إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-25-2011, 07:06 PM
  #51
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


الأبــــواب المغـلقـــــــــة


بـريــد الأهــرام
42914
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
4
‏16 من ربيع الاخر 1425 هـ
الجمعة




أنا شابة عمري‏25‏ عاما ارتبطت بزوجي بعد قصة حب كبيرة وأنا سعيدة معه والحمد لله وهو يحسن معاملتي ويرعي الله في كل شئوني لكن مشكلتي هي علاقتي مع أهلي حيث أني تزوجت بدون موافقتهم بعد أن أعيتني الحيل معهم لاقناعهم بمن أحببته‏,‏ وزوجي والحمد لله متدين ومواظب علي الصلاة ومستواه العلمي والاجتماعي جيد ومقارب لمستوي أسرتي إلا أن والدي ووالدتي عاشا في دولة عربية لفترة طويلة فأصبح مستواهما المادي أفضل من مستوي أهل زوجي‏.‏ وقد تقدم فتاي إلي والدي وأنا في السنة النهائية من دراستي بإحدي كليات القمة‏,‏ إلا أن والدي طلب تأجيل هذا الموضوع إلي أن أكمل دراستي‏,‏ وسافر أبي وأمي إلي حيث يعملان في الدولة العربية وتركاني مقيمة في سكن للمغتربات كما اعتدت أن أفعل كل عام‏.‏ وكنت خلال تلك الفترة التقي بفتاي بعد أن تأكدت من حسن نيته ومن جديته‏.‏ واكتشفت في هذا الشاب صفات جميلة كثيرا ما حلمت بها‏.‏ إلا أن الرياح جاءت بما لاتشتهي السفن‏,‏ فقد علم زوج أختي أنني ألتقي بهذا الشاب عن طريق أحد أقاربه الذي رآنا معا فاستدعاني زوج أختي وطلب مني ألا ألتقي بهذا الشاب مجددا إلي أن يأتي والدي‏.‏ واستأت كثيرا من تدخل زوج أختي في هذا الموضوع الشخصي ولأني بشهادة الجميع انسانة عاقلة وراشدة كما أن علاقتي بفتاي لم تكن تشوبها أي شائبة فلم أستمع لكلامه واستمرت علاقتنا لكي نتعارف أكثر وتتم الخطبة بعد عودة والدي‏,‏ إلا أن زوج أختي استمر في فرض وصايته علي بتشجيع أختي حتي أنه منعني من الذهاب إلي الكلية ومنعني من الخروج أو التحدث بالهاتف لأي سبب وراحت أختي تشوه صورة هذا الشاب لدي والدي إلي أن وصل إلي مرحلة الرفض التام له‏,‏ ولأول مرة في حياتي رسبت في مادتين وأنا في السنة النهائية بسبب غيابي عن الكلية‏.‏ واعتقد والدي أن فتاي هو السبب في تأخر مستواي الدراسي علي عكس تفوقي السابق وزاده ذلك رفضا له وكانت أمي غير موافقة منذ البداية لأنها كانت تريد أن تزوجني من طبيب وتحلم لي بمستوي معين من الحياة‏.‏ وزاد الطين بلة أن أخي الأكبر كان مسافرا وعندما عاد أبلغته أختي بما كان من أمري‏,‏ فكره أخي فتاي قبل أن يراه أو يتعرف عليه وراح أخي يضربني كلما علم أني اتصلت به‏.‏ وبذلك أصبح الجميع ضدي دون أن يحاولوا معرفة هذا الشاب أو يلتقوا به‏,‏ وهو من ناحيته كان يحاول اقناع والدي‏,‏ وأبي يصده ويسوف في موضوع الارتباط ويؤجله إلي بعد امتحانات الدور الثاني أو بعد النتيجة إلي أن أخبرني عمي أنه قا



بل فتاي مع والدي وأن رأيه فيه أنه شاب جيد وطلب مني الانتظار حتي ظهور النتيجة وانتظرت والتزمت بوعدي لعمي بعدم مقابلة فتاي إلي أن يسمح لي بذلك‏,‏ وسافر أبي مرة أخري لعمله وأحسست أنه يتلاعب بمشاعري وساءت حالتي الصحية وأصبت بارتفاع ضغط الدم‏,‏ وهزل جسمي إلي أن رجع أبي وطلب فتاي مقابلته وفوجئت برده الحاسم بأنه يرفض زواجي من فتاي رفضا قاطعا جامعا وحاولت التحدث معه واقناعه بكل الوسائل بالكلام والصمت والبكاء والامتناع عن الطعام فلم يجد ذلك شيئا‏,‏ وكان مبرر أبي للرفض هو أن فتاي أقل من مستوانا وأني أستحق من هو أفضل منه‏.‏ واستمر الوضع هكذا لمدة عام ولم يخطر ببالي ذات يوم أنني يمكن أن أتزوج هذا الشاب بغير وجود أهلي ومباركتهم لزواجي‏..‏ لكني لم أجد مفرا في النهاية سوي ذلك وعقدت قراني عليه وتكتمت الأمر عن أهلي وبعد فترة واجهتهم بزواجي منه فقابلوني بعاصفة من الضرب والسب والاهانة حتي خشيت علي نفسي من تهور أخي الذي لم يكن قد علم بعد بزواجي فتركت البيت وتوجهت خائفة وحزينة إلي أهل زوجي بعد أن صارحهم زوجي أننا متزوجان وكانت لديهم خلفية عن رفض أهلي لابنهم فاستقبلوني بكل الحب وأحسست من أول لحظة أنهم أهل لي‏.‏ وتخلي والدي ووالدتي عني تماما ولم يتحملا أي شيء من تكاليف الزواج أو تجهيز شقة زوجي التي يمتلكها وتكفل والد زوجي الحبيب بكل تكاليف الأثاث وحتي أغراضي الشخصية ولم أحصل من أبي وأمي إلا علي ملابسي‏,‏ مع العلم أنهما قادران وجهزا شقيقتين لي علي أكمل وجه‏,‏ وحاولت اصلاح علاقتي بهما بعد انتقالي إلي منزل زوجي إلا أنني لم أجد منهما إلا الجفاء خاصة والدتي‏,‏ وبعد محاولاتي المستميتة تحسنت علاقتي بهما إلي حد ما‏.‏ إلا أن والدتي لم تأت لزيارتي في بيتي‏,‏ حتي الآن ورغم مرور‏3‏ سنوات علي زواجي وأنا الآن حامل ولدي طفل جميل وسعيدة جدا مع زوجي والحمد لله ولم أندم للحظة واحدة علي اختياري له غير أن أهلي وبالرغم من زيارتي لهم كل فترة لا يسألون عني أبدا وزوجي يشجعني علي زيارتهم دون أن تكون له أي صلة بهم فهل أنا مخطئة لأني اخترت حياتي كما أريدها؟‏!‏



إنني أعرف أنني أخطأت ولكني لم أكن لأرتكب هذا الخطأ لو كانوا وافقوا علي زواجي منذ البداية ولم يحرموني من رضاهم عن اختياري‏,‏ والسؤال الذي يقض مضجعي هو‏:‏ إلي متي سوف يستمر جفاؤهم لي وألا تشفع لي سعادتي مع زوجي لكي يسامحوني علي زواجي بغير علمهم ويعلموا أني لم أسيء الاختيار‏.‏



ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏


بقدر عمق الجراح يتأخر الشفاء ويطول العلاج‏..‏ وإذا كانت جراح الجسم قد تبرأ في وقت معلوم‏,‏ فإن جراح النفس بطبيعتها بطيئة البرء والشفاء‏,‏ فاصبري علي أبويك إلي أن يداوي الزمن جراحهما‏..‏ ويذيب المرارة التي شابت نفسيهما تجاهك‏,‏ وواصلي سعيك الدءوب لاسترضائهما والاعتذار إليهما عن خروجك علي طاعتهما وزواجك بمن اخترت بغير إذنهما وفي غيبتهما‏,‏ وأشركي زوجك معك في محاولات الاصلاح ورأب الصدع فالحق أنه مدين مثلك بالاعتذار لأبويك عن زواجه منك بغير إذنهما ومباركتهما‏,‏ ومن واجبه تجاهك أن يشاركك الجهد في ترضية النفوس والإقرار لأهلك بخطئكما في حقهم والاعتذار عنه‏,‏ ولتكن سعادتكما معا‏,‏ وحسن عشرة كل منكما للآخر وانجابكما لطفلكما الأول والاستعداد لاستقبال الطفل الثاني خير شفيع لكما لدي أبويك لكي يتجاوزا عما حدث‏,‏ ويفتحا لكما أبواب قلبيهما المغلقة الآن دونكما ويكفيكما عقابا لكما علي ما فعلتما فترة الجفاء والتحفظ السابقة كما يكفيك أن حجب عنك أبواك مساندتهما لك عند الزواج‏,‏ فلم يتكفلا بأعبائه كما فعلا مع أختيك‏,‏و حتي اضطر زوجك لتحمل كل تكاليفه بغير مشاركة من أهلك‏,‏ وفي ذلك ما فيه من حرج لك ونقص في الاعتبار‏,‏ كما يكفيكما أيضا مرور ثلاث سنوات علي زواجكما لكي يعيد أبواك النظر في موقفهما منك‏..‏ ويعدلا عن التحفظ معك‏,‏ وتعود العلاقة الطبيعية بينكما‏,‏ واني لآمل ألا تحرمك والدتك من مودتها ومشورتها واهتمامها بأمرك كما تفعل مع بقية أبنائها‏,‏ كما آمل أيضا ألا يغلق والدك أبواب رحمته دونك وأن يرجع إلي سابق عهده معك راعيا وسندا لك في الحياة‏,‏ كما ينبغي للأب دائما أن يكون بالنسبة لأبنائه مهما تورطوا في حماقات في بعض الأحيان‏..‏



وأحسب أنه لن يطول الوقت قبل أن تشرق شمس حياتك برضا أبويك عنك وصفحهما عما كان من أمرك‏,‏ واغداقهما عليك بالعطف والرعاية كما هو قدر الآباء والأمهات دائما علي طول الزمان‏.‏

__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2011, 07:07 PM
  #52
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


الثمن الغالي


بـريــد الأهــرام
42914
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
4
‏16 من ربيع الاخر 1425 هـ
الجمعة




أريد أن أعترف لك بإثم ارتكبته لكي أخلص ضميري من عبئه‏..‏ وإن كنت لم أنج من دفع ثمنه‏..‏ فأنا رجل متوسط العمر أعمل في منصب قيادي باحدي الهيئات‏,‏ ولي صديق تزوجت ابنته من شاب كان يعمل تحت رئاستي بالهيئة‏.‏ وبطبيعة الحال فقد سألني صديقي عنه قبل الارتباط فشهدت له بحسن الخلق والجدية والالتزام‏..‏ ثم تم الزواج ولأسباب لا أعرفها لم يوفق الزوجان في حياتهما معا ولم تطل عشرتهما‏..‏ ورغب الشاب في أن يطلق ابنة صديقي‏,‏ واستنجد بي الصديق فحاولت إقناع الشاب بالعدول عن الطلاق دون جدوي‏,‏ وتم الطلاق بالفعل فاستأت لعدم نجاحي مع هذا الشاب‏,‏ وكرهته‏,‏ ومضت الأيام ثم اتصل بي أحد المعارف ليقول لي أن هذا الشاب قد تقدم لخطبة فتاة من أقاربه ويريد أن يعرف رأيي فيه لابلاغه لأهل الفتاة قبل الرد عليه‏,‏ فوجدتها فرصة للتنفيس عن ضيقي بهذا الشاب وأبديت فيه رأيا سيئا للغاية وقلت فيه ما أعلم أنه ليس من صفاته‏,‏ ولا أدري لماذا قسوت عليه وظلمته علي هذا النحو‏,‏ وحمل الرجل رأيي إلي أهل الفتاة فرفضوه‏,‏ وشاءت الظروف أن تتكرر نفس القصة مرة ثانية بعد شهور إذ سألني عنه والد فتاة تقدم هذا الشاب إليها‏,‏ فلم أكتف بتجريحه والاساءة إليه فقط‏,‏ وإنما أعطيت أيضا والد الفتاة رقم تليفون ابنة صديقي مطلقة هذا الشاب ليتحري منها عنه‏..‏ فانتهزت هي الفرصة لتقطيعه‏,‏ واتصلت بي تشكرني علي أن أتحت لها هذه الفرصة‏..‏



ومرت سنوات ورحلت زوجتي يرحمها الله عن الحياة‏..‏ وواجهت الحياة وحيدا لفترة‏..‏ ثم ضقت بالوحدة وفكرت في الزواج مرة ثانية وتلفت حولي أبحث عن سيدة متوسطة العمر مطلقة أو أرملة تكون زوجة ملائمة لي‏,‏ فخطرت علي بالي ابنة صديقي المطلقة منذ بضع سنوات ولم تتزوج‏,‏ وتساءلت‏:‏ ماذا يمنعني من الارتباط بها و فارق العمر بيننا ليس بالكبير جدا؟ وتحدثت إلي صديقي فوجدت منه ترحيبا وتحدثت إليها فلقيت منها التشجيع‏,‏ وهكذا تزوجتها‏..‏ وبدأت حياتي معها‏,‏ فإذا بي ألمس بعد قليل سوء طباعها وسوء عشرتها وذهلت حين اكتشفت أنها تسرق نقودا من حافظتي دون علمي‏,‏ ولم أشأ أن أظلمها بغير بينة وأردت التأكد فعددت النقود الموجودة بحافظتي قبل النوم ونمت وفي الصباح عددتها فوجدتها ناقصة‏!‏ كما لاحظت كذلك أنها تسرق من نقود الزكاة الموضوعة في مظاريف بأسماء من ستوجه لهم رغم علمها بأنها نقود زكاة‏,‏ وليت الأمر اقتصر عند هذا الحد‏..‏ أو ليته اقتصر علي حد إهمالها لبيتها ونظافته وسوء طهيها وصوتها العالي‏,‏ فلقد بدأت ألاحظ أن جرس التليفون يرن كثيرا في وجودي فإذا رددت عليه لم أجد سوي الصمت‏,‏ أما إذا ردت هي فإن الحديث يطول وتزعم لي أن المتصل إحدي صديقاتها‏,‏ فإذا تأكدت من أنه رجل زعمت أنه من الأهل‏.‏



فأدركت حينذاك فقط لماذا أصر زوجها السابق علي طلاقها ولم تفلح معه محاولاتي للعدول عن الطلاق‏..‏ وعرفت أنني قد ظلمته ظلما بينا حين افتريت عليه ما ليس فيه في شهادتي لمن سألوني عنه وأفسدت عليه زيجتين كان يسعي إليهما‏..‏


وإنني أشعر أنني قد أجرمت في حق هذا الشاب وقلت فيه بالباطل ما ليس فيه‏,‏ ولا يخفف من إحساسي بالاثم سوي أنني قد تجرعت من نفس الكأس التي أردته أن يواصل تجرعها للنهاية‏..‏ وإني لأرجو أن يغفر الله لي هذا الاثم‏..‏ وأكتب إليك هذه الرسالة لكي أقر بذنبي وأنصح غيري ألا يفعلوا ما فعلت لكيلا تؤرقهم ضمائرهم أو يدفعوا ثمنا غاليا كالذي دفعته‏..‏



ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏


من المؤسف حقا أن البعض منا يستهين بحرمة قول الزور عن الآخرين ولا يشعر باثمه ولا بخطورته‏,‏ مع أن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه قد نبهنا إلي أنه من أكبر الكبائر وليس مجرد كبيرة‏,‏ ففي الحديث الذي رواه أبوبكر أنه قال لأصحابه ذات يوم ألا انبئكم بأكبر الكبائر‏(‏ ثلاثا‏)‏ قالوا‏:‏ نعم‏,‏ قال‏:‏ الاشراك بالله وعقوق الوالدين‏,‏ وكان متكئا فجلس وقال‏:‏ ألا وقول الزور‏,‏ ومازال يرددها حتي قلنا ليته سكت‏..‏ كما نهانا الرسول الكريم أيضا عن قول السوء عن أحد وقال ما معناه انك إن قلت عنه ما فيه فقد اغتبته وإن قلت عنه ما ليس فيه فلقد بهته‏,‏ أي افتريت عليه وظلمته وآذيته أذي شديدا بلا ذنب جناه‏..‏



وأنت ياسيدي قد بهت ذلك الشاب الذي كان يعمل معك وآذيته أشد الأذي وحرمته ظلما وافتراء من فرصة الاقتران بمن تقدم لهما مرتين‏,‏ فلا عجب أن تدور دائرة الأيام وتكشف لك ما لم تكن تعلم‏,‏ وتندم علـي خطئك في حقه وتستشعر إثمه‏,‏ وقد قال لنا الفقهاء إن التوبة إذا كانت تتعلق بحقوق الله علي العبد فإنها تصح إذا توافرت لها ثلاثة شروط هي الكف نهائيا عما أثم المرء بفعله‏.‏ والندم الصادق عليه‏,‏ والعزم الأكيد علي ألا يرجع إليه أبدا‏,‏ أما إذا كانت تتعلق بحقوق الغير فإنه يضاف إلي هذه الشروط الثلاثة شرط رابع هو رد الحق إلي صاحبه‏,‏ فإذا كان حقا ماديا اعاده إليه أو أستسمحه فيه إذا كان حقا معنويا كأذي اللسان اعتذر له وطلب صفحه عنه‏,‏ وقد اختلف الفقهاء في الحقوق المعنوية‏,‏ هل ينبغي للتائب أن يصرح له بما قاله عنه ويطلب صفحه عنه أم يتكتم ما قاله عنه لكيلا يؤذيه مرة ثانية بتكرار ما قاله عنه في غيابه‏,‏ وربما لم يكن يعلم به‏,‏ فقال بعضهم إن عليه أن يعترف له بما قاله عنه وقال البعض الآخر إن في اعترافه له أذي معنويا هو في غني عنه‏,‏ وأخذ جمهور الفقهاء بالحل الوسط وقالوا إن الأفضل هو أن يعتذر له اعتذارا عاما بغير تعيين لما قاله عنه ويطلب منه عفوه رعاية لمشاعره وتفاديا لتكرار ايذائه من جديد‏,‏ وهذا ما ينبغي أن تفعله مع هذا الشاب إذا كنت صادقا حقا في ندمك علي ما آذيته فيه‏..‏ فهل تفعل؟


__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2011, 07:08 PM
  #53
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


الضريبة الباهظة


بـريــد الأهــرام
42914
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
4
‏16 من ربيع الاخر 1425 هـ
الجمعة




أنا شاب مصري عمري‏40‏ عاما سافرت منذ‏15‏ عاما إلي فرنسا‏..‏ وبعد فترة قصيرة من اغترابي تعرفت علي فتاه فرنسية وتزوجنا وأنجبنا ولدا وبنتا هما كل حياتي الآن‏.‏


وفي بداية الزواج كنا نعيش في استديو صغير أي في شقة من غرفة واحدة ضيقة وحمام ومطبخ‏,‏ فعملت بجد واجتهاد لمدة‏12‏ ساعة يوميا وعلي مدي‏7‏ أيام كل أسبوع بلا راحة حتي وفقني الله في الانتقال بأسرتي إلي شقة أكبر‏..‏ وواصلت العمل بعد ذلك بنفس الجد حتي تمكنت بفضل الله من الانتقال إلي فيلا بحديقة كبيرة أقيم فيها الآن‏.‏ وبالطبع فقد كانت هنا في بداية الزواج مشاكل شهدتها حياتي مع زوجتي مثل اهتمامها الزائد بالريجيم والاجازات واهمالها لكل شئون البيت‏,‏ وبعد محاولات فاشلة لدفعها للاهتمام بالبيت‏,‏ حاولت أن أحثها علي ذلك بأسلوب آخر‏,‏ فكنت أرجع من عملي الشاق جدا مهدودا فلا أركن للراحة‏,‏ وإنما أبدأ في أداء الواجبات المنزلية التي لم تؤدها زوجتي‏,‏ مؤملا أنها حين تراني أفعل ذلك مع ارهاقي الكامل سوف تتحرك وتؤدي بقية الواجبات وتعفيني من العناء‏,‏ فكانت النتيجة أن استمر هذا الوضع‏14‏ عاما حتي الآن‏..‏ أرجع من عملي الشاق إلي البيت فأقوم بالواجبات المنزلية‏,‏ وإن لم أفعل ذلك‏,‏ فلا طعام لنا ولا نظافة للبيت ولا اهتمام بالأبناء‏,‏ وزوجتي لا تعرف شيئا سوي اعداد وجبات الرجيم لنفسها والقراءة في المجلات والاعداد للاجازة القادمة‏,‏ ولقد ح



اولت معها بكل الطرق أن تهتم بالبيت وشئون الأسرة والواجبات المنزلية دون جدوي‏,‏ وكانت عقب كل مناقشة من هذا النوع تغضب وتمنعني من نفسها‏,‏ ولولا أنني رجل متدين وأؤدي الفروض الدينية وأقوم بالحج سنويا لربما كنت قد انحرفت‏,‏ والآن وبعد‏14‏ عاما من الزواج استطيع أن أقول لك أنني لم أعش مع زوجتي هذه يوما واحدا هانئا ــ وإن كل حياتي معها كانت ومازالت عملا في عمل‏,‏ في المهنة الشاقة التي أمارسها‏..‏ وفي البيت بعد العودة لاعداد الطعام لنا والاهتمام بالأولاد‏,‏ وكل الفنون المنزلية التي تعرفها زوجتي هي طلب الطعام من أي مطعم بالتليفون‏!‏ ولا شئ آخر‏.‏


لقد نصحني أصدقائي القريبون مني ويعرفون ما أعانيه بأن أتزوج‏,‏ والحق أنني أشعر أني في حاجة بالفعل إلي الزواج لأني أعتبر نفسي لم أتزوج بعد‏,‏ مع أن زوجتي سعيدة للغاية بحياتها معي‏,‏ وحين أهددها بأنني سوف أتزوج لا تهتم بتهديدي لأنها تعرف مدي تعلقي بأولادي‏,‏ وأنا أريد أن أتزوج فعلا يا سيدي‏,‏ فهل أتزوج مصرية وأصطحبها معي إلي فرنسا‏,‏ أم هل أبقيها في مصر وأرجع إليها كل شهر أو شهرين مثلا‏,‏ مع مراعاة أنني لا أستطيع أن أستغني عن أولادي لحظة واحدة ولا آمن زوجتي عليهم أبدا‏,‏ فبماذا تنصحني وهل تساعدني في الزواج من مصرية علما بأني ملتزم دينيا وظروفي المادية جيدة؟



ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏


سمحت لي الظروف بالاقتراب من تجارب أصدقاء مصريين تزوجوا من فرنسيات كما فعلت أنت‏..‏ ومن واقع خبرتي الشخصية أستطيع أن أقول إن زوجتك الفرنسية قد تغفر لك أي شئ تفعله إلا أن تتزوج عليها امرأة أخري‏,‏ وأنها‏,‏ بمجرد أن تعرف بأمر هذا الزواج أو تكتشفه سوف تقاتل بضراوة ليس لاجبارك علي طلاقها كما قد تظن‏,‏ وإنما لكي تحصل علي الطلاق منك حتي ولو لم يكن لها مورد تستطيع الاعتماد عليه بعد الانفصال‏,‏ كما أنها سوف تتمسك بضم ابنائها إليها حتي ولو كانت قد أهملت شئونهم خلال حياتها الزوجية معك وسيساعدها القانون في بلادها علي ذلك‏.‏


فإذا كنت لا تأمنها علي ابنائك إذا انفصلت عنها وهو ما سيحدث حتما إذا اكتشفت أمر زواجك‏,‏ فإنك بذلك تعرضهم للقلاقل والاضطراب نتيجة لتعذر إشرافك الكامل عليهم بعد الانفصال‏,‏ ولعدم كفاءة أمهم وعجزها عن رعايتهم علي النحو المطلوب‏,‏ وبذلك لايصبح هناك مجال لتحقيق رغبة الزواج إلا إذا نجحت في تكتمه عن زوجتك‏..‏ والسؤال هو‏,‏ إلي متي سوف تستطيع التخفي بأمر زواجك الثاني عن زوجتك فلا تعلم به ولا تستشعر التغير الذي سيطرأ علي حياتك بعده؟ وماذا سيكون من أمرها معك حين تكتشف سره؟



لقد لجأ بعض زملائك الذين واجهوا نفس الظروف‏,‏ إلي الزواج في مصر وتأسيس بيت للزوجية يترددون عليه كل حين‏,‏ إلي جانب بيت الزوجية الأصيل في فرنسا‏,‏ وهو عناء مضاعف‏,‏ فهل أنت مستعد له‏..‏ وهل لديك من فائض الطاقة النفسية ما تبدده في تكتم سر زواجك بمصر عن زوجتك الفرنسية وابنائك‏,‏ وفي الاحتراز لكل كلمة أو تصرف أو اشارة تصدر عنك لكيلا ينكشف السر المكتوم‏.‏


وهل لديك فائض آخر من الجهد النفسي تبذله في ارضاء الزوجة الأولي لكي تظل مستنيمة لاطمئنانها إلي أنك لايمكن أن تتزوج عليها ذات يوم‏,‏ وفي إرضاء الزوجة الثانية واشعارها بتميزها وأفضليتها لكي تصبر علي غيابك لفترات طويلة عنها‏,‏ ورفضك لاصطحابها معك إلي حيث تعمل وتقيم؟



وماذا تفعل لو كانت الزوجة الثانية طموحا أو شديدة الغيرة أو صاحبة تطلعات مادية واجتماعية وأصرت علي أن يكون لها مثل ما لزوجتك الأولي من اقامة في فرنسا وفيلا لها حديقة‏..‏ وعدل في المبيت لديها ليلة بعد أخري؟


انه طريق محفوف بالأشواك والقلاقل‏..‏ ولم يسر فيه أحد بغير أن يتكبد ـ راضيا أو ساخطا ـ ضريبته الحتمية من العناء والجهد والتكاليف مهما تكن مهارته‏!‏



فهل أنت علي استعداد لدفع هذه الضريبة الباهظة؟


وهل ما تشكو منه وتنكره علي زوجتك وربما كنت قد ألفته ولم يعد يشكل لك مشكلة ملحة يستحق عناء التمزق بين زوجتين‏,‏ والقلق علي ابنائك لاحتمال حرمانهم من رعايتك الكاملة‏.‏ واستقلال أمهم بهم دونك إذا علمت بزواجك؟



إنه قرارك واختيارك‏..‏ ففكر في الأمر رويا‏..‏ وأبلغني بما يستقر عليه رأيك إن شاء الله‏.‏

__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2011, 07:10 PM
  #54
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


الهدية المباركة


بـريــد الأهــرام
42914
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
4
‏16 من ربيع الاخر 1425 هـ
الجمعة




أنا من قراء بابك وكثيرا ما تأثرت بتجارب الناس في هذه الحياة مستفيدا من ردودك عليهم‏,‏ ومنذ شهور فقدت أغلي الناس في حياتي وهي أمي وحزنت عليها كثيرا‏,‏ خاصة أنها كانت تتمني أداء العمرة قبل وفاتها وللأسف لم يمكنها المرض من ذلك وعاجلها الموت قبل تحقيق الحلم لذا أردت أن أحقق هذا الحلم لواحدة من الأمهات اللواتي لم يؤدين العمرة قبل ذلك ولا يستطعن أداءها لضيق ذات اليد وحبذا لو كانت من أهل المصائب والمحن حتي أكون سببا في تخفيف آلامها‏,‏ لهذا أرجو ترشيح أم طيبة من هذه النوعية الصابرة وابلاغي ببياناتها في أقرب وقت ممكن‏,‏ بغير اشارة إلي اسمي إلا لمن ستختارها‏,‏ وسأتحمل جميع نفقات السفر والاقامة والمعيشة بإذن الله وشكرا لك‏.‏



ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏


حسنا تفعل حين تدعو أما حزينة أو مكلومة لأداء العمرة واسترواح النسمات العطرة في الحرمين الشريفين‏,‏ ولاشك أن اقامتك في المدينة المنورة سوف تيسر لك توفير أفضل الظروف الممكنة لهذه الدعوة الكريمة‏..‏ ولسوف أتصل بك قريبا لابلاغك ببيانات من يقع عليها الاختيار للتمتع بهذه الهدية المباركة بإذن الله‏

__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2011, 07:11 PM
  #55
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


أصدقاء علي الورق





بـريــد الأهــرام
42914
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
4
‏16 من ربيع الاخر 1425 هـ
الجمعة




قرأت رسالة‏(‏ الفرصة الأخيرة‏)‏ المنشورة في‏(‏ بريد الجمعة‏)‏ والتي أرسلتها زوجة تشكو من امرأة أخري تحاول أن تخطف زوجها وهي قد وصفتها بأنها أفعي وبأنها حية تسعي إلي خراب البيوت العامرة وتحاول بناء سعادتها علي أنقاض سعادة الآخرين‏.‏



وقد أعجبني ردكم علي هذه الرسالة واني أستأذنكم في تسجيل بعض الملاحظات‏:‏


‏1‏ ـ إذا كانت الشريعة قد أباحت للرجل الزواج مثني وثلاث ورباع فإن ذلك يكون بسبب مبررات قوية يعرفها الجميع وليس لمجرد أي نزوة عابرة تهدد استقرار الأسرة‏.‏


وإذا تزوج الرجل أكثر من واحدة فإن ذلك يكون مشروطا بتحقيق مبدأ العدل بين كل زوجاته وذلك من أجل استقرار كل أسرة‏.‏



‏2‏ ـ بعد الزواج إذا مال قلب الرجل نحو امرأة أخري فإن زوجته الأولي تتحمل جزءا من المسئولية إذا أهملت زينتها بعد الزواج أو ازداد اهتمامها بالبيت والأولاد علي حساب الزوج‏.‏



‏3‏ ـ إنني أحيي صاحبة الرسالة لأنها ظلت تدافع عن مملكتها بكل شراسة ولم ترفع الراية البيضاء منذ الجولة الأولي كغيرها من النساء اللاتي تسارع كل منهن بطلب الطلاق وبعد ذلك تجتر أحزانها بعد أن تترك لغريمتها الفرصة كي تواصل مشوار الحياة مع زوجها الذي خذلها وتنكر لها رغم أنها تحملت معه صعوبات البداية وضحت بالكثير من أجله‏.‏


من رسالة للدكتور سمير القاضي
__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2011, 07:13 PM
  #56
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


العصــــــــا الســــــــحرية‏!‏


بـريــد الأهــرام
42921
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
11
‏23 من ربيع الاخر 1425 هـ
الجمعة




قرأت رسالة‏.........‏ للشاب المكافح الذي كان اخوته ينكرونه ويجافونه لأنه ابن الزوجة الثانية لأبيهم الراحل‏..‏ والذي روي لك أنه صبر علي جفاء اخوته له وعلي ظروفه القاسية وحافظ علي صلة الرحم معهم بالرغم من نفورهم منه ـ وكافح كفاحا مريرا وعمل عاملا في محل لطحن البن ثم بدأ يتاجر فيه وتحسنت أحواله حتي تغلب علي ظروفه ـ وأصبح تاجرا ناجحا وثريا‏,‏ فاعترف به اخوته من أبيه وأصبحوا يرحبون به ويحترمونه بل ويقصدونه لطلب الخدمات أو القروض منه‏,‏ ولقد شجعتني هذه الرسالة علي أن أروي لك أنا أيضا قصتي التي تعكس وجها آخر للعلاقة بين الإخوة‏..‏ فإذا كان كاتب الرسالة هو الأخ الذي حرص علي صلة الرحم برغم إنكار اخوته له‏,‏ فلقد كنت أنا للأسف الأخ المبتعد عن اخوته الرافض للتقارب معهم‏,‏ وأرجع إلي البداية فأقول لك إنني ابن وحيد بين أربع بنات لأب كان يملك مشروعا تجاريا ناجحا‏,‏ وقد أنجبني بعد ثلاث من البنات فسعد بي سعادة طاغية‏,‏ واهتم بي اهتماما كبيرا‏,‏ وأغدق علي بالعطف والحب والحنان‏,‏ وأشركني معه في عمله وأنا مازلت صبيا لكي أتعلم أسرار العمل الذي سأخلفه فيه بعد عمر طويل‏,‏ وبعد عدة سنوات أراد أن أتوقف عن الدراسة لاتفرغ للعمل معه‏,‏ لكنني فضلت أن أواصل دراستي وأن أحصل علي شهادة تكون سلاحا لي حتي ولو عملت بالتجارة‏,‏ ولم يتمسك أبي برغبته طويلا فلقد كان حريصا علي ألا يغضبني‏,‏ وهكذا واصلت الدراسة والعمل معه حتي حصلت علي بكالوريوس التجارة‏..‏ وكانت هدية أبي لي يوم ظهور النتيجة سيارة صغيرة وتفرغت للعمل معه‏,‏ ووجدت بين يدي نقودا كثيرة فانسقت بعض الشئ وراء عبث الشباب ومغامراتهم‏,‏ وانزعج أبي كثيرا حين علم بذلك وكانت شقيقاتي الثلاث اللاتي يكبرنني قد تزوجن‏,‏ فألح علي أبي أن أسارع بالزواج لكي يطمئن علي‏,‏ وعرض علي ابنة صديق له من أسرة كريمة‏,‏ وجاريته في البداية لكيلا أغضبه‏,‏ وأنا أعتزم التسويف والمماطلة‏,‏ ووافقت علي أن أري الفتاة المرشحة لي في بيت عمتي ورأيتها‏,‏ فإذا برعشة كهربائية مفاجئة تسري في دمي‏,‏ وإذا بي أنجذب إليها وأعجب بها‏,‏ وخطبتها‏,‏ ووقعت خلال فترة الخطبة في غرامها فانصرفت عن عبث الشباب وأخلصت لها وشعرت بحبها الكبير لي‏,‏ وتزوجنا وسعدنا بحياتنا معا‏..‏



ورحل أبي عن الحياة بعد زواجي بشهور‏,‏ وخلفته في العمل وتحملت مسئوليته وأصبحت الأخ الأكبر الذي يرعي شقيقاته‏,‏ بالرغم من أن ثلاثا منهن يكبرنني‏.‏ وبهذا الاحساس وافقت علي زواج أختي الصغري من شاب تقدم لها وأشرفت علي إعداد جهازها وكل متطلباتها‏.‏



وكنت منذ وفاة أبي وإنهاء اجراءات الوراثة قد اعتدت أن أعطي لشقيقاتي ما يحتجن إليه من نقود خلال العام وأسجله لدي‏,‏ فإذا انتهت السنة وأجرينا حساباتها الختامية تحاسبنا فيكون لكل منهن مبلغ من المال كإيراد عن نصيبها في الشركة أو تكون قد استهلكته كله أو تجاوزته‏,‏ فيخصم الزائد من حساب السنة التالية‏,‏ وكانت أمي راضية عن ذلك وسعيدة به وتدعو لي بالفلاح والنجاح والسعادة‏,‏ إلي أن جاء يوم وفوجئت بزوج كبري شقيقاتي يحدثني بلهجة لم أسترح إليها عن نصيب زوجته‏,‏ ويريد أن يطلع علي حسابات العمل‏,‏ فثرت عليه ثورة هائلة واتصلت بزوجته غاضبا وعنفتها وقاطعتها بعد ذلك وشكوتها لأمي ولأخواتي‏..‏ ولم أكتف بذلك وإنما قررت أن أعاقبها عقابا رادعا‏,‏ علي سماحها لزوجها بهذا التدخل‏,‏ فأصررت علي اخراجها من الشركة وتصفية نصيبها فيها ودفع قيمته لها فلا تعود لها ولا لزوجها أية صلة بها‏..‏ وتعقدت الأزمة وفشل الأهل في التقريب بيننا‏,‏ وانتهي الأمر بعمل تسوية لنصيبها‏,‏ رفضتها هي في البداية وأصريت عليها ولم أستجب لأية وساطة‏..‏ كما لم أستجب أيضا لضغط زوجتي علي لكي أرجع عن تصميمي وأقبل بتعديل التسوية لصالح أختي التي رضخت في النهاية ووقعت علي التخارج من الشركة وقبضت المبلغ الذي حددته وهي تنذرني بأن الله لن يبارك لي في مالي ولا في عيالي لأني قد ظلمتها‏!‏



وتركت الأزمة آثارها علي علاقتي ببقية شقيقاتي‏,‏ فلقد أصبحن يخفن مني منذ هذا الحين‏,‏ وبدأت أنا أفتقد الحب الصافي الذي كنت أستشعره في علاقتي بهن‏,‏ غير أنني لم أهتم كثيرا بذلك‏,‏ فلقد ازدهر العمل وكثرت الشواغل‏..‏ وتباعدت اللقاءات بيني وبينهن وأصبحت أعمل‏14‏ أو‏15‏ ساعة في اليوم وأقطع البلاد من شمالها إلي جنوبها لأنها متطلبات العمل‏,‏ ثم بدأت مشروعا جديدا وانهمكت في تنفيذه فإذا بخاطر غريب يلح علي هو لماذا أوزع عائد جهدي وشقائي علي من لا يبذلون قطرة عرق واحدة في كسب هذا المال؟ صحيح أن لشقيقاتي حقا في هذا المال بقدر أنصبتهن في تركة أبي‏,‏ لكن المحصلة هو أنني أشقي وأتعب وحدي ويجني أزواجهن ثمرة شقائي بلا تعب ولا مجهود‏,‏ وهذا وضع ينبغي ألا يستمر طويلا‏,‏ وهكذا قررت إخراج شقيقاتي من الشركة وتعويضهن عن أنصبتهن فيها وأعلنتهن بذلك وعرضت عليهن تسوية رأيتها عادلة ورأينها هن وأزواجهن ظالمة‏,‏ فحزنت أمي كثيرا وحذرتني من ظلم اخواتي‏,‏ وغضبت الشقيقات الثلاث لكنهن لم يخرجن معي عن حدود الأدب‏..‏ وكان أقصي ما قلنه لي هو‏:‏ إنك تظلمنا بهذه التسوية لكن الظفر لا يخرج من اللحم‏,‏ ولن نشكوك إلا الي الله تعالي‏,‏ ولن نقطع صلتنا بك إكراما لأبينا وأمنا وزوجتك الطيبة التي لا ترضي عما فعلت معنا‏.‏



واهتززت قليلا حين سمعت منهن ذلك‏,‏ لكني قدرت أنهن سوف ينسين غضبهن مع الأيام وتعود العلاقة لسابق عهدها بيننا‏,‏ وتوقفت امام اشارتهن لموقف زوجتي وكيف أنها غير راضية عما أفعل‏,‏ وتعجبت كيف لها وهي تحبني حبا عميقا أن تخالفني في رغبتي في التحرر من الشركاء والانطلاق حرا في العمل‏,‏ بحيث تكون لي ولها وحدنا ثمرة شقائي وكفاحي‏,‏ وناقشتها طويلا في ذلك فلمست فيها الخوف من المستقبل ومن أن يضيع المال الذي أحرص علي أن يكون لنا وحدنا إذا تخلي الله عن توفيقه لنا‏,‏ وحاولت طمأنتها بلا جدوي وانهمكت في تنفيذ المشروع الجديد‏,‏ وأصبحت الأسابيع والشهور تمضي دون أن أري شقيقاتي‏,‏ ورحلت أمي عن الحياة وأنا موجود في أسوان فأسرعت بالعودة وقالت لي السيدة العجوز التي كانت ترعاها أن آخر كلماتها لها كانت‏:‏ قولي لفلان‏:‏ اخواتك‏!‏ والتقيت بشقيقاتي في بيت أبي‏,‏ وشعرت بجفائهن الصامت لي وحاولت ألا أتأثر‏,‏ وبدلا من أن ألتمس لهن العذر وجدتني أضيق بهن وأتهمهن بظلمي والانقياد لأزواجهن ضدي وعدم مراعاتي كأخ لهن‏,‏ واستأت من زوجتي لحرصها علي مودتهن بالرغم من أنهن لا يحرصن علي مودتي‏,‏ وتشاجرت معها ذات يوم وسألتها بأي وجه تزورينهن‏..‏ وكيف تسمعين منهن كلاما سيئا عني ولا تردين؟ فأجابتني باكية إنها تزورهن لأنها وحيدة أبويها ولا إخوة لها وتعرف قيمة الأهل مهما حدث بينهم‏,‏ كما أنهن يحرصن علي مشاعرها فلا تذكرني إحداهن بسوء أبدا أمامها‏,‏ ولم أقتنع بذلك ولم أطمئن إليه‏,‏ وعدت للانغماس في العمل من جديد‏,‏ وفجأة تعرض عملي لمحنة شديدة كادت تعصف بكل ما بنيته علي مدي السنين‏,‏ بسبب ظروف معاكسة نادرة الوقوع‏,‏ ولكنها وقعت معي وحدي للعجب‏,‏ وتعلق أملي في الخروج منها بأن أجد سيولة مالية كافية لتغطية المطلوب‏,‏ وبالصمود لأطول فترة والصبر علي المشروع الجديد حتي يؤتي ثماره‏,‏ واستخدمت كل ما لدي من مدخرات في هذه المحنة‏,‏ وبعت قطعة أرض للبناء واستعنت بثمنها علي انقاذ العمل‏,‏ وضاقت الحلقة حولي حتي عجزت عن النوم‏,‏ وشعرت بالاختناق وفي كل يوم مشكلة جديدة ومطالبة جديدة وبمتأخرات حتي كدت أسلم باليأس في بعض الأوقات واستسلم وأشهر إفلاسي‏,‏ وشعرت زوجتي بما أعانيه فلم تتردد في إعطائي كل مصاغها ومجوهراتها لأستفيد بثمنها في حل أزمتي‏..‏



كما جاءتني أيضا بما تملكه من شهادات إيداع لنفس الغرض‏,‏ وفي شدة ضيقي تذكرت شقيقاتي اللاتي ابتعدت عنهن وابتعدن عني وسألت نفسي هل تراني بالفعل قد ظلمتهن؟ وهل كان تقييمي لنصيب كل منهن في تركة أبينا عادلا أم مجحفا؟ ولماذا أجبرتهن علي الخروج من الشركة‏,‏ وقد كن جميعا رافضات لذلك؟


ولماذا لم أحرص علي مودتهن ورعايتهن كما يجدر بالأخ الوحيد أن يفعل مع شقيقاته‏..‏ إن الظروف المعاكسة التي واجهتها في العمل يندر أن تتجمع كلها في وقت واحد‏,‏ أو أن تقع واحدة بعد الأخري كما حدث معي‏,‏ فما هو تفسير ذلك؟ إلا أن يكون التوفيق الالهي قد حجب عني‏..‏ وبماذا استحققت هذا العقاب؟



وفكرت طويلا فيما حدث وراجعت موقفي من كل شئ‏,‏ وكان اليوم يوم الاثنين وأنا صائم صيام تطوع وقررت بيني وبين نفسي أن أنهج نهجا جديدا في الحياة أتحري فيه‏,‏ دإئما رضا الله سبحانه وتعالي قبل أي شيء آخر‏,‏ وعدت للعمل بأمل جديد وحرصت منذ ذلك الحين علي صيام يوم الاثنين من كل أسبوع‏,‏ وعلي أن أجدد العهد مع نفسي في هذا اليوم علي أن أصلح أخطائي‏,‏ وبدأت الخطوة الأولي علي طريق الاصلاح بزيارة مفاجئة لكبري أخواتي التي حاول زوجها مراجعة حساباتي وكانت قد مضت خمس سنوات كاملة علي القطيعة التامة بيننا‏,‏ حتي أنني رأيتها في وفاة أمي لم أتبادل معها كلمة واحدة‏..‏ وقد توجهت لزيارتها مصطحبا معي زوجتي كأنما أحتمي بها‏,‏ وفوجئت أختي بي أمامها فلم تتمالك نفسها وهجمت علي باكية واحتضنتني وانهالت تقبيلا علي رأسي ويدي‏,‏ فلم أشعر إلا ودموعي تنهمر من عيني‏..‏ وقبلت رأسها ويدها وطلبت منها السماح ووعدتها بتصحيح كل شيء وارضائها‏,‏ فإذا بها تقول إنها لا تريد مني شيئا إلا أن أكون أخا لها وخالا لأبنائها‏,‏ وأن يوم دخولي بيتها بعد هذه السنوات هو يوم عيد وأكدت ذلك بزغرودة فرح طويلة جاوبتها علي الفور زغرودة مماثلة من زوجتي‏..‏ وظللت طوال الجلسة دامع العين باسم الثغر‏,‏ سعيدا‏.‏



وبعدها بأيام تكرر نفس المشهد تقريبا في بيوت شقيقاتي الأخريات‏..‏ وخرجت من عندهن وأنا أتعجب كيف حرمت نفسي من مودة شقيقاتي هؤلاء وأبنائهن وأزواجهن طوال السنوات الماضية‏..‏ وعادت المياه إلي مجاريها بيني وبين أخواتي‏..‏ واكتشفت أنني أكثر قدرة علي مواجهة صعاب العمل من ذي قبل‏.‏ وأنني أعمل وأنا أكثر تفاؤلا بالمستقبل وأكثر أطمئنانا‏..‏ واتفقت مع أخوتي علي أن نجتمع كلنا رجالا ونساء وأطفالا علي الغداء في بيت أحدنا يوم الخميس من كل أسبوع لنتناول الطعام معا ونمضي فترة الأصيل في سمر عائلي ممتع‏..‏ وانتظمت هذه اللقاءات وكانت البداية في بيتي‏,‏ وبدأت السحب السوداء التي تجمعت في سماء العمل تنقشع تدريجيا واحدة بعد الأخري إلي أن زالت كلها في مدي عامين‏,‏ إن لم أكن قد حققت فيهما الربح المنتظر‏,‏ فلقد كسبت فيهما ما لا يقدر بمال وهو شقيقاتي وأزواجهن وأولادهن‏..‏ ثم نشطت عجلة العمل التي كانت تدور بصعوبة‏..‏ وتسارعت دورتها واطمأن قلبي إلي عبوري للأزمة بسلام وبدأت أجني الثمار‏,‏ وهنا قررت تنفيذ ما كنت قد عقدت العزم عليه وأنا في شدة المحنة‏..‏ فأعددت لشقيقاتي جميعا عقود مشاركة معي في المشروع القديم الذي ورثناه عن أبينا وتخارجن منه‏,‏ كل بقدر نصيبها الشرعي في التركة بغض النظر عن أنني قد دفعت لها من قبل قيمة نصيبها عند التخارج‏,‏ وفاجأتهن بهذه العقود وطلبت منهن توقيعها والاحتفاظ بنسخ منها لديهن‏..‏ وسعدن بذلك لكنهن تساءلن وكيف لنا أن ندفع نصيبنا في رأس المال‏,‏ وقد أنفقنا أنصبتنا التي حصلنا عليها ولا نملك ما ندفعه لك‏,‏ فأجبتهن بأن العقود تفيد أنهن قد دفعن بالفعل أنصبتهن ولا يحتجن إلي دفع أي شيء جديد‏,‏ فازددن سعادة‏..‏ وانهالت الدعوات الصالحات لي ولزوجتي وأولادي وحاصرتني نظرات الحب والشكر والعرفان‏.‏ وأريد أن أقول لك إنني لم أفعل ذلك طلبا لرضائهن ومودتهن‏,‏ فلقد أخلصن لي المودة بالفعل منذ عادت العلاقات بيننا‏,‏ لكني فعلته طلبا لرضاء المولي سبحانه وتعالي وتنفيذا لوصية أمي الأخيرة قبل أن تفارق الحياة‏,‏ ويا سبحان الله فكأنني قد عثرت بعد ذلك علي عصا سحرية أشير بها إلي العقبات والصعوبات فتزول عن طريقي بيسر وسهولة بأمر الله‏..‏ وتفتح لي الأبواب المغلقة في كل مجال‏,‏ فلقد ازدهر العمل‏..‏ وتضاعفت الأرباح ورسخت أقدامي في السوق‏,‏ وأصبح لي‏4‏ مساعدين متطوعين هم أزواج شقيقاتي أكلفهم بما أشاء من مهام العمل فيؤدونها في حماس وحب‏,‏ وأكلف هذا بالسفر إلي أسيوط وذاك بالسفر إلي الإسكندرية‏,‏ فيرحب بما أكلفه به‏,‏ وفي يوم الخميس نجتمع علي الغداء ونقضي بقية اليوم معا‏,‏ وكلما احتاجت أخت من أخواتي إلي مبلغ من المال سددته لها وخصمته من عائدها السنوي‏,‏ فإن كنت قد ندمت علي شيء فعلي أن أمي قد رحلت عن الحياة وعلاقتي بشقيقاتي‏,‏ شبه مقطوعة فلم تسعد برؤيتنا كما تحب كل أم أن تري أبناءها متحابين متراحمين‏,‏ أما زوجتي فاني أعجب لها حقا‏,‏ وأزداد حبا لها وإعجابا بها يوما بعد يوم‏,‏ فلقد جرت العادة علي أن نسمع الشكوي من سعي بعض الزوجات إلي إبعاد أزواجهن عن شقيقاتهم وتبادلهن الغيرة وسوء الظن معهن‏,‏ وزوجتي هذه كانت أكثر الناس تعاسة بجفائي لأخواتي في السابق‏,‏ وكثيرا ما حثتني علي مودتهن‏,‏ وأصرت علي أن تتزاور معهن طوال فترة الجفاء وعلي الاتصال بهن هاتفيا كل يوم تقريبا‏,‏ وهي الآن في قمة سعادتها بعودة المياه لمجاريها بيني وبين أخواتي‏..‏ وتسألني إذا لم يتواد الإنسان مع أهله وأخوته فمع من يتواد ويصاحب إذن؟



ولقد كتبت لك رسالتي لأقول لك إنني أفضل الآن حالا من كل الوجوه عما كنت حين أغراني طمع الدنيا بإخراج شقيقاتي من تركة أبيهن‏,‏ وأن مالي لم ينقص بما فعلت معهن بل نما وزاد‏.‏ وبارك الله لي فيه وفي أبنائي وزوجتي وصحتي وكسبت ما هو أهم من المال وهو راحة القلب والضمير‏.‏ ونصيحتي لكل إنسان أن يعدل مع ذويه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏



ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏


العصا السحرية التي عثرت عليها وفتحت لك الأبواب التي كانت مغلقة من قبل في وجهك وأزالت العقبات والصعوبات عن طريقك‏,‏ هي راحة القلب والضمير والتحرر من الشعور بالذنب تجاه شقيقاتك‏,‏ ومن شكك أو يقينك بأنك قد ظلمتهن بإخراجهن من تركة أبيهن علي غير رغبتهن وقطعت عنهن موردا منتظما كن يعتمدن عليه للتوسعة علي أسرهن‏,‏ ولقد كان حالك وأنت تتساءل هل تراني قد ظلمتهن‏,‏ تجسيدا للإحساس بالإثم كما صوره لنا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه حين قال ما معناه‏:‏ الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس‏,‏ والمؤكد أنه لم يكن يسرك بأي حال من الأحوال أن يطلع أحد علي سعيك لإخراج شقيقاتك من تركة أبيهن علي غير إرادتهن لكي تنفرد بعائدها وحدك‏,‏ ولا علي القيمة المالية التي قدرتها لكل منهن مقابل نصيبها واعتبرتها هي مجحفة‏,‏ ناهيك عن إحساسهن بالقهر والإرغام علي قبولها راضية كانت أم راغمة‏..,‏ وكل ذلك ليس مما يشعر معه أصحاب الضمائر الحية والوجدان الديني بالارتياح‏,‏ ولا هو مما يساعد الانسان علي الانطلاق في الحياة متحررا من المشاعر السلبية التي تبدد جزءا ثمينا من طاقته النفسية‏,‏ لأنك لابد أن تتوجس ممن ظلمته مقدرا أنه لابد يحمل لك مشاعر البغضاء والكراهية وتتحفز لكل خطوة أو اشارة منه متوقعا السوء من جانبه‏,‏ ولقد ينتهي بك الحال غالبا إلي كرهه لأنه يمثل عبئا نفسيا اضافيا عليك‏..‏



وكل ذلك يخصم من قدراتك ومن هنائك واستمتاعك بالحياة وبالنجاح‏,‏ وإذا كان مما ينغص صفاء المرء أن يشعر بأنه قد ظلم انسانا ما عن غير عمد ويستغفر ربه كثيرا علي ذلك‏..‏ فما بالك إذا كان قد ظلمه عامدا متعمدا‏..‏ وما بالك إذا كان المظلوم من أقرب الناس إليه ومن ذوي رحمه الأقربين؟ إن الشاعر العربي يقول‏:‏


وظلم ذوي القربي أشد مضاضة


علي النفس من وقع الحسام المهند



وهو أشد مضاضة علي نفس المظلوم‏,‏ كما هو أيضا كذلك علي نفس الظالم إذا كان من أصحاب الضمائر الحية والقلوب الحكيمة‏,‏ لهذا فاني أفهم جيدا ما كان يعتمل في نفوس شقيقاتك خلال فترة جفائك لهن‏,‏ وأفهم أيضا ما كان يضطرب من مشاعر في نفس زوجتك الطيبة وهي تراك تظلم شقيقاتك وتقطع رحمهن‏,‏ ذلك أنها لابد قد اعتبرت نفسها من أعوان الظلمة الذين يخشون أن يحاسبهم الله سبحانه وتعالي ليس عن ظلمهم لأحد‏,‏ وإنما عن عونهم بغير قصد‏,‏ لمن ظلموا غيرهم‏,‏ ولقد روي أن الامام أحمد بن حنبل حين سجن في فتنة خلق القرآن سأله سجانه ذام يوم عن الأحاديث الشريفة التي وردت عن أعوان الظلمة هل هي صحيحة؟


فأجابه بالإيجاب‏..‏ فعاد يسأله وهل تعتبرني من أعوان الظلمة؟



فقال له لا‏..‏ أعوان الظلمة هم من يخيطون لك ثوبك‏..‏ ومن يطهون لك طعامك‏,‏ ومن يحملون إليك الماء‏..‏إلخ أما أنت فمن الظلمة أنفسهم‏!‏


فلا عجب إذن أن قال أمير المحدثين أبو سفيان الثوري أن النظر في وجه الظالم خطيئة‏!‏ ولا غرابة في أن زوجتك لم تكن تريد لك أن تكون ظالما لشقيقاتك لكيلا تحمل هي أيضا بعض وزرك من حيث لا تدري‏.‏ فاحرص يا صديق علي هذه العصا السحرية التي عثرت عليها بعد تخبط لم يطل والحمد لله في سباق الحياة‏..,‏ وتذكر دائما أن الفوز بها هو الفوز العظيم حقا وصدقا ليس فقط من الناحية الايمانية‏,‏ بل وأيضا من الناحية العملية في الحياة‏,‏ لأن راحة القلب والضمير والعيش في إطار من الايمان بالله ووفق تعاليمه وهدايته يطلق قدرات الإنسان ويحرر طاقته النفسية من الإثم والخوف والإحساس بالذنب‏,‏ فيسعي في الحياة آمنا مطمئنا‏..‏ ويجعل له الله سبحانه وتعالي مودة ورحما في كل مكان بإذن الله‏.‏

__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2011, 07:15 PM
  #57
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


رسالة إلي غائب‏!‏


بـريــد الأهــرام
42921
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
11
‏23 من ربيع الاخر 1425 هـ
الجمعة




أنا شاب ولكن بالمرحلة الثانوية وسوف أحكي لك قصتي لو سمحت‏,‏ فهي رسالة إلي كل أب وأعتذر عن أي خطأ إملائي‏.‏ أنا الولد الكبير لأبي وأمي‏,‏ ثم جاءت أختي ونشأت أنا وأختي مع أبي وأمي‏,‏ وكل شئ نطلبه نجده وكبرنا‏,‏ وكبرت أحلامي معي‏,‏ وكانت أمي تحب أبي كثيرا وتمنع عنه أي شئ يضايقه‏,‏ ولقد شاهدت هذا الحب بعيني‏,‏ كما شاهدت إهانته لها وضربه لها‏,‏ وبدأت أسمع أنه أحب سكرتيرته وحاربت أمي ذلك بكل قوة ثم ذهبت هذه السكرتيرة وحمدت الله أنا وأختي‏,‏ وكل مرة أسمع من ماما تقول لبابا شوف عايز أرضيك إزاي وأنا حارضيك؟ ودائما كانت تبدأ بالاعتذار عن أي خطأ‏,‏ سواء منها أو من أبي‏.‏ ثم أحب أبي أخري‏,‏ ثم أخري‏,‏ ولا أعلم ماذا يجري إلي أن طردنا من شقتنا وبدأت أعرف معني الضياع‏,‏ وبدأت أمي في الصراخ والانهيار ثم بدأت تلجأ إلي الله بشكل أكبر‏,‏ وبدأت تعلمنا أن هذا اختبار من الله‏,‏ وتركنا أبي وحطم أحلامي ولم نعد نسمع منه ولا عنه أي شئ سوي إننا سمعنا أنه يرفع علي ماما قضايا كثيرة‏,‏ وبدأت الحرب علينا لماذا وهو الذي تركنا دون مأوي أو أي شئ نعيش منه؟ لقد أصبحت ماما تبيع أي شئ يمكن أن يباع وهي تدعو لنا أننا سوف نعوضها حين نكبر وأصبحت تحاول أن تنسي أبي‏,‏ ولكن أبدا لم تنس الإساءة منه‏,‏ والآن بعد سنة لم يتصل بنا خلالها سوي‏6‏ مرات فقط‏,‏ طلب منا أن نتصل بجدتي حرصا علي صلة الرحم‏,‏ مع أنني أعلم أنها كانت تكره أمي‏,‏ ولقد سمعتها وأنا صغير وهي تدعو علي ووالله أنها تكره نفسها قبل أن تكرهنا‏,‏ فهل هذا عدل‏,‏ هل يريد أبي أن أصل رحمي وهو لا يصل لحمه أنا أخاف أقول له ذلك‏,‏ لقد أحضر لي هدية أنا لا أريد هذه الهدية‏,‏ أنا أريده هو‏,‏ لقد حرمني حنان الأب مثل أصحابي‏,‏ لقد كرهت أصحابي حتي لا يسألوني أين بابا‏,‏ أيحضر لي هدية ولا يشتري لي ما آكله أو ألبسه‏,‏ وكل مرة يقول أمكم تتكلم عني بسوء‏,‏ وأقسم لك أن ماما برغم كرهها لبابا تقول أترك حقي لربي وهو الذي سينصفني‏.‏



أنا لا أكتب هذه الرسالة لأني محتاج لشئ‏,‏ ولكن لكي أقول لكل أب كيف تترك أولادك وتتزوج سكرتيرة ثم تريد منا أن نحبك‏,‏ لقد اخترت‏,‏ فاتركنا نحن أيضا نختار‏.‏ وأنا أقول إنه إذا أراد الأب أن يختار حياة أخري فله أن يختار‏,‏ ولكن عليه أيضا أن يترك لنا حرية العيش معه أو لا‏,‏ ويتركنا نقول للناس إنه مات أحسن من نظرة الناس لنا‏.‏


وماما بتقول خلوا قلبكم أبيض وهي تأخذ دروسا في الدين وبتقول إنها لكي تصالح نفسها علي نفسها‏,‏ ولكن عندما طلب بابا أن أكلم جدتي وأهله حرصا علي صلة الرحم عرفت يعني إيه ماما عايزة تصالح نفسها‏,‏ لماذا تطلب جدتي أن أكلمها ولماذا لا تكلمنا هي؟ هي سعيدة بأن بابا تزوج فتاة في سن أختي‏.‏



أنا باكتب لك لأن بابا يقرأ بابك دائما وأريده أن يعرف أنه أخطأ في حقي وحق أختي‏,‏ وأريد منك أن تقول لأمي إن البكاء لا يعيد ما فات وأتركي ظلمك لربك ونا أعاهدها أمامك وأمام كل قرائك أنني سوف أعوضها حين أكبر‏,‏ ويكفي أنها ترفض أن يصرف علينا أحد وتبيع كل شئ لها‏.‏ وزودت رصيد حب الناس لها أكثر‏,‏ فكانت من قبل محبوبة والآن أصبح الناس أكثر حبا لها‏,‏ وتقول إن الله معنا‏.‏


نسيت أن أقول لك إن السكرتيرة التي تزوجها أبي‏,‏ ماما هي التي اختارتها له بعد أن ترك السكرتيرة السابقة‏,‏ ولأن بابا وعدها كعادته أنه سوف يبتعد عن النساء وترك لها الاختيار فاختارت له من تزوجها وتركنا‏..‏ سامحه الله‏.‏



ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏


آثرت أن أنشر رسالتك كما هي بتعبيراتها العامية لأنها صادقة‏,‏ وأني لأرجو أن تحقق هذه الرسالة الأثر المنشود في نفس أبيك‏,‏ وأن يبر ابنيه وزوجته ويعدل معهم إذا كان عاجزا عن تصحيح الأوضاع والعودة إلي الحياة العائلية الطبيعية‏,‏ أما أنا فلقد مللت الحديث عن هذه المشكلة ومللت تقريع بعض الأزواج الذين ينسقون وراء أهوائهم ويدمرون حياتهم العائلية ويضيعون أبناءهم طلبا لمتعة لاتدوم‏,‏ وسعادة وهمية لاتصمد للأيام‏,‏ ولايندمون علي ما أضاعوه ومن ضيعوهم‏,‏ إلا بعد فوات الأوان وقد لا يعودون إلي الطريق القويم إلا وهم يتسمعون أنغام الرحيل‏,‏ فيصدق عليهم قول بعض الصوفية لم يتركوا الذنوب إلا بعد أن تركتهم الذنوب أي إلا بعد أن عجزوا لأسباب تتعلق بالصحة وتأخر العمر عن ارتكاب المزيد منها‏..‏ وكل رجائي هو ألا يكون والدك من هؤلاء وألا تطول غيبته عنكم‏,‏ أما أنت فإن من واجبك بالفعل أن تصل رحم جدتك بغض النظر عما فعل أبوك‏,‏ ذلك أنها ليست مسئولة عما فعل‏,‏ ولأن ديننا يقضي لنا بألا نزر وازرة وزر أخري‏,‏ فلا تحمل نفسك وزر مقاطعة جدتك وابدأ أنت بصلتها ولسوف ترحب بك وتحرص عليك وتصل رحمك دائما إن شاء الله‏.‏

__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2011, 07:18 PM
  #58
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


بعد الأوان‏!‏





بـريــد الأهــرام
42921
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
11
‏23 من ربيع الاخر 1425 هـ
الجمعة



أنا سيدة أبلغ من العمر‏37‏ عاما مطلقة وأنا في التاسعة والعشرين من عمري وبعد زواج دام‏4‏ سنوات فقط وأثمر طفلة جميلة أكرس حياتي لتربيتها والإنفاق عليها وحدي‏,‏ وتبلغ الآن من العمر‏11‏ عاما وكانت بداية تعرفي بزوجي السابق كالمعتاد عن طريق الكلية‏,‏ وكان أول رجل في حياتي وقد تقدم لخطبتي واستمرت الخطبة عامين قمنا خلالهما بتأثيث مسكن جميل يحسدنا عليه كل من يراه‏,‏ ثم أتممنا الزواج‏.‏ وكأي علاقة زوجية تمر من آن لآخر بأزمات ولكنها تفاقمت في النهاية لتصل إلي الطلاق لثاني مرة وابنتي عمرها عامان فقط‏,‏ وعانيت الكثير منه ومن أهله حتي أنني قمت بالتوقيع علي ورقة بالتنازل عن جميع حقوقي وكذلك عن ابنتي إذا تزوجت من آخر‏,‏ ولكن شاءت إرادة الله أن يقف معي أحد معارف مطلقي بالرغم من عدم معرفتي به ويعيد إلي هذه الورقة بعد أن نال ما لا يحمد عقباه من زوجي وأهله‏.‏ ولقد عانيت الكثير ومنه أخذ ابنتي مني ومروري علي المحاكم والأقسام لمدة‏19‏ يوما ولكن الجميع وقفوا إلي جانبي بفضل الله ودعاء الوالدين وعادت ابنتي إلي‏,‏ وبعدها توفي أبي ثم أمي في خلال‏83‏ يوما فقط‏,‏ وتزوج مطلقي ثانيا وأنجب ولدا ثم طلق زوجته وتزوج للمرة الثالثة ثم عرض علي أخيرا أن أعود إليه حتي يتسني له دخول منزلي في وقت متأخر ليري ابنتي‏,‏ وعلي أن أظل كما أنا في البيت لا علاقة لي به‏,‏ وإذا أردت علاقة زوجية فيمكنني أن أتصل به تليفونيا وساعتها أدركت كم أنه ضعيف ومسكين ويستحق الشفقة‏,‏ وأنني إذا وافقت علي ذلك فسيكون مصيري الطلاق الثالث لأنه أيضا لا يريد اشراك أحد من أهلي في هذا الموضوع‏,‏ المهم أنه في خلال هذه السنوات الثماني التي قضيتها وحدي من الله علي بحب الجميع لي في عملي وفي أهلي ومن جميع معارفي‏,‏ وتقدم إلي كثيرون منهم الطبيب والمهندس والمحامي والمحاسب والكيميائي ومنهم من لم يسبق له الزواج‏,‏ فكنت دائما أعتذر لهم مع احتفاظي بصداقتهم لأن كلا منهم يستحق أن يبدأ حياته مع آنسة وليس مع مطلقة لديها طفلة‏.‏ وكذلك لخوفي من زوجي إذا علم بزواجي مما سيترتب عليه أخذ الطفلة وقد حرم مطلقته الثانية من طفلها وأبقاه مع الجدة لأمه لأنها تزوجت وهذا هو شرطه‏,‏ ولكنها فضلت أن تعيش حياتها مع رجل آخر وتركت الطفل لوالدتها‏,‏ وفي السنة الماضية اعترف لي زميل عزيز بأنني أول امرأة أحبها في حياته وتمني الارتباط بها‏,‏ ولكن ظروفي وقتها كانت لا تسمح لي فتزوج هو ليكمل مسيرة حياته وأنجب طفلين من زوجة من الله عليه بها وهي علي خلق ودين وكذلك هو‏.‏



ظللت أقاومه وأؤكد له أنني لن أحتمل أن أظلم امرأة أخري لا ذنب لها‏,‏ وهو يقول أنه لن يظلمها مطلقا ولن يتخلي عنها أو عن الأولاد‏,‏ ولكنه يريدني كزوجة ثانية من غير علمها‏,‏ وسنحاول أن نحافظ علي هذا السر في حدود ضيقة تقتصر علي معرفة أهلي المقربين‏,‏ وفي نفس الوقت أحس أنني أريده فهو طيب الخلق وهاديء الطباع ويحنو علي ابنتي التي ترتبط به ودائمة السؤال عنه‏,‏ فأنا لا أريد زوجا كل الوقت حتي لا يضجر من تحمل مسئولية ابنتي التي أحس أنني يجب أن أتحملها كاملة‏,‏ كما أنه من المستحيل أن آخذه من زوجته‏,‏ فهذا هو سبب رفضي أولا وأخيرا‏.‏ وبالرغم من كثرة المتقدمين إلي ورفضي للجميع إلا أنني ملت إليه هو فقط ولا أستطيع أن أجازف بحياتي مع ابنتي إلا معه هو فقط‏,‏ توجهت إلي مشيخة الأزهر لسؤالي عن إثمي إذا تزوجته فأخبروني أن هذا ليس حراما بالمرة وأن علي فقط أن أظل حريصة علي عدم ظلم زوجته وأنه هو المسئول عن العدل بيننا بما أحله الله‏.‏


أريد الزواج ولكنني أخاف من الله إذا كان في هذا الارتباط ظلم لزوجته‏,‏ وأخاف من ضميري وفي نفس الوقت أريد أن أعيش بقية حياتي معه فما رأيك؟



ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏


ما قاله لك الشيوخ الأجلاء من أن زواجك منه ليس حراما وأن المهم هو العدل بين الزوجتين وهو مسئولية الزوج صحيح من الناحية الشرعية‏..‏ لكن ماذا يضطرك لأن تكوني زوجة ثانية وفي مقدورك أن تكوني الزوجة الوحيدة لرجل يكتفي بك وحدك ويملأ عليك حياتك‏..,‏ ولماذا تتخفين بزواجك وكأنك ستفعلين شيئا إدا‏,‏ خاصة أن السرية هنا ليس المقصود منها ألا ينزع منك مطلقك ابنتك وإنما تكتم الأمر عن زوجة من ترغبين في الارتباط به‏,‏ وإلي متي سوف تنجحين في الحفاظ علي سرية هذا الزواج‏,‏ وكل سر جاوز الاثنين شاع كما يقول الحكماء‏..‏ ولماذا تتسترين بزواجك ومن حقك أن تتزوجي في العلن وتنظمي مع زوجك حضانة ابنتك؟ إن ميل قلبك لهذا الشخص ليس أبديا ولا هو بالأصالة التي تتصورينها وإلا لما كنت قد رفضته وهو أعزب ولم يتزوج بعد‏..‏ فماذا جد عليه حتي أصبح الآن بعد زواجه الأمل والأمنية؟ يا سيدتي راجعي نفسك‏..‏ واختاري من بين من يتقدمون لك وهم كثيرون كما تقولين من لا يعدك الارتباط به بالمزيد من المشاكل والاضطرابات‏,‏ وأنت في مرحلة من العمر تستحقين فيها أن تسكني إلي رجل يكتفي بك ويحرص عليك وعلي ابنتك والسلام‏.‏
__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2011, 07:19 PM
  #59
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


الإجـــــــازة الســــــعيدة‏!‏





بـريــد الأهــرام
42928
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
18
‏30 ربيع الآخر 1425 هـ
الجمعة



أشعر برغبة شديدة في أن أروي لك تجربتي الشخصية‏,‏ عسي أن يستفيد بها غيري ممن يواجهون نفس الظروف‏,‏ التي واجهتها من قبل‏,‏ فأنا رجل متوسط العمر نشأت في أسرة متحابة ومتراحمة‏,‏ وأنهيت تعليمي العالي في سلام‏,‏ ثم رحل أبي رحمه الله عن الحياة وأورثني عملا تجاريا صغيرا‏,‏ فآثرت التفرغ له واستقلت من وظيفتي الحكومية‏,‏ واتفقت مع أختي الوحيدة التي تشاركني ملكية هذا العمل‏,‏ علي أن أخصص لها مبلغا شهريا عادلا تنفق منه علي نفسها وتدخر بعضه لجهازها‏,‏ الي جانب تكفلي التام بإعالة والدتنا ونفقات البيت الذي يضمنا جميعا‏,‏ وبالفعل استفادت شقيقتي من المبلغ الشهري واشترت بمشورة أمي أشياء كثيرة لجهازها‏,‏ وادخرت الجزء الأكبر للأثاث ومتطلبات الزواج‏,‏ وفي الوقت المناسب تقدم لها ابن خالتها المهندس الشاب يطلب يدها‏,‏ فرحبت هي به وسعدت أنا أكثر بتقدمه إليها‏,‏ لأننا صديقان منذ الطفولة‏,‏ وتم الاتفاق علي كل شيء‏,‏ وتعمدت ألا أرهق صديقي بالمطالب المادية الكثيرة‏,‏ وأكدت له أنني لا أريده أن يبدأ حياته مع أختي بالديون‏,‏ ولذلك قبلت منه ما معه دون زيادة‏,‏ وتكفلت مدخرات أختي خلال الأعوام السابقة بتغطية التكاليف‏,‏ وتم زفافها لابن خالتها في ليلة سعيدة‏,‏ تذكرت خلالها ابي الراحل وتمنيت لو كان قد امتد به العمر ليسعد معنا بسعادة ابنته‏,‏ وبعد أقل من عام من زواجهما انجبت اختي ابنها البكر‏,‏ وسعدت به سعادة طاغية لولعي القديم بالأطفال‏,‏ حيث كنت دائما صديقا لأطفال العائلة‏,‏ وحثتني أمي علي الزواج بعد أن اطمأنت علي أختي واستقرت الأحوال في العمل‏,‏ وراحت تغريني بالاسراع بالزواج لكي أنجب طفلا أو طفلين يملآن علي حياتي ويشبعان لدي حنيني القديم للأطفال‏,‏ وفكرت في الأمر طويلا واستقر رأيي علي القبول‏,‏ وكنت منذ سن المراهقة معجبا بابنة عمتي وأستريح إليها‏,‏ ففكرت في التقدم لها‏,‏ لكني لم أكن واثقا من مشاعرها تجاهي‏,‏ وفكرت في جس نبضها فانتهزت فرصة زيارتي مع أمي لأسرتها وارسلت إليها رسالة بالنظرات المعبرة‏,‏ للاستفسار عن مدي استعدادها للارتباط بي‏,‏ فجاءني الرد بالنظرات المعبرة كذلك‏,‏ عن القبول ففاجأت عمتي وأمي خلال نفس الزيارة بطلب يدها‏..‏ ولم تتمالك أمي نفسها حين رحبت عمتي وابنتها بي‏,‏ واطلقت أول زغرودة لها بعد وفاة أبي‏,‏ وتمت الخطبة وتمكنت المشاعر العاطفية من قلب كل منا خلال فترة الخطبة‏,‏ حتي خيل إلي إنني كنت أكتم حبي لها منذ سنوات بعيدة‏,‏ وخيل إليها نفس الشيء‏,‏ وتزوجنا ورفضت أمي رفضا قاطعا أن تغادر مسكنها أو أن نقيم معها‏,‏ وأصرت علي أن يكون لي مسكن مستقل للزوجية وأن تحيا هي في شقة الأسرة مع سيدة ترعاها‏,‏ وأكدت ذلك بقولها إنها تريد أن يبقي بيت العائلة مفتوحا لترجع إليه ابنتها حين تشاء وأزورها فيه كلما سمحت ظروفي‏,‏ وبالفعل أصبح بيت العائلة أو البيت الكبير كما نسميه‏,‏ يجمع بيننا مساء يوم الاثنين ـ وطوال نهار يوم الجمعة كل أسبوع ـ واصبحت هذه اللقاءات هي أسعد أوقاتي حيث تجتمع زوجتي وأختي وأمي يتبادلن الحكايات والروايات‏,‏ والتقي بزوج أختي لنلعب الطاولة أو نتسامر ونتبادل الأخبار وألاعب ابنه البكر وابنته الوليدة وأسعد بذلك كثيرا‏.‏



ومضت بنا الحياة وترقبت أن تفاجئني زوجتي ذات يوم بالخبر السار‏,‏ الذي انتظره منذ الشهور الأولي للزواج وهو خبر حملها‏,‏ فتمضي الأيام ولاتبدو في الأفق أية بادرة تشير إليه‏,‏ وبعد عام من الزواج ازداد قلق أمي‏,‏ فاصطحبت زوجتي الي أحد الأطباء وتم اجراء كل الفحوص اللازمة وانتهت الي أنه ليس لديها ما يحول دون حملها وانجابها‏,‏ وانها طبيعية تماما‏,‏ فاتجهت الظنون إلي‏,‏ وتحرجت زوجتي من أن تحدثني في الأمر‏,‏ فحدثتني عنه أمي وطلبت مني اجراء الفحوص الطبية للتأكد من قدرتي علي الانجاب‏..‏ واهتززت بعض الشيء حين سمعت ذلك وتساءلت‏:‏ هل يمكن حقا أن أكون عقيما وأنا العاشق القديم لكل اطفال العائلة؟ وخفت بالفعل من مواجهة الاختبار وترددت عدة أسابيع‏,‏ ثم حزمت أمري وعرضت نفسي علي الأطباء‏,‏ فإذا بالفحوص تؤكد أنني سليم تماما وقادر علي الانجاب‏,‏ فلماذا إذن لم نسعد بإنجاب الأطفال وقد مر علي الزواج أكثر من عامين‏,‏ وتعلقت بالأمل في أن تحمل زوجتي ذات يوم الخبر السعيد‏.‏


وعشت علي هذا الأمل‏,‏ أؤدي عملي وأرعي أمي وزوجتي وأختي‏,‏ وافرغ حنيني للأطفال في طفلي أختي وأطفال الأسرة‏,‏ واهتم بعملي حتي نما واتسع والحمد لله‏,‏ وأصبحت الحياة جميلة من كل النواحي‏,‏ ماعدا هذه الناحية المفقودة وهي الإنجاب‏.‏



ويوما بعد يوم تعمقت العلاقة بيني وبين زوجتي حتي أصبحت تسري في دمي ولا أستطيع الحياة بدونها‏,‏ وأسعدني كثيرا حب أمي وأختي لها‏,‏ وتمتعها بمكانة كبيرة لديهما‏,‏ لطيبة قلبها وكرم أخلاقها وتدينها وحرصها علي مودة أهلي‏,‏ لكن لعنة الله علي وساوس الشيطان‏,‏ التي راحت تلح علي كل يوم بأن كل ذلك لا قيمة له بدون إنجاب الاطفال‏,‏ وانني مادمت سليما من الناحية الصحية وقادرا علي الانجاب‏,‏ فلابد أن يكون العيب في زوجتي‏,‏ ولابد أن تكون الفحوص التي أجرتها خاطئة أو ليست دقيقة‏,‏ ولم تكن تجارب أطفال الأنابيب قد شاعت في ذلك الوقت‏,‏ فأوعزت لزوجتي أن تعيد فحص نفسها‏,‏ واكتأبت هي للطلب‏,‏ لإدراكها ما وراءه واستجابت لي واجرت المزيد من الفحوص‏,‏ وتلقت العلاج بلا جدوي‏.‏


ووجدت نفسي قد تقدم بي العمر ولم أنجب بعد فبدأت وبالرغم من حبي الكبير لزوجتي أفكر في الزواج من أخري‏,‏ بغرض الانجاب‏,‏ وسألت أهل العلم فقالوا ان الرغبة في الانجاب مبرر شرعي للزواج مرة أخري‏,‏ وفاتحت أمي في الأمر‏,‏ فتمزقت بين رغبتها الدفينة في أن تري حفيدا لها من صلبي وبين اشفاقها علي مشاعر زوجتي التي تحبها وتشعر نحوها بالعطف‏,‏ وفاتحت أختي وزوجها فأيدني ابن خالتي بلا تحفظ‏,‏ وترددت أختي في الموافقة‏,‏ حرصا علي مشاعر زوجتي وفضلت ألا تبدي أي رأي في المشكلة‏.‏



لكني كنت قد حزمت أمري ولم يعد يجدي التردد‏,‏ فقد مضي علي زواجي تسع سنوات وليست هناك أي بادرة للحمل‏,‏ واصبحت المشكلة الرئيسية التي تواجهني هي كيف أفاتح زوجتي في رغبتي في الزواج من أخري بغير أن يؤثر ذلك علي حياتي معها‏,‏ أو أن يتأثر الحب الكبير الذي يجمعني بها وشغلني هذا الأمر أكثر من أي شي آخر‏.‏


وكنت قد استقر رأيي علي الارتباط بسيدة مطلقة ولديها طفل عمره ثلاث سنوات‏,‏ جاءت للعمل عندي قبل شهور‏,‏ وهي سيدة من أسرة بسيطة وقد استشعرت لديها الاستعداد للارتباط بي مع استمرار زواجي الأول دون تأثر‏,‏ كما أنها قادرة علي الانجاب بدليل انجابها لطفلها خلال زواجها الذي لم يطل أكثر من عام واحد‏,‏ غير أنني لم أفاتحها في الأمر‏,‏ انتظارا للحصول أولا علي إذن زوجتي‏..‏



وألحت علي الرغبة في الانجاب وحرت كيف أفاتح زوجتي‏,‏ وكلما هممت بذلك نظرت إليها فوجدتها منكسرة وحزينة فأشفق من إيلامها‏,‏ واستشرت زوج أختي فنصحني بأن أصطحب زوجتي في اجازة إلي أحد المصايف أو المشاتي وأن أمضي معها وقتا سعيدا وخلال رحلة العودة أفاتحها في الأمر وهي مازالت منتشية بذكريات الاجازة السعيدة‏,‏ وفعلت ذلك بالفعل واصطحبت زوجتي الي الفيوم وقضينا ثلاث ليال في منتهي السعادة‏,‏ وزرنا شلالات وادي الريان‏,‏ وسواقي الفيوم القديمة وعين السيلين‏,‏ وسعدت زوجتي بالاجازة سعادة كبيرة وأنا أرقبها خفية وأشفق عليها مما ينتظرها‏,‏ وركبنا السيارة عائدين الي القاهرة‏,‏ وأنا أتحين الفرصة لكي أفاتحها في الموضوع وأفكر في الكلمات التي أعبر بها عما أريد‏,‏ وكنا قد قطعنا نصف الطريق حين غالبت ترددي والتفت إليها لأصارحها بما أريد‏,‏ فإذا بي أراها وعلامات الامتعاض والمرض بادية علي وجهها وسألتها منزعجا عما بها‏..‏ فأشارت الي أن أتوقف بالسيارة فوقفت علي جانب الطريق‏,‏ فإذا بها تفتح باب السيارة وتفرغ معدتها علي الأرض وتبدو في غاية الارهاق والمعاناة وسألتها هل نرجع الي الفيوم لعرضها علي أحد الأطباء أم نسرع الي القاهرة ليراها طبيب الأسرة‏,‏ فرغبت في العودة للقاهرة‏,‏ وقدت السيارة مسرعا وقد طارت من رأسي كل الكلمات التي أعددتها لمفاتحتها في الأمر‏,‏ وتركز خوفي في أن تكون وجبة الاسماك التي تناولناها قبل السفر فاسدة وسممت زوجتي‏,‏ واسرعت الي طبيب العائلة في ميدان الدقي‏,‏ ورويت له ما حدث‏,‏ ففحص زوجتي فحصا دقيقا ثم ابتسم في وجهي وقال لي‏:‏ مبروك زوجتك حامل في أسابيعها الأولي‏..‏ ياسبحان الله العظيم‏..‏ حامل؟ وأنا الذي هممت باستئذانها في الزواج من أجل الإنجاب؟‏..‏ وشكرت الطبيب بحرارة واصطحبت زوجتي الي طبيب أمراض النساء‏,‏ فأكد لنا بعد فحصها حملها وقال إن كل شيء طبيعي وإنها لا تحتاج الي أية أدوية‏!‏



وهرولت الي أمي وأسعدتها بالخبر فنصحتني بشراء عشرين كيلوجراما من اللحم وطهوها وتوزيعها علي الفقراء شكرا لله تعالي‏,‏ وابلغت أختي في نفس اليوم أن زوجتي حامل وانني لم أفاتحها في الأمر‏,‏ ونفذت وصية أمي وقامت زوجتي وهي في قمة السعادة بطهو اللحم ووضعه مع الأرز في أرغفة الخبز‏,‏ وحملت الكرتونة الكبيرة التي تحوي أرغفة الخبز واللحم ووزعتها بنفسي علي كل من قابلته في الطريق من البسطاء‏..‏ وحمدت الله كثيرا علي أنني لم أتسرع بالحديث الي زوجتي في أمر زواجي‏,‏ واستقر رأيي علي الاستغناء عن خدمات السيدة المطلقة التي تعمل معي تجنبا للاحتمالات فدفعت لها تعويضا مناسبا وأوصيت بها أحد المتعاملين معي كي تعمل عنده فوظفها بالفعل لديه‏.‏


ورحت أعد الأيام علي موعد الولادة‏,‏ حتي جاء اليوم السعيد‏,‏ وجاء الي الوجود ابني البكر الذي لم أتردد في تسميته باسم ابي رحمة الله عليه‏..‏ وكأنما كانت قدرة زوجتي علي الانجاب مغلولة بالقيود وحين نزل الأمر الإلهي بفكها انطلقت بلا عقبات‏,‏ فلم يمض عام آخر حتي أنجبت لي ابني الثاني‏,‏ وشكرت ربي طويلا وقررت الاكتفاء بهاتين الهديتين اللتين هبطتا علي من السماء‏,‏ لكن زوجتي كان لها شأن آخر‏,‏ فلم يمض عام ثالث حتي كانت قد أنجبت طفلتي الجميلة الوحيدة وأصبح لدي ثلاثة أطفال خلال ثلاثة اعوام فقط‏.‏



وسبحانك ربي تهب الذكور لمن تشاء والاناث لمن تشاء وتجعل من تشاء عقيما‏..‏ وأنت القادر علي كل شيء‏..‏ تسع سنوات بلا أي بادرة للحمل دون وجود أية موانع‏..‏ ثم ثلاثة أطفال خلال ثلاث سنوات فقط لاغير‏..‏ فهل هناك دليل علي قدرة الله سبحانه وتعالي أكثر من ذلك؟‏!‏


لقد استقرت بي الحياة وأصبح أطفالي الثلاثة ينافسون أطفال أختي في إحداث الصخب والضجيج في بيت أمي في خلال لقاءاتنا المنتظمة‏,‏ والحمد لله علي نعمته‏,‏ فقد تفرغت للعمل‏..‏ وعشت هانيء البال لا يشغلني سوي أسرتي وعملي‏..‏ فتقدم العمل واستقر ورسخت دعائمه والحمد لله‏..‏ ولو انني كنت قد تعجلت أمري وتزوجت من تلك السيدة المطلقة وتمزقت بينها وبين زوجتي لاضطربت حياتي‏,‏ وتأثر عملي ولربما كنت لم أنجب من الزوجة الجديدة فطلقتها وجربت حظي مع ثالثة وربما رابعة‏,‏ ومضيت في طريق الزواج والطلاق والمشكلات المترتبة علي ذلك‏.‏



وقد مضت سبع سنوات الآن علي تلك الاجازة السعيدة التي رتبتها لابلاغ زوجتي بنيتي في الزواج عليها‏,‏ وقد صارحت زوجتي بكل شيء عنها بعد انجابها الطفل الثاني فصفحت عما حدث‏,‏ ولعلك تتساءل عما دفعني بعد هذه السنوات لأن أروي لك قصتي‏,‏ وأجيبك‏,‏ بأنه قد حدث ما جعلني استعيد شريط الذكريات كله وأجدد الحمد والشكر لله العظيم أن حماني مما كنت علي وشك التورط فيه‏,‏ فقد زارني منذ أيام صديقي التاجر الذي أوصيته بالسيدة المطلقة التي كانت تعمل عندي ووظفها لديه‏,‏ ووجدته في أسوأ حال صحيا ونفسيا وماديا‏,‏ وروي لي أنه تزوج تلك السيدة بعد عملها لديه ببضعة شهور سرا وأنجب منها ولدا‏,‏ واكتشفت زوجته الأولي الأمر فأصرت علي الطلاق منه وحرمته من ابنائه وشنت عليه حربا شعواء‏,‏ وأقامت ضده عدة قضايا كسبتها كلها وكلفته مبالغ مالية كبيرة أثرت بالسلب علي نشاطه التجاري‏,‏ ولم ترحمه الزوجة الجديدة في محنته وضاعفت ضغطها عليه لإعلان زواجه بها وتأمين مستقبلها ومستقبل ابنه منها‏,‏ حتي ضاق بكل شيء وطلقها وأراد الرجوع الي زوجته الأولي‏,‏ ووسط لديها كثيرين فأبت عودته الي بيت الزوجية إلا اذا كتب كل ما يملك باسمها واسماء أبنائه منها‏,‏ لتحرم ابنه من الأخري‏,‏ وهو حائر ومتخبط ولا يدري ماذا يفعل لينقذ عمله من الافلاس وحياته وابناءه من الضياع والاضطراب‏,‏ وقد نصحته بأن يتوصل مع زوجته الأولي الي حل وسط فيكتب بعض ما يملك باسماء ابنائه ويتعهد لزوجته في قسيمة الزواج الجديدة بألا يتزوج عليها مرة أخري‏,‏ وغادرني وأنا أحمد الله سبحانه وتعالي أن حماني من كل ذلك وجنبني المشكلات والاضطرابات العائلية والمادية‏,‏ وأوجه رسالتي الي كل شاب تأخر حمل زوجته ألا يتسرع في الحكم عليها وألا يتعجل الانفصال عنها أو الزواج عليها‏,‏ وأن يصبر علي ظروفه الي أن يأذن الله له بالانجاب أو يقضي في أمره بما فيه خيره وسعادته بإذن الله‏,‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏



ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏


من سعادة المرء أن يكون ما اختاره له الله سبحانه وتعالي‏,‏ أفضل كثيرا مما اختاره هو لنفسه‏,‏ وأن يرضي بحسن اختيار الله له وألا يعدل به شيئا‏..‏ وقصتك الفريدة هذه خير دليل علي ذلك‏..‏ فقد كان اختيار الله سبحانه وتعالي لك أفضل مما كنت قد فكرت فيه ودبرت أمره‏,‏ ولو لم تكن ابنا بارا بأمك وأخا عادلا رحيما لأختك‏,‏ لربما كانت السماء قد تركتك لما اخترته لنفسك‏,‏ وشهدت عن قرب آثاره ونتائجه الوخيمة‏,‏ علي حياة صديقك التاجر العائلية وعلي عمله التجاري‏..,‏ فكأنما قد أراد الله سبحانه وتعالي أن يطلعك عمليا علي ما كنت تقود نفسك وحياتك إليه‏,‏ وأنت تسمع شكوي هذا الصديق مما حدث له‏,‏ أو كأنما أراد الله سبحانه وتعالي أن يقول لك من جديد إنه أرحم بعبده من نفسه التي تقوده أحيانا الي المهالك بتطلعها الي المفقود وتعجلها المنشود‏,‏ وفي هذا الشأن قال لنا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ما معناه‏,‏ ان كل دعاء المؤمن مستجاب بأمر الله ما لم يعجل‏..‏ قيل له وكيف يعجل؟‏..‏ قال ما معناه‏:‏ يقول قد دعوت ودعوت ودعوت ولم يستجب لي‏,‏ فيكف عن الدعاء‏.‏


وأنت صبرت تسع سنوات علي الحرمان من الإنجاب‏,‏ ولم تتعجل الزواج من أخري‏,‏ ولم تفكر في الانفصال عن زوجتك‏..‏ فكان حقا علي الله سبحانه وتعالي أن يجنبك الاضطرابات العائلية‏,‏ بل انه سبحانه وتعالي‏,‏ قد ترفق بك أكثر فأرسل إليك إشارة البشري بالحمل قبل أن تتورط في مفاتحة زوجتك في أمر زواجك خلال رحلة العودة‏,‏ لكيلا تفسد عليها فرحة الحمل الصافية من الأكدار‏,‏ ولو أنك كنت قد تسرعت في مصارحتها لتكدرت فرحتها بحملها بعد طول الترقب والانتظار بتفكيرك في الزواج من غيرها‏..‏ ولتأثرت علاقتك بها ولو لفترة مؤقتة‏,‏ ولاهتزت ثقتها في حبك الكبير لها‏,‏ أما نعمته الجليلة عليك فقد تمثلت في أن حماك ربك من المضي علي طريق الزواج والطلاق والاضطراب العائلي الذي كاد يعصف بتجارة صديقك التاجر‏,‏ وقد كنت حكيما حين أبعدتها عن عملك وحياتك بعد أن تلقيت اشارة السماء بالاستجابة لدعائك لربك بأن ينعم عليك بالانجاب‏,‏ وكان ابعادها من مجال البصر والتعامل اليومي معا ضروريا بالفعل‏,‏ بعد أن فكرت فيها بالفعل كأنثي وأردت الارتباط بها‏,‏ إذ لم يكن من المستبعد أن تتجدد الرغبة فيها في أية مرحلة‏..‏ أو أن تسعي هي بعد أن استشعرت بطريقة أو بأخري رغبتك فيها‏,‏


لإغرائك بالارتباط بها في السر أو في العلن‏,‏ كما فعلت مع صديقك‏,‏ فأخذت بالأحوط واستهديت بالحكمة القديمة التي تقول‏:‏ خير لك ألا تبدأ من أن تبدأ ولا تعرف كيف تنتهي‏,‏ فنجوت من كل ما يكابده الآن صديقك التاجر الذي بدأ ولم يعرف كيف ينتهي‏.‏


ولعل ما حدث لك يذكرنا من جديد بالحديث الشريف الذي يقول لنا في مضمونه أن كل أمر المؤمن خير‏,‏ إن نالته سراء شكر فكان خيرا له‏,‏ وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له‏.‏



لقد صبرت علي الحرمان من الانجاب‏..‏ وشكرت علي نعمته‏,‏ فكان خيرا لك بإذن الله‏,‏ وإني لأشاركك الدعوة المخلصة الي ألا يتعجل من يواجهون نفس ما واجهته أنت من ظروف في السنوات الأولي من زواجك‏,‏ التفكير في الانفصال عن زوجاتهم‏,‏ أو في الزواج من أخري مع ما يترتب علي ذلك من اضطرابات عائلية‏,‏ لأن رحمة الله التي وسعت كل شيء قد تهبط عليهم في أية لحظة‏,‏ فتتحقق الآمال ويسعد المحرومون بما كانوا يتلهفون عليه‏,‏ وهو جل في علاه قادر علي كل شيء‏,‏ ويخلق ما لا تعلمون وفي أي وقت يشاء سبحانه وتعالي‏.‏
__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2011, 07:20 PM
  #60
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


صيغة الاعتراف‏!‏


بـريــد الأهــرام
42928
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
18
‏30 ربيع الآخر 1425 هـ
الجمعة




أنا سيدة في العقد الخامس من العمر تزوجت منذ‏27‏ عاما من رجل يصغرني بعامين‏,‏ وكنت وقتها أعمل موظفة بخزينة بنك ولم أستكمل مدة الأشهر الستة اللازمة للتثبيت وتم الزفاف وأخذني زوجي معه إلي العراق وأنجبت ولدا وبنتا ثم عدنا الي وطننا الأم مصر‏,..‏ وأقمت حاجزا بيني وبين أهل زوجي فكنت اتجهم في وجوههم حتي لا يزورنا أحد منهم ثم رزقنا الله بولد وبنت آخرين وجاءت والدة زوجي لتقيم معنا فلم أحسن معاملتها خلال الأسبوع الذي أقامته معنا حتي هربت من هذا الجحيم‏..‏ ولم تستطع أن تقول أي كلمة لابنها الوحيد وأنني كنت ألازمهما إلي أن ينهضا للنوم‏..‏ وكبر الأبناء وانتقلنا إلي القاهرة وجاءت حماتي مرتين أو ثلاثا وفي كل مرة تحدث مشكلة كبيرة وتذهب لإحدي بناتها وذهب زوجي للعمرة فسأل فقيها في ذلك فقال له أن الأم لا تعوض أما الزوجة فيمكن تعويضها‏,‏ ومنذ ذلك التاريخ وهو يريد الزواج لكي تقيم الزوجة الثانية مع والدته لكني كنت أسعي لإفشال كل زيجة كان يتقدم اليها‏,‏ إلي أن مرض زوجي مرضا شديدا وطرد زوج اخته والدته بدعوي ان ابنها أحق برعايتها منه‏,‏ فأقام معها زوجي خلال الأجازة المرضية لمدة شهر ونصف الشهر في شقته الثانية بالمدينة الساحلية يخدمها ويرعاها ويغسل لها ملابسها ولم أذهب لزيارته أنا وبنتاي وولداي لكي نشد من أزره أو نساعده في هذه المحنة لاني لا أحب أحدا من عائلته‏,‏ وكان زوجي يئن طوال الليل من المرض والتعب ولم يقبل ادخال والدته دارا للمسنين واتفق في النهاية علي أن تقيم مع ابن ابنتها علي أن يعطيه مبلغا شهريا نظير ذلك‏,‏ وفي خلال هذه الفترة وعند سفره لإحدي الدول كتب لابنته الكبري توكيلا بالشقة الساحلية بحيث أذا جاء عريس لإحدي بناته تبيع الشقة وتجهز نفسها بثمنها‏..‏ ونسي هذا التوكيل بعد عودته علما بأنه عمل عقدا للشقة من صاحبة الملك‏,‏ وتوفيت وعمل بعد وفاتها عقد صحة بيع ونفاذ ولم يتمكن من تسجيلها باسمه في الهيئة العامة لتعاونيات البناء‏..‏ وحدث خلاف مع ابن اخته وتزوج زوجي بغير علمي من سيدة عمرها‏45‏ عاما لتخدم والدته‏..‏ وكنت أخطط خلال هذه الفترة لنقل ملكية الشقة الساحلية الينا وتم عمل توكيل من ابنتي لي وبالتعامل مع المحامين وبمعرفتي بالموظفين نقلت ملكية الشقة باسمي علما بأنني مقيمة بشقة تمليك في القاهرة يملكها زوجي وبها افخر الاثاث وحين ذهب زوجي لسداد قسط الشقة فوجيء بأنها ليست باسمه وكاد يجن وارتفع عنده السكر إلي‏550‏ وانا فرحة وسعيدة‏..‏ والان


أحاول نقل ملكية شقة القاهرة وقد لعبت في عقول الأولاد وأصبحوا يكرهون أباهم أشد الكراهية وهو يرسل لي المصروف الشهري للمنزل‏,‏ وعرفت أنه أجر الشقة الأخري بمبلغ كبير فذهبت للطلبة الساكنين فيها وحاولت طردهم حتي أحرمه من سداد إيجار شقته الجديدة علما بأنه قد أمن مستقبلي بمبلغ شهري وتأمين صحي إلا أنني حاقدة عليه وكلما عرفت رقم تليفونه الذي يغيره كل فترة اشفي غليلي واشتم كل من يرد علي بأصعب الألفاظ‏..‏ إنه يهددني الآن بطردي من سكن الزوجية وأنا لم أطلق بعد ويهددني بإبلاغ النيابة علي التزوير الذي تم في الشقة الساحلية فهل أنا علي حق علما بأنه لم يتزوج أحد من أبنائي حتي الآن؟‏.‏



ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏


أشك كثيرا في أنك كاتبة هذه الرسالة ويراودني الاحساس بأن كاتبها علي لسانك هو زوجك‏,‏ لأن اعترافك بكراهيتك لأهله وسوء معاملتك لوالدته واغتصابك لشقته لا يتفق ابدا مع تساؤلك في النهاية هل أنت علي حق فيما فعلت أم لا‏..‏ اذ لابد أنك تعرفين جيدا أن من يتصرف علي هذا النحو لا يكون علي حق أبدا كما انه لا يتحري العدل في حياته بحيث يهتم بأن يسأل أهو علي حق أم علي باطل‏.‏



ولهذا فلسوف أتعامل مع الرسالة باعتبارها شكوي من زوجك صيغت علي شكل اعترافات من جانبك بكل ما ينكره عليك‏..‏ وله أقول أن بره بأمه ورعايته لها وهمه بأمرها كل ذلك مما يحسب له ولسوف يجزيه عنه ربه خيرا كثيرا‏,‏ لكن هل كانت رعايتها هي الدافع الوحيد حقا لزواجه من أخري‏,‏ أم كانت لديه لهذا الزواج دوافع أخري؟ أولم يكن من الأكرم له ان يشركك معه في همه بأمر أمه‏,‏ ويخيرك بين القبول بإقامتها معكم وحسن رعايتها في شيخوختها‏,‏ وبين زواجه من أخري لكي تقيم معها وترعاها‏,‏ فإن قبلت انت بإقامتها معك كان بها وإن رفضت ذلك وأذنت له بالزواج من أخري لهذا الغرض حلت المشكلة بصيغة أخري في إطار التفاهم الودي بينكما فإن لم يكن هذا ولاذاك حق له أن يفعل مايشاء لايواء والدته ورعايتها‏..‏ وليس لأحد ان يلومه سواء تزوج من أخري أو لم يفعل



علي أية حال فالواضح أنك تتحملين الجزء الأكبر من المسئولية عن زواجه الثاني برفضك لاستقبال والدته المسنة في بيتك وسوء معاملتك لها ولأهله‏,‏ فان التمسنا بعض العذر لزوجك في زواجه الثاني اذا كان دافعه الوحيد اليه حقا هو توفير المأوي الآمن لأمه في هذه المرحلة من العمر‏,‏ فأي عذر يمكن أن نلتمسه لك إذا صدقت رواية زوجك في تعمدك إقامة الحواجز بينك وبين أهله وكراهيتك لهم‏,‏ وسوء معاملتك لأمه‏,‏ ورفضك لإقامتها معكم ولو علي سبيل التناوب بين بيتك وبيوت بناتها واي عذر يمكن التماسه لك أيضا في اغتصاب ملكية الشقة الساحلية وسعيك لاغتصاب شقة القاهرة كما يقول زوجك في هذه الرسالة المكتوبة علي لسانك؟


__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:54 PM