بسم الله الرحمن الرحيم
أقسم بالله
لم أجد كلمات شكر و ثناء
تقابل هذا المجهود الجبار
و أدعوا الله
أن يغفر لك ذنبك و يوسع لك فى دارك
و يبارك لك فى رزقك
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1صلاة المريض
إن الصلاة لا تترك أبدا؛ فالمريض يلزمه أن يؤدي الصلاة قائما، وإن احتاج إلى الاعتماد على عصا ونحوه في قيامه؛ فلا بأس بذلك؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
فإن لم يستطع المريض القيام في الصلاة؛ بأن عجز عنه أو شق عليه أو خيف من قيامه زيادة مرض أو تأخر برء؛ فإنه - والحالة ما ذكر - يصلي قاعدا.
ولا يشترط لإباحة القعود في الصلاة تعذر القيام، ولا يكفي لذلك أدنى مشقة، بل المعتبر المشقة الظاهرة.
وقد أجمع العلماء على أن من عجز عن القيام في الفريضة؛ صلاها قاعدا، ولا إعادة عليه، ولا ينقص ثوابه، وتكون هيئة قعوده حسب ما يسهل عليه، لأن الشارع لم يطلب منه قعدة خاصة؛ فكيف قعد؛ جاز.
فإن لم يستطع المريض الصلاة قاعدا، بأن شق عليه الجلوس مشقة ظاهرة، أو عجز عنه، فإنه يصلي على جنبه، ويكون وجهه إلى القبلة، والأفضل أن يكون على جنبه الأيمن، وإن لم يكن عنده من يوجهه إلى القبلة، ولم يستطع التوجه إليها بنفسه؛ صلى على حسب حاله، إلى أي جهة تسهل عليه.
فإذا لم يقدر المريض أن يصلي على جنبه؛ تعين عليه أن يصلي على ظهره، وتكون رجلاه إلى القبلة مع الإمكان.
وإذا صلى المريض قاعدا، ولا يستطيع السجود على الأرض، أو صلى على جنبه أو على ظهره كما سبق؛ فإنه يومئ برأسه للركوع والسجود، ويجعل الإيماء للسجود أخفض من الإيماء للركوع. وإذا صلى المريض جالسا وهو يستطيع السجود على الأرض؛ وجب عليه ذلك، ولا يكفيه الإيماء.
والدليل على جواز صلاة المريض على هذه الكيفية المفصلة ما أخرجه البخاري وأهل السنن من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه؛ قال: (كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: " صل قائما، فإن لم تستطع؛ فصل قاعدا، فإن لم تستطع؛ فعلى جنبك زاد النسائي: " فإن لم تستطع، فمستلقيا{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
وهنا يجب التنبيه على أن ما يفعله بعض المرضى ومن تجرى لهم عمليات جراحية، فيتركون الصلاة بحجة أنهم لا يقدرون على أداء الصلاة بصفة كاملة، أو لا يقدرون على الوضوء، أو لأن ملابسهم نجسة، أو غير ذلك من الأعذار، وهذا خطأ كبير؛ لأن المسلم لا يجوز له ترك الصلاة. إذا عجر عن بعض شروطها أو أركانها وواجباتها، بل يصليها على حسب حاله، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}
وبعض المرضى يقول: إذا شفيت؛ قضيت الصلوات التي تركتها، وهذا جهل منهم أو تساهل؛ فالصلاة تصلى في وقتها حسب الإمكان، ولا يجوز تأخيرها عن وقتها، فينبغي الانتباه لهذا، والتنبيه عليه، ويجب أن يكون في المستشفيات توعية دينية، وتفقد لأحوال المرضى من ناحية الصلاة وغيرها من الواجبات الشرعية التي هم بحاجة إلى بيانها.
وما سبق بيانه هو في حق من ابتدأ الصلاة معذورا، واستمر به العذر إلى الفراغ منها، وأما من ابتدأها وهو يقدر على القيام، ثم طرأ عليه العجز عنه، أو ابتدأها وهو لا يستطيع القيام، ثم قدر عليه في أثنائها، أو ابتدأها قاعدا، ثم عجز عن القعود في أثنائها، أو ابتدأها على جنب، ثم قدر على القعود؛ فإنه في تلك الأحوال ينتقل إلى الحالة المناسبة له شرعا، ويتمها عليها وجوبا؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} فينتقل إلى القيام من قدر عليه، وينتقل إلى الجلوس من عجز عن القيام في أثناء الصلاة... وهكذا.
وأن قدر على القيام والقعود، ولم يقدر على الركوع والسجود، فإنه يومئ برأسه بالركوع قائما، ويومئ بالسجود قاعدا؛ ليحصل الفرق بين الإيماءين حسب الإمكان.
وللمريض أن يصلي مستلقيا مع قدرته على القيام إذا قال له طبيب مسلم ثقة: لا يمكن مداواتك إلا إذا صليت مستلقيا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى جالسا حين جحش شقه،وأم سلمة تركت السجود لرمد بها.
ومقام الصلاة في الإسلام. عظيم؛ فيطلب من المسلم، بل يحتم عليه أن يقيمها في حال الصحة وحال الأرض؛ فلا تسقط عن المريض، لكنه يصليها على حسب حاله؛ فيجب على المسلم أن يحافظ عليها كما أمره الله.
2صلاة الراكب
ومن أهل الأعذار الراكب إذا كان يتأذى بنزوله للصلاة على الأرض بوحل أو مطر، أو يعجز عن الركوب وإذا نزل، أو يخشى فوات رفقته إذا نزل، أو يخاف على نفسه إذا نزل من عدو أو سبع، ففي هذه الأحوال يصلي على مركوبه؛ من دابة وغيرها، ولا ينزل إلى الأرض؛ لحديث يعلى بن مرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى مضيق هو وأصحابه، وهو على راحلته، والسماء من فوقهم، والبلة من أسفل منهم، فحضرت الصلاة، فأمر المؤذن فأذن وأقام، ثم تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته، فصلى بهم يومئ إيماء؛ يجعل السجود أخفض من الركوع) رواه أحمد والترمذي.
ويجب على من يصلي الفريضة على مركوبه لعذر مما سبق أن يستقبل القبلة إن استطاع؛ لقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}ويجب عليه فعل ما يقدر عليه من ركوع وسجود وإيماء بهما وطمأنينة؛ لقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} . وما لا يقدر عليه لا يكلف به. وإن لم يقدر على استقبال القبلة؛ لم يجب عليه استقبالها، وصلى على حسب حاله، وكذلك راكب الطائرة يصلي فيها بحسب استطاعته من قيام أو قعود وركوع وسجود أو إيماء بهما؛ بحسب استطاعته، مع استقبال القبلة؛ لأنه ممكن.
3صلاة المسافر
ومن أهل الأعذار المسافر، فيشرع له قصر الصلاة الرباعية من أربع إلى ركعتين؛ كمـا دل على ذلك الكتـاب والسنة والإجمـاع، قال الله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} والنبي صلى الله عليـه وسلم لم يصل في السفر إلا قصرا،والقصر أفضل من الإتمام في قول جمهور العلمـاء، وفي " الصحيحين ": (فرضت الصلاة ركعتين ركعتين؛ فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر) وقال ابن عمر: (صلاة السفر ركعتان، تمام غير قصر).
ويبدأ القصر بخروج المسافر من عامر بلده؛ لأن الله أباح القصر لمن ضرب في الأرض، وقبل خروجه من بلده لا يكون ضاربا في الأرض ولا مسافرا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يقصر إذا ارتحل، ولأن لفظ السفر معناه الإسفار؛ أي: الخروج إلى الصحراء، يقال: سفرت المرأة عن وجهها: إذا كشفته، فإذا لم يبرز إلى الصحراء التي ينكشف فيها من بين المساكن؛ لم يكن مسافرا.
ويقصر المسافر الصلاة، ولو كان يتكرر سفره، كصاحب البريد وسيارة الأجرة ممن يتردد أكثر وقته في الطريق بين البلدان.
ويجوز للمسافر الجمع بين الظهر والعصر، والجمع بين المغرب والعشاء؛ في وقت أحدهما؛ فكل مسافر يجوز له القصر، فإنه يجوز له الجمع، وهو رخصة عارضة، يفعله عند الحاجة، كما إذا جد به السير؛ لما روى معاذ رضي الله عنه؛ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك: إذا ارتحل قبل زيغ الشمس؛ أخر الظهر حتى يجمعه إلى العصر ويصليهما جميعا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس؛ صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار، وكان يفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء) رواه أبو داود والترمذي. وإذا نزل المسافر في أثناء سفره للراحة؛ فالأفضل له أن يصلي كل صلاة في وقتها قصرا بلا جمع. ويباح الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء للمريض الذي يلحقه بترك الجمع مشقة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وإنما كان الجمع لرفع الحرج عن الأمة، فإذا احتاجوا الجمع، جمعوا، والأحاديث كلها تدل على أنه يجمع في الوقت الواحد لرفع الحرج عن أمته، فيباح الجمع إذا كان في تركه حرج قد رفعه الله عن الأمة، وذلك يدل على الجمع للمرض الذي يحرج صاحبه بتفريق الصلاة بطريق الأولى والأحرى" اه.وقال أيضا: "يجمع المرضى كما جاءت بذلك السنة في جمع المستحاضة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالجمع في حديثين، ويباح الجمع لمن يعجز عن الطهارة لكل صلاة؛ كمن به سلس بول، أو جرح لا يرقأ دمه، أو رعاف دائم؛ قياسا على المستحاضة؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام لحمنة حين استفتته في الاستحاضة: (وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر، فتغتسلين، ثم تصلين الظهر والعصر جمعا، ثم تؤخري المغرب وتعجلي العشاء، ثم تغتسلين، وتجمعين بين الصلاتين؛ فافعلي) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه. ويباح الجمع بين المغرب والعشاء خاصة لحصول مطر يبل الثياب، وتوجد معه مشقة؛ لأنه عليه الصلاة والسلام جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة، وفعله أبو بكر وعمر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " يجوز الجمع للوحل الشديد والريح الشديدة الباردة في الليلة الظلماء ونحو ذلك، وإن لم يكن المطر نازلا في أصح قولي العلماء، وذلك أولى من أن يصلوا في بيوتهم، بل ترك الجمع مع الصلاة في البيوت بدعة مخالفة للسنة؛ إذ السنة أن تصلى الصلوات الخمس في المساجد جماعة، وذلك أولى من الصلاة في البيوت باتفاق المسلمين، والصلاة جمعا في المساجد أولى من الصلاة في البيوت مفرقة باتفاق الأئمة الذين يجوزون الجمع، كمالك والشافعي وأحمد " انتهى.
ومن يباح له الجمع؛ فالأفضل له أن يفعل الأرفق به من جمع تأخير أو جمع تقديم، والأفضل بعرفة جمع التقديم بين الظهر والعصر، وبمزدلفة الأفضل جمع التأخير بين المغرب والعشاء، لفعله عليه الصلاة والسلام، وجمع التقديم بعرفة لأجل اتصال الوقوف، وجمع التأخير بمزدلفة من أجل مواصلة السير إليها.
