
مشاركة: التحكيم في الشيك في ضوء أحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999
المطلب الثاني
المسائل القانونية التي
فصلت فها المحكمة
لقد تعرضت المحكمة الدستورية العليا في الحكم لمسألتين :
الأولى : هي الاختصاص برفع التعارض بين حكم صادر من هيئة التحكيم ( الفرع الأول )
الثانية : حجية حكم التحكيم و بنطاق تلك الحجية ( الفرع الثاني )
الفرع الأول
الاختصاص برفع التعارض بين حكم صاد
من القضاء و حكم صادر من التحكيم
لقد قضت المحكمة الدستورية العليا في الحكم محل التعليق الماثل بأنه :
" و حيث إن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى هي التي تعطيها وصفها الحق و تكييفها القانوني الصحيح على ضوء طلبات رافعها , بعد استظهار حقيقة أبعادها و مراميها دون التقيد بحرفية ألفظها و مبانيها , و كل ما يهدف إليه المدعي من دعواه هو فض التناقض بين الحكم الصادر في قضية الجنحة المباشرة في شقيه الجنائي و المدني المتعلق بالتعويض المؤقت و بين حكم هيئة التحكيم و الاعتداد بالحكم الأخير دون الحكم الأول فإن الدعوى الماثلة – في تكييفها الصحيح – تعد من المنازعات المنصوص علها في البند " ثالثا " من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 مما يستنهض ولاية المحكمة للفصل فيها
و حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط قبول الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكميين قضائيين نهائيين متناقضين , طبقا للند الثالث المشار إليه هو أن يكون أحد الحكمين صادرا من أي جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي و الثاني من جهة أخرى منها , و أن يكونا قد تصادما ليغدو متعذرا عقلا و منطقا اجتماع تنفيذهما معا مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى و أحقهما بالتالي بالتنفيذ "
فالمحكمة الدستورية العليا على هذا النحو قد أعطت لنفسها الاختصاص برفع التعارض ين حكم نهائي صادر من القضاء و حكم صادر من هيئة التحكيم طبقا للبند الثالث من المادة 25 من قانونها حيث إن المحكمة ترفع التناقض بين الأحكام الصادرة سواء من جهتين قضائيتين أو من جهة قضائية و هيئة ذات اختصاص قضائي أو من هيئتين ذات اختصاص قضائي و الواضح هنا أن هناك حكمان أحدهما صادر من التحكيم باعتباره هيئة ذات اختصاص قضائي و الآخر صادر من القضاء و هنا قد فصلت المحكمة في مسألة كانت محلا للخلاف ‘إلى وقت قريب و هذا الحكم كما ذكرنا هو الأول من نوعه في هذا الخصوص
الفرع الثاني حجية حكم التحكيم و نطاق تلك الحجية
و قد وضعت المحكمة في خصوص حجية حكم التحكيم و نطاق هذه الحجية بقولها :
" و حيث أن الموضوع في الدعويين إنما يتعلق بمحل واحد هو الشيك المتنازع عليه فالحكم الصادر من المحكمة الجنائية ينصب على تحرير هذا الشك بغير رصيد و حكم هيئة التحكيم يقضي برد ذات الشيك ‘إلى مصدره و من ثم فقد تعامد الحكمان على محل واحد و تناقضا مما يتعذر معه تنفيذهما معا 0
و حيث إن البين من الأوراق أن رحى النزاع قد احتدمت بين الطرفين خول أحقية المدعي عليه الثالث في الاحتفاظ بالشيك رقم 678144 المشار إليه و اتخاذ إجراءات صرفة عند حلول أجل استحقاقه مما حدا بالمدعي إلى إقامة طلب التحكيم لبراءة ذمته من مقابل الوفاء به فواجهه المدعي عليه الثالث بالادعاء المباشر موضوع الجنحة رقم 8484 لسنة 1994 قصر النيل طالبا عقابه جنائيا فضلا عن إلزامه بالتعويض المؤقت , و لما كتان ذلك و كان الفصل في طلب براءة الذمة من الدين استصحابا للأصل فيها و لو كان هذا الدين يمثل مقابل الوفاء في ورقة تجارة ورد سند الدين إلى محرره هو من اختصاص هيئة التحكيم التي ارتضاها الطرفين للفصل فيما يثور بينهما من منازعات فإن جهة القضاء العادي إذ عادت و هي بصدد الفصل في الادعاء المباشر إلى بحث انشغال ذمة المدعي بمقابل وفاء الشيك رقم 678144 محل الدين ذاته , بعد صدور قضاء نهائي من الجهة المختص برد ذلك الشيك إلى صاحبه و صيرورة يد المستفيد عليه يدا عارضة بما لا يبيح له التقدم لصرف قيمته ف ميعاد استحقاقه تكون قد سلبت اختصاصا محجوزا لهيئة التحكيم برضاء طرفي مشارطته و في حدود القانون , و من ثم فإن قضاء هيئة التحكيم – دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادي – يكون هو الأحق بالتنفيذ 0
فلهذه الأسباب :
حكمت المحكمة بالاعتداد بالقضاء الصادر منت هيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد العام للغرف التجارية و غرفتي القاهرة و الاسكندرية في طلب التحكيم رقم 4 لسنة 1994 "
من الواضح عد استعراض ما قضت به المحكمة الدستورية العليا أنها فصلت في المسائل الآتية :
1- أنها رفضت طلب وقف تنفيذ الحم الجنائي الذي صدر ضد الساحب من محكمة الجنح المستأنفة 0
2- أنها قضت بأن الشق المحجوز للتحكيم بموجب اتفاق التحكيم هو الشق الخاص بانشغال ذمة الساحب بقيمة مقابل وفاء الشيك و بالتالي فإنها لم تجعل الشق الآخر الخاص بالجانب الجنائي محجوزا للتحكيم بموجب اتفاق التحكيم و هذا ما دفع رئيس المحكمة إلى رفض الطلب المستعجل بوقف تنفيذ الحكم الجنائي
3- أنها اعتبرت أن يد المستفيد على الشيك أصبحت يد عارضة عد صدور حم التحكيم بعدم أحقيته في مقابل وفئه , و بالتالي قضت بشأن هذا المستفيد لا يجوز له التقدم لصرف قيمته في ميعاد استحقاه فكأن نهائية حكم التحكيم و صيرورة يد المستفيد على الشيك يد عارضة هو السبب في تغليب حكم التحكيم على حكم القضاء
4- أنها اعتبرت محكمة الجنح المستأنفة لبحث موضوع انشغال ذمة الساحب بمقابل وفاء الشيك و هي تفصل في الجنحة محل الادعاء المباشر منطويا على سلب اختصاص هيئة التحكيم الشق الخاص بانشغال ذمة الساحب من مقابل وفاء الشيك من عدمه فالطرفين الساحب و المستفيد قد ارتضيا وفقا لما ذهبت إليه المحكمة في مشارطة التحكيم و في حدود القانون حجز الاختصاص بنظر هذا الشق المدني لهيئة التحكيم
منقول
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته