
مشاركة: الرقابة الشرعية على المصارف والشركات المالية الإسلامية
وقد صار ذلك عرفاً معمولاً به في معظم المصارف الإسلامية، حتى ولو لم ينص على ذلك القانون.
ب – الحقوق :
1 – حقوق مالية :
يقوم الرقيب الشرعي بواجبه في الرقابة والتوجيه حسبه لله عز وجل، ولكنه يقتطع جزءاً من وقته للقيام بالرد على استفسارات البنك وعملائه؛ ولبيان مدى جواز أخذه الأجر على عمله لابد من آراء العلماء لمعرفة مدى مشروعية ذلك اتفق العلماء على أن :
الأولى للمفتي أن يكون متبرعاً بعمله، ولا يأخذ عليه شيئاً, لكنه إن تفرغ للإفتاء فله أن يأخذ عليه رزقاً من بيت المال على الصحيح عند الشافعية، وهو مذهب الحنابلة، واشترط الفريقان لجواز ذلك شرطين :
الأول : أن لا يكون له كفاية.
والثاني : أن لا يتعين عليه. فإن تعين عليه، بأن لم يكن بالبلد عالم يقوم مقامه، أو كان له كفاية لم يجز(1).
وألحق الخطيب البغدادي والصميري بذلك : أن يحتاج أهل بلد إلى من يتفرغ لفتاويهم، ويجعلوا له رزقاً من أموالهم، فيجوز. ولا يصح ذلك إن كان له رزق من بيت المال. قال الخطيب : وعلى الإمام أن يفرض لمن نصب نفسه للفتوى في الأحكام ما يغنيه عن الاحتراف، ويكون ذلك من بيت المال. ثم روى بإسناده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعطى كل رجل ممن هذه صفته مائة دينار في السنة(1).
وأما الأجرة، فلا يجوز أخذها من أعيان المستفتين على الأصح عند الشافعية، وهو مذهب الحنفية والحنابلة، قال الحنابلة : لأن الفتيا عمل يختص فاعله بأن يكون من أهل القربة، ولأنه منصب تبليغ عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تجوز المعاوضة عليه، كما لو قال له : لا أعلمك الإسلام أو الوضوء أو الصلاة إلا بأجرة؛ قالوا : فهذا حرام قطعاً، وعليه رد العوض، ولا يملكه، قالوا: وتلزمه الإجابة مجاناً لله بلفظه أو خطه إن طلب المستفتي الجواب كتابة، لكن لا يلزمه الورق والحبر.
وأجاز الحنفية وبعض الشافعية أخذ المفتي الأجرة على الكتابة، لأنه كالنسخ(2).
وقال المالكية : يجوز للمفتي أخذ الأجرة على الفتوى إن لم تتعين عليه(3).
مما سبق يتبين لنا أنه لا بأس بأخذ أعضاء هيئة الرقابة الشرعية مكافأة على قيامهم بعملهم في المصارف الإسلامية، لأنهم قد اقتطعوا جزءاً من وقتهم للقيام بعمل يخص هذه المصارف؛ لأن الفتوى لم تتعين عليهم، لوجود غيرهم.
2 – إلزامية قرار الرقيب :
إن الرقيب الشرعي تم اختياره بناء على شروط معينة، وأن له دوراً هاماً في قيام المصرف الإسلامي بأعماله وفقاً للشريعة الإسلامية، ولن يؤدي الرقيب الشرعي دوره ما لم تكن قراراته ملزمة واجبة التنفيذ؛ ولذا فإن من حقوق الرقيب الشرعي الهامة أن تكون قراراته ملزمة للجميع، حتى ولو لم ينص على ذلك قانوناً.
3 – الآثار القانونية لتقصير الرقيب الشرعي أو خطئه :
مما لا شك فيه أن تقصير الرقيب الشرعي أو خطأه تترتب عليه آثار خطيرة، فقد ينتج عن ذلك اختلاط الأموال بالربا، أو ضياع حقوق لأي طرف – سواء المصرف أو المساهمون أو المودعون أو المستثمرون -.
وقد لا يقتصر وقوع الضرر على هؤلاء فقط، بل قد يمتد ليقع على المجتمع المسلم الذي يوجد به المصرف الإسلامي، وقد يؤثر تأثيراً سلبياً على العمل بأحكام الشريعة الإسلامية في المجتمع؛ لأنه مصرف إسلامي يرفع الإسلام شعاراً له ويعلن محاربة الربا والغرر، وأكل أموال الناس بالباطل، ويدعي أنه مثال للتطبيق العملي لأحكام الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي، ثم لا يفعل ما يقول، ولا يلتزم التزاماً تاماً بأحكام الشريعة. وذلك كله يسيء إلى التجربة، وقد يؤدي إلى شعور كثير من أفراد المجتمع ببعض الإحباط في إمكانية النجاح في محاربة والعمل بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء.