشهر. قلت: وما هذا يا سعيد؟ قال: ليس لي خادم يا أمير المؤمنين، وليس عندي ثياب غير التي علي، فأنا أغسلها في الشهر مرة وأنتظرها حتى تجف، ثم أخرج إليهم في آخر النهار. فقال عمر: الحمد الله الذي لم يخيب ظني به.

رحمك الله يا سعيد ورحم زوجك، فقد أبيت رغم كونك وليا لحمص أن يكون لك خادما، ودفع حبك لزوجك أن تكون في خدمة أهلك، وزهدت في أن يكون لك أكثر من ثياب، فكونت بحق نموذج للاقتصاد والزهد والايثار.


مقال للدكتور / أشرف دوابه

رئيس قسم العلوم الإدارية والمالية بكلية المجتمع جامعة الشارقة
.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
عضو جبهة علماء الأزهر
عضو الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع


__________________


eskandrany غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:30 PM