
مشاركة: كل شى عن خطابات الضمان
و في فرنسايتضح من حكم صادر في 15/3/1985 بأنه يشكل طلباً تعسفياً واضحاً لكفالة ، عند أولطلب ذلك الطلب الذي يتقدم به المصرف في حين أن العقد الأساسي قد فسخ لعلة عدم تسليمالكفالة في الوقت المناسب من جهة ، و كون الشخص الثالث تقدم بدعوى المطالبة بملكيةالبضائع المباعة من جهة ثانية فهذا يستدعي إصدار المنع للمصرف الكفيل بالدفع تقولالمحكمة : يبدو من الغرابة أن يفسخ عقد لعلة تقديم كفالة مصرفية ثم يطلب تنفيذالكفالة المصرفية نفسها ، و يكفي بذلك إثبات الطابع الظاهر لتعسف في الطلب .
و في ليبيا شاهدت بأم عيني عندما كنت موظفاً في المصرف أن المستفيد قد تقدمبطلب تسييل خطاب ضمان قبل عيد الأضحى ، و قد جاء في طلبه لمواجهة حل مشكلة السيولةلديه بسبب صرف مرتبات العاملين لمواجهة أضاحي العيد ، و قد نصحت المصرف آنذاك بعدمالتسييل لكون المستفيد متعسفاً في طلبه استعمال هذا الحق و هو قد افصح عن نيته رغمأن هذا الإفصاح لم يكن مطلوباً منه ، و لكن بعد أن صدر منه يحسب عليه و يؤاخذ بقصده .
إن الفقه الألماني من جهته Von Wesphalen يعتبر انه حتى و لو كان المصرفالكفيل قد اعلم من قبل معطي الأمر أن المستفيد تقدم بطلب يكتنفه الغش من أجل الحصولعلى منفعة الكفالة المصرفية ، فإن هذا التعسف لا يمس بجوهر الكفالة إلا إذا كانالمصرف على علم بالوقائع التي دعت لتنفيذ مثلاً كأن يكون المصرف المعزز قد اقترف هوبدوره الغش بتواطئه مع المستفيد.
إن المحاكم على اختلاف جنسياتها و في أعلىمستوياتها تقر في الوقت الحاضر بضرورة الإبقاء على المطالبة التعسفية الجلية أيعدم تنفيذها بالإضافة للغش في الكفالة كسبب لرفض تنفيذ الكفالة المصرفية المستقلةبحجة أن التعسف الحلي يكرسه عدم وجود حق للمستفيد من الكفالة بالاستناد إلى العقدالأساسي. ففي هذا السياق و إن كان ظاهراً و واضحاً أن معطي الأمر قد قام بتنفيذالالتزاماتالتي يتضمنها العقد الأساسي ، فإن المحاكم تعتبر عادة أن هذا الوضع لايحرر الكفيل من استجابة طلب تنفيذ الكفالة لعلة أن التعسف الجلي يشكل استثناءاًلمبدأ استقلالية الكفالة المصرفية المستقلة ، و إن المطالبة التعسفية الجلية لهذهالكفالة تشكل بالإضافة للغش سبباً لرفض طلب تنفيذ هذه الكفالة .
2. المحل :
يصح أن يكون محل الالتزام أي حق يمكن تقديره بالنقود سواء أكان مالاً أو عيناًأو شيئاً مستقبلاً أو ديناً في ذمة أو منفعة كما يجوز أن يكون عملاً أو امتناعاً عنالعمل .
إلا أن المصارف دائماً في خطابات الضمان تلتزم بالتزام محدد و هو دفعمبلغ محدد من المال ، و لا يلتزم المصرف إلا بهذا.
و يرى الدكتور فريدي باز أنالاستثناء الوحيد لهذا المبدأ يكمن في الكفالات المسلمة من المصارف بغية تمكينزبائنها من سحب بضائع لم تصل وثيقة شحنها بعد إلى مرفأ الوصول. ففي هذه الحالة فقطعلى رأي فريدي باز يتعهد المصرف بتنفيذ التزام عملي أي بتسليم بوليصة الشحن إلىالوكالة البحرية المستفيدة و التي بحوزتها خطاب الضمان الملاحي .
إلا أنا لانتفق مع فريدي باز فيما ذهب إليه ، و نرى أن التزام المصرف دائماً و بدون أياستثناء هو دفع مبلغ محدد في خطاب الضمان أو قابلاً لتحديد في خطابات الضمانالملاحية ، و أن الآمر أو المستورد هو الذي يسعى إلى وكيل الباخرة بتسليم بوليصةالشحن من أجل استرداد خطاب الضمان.
لذلك فإن المحل في خطابات الضمان دائماً هومبلغ معين أو قابل للتعيين كما ذكرنا فيما يخص خطابات الضمان الملاحية .
و إذاما صدر خطاب ضمان بعملة أجنبية يحسن بنا أن نبين جنسية تلك العملة تفادياً لأيةمشاكل قد تحدث في المستقبل.
فلا يصح أن يصدر خطاب الضمان بمبلغ مليون فرنك مثلاًدون بيان جنس ذلك الفرنك هل هو فرنسي أم سويسري أو بلجيكي.
كما أنه لا يمكنالقول أن ننسب تلك العملة إلى البلد الذي به المصرف الذي أصدر خطاب الضان فإذا صدرخطاب الضمان من أحد البنوك في سويسرا مثلاً بالقيمة المذكورة سلفاً دون بيان لجنسذلك الفرنك القول بأن القرينة تدل على الفرنك السويسري لأن خطاب الضمان صدر عن مصرفسويسري في سويسرا فهذه القرينة لا يمكن الاستناد إليها إذ بإمكان المصرف السويسريأن يدفع بالفرنك السويسري.
و ينطبق على محل الالتزام في خطاب الضمان القاعدةالمدنية التي تقضي بأنه : " إذا كان محل الالتزام نقوداً ، التزم المدين بقدر عددهاالمذكور في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أيأثر " .
ولكن هذه القاعدة ليست من النظام العام ، و لذا يجوز الخروج عنهاباتفاق صريح و تعيين سعر للصرف مسبقاً .
لما فيه من تحقيق مكاسب ، و لنضربعلى ذلك المثال الآتي :
كان سعر صرف الدينار الليبي بالنسبة للدولار 3.3 أي أنكل 3.3 دولار يساوي دينار ليبي واحد ثم تغير سعر الصرف فأصبح الدولار يساوي 450درهم ليبي أي أن سعر الصرف اصبح 2.2 بدلاً من 3.3 فإذا كان هناك خطاب ضمان خارجيمقوم بمليون دينار لصالح مؤسسة السلع التموينية مثلاً و من ضمن شروطه أن يتم تسييلهلصالح المستفيد بالدولار في مصرف خارجي و لم يذكر سعر الصرف فإنه في هذه الحالة إذاما طلب تسييله عندما كان سعر الصرف 3.3 فإن مؤسسة السلع التموينية تحصل على عملةأجنبية قدرها 3300000, دولار أمريكي أما إذا ما طلب تسييل خطاب الضمان عندما أصبحسعر الصرف 2.2 فإن تلك المؤسسة ستحصل على مبلغ 2200000, دولار و تكون بذلك قد خسرتمبلغ مليون و مائة ألف دولار لأنه لم ينص في الشروط المبلغة للمراسل أن سعر الصرفللدولار الأمريكي ثابت و متفق عليه و هو 3.3 و لا نريد الخوض في أن تخفيض هذا السعرمن قبل المصرف المركزي لم يكن حكيماً فهذه المسألة تحتاج إلى بحث طويل و هذا الكتابليس مجاله.
و إنما نريد أن ينص صراحة على الشروط المبلغة للمراسل على تحديد سعرالصرف حتى يكون الطرفان على علم بذلك مسبقاً و يقبلا بهذا الشرط.