
مشاركة: بلاغ إلي نيابة الضرائب إجراءات الفحص الضريبي يشوبها البطلان لمخالفة القانون
تمثل القواعد القانونية الإجرائية للتشريع الضريبي أهمية خاصة لا تقل عن القواعد الموضوعية. فالقواعد الإجرائية هي: قواعد قانونية من صنع المشرع ولها كل صفات القاعدة القانونية من عموم وتجريد وإلزام، وكل قاعدة إجرائية تنقسم إلى عنصرين، الأول هو العنصر الأول ويشتمل على جميع عناصر الإجراء النموذجي الذي حدده المشرع. والعنصر الثاني هو عنصر الأثر القانوني ويشتمل على كافة النتائج التي يولدها الإجراء إذا اتخذ بشكل صحيح ويسمى ذلك بالأثر الايجابي، كما يشتمل على النتائج التي يؤدى إليها الإجراء إذا اتخذ بشكل غير صحيح أي الجزاء الإجرائى، ويسمى ذلك بالأثر السلبي للقاعدة الإجرائية ؛ فالقواعد الإجرائية هي قواعد شكلية، تبين أشكال الإجراءات الواجب اتخاذها وتبين الجزاءات الواجب توقيعها عند مخالفة هذه الإشكال. وهذه الأشكال وضعت لكفالة احترام الحقوق الموضوعية لأن هذه الأخيرة يتم حمايتها من خلال هذه القواعد. وتشمل القواعد القانونية الإجرائية للتشريع الضريبي: القواعد المنظمة لإجراءات ربط وتحصيل الضريبة ، والقواعد المنظمة لإجراءات المنازعة الضريبية، والتي تنقسم بدورها إلى القواعد المنظمة لإجراءات كل من المرحلتين الإدارية والقضائية للمنازعة.
وإذا كان المشرع فى قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 فرق بين طريقة الفحص فى حالة عدم تقديم الإقرار عنه فى حالة تقديم الإقرار؛ فأطلق يد الإدارة فى الحالة الأولى فى إجراء ربط تقديري، قيدها فى الحالة الثانية وجعل الفحص من خلال عينة يصدر قواعد ومعايير تحديها وزير المالية بعد عرض رئيس المصلحة.
وتحقيقا لعدالة وموضوعية الفحص وضع قواعد ومواعيد إجرائية حملت فى طياتها التزامات على الإدارة الضريبية والممول فضلاً عن الغير؛ نظراً لكون تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقي لقيمة المال الخاضع لها، باعتبار أن ذلك يعد شرطاً لازماً لعدالة الضريبة، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة. وجعل وعاء الضريبة محققاً ومحدداً على أسس واقعية.
غير أن هذا لا يمنع من وجود الكثير من المثالب والمعوقات التى ما تزال تصادف أحكام الفحص الضريبي فى التطبيق، والحقيقة أن أغلب هذه المثالب والمعوقات سببها الرئيسي الإدارة الضريبية ذاتها، ويمكن تفصيل ذلك على النحو الآتي:-
1- استخدمت الإدارة الضريبية في تحديد العينة الطريقة المفتوحة بافتراض أن عدد الممولين ثابت في كل السنوات التي يتم فيها تحديد هذه العينة. أي أن يتم اختيار العينة من مجتمع الممولين كل سنة دون النظر إلى من شملتهم العينة في السنة التي تسبقها.
2- خرجت الإدارة الضريبية عن الإطار الذى حدده المشرع فى أن يكون الفحص بالعينة وطبقت نظام الفحص الشامل على ممولي الضريبة التابعين لمركز كبار الممولين دون مراعاة لما يرد من قواعد ومعايير تحديد عينة الفحص بقرار وزير المالية؛ الأمر الذى أدى إلى عدم ثقة الممولين فى تطبيق نظام الفحص بالعينة.
3- أن تحديد عينة الفحص جاء شاملاً لكل الإقرارات دون مراعاة نسبة الإقرارات المستندة لدفاتر ومستندات والتى تمثل جوهر نظام الفحص بالعينة وهى لا تجاوز نسبة 1% من عدد الإقرارات السنوية.
4- ألزمت الإدارة الضريبية المأموريات بإنهاء إجراءات الفحص والربط والتحصيل بالنسبة لحالات التوقف والمغادرة والتنازل التى تتم خلال الفترات الضريبية الخاضعة للقانون 91 لسنة 2005 دون مراعاة أمرين: الأمر الأول عدم التفرقة بين الحالات التى قدمت الإقرار الضريبي وفقا لأحكام القانون وتلك التى لم تقدم الإقرار، والأمر الثانى لم يفرق المشرع فى استخدامه لطريقة الفحص بالعينة فى حالة تقديم الإقرار الضريبي بين استمرار النشاط أو توقفه فشرط الفحص أن يأتي الإقرار بالعينة؛ بما قد ينتج عنه مخالفة إجرائية تؤدى إلى البطلان.
5- التناقض بين الكتب الدورية وإجراءات الفحص الضريبي
أ) سقطت مصلحة الضرائب المصرية في تضارب واضح مع قانون الضريبة علي الدخلرقم 91 لسنة 2005 فيما يتعلق بالفحص الضريبي لإقرارات الممولين تهدد ببطلان إجراءات الفحص. فبعد أن صدر القرار الوزاري رقم 272 لسنة 2007 والقرار الوزاري رقم 959 لسنة2008 بشأن قواعد ومعايير تحديد عينة فحص إقرار الممولين عن السنوات 2005، 2006؛ أصدرت مصلحة الضرائب تعليمات عامة رقم (9) لسنة 2009بتاريخ 20/1/2009 بشأن الإطار العام للفحص فى ظل أحكام القانون 91 لسنة 2005، وتحديد عينة الفحص لهذه السنوات، وبمناسبة صدور قرار وزير المالية رقم 414 لسنة 2009 بتاريخ 2/7/2009 بشأن قواعد وأسس المحاسبة الضريبية للمنشآت الصغيرة وإجراءات تحصيل الضريبة على أرباحها، والكتاب الدورى رقم 2 بتاريخ 16/11/2009 الصادر من رئيس مصلحة الضرائب تنفيذاً لهذا القرار، أعادت المصلحة فحص العينة المحددة سلفا وفقا للتعليمات رقم (9) لسنة 2009 مع العينة التى تم تحديدها وفقاً للكتاب الدورى رقم (23) لسنة 2010 على أن يتم فحص السنوات 2005،2006، 2007، 2008 وفقا لأحكام الكتاب الدورى رقم 2 لسنة 2009 وقرار وزير المالية رقم 414 لسنة2009.
الأمر الذى يرى معه الباحث أنه وفقا للمبادئ الدستورية والقانونية وأحكام القضاء "التشريعات الخاصة بالضرائب تعد من القواعد القانونية الآمرة المتعلقة بالنظام العام؛ فتسرى بأثر فوري على كل مركز قانوني لم يكن قد تم أو اكتمل إلى تاريخ العمل بها"وأن القرار الوزاري المشار إليه يبدأ العمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره أى بعد 2/7/2009 والقول بغير ذلك يؤدى إلى وقوع الإدارة الضريبية فى خطر بطلان الإجراءات، فضلاً عن انعكاسات ذلك على تحديد المراكز الضريبية ومن ثم الاستقرار الضريبي.
ب) صدر الكتاب الدوري رقم 17 لسنة 2007 والصادر بتاريخ 26/11/2007 بشأن الفحص الضريبي وجاء فيه " عدم إجراء فحص للملفات الضريبية خلال شهري مارس وإبريل من كل سنة إلا للحالات المهددة بالسقوط بالتقادم وحالات التوقف والحالات الخاصة الأخرى وفقا للقانون"، ثم جاء الكتاب الدوري رقم 14 لسنة 2010 بتاريخ 18/3/2010 ليوقف العمل بالكتاب الدوري 17 لسنة 2007 هذا، والسؤال ما هو موقف الملفات التى تم فحصها خلال شهري مارس وابريل فى الفترة من 26/11/2007 تاريخ العمل بالكتاب الدوري رقم 17 و18/3/2010 تاريخ نفاذ الكتاب الدوري رقم 14 لسنة2010؟ وفى تقدير الباحث أن إجراءات الفحص لأى ملف تمت خلال شهرى مارس وابريل تكون باطلة على أساس انه ليس لمصلحة الضرائب أن تتنصل من تطبيق كتبها الدورية ومنشوراتها
ج) من التناقض أيضا صدور الكتاب الدورى رقم (3) لسنة 2011 بشأن الفحص الضريبي بنظام العينة عن سنة 2005، والذى جاء فيه " الاكتفاء بما تم فحصه من ملفات العينة عن السنة الضريبية 2005 وعدم فحص ما بقى منها على سند أن الإقرار الضريبي يعد ربطا للضريبة وفقا لحكم المادة 89 من القانون 91 لسنة 2005 بمناسبة الظروف الاستثنائية التى تمر بها البلاد منذ 25 يناير 2011، وفى تقدير الباحث أن هذا الكتاب الدورى لم يحقق العدل والمساواة بين الممولين مخالفا لمبدأ الشرعية القانونية لمخالفته نص القانون ذاته فى تقرير نظام الفحص.
6- عدم مراعاة الإدارة الضريبية ما نص عليه المشرع فى المادة (141بند 5) من اختصاص المجلس الأعلى للضرائب وهى "مراجعة أدلة العمل الضريبية وإبداء الرأي فيها قبل إقرارها ونشرها وعلى الأخص:
- أدلة عمل الإدارة الضريبية
- دليل القواعد الأساسية للفحص.
- دليل إجــراءات الفحـص.
- دليل الفحص بالعينـة.
والسؤال الذى يطرحه الباحث هل فى عدم اعتماد المجلس الأعلى للضرائب – الذى لم ينشأ بعد - لدليل القواعد الأساسية للفحص و دليل إجــراءات الفحـص ودليل الفحص بالعينـة بطلان للإجراءات؟ والإجابة وان كانت من وجهة نظر الباحث بنعم إلا أن الواقع العملي لم يظهر ذلك ويترك الأمر لقرارات اللجان وأحكام المحاكم!!!
خلاصة القول انه إذا كان المقصود بالعينة هي مجموعة من المفردات بتم اختيارها من مجتمع معين وذلك لإجراء دراسة عليها ويتم سحب هذه العينة من المجتمع تحت الدراسة بحيث تمثله تمثيلا صادقا. وقد أثبتت التجربة أنه إذا ما تم سحب العينة بطريقة علمية سليمة خاصة شروطنظرية الاحتمالات فإنه يمكن الحصول على بيانات ونتائج دقيقة إلى حد كبيروبأقل جهد ووقت بالمقارنة بدراسة كل مفردات المجتمع.
لذلك ولكي يحظى الفحص بنظام العينة بقبول لدى المجتمع الضريبي وفقا لفلسفة المشرع فى أن الأخذ بهذا النظام يؤدى إلى مد جسور الثقة بين الممول والإدارة الضريبية لا بد من وضع ضوابط محددة لقواعد ومعايير الفحص بالعينة بحيث تشمل عينة إحصائية من مختلف الإقرارات الضريبية للأنشطة المختلفة فى مختلف المناطق والمأموريات الضريبية، مع الاعتماد على الحاسب الإلكتروني لما له من دور هام وبارز في نظام الفحص الضريبي؛ فهو يسهل العمل بالإدارة الضريبية من حيثالوقت والجهد والدقة.
يضاف إلى ذلك التزام الإدارة الضريبية بمبدأ السنوية الوارد بنص المادة (94) من القانون رقم 91 لسنة 2005 لان ذلك يؤدى إلى ثقة المجتمع الضريبي فى القانون ذاته، ويصل به إلى مرحلة الرشد الضريبيوالاستجابة التلقائية من حيث إعداد وتقييم إقراراته من تلقاء نفسه ، خاصة وان تاريخ احتساب مقابل التأخير هو اليوم التالي من تاريخ انتهاء المدة المحددة لتقديم الإقرار الضريبي ، واعتماد الإدارة الضريبية على أحكام المادة رقم (91) من قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 فى إجراء او تعديل الربط يكون خلال خمس سنوات تبدأ من تاريخ المدة المحددة قانوناً لتقديم الإقرار الضريبي عن الفترة الضريبية يؤدى الى عدم استقرار المراكز الضريبية وعدم ثقة المجتمع الضريبي فى القانون .
للمزيد راجع رسالة ماجستير خاصة بالباحث منتدى المحاسبين المصريين قسم الرسائل العلمية