
مشاركة: تساؤلات اقتصادية شرعية والإجابة
شبهات وتساؤلات حول الديون والقروض وما فى حكمها, والإجابة عليها
تثار العديد من التساؤلات فى الآونة المعاصرة حول الوفاء بالديون والجدولة والإسقاط والبيع, ونعرض بعضاً منها وإجاباتها فى ضوء الفتاوى المعاصرة فى هذا الخصوص.
l- ما حكم وكس الأسعار لسداد الديون المستحقة؟
نص السؤال: استحق علىّ دين مقدارة 100000 جنيه بشيكات, ويهددني الدائن بالحبس, وسوف يترتب على ذلك أضراراً جسيمة قد تصل إلى التوقف أو التصفية, ولدى بضاعة بالمخازن بطيئة الحركة, يمكن حرقها بالسوق بثمن بخس, وقد يترتب على ذلك ضرراً بالتجار الآخرين, ما هو الحكم الشرعى؟
الإجابة:
يعتبر وكس الأسعار (حرق السلعة) من المعاملات المنهي عنها شرعاً إذا كانت تسبب ضرراً للغير, وجائزة فى حالة الضرورة, وقد تنزل الحاجة الشديدة منزلة الضرورة, والحالة التى أمامنا نجد الدائن مهدداً بضرر أكبر وهو الحبس, وعلى ذلك يمكن تطبيق القواعد الشرعية :"دفع الضرر أكبر بضرر أقل , "والمشقة توجب التيسير", "الضرورات تبيح المحظورات".
l- ما حكم بيع العينة للحصول على نقد لسداد دين مستحق؟
نص السؤال:حدث أنكماش مفجئ , وانخفضت المبيعات, وقلت السيولة, وأصبحت غير قادر على سداد الالتزامات للموردين, وعرض على أحد التجار أن أشترى منه بضاعة بالأجل, ثم أبيعها له نقداً, وبذلك أستطيع الحصول على السيولة لسداد التزاماتي, فهل هذا جائز شرعاً ؟
الإجابة:تعتبر هذه العملية من بيوع العينة المحرمة, شرعاً وتتلخص فى شراء بضاعة من تاجر بالأجل, وبيع نفس البضاعة لنفس التاجر بالنقد, وبذلك يكون الفرد قد حصل على النقد الذى يريده, وعلى المدين البحث عن وسائل أخرى للحصول على السيولة, مثل بيع البضاعة إلى تاجر آخر (التورق جائز عند الحاجة), أو الحصول على قرض حسن, أو زيادة رأس المال عن طريق ادخال شركاء جديد.
l- ما حكم زيادة السعر نظير التأجيل فى سداد الدين؟
نص السؤال: هل يجوز أضافة نسبة الى السعر لمواجهة التأخير فى السداد, بحيث تستوفى هذه النسبة مع السعر, وفى حالة عدم التأخير يتم خصم هذه النسبة للعميل فى القسط الأخير ؟
الإجابة:
لا يجوز تخفيض الثمن عند تعجيل السداد, بل يجب أن تكون هناك سعراً واحداً سواء سداد العميل الثمن فى الميعاد, أو تأخر, ولا يجوز جدولة الدين بزيادة نظير زيادة الأجل.
l- ما حكم إعطاء خصم تعجيل للمدين نظير سداد الدين للدائن قبل موعده؟
يتسائل كثير من المدينين هل يجوز خصم جزء من الدين لمن تعجل بالسداد قبل الموعد؟
الإجابة:
يجوز خصم جزء من الدين إذا قام المدين بسداد الدين قبل أجله, إذا لم يكن ذلك مشروطاً, ويقبل الدائن ذلك بطيب نفس, ويعتبر هذا الخصم بمثابة تبرعاً أو هبة من الدائن للمدين ويدخل ذلك فى نطاق المصالحة والتراضى.
l- ما حكم الانتفاع بريع الشئ المرهون نظير دين مستحق؟
نص السؤال: أعطيت أحد المسلمين قرضاً ورهن لى دابة فهل يجوز الإنتفاع بريعها وتحمل تكلفة ذلك ؟
الإجابة:
أجاز بعض الفقهاء الانتفاع بريع الشئ المرهون مع تحمل تكلفته, مثل الانتفاع بلبن الدابة المرهونة مقابل أكلها, والانتفاع بالعقار المرهون مقابل تكلفة صيانته وهكذا.
l- ما حكم ربط سداد القرض بمعيار الذهب عند السداد؟
نص السؤال: هل يجوز ربط القرض الحسن عند السداد بمعيار معين مثل الذهب أو الدولار, عل سبيل المثال إذا أعطى رجل لآخر مبلغاً قدره 100000 جنيه وكان سعر جرام الذهب 50 جنيهاً, واشترط عليه أن يرد له قيمة الدين على أساس سعر جرام الذهب عند السداد وليكن أصبح 60 جنيهاً بسبب التضخم ؟
الإجابة:
لا يجوز ذلك, فالعبرة فى رد القرض بمثل ما اقترض به دون ربط بمعيار الذهب أو غيرة لأن ذلك يفتح باب الربا.
l- ما حكم تحميل المدين المقترض بمصاريف القرض الحسن؟
نص السؤال: هل يجوز تحميل القرض الحسن بمبلغ محدد مقابل المصاريف الإدارية, فعلى سبي المثال تقوم بعض المصارف الإسلامية بإعطاء قروضاً حسنة بشروط معينة, وتحميل المدين المصاريف الإدارية لقسم القرض الحسن, فهل هذا جائز شرعاً؟
الإجابة:
يجوز تحمل القرض الحسن بنصيبه من المصاريف الإدارية الفعلية, وتكون النية والفعل ذلك, ولا يجوز التستر تحت بند المصاريف الإدارية ويحمل الدين بفوائد ربوية.
l- ما حكم تحميل المدين المماطل بالمصاريف القضائية؟
نص السؤال: هل يجوز تحميل المدين الموسر المماطل بالمصاريف القضائية ومصايف المحاماة وما فى حكم ذلك عند السداد؟
الإجابة:
يجوز ذلك بشروط أن تكون فعلية وأن يكون المدين موسراً ومماطلاً ولا يجوز ذلك فى حالة المدين المعسر.
l- ما حكم تحميل المدين الموسر المماطل بتعويض للدائن بسبب الأضرار؟
نص السؤال:هل يجوز تحميل المدين الموسر المماطل تعويضاً عند المصالحة مقابل الضرر الذى أصاب الدائن بسبب التأخير والمماطلة؟
الإجابة:
لقد تناول الفقهاء المعاصرون هذه المسألة, وهناك ثلاث أراء هى:
o الرأى الاول: يجوز شرعاً معاقبة المدين الموسر المماطل عقوبة مالية مضافة إلى أصل الدين تدفع للدائن تعويضاً له عن ما فاته من منافع عن ماله طيلة فترة التأخير, وتقدر العقوبة بمعرفة أهل الاختصاص والخبرة, ويستفيد الدائن من هذا التعويض.
o الرأى الثانى: هو نفس الرأي الأول, ولكن بشرط توجيه هذا التعويض إلى جهات الخير دون أن يستفيد منه الدائن, وهذا من باب الورع.
o الرأى الثالث: لا يجوز شرعاً معاقبة المدين الموسر المماطل عقوبة مالية لأن هذا يدخل فى نطاق الربا, ولكن يجوز معاقبته بالحبس والضرب أو أي نوع من أنواع التعزير المعنوي والحسي حسب ما يراه القاضي .
والرأي الثاني هو الأرجح.
l- ما حكم الاقتراض بالربا للإنفاق على تكاليف الزواج؟
نص السؤال:اننى مقبل على الزواج وأحتاج أموال لشراء والأثاث والتجهيزات ونفقات العرس ونو ذلك, فهل يجوز أن أقترض من البنك قرضاً بفائدة لتغطية تكاليف الزواج؟
الإجابة:
الزواج عبادة وطاعة لله عز وجل الذى قال فى كتابه الكريم: وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (النور: 34), ولذلك لا يجوز للمقدم على أن يحصل على قرض ربوى ليبنى به بيتاً إسلامياً, فلابد أن تكون الغاية مشروعة, والوسيلة إليها مشروعة, ويجب أن يركز المسلم فى زواجة على الضرورات, فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها, ويكون الزواج حسب الاستطاعة, ولا يجوز التعامل بالربا إلا عند الضرورة التى تؤدى إلى مهلكة أو تصبح الحياة بدونها شاقة, وتكون قد سدت كل أبواب الحلال, ففي حالتنا هذه نطلب من السائل أن يبحث عن أبواب الحلال ليقترض منها قرضاً حسناً ويقتصد فى نفقات زواجه, ونحن على يقين بأن الله سبحانه وتعالى سوف يغنيه من فضله مصداقاً لقوله تبارك وتعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاًّ (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (الطلاق2 :3), وعن رسول الله () أنه قال: " ثلاثة حق على الله أن يعينهم من فضله: المجاهد فى سبيل الله, المكاتب الذى يريد الأداء, والناكح الذى يردي العفاف" (النسائى والحاكم والترمذي)
المصدر: دكتور/ حسين شحاتة- الأستاذ بجمعة الأزهر – خبير أستشاري فى المعاملات الملية الشرعية- مجلة الاقتصاد الإسلامي العدد(286- صفحة 54)
l- ما حكم استرداد مصاريف إعطاء القرض والمصاريف القضائية من المدين المماطل؟
نص السؤال: ما حكم أخذ الدائن من المدين تكلفة الحصول على الدين فى حالات مطل المدين وعدم قيامه بدفع دينه فى الموعد المتفق عليه فى العقد الذى أنشأ الدين, مثل مصروفات تحصيل الدين ورسوم التقاضى وأتعاب المحاماه ونفقات إيصال الدين للدائن؟
الإجابة:
إن أساس الحكم فى هذا الموضوع هو قول الله تبارك وتعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ (البقرة: 279), قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مطل الغنى ظلم يحل عرضه وعقوبته", وفى رواية "لَىَّ الواجد ظلم".
فالآية توجب على الدائن ألا يظلم المدين بأخذ زيادة على رأسماله, أى الدَّين الأصل, وتوجب على المدين ألا يظلم الدائن بأداء أقل من دينه, ويترتب على ذلك بطريق القطع أن الدين لا بد أن يرجع إلى الدائن دون نقص, فإذا اقترض شخص مبلغاً من النقود أو كميه من القمح أو التمر أو غيرها من الأموال الربوية, واحتاج إيصال القرض إلى المقترض ثم رده إلى المقرض, مثل أجرة من يكيل القمح أو يزن التمر المقترض أو ثمن شراء الأوعية التى يوضع فيها المال المقترض أو أجرة وسيلة حمل القمح الى المدين, وكذلك تكاليف رد القرض إلى المقرض من أجرة كيل ووزن وأوعيه وحمل, هذه كلها كذلك يجب أن تكون على المقترض, لأننا لو طالبنا بها المقرض لأخذ أقل من قرضه, والقرض إحسان وقد قال الله تبارك تعالى: ما على المحسنين من سبيل , ومثل ذلك إذا ماطل المدين بثمن مبيع اشتراه أو قرض اقترضه, ولجأ الدائن الى السلطات المختصة للمطالبة بدينه وتكبد رسوم التقاضى وأجور المحامين, ومصاريف تنفيذ الحكم, فيجب أن تكون هذه أيضاً على المدين المماطل حتى لا يأخذ الدائن أقل من حقه لو كلفناه بذلك.
والحديث الشريف التالى قاطع فى أن: "مطل الغنى ظلم يحل عرضه وعقوبته", والعقوبة بالمال جائز عند الثقات من العلماء, كأبن تيمية وتلميذه ابن القيم, ولقد عاقب عمر ابن الخطاب رضى الله عنه حاطب ابن أبى بلتعة عندما سرق غلمانه ناقة المزنى وأكلوها, عاقبه بمثل قيمة الناقة, والأصل فى الضمان أن يكون بقيمة المال المضمون وقد حكم عمر رضى الله عنه بضعف القيمة, وسلم ذلك للمضرور (المزنى) ذلك أن حاطب بن أبى بلتعة قد ارتكب مخالفة شرعية لأنه أجاع غلمانه ودفعهم إلى السرقة, ولذا قال له عمر رضى الله عنه: "إنك تجيعهم ولو عادوا لقطعت يدك".
والوفاء بالحقوق والديون حق وعهد ووعد يترتب على عدم الوفاء به اضطراب مصالح الناس, وعدم استقامة الحياة, فإذا خربت الذمم وضعف سلطان الدين على النفوس وفشا الكذب, واعتاد الناس على عدم الوفاء بالعقود والعهود والوعود, اختل نظام الحياة, ولذا كان حفظ المال من جانب الوجود ومن جانب العدم فى المصالح الشرعية الكلية القطعية بعد حفظ الدين والنفس والعقل والعرض, ولا يحفظ مال المجتمع ومؤسساته المالية إلا بالوفاء بالعقود والعهود والوعود المالية, ولذا فقد قررت جميع القوانين الجنائية فى العالم أن من أصدر شيكاً وفاء لدينه دون أن يكون للشك رصيد فى حسابه فإنه يكون مرتكباً لجريمة جنائية وذلك أن الشيك أداة وفاء كالنقود سواء بسواء, ولذا فإن من يصدر شيكاً وهو يعلم أنه ليس له رصيد فى حسابه يكون غاشاً وكاذباً ومخادعاً, وقد تعتبره بعض القوانين فى حالة خاصة(نصاَّباً) وتعاقبه على جريمة نصب, وكأن مصدر الشيك بدون رصيد كأنه أعطى ورقة نقدية مزورة, وإذا كانت القوانين تعد إصدار شيك بدون رصيد جريمة جنائية, فإن لولى الامر المسلم أن يوقع عليه عقوبة تعزيرة بناءً على أن كل معصية لا حد فيها ولا كفارة ففيها عقوبة تعزيرية.
وإذا جاز التعزير بالعقوبة البدنية كالحبس جازت العقوبة المالية من باب أولى لأنها أخف, فحفظ المال يأتى فى المرتبة الخامسة من المصالح فهو يأتى بعد حفظ الدين والنفس والعقل والعرض.
ويجب التأكيد على أن العقوبة البدنية أو المالية إنما يحكم بها ولى الأمر ويتولاها القضاء, وليست متروكة للدائن يقدرها كيف يشاء, وبالنسبة للعقوبة بمعنى ان العقوبة المالية التى تتمثل فى التعويض عن الضرر الذى يلحق بالدائن من جراء مطل المدين يمكن أن تحكم بها هيئة تحكيم تتكون من ثلاثة أعضاء يختار الدائن واحداً والمدين واحداً ويختار الاثنان ثالثاً.
__________________
[]((الناجحون لا يتراجعون والمتراجعون لا ينجحون ))ربي لا تدعني أٌصاب باليأس إذا فشلت ولكن ذكّرني دائماً أن الفشل هو التجربة التي تسبق النجاح . وائــل مـــراد