أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 10-04-2009, 07:20 AM
  #1
هشام حلمي شلبي
 الصورة الرمزية هشام حلمي شلبي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 5,223
افتراضي كلام في الاختلاط


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهوبعد :


فقد اطلعت على ما نشرته جريدة ( السياسة ) الصادرة يوم 24/ 7/1404هـ بعددها 5644 منسوباً إلى مدير جامعة صنعاء د. عبد العزيز المقالح الذي زعمفيه أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطلاب مخالفة للشريعة ، وقد استدل على جوازالاختلاط بأن المسلمين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يؤدون الصلاة فيمسجد واحد الرجل والمرأة وقال: ( ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد)وقد استغربت صدور هذا الكلام من مدير لجامعة إسلامية في بلد إسلامي يُـطلب منه أنيوجه شعبه من الرجال والنساء إلى ما فيه السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة ، فإنالله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولا شك أن هذا الكلام فيهجناية عظيمة على الشريعة الإسلامية ؛ لأن الشريعة لم تدْعُ إلى الاختلاط حتى تكونالمطالبة بمنعه مخالفة لها بل هي تمنعه وتشدد في ذلك كما قال} وقَــرْنَ في بُيوتكن ولا تبرجنَ تبرج الجاهلية الأولى] { الأحزاب (33) : آية 33 [ الآية وقال تعالى }: ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أنيعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما] { الأحزاب (33) : آية 59 [ وقال سبحانه }: وقل للمؤمنات يغضُضْن من أبصارهنويحفَـظْـنَ فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ولْيضربن بخُمُرِهِن علىجُيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أوأبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكتأيمانهن] { النور (24) : آية31 [ إلى أن قالسبحانه}: وَلا يَضرِبنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخفينَمنْ زِينَتِهِنَّ وتوبوا إلى اللَّهِ جَميعًا أَيهَا الْمؤمنونَ لعلكمْ تُفْلِحُونَ ] { النور (24) : آية31 [ .
وقال تعالى }: وإذا سألتُمُوهُن مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وراءِ حِجَابٍ ذلكُمْأَطهَرُ لقلُوبكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ] { الأحزاب (33) : آية53 [ الآية.

وفي هذه الآيات الكريمات الدلالة الظاهرة على شرعية لزومالنساء لبيوتهن حذرا من الفتنة بهن إلا من حاجة تدعو إلى الخروج ، ثم حذَّرهنسبحانه من التبرج تبرج الجاهلية وهو إظهار محاسنهن ومفاتنهن بين الرجال ، وقد صح عنرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال )) : ما تركت بعدي فتنة أضرعلى الرجال من النساء] ((متفق عليه من حديث أسامة بن زيد رضيالله عنه وخرجه مسلم في صحيحه عن أسامة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي اللهعنهما جميعا [ ، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبيصلى الله عليه وسلم أنه قال )) : إن الدنيا حلوة خضرة وإن اللهمستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنيإسرائيل كانت في النساء] ((مسلم والترمذي[ .
ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الفتنة بهن عظيمة ولا سيمافي هذا العصر الذي خلع فيه أكثرهن الحجاب وتبرجن فيه تبرج الجاهلية وكثرت بسببهالفواحش والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما شرع الله من الزواج في كثيرمن البلاد ، وقد بين الله سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل ذلك على أن زوالهأقرب إلى نجاسة قلوب الجميع وانحرافهم عن طريق الحق ، ومعلوم أن جلوس الطالبة معالطالب في كرسي الدراسة من أعظم أسباب الفتنة ، ومن أسباب ترك الحجاب الذي شرعهالله للمؤمنات ونهاهن عن أن يبدين زينتهن لغير مَنْ بيّنهم الله سبحانه في الآيةالسابقة من سورة النور ، ومن زعم أن الأمر بالحجاب خاص بأمهات المؤمنين فقد أبعدالنجعة وخالف الأدلة الكثيرة الدالة على التعميم وخالف قوله تعالى }: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ]{ الأحزاب (33) : آية53 [

فإنه لا يجوز أن يقال إن الحجابأطهر لقلوب أمهات المؤمنين ورجال الصحابة رضي الله عنهم دون من بعدهم ولا شك أن منبعدهم أحوج إلى الحجاب من أمهات المؤمنين ورجال الصحابة لما بينهم من الفرق العظيمفي قوة الإيمان والبصيرة بالحق ، فإن الصحابة رضي الله عنهم رجالا ونساء ومنهنأمهات المؤمنين هم خير الناس بعد الأنبياء وأفضل القرون بنص الرسول صلى الله عليهوسلم في الصحيحين ، فإذا كان الحجاب أطهر لقلوبهم فمن بعدهم أحوج إلى هذه الطهارةوأشد افتقارا إليها ممن قبلهم ، ولأن النصوص الواردة في الكتاب والسنة لا يجوز أنيخص بها أحد من الأمة إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص فهي عامة لجميع الأمة في عهدهصلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة ، لأنه سبحانه بعث رسوله صلى الله عليهوسلم إلى الثقلين في عصره وبعده إلى يوم القيامة كما قال عز وجل} :قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْجَمِيعًا ]{ الأعراف (7) : آية158 [

وقالسبحانه}: وَمَا أَرْسلنَاكَ إِلا كَافةً لِلناسِ بَشِيرًاوَنَذِيرًا وَلَكِن أَكثَرَ الناسِ لا يَعْلَمُونَ ]{ سبأ (34) : آية28 [
وهكذا القرآن الكريم لم ينزل لأهل عصر النبي صلىالله عليه وسلم وإنما أُنزل لهم ولمن بعدهم ممن يبلغه كتاب الله كما قال تعالى }: هَذا بَلاغٌ لِلناسِ وَلِينذَرُوا بِهِ وَلِيَعلَمُوا أَنمَاهُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ] { إبراهيم (14) : آية52 [وقال عز وجل }: وَأُوحِيَإِلَيَّ هَذَا القرآنُ لأُنْذِرَكمْ بهِ ومَنْ بَلَغَ { الآية ] الأنعام (6) : آية19 [

وكان النساء في عهد النبي صلى اللهعليه وسلم لا يختلطن بالرجال لا في المساجد ولا في الأسواق ، الاختلاط الذي ينهىعنه المصلحون اليوم ويرشد القرآن والسنة وعلماء الأمة إلى التحذير منه حذرا منفتنته ، بل كان النساء في مسجده صلى الله عليه وسلم يصلين خلف الرجال في صفوفمتأخرة عن الرجال وكان يقول صلى الله عليه وسلم: )) خير صفوفالرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها] ((مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد وابن ماجه والدارمي [حذرا من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء وكان الرجال في عهده صلى اللهعليه وسلم يؤمرون بالتريث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلطبهن الرجال في أبواب المساجد ، مع ما هم عليه جميعا رجالا ونساء من الإيمان والتقوى، فكيف بحال من بعدهم وكانت النساء يُــنهَــين أن يتوسطن الطريق ويُـؤمَرن بلزومحافات الطريق حذرا من الاحتكاك بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم بعضا عند السير فيالطريق ، وأمر الله سبحانه نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بهازينتهن حذرا من الفتنة بهن ، ونهاهن سبحانه عن إبداء زينتهن لغير من سمى اللهسبحانه في كتابه العظيم حسما لأسباب الفتنة وترغيبا في أسباب العفة والبعد عن مظاهرالفساد والاختلاط، فكيف يسوغ لمدير جامعة صنعاء هداه الله وألهمه رشده بعد هذا كلهأن يدعو إلى الاختلاط ، ويزعم أن الإسلام دعا إليه وأن الحرم الجامعي كالمسجد ، وأنساعات الدراسة كساعات الصلاة ، ومعلوم أن الفرق عظيم والبون شاسع لمن عقل عن اللهأمره ونهيه وعرّفه حكمته سبحانه في تشريعه لعباده ، وما بيّن في كتابه العظيم منالأحكام في شأن الرجال والنساء.

وكيف يجوز لمؤمن أن يقول إن جلوس الطالبةبحذاء الطالب في كرسي الدراسة مثل جلوسها مع أخواتها في صفوفهن خلف الرجال ، هذا لايقوله من له أدنى مسكة من إيمان وبصيرة يعقل ما يقول ، هذا لو سلمنا وجود الحجابالشرعي فكيف إذا كان جلوسها مع الطالب في كرسي الدراسة مع التبرج وإظهار المحاسنوالنظرات الفاتنة والأحاديث التي تجر إلى فتنة والله المستعان ولا حول ولا قوة إلابالله قال عز وجل: } فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْتَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ] { الحج (22) : آية46 [

وأما قوله: (الواقع أن المسلمين منذ عهد الرسول كانوا يؤدونالصلاة في مسجد واحد الرجل والمرأة ، ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكانواحد). فالجواب عن ذلك أن يقال هذا صحيح ، لكن كان النساء في مؤخرة المساجد معالحجاب والعناية والتحفظ مما يسبب الفتنة ، والرجال في مقدم المسجد ، فيسمعنالمواعظ والخطب ويشاركن في الصلاة ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن ويشاهدن ، وكانالنبي صلى الله عليه وسلم في يوم العيد يذهب إليهن بعد ما يعظ الرجال فيعظهنويذكرهن لبعدهن عن سماع خطبته ، وهذا كله لا إشكال فيه ولا حرج ، وإنما الإشكال فيقول مدير جامعة صنعاء ، هداه الله وأصلح قلبه وفقهه في دينه (ولذلك فإن التعليم لابد أن يكون في مكان واحد) فكيف يجوز بالله أن يشبه التعليم في عصرنا بصلاة الرجالفي مسجد واحد مع أن الفرق شاسع بين واقع التعليم المعروف اليوم وبين واقع صلاةالنساء خلف الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم ، ولهذا دعا المصلحون إلى إفرادالنساء عن الرجال في دور التعليم ، وأن يكن على حدة ، والشباب على حدة حتى يتمكنَّمن تلقي العلم من المدرسات بكل راحة من غير حجاب ولا مشقة ؛ لأن زمن التعليم يطولبخلاف زمن الصلاة ، ولأن تلقي العلوم من المدرسات في محل خاص أصون للجميع وأبعد لهنمن أسباب الفتنة وأسلم للشباب من الفتنة ، ولأن انفراد الشباب في دور التعليم عنالفتيات مع كونه أسلم لهم من الفتنة فهو أقرب إلى عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسنالاستماع إلى الأساتذة وتلقي العلوم عنهم بعيدين عن ملاحظة الفتيات والانشغال بهنوتبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور .

وأما زعمه أصلحهالله أن الدعوة إلى عزل الطالبات عن الطلبة تزمت ومخالف للشريعة فهي دعوى غيرمسلَّمة بل ذلك هو عين النصح لله ولعباده والحيطة لدينه والعمل بما سبق من الآياتالقرآنية والحديثين الشريفين ، ونصيحتي لمدير جامعة صنعاء أن يتقي الله عز وجل وأنيتوب إليه سبحانه مما صدر منه وأن يرجع إلى الصواب والحق ، فإن الرجوع إلى ذلك هوعين الفضيلة والدليل على تحري طالب العلم للحق والإنصاف والله المسئول سبحانه أنيهدينا جميعا سبيل الرشاد وأن يعيذنا وسائر المسلمين من القول عليه بغير علم ومنمضلات الفتن ونزغات الشيطان ، كما أسأله سبحانه أن يوفق علماء المسلمين وقادتهم فيكل مكان لما فيه صلاح البلاد والعباد في المعاش والمعاد ، وأن يهدي الجميع إلىصراطه المستقيم إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعينلهم بإحسان إلى يوم الدين.
__________________
[overline]
قال صلى الله عليه وسلم:

<أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربه أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخ في حاجه أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - مسجد المدينة - شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام >
صححه الألباني الأحاديث الصحيحة رقم (906)
هشام حلمي شلبي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:51 PM