وبالجملة، فالجمع بين الصلاتين في عرفة ومزدلفة سنة، وفي غيرهما مباح يفعل عند الحاجة، وإذا لم تدع إليه حاجة، فالأفضل للمسافر أداء كل صلاة في وقتها؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع في أيام الحج إلا بعرفة ومزدلفة، ولم يجمع بمنى؛ لأنه نازل، وإنما كان يجمع إذا جد به السير.
4صلاة الخوف
تشرع صلاة الخوف في كل قتال مباح؛ كقتال الكفار والبغاة والمحاربين؛ لقوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} وقيس عليه الباقي ممن يجوز قتاله، ولا تجوز صلاة الخوف في قتال محرم.
والدليل على مشروعية صلاة الخوف الكتاب والسنة والإجماع:
قال الله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}
قال الإمام أحمد رحمه الله: " صحت صلاة الخوف عن النبي صلى الله عليه وسلم من خمسة أوجه أو ستة كلها جائزة " اهـ.
فهي مشروعة في زمنه عليه الصلاة والسلام، وتستمر مشروعيتها إلى آخر الدهر، وأجمع على ذلك الصحابة وسائر الأئمة ما عدا خلافا قليلا لا يعتد به.
وتفعل صلاة الخوف عند الحاجة إليها سفرا وحضرا، إذا خيف هجوم العدو على المسلمين؛ لأن المبيح لها هو الخوف لا السفر، لكن صلاة الخوف في الحضر لا يقصر فيها عدد الركعات، وإنما تقصر فيها صفة الصلاة، وصلاة الخوف في السفر يقصر فيها عدد الركعات إذا كانت رباعية، وتقصر فيها الصفة.
وتشرع صلاة الخوف بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون العدو يحل قتاله كما سبق.
الشرط الثاني: أن يخاف هجومه على المسلمين حال الصلاة؛ لقوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} وقوله: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً}
ومن صفات صلاة الخوف الصفة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سهل ابن أبي حثمة الأنصاري رضي الله عنه، وقد اختار الإمام أحمد العمل بها؛ لأنها أشبه بالصفة المذكورة في القرآن الكريم، وفيها احتياط للصلاة واحتياط للحرب، وفيها نكاية بالعدو، وقد فعل عليه الصلاة والسلام هذه الصلاة في غزوة ذات الرقاع، وصفتها كما رواها سهل هي: أن طائفة صفت مع النبي صلى الله عليه وسلم وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى، فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم " متفق عليه.
ومن صفات صلاة الخوف ما روى جابر، قال: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فصففنا صفين - والعدو بيننا وبين القبلة -، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبرنا، ثم ركع وركعنا جميعا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقال الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود، وقام الصف الذي يليه؛ انحدر الصف المؤخر بالسجود، وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم، ثم ركع وركعنا جميعا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وكان مؤخرا في الركعة الأولى، وقال الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى صلى الله عليه وسلم السجود، وقال الصف الذي يليه؛ انحدر الصف المؤخر بالسجود، فسجدوا، ثم سلم صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعا) رواه مسلم.
ومن صفات صلاة الخوف ما رواه ابن عمر، قال: (صلى النبي صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة وسجدتين والأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو، وجاء أولئك، فصلى بهم ركعة، ثم سلم، ثم قضى هؤلاء ركعة، وهؤلاء ركعة) متفق عليه.
ومن صفات صلاة الخوف أن يصلي بكل طائفة صلاة، ويسلم بها، رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
ومن صفات صلاة الخوف ما رواهجابر؛ قال: (أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، " حتى إذا كنا بذات الرقاع " قال: " فنودي للصلاة، فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا، فصلى بالطائفة الأخرى ركعتين " قال: " فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع وللقوم ركعتان) متفق عليه.
وهذه الصفات تفعل إذا لم يشتد الخوف، فإذا اشتد الخوف، بأن تواصل الطعن والضرب والكر والفر، ولم يمكن تفريق القوم وصلاتهم على ما ذكر، وحان وقت الصلاة؛ صلوا على حسب حالهم، رجالا وركبانا، للقبلة وغيرها يومئون بالركوع والسجود حسب طاقتهم، ولا يؤخرون الصلاة، لقوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} أي: فصلوا رجالا أو ركبانا، والرجال جمع راجل، وهو الكائن على رجليه ماشيا أو واقفا، والركبان جمع راكب.
ويستحب أن يحمل معه في صلاة الخوف من السلاح ما يدفع به عن نفسه ولا يثقله، لقوله تعالى:{وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} ومثل شدة الخوف حالة الهرب من عدو أو سيل أو سبع أو خوف فوات عدو يطلبه؛ فيصلي في هذه الحالة راكبا أو ماشيا، مستقبل القبلة وغير مستقبلها، يومئ بالركوع والسجود.
ونستفيد من صلاة الخوف على هذه الكيفيات العجيبة والتنظيم الدقيق: أهمية الصلاة في الإسلام، وأهمية صلاة الجماعة بالذات؛ فإنهما لم يسقطا في هذه الأحوال الحرجة؛ كما نستفيد كمال هذه الشريعة الإسلامية، وأنها شرعت لكل حالة ما يناسبها، كما نستفيد نفي الحرج عن هذه الأمة، وسماحة هذه الشريعة، وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
نسأل الله أن يرزقنا التمسك بها والوفاة عليها؛ إنه سميع مجيب.
أيها المسلم
إنك بحاجة ماسة إلى معرفة الآداب المشروعة التي تسبق الصلاة؛ استعدادا لها؛ لأن الصلاة عبادة عظيمة ينبغي أن يسبقها استعداد وتهيؤ مناسب؛ ليدخل المسلم في هذه العبادة على أحسن الهيئات: فإذا مشيت إلى المسجد لتؤدي الصلاة مع جماعة المسلمين؛ فليكن ذلك بسكينة ووقار، والسكينة: هي الطمأنينة والتأني في المشي، والوقار: الرزانة والحلم وغض البصر وخفض الصوت وقلة الالتفات. وقد ورد في " الصحيحين " عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: (إذا أتيتم الصلاة) وفي لفظ: (إذا سمعتم الإقامة؛ فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم؛ فصلوا، وما فاتكم؛ فأتموا) وروى الإمام مسلم؛ قال: (إن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة؛ فهو في صلاة) وليكن خروجك أيها المسلم إلى المسجد مبكرا؛ لتدرك تكبيرة الإحرام، وتحضر الصلاة مع الجماعة من أولها، وقارب بين خطاك في مشيك إلى الصلاة؛ لتكثر حسناتك؛ ففي " الصحيحين " عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لم يخط خطوة؛ إلا رفعت له بها درجة، وحطت عنه بها خطيئة) فإذا وصلت باب المسجد؛ فقدم رجلك اليمنى عند الدخول، وقل: بسم الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم صل على محمد، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا أردت الخروج؛ قدم رجلك اليسرى، وقل الدعاء الذي قلته عند الدخول، وتقول بدل: " وافتح لي أبواب رحمتك ": " وافتح لي أبواب فضلك "، وذلك لأن المسجد محل الرحلة، وخارج المسجد محل الرزق، وهو فضل من الله. فإذا دخلت المسجد؛ فلا تجلس حتى تصلي ركعتين تحية المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)
ثم تجلس تنتظر الصلاة، ولتكن حال جلوسك في المسجد لانتظار الصلاة مشتغلا بذكر الله وتلاوة القرآن، وتجنب العبث؛ كتشبيك الأصابع وغيره؛ فقد ورد النهي عنه في حق منتظر الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أحدكم في المسجد؛ فلا يشبكن؛ فإن التشبيك من الشيطان) أما من كان في المسجد لغير انتظار الصلاة؛ فلا يمنع من تشبيك الأصابع، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شبك أصابعه في المسجد بعد ما سلم من الصلاة.
وفي حال انتظارك الصلاة في المسجد؛ لا تخض في أحاديث الدنيا؛ لأنه ورد في الحديث أن ذلك يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وقد ورد في الحديث الأخر أن العبد في صلاة ما دام ينتظر الصلاة، والملائكة تستغفر له؛ فلا تفرط أيها المسلم في هذا الثواب وتضيعه بالعبث والاشتغال بالقيل والقال.
وإذا أقيمت الصلاة؛ فقم إليها عند قول المؤذن.: " قد قامت الصلاة "، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، وإن قمت عند بدء الإقامة؛ فلا بأس بذلك، هذا إذا كان المأموم يرى الإمام، فإن كان لا يراه حال الإقامة؛ فالأفضل أن لا يقوم حتى يراه.
أيها المسلم ! احرص أن تكون في الصف الأول؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لا يجدون إلا أن يستهموا عليه؛ لاستهموا) متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها) واحرص على القرب من الإمام؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) هذا بالنسبة للرجل، وأما بالنسبة للمرأة، فالصف الأخير من صفوف النساء أفضل لها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وخير صفوف النساء آخرها) لأن ذلك أبعد لها عن رؤية الرجال.
ويتأكد في حق الإمام والمصلين الاهتمام بتسوية الصفوف، قال صلى الله عليه وسلم: (سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة) متفق عليه، وفي الحديث الآخر: (لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) وتسوية الصفوف هي تعديلها بمحاذاة المناكب والأكعب.
ويتأكد في حق المصلين سد الفرج والتراص في الصفوف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (سووا صفوفكم وتراصوا) رواه البخاري، ومعناه: لاصقوا الصفوف حتى لا يكون بينكم فرج، فالمراصة: التصاق بعض المأمومين ببعض؛ ليتصل ما بينهم، وينسد الخلل؛ فلا تبقى فرجات للشيطان.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بتسوية الصفوف بتراص المأمومين فيها اهتماما بالغا، مما يدل على أهمية ذلك وفائدته، وليس معنى رص الصفوف ما يفعله بعض الجهال اليوم من فحج رجليه حتى يضايق من بجانبه؛ لأن هذا العمل يوجد فرجا في الصفوف، ويؤذي المصلين، ولا أصل له في الشرع؛ فينبغي للمسلمين الاهتمام بذلك، والحرص عليه، اقتداء بنبيهم، وإتماما لصلاتهم، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
لقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الجماعة في المسجد وبيَّن أن في كثرة الخطا إلى المساجد الأجر الكبير وأنه كلما كانت المسافة التي يقطعها المصلي أبعد كلما كان الأجر الذي سوف يناله من الله أعظم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى، فأبعدهم. والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام" وفي رواية أبي كريب "حتى يصليها مع الإمام في جماعة". صحيح مسلم باب فضل كثرة الخطا إلى المسجد ولما كانت آلة الذهاب إلى المسجد هي المشي على القدمين، فإن كل مسلم مأمور أن يذهب إلى المسجد في كل يوم خمسة مرات فكل مسلم يستغرق ذهابه إلى المسجد والعودة منه على أقل تقدير خمسة دقائق فبعملية حسابية بسيطة نجد أن كل مسلم يمشي كل يوم ما لا يقل عن 25 دقيقة كأقل تقدير وقد جاءت الأبحاث العلمية بنتائج ودراسات علمية تبين فوائد المشي الصحية، وأصبح الأطباء يدعون الناس إلى المشي كل يوم نصف ساعة للمحافظة على صحة الجسم.
أهم الأبحاث العلمية المشي نصف ساعة يوميا يقلل ضغط الدم
قال باحثون في جامعة إلينوي الأميركية إن التمارين المعتدلة البسيطة مثل المشي نصف ساعة يومياً, تساعد في تقليل ضغط الدم الشرياني إلى حدوده الطبيعية وخاصة عند الأميركيين الأفارقة. وأكد الباحثون أنه ليس بالضرورة أن تكون التمارين قاسية وعنيفة لتحقيق الفوائد الصحية, بل يكفي ممارسة رياضة معتدلة للمحافظة على سلامة الجسم والتخلص من ارتفاع الضغط, وأشاروا إلى أن 40 مليون شخص في الولايات المتحدة يعانون من ارتفاع ضغط الدم الشرياني الذي تزيد قراءاته الانقباضي والانبساطي عن 140/90 مليمتر زئبق, 40% منهم من الأميركيين الأفارقة. وقام الباحثون في الدراسة التي استمرت ستة أشهر بمتابعة 40 شخصا من الأميركيين الأفارقة المصابين بارتفاع ضغط الدم تراوحت أعمارهم بين 35 و59 عاما, إذ أعطوهم مقياسا لمسافة السير عند مشيهم ثلاثين دقيقة أو 1.5 ميل يوميا إضافة إلى نشاطاتهم العادية, أي ما يصل إلى 10 آلاف خطوة أو ما بين 3.5 و4 أميال يومياً. وينصح الأطباء هؤلاء المرضى بالمشي والحركة في حياتهم العادية كاستخدام الدرج بدلاً من المصاعد الكهربائية ووقف السيارات في أماكن بعيدة عن العمل والمنزل, وتقليل الملح في غذائهم, وحذروا من أن ترك هذه الحالة دون علاج قد يؤدي إلى الإصابة بمشكلات في البصر وأمراض القلب والسكتات القلبية وقصور الكلى. وكانت دراسة سابقة عن آثار المشي في ضغط الدم العالي أجريت على 15 سيدة في سن اليأس, وأوضحت الدراسة أن السيدات اللاتي مشين مسافة ثلاثة كيلومترات أو حوالي 1.9 ميلا يوميا, أظهرن انخفاضا في قراءات ضغط الدم الانقباضي بحوالي 11 نقطة بعد مرور 24 أسبوعا كما أن المشي يقليل نسبة الدهون، فالمشي لمسافة ميل يساعد على حرق 60 سعرة حرارية، وإذا ما زاد الإنسان سرعته وخطوته أثناء المشي بمعدل 25 ميل خلال 30 دقيقة فإن الجسم سوف يحرق 200 سعرة حرارية. نقلاً عن الجزيرة نت 5/4 2003م.
يعمل المشي على تحسين عمل القلب كما أكتشف العلماء أن المشي يفيد في تحسين أداء القلب والمحافظة على صحته وخفض الكولسترول وخفض ضغط الدم وتحسين التمثيل الغذائي والاستفادة من العناصر الغذائية، إذ تشير الدراسات إلى أن معدل التمثيل الغذائي يكون بطيئاً لدى الإنسان البدين الذي لا يمارس الحركة، بينما التمثيل الغذائي يكون سريعاً لدى من يمارس الحركة أو الرياضة ويقوي العظام ويحافظ على صحة المفاصل ويقوي العضلات ويخفف من حدة التوتر النفسي، إذ أن الرياضة بشكل عام تساعد على إفراز هرمون الإندروفين الذي يمنح الإنسان الشعور بالراحة والسعادة. ورياضة المشي بذلك تخفف من حدة التوتر والشعور بالقلق والاضطرابات الناجمة عن ضغوط الحياة اليومية التي لا تنتهي. وعن طريق مزاولة الأنشطة الرياضية بما في ذلك رياضة المشي يحصل الإنسان على مفهوم الذات من الناحية الايجابية حيث يشعر بالسعادة والسرور والنظرة المتفائلة عن شخصيته وذاته.
الأمر الذي يجب الإيمان به والاقتناع التام بجدواه ضرورة المشي على أي حال من الأحوال ولاشك أن الخالق سبحانه وتعالى حين جعل المشي سمة في كل إنسان علم انه سيحفظ توازن الإنسان ويحافظ على لياقته لأبسط أنواع الرياضة فبمجرد المشي يكتسب الإنسان الكثير من اللياقة البدنية ويقضي على الكثير من الإمراض التي يمكن أن تعتري الإنسان لكثرة جلوسه وقلة حركته والمشي هو الرياضة الوسط بين الرياضات فلا هو بالعنيف فيجهد الجسد ويؤدي إلى تضخم العضلات كما نراه عند الذين يمارسون ألعاب القوى ولا هو سيء لدرجة وصول الإنسان معه إلى الترهل لذا كان المشي هو الحل الوسط لمقاومة ما ينتج جراء تركه
المرأة الحامل تستفيد هي وجنينهامن الصلاةبصورةممتازة هذاما تؤكده دراسات عديدة تشيرإلى أن الصلاةعلىالطريقةالإسلامية تعمل على مرونةمعظم عضلات الجسم وتسهيل مركز العمود الفقري مع الحوض وتساعد على توصيل الغذاء عبر الدم ، فضلا عن تنشيط الدورة الدموية في الدماغ والقلب والشرايين ، وتساعد الصلاة المرأة الحامل على عدم الإصابة بدوالي القدمين التي تحدث نتيجة ثقل الحمل ، وأيضاالتغلب علىعسرالهضم لأن الركوع والسجود يفيدان في تقوية عضلات جدار البطن،كماتعمل الصلاة في الأسابيع الأخيرةعلى دفع الجنين خلال مساره الطبيعي في الحوض كي تتم الولادة بشكل طبيعي .
فقد كثرت الدراسات العلمية والطبية التي تؤكد فوائد الوضوء والصلاة وأداء العبادات على صحة الإنسان.. وآخر هذه الدراسات دراسة مصرية أثبتت أن الصلاة تؤدي دوراً مهماً وحيوياً في المحافظة على صحة القلب وسلامته وثبات ضغط الدم ومرونة المفاصل، إضافة إلى أنها تلعب دوراً كبيراً في توازن الإنسان وصحته النفسية وصفاء ذهنه وعقله، كما تساعد الصلاة على الاحتفاظ برشاقة الجسم وحيويته، وتجنب الإصابة بأي تشوهات، ومن ثم فهي أفضل تمرينات رياضية عرفها الإنسان حتى الآن من حيث السهولة واليسر في الأداء، وأنها مناسبة للجنسين، وفي كل الأعمار، ومفيدة لكل أعضاء الجسم بشكل عام.
الأمراض الجلدية
وأول صور الإعجاز العلمي والطبي تبدو في الوضوء الذي يقوم به المسلم قبل كل صلاة، فالرسول صلى اللّه عليه وسلم يقول: "من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره" رواه مسلم، وقد أثبت العلم الحديث بعد الفحص الميكروسكوبي: أن الذين يتوضؤون ويستنشقون ويستنثرون خمس مرات يومياً في الصلوات الخمس، قد ظهر الأنف عند غالبيتهم نظيفاً خالياً من الميكروبات في حين أعطت أنوف مـــن لا يتوضؤون مزارع ميكروبية ذات أنواع متعددة وبكميات كبيرة من الميكروبات الكروية العنقودية الشديدة العدوى، والكروية السبحية السريعة الانتشار، والميكروبات العضوية التي تسبب العديد من الأمراض.
وقد ثبت أن التسمم الذاتي يحدث من جراء نمو الميكروبات الضارة في تجويفي الأنف ومنهما إلى داخل المعدة والأمعاء .
أما بالنسبة للمضمضة واستخدام السواك فقد ثبت أنها تحفظ الفم والبلعوم من الالتهابات ومن تقيح اللثة وتقي الأسنان من النخر بإزالة الفضلات الطعامية التي قد تبقى فيها، وثبت علمياً أن تسعين في المئة من الذين يفقدون أسنانهم لو اهتموا بنظافة الفم لما فقدوا أسنانهم قبل الأوان وأن المادة الصديدية والعفونة مع اللعاب والطعام تمتصها المعدة وتسري إلى الدم.. ومنه إلى جميع الأعضاء وتسبب أمراضاً كثيرة، وأن المضمضة تنمي بعض العضلات في الوجه وتجعله مستديراً.. وهذا التمرين لم يذكره من خبراء الرياضة إلا القليل لانصرافهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم، ولغسل الوجه واليدين إلى المرفقين والقدمين فائدة إزالة الغبار وما يحتوي عليه من الجراثيم فضلاً عن تنظيف البشرة من المواد الدهنية التي تفرزها الغدد الجلدية بالإضافة إلى إزالة العرق، فــقد ثبـــت علمياً أن الميــــكروبــات لا تهاجم جلد الإنسان إلا إذا أهمل نظافته.. فالإنسان إذا مكث فترة طويلة بدون غسل لأعضائه فإن إفرازات الجلد المختلفة من دهون وعرق تتراكم على سطح الجلد محدثة حكة شديدة وهذه الحكة بالأظافر والتي غالباً ما تكون غير نظيفة تدخل الميكروبات إلى الجلد، كذلك فإن الإفرازات المتراكمة هي دعوة للبكتيريا كي تتكاثر وتنمو، لهذا فإن الوضوء بأركانه قد سبق علم البكتريولوجيا الحديثة والعلماء الذين استعانوا بالمجهر على اكتشاف البكتيريا والفطريات التي تهاجم الجلد الذي لا يعتني صاحبه بنظافته من خلال الوضوء والغسل، ومع استمرار الفحوص والدراسات أعطت التجارب حقائق علمية أخرى.. فقد أثبت البحث أن جلد اليدين يحمل العديد من الميكروبات التي قد تنتقل إلى الفم أو الأنف عند عدم غسلهما، ولذلك يجب غسل اليدين جيداً عند البدء في الوضوء، وهذا يفسر لنا قول الرسول صلى اللّه عليه وسلم :"إذا استيقظ أحدكم من نومه.. فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث"، كما ثبت أيضاً أن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين والأطراف السفلية من القدمين والساقين أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عن المركز الذي هو القلب فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية لهذه الأعضاء من الجسم مما يزيد في نشاط الشخص وفعاليته.
ويؤكد الدكتور أحمد شوقي إبراهيم عضو الجمعية الطبية الملكية بلندن واستشاري الأمراض الباطنية والقلب ما توصل إليه العلماء من أن سقوط رذاذ الماء على أعضاء الجسم أثناء الوضوء يؤدي إلى استرخاء الأعصاب والعضلات ويتخلص الجسم من ارتفاع ضغط الدم والآلام العضلية وحالات القلق والأرق.. ويؤكد ذلك أحد العلماء الأمريكيين بقوله: إن للماء قوة سحرية بل إن رذاذ المـاء على الوجه واليدين - يقصد الوضوء - هو أفضل وسيلة للاسترخاء وإزالة التوتر.. ومن ذلك كله يتجلى الإعجاز العلمي في شرعية الوضوء في الإسلام، وما يحمله من فوائد صحية ووقائية.
الصلاة إعجاز طبي
وعندما يتوضأ المسلم ويشرع في الصلاة يجني الكثير من الفوائد الطبية والصحية التي عددتها الأبحاث والدراسات العلمية، فقد توصل فريق بحثي مصري برئاسة الدكتور عادل عبدالحميد (رئيس قسم العلاج الطبيعي في جامعة القاهرة) إلى أن الصلاة تقوي عضلات جسم الإنسان عموماً، وتحمي من الإصابة بأمراض الجهاز العظمي والتهاب المفاصل، كما تساعد في المحافظة على حيوية الكليتين ووظيفتهما، والارتقاء بوظائف الكبد والرئتين، فضلاً عن دورها في تثبيت مستويات السكر في الدم.
وأكد فريق البحث أن للصلاة فوائد أيضاً في توازن الإنسان وصحته النفسية وصفاء ذهنه وعقله، إضافة إلى كونها تحافظ على رشاقة القوام وتجنب الإصابة بأي تشوهات، وأجرى أحد الباحثين بجامعة الإسكندرية دراسة لنيل درجة الماجستير، حول معجزة الصلاة في الوقاية من مرض دوالي الساقين، شملت الدراسة 20 حالة مصابة بدوالي الساقين، و10 حالات غير مصابة، كما قام الباحث بقياس الضغط الوريدي على ظاهر القدم في 15 حالة أخرى غير مصابة، وثبت تأثير الصلاة في الوقاية من مرض دوالي الساقين، حيث وجد أن الصلاة تعتبر عاملاً مؤثراً في الوقاية من دوالي الساقين عن طريق أسباب ثلاثة هي:
● أوضاع الصلاة من قيام وركوع وسجود والتي تؤدي إلى أقل ضغط على الجدران الضعيفة لأوردة الساقين السطحية.
● قيام الصلاة بعملية تنشيط لعمل المضخة الوريدية الجانبية ومن ثم زيادة خفض الضغط على أوردة الساقين السطحية.
● تقـــوية الجـــدران الضعيفة عن طريق رفع كفاءة البناء الغذائي بها ضمن دفعـــها لكفاءة التمثيل الغذائي بالجسم بوجه عام.
وأثبتت بحوث طبية مصرية أخرى أن أداء الصلاة والتأمل والتعبد تعد من أهم المنشطات الطبيعية التي تساعد على إفراز هرمون الشباب (الميلاتونين) وبالتالي تأخير أعراض الشيخوخة، وقال الدكتور مدحت الشامي اســتشاري التغذية والميكروبيولوجي في بحث علمي إن الســلوك الشخصي له أثر فعال في صناعة هذا الهرمون المهم داخل الجســـم لمكــافحة آثار الشـــيخوخة والتقدم في العمــر، كما أن تنــاول أطعمة معينة يلعب دوراً مهـمًا في إفرازه، وذكـر أن صـــناعة هـــرمون الميـلاتونين في الجســـم لا تحتاج إلى استخدام العقـــارات الدوائية المصنــعة بأشـــكالها المخــتلفة، وإنمــا اتباع سلوك غـــذائي ومعيـــشي مريــح مع الراحــة النفسية التي توفــرها العبادات والابتعاد عن المهيجات والعـــادات الســلوكية الضارة.
وحول جوانب الإعجاز الطبي في الصلاة يؤكد د. حسام الدين أبو السعود أن اللّه سبحانه وتعالى فرض على عباده الصلاة، وجعل لها أوقاتًا محددة، وهي خمس صلوات في اليوم والليلة، وهناك صلاة السنن الراتبة عند كل صلاة بالإضافة إلى صلوات التطوع، ويتضمن أداء الصلاة القيام ببعض الحركات التعبدية من الوقوف أمام الخالق جل وعلا في خشوع وذل مثل الوقوف في وضع القيام منتصباً، ثم الانحناء في حالة الركوع والسجود، والجلوس بعد ذلك في حالة التشهد مع تكرار هذه الحركات في كل ركعة من ركعات الصلاة وبصورة منتظمة، وكل هذه الحركات التي يقوم بها الجسم تشتمل على تنشيط جميع أجزاء الجسم، وتتضمن حركات رياضية منتظمة لجميع الأجزاء المفصلية، ومن ثم تعتبر تمرينات لتقوية عضلات العمود الفقــــري، وتمنــــع تيبســـه وانحنائه، وهو ما يقي من بعض أمراض الشيخوخة، كما أن حركات الصلاة تقي من ضعف الأطراف، وذلك بتحريكها بصورة منتظمة، وتقي من آلام الأطراف.
الصلاة ومرضى الروماتيزم
وبعد ذلك نجد أن الصلاة بالحركات المنتظمة في أدائها تقي الجسم من بعض الآلام الروماتيزمية خاصة مرض الروماتويد، وقد أوضح ذلك أستاذ بجامعة مانشستر بانجلترا كانت قد دعته إحدى الشركات الدوائية الانجليزية لإلقاء محاضرات علمية بغرض تسويق منتج دوائي في دول الخليج العربي لمرضى الروماتيزم، وقد اعترف بحقيقة علمية مهمة حين قال: "إنه ثبــت بما لا يدع مجالاً للشك أن مرض الروماتيزم والروماتويد يقل بشكل ملحوظ بين المسلمين مقارنة بغيرهم من غير المسلمين تحت نفس الظروف البيئية والغذائية الواحدة، وذلك لأن قيام المسلمين بأداء الصلاة بصورة منتظمة وبحركاتها تلك تمنع تراكم بعض الترسبات عند المفاصل التي تسبب الألم، ومن ثم فقد استفادت مراكز الأبحاث والعلاج الطبية العالمية من ذلك ونصحوا مرضاهم بأداء تمرينات رياضية مشابهة للصلاة، ففي الصلاة تقوية للعمود الفقري، ومن ثم تقي من الانزلاق الغضروفي، والذي يتسبب في آلام شديدة خاصة في الذراعين أوالساقين، وبالطبع فإن المصلي لا يشعر بهذه الأعراض مع الصلاة التي تقيه منها، كما أن الصلاة فيها تقوية لمفاصل الكعبين بجانب أن عملية السجود تمنع تراكم المواد الدهنية في أماكن معينة، هذا إلى جانب أن عملية التكبير والقراءة والتسبيح في الصلاة مع حركاتها المنتظمة تعتبر تمرينات تنفسية منتظمة، كما أن التسليم في نهاية الصلاة تمرينات للرقبة تقيها ممـا قد يحدث من تيبس عضلي.
مواقيت الصلاة
والصلاة لها مواقيت محددة، وللّه سبحانه وتعالى حكمة في ذلك، فهي تبدأ مع استيقاظ الإنسان من نومه وتنتهي بنهاية اليوم العملي والخلود للراحة والنوم بعد صلاة العشاء، فيستقبل الإنسان يومه بالوضوء وصلاة الصبح، مما يهيئ الجسم والعقل لبدء النشاط اليومي في العمل مبكراً، وتأتي بعد ذلك صلاة الظهر في وسط العمل اليومي حيث يكون الجسم قد بدأ يشعر بالتعب، وتأتي بعد ذلك صلاة العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، وهي ختام العمل اليومي للإنسان، فيتوضأ ويهيئ نفسه للصلاة، وختام يومه، ويخلد للنوم مرتاح النفس.
وتعتبر الصلاة - في مجموعها من تكبير وركوع وسجود- نوعاً فريداً من التمرينات الرياضية البدنية الشاملة، والتي يعجز أي خبير في الطب الرياضي عن الإتيان بمثلها من حيث مناسبتها لجميع الأعمار والأجناس، وتعمل الصلاة على تنشيط الدورة الدموية في الرأس أثناء السجود، وتنشيط ضربات القلب، ومن ثم تقي من الإصابة ببعض أمراض القلب. وتزيد من حركة المعدة والأمعاء، وتنشط عملية الهضم.
الصلاة الوسطي
ولقد شغلت الآية الكريمة: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا للّه قانتين} بعض العلماء والباحثين، وتساءل الكثيرون عن مغزى التأكيد والتخصيص للصلاة الوسطي، وقام أحد الأطباء العرب المسلمين المقيمين في فرنسا، ويعمل بمستشفى (شاربن في مدينة ليون بفرنسا) بالبحث والتقصي عن ذلك، وقدم بحثه إلى المؤتمر الدولي للإعجاز الطبي في القرآن الكريم، والذي عقد بالقاهرة في أوائل التسعينيات الميلادية، حيث أوضح أنه أجرى تجاربه على سبعين جندياً لمدة ثلاثة أيام في حقل الرماية وسط جو الإزعاج الذي يقع في حالة الحرب، وقيست كمية الأدرينالين في البول، فوجد أن نسبة هذا الهرمون ترتفع بعد الظهر على وجه الخصوص، وهو ما يزيد التوتر البيولوجي في جسم الإنسان، وحتى يتخلص الجسم من هذا التوتر، فإنه يكون في حاجة إلى استرخاء جسدي ونفسي.
ومن المعروف علمياً أن نسبة هرمون الأدرينالين والمعروف بهرمون التوتر تكون في أقصى درجاتها بعد الظهر، وبذلك يكون الجسم في حالة أقرب إلى التوتر، والتشنج البيولوجي الذي يعتبر مسبباً للكثير من الأمراض النفسية والجسدية، بجانب أن الآثار السلبية لازدياد هرمون الأدرينالين عن الحد المعقول تؤدي إلى ازدياد ضغط الدم، وارتفاع السكر، وزيادة دقات القلب، واسترخاء العضلات اللينة، وانقباض العضلات المخططة، وغير ذلك من التأثيرات الأخرى، ولا شك أن المحافظة على الصلاة الوسطى تعد مناسبة لإعطاء الفرصة لاسترخاء وهدوء الجسم، وهذا يجعل فرصة وجود حالات توتر مفاجئ مثل الذي قد يحدث أثناء الانشغال بالحياة والأعمال اليومية العادية قليلة جداً.
الصلاة والأثر النفسي
وفيما يتعلق بالأثر النفسي للصلاة، أظهرت دراسة أمريكية جديدة قامت بها جامعة ميريلاند في الولايات المتحدة حول تأثير طرق العلاج الروحي والصلاة على صحة المريض وفوائدها في المساعدة على الشفاء من بعض الأمراض أن الصلاة والعلاج الروحي يمكن أن يقللا من الألم الذي يشعر به المريض وأن يعجلا بشفائه.
وقد قام بالدراسة فريق من الباحثين درسوا 23 حالة مرضية بهدف رصد تأثير الصلاة والدعاء والعلاج الروحي وطرق علاجية غير تقليدية أخرى على صحة المريض، وأظهرت الدراسة نتائج إيجابية عند 57 بالمائة من المشاركين.
ووصف الدكتور جون آستيد، الذي قام بالبحث.. النتائج التي توصلوا إليها بأنها مثيرة للفضول، ومن الحالات الثلاث والعشرين التي تضمنتها الدراسة خضعت إحدى عشرة حالة منها للعلاج باللمس الاســـتشفائي، وثلاث بالصلاة والدعاء، وسبع اختبـــرت فيــــها طرق مختـــلفة للعـــلاج غير التقليدي.
وقال الدكتورآستيد الذي يعمل أستاذاً مساعداً في قسم برنامج الطب التكميلي في جامعة ميريلاند :●إنه لا يمكن نفي تأثير وفوائد الصلاة والعلاج الروحي ومثل هذه الوسائل العلاجية غير التقليدية<، وبينت إحدى الدراسات التي أجريت على ألف مريض بالقلب أن المرضى الذين أقيمت لهم الصلاة من أجل شفائهم دون علمهم قلت معاناتهم من المرض بنسبة عشرة بالمائة