
أساسيات الائتمان
يقوم التحليل الائتماني على تقويم قدرة المقترض على الوفاء بالتزاماته تجاه المقرض في المواعيد المتفق عليها، و يعتبر تقويم هذه القدرات من أهم المهارات التي يجب أن يتمتع بها مسؤولو الائتمان المصرفي .
و للوصول الى تلك الغاية، يستعمل مسؤولو الإقراض في المؤسسات المصرفية، عند تقويم المقترضين، أدوات تقويم عديدة منها التحليل بالنسب، و تحليل النفقات النقدية، و تحليل التعادل، و صافي القيمة الحالية، و معدل العائد الداخلي، و فترة الاسترداد و غيرها . و هذا، و لا يستعمل المحلل جميع هذه الأدوات معا في المرة الواحدة، و إنما يستعمل بعضها حسب ما تتطلبه ظروف الموقف الذي يعالجه و طبيعته . و لا شك في أن استعمال كل من هذه الأدوات في الظروف الأنسب لها سيؤدي الى نتائج أفضل في التقويم الائتماني .
هذا، و لا تختلف أدوات التحليل باختلاف الظروف و حسب، و إنما تختلف أيضا باختلاف أنشطة المؤسسات، و تفاوت كمية المعلومات المتاحة عنها، حيث يستعمل المحللون أدوات تحليل تختلف باختلاف المؤسسات المحللة . فتحليل شركة صناعية بالتركيز على الإنتاجية، و عمر الآلات، و المعدات،و تكاليف الإنتاج، و نوعيته، الى جانب السوق، و القدرة التنافسية . أي أن المحلل يركز على الموجودات، و كفايتها الإنتاجية، و القدرة على البيع . و لو كان التحليل لشركة خدمات، لكان التركيز على الكفاءات البشرية المتاحة و قدراتها و خبراتها، و القيمة المضافة التي تخلقها هذه الكفايات، لأن تحليل معدلات دوران الأصول، و رأس المال العامل، و غيرها من الأدوات التقليدية غير ذات جدوى في مثل هذه الحالات.
إن المعلومات التاريخية هي المادة الأساسية للتحليل، حيث تقدم المعلومات المالية التاريخية مؤشرات عن مدى قدرة المؤسسة على الاستفادة من أصولها، و مدى الكفاية التي أديرت بها هذه الأصول لأجل توليد الدخل، كما تقدم الموازنة بين أدائها المالي و أداء المؤسسات المماثلة فكرة عن مدى القدرة التنافسية لها مع الآخرين في الصناعة نفسها . و يشكل عام، ينظر للنتائج المالية على أنها حصيلة لمختلف القرارات المتخذة داخل المؤسسة في جميع مجالات نشاطها و إدارتها .
لقد درب الكثيرون من مسؤولي الائتمان على التركيز على المعلومات التاريخية المقدمة من المقترض. وبالرغم من أن هذا التركيز كان في الماضي ركنا أساسيا في عملية التحليل، وسيبقى كذلك في المستقبل، إلا أنه تأكد (للمحللين وللأكاديميين معا) في السنوات الأخيرة أن المعلومات المالية المتاحة من الميزانيات وقوائم الدخل التاريخية ليست كافية لتعرف مخاطر الإقراض بكفاية عالية، لأنها لا تتناول المستقبل برغم أن نتائجه هي مصدر الوفاء لأي قرض قائم أو سيمنح لاحقا .
هذه الحقيقة المستجدة تقودني فورا الى القول بأن الخطوة الأساسية في التحليل الائتماني، بعد المعرفة التاريخية الشاملة للمقترض، هي التركيز على العوامل التي ستؤثر في أدائه المستقبلي بدلا من التركيز المفرد على الأداء المالي في الماضي الذي لا يحسن تجاهله كليا .
إن الأداء المستقبلي للمقترض (والذي سيكون هو مصدر وفاء القروض) يعتمد على عوامل غير مالية، داخلية وخارجية، أكثر من اعتماده على العوامل المالية . فالعوامل الداخلية لها علاقة بتطوير المنتجات، والعلاقات الصناعية، والتكاليف . أما العوامل الخارجية، فتشمل المنافسة وحالة الاقتصاد العامة .
إن التقويم الائتماني هو عملية ديناميكية وأساسية في التقاط إشارات الضعف في القروض في أبكر وقت ممكن . ومثل هذا الالتقاط، لا يتطلب رقابة مستمرة لأداء المقترض المالي، كما تعكسه حساباته لدى المصرف، وكما يعكسه أداؤه لالتزاماته تجاه الآخرين أيضا، وأسعار أسهمه في السوق المالية فحسب، و إنما يتطلب أيضا مراقبة لكيفية تطور نشاط المقترض، ومدى استجابته لمواكبة المستجدات، والتطورات في الصناعة، والسوق الذي يعمل فيها . وهنا، يتوجب على مسؤول الائتمان تقويم أثر مثل هذه التطورات فور حدوثها، إذ لا يجوز مطلقا الانتظار حتى موعد التجديد السنوي للتسهيلات ليتصرف، لان التأخير قد يصرف النظر عن مثل هذه التطورات وأهميتها .
موقع الاستاذ مفلح عقل
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله
if you fail to plan you plan to fail
كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم