
المحاسبة الحكومية - النفقات العامة
مقدمــــة:
تعتمد الدولة على قاعدة أولوية النفقات العامة على الإيرادات، وهو ما يعني أن تحدد الدولة أولا" الحاجات العامة، الواجب اشباعها، الأمر الذي يتطلب منها إنفاق مبالغ ضخمة للوفاء بالتزاماتها، وتقديم الخدمات المختلفة المنوط بها. هذه المبالغ الضخمة المنفقة هي ما يطلق عليها النفقات العامة، تلك النفقات التي تعتبر وسيلة لإشباع الحاجات العامة. واحتلت هذه النفقات العامة مكانا" بارزا" في الدراسات المالية، ليس لأنها وسيلة لإشباع الحاجات العامة فحسب، وإنما كذلك لأنها السبب الوحيد الذي ركزت عليه النظرية التقليدية لتحصل الدولة على الإيرادات العامة كما تأتي أهمية النفقات العامة من أنها الأداة التي تساعد الدولة وهيئاتها العامة، على ممارسة نشاطها المالي الرامي إلى إشباع الحاجات العامة، وهي أيضا" أداة تؤدي مع الأدوات المالية الأخرى دورها البارز في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
ولم تكن للنفقات العامة الأهمية التي تحتلها في الوقت الحاضر. فقد أهملت النظرية التقليدية- نسبيا"- موضوع النفقات العامة، ولم تتعرض له بإسهاب وتفصيل مناسبين، واتجهت في دراساتها للبحث والتركيز بصفة أساسية على الجوانب الفنية والقانونية، وبخاصة على القواعد التشريعية المنظمة لعمليات الإنفاق العام،وعلى وسائل الرقابة عليها دون أن توجه الاهتمام إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للنفقات العامة، والعوامل التي تحدد حجمها،وآثارها الاقتصادية والاجتماعية في الاقتصاد القومي، وإلى أنواع النفقات العامة، وآثار كل منها في مستوى النشاط الاقتصادي، وتوزيع الموارد الاقتصادية بين مجالات الإنتاج المختلفة، وإلى آثارها في توزيع وإعادة توزيع الدخل القومي.
فالفكر التقليدي ارتبط في مجموعه بمفهوم الدولة الحارسة التي تتميز نفقاتها أولا" بضآلة حجمها، أي ضرورة حصر النفقات العامة وتقييدها في أضيق الحدود. ولعل فكرة الاقتصادي ساي وعبارته المشهورة ” إن أفضل النفقات أقلها حجما" “ هي خير ما يعبر عن هذا الاتجاه. وثانيا" حياد تلك النفقات العامة أي ألا يؤثر الإنفاق العام في توازن الاقتصاد القومي، أو في تحديد اتجاهات نموه أو في أسلوب توزيع الناتج القومي، وبعبارة أخرى، أن يكون الإنفاق العام محايدا" لا يؤثر في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للدولة.
وفي ظل هذا الإطار الفكري، لم يميز التقليديون بين الإنفاق العام والإنفاق الخاص؛ فاعتبرت النظرية التقليدية كلا" من الإنفاق العام والإنفاق الخاص إنفاقا" استهلاكيا" غير منتج، وتضييعا" للثروة القومية، لذلك يجب أن ينحصر في أضيق الحدود، لتقليل الاستهلاك وزيادة الادخار، لتكوين رأس المال وتوجيهه إلى الصناعة والتجارة لزيادة الإنتاج.
ومع تطور الفكر الاقتصادي، أكد الاقتصاديون أنه لا يمكن تحقيق النفقة المحايدة، وأنه لا بد من وجود الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لأي نوع من أنواع النفقات العامة في مجريات النشاط الاقتصادي كافة. ومع تطور دور الدولة وظهور النظرية التقليدية الكينزية التي تنادي بضرورة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، بكل ما يتاح لها من أدوات السياسة الاقتصادية والمالية لتحقيق أهداف المجتمع، اتسع نطاق الحاجات العامة، وأصبح مطلوبا" من الدولة أن تعدل من سياستها المالية (الإنفاق) كلما دعت الحاجة إلى ذلك حتى تؤتي هذه السياسة الإنفاقية آثارها المرغوبة، وتحول دون وقوع آثار اقتصادية واجتماعية غير مرغوبة، واستتبع هذا التطور اهتماما" متزايدا" بدراسة النواحي كافة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية للنفقات العامة.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله
if you fail to plan you plan to fail
كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم