إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 06-29-2009, 11:23 AM
  #1
هشام حلمي شلبي
 الصورة الرمزية هشام حلمي شلبي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 5,223
افتراضي مشاركة: القران الكريم مشاركات رائعة

علوم القرآن الكريم

فضل قراءة القرآن الكريم وتدبره
فضل القرآن الكريم على سائر الكلام :‏
القرآن الكريم هو : كلام الله العظيم وصراطه المستقيم، وهو أساس رسالة التوحيد، وحجة الرسول الدامغة وآيته الكبرى، وهو المصدر القويم للتشريع، ومنهل الحكمة والهداية، وهو الرحمة المسداة للناس، والنور المبين للأمة، والمحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك.

‎‎ قال الله عز وجل : {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم } [الإسراء]. وقال صلى الله عليه وسلم: (فضل كلام الله سبحانه وتعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه ) رواه الترمذي وقال حسن غريب، وضعفه الألباني. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع، لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، ولا يعوج فيقوّم، ولايزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكلِّ حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول ألم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر ) رواه الدارقطني والحاكم وصححه، وتعقبه الذهبي بأن فيه راوه ضعيف.
فضائل تلاوة القرآن الكريم وتعلمه وتعليمه:‏
- أثنى الله عز وجل على التالين لكتاب الله فقال: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرّاً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور } [فاطر: 29-30] .

‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ) رواه مسلم.
‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترُجَّة، ريحها طيب وطعمها طيب ) رواه البخاري ومسلم.
‎‎ - ولاشك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه هو أكثر كمالاً لأنه مكمِّل لنفسه ولغيره، جامع بين النفع القاصر على نفسه والنفع المتعدي إلى غيره، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه ) رواه البخاري.
فضائل حفظ القرآن الكريم:‏
- ميّز الله عز وجل القرآن الكريم عن سائر الكتب بأن تعهد بحفظه، قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } [الحجر: 9].

‎‎ - ولقد يسّر الله سبحانه وتعالى تلاوة القرآن وحفظه لعباده فقال تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر } [القمر: 17]. فنجد الطفل الصغير والأعجمي وغيرهما، يقبل على حفظ القرآن، فييسر الله له ذلك، رغم أنه لا يعرف من العربية ولا الكتابة شيئاً .
‎‎ - ولقد حثّ الإسلام على حفظ شيء من القرآن ولو كان يسيراً، وأن يجتهد في الزيادة عليه، وشبّه النبي صلى الله عليه وسلم قلب الرجل الذي لا يحفظ شيئاً من القرآن بالبيت الخرب الخالي من العمران، المهدم الأركان .. قال صلى الله عليه وسلم: (إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وصححه السيوطي.
فضائل أهل القرآن الكريم وتفضليهم على غيرهم :‏
أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الدائمين على تلاوة القرآن ودراسته، العاكفين على تدبر معانيه وتعلم أحكامه ، حتى سماهم أهل الله وخاصته .

‎‎ - قال صلى الله عليه وسلم: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته ) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وصححه الحافظ العراقي والسيوطي.
‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه ) رواه البخاري.
‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (إن من إجلال الله تعالى: إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط ) رواه أبو داود، وحسنه النووي والسيوطي.
‎‎ - وعن جابر رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ثم يقول : (أيهما أكثر أخذاً للقرآن ؟ فإن أُشير إلى أحدهما قدّمه في اللحد) رواه البخاري.
تدبر القرآن الكريم ومعانيه وأحكامه :‏
- ينبغي عند قراءة القرآن أن يتدبّر القارئ ويتأمل في معاني القرآن وأحكامه، لأن هذا هو المقصود الأعظم والمطلوب الأهم، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } [سورة ص: 29].

‎‎ - وصفة ذلك: أن يشغل قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به، فيعرف معنى كل آية، ويتأمل الأوامر والنواهي، فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مرّ بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوّذ، أو تنزيه نزّه وعظّم، أو دعاء تضرّع وطلب.
‎‎ - قال حذيفة رضي الله عنه: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها … إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوِّذ تعوّذ " رواه البخاري.
فضائل ختم القرآن ، وفي كم يختم ؟‏
- يستحب اغتنام ختم القرآن والدعاء عقبه لأنه من مظان إجابة الدعاء.

‎‎ - قال قتادة : "كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا ". رواه الدارمي.
‎‎ - وأما المدة التي يختم بها القرآن فتختلف باختلاف الأشخاص، ولكن ينبغي للقارئ أن يختم في السنة مرتين إن لم يقدر على الزيادة.
‎‎ - عن مكحول قال: "كان أقوياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأون القرآن في سبع، وبعضهم في شهر، وبعضهم في شهرين، وبعضهم في أكثر من ذلك ".
‎‎ - وكره العلماء أن يختم في أقل من ثلاث ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث ) رواه أبو داود والترمذي وصححه.
‎‎ - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: (اقرأ القرآن في شهر ) قال: إني أجد قوة. قال: (اقرأه في عشر ) قال: إني أجد قوة. قال: (اقرأ في سبع ولا تزد على ذلك ) رواه البخاري ومسلم.
__________________
[overline]
قال صلى الله عليه وسلم:

<أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربه أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخ في حاجه أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - مسجد المدينة - شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام >
صححه الألباني الأحاديث الصحيحة رقم (906)
هشام حلمي شلبي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-30-2009, 01:49 PM
  #2
هشام حلمي شلبي
 الصورة الرمزية هشام حلمي شلبي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 5,223
افتراضي مشاركة: القران الكريم (( مشاركات رائعة ))

موقع لتعليم تجويد القران الكريم

http://www.learnqur an.mohdy. com
__________________
[overline]
قال صلى الله عليه وسلم:

<أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربه أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخ في حاجه أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - مسجد المدينة - شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام >
صححه الألباني الأحاديث الصحيحة رقم (906)
هشام حلمي شلبي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-29-2009, 01:00 AM
  #3
taleb 3elm
مشارك ماسى
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 360
افتراضي مع أشراف الأمة حملة القرآن العظيم

السلام عليكم ورحمة الله
مع أشراف الأمة حملة القرآن العظيم


المقرئ الشيخ

عبد الباسط محمد عبد الصمد

(1927م-1988م)

* الصوت الحسن سرٌّ من أسرار الله يودعه الله في من يشاء من عباده:- التغني بالقرآن هو حلية التلاوة، وزينة القراءة، وهو فن قديم، بدأ منذ أن نزل القرآن وتلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخذه الصحابة الكرام من الرسول صلى الله عليه وسلم فخالط قلوبهم، وامتزجت به أرواحهم، ومن هؤلاء عبدالله بن مسعود، وكان له -رضي الله عنه- حظ عظيم في تجويد القرآن وتحقيقه كما أنزله الله تعالى، وناهيك برجل أحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يسمع القرآن منه، ولما قرأ أبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين، وروى الإمام المحقق محمد بن الجزري – رحمه الله – بسند صحيح عن أبي عثمان النهدي – رحمه الله – قال: صلى بنا ابن مسعود المغرب بقل هو الله أحد، ووالله لوددت أنه قرأ بسورة البقرة من حسن صوته وترتيله (النشر في القراءات العشر: 1/212).

وأدع الصحابي الجليل " جبير بن مطعم " يصف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: يقول جبير : "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب بالطور؛ فما سمعت أحداً أحسن صوتاً أو قراءة منه، فلما سمعته قرأ: "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون" خلتُ أن فؤادي قد انصدع، وكاد قلبي يطير". وذكر ابن الجزري قصة بلغت التواتر عن الإمام تقي الدين محمد بن أحمد الصائغ المصري -رحمه الله- وكان أستاذاً في التجويد أنه قرأ يوماً في صلاة الصبح " وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد؟" وكرّر هذه الآية فنزل طائر على رأس الشيخ يسمع قراءته حتى أكملها فنظروا إليه فإذا هو هدهد.

الديك والعصافير يحنّون إلى سماع القرآن بالصوت الحسن، فأين قلبك؟: ولي في إثبات هذا قصتان:

الأولى: كان للشيخ الفقيه شرف الدين العيتاوي ديك، فكان إذا قعد يقرأ القرآن بصوته الندي يأتي ديك عندهم، فيقف بين الشيخ يرفع رِجلاً ويضع أخرى فلا يبرح حتى يفرغ الشيخ من قراته.

والثانية: حدث أن صحب "عبدالوهاب" الشيخ المقرئ "محمد رفعت" إلى القناطر الخيرية..

ويحكي عبد الوهاب فيقول: كان الشيخ إذا قرأ .. تسكت العصافير فلا تزقزق .. فإذا سكت .. زقزقت .. وتكرر هذا مراراً..

ولكني غنيت .. فلم تكف العصافير غن غنائها .. وأحسست عندئذ بكرامة الشيخ .. وعظمة القرآن ! (القرآن في حياة المسلم، لمحمود عمارة : 40).

وهذه سنة الله تبارك وتعالى فيمن يقرأ القرآن مجوداً كما أنزل، بصوت ندي، ونغم عذب، وأداء جميل، تلتذ الأسماع بتلاوته، وتخشع القلوب عند قراءته، حتى يكاد أن يسلب العقول ويأخذ بالألباب، ويسحر بسحره الحلال بني الإنسان، ويأسر بسرّ جاذبيته عوالم الطير والحيوان.

فصاحب الصوت الحسن هو الذي إن استمعت إلى القرآن وهو يتلى بصوته تناسب آياته في قلبك، وتحيا معانيه في نفسك، كأنك تحيا فيه أو يحيا هو فيك.

عبد الباسط عبد الصمد:

ومن بين الذين لمعوا بقوة في دنيا القراءة الشيخ المقرئ عبدالباسط عبدالصمد، حيث تبوأ مكانة رفيعة بين أصحاب الأصوات العذبة والنغمات الخلابة، وطار اسمه في كل مطار، وبلغت شهرته الآفاق شرقاً وغرباً، واحتفى به في أي مكان نزل فيه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .

* نسبه وولادته:-

هو الشيخ المقرئ عبد الباسط محمد عبد الصمد.

ولد في قرية المراعزة التابعة لمدينة أرمنت بمحافظة قنا بجنوب مصر سنة (1346هـ-1927م).

* حياته العلمية:

حفظ القرآن صغيراً، وأتمه وهو ابن العاشرة، بكتَّاب الشيخ الأمير بأرمنت.

العوامل التي ساعدت على حفظه القرآن الكريم في سن مبكرة، ما يأتي:

1- تأثره بمحيطه الأسري؛ فالجد الشيخ عبدالصمد كان من الأتقياء والحفظة المشهود لهم بالتمكن من حفظ القرآن وتجويده بالأحكام، والوالد هو الشيخ محمد كان أحد المجودين للقرآن حفظاً وتجويداً، وأما الشقيقان محمود وعبدالحميد فكانا يحفظان القرآن بالكتّاب.

2- المؤهلات القرآنية التي أصقلت من خلال سماعه القرآن يتلى بالبيت ليل نهار؛ بكرة وأصيلاً. ومن هذه المؤهلات: دقة التحكم في مخارج الألفاظ، والوقف والابتداء، وعذوبة في الصوت تشنف الآذان بالسماع والاستماع.

3- نبوغه وتميزه بجملة من المواهب تتمثل في سرعة استيعابه لما أخذه من القرآن، وشدة انتباهه وحرصه على متابعة شيخه بشغف وحب.

ارتحل الشيخ عبد الباسط إلى طنطا بالمعهد الديني فيها، وكان أستاذ القراءات آنذاك الشيخ المقرئ محمد سليم، فتلقى على يديه القراءات السبع وعلوم القرآن، وراجع عليه القرآن كله، ثم حفظ الشاطبية التي هي المتن الخاص بعلم القراءات السبع.

وبعد أن وصل الشيخ عبد الباسط الثانية عشرة من العمر انهالت عليه الدعوات من كل مدن وقرى محافظة قنا وخاصة أصفون المطاعنة بمساعدة الشيخ محمد سليم الذي زكّى الشيخ عبد الباسط في كل مكان يذهب إليه ... وشهادة الشيخ سليم كانت محل ثقة الناس جميعاً.

وبدأت شهرة الشيخ في الصعيد مع إحياء ليالي شهر رمضان، حيث تعقد سرادقات في الشهر الكريم تقيمها الأسر الكبيرة، ويتلى فيها القرآن، وكان الناس يتنافسون في استقدام القرّاء لإحياء شهر رمضان.

كما كانت موالد الأولياء الكبار في الصعيد ميداناً للقراء، يتلون كتاب الله للزوار، وكان للصعيد قراؤه من أمثال: صدّيق المنشاوي الملقب بـ "قارئ الصعيد" وهو والد القارئين: محمود ومحمد صديق المنشاوي، والشيخ عبدالراضي، وعوضي القوصي، وقد استفاد الشيخ عبدالباسط من طرائقهم في التلاوة، كما تأثر بمشاهير القراء في القاهرة، مثل الشيخ محمد رفعت، ومصطفى إسماعيل، وعلي حزين، وكان يقطع عشرات الكيلومترات يستمع إليهم من مذياع في مقهى، وكانت أجهزة الراديو في ذلك الوقت قليلة لا يملكها كثيرون..

التألق والشهرة:

قدم الشيخ عبدالباسط إلى القاهرة سنة (1370هـ-1950م) في أول زيارة له إلى المدينة العتيقة، وكان على موعد مع الشهرة وذيوع الصيت، وشهد مسجد السيدة زينب مولد هذه الشهرة؛ حيث زار المسجد في اليوم قبل الأخير لمولد السيدة الكريمة، وقدمه إمام المسجد الشيخ " علي سبيع" للقراءة لمدة عشر دقائق وكان يعرفه من قبل، وتردد الشيخ وكان يعتذر عن عدم القراءة لولا أن شجعه إمام المسجد فأقبل يتلو من قوله تعالى في سورة الأحزاب: "إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليمًا" وفتح الله عليه، وأسبغ عليه من نعمه فكأنه لم يقرأ من قبل بمثل هذا الأداء، وعمّ الصمت أرجاء المسجد واتجهت الأنظار إلى القارئ الصغير الذي تجرأ وجلس مكان عمالقة القراء .. ولكن ما هي إلا لحظات وانتقل السكون إلى ضجيج وصيحات رجّت المسجد "الله أكبر" ، " ربنا يفتح عليك" إلى آخره من العبارات التي تصدر من القلوب مباشرة من غير مونتاج .. وبدلاً من القراءة عشر دقائق امتدت إلى أكثر من ساعة ونصف خيّل للحاضرين أن أعمدة المسجد وجدرانه وثرياته انفعلت مع الحاضرين وكأنهم يسمعون أصوات الصخور تهتز وتسبح بحمد ربها مع كل آية تتلى بصوت شجي ملائكي يحمل النور ويهز الوجدان بهيبة ورهبة وجلال.

التقدم للإذاعة:

وما هي إلا سنة حتى تقدم الشيخ الموهوب إلى الإذاعة (1371هـ - 1951م) لإجازته، وتشكلت لجنة من كبار العلماء، وضمّت الشيخ علي الضباع شيخ عموم المقارئ المصرية، والشيخ محمود شلتوت قبل أن يلي مشيخة الأزهر، والشيخ محمد البنا، وقد أجازته اللجنة واعتمدته قارئاً، وذاع صيته مع أول قراءة له في الإذاعة، وأصبح من القراء الممتازين، وصار له وقت محدد مساء كل يوم سبت، تذاع قراءته على محبيّه ومستمعيه على موجات البرنامج العام من الثامنة وحتى الثامنة والنصف مساءً، بالإضافة إلى الاحتفالات الخارجية التي كانت تذاع على الهواء مباشرة من المساجد الكبرى.

اختير الشيخ سنة (1372هـ-1952م) قارئاً في مسجد الإمام الشافعي، ثم قارئاً للمسجد الحسيني خلفاً لزميله الشيخ محمود علي البنا سنة (1406هـ-1985م) وكان له فضل في إنشاء نقابة لمحفِّظي القرآن الكريم، وانتخب نقيباً للقراء في سنة (1405هـ-1984م).

وقد طاف الشيخ معظم الدول العربية والإسلامية، وسجّل لها القرآن الكريم، وكانت بعض تسجيلاته بالقراءات السبع، ولا يزال يذاع في إذاعة القرآن الكريم بمصر المصحف المرتل الذي سجله بصوته العذب وأدائه الجميل، برواية حفص عن عاصم، مع الأربعة العظام: محمود خليل الحصري، ومصطفى إسماعيل، ومحمد صدّيق المنشاوي، ومحمود علي البنا، وقد استقبل المسلمون في العالم هذه التسجيلات الخمسة للقرآن بالإعجاب والثناء، ولا تزال أصوات هؤلاء الخمسة تزداد تألقاً مع الإيام، ولم يزحزحها عن الصدارة عشرات الأصوات التي اشتهرت، على الرغم من أن بعضها يلقى دعماً قويًّا، ولكنها إرادة الله في أن يرزق القبول لأصوات بعض عباده، وكأنه اصطفاهم لهذه المهمة الجليلة.

تكريمه:

يعتبر الشيخ عبدالباسط القارئ الوحيد الذي نال من التكريم حظًّا لم يحصل عليه أحد بهذا القدر من الشهرة والمنزلة التي تربع بها على عرش تلاوة القرآن الكريم لما يقرب من نصف قرن من الزمان نال خلالها قدراً من الحب الذي جعل منه أسطورة لن تتأثر بمرور السنين بل كلما مرّ عليها الزمان زادت قيمتها وارتفع قدرها كالجواهر النفيسة، ولم يُنس حيًّا ولا ميتاً؛ فكان تكريمه حيًّا عام 1956م عندما كرمته سوريا بمنحه وسام الاستحقاق ووسام الأرز من لبنان والوسام الذهبي من ماليزيا ووسام السنغال وآخر من المغرب، وآخر الأوسمة التي حصل عليها كان من مصر بعد رحيله وذلك ليلة القدر عام 1990م.

شيوخه:

1- الشيخ الأمير: وهو الذي كان له الدور الكبير في تشجيعه على حفظ القرآن الكريم بكتّاب قريته (أرمنت).

2- الشيخ سليم حمادة: الذي تلقى عليه علم القراءات وعلوم القرآن بالمعهد الديني بأرمنت.

3- الشيخ علي محمد الضباع شيخ عموم المقارئ المصرية في وقته، الذي شجع الشيخ عبد الباسط أن يتقدم إلى الإذاعة كقارئ بها، وذلك سنة 1951م.

وفاته:

توفي الشيخ في يوم الأربعاء الموافق (21 من ربيع الآخر 1409هـ - 30 من ديسمبر 1988م) بعد أن ملأ الدنيا بصوته العذب وطريقته الفريدة في الأداء والترتيل.

taleb 3elm غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-29-2009, 01:01 AM
  #4
taleb 3elm
مشارك ماسى
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 360
افتراضي مشاركة: مع أشراف الأمة حملة القرآن العظيم

شيخ القراء محمود خليل الحصري

ولادته :
ولد فضيلة الشيخ القارئ محمود خليل الحصري في غرة ذي الحجة سنة 1335هـ وهو يوافق من سبتمبر عام 1917م، بقرية شبرا النملة ، مركزطنطا بمحافظة الغربية بمصر.
حياته العلمية :
حفظ القرآن الكريم وسنّه ثمان سنوات ، ودرس بالأزهر ، ثم تفرغ لدراسة علوم القرآن لما كان لديه من صوت متميز وأداء حسن، وكان ترتيبه الأول بين المتقدمين لامتحان الإذاعة سنة (1364هـ – 1944م) وكان قارئاً بالمسجد الأحمدي، ثم تولى القراءة بالمسجد الحسيني منذ عام (1375هـ – 1955م)، وعُيّن مفتشاً للمقارئ المصرية ثم وكيلاً لها ، إلى أن تولى مشيخة المقارئ سنة (1381هـ – 1961م). وكان أول من سجل المصحف الصوتي المرتل برواية حفص عن عاصم سنة (1381هـ-1961م)، وظلت إذاعة القرآن بمصر تقتصر على صوته متفرداً حوالي عشر سنوات، ثم سجل رواية ورش عن نافع سنة (1384 هـ - 1964 م) ثم رواية قالون والدوري سنة (1388هـ - 1968م)، وفي نفس العام : سجل المصحف المعلِّم وانتخب رئيساً لاتحاد قراء العالم الإسلامي.
شيوخة:
1- الشيخ المقرئ إبراهيم بن أحمد سلام المالكي قرأ عليه القراءات العشر الصغرى من الشاطبية والدرة واجازه بها بالسند المتصل عن الشيخ أحمد مصطفى مراد المرحومي. وهو على الشيخ علي حسن أبو شبانة المرحومي.
وهو على مصطفى الميهي.
وصدق عليها الشيخ ابراهيم متولي الطبلاوي ، والشيخ عبد المجيد محمد المنشاوي ، والشيخ حافظ علي عبده ، والشيخ مصطفى أحمد والشيخ محمد محمد العقلة والشيخ محمد يوسف حمودة والشيخ ابو العزم محمد مصطفى.
2- شيخ القراء بالديار المصرية في وقته الشيخ عامر السيد عثمان

3- الشيخ علي محمد الضباع، شيخ القرّاء بالديار المصرية.
4-وله إجازة من الشيخ عبد الفتاح القاضي مؤرخة في ذي القعدة 1378 هـ
فرائد ومآثر الشيخ الحصري رحمه الله.
- في عام 1960 كان أول من ابتعث لزيارة المسلمين في الهند وباكستان، وقراءة القرآن الكريم في المؤتمر الإسلامي الأول بالهند.
- في عام 1963م وفي أثناء زيارته لدولة الكويت عثر على مصاحف قامت اليهود بتحريفها، فتصدى – رحمه الله – لألاعيب الصهاينة.
- وفي عام 1965م قام بزيارة فرنسا وأتيحت له الفرصة إلى هداية عشرة فرنسيين لدين الإسلام بعد أن سمعوا كلمات الله أثناء تلاوته للقرآن الكريم.
- وفي عام 1973م قام الشيخ محمود خليل الحصري أثناء زيارته الثانية لأمريكا بتلقين الشهادة لثمانية عشر رجلاً وامرأة أمريكيين أشهروا إسلامهم على يديه وذلك بعد سماعهم لتلاوة القرآن الكريم.
- في عام 1975م كان أول من رتّل القرآن الكريم في العالم بطريقة المصحف المفسّر (مصحف الوعظ).
- في عام 1977م كان أول من رتّل القرآن الكريم في الأمم المتحدة أثناء زيارته لها بناءً على طلب جميع الوفود العربية والإسلامية.
- وفي عام 1978م كان أول من رتّل القرآن في قاعة الملوك بلندن، وأذّن لصلاة الظهر في الكونجرس الأمريكي أثناء زيارة وفد مشيخة الأزهر لأمريكا.
- سافر إلى جميع الدول العربية والإسلامية وكذلك روسيا والصين وسويسرا وكندا وأغلب عواصم العالم، وقد استقبله أغلب زعماء العالم.
- وهو أول من نادى بإنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم، ترعى مصالحهم وتضمن لهم سبل العيش الكريم، ونادى بضرورة إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن الكريم في جميع المدن والقرى ، وقام بتشييد مسجدين ومكتبن للتحفيظ بالقاهرة وطنطا.
- أوصى في خاتمة حياته بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم وحفاظه، والإنفاق في وجوه الخير كافة .
عبقريته:
لقد كانت عبقرية الشيخ الحصري تقوم على الإحساس اليقظ بعلوم التجويد للقرآن الكريم، وهي علوم موضوعية داخلية تجعل من البيان القرآني سيمفونية بيانية تترجم المشاعر والأصوات والأشياء فتحيل المفردات إلى كائنات حية.
وكان الشيخ – رحمه الله – شديد التأثر بالقرآن ، وكان عاملاً بما يقول، وكان ذا ورع وتقوى، كسب الصوت رهبة ومخافة؛ فأثرت خشوعاً وخضوعاً لله عزوجل، مما أثر في آذان سامعيه.
فائدة الترتيل:
يقول الشيخ محمود خليل الحصري : " إن الترتيل يجسّد المفردات تجسيداً حيًّا ومن ثم يجسد المداليل التي ترمي إليها المفردات . وإذا كنا عند الأداء التطريبي نشعر بنشوة آتية من الإشباع التطريبي فإننا عند الترتيل يضعنا في مواجهة النص القرآني مواجهة عقلانية محضة تضع المستمع أمام شعور بالمسؤولية ".
أما قراءته فتمتاز بأشياء منها :
1- متانة القراءة ورزانة الصوت، وحسن المخارج التي صقلها بالرياضة.
2- الاهتمام بالوقف والابتداء حسبما رسمه علماء الفن.
3- العناية بمساواة مقادير المدود والفنات ومراتب التفخيم والترقيق، وتوفية الحركات.
قواعد الترتيل :
إن الترتيل ليس مجرد قواعد يمكن أن يتعلمها كل إنسان ليصبح بذلك أحد القراء المعتمدين، إنما الترتيل فنّ ، وغاية في الدقة والتعقيد، ليس هذا فحسب ، بل يحتاج – أيضاً – إلى دراسة متبحرة في فقه اللغة ولهجات العرب القدامى وعلم التفسير وعلم الأصوات وعلم القراءات، وإلى صوت ذي حساسية بالغة على التقاط الظلال الدقيقة بجرس الحروف وتشخيص النبرات، كل هذا أكسب صوت الشيخ محمود خليل الحصري جمالاً وبهاءً وقدرة على معرفة مصاغ الآيات؛ فمثلاً: شعوب العالم الإسلامي التي لا تجيد العربية كانت تفهم الشيخ محمود خليل الحصري وتعرف القرآن منه، وهذه الخاصية منّ الله بها على الشيخ محمود خليل الحصري مما جعله ذائع الصيت في العالم الإسلامي.
مؤلفاته:
للشيخ رحمه الله أكثر من عشرة مؤلفات في علوم القرآن منها:
1- أحكام قراءة القرآن.
2- القراءات العشر من الشاطبية والدرة.
3- معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء.
4- الفتح الكبير في الاستعاذة والتكبير .
5- مع القرآن الكريم.
6- قراءة ورش عن نافع المدني.
7- النهج الجديد في علم التجويد.
8- أحسن الأثر في تاريخ القراء الأربعة عشر.
وفاته : توفي يوم الإثنين 24 نوفمبر سنة 1980 فور انتهائه من صلاة العشاء.
الخلاصة:
لقد ذكرت بعضاً من شخصية الشيخ محمود خليل الحصري – رحمه الله – التي كانت شخصية الإنسان المسلم التي قال فيها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حينما سئلت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – عن خلقه العظيم فقالت : " كان خلقه القرآن أو " كان قرآناً يمشي " ، هكذا كان الشيخ محمود الحصري قرآناً يمشي، فكان قارئاً خاشعاً، فاهماً لكتاب الله، عاملاً على خدمته وحفظه، وعاملاً بآياته، ذاكراً خاضعاً، زميلاً للقرآن وآياته.
إن الشيخ الحصري كرّمه الله – عزوجل – أعظم تكريم، فما من يوم يمرّ إلا وتجد ملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها تستمع إلى صوته تالياً ومرتلاً لآيات الله عزوجل، وهذا إن شاء الله من الصدقة الجارية والعلم الذي ينتفع به صاحبه إذا انقطع ذكره، ونُسِيَ اسمه، واندرس قبره.

taleb 3elm غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-29-2009, 01:02 AM
  #5
taleb 3elm
مشارك ماسى
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 360
افتراضي مشاركة: مع أشراف الأمة حملة القرآن العظيم

الشيخ محمد محمود رفعت (1882م – 1950م)

ولادته ونشأته:

ولد فضيلة الشيخ القارئ محمد محمود رفعت في 9 مايو عام (1882م)، وهو العام الذي احتلت بريطانيا فيه مصر، ومصر العربية امتدحها النبي – صلى الله عليه وسلم - بقوله: " هي خير أجناد الأرض ".

ولقد تميز هذا الشعب تميزاً بديعاً في قراءة القرآن، تجويداً وترتيلاً. وقال أحدهم: " نزل القرآن بمكة والحجاز وقرئ بمصر"، وذلك لجمالية في الصوت وطول في النفس وعذوبة في القراءة تميز بها هذا الشعب المسلم عن غيره.

ولد الشيخ في أسرة فقيرة، بحي المغربلين بالقاهرة، فقد بصره بعد عامين من ولادته، بدأ حفظ كتاب الله في السنة الخامسة من عمره في الكُتّاب، وأتم الختمة عن ظهر قلب وهو في التاسعة من عمره وكان شيخه في الكُتّاب حينئذ الشيخ عبدالفتاح حميدة.

وعندما بلغ الشيخ محمد رفعت الخامسة عشر أجازه شيخه عبدالفتاح بقراءة القرآن تجويداً وترتيلاً، فكان حديث الناس قبل أن يبلغ العشرين من عمره.

كما أنه رحمه الله تعالى قرأ القراءات السبع من طريق الشاطبية على العلامة المقرئ عبد الفتاح هنيدي (انظر كتاب الشيخ المتولي وجهوده في علم القراءات ، للدكتور إبراهيم الدوسري ص128).

وبعد هذه المدة ذاع صيت الشيخ، وبلغت شهرته الآفاق، وقصدته جموع الناس من كل ناحية من نواحي مصر العربية لتستمع إليه وهو يرتل آيات من الذكر الحكيم في كل يوم جمعة بمسجد " فاضل باشا " بالقاهرة.

شمائله وصفاته:

كان الشيخ – رحمه الله – نحيف الجسم، مصري الملامح، كفيف البصر، قوي البصيرة، جهوري الصوت، حليق اللحية.

وصفته حفيدته هناء رفعت بقولها: " كان جدّي – رحمه الله – غزير الدمعة، سريع البكاء، خاصة عند مراجعته لما يحفظ من كتاب الله، وكان متواضعاً، حنوناً على أولاده، يمرض لمرضهم، ويفرح لفرحهم". وتقول هناء أيضاً : " كان جدي – رحمه الله – يحمل (القُلّة) لأولاده وهم نائمون قبل أذان الفجر في شهر رمضان المبارك، وبلغ من شدة تواضعه أنه كان لا يحب تقبيل الأيدي، حتى إنه كان يقبّل من يقبّل يده".

ويقول الشيخ محمود محي الدين غزالة مؤسس جمعية محبي الشيخ محمد رفعت رحمه الله: " كانت شخصية الشيخ محمد رفعت – رحمه الله – شخصية الإنسان المسلم التي قال فيها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حينما سئلت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان خلقه القرآن " أو " كان قرآناً يمشي" ، هكذا كان الشيخ محمد محمود رفعت – رحمه الله – قرآناً يمشي، فكان قارئاً خاشعاً فاهماً لكتاب الله عاملاً على خدمته وحفظه، وعاملاً بآياته، ذاكراً خاضعاً خانعاً، زميلاً للقرآن وآياته.

أما قراءته فتمتاز بأشياء منها :

قوة القراءة في الإيذاع كالسلاسل الذهبية، علماً أنه كان يقرأ بدون مكبرات صوت أو ميكروفون، وحسبه أنه كان يضع يديه بجانب أذنيه ويشدو بصوته العذب الخاشع.

إبداع الترتيل الذي لا يجاريه فيه أحد، فهو بحق صاحب حنجرة ذهبية، وعبقرية في الأداء.

إتقان التجويد، وعذوبة في الصوت مذكّراً بعظمة القرآن، حيث كان صوته صدًى لعقيدته الصادقة وصدق إيمانه وقمة خشوعه، رحمه الله.

كان صوته معقد التكوين، حيث تجد أنه يجتمع له في آية واحدة القرار والجواب، وصوته علاوة على ذلك فيه شجن وروح عجيبة، جمع فيه بين الأنس القاهر والجمال الباهر.

الإتيان بسلاسل ذهبية من النغمات الروحانية، التي كانت متمشية مع كلام الله.

قراءته التفسيرية الواعية لكتاب الله :

لقد كانت عبقرية الشيخ محمد محمود رفعت – رحمه الله – تقوم على الإحساس اليقظ جداًّ بمعرفة مواطن الوقوف، فكان إذا قرأ القرآن حسبته يفسر آيات من الذكر الحكيم أحسن تفسير وأفضل تبيين.

وهذه هي صفة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أم سلمة: أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسّرة حرفاً حرفاً (فضائل القرآن وتلاوته، لأبي فضل الرازي/ص 61). وقال ابن مسعود رضي الله عنه: " لا تنثروه نثر الدَّقْل، ولا تحفدّوه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكون همّ أحدكم آخر السورة" (أخرجه الآجري في أخلاق حملة القرآن).

وقال الشيخ أبوالعينين شعيشع نقيب القرّاء في جمهورية مصر العربية – واصفاً قراءة الشيخ رحمه الله : " أنارت آيات الذكر الحكيم بصيرته، وجسّدت في أعماقه معانيه الجليلة، وكانت قراءته بمثابة تفسير وشرح لكلمات الذكر الحكيم، فهو بحق أعلم قرّاء مصر بمواطن الوقوف والابتداء".

فكان إذا تلا الشيخ – رحمه الله – آيات فيها ذكر الجنة كقوله تعالى: " ودانية عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلاً" (الإنسان / 14).

تصورت أن هذه الجنة قد دنت عليهم ظلالها الوارفة، وكانت ثمارها سهلة التناول، يتناولها الشخص بلا تعب ولا مشقة. اللهم أكرمنا ولا تهنّا، واجعلنا ممن يلِِجون باب الجنة، وتتلقاّهم خزنتها . " .. يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون" (النحل / 32).




الخلاصة:

إن الشيخ – محمد رفعت – رحمه الله – كان صاحب مدرسة قرآنية متميزة في الأداء، حتى إن كل من جاء بعده من مشاهير القراء قد تخرج من مدرسته، واستفاد من أدائه.

فمن طلب حلاوة الصوت وعذوبته وجده عند الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد (ت سنة 1988م). ومن طلب قواعد الترتيل ففارسها الشيخ محمود خليل الحصري (ت سنة 1980م.) ومن طلب قوة الصوت بخشوع الإيمان فصاحبه الشيخ محمد صدّيق المنشاوي (ت سنة 1969م)، ومن كان مولعاً بعلوم القراءات ومخارج الألفاظ والوقوف والابتداء فأستاذها بلا منازع الشيخ محمد الصيفي (ت سنة 1955) .. أما الشيخ محمد محمود رفعت (صاحب الحنجرة الذهبية، ففيه كل ذلك، وكل من جاء بعده عِيال عليه، عالة على مدرسته وحسن أدائه.

وكل العلماء اتفقوا على تميزه وإبداعه، ولم يتفقوا على أحد غيره.

تاريخ وفاته:

توفي سنة (1950) الموافق (1370هـ) ليفتح حياة خالدة مع أحياء الآخرة يرتل لهم القرآن الكريم كما كان يرتل في الدنيا بصوته الخافت وقراءته الجميلة الخاشعة العميقة.

taleb 3elm غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-29-2009, 01:16 AM
  #6
taleb 3elm
مشارك ماسى
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 360
افتراضي مشاركة: مع أشراف الأمة حملة القرآن العظيم

القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل
القارئ الشيخ

مصطفى إسماعيل

(1905م – 1978م)


بقلم :محمد حسين إبراهيم الرنتاوي

اسمه وولادته:

هو الشيخ مصطفى إسماعيل – رحمه الله تعالى – من مشاهير القراّء، لقب بـ " سلطان التلاوة "، و " قارئ الملوك "، و " صاحب الصوت الذهبي ".

ولد في قرية " ميث غزال " بمحافظة الغربية، عام 1905م.

حياته العلمية:

بدأ في حفظ القرآن الكريم ولمّا يزل صغيراً، بكُتّاب القرية، وأكرمه الله عزوجل بحفظ القرآن وعمره ست سنوات، ثم انتقل بعده إلى المعهد الديني بطنطا، فدرس فيه العلوم الشرعية والعربية وغيرها من العلوم النافعة، ثم بعدما تخرج من المعهد المذكور، التحق بمعهد الأحمدي بطنطا، وفيه أتم الشيخ دراسته لعلوم القراءات والفقه والتفسير، ثم هيأ الشيخ نفسه لتلاوة القرآن الكريم، وتفرغ لذلك.

لمع اسمه في منتصف الأربعينات عندما قرأ القرآن لأول مرة في حفلة مذاعة لرابطة القراّء بالمسجد الحسيني، شجعه الشيخ محمد رفعت – رحمه الله تعالى – وقدّمه للإذاعة، فتفرغ لقراءة القرآن.

طاف الشيخ بالعديد من دول العالم، قارئاً للقرآن، ليفتح الله بصوته قلوباً غُلفاً، وآذاناً صُماًّ، فقرأ القرآن الكريم في باريس، وكوالالمبور، وكراتشي، ودول آسيا، والدول العربية والإفريقية، حيث تكثر بها الجاليات الإسلامية.

شرّفه الله عزوجل بقراءة القرآن في المسجد الأقصى – عجّل الله فرجه القريب – لأول مرة عام 1960م، وفي المرة الثانية عام 1977م، عندما رافق الرئيس السادات في زيارته المشؤومة للقدس.

قام الشيخ ببناء المركز الديني بقريته التي ولد فيها وهي " ميث غزال ". حصل على وسام من مصر عام 1965م، وعلى وسام كوماندوز من لبنان، ووسام الاستحقاق من سوريا.



* فنيّات الصوت وجمالياته لدى الشيخ مصطفى إسماعيل رحمه الله تعالى:

1- طول نَفَسِه، حيث أكرمه الله عزوجل بنفس عجيب مرّنه بإدامة تلاوة القرآن الكريم وطوّعه بتمارين صوتية خفيفة، ومن أجل هذا وذاك ألان الله الصوت للشيخ مصطفى إسماعيل كما ألان الحديد لداود عليه السلام.

2- حبّه للوقفات الكثيرة، وذلك حسب أصول القراءة، وما يقتضيه المعنى.



* حكاية عجيبة في حسن خاتمة الشيخ مصطفى إسماعيل:

وهي أنه رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – في النوم، ومعه أصحابه رضوان الله عليهم، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم-: هذا هو الشيخ مصطفى إسماعيل الذي أخبرتكم عنه. ثم التفت النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الشيخ وقال له: اجلس ورتل لنا القرآن بصوتك الندي وحبّره تحبيراً.

ثم ذهب الشيخ وقصّ هذه الرؤيا على شيخ الأزهر آنذاك، فأثنى عليه خيراً، وبشّره بحسن الخاتمة، وشجعه على الاستمرار في ترتيل القرآن وتعليمه للناس.

قلت (محمد حسين الرنتاوي): وهذه المنامات وغيرها التي أكرم الله بها أهل القرآن وغيرهم من عباده الصالحين لا يتعلق بها أحكام وشرائع، ولكنه يستأنس بها في مجال الوعظ والرقائق. ومن رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام فقد رآه حقاً، فنسأل الله عزوجل حسن الختام ورؤية النبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام. وأنصح المستزيد بالرجوع إلى كتاب " المنامات " لابن أبي الدنيا. وكتاب أستاذنا الشيخ محمد شومان الرملي حفظه الله تعالى وهو " رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أحكام وفوائد وحكايات ".

قلت أيضاً: وهذه القصة للشيخ مصطفى إسماعيل تذكرني بما ورد عن التابعي الجليل شعيب بن حرب المدائني (ت سنة 197 هـ) حيث قال: رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام، ومعه أبوبكر وعمر رضي الله عنهما، فجئت فقال: أوسعوا له فإنه حافظ لكتاب الله عزوجل ". انظر كتابي " مع أشراف الأمة حملة القرآن العظيم، فوائد ولطائف وعبر ومواقف " نقلاً عن كتاب " صفة الصفوة ": 3/4.

شيوخه:

ومن شيوخه الذين تلقى عنهم القراءات والتجويد، الشيخ محمد أبوحشيش رحمه الله تعالى.

وفاته:

وبعد رحلة طالت ثلاثة وسبعين عاماً، توفي الشيخ في شهر ديسمبر، عام 1978، رحمه الله رحمه واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

taleb 3elm غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-29-2009, 01:17 AM
  #7
taleb 3elm
مشارك ماسى
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 360
افتراضي مشاركة: مع أشراف الأمة حملة القرآن العظيم

الشيخ ابو العينين شعيشع

شهادة ميلاده تشير إلى أنه من مواليد سنة 1922 م ولكنه يعتبر أن تاريخ مولده الحقيقي بدأ مع تلاوته للقرآن الكريم فوالده كان يطمح أن يرى ولده ضابطا ولكن الطفل الصغير أراد له ربه شأنا آخر فهو قد ادخره لحمل أمانة تبليغ كتابه للناس فبدأ شيخنا يضع أقدامه على أول الطريق وكان هناك عمالقة فطالت عنقه حتى قاربتهم وعاش مع القرآن رحلة طالت إلى نصف قرن فهي رحلة عمل ليست للمكاسب فقط .

إنه الشيخ أبو العينين شعيشع ظنوه ميتا عند تكريمه ولكنه حي أطال الله بقاءه لخدمة كتابه.

البداية كانت بمولده بمركز (بيلا) بمحافظة كفر الشيخ عام 1922 م بدأ في الصغر كأي طفل في القرية ,دخل المدرسة الابتدائية حتى الصف الرابع, ثم تحول إلى المرحلة الإلزامية , ولما وصلت سنه إلى اثنتي عشرة سنة دخل الكتاب , وحفظ القرآن الكريم في سنتين.

في ذلك الوقت كان الشيخ أبو العينين لا يستعمل صوته إلا في القرآن , وذات مرة سمعه الشيخ يوسف شتا - شيخ الكتاب - وقتها وهو يدندن مع الأطفال بالقرآن , فتنبأ له بمستقبل عظيم مع كتاب الله , وفي المدرسة كانوا ينتدبونه لتلاوة بعض آيات من القرآن في المناسبات وكان محاطا من الجميع بالتشجيع والتعاطف مع صوته , ولما بلغ الرابعة عشرة من عمره ذاعت شهرته في بلده كفر الشيخ , والبلاد المجاورة.

وفي بداية رحلة الشيخ مع القرآن كان ينام أسفل دكة القارىء حتى يحملوه نائما. ولما بلغ الرابعة عشرة من عمره دعي إلى المنصورة سنة 1936 م لإحياء ذكرى الشهداء الذين سقطوا في تلك الفترة , وفي ساحة كبيرة بمدرسة الصنايع دخل إلى مكان الاحتفال ببذلة وطربوش وشاهد جمعا غفيرا من الناس فدهش ! ولكن الخوف لم يتملكه , فكيف يهاب الناس وهو يحمل القرآن بين جنبيه, فجلس بجوار المنصة , ولما قرأ قول الحق تبارك وتعالي ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) . حتى شعر بالاستحسان في عيون الناس , وانقلب الاحتفال إلى مهرجان لنصف ساعة وحملوه على الاعناق وآل على نفسه منذ هذا اليوم أن ينتهج القرآن لكي يكون قارئا .

وفي عام 1939 م دعي الشيخ شعيشع لإحياء مأتم الشيخ الخضري وكان من كبار العلماء. وكانت تربطه به صلة مصاهرة , فلما حضر الليلة وكان موجودا بها الشيخ عبدالله عفيفي وكان شاعرا بالإضافة إلى كونه إمام الملك في ذلك الوقت , فلما سمعه طلب أن يقدمه للإذاعة , فذهب الشيخ أبوالعينين شعيشع لمقابلة سعيد لطفي باشا مدير الإذاعة المصرية , وكذلك مستر فيرجسون المدير الإنجليزي , وحدد له يوم الامتحان أمام لجنة مكونه من كبار العلماء منهم : الشيخ أحمد شوريت , وابراهيم مصطفي عميد دار العلوم , والشيخ المغربي , والاستاذ مصطفي رضا مدير معهد الموسيقي , وفي ذلك الوقت كانت الاذاعة متعاقدة مع الشيخ محمد رفعت , والشيخ عبدالفتاح الشعشاعي , وتم التعاقد معه أيضا , وكان يعد أصغر قارىء للقرآن , إذ كانت سنه سبع عشرة سنة.

وفي ليلة القدر من عام 1942 م كان الشيخ ومعه الشيخ الشعشاعي يحييان ليالي رمضان بقصر عابدين ,فجاءهما رئيس الديوان الملكي وأخبرهما بأن الملك فاروق قرر منح الشيخين وسامين . فاستبشرا خيرا , وجاءت الليلة الموعودة ( ليلة القدر ) وإذا بالملك ينعم بالوسام على الآنسة أم كلثوم في ذلك الوقت !!

والشيخ أبوالعينين شعيشع أول قارىء للقرآن الكريم يسافر إلى الدول العربية وذلك في عام 1940 م بدعوة من إذاعة الشرق الأدني ومقرها فلسطين , فتعاقدت معه لمدة ثلاثة أشهر , وكان يقرأ قرآن صلاة ظهر الجمعة من المسجد الأقصي وتنقلها إذعتا الشرق الأدني والقدس على الهواء مباشرة .

وهناك طرفة حكاها لي الشيخ أبوالعينين , فهذه هي أول مرة يغادر فيها مصر , وكان شديد الحب والارتباط بأمه التي لم يفارقها من قبل , وكانت سنه ثماني عشرة سنة , وبعد فترة من وصوله فلسطين سحب جواز سفره , فقد كانت إذاعة الشرق الأدني تخضع للإنجليز . وهناك شعر باشتياق جارف لأمه , وقرر العودة إلى مصر , ولكن كيف وجواز سفره في أيديهم . ففكر في أحد أصدقائه وهو - يوسف بك بامية - وكان من كبار الأعيان بفلسطين وكان على صلة وثيقة بمديري الاذاعة , فاستطاع أن يحصل على جواز سفره, فسافر الشيخ أبوالعينين شعيشع صباحا بقطار حتى وصل مصر مغرب أحد الأيام , وتوجه إلى منزله ومد يده ليدير مفتاح الراديو ليسمع إذاعة الشرق الأدني ,فإذا بالمذيع يقول : نحن في انتظار القارىء الكبير الشيخ أبوالعينين شعيشع , ولما عرف مستر مارساك مدير الاذاعة بسفره , حتى جاء إلى مصر يرجوه العودة إلى فلسطين.

وحدث في عام 1948 م أن نقلت إذاعة الشرق الأدني إلى قبرص وطلبوا الشيخ شعيشع . فاتصل به المرحوم السيد بدير وقال له : ( ياعم أبوالعينين بدأنا نعمل تسجيلات لإذاعة الشرق الأدنى واتصلوا بي كي تسجل لهم في قبرص , وعملي معهم مرتبط بموافقتك على هذه التسجيلات ) فوافق الشيخ على الفور .

وفي بداية الخمسينات كان الشيخ أبوالعينين أول من سجل القرآن الكريم على اسطوانات , وكان قبل عصر التسجيلات يقيم في رمضان بالإذاعة ليؤذن لصلاة الظهر والعصر , وعند المغرب يؤذن للصلاة , ثم يتناول قليلا من التمر , حتى يحين موعد أذان العشاء فيؤذن للصلاة ثم يتوجه إلى منزله لتناول إفطاره.

وقد سار الشيخ أبو العينين على خطى سلفه الشيخ محمد رفعت , فكان خير من قلد صوته مما دفع بالاذاعة بعد وفاة الشيخ رفعت إلى الاستعانة به في تسجيل الأجزاء التي حدث بها خلل اضطرت معه الاذاعة إلى مسحها وإعادة تسجيلها من جديد , ولكن الشيخ شعيشع اتخذ لنفسه بعد ذلك خطا آخر بعد فيه عن التقليد, وأصبح واحدا من عمد القرآءة في مصر . ونال الشيخ عدة أوسمه من الدول التي زارها فحصل على وسام الاستحقاق من سوريا ووسام الرافدين من الدرجة الأولي من العراق, على الرغم من أن مناسبة الزيارة كانت حزينة لوفاة الملكة أم الملك فيصل , فإنه تقديرا للقرآن الكريم أعطى الوسام ومن لبنان وسام الأرز وكذلك من الاردن والصومال وتركيا وباريس . وقام بترتيل القرآن ومعه الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد في أبو ظبي بدعوة من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات في رمضان لمدةعشرسنواتمتتاليه.

والشيخ أب والعينين شعيشع كان الوحيد الذي يقرأ القرآن وهو يرتدي البدلة و الطربوش حتى وصل إلى تركيا لإحياء ليالي رمضان , وفي المطار قابله القنصل العام لسفارتنا هناك , وأخبره بأن الطربوش محرم حتى على أئمة المساجد إلا وقت الصلاة ! فبحث في جيبه فوجد شالا أبيض قام بلفه على الطربوش , وفي تركيا وجد إقبالا شديدا على الصلاة في المساجد فالأسر هناك تخرج للصلاة في جماعات , فهم يحبون القرآن ويعبدون رب القرآن .

وعند عودته إلى مصر , طلب منه د. عبدالعزيز كامل وزير الأوقاف الأسبق ألا يخلع العمامة بعد ذلك , ففعل.
ولما سافر إلى انجلترا قضي اليوم الأول من العيد في مقاطعة ( شيفلد ) فصلي معهم العيد , ثم سافر إلى برمنجهام فقالوا له : إن العيد اليوم فصلي معهم , وسافر إلى لندن فصلي معهم العيد , وحتى اليوم لا يعرف الشيخ من أين كانوا يأخذون الوقت .
وفي طريقه من تركيا إلى يوغسلافيا لتلاوة القرآن بمقاطعة ( سراييفو ) التي كان يبلغ عدد المسلمين بها نحو ثلاثة ملايين نسمة , نزلت الطائرة بميونخ بألمانيا ( ترانزيت ) فوجد الشيخ بالمطار احتياطات أمن مشددة ضد العرب , فأوقفوه ظنا منهم بأنه زعيم الفدائيين ولما كان لا يجيد الانجليزية ولا الالمانية , اتجه إلى الله أن ينقذه من هذه اورطة , وبعد لحظات سمع صوتا يناديه , وتبين من صاحبه أنه كان أحد مدربي كرة القدم بالنادي الأهلي فتفاهم مع سلطات المطار وعرفهم بشخصه , وسافر في طريقه إلى يوغسلافيا.

والشيخ أبوالعينين شعيشع من الرعيل الأول من القراء ورئيس المركز الدولي للقرآن الكريم بالقاهرة , ووكيل أول نقابة القراء , وقارىء السورة بمسجد عمر مكرم , وكان موفدا من قبل وزارة الاوقاف لإحياء شهر رمضان بتركيا وفي إحدي ليالي الاسبوع الاخير من رمضان , دق جرس التليفون في منتصف الليل في الفندق الذي يقيم فيه بأنقره وكان المتحدث سفير مصر بتركيا في ذلك الوقت محمد عبدالعزيز عيسي نجل العالم الجليل الشيخ عبدالعزيز عيسي وزير الاوقاف الاسبق وأخبره بأن د. محمد على محجوب وزير الاوقاف يدعوه للحضور إلى مصر قبل احتفال ليلة القدر ليتسلم الوسام الذي منحه إياه الرئيس حسني مبارك , ولبي الشيخ شعيشع الدعوة شاكرا . وعندما صعد إلى المنصة لتسلم الوسام - وسام الامتياز من الدرجة الولي - استفسر الرئيس عن أحواله وهنأة ..فقال الشيخ أبوالعينين شعيشع : لقد رددت لي اعتباري ورددت إلى كرامتي ..بل رددت إلى نفسي ..

من كتاب اشهر من قرأ القرآن في العصر الحديث لأحمد البلك

taleb 3elm غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-29-2009, 01:20 AM
  #8
taleb 3elm
مشارك ماسى
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 360
افتراضي مشاركة: مع أشراف الأمة حملة القرآن العظيم

القارئ الشيخ محمد صدّيق المنشاوي

(1920م – 1969م)

بقلم الأستاذ : محمد حسين إبراهيم الرنتاوي


منذ قرنين من الزمان ذاع صيت الشيخ ثابت المنشاوي في صعيد مصر، فقد كان من أشهر القرّاء في مصر، حباه الله صوتاً عذباً وترتيلاً خاشعاً يأسر سامعيه؛ ولذا كان الشيخ ثابت حاضراً على الدوام في معظم الحفلات والمناسبات الاجتماعية والدينية. منذ ذلك التاريخ وعائلة الشيخ ثابت تتوارث حفظ القرآن وتجويده وترتيله جيلاً بعد جيل.

تولّى الشيخ ثابت تحفيظ ابنه (سيد) القرآن الكريم، وعلّمه أحكام التجويد والترتيل؛ حتى تبوأ مكانة والده في الشهرة. أما الشيخ صدّيق ابن الشيخ سيد المنشاوي فقد بدأ حفظ القرآن على يد والده، فأتم حفظه وهو يبلغ من العمر تسع سنوات، ثم انتقل الشيخ صدّيق إلى القاهرة، وتلقّى علم القراءات على يد الشيخ المسعودي وكان معلم قراءات مشهور بمصر في ذلك الوقت، ولكن أخاه الشيخ أحمد السيد بقي في الصعيد يقرأ ويعلم ويرتل القرآن الكريم.

حرص الشيخ صدّيق المنشاوي على أن يحفظ أبناؤه الأربعة القرآن الكريم وهم: محمد ومحمود وأحمد وحامد، الأول والثاني أصبحا من مشاهير قراء القرآن في العالم الإسلامي، والثالث توفي صغيراً بعد أن أتم حفظ القرآن، والرابع ما زال يعمل معلماً بالأزهر.

والآن نطوف مع شريف من أشراف الأمة؛ حملة القرآن العظيم، الولي الرباني، والقارئ لكتاب الله بأنفاس المعاني، الشيخ محمد صدّيق المنشاوي الذي يستحق أن نلقّبه (مقرئ الصحوة الإسلامية المعاصرة) لنقلب صفحات من ذكريات الرجل، ونقف على محطات من حياته.

الاسم والنسب:
هو الشيخ محمد بن صدّيق بن سيد بن ثابت المنشاوي.

الولادة:
ولد الشيخ سنة (1338هـ -1920م) بقرية (المنشأة) التابعة لمحافظة سوهاج في جمهورية مصر العربية. وهذه القرية كانت تسمى في العصر الفرعوني (منشات)، وتجاورها قرية (أخميم)، وفي الأصل (تخميم)، وهما اسمان فرعونيان معناهما: (ولد العم) ثم حرفتا إلى (المنشأة) و (أخميم).
زواجه:

تزوج الشيخ عام (1938م) من ابنة عمه، وكان ذلك زواجه الأول، وانجب منها أولاداً: ولداً وبنتين، ثم تزوج الثانية بعد أن تجاوز الأربعين، وكانت من (أخميم)، وأنجب منها تسعة أبناء: خمسة ذكور وأربع إناث. وكانت زوجتاه تعيشان معاً في مسكن واحد يجمعهما الحب والمودة. وقد توفيت زوجته الثانية أثناء تأديتها فريضة الحج قبل وفاته بعام واحد.

أولاده :
رزق الله – سبحانه – القارئ الشيخ محمد صدّيق اثني عشر ولداً، نصفهم من الذكور وهم: "محمد سعودي" ويعمل في التجارة، "محمد الشافعي" ويعمل مهندساً معماريّاً في السعودية، "محمد نور" ضابط بالجيش المصري، الدكتور "عمر" ويعمل مدرساً في كلية العلوم بجامعة الأزهر، "صلاح" ويعمل محاسباً في إحدى الشركات الخاصة، "طارق" ويعمل مهندساً في السعودية.


أما الإناث فهن: فردوس وفتحية وفريال وفاطمة وفايزة - وجميعهن لا يعملن ومتزوجات -، الثلاث الأوليات تزوجن في حياة والدهنَّ بعد أن أكملن حفظ القرآن، أما الأخريات فقد تركهنَّ صغاراً لم يتجاوز عمر أصغرهنَّ سنة واحدة، فتولى جدّهم الشيخ صدّيق المنشاوي تربيتهن وتحفيظهن القرآن.

أخلاقه:
1- تواضعه:

فقد كان الشيخ المنشاوي – رحمه الله – شديد التواضع، وكان كثيراً ما يتحرر من عمامته ويرتدي جلباباً أبيض وطاقية بيضاء ويجلس أمام بيته؛ فكان بعض الناس يعتقدون أنه بوّاب العمارة، خاصة وأن بشرته قمحية، ولكن ذلك لمن يكن يضايقه. وذات مرة اقترب منه أحد الرجال- وكان جاراً له في المسكن- ولم يعرفه وقاله له - بلهجته العامية-: لو سمحت يا عم (ما تعرفش) الشيخ محمد صدّيق المنشاوي موجود في شقته (ولا لأ)، فنظر إليه الشيخ محمد قائلاً له : حاضر يابني انتظر لمّا (أشوفو) لك. وبالفعل تركه الشيخ محمد صدّيق وصعد إلى شقته، وارتدى العِمّة والجلباب والنظارة، ثم نزل إليه وسلّم عليه، ولم يقل له الشيخ عندما سأله أنه هو من يسأل عنه؛ حتى لا يسبب له حرجاً لعدم معرفته به وهو صاحب الصيت في العالم العربي والإسلامي، وقضى لذلك الرجل مسألته.

2- حبه للفقراء والمساكين:

قال أحد أبنائه: إن علاقة والده بأهل بلدته لا تنقطع، وهذه من عادات أهل الصعيد الحسنة، فكان عطوفاً بهم، محبّاً لفقرائهم. وأذكر أنه قال لنا ذات مرة: إنه يريد أن يصنع وليمة كبيرة على شرف بعض الوزراء وكبار الوجهاء على العشاء، فتمّ عمل اللازم، ولكننا فوجئنا بأن ضيوفه كانوا جميعاً من الفقراء والمساكين من أهل البلدة، وممن يعرفهم من فقراء الحي الذي كنا نعيش فيه.

3- حسن تربيته لأبنائه:
يقول محمد سعودي عن أبيه الشيخ محمد صدّيق: حرص والدي على أن نبدأ في حفظ القرآن الكريم ونحن في سن الخامسة، بغض النظر عن تخصصاتنا الدراسية؛ ولذلك أصبح حفظ القرآن هو القاسم المشترك بين أبناء الشيخ محمد صدّيق.

ويكشف الشافعي محمد صدّيق عن ملامح تربوية من حياة والده فيقول: كان أبي حريصاً على أن نؤدي الفرائض، وكثيراً ما اصطحبنا للمساجد التي يقرأ فيها القرآن، وكان ذلك فرصة لي لزيارة ومعرفة معظم مساجد مصر، كما كان يراقبنا ونحن نختار الأصدقاء، ويصر على أن يكونوا من الأسر الملتزمة خلقاً وديناً، ويشارك أبناءه في المذاكرة، ويساعدهم في أداء الواجبات المدرسية، ويحضر مجالس الآباء في المدارس التي يلتحق بها أبناؤه، وخلال الإجازة الصيفية كان يشاركنا في الرياضات مثل السباحة والرماية في النهار، وفي الليل يقرأ لنا الكتب الدينية التي تناسب أعمارنا، حتى إذا تعوّد الواحد منّا على القراءة زوّده بالكتب وشجّعه على قراءة المزيد. وقبل هذا وذاك يأتي تحفيظ القرآن الكريم للأبناء، حتى من تركه صغيراً أوصى والده الشيخ صدّيق أن يحفّظه القرآن، وقد فعل.

4- شجاعته الأدبية (الجرأة في الحق):
ومن المواقف التي تذكر للشيخ، موقفه من الدعوة التي وجهت إليه في عهد الرئيس عبدالناصر؛ إذ وجه إليه أحد الوزراء الدعوة قائلاً له: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفلاً بحضرة الرئيس عبدالناصر، فما كان من الشيخ إلا أن أجابه قائلاً: ولماذا لا يكون الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صدّيق المنشاوي. ورفض أن يلبي الدعوة قائلاً: لقد أخطأ عبدالناصر حين أرسل إليَّ أسوأ رسله.

5- طفولته:

التحق الشيخ بكُتَّاب القرية وعمره أربع سنوات، ورأى شيخه أبومسلم (محمد النمكي) فيه نبوغاً مبكراً وذكاءً وقّاداً لسرعة حفظه وقوة حافظته وحلاوة صوته، فكان يشجعه ويتعهده بالرعاية والعناية، فأتم حفظ القرآن قبل أن يُتِمَّ الثامنة من عمره.
مسوغات حفظه للقرآن ولما يبلغ الثامنة:
1- العامل الوراثي:
فالتحقيقات العلمية الدقيقة أثبتت أن لعالم الرحم دوراً مهماً في تقرير سعادة الإنسان أو شقائه، ويمكن القول بأن الطفل كما يرث الصفات الجسمية والعقلية يرث أيضاً الخصائص الأخلاقية التي تعمل كتربة مساعدة لسلوك الطفل بعد خروجه إلى البيئة الخارجية؛ فإما أن تعمل التربية على إظهار تلك الصفات الكامنة أو إخفائها.

ثم اعلم - أخي القارئ - أن المعنى الذي يستفيده علماء الوراثة اليوم من كلمة (الجينة) هو نفس المعنى الذي أفادته الأخبار من كلمة (العِرْق)، فقد روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " تخيروا لنطفكم فإنَّ العرق دسّاس" رواه ابن ماجه من حديث عائشة.وحينما نراجع المعاجم اللغوية في معنى كلمة (دسّاس) نجد أن بعضها - كالمنجد مثلاً - تعلق على ذلك بالعبارة التالية: "العِرْق دساس" أي أن أخلاق الآباء تتصل إلى الأبناء.

فالرسول – صلى الله عليه وسلم – يوصي أصحابه أن لا يغفلوا عن قانون الوراثة بل يفحصوا عن التربة الصالحة التي يريدون أن يبذروا فيها، لكي لا يرث الأولاد الصفات الذميمة.
بعد هذه المقدمة نستطيع أن نقرر أن العامل الوراثي كان سبباً مساعداً لحفظ محمد صدّيق القرآن في سن مبكرة؛ فجدُّه (ثابت) كان من أشهر قراء القرآن الكريم في مصر، ثم توارثت عائلة الشيخ ثابت حفظ القرآن جيلاً بعد جيل، حيث تولى ثابت تحفيظ ابنه (سيد) القرآن الكريم في سن مبكرة، وتولى سيد تحفيظ ابنه (صدّيق) القرآن، فأكمل حفظه وهو يبلغ من العمر تسع سنوات، ثم حفظ الشيخ محمد صدّيق المنشاوي القرآن قبل أن يبلغ الثامنة من عمره، فكان هو نبت هذا الفضل القرآني.

2- التربية الأبوية:

فقد بدأ الشيخ محمد صدّيق حفظ القرآن على يد والده صدّيق الذي ساعده كثيراً في حفظه كتاب الله، ولكن وقته المزدحم بالعمل دفعه لإحضار قارئين ومحفظين لهذه المهمة. ثم كان أبوه (صدّيق) كثيراً ما يصطحب أولاده معه في جولاته ينمّي فيهم حب القرآن. فكانت هذه التربية الإيمانية هي الوعاء الذي احتضن الشيخ محمد صدّيق، وأمَّن له المناخ الملائم حتى حفظ القرآن في سن مبكرة.

3- ما كان يتميز به الطفل محمد صدّيق من ذكاء رباني مفرط؛ وجودة في القريحة، وقوة في الحافظة، وسرعة في الحفظ، مع إقباله بشغف ونهم على حفظ كتاب الله، حتى إن شيخه النمكي أخبر والده بأن هذا الفتى سيكون له شأن .. فأتم حفظ القرآن قبل أن يكمل الثامنة من عمره؛ فأصبح أصغر من يحمل لقب (الشيخ) الذي يطلق في الغالب على من أتم حفظ القرآن في صعيد مصر.
3- حياته العلمية:
قرأ الشيخ المنشاوي القرآن الكريم في سرادق عام لأول مرة في قرية " أبار الملك " التابعة لمركز (أخميم)، وكان ذلك أول مؤشر على أن شهرة الشيخ الصغير قد تجاوزت منطقة (المنشأة). ثم انتقل الشيخ مع والده وعمه أحمد السيد إلى القاهرة ليتعلم القراءات وعلوم القرآن، ونزل في ضيافة عمه، وعند بلوغه الثانية عشرة درس علم القراءات على يد الشيخ محمد أبوالعلا، والشيخ محمد سعودي الذي انبهر به وبنبوغه المبكر، فأخذ يقدمه للناس، وظلّ الصبي محمد صدّيق على هذه الحال حتى بلغ الخامسة عشرة وصارت له شخصيته المستقلة.

و في عام (1953م) كتبت مجلة الإذاعة والتلفزيون في مصر إحدى أعدادها عن الشيخ محمد صدّيق المنشاوي أنه أول مقرئ تنتقل إليه الإذاعة. وبعد اعتماده مقرئاً في الإذاعة عينته وزارة الأوقاف قارئاً بمسجد الزمالك بحي الزمالك بالقاهرة، وظل قارئاً لسورة الكهف به حتى توفاه الله.

4- رحلاته:
في عام (1955م) قام بزيارة إلى أندونيسيا برفقة الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد بدعوة من الرئيس الأندونيسي أحمد سوكارنو، ثم أرسل خطاباً من هناك لابنه الأكبر محمد سعودي قال فيه: لم أر استقبالاً لأهل القرآن أعظم من استقبال الشعب الأندونيسي الذي يعشق القرآن، بل ويستمع إليه في إنصات شديد، ويظل هذا الشعب واقفاً يبكي طوال قراءة القرآن؛ مما أبكاني من هذا الإجلال الحقيقي من الشعب الأندونيسي المسلم وتبجيله لكتاب الله.

وفي العام التالي استضافته سوريا ومنحته وساماً رفيعاً، ثم تسابقت البلدان الإسلامية لاستضافته لقراءة القرآن خلال شهر رمضان؛ فسافر إلى الأردن والجزائر والعراق والكويت وليبيا والسودان، كما سافر إلى السعودية عدة مرات لقراءة القرآن الكريم في موسم الحج.
5- شيوخه:
1- والده الشيخ صدّيق بن سيد بن ثابت المنشاوي الذي كان له الفضل - بعد الله - في تحبيب ابنه لكتاب الله منذ نعومة أظفاره، وكانت البداية معه في تحفيظ محمد صدّيق القرآن، ولكن لما زادت مشاغله أوكل ابنه إلى الشيخ محمد النمكي ليكمل تحفيظه القرآن.
2- الشيخ: محمد النمكي، الذي حفَّظه القرآن بكُتَّاب القرية وعمره أربع سنوات، فأكمل حفظه معه قبل بلوغه الثامنة من عمره.
3- عمه الشيخ أحمد السيد، الذي كان يرافقه في معظم الجولات التي كان يقرأ فيها القرآن الكريم.

4- الشيخ محمد أبوالعلا، تلقى عليه علم القراءات وعلوم القرآن.

5- الشيخ محمد سعودي إبراهيم، درس عليه علم القراءات، وكان ذلك عند بلوغه الثانية عشرة. والشيخ محمد سعودي الذي أحبه محمد صديق حبّاً خالصاً لمِا لقيه منه من رعاية واهتمام، حتى إنه سمى أول أولاده " محمد سعودي ".

6- القراء الذين تأثر بهم:
تأثر المنشاوي – رحمه الله – بالشيخ محمد رفعت - رحمه الله -، وكان محبّاً له، ومن المعجبين بصوته وتلاوته، وكان كذلك يحب الاستماع إلى أصوات كبار المقرئين الذين عاصروه، كالشيخ عبدالفتاح الشعشاعي، وأبي العينين شعيشع، ومحمود علي البنا، وغيرهم.

7- تسجيلاته:
بلغت تسجيلات الشيخ محمد صدّيق المنشاوي في الإذاعات الإسلامية أكثر من (150) تسجيلاً، كما سجّل القرآن كاملاً مرتلاً لإذاعة القرآن الكريم في القاهرة.

8- القيمة الجمالية لصوته:
امتاز في قراءته القرآنية بعذوبة الصوت وجماله، وقوة الأداء وجلاله، إضافة إلى إتقانه تعدد مقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية.

9- ثناء العلماء عليه:
ومن عاجل بشرى المؤمن ثناء الناس عليه بعد موته، فقد قالوا قديماً: " ألسنة الخلق أقلام الحق ". ومن العلماء الذين أثنوا علىالشيخ – رحمه الله – فضيلة العالم الرباني الشيخ محي الدين الطعمي حفظه الله؛ فقد جاء في كتابه (الطبقات الكبرى) ج3/472 ما نصه: رأى له سيدي محمد أبوبطانية – رحمه الله – رؤى صالحة تدل على ولايته وصلاحه. وكان إذا قرأ القرآن أحس المستمع أن صوته كصوت الحور العين، يؤثّر تأثيراً ربانيّاً في ذات الجالسين، وينقلهم إلى عالمٍ لاشيء مثيله في الماديات.

10- الأوسمة والجوائز التي حصل عليها:

منحه الرئيس الأندونيسي أحمد سوكارنو وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، وحصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا. ولكنه لم يحصل على أي تكريم من مصر حتى الآن، وإن كانت الدولة كرمت والده الشيخ صدّيق السيد – رحمه الله – بعد وفاته عام (1985م) فمنحته وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية.

11- وفاته:

في عام (1966م) أصيب - رحمه الله - بدوالي المريء، وقد استطاع الأطباء أن يوقفوا هذا المرض بعض الشيء بالمسكنات، ونصحوه بعدم الإجهاد وخاصة إجهاد الحنجرة، إلا أنه كان يصر على الاستمرار في التلاوة وبصوت مرتفع، حتى إنه في عامه الذي توفي فيه كان يقرأ القرآن بصوت جهوري؛ الأمر الذي جعل الناس يجلسون بالمسجد الذي كان أسفل البيت ليستمعوا إلى القرآن بصوته دون علمه، ولما اشتد عليه المرض نقل إلى مستشفى المعادي، ولما علمت الدولة بشدة مرضه، أمرت بسفره إلى لندن للعلاج على نفقتها إلا أن المنية وافته قبل السفر، وكان ذلك سنة (1388هـ - 1969م)، ولما يتمّ الشيخ الخمسين سنة.
رحم الله الشيخ محمد صديق المنشاوي رحمة واسعة، فلم يورّث درهماً ولا ديناراً، ولكنه ورّث تلاوة مجودة وترتيلاً خاشعاً عذباً لكتاب الله يأسر القلوب، ويخرج بها كوامن الهموم، ويستجلب بها العبرات من العيون.

رحمه الله، فقد وهب حياته لتلاوة القرآن الكريم حق تلاوته، وتجويده أحسن ما يكون التجويد، فعاش بالقرآن، وعاش مع القرآن. ثم إنه مع هذا وذاك أحسن تربية أولاده عندما حفّظهم كتاب الله، وغرس في نفوسهم حبه. اللهم أحي قلوبنا بحب كتابك الكريم، واحشرنا في زمرة أهل القرآن، والحمد لله رب العالمين


taleb 3elm غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-29-2009, 01:23 AM
  #9
taleb 3elm
مشارك ماسى
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 360
افتراضي مشاركة: مع أشراف الأمة حملة القرآن العظيم

الشيخ على محمود
شيوخه
التحق بالكتاب و يحفظ القران الكريم ودرس علومه صغيراً، حيث حفظ القران على يد الشيخ أبو هاشم الشبراوي بكتاب مسجد فاطمة أم الغلام بالجمالية ، ثم جوده و أخذ قراءاته على الشيخ مبروك حسنين ، ثم درس الفقه على الشيخ عبد القادر المزني .
و ذاع صيته بعد ذلك قارئاً كبيراً و قرأ في مسجد الحسين فكان قارئه الأشهر ،و علا شأنه و صار حديث العامة و الخاصة .
درس بعد ذلك الموسيقى على يد الشيخ إبراهيم المغربي ، و عرف ضروب التلحين و العزف و حفظ الموشحات ، كما درسها أيضاً على شيخ أرباب المغاني محمد عبد الرحيم المسلوب وحيد عصره و فريد دهره في الموسيقي . كما أخذ تطورات الموسيقى على الشيخ عثمان الموصلي و هو تركي استفاد منه في الإطلاع على الموسيقى التركية و خصائصها .
شهرته
بعد كل هذه الدراسات الثرية ، إضافة إلى موهبته الذهبية صار الشيخ علي محمود أحد أشهر أعلام مصر قارئاً و منشداً و مطرباً. و صار قارئ مسجد الإمام الحسين الأساسي ، و بلغ من عبقريته أنه كان يؤذن للجمعة في الحسين كل أسبوع أذاناً على مقام موسيقي لا يكرره إلا بعد سنة.
كما صار منشد مصر الأول الذي لا يعلى عليه في تطوير و ابتكار الأساليب و الأنغام و الجوابات .
تلاميذه
من أشهر النوابغ الذين اكتشفهم الشيخ علي محمود القارئ العملاق الشيخ محمد رفعت الذي استمع إليه الشيخ علي مرة سنة 1918م يقرأ و تنبأ له بمستقبل باهر و بكى عندما عرف أنه ضرير ، و أفاد الشيخ رفعت في بداياته كثيراً من الشيخ علي محمود ، و صار سيد قراء مصر و صوت الإسلام الصادح فيما بعد .
• الشيخ العبقري طه الفشني الذي كان عضواً في بطانة الشيخ علي و أفاد من خبرته الشئ العظيم ، حتى صار سيد فن الإنشاد بعد الشيخ علي محمود
• الشيخ كامل يوسف البهتيمي القارئ و المنشد المعروف .
• الشيخ محمد الفيومي ، و كان أحد أعضاء بطانته .
• الشيخ عبد السميع بيومي و كان كذلك أحد أعضاء بطانته .
• إمام الملحنين الشيخ زكريا أحمد الذي كان عضواً في بطانته ، و تنبأ له الشيخ علي بمستقبل باهر في عالم الموسيقى و مد الله في عمر الشيخ علي حتى شاهد تلميذه سيد ملحني زمانه .
• الموسيقار محمد عبد الوهاب و قد تعلم عليه الكثير من فنون الموسيقى .
• سيدة الغناء العربي أم كلثوم
• المطربة أسمهان
وفاته
رحل الشيخ علي محمود إلى جوار ربه في الحادي و العشرين من ديسمبر عام 1946م تاركاً عدداً غير كثير من التسجيلات التي تعد تحفاً فنية رائعة .
] تسجيلاته الباقية
ترك الشيخ علي محمود عدداً محدوداً من التسجيلات وهي :
أولاً : التسجيلات القرانية
من سور :ـ
• الأنفال
• يوسف
• الكهف
• مريم
• الأنبياء
• القيامة و قصار السور
و موجودة في مكتبة الإذاعة المصرية و تذاع منها .
] ثانياً : الأناشيد و الموشحات و الأغاني
• أشرق فيومك ساطع بسام (مقام بياتي)
• أدخل على قلبي المسرة و الفرح (مقام بياتي)
• ته دلالا فأنت أهل لذاكا (مقام هزام)
• خلياني و لوعتي و غرامي (مقام رست)
• السعد أقبل (مقام نهاوند)
• هتف الطير بتحلال الصبا (مقام حجاز)
• أهلاً بغزال (مقام صبا)
• أنعم بوصلك (مقام بياتي)
• سل يا أخا البدر (مقام عجم)
• يا نسيم الصبا (مقام حجاز)
• فيا جيرة الشعب اليماني (مقام سيكاه)
• طلع البدر علينا (مقام هزام)
• شكوت لخاله لما جفاني (مقام بياتي)
و بعض التواشيح الأخرى ، بعضها مطبوع على شرائط شركة (صوت القاهرة) .
taleb 3elm غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 07-03-2009, 03:12 PM
  #10
taleb 3elm
مشارك ماسى
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 360
افتراضي من بديع الإيجاز والإطناب في القرآن الكريم

منقوووووووووووول
بسم الله الرحمن الرحيم








أولاً- يعرف علماء البلاغة الإيجاز بأنه التعبير عن المراد بلفظ غير زائد، ويقابله الإطناب؛ وهو التعبير عن المراد بلفظ أزيد من الأول. ويكاد يجمع الجمهور على أن الإيجاز، والاختصار بمعنى واحد؛ ولكنهم يفرقون بين الإطناب، والإسهاب بأن الأول تطويل لفائدة، وأن الثاني تطويل لفائدة، أو غير فائدة.
ويعدُّ الإيجاز والإطناب من أعظم أنواع البلاغة عند علمائها، حتى نقل صاحب سر الفصاحة عن بعضهم أنه قال: اللغة هي الإيجاز والإطناب. وقال الزمخشري صاحب الكشاف: كما أنه يجب على البليغ في مظانِّ الإجمال أن يجمل ويوجز، فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل أن يفصل ويشبع .
ثانيًا- ومن بديع الإيجاز قوله تعالى في وصف خمر الجنة:? لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ?(الواقعة: 19)، فقد جمع عيوب خمر الدنيا من الصداع، وعدم العقل، وذهاب المال، ونفاد الشراب.
وحقيقة قوله تعالى:? لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا ?. أي: لا يصدر صداعهم عنها. والمراد: لا يلحق رؤوسهم الصداع، الذي يلحق من خمر الدنيا. وقيل: لا يفرقون عنها، بمعنى: لا تقطَع عنهم لذتهُم بسبب من الأسباب، كما تفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق.
وقرأ مجاهد:? لَا يَصَدَّعُونَ ?، بفتح الياء وتشديد الصاد، على أن أصله: يتصدعون، فأدغم التاء في الصاد. أي: لا يتفرقون؛ كقوله تعالى:? يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ?(الروم: 43). وقُرِىءَ:? لَا يَصَدَعُونَ ?، بفتح الياء والتخفيف. أي: لا يصدع بعضهم بعضًا، ولا يفرقونهم. أي: لا يجلس داخل منهم بين اثنين، فيفرق بين المتقاربين؛ فإنه سوء أدب، وليس من حسن العشرة.
وقوله تعالى:? وَلَا يُنْزِفُونَ ?، قال مجاهد، وقتادة، والضحاك: لا تذهب عقولهم بسكرها، من نزف الشارب، إذا ذهب عقله. ويقال للسكران: نزيف ومنزوف. قيل: وهو من نزف الماء: نزحه من البئر شيئًا فشيئًا.
ثالثًا- ومن بديع الإطناب قوله تعالى في سورة يوسف عليه السلام:? وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبّى ?(يوسف: 53).
ففي قوله:? وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ? تحيير للمخاطب وتردد، في أنه كيف لا يبرىء نفسه من السوء، وهي بريئة، قد ثبت عصمتها ! ثم جاء الجواب عن ذلك بقوله:? إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبّى ?.
والمراد بالنَّفْسَ النفس البشرية عامة. وأمَّارَةٌ صيغة مبالغة على وزن: فعَّالة. أي: كثيرة الأمر بِالسُّوءِ. أي: بجنسه. والمراد: أنها كثيرة الميل إلى الشهوات. والمعنى: إن كل نفس أمارة بالسوء، إلا نفسًا رحمها الله تعالى بالعصمة.
وهذا التفسير محمول على أن القائل يوسف عليه السلام. والظاهر أنه من قول امرأة العزيز، وأنه اعتذار منها عما وقعت فيه مما يقع فيه البشر من الشهوات. والمعنى: وما أبريء نفسي، مع ذلك من الخيانة، فإني قد خنته حين قذفته، وقلت:? مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ?(يوسف: 25)، وأودعته السجن. تريد بذلك الاعتذار مما كان منها. ثم استغفرت ربها، واسترحمته مما ارتكبت.
رابعًا- ومن الآيات البديعة، التي جمعت بين الإيجاز والإطناب، في أسلوب رفيع من النظم بديع، قول الله تعالى:
? حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ?(النمل: 18)
أما الإطناب فنلحظه في قول هذه النملة:? يَا أَيُّهَا ?، وقولها:? وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ?. أما قولها:? يَا أَيُّهَا ? فقال سيبويه:” الألف والهاء لحقت { أيًّا } توكيدًا؛ فكأنك كررت { يا } مرتين، وصار الاسم تنبيهًا “.
وقال الزمخشري:” كرر النداء في القرآن بـ? يَا أَيُّهَا ?، دون غيره؛ لأن فيه أوجهًا من التأكيد، وأسبابًا من المبالغة؛ منها: ما في { يا } من التأكيد، والتنبيه، وما في { ها } من التنبيه، وما في التدرُّج من الإبهام في { أيّ } إلى التوضيح. والمقام يناسبه المبالغة، والتأكيد “.
وأما قولها:? وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ? فهو تكميل لما قبله، جيء به، لرفع توهُّم غيره، ويسمَّى ذلك عند علماء البلاغة والبيان: احتراسًا؛ وذلك من نسبة الظلم إلى سليمان- عليه السلام- وكأن هذه النملة عرفت أن الأنبياء معصومون، فلا يقع منهم خطأ إلا على سبيل السهو. قال الرازي:” وهذا تنبيه عظيم على وجوب الجزم بعصمة الأنبياء، عليهم السلام “.
ومثل ذلك قوله تعالى:? وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ?(الفتح:25). أي: تصيبكم جناية كجناية العَرِّ؛ وهو الجرب.
وأما الإيجاز فنلحظه فيما جمعت هذه النملة في قولها من أجناس الكلام؛ فقد جمعت أحد عشر جنسًا: النداء، والكناية، والتنبيه، والتسمية، والأمر، والقصص، والتحذير، والتخصيص، والتعميم، والإشارة، والعذر.
فالنداء:{ يا }. والكناية:{ أيُّ }. والتنبيه:{ ها }. والتسمية:{ النمل }. والأمر:{ ادخلوا }. والقصص:{ مساكنكم }. والتحذير:{ لا يحطمنكم }. والتخصيص:{ سليمان }. والتعميم:{ جنوده }. والإشارة:{ هم }. والعذر:{ لا يشعرون }.
فأدَّت هذه النملة بذلك خمسة حقوق: حق الله تعالى، وحق رسوله، وحقها، وحق رعيتها، وحق الجنود.
فأما حق الله تعالى فإنها استُرعيت على النمل، فقامت بحقهم. وأما حق سليمان- عليه السلام- فقد نبَّهته على النمل. وأما حقها فهو إسقاطها حق الله تعالى عن الجنود في نصحهم. وأما حق الرعية فهو نصحها لهم؛ ليدخلوا مساكنهم. وأما حق الجنود فهو إعلامها إياهم. وجميع الخلق، أن من استرعاه الله تعالى رعيَّة، وجب عليه حفظها، والذبِّ عنها، وهو داخل في الخبر المشهور:” كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته “. هذا من جهة المعنى.
وأما من جهة المبنى ( اللفظ ) فإن كلمة { نملة } من الكلمات، التي يجوز فيها أن تكون مؤنثة، وأن تكون مذكرة؛ وإنما أنث لفظها للفرق بين الواحد، والجمع من هذا الجنس. ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام:” لا تضحِّي بعوراءَ، ولا عجفاءَ، ولا عمياءَ “ كيف أخرج هذه الصفات على اللفظ مؤنثة، ولا يعني الإناث من الأنعام خاصة !
وأما تنكير { نملة } ففيه دلالة على البعضيَّة، والعموم. أي: قالت نملة من هذا النمل. وهذا يعني أن كل نملة مسؤولة عن جماعة النمل.
وأما قولها:? ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ ? ففيه إيجاز بالحذف بليغ؛ لأن أصله: ادخلوا في مساكنكم، فحذف منه { في }، تنبيهًا على السرعة في الدخول.
ولفعل { دخل } استعمالات دقيقة في اللغة والقرآن، تخفى حتى على الكثير من علماء اللغة والتفسير، لخصها الأستاذ محمد إسماعيل عتوك في مقالته النقدية ( من أسرار تعدية الفعل في القرآن الكريم ).
وأما قولها:? لَا يَحْطِمَنَّكُمْ ?، بنون مشددة أو خفيفة، فظاهره النفيُ؛ ولكن معناه على النهي. والنهيُ إذا جاء على صورة النفي، كان أبلغ من النهي الصريح. وفيه تنبيه على أن من يسير في الطريق، لا يلزمه التحرُّز؛ وإنما يلزم من كان في الطريق.
خامسًا- وفي التعبير بـ? لَا يَحْطِمَنَّكُمْ ?، دون غيره من الألفاظ، دلالة دقيقة على المعنى المراد، لا يمكن لأيِّ لفظ أن يعبِّر عنه. ويبيِّن ذلك أن الحَطْمَ في اللغة هو الهَشْمُ، مع اختصاصه بما هو يابس، أو صلب. والحطمة من أسماء النار؛ لأنها تحطم ما يلقى فيها. وعن بعض العرب: قد تحطمت الأرض يبسًا، فأنشبوا فيها المخالب، وهي المناجل. أي: تكسرت زروع الأرض، وتفتتت لفرط يبسها، فجزوها. ومن هنا نجد القرآن الكريم يستعمل لفظ الحطم للزرع اليابس المتكسر. قال تعالى:
? أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ ?(الزمر: 21)
وقد ثبت للعلماء أن الزرع يحتوي في ساقه وورقه على نسب كبيرة من الزجاج؛ ولهذا نراه يتكسر حين يصفر، كما يتكسر الزجاج. وكذلك النمل، فقد ثبت أن جسم النملة يحتوي على نسبة كبيرة من الزجاج، وأنه مغلف بغلاف صلب جداً قابل للتحطم؛ كالزرع اليابس، والزجاج الصلب. وذلك يشكل إعجازًا علميًّا من إعجاز القرآن إلى جانب إعجازه البياني، الذي يسمو فوق كل بيان!
وبعد.. فقد أدركت هذه النملة الضعيفة فخامة ملك سليمان، وأحسَّت بصوت جنوده قبل وصولهم إلى وادي النمل، فنادت قومها، وأمرتهم بالدخول في مساكنهم أمر من يعقل، وصدر من النمل الامتثال لأمرها، فأتت بأحسن ما يمكن أن يؤتى به في قولها من الحكم، وأغربه، وأفصحه، وأجمعه للمعاني؛ ولهذا تبسم سليمان عليه السلام حين سمع قولها، وروي عنه- عليه السلام- أنه قال لها: لم قلت للنمل:? ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ ?؟ أخفت عليهم من ظلمنا ؟! فقالت: لا، ولكن خفت أن يفتتنوا بما يرَوْا من ملكك، فيشغلهم ذلك عن طاعة الله !
وفي حديث سليمان- عليه السلام- مع النملة، وحديثها مع قومها إعجاز آخر من إعجاز القرآن. فقد أثبت العلماء أن للنمل لغته الخاصة، التي يتفاهم بها، كما أثبت أن النملة المؤنثة هي التي ترعى قومها، وتتولى الدفاع عنهم، وتنبههم لأي خطر قادم، أو مفاجىء، وليس للذكر أي دور في ذلك؛ لأن مهمته مقتصرة على تلقيح الأنثى العذراء مرة واحدة في حياته، ثم يختفي.
وأسرار النمل وعجائبه كثيرة، ليس هذا المقال موضع بسطها، ويكفي أن أشير إلى أن النمل- على ضعفه- مخلوق قويُّ الحسِّ، شمَّامٌ جدًّا، نشيط جدًّا، يتميز بذكاء خارق، وقبل تخزين الحب يقوم يشق الحبة من القمح قطعتين؛ لئلا تنبت، ويشق الحبة من الكزبرة أربع قطع؛ لأنها إذا قطعت قطعتين أنبتت، والحب الذي لا يستطيع شقه، يقوم بنشره تحت أشعة الشمس بصفة دورية ومنظمة، حتى لا يصيبه البلل، أو الرطوبة فينبت، ويأكل في عامه بعض ما يجمع، ويدَّخر الباقي عدة أعوام، وحياته مثل حياة النحل دقيقة التنظيم، تتنوع فيها الوظائف، وتؤدى جميعها بإتقان رائع، يعجز البشر غالبًا عن إتباع مثله، على الرغم مما أوتوا من عقل راق، وإدراك عال.
بقي أن تعلم أن النمل يضرب المثل به في الضعف والقوة والكثرة، فمن أمثال العرب قولهم:” أضعف وأكثر وأقوى من النمل “. وحكي أن رجلاً قال لبعض الملوك: جعل الله قوَّتك مثل قوة النمل، فأنكر عليه ذلك، فقال: ليس من الحيوان ما يحمل ما هو أكبر منه إلا النملة، وقد أهلك الله تعالى بالنمل أمة من الأمم، وهي جرهم. ومن أمثالهم أيضًا قولهم:” أحرص من نملة، وأروى من نملة “ لأنها تكون في الفلوات، فلا تشرب ماء.
فتأمل حكمة الله تعالى في أضعف خلقه، وردِّدْ مع سليمان- عليه السلام- قوله:? رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ?.. والحمد لله رب العالمين !

الأستاذة: رفاه محمد علي زيتوني

مدرسة لغة عربية- حلــــب

منقوووووووول
taleb 3elm غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 PM