
المهام التسعة للإدارة الاستراتيجية
خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي كانت شركة "Quaker State" هي القائد السوقي في مجال زيوت المحركات، ففي عام 1986م بلغ عائد السهم 2,01 دولارًا، كما بلغت الأرباح 50,3 مليون دولار، في حين بلغت مبيعاتها 926,8 مليون دولار.
ولكن في عام 1987م، أي في العام التالي مباشرة حققت الشركة خسائر قدرها 1,82 للسهم، كما انخفضت نسبة العائد من 12,8% إلى 6% فقط، بينما احتلت شركة آخرى موقعها الريادي في السوق.
فما الخطأ الذي وقعت فيه إدارة هذه الشركة؟ بالتأكيد هناك بعض الخيارات الاستراتيجية كانت هي السبب وراء هذه النتائج المتناقضة؛ فالمدير اليوم يجب عليه إدارة شركته استراتيجيًّا، فلم يعد في مقدوره أن يتخذ قراراته في ضوء قواعد جامدة أو سياسات تاريخية أو مجرد استقراء بسيط للأحداث الجارية.
ولكن بدلًا من ذلك لابد من توافر رؤية لاستطلاع الأحداث المستقبلية، ورسم السيناريوهات محتملة الحدوث عند التخطيط لأهداف الشركة أو المؤسسة، ومن ثم يتم وضع السياسات وتصميم الاستراتيجية، ولا يقتصر فقط على حدود الخبرة الوظيفية المتخصصة في مجالات بعينها، كمجال الإنتاج أو التسويق أو التمويل وغيرها، بل يتعداه ليتمكن من رؤية الصورة العامة للمؤسسة.
من هنا جاءت أهمية الحديث عن الإدارة الاستراتيجية، وبات البحث فيها من أولويات العقود الثلاث الأخيرة من القرن العشرين، وأوائل القرن الحالي؛ استجابة لضغوط ومؤثرات بيئية هائلة واجهت بيئة العمل في المنظمات والمؤسسات.
ما هي الإدارة الاستراتيجية؟
أول الطريق في رحلة الإدارة الاستراتيجية، يبدأ بالتعرف على ماهية تلك الكلمة "الاستراتيجية"، وهي كلمة ذات جذور يونانية "Strategos" والتي ارتبط مفهومها بالخطط المستخدمة في إدارة المعارك وفنون المواجهة العسكرية.
إلا أن هذه الكلمة امتدت بعد ذلك إلى مجال الفكر الإداري، وصارت من المصطلحات الهامة التي تكثر في الأدبيات الإدارية، وداخل دوائر صنع القرار في مؤسسات العمل المعنية بتحليل بيئتها الداخلية والخارجية، في سبيل اغتنام الفرص وتجاوز التهديدات؛ ومن ثم تحقيق المبادرة والريادة في مجالات نشاطها.
وقد كثرت التعاريف الخاصة بتلك الكلمة، حيث يعرفها "Ansoff" وهو أحد أكثر المهتمين بتناول الفكر الاستراتيجي بأنها: (تصور المنظمة عن العلاقة المتوقعة بينها وبين بيئتها، بحيث يوضح هذا التصور نوع العمليات التي يجب القيام بها على المدى البعيد، والحد الذي يجب أن تذهب إليه المنظمة والغايات التي يجب أن تحققها)، بينما يعرفها كل من "Hunger" و"Wheelen" بأنها (مجموعة من القرارات والتصرفات الإدارية التي تحدد الأداء طويل الأجل للمنظمة).
بينما ترى الدكتورة نادية العارف أن الإدارة الاستراتيجية تعني: (فن وعلم تشكيل وتنفيذ وتقييم القرارات الوظيفية المتداخلة التي تمكن المنظمة من تحقيق أهدافها)، ومن ثم يتضح من تعريفها هذا أن الإدارة الاستراتيجية تركز على تحقيق التكامل بين وظائف الإدارة والتسويق والتمويل والإنتاج والبحوث والتطوير وأنظمة معلومات الحاسب الآلي؛ وذلك بغرض تحقيق نجاح المنظمة.
بينما يعد تعريف كلٍّ من "Pearce" و"Robinson" من أبسط التعريفات الخاصة بالإدارة الاستراتيجية، والذي ينص على أنها (مجموعة القرارات والتصرفات التي يترتب عليها تكوين وتنفيذ الخطط المصممة لتحقيق أهداف المنظمة).
ومن خلال المفهوم السابق، لا تقتصر الحاجة للإدارة الاستراتيجية على المنظمات الهادفة للربح، ولكن تحتاج كل المنظمات بأنواعها ومشاربها المختلفة إلى تلك الإدارة الاستراتيجية، حتى في المنظمات الخدمية وفي المنظمات غير الهادفة للربح "Non-profit Organization" وذلك لزيادة رضاء المتعاملين معها والمستفيدين من خدماتها.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله
if you fail to plan you plan to fail
كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم