إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 10-29-2015, 04:01 PM
  #1
على أحمد على
 الصورة الرمزية على أحمد على
 
تاريخ التسجيل: Jun 2006
العمر: 78
المشاركات: 4,304
Icon22 تداعيات أحكام المحكمة الدستورية العليا على الحصيلة الضريبية والدعاوي المنظورة أمام ا

تداعيات أحكام المحكمة الدستورية العليا
على الحصيلة الضريبية والدعاوي المنظورة أمام المحاكم العادية
واقتراح تشريعي بعلاجها

المقدمة :
أود أن أوضح للقارئ الكريم (المستمع الكريم) منذ البداية أني لا أقوم هنا ببحث فلسفي ولا ببحث يرمي إلى اصلاح في النظام الدستوري القائم ولا نقد لأحكام المحكمة الدستورية العليا ولا النظام القضائي المصري ولكني أقوم ببحث واقعي عملي هو تطبيق للنصوص الدستورية المعمول بها فعلاً ، وكذا قوانين مجلس الدولة خاصة القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 القانون الحالي وقانون السلطة القضائية الحالي 46 لسنة 1972 ومن ثم فقد اكثرت من الاستناد إلى نصوص هذه القوانين ، وأخذت نفسي بتفسيرها تفسيراً أميناً . ولم يثنى عن ذلك أن يجيء البحث ممعنا في الواقعية لا أثر فيه للخيال ،فأنا جد عليم بدقة الموضوع الذي أطرقه وأن الواقعية فيه هي خير عاصم من الزلل.
والخطة التي اسير عليها في البحث حتى يكون بحثاً واقعياً هو أن أتناول بالدراسة حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادرين في 7/4/2013 ، 25/7/2015 وتداعيات هذه الأحكام على الحصيلة الضريبية والدعاوى المنظورة أمام المحاكم العادية ، وأعود وأكرر فأنا لا أقصد بكلمة التداعيات نقد لأحكام المحكمة الدستورية العليا، فقد لعبت هذه المحكمة دوراً متعاظماً خلال الحقبة الأخيرة في نضالها للدفاع عن حقوق الأفراد وحرياتهم ورسم الحدود بين سلطات الدولة وحقوق الأفراد وحرياتهم وجهوداً ضخمة في إعلاء الدستور ووضع نصوصه في مكانتها التي تستحقها،
وقد ترتب على ذلك النشاط المتزايد للمحكمة مع سوء العملية التشريعية إن زاد عدد الأحكام التي حكم فيها بعدم دستورية النصوص التشريعية وبالتالي فإن هذه الدراسة لا تمثل نقداً ولا تجريحاً لحكمي المحكمة الدستورية العليا السالف الاشارة اليهما ، وانما هي سعي للأفضل بالنسبة لحقوق الخزانة العامة ومصلحة الممولين المنظورة منازعاتهم أمام المحاكم العادية واقتراح تشريعي بعلاجها.
فقد أنشئ مجلس الدولة بالقانون 112 لسنة 1946 وكان الدستور النافذ هو دستور 1923 وقد نصت المادة (30) من هذا الدستور على أن السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها.
ومن ثم انتقلت مصر من نظام القضاء الموحد إلى القضاء المزدوج أي أن قبل انشاء مجلس الدولة كان يطبق مبدأ القضاء الموحد فكانت المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة في المنازعات الإدارية وغير الإدارية.
ولم تتناول الدساتير التالية أو المتعاقبة على دستور 1923 مجلس الدولة بينما تكرس عدد من موادها للسلطة القضائية أي المحاكم العادية.
غير أن القضاء الإداري تلقي الاعتراف الدستوري الكامل في دستور 1971 ، حيث نصت المادة (172) منه على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوي التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
وهذا النص يتضمن تكريساً دستورياً قاطعاً ورائعاً للقضاء الإداري ،
ومعنى ذلك أن الدستور أصبح هو مصدر القضاء الإداري يستمد منه هذا القضاء وجوده وسلطاته ، وذلك بعد أن كان القضاء الإداري يستمد وجوده واختصاصاته من القانون العادي وحده الذي كان يملك تعديل هذه الاختصاصات ، بل والغاء مجلس الدولة نفسه ، أما الآن فقد أصبح نظام القضاء الإداري يتمتع بحماية دستورية بسبب النص عليه وعلى استقلاله واختصاصاته في الدستور نفسه ويترتب على ذلك الآتي:ـ
1) وجود القضاء الإداري حيث تتضمن المادة (172) الاعتراف بازدواج القضاء هذا الاعتراف يستفاد من وصف مجلس الدولة بأنه هيئة قضائية مستقلة.

2) استقلال القضاء الإداري وهذا الاستقلال نصت عليه المادة (172) من الدستور صراحة أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة.

3) أن الاختصاص القضائي لمجلس الدولة وهذا الاختصاص كما تضمنته المادة (172) السالف الاشارة اليها هو الفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوي التأديبية ،

باختصار أصبح نظام القضاء الإدارية في مصر مكفولا بالدستور ولم يعد جائزا للمشرع الاخلال بوجود هذا القضاء أو استقلاله أو اختصاصاته.

وقد حرصت الدساتير التالية على دستور 1971 على دعم اختصاص مجلس الدولة ولا أجد حرجا حينما أقول لقد زادت في دعمه حينما نصت على أن مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية..................
ويلاحظ أن عبارة دون غيره لم تكن واردة في نص المادة (172) من دستور 1971 ولهذا قلت
(لا أجد حرجاً جينما أقول لقد زادت في دعم هذه المجلس) ،

فبالنسبة لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في 7/4/2013 هذا الحكم له خلفية دستورية تتمثل في الآتي:
1- صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 18 قضائية ـ دستورية بجلسة 6/1/2001 حيث قررت عدم دستورية المواد 17 ، 35 ، 36 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون 11 لسنة 1991 والمتعلقة بالتحكيم في المنازعات الخاصة بالسلع المحلية والخدمات لما تضمنته من اعتبار التحكيم اجبارياً.
كما أصدرت المحكمة المذكورة حكمها في الدعوى 104 لسنة 20ق بجلسة 3/7/1999 بشأن التحكيم المنصوص عليه في قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 والذي تسري أحكامه على منازعات الضرائب على المبيعات بالنسبة للسلع المستوردة وقد قضت المحكمة المشار إليها بعدم دستورية المادتين ، 57 ، 58 من القانون المذكور فيما يتعلق باعتبار التحكيم اجبارياً.

هذا وبمقتضى ما تقدم فإنه بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالسلع المستوردة فقد صدر القانون 160 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 ومن بينها نص
المادتين 57 ، 58 من القانون المشار إليه بجعل التحكيم اختيارياً.


2- بالبناء على ما تقدم فقد تم تعديل المادتين رقم 17 والمادة 35 من القانون رقم 11 لسنة 1991 بمقتضى القانون رقم 9 لسنة 2005 أما المادتين 36 ، 37 فقد تم اسقاطهما بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا السالف الذكر وقد قضت المادة (37) من قانون الضريبة العامة على المبيعات بأن تطبق أحكام واجراءات التحكيم المنصوص عليها في قانون الجمارك بالنسبة للسلع المستوردة والتي تخضع لرقابة الجمارك.

3- نصت الفقرة الأخيرة من المادة رقم 17 من القانون 11 لسنة 1991 بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 على أنه للمسجل الطعن في تقدير المصلحة أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوما من تاريخ صيرورته نهائياً.

كما نصت الفقرة الأخيرة من المادة (35) من ذات القانون بعد تعدلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 على أنه وفي جميع الأحوال يحق لصاحب الشأن الطعن على القرار الصادر من لجنة التظلمات أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوما من تاريخ اخطاره.

ولما كان هذا التعديل الذي تم في قانون الضريبة العامة على المبيعات خاصة في البند الثالث من هذه الدراسة بأن يكون القضاء العادي هو المختص بنظر منازعات الضريبة العام على المبيعات مجروحاً بشبهة عدم الدستورية فقد بادرت في سنة 2008 بتقديم بحث بعنوان مدى دستورية اختصاص القضاء العادي بنظر منازعات الضريبة العام على المبيعات وفقاً للقانون رقم 9 لسنة 2005 هذا البحث قد إلى المؤتمر الرابع عشر للجمعية المالية العامة والضرائب بعنوان التشريع ومشكلات التحاسب الضريبي للنظام الضريبي المصري.

وقد سبقني في هذا الشأن الأستاذ الدكتورالعميد (عميد الضرائب المصرية) زكريا محمد بيومي في بحثه القيم بعنوان مدى اختصاص مجلس الدولة بنظر منازعات ضريبية المبيعات بعد تعديل المادة (35) من القانون 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 والبحث مقدم من سيادته للجمعية المصرية للمالية العامة في مؤتمرها الثاني عشر.

وقد انتهيت في هذا البحث إلى أن اختصاص القضاء العادي بنظر منازعات الضريبة العامة على النحو الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة (17) المضافة بالقانون 9 لسنة 2005 ، وكذا الفقرة الأخيرة من المادة (35) بعد تعديلها بالقانون المشار إليه قد اتصل بها عوار دستوري موضوعي باستلابها المنازعات الادارية من مجلس الدولة الذي اختصه الدستور بولاية الفصل فيها باعتباره قاضيها الطبيعي وباعتباره القاضي العام للمنازعات الادارية ومحاولة من جانب المشرع اخراج عدد كبير من المنازعات الادارية من ولاية القضاء الاداري بما يؤدي إلى افراغ الولاية العامة لمجلس الدولة من مضمونها ولا يجوز ولو بقانون انتزاع نوعاً من المنازعات الادارية لتنظرها جهة أخرى أياً كانت طبيعة المنازعة وأياً كانت أهميتها لأن الدستور منع السلطة التشريعية من أن تحاول المساس باختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعات الادارية والدعاوي التأديبية الأمر الذي يحمل بين طياته شبهة عدم الدستورية.

وقد أيدت المحكمة الدستورية العليا الرأي الذي انتهيت إليه في البحث المقدم مني سنة 2008 في حكمها الصادر بجلسة 7/4/2013 في الدعوى رقم 162 لسنة 31ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005.

هذا ووفقاً للأسباب الموضحة في حكم المحكمة الدستورية العليا السالف الاشارة إليه آنفا والتي سوف نعرض لها في حينها كان من المتوقع بل ومن المؤكد أن تصدر أحكام مماثلة في بقية أنواع الضرائب الأخرى ، وكذا منازعات الحجز الإداري بأن يكون الاختصاص بنظر منازعات هذه الضرائب للقضاء الإداري دون القضاء العادي.

وقد تحقق بعض ما تقدم بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا في 25/7/2015 في القضية رقم (70) لسنة 35 قضائية دستورية بعدم دستورية نص المادة (123) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون 91 لسنة 2005 وسقوط أمام المحكمة الابتدائية الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة (122) من القانون ذاته.

أي أن منازعات ضرائب الدخل أصبحت بمقتضى هذا الحكم من اختصاص القضاء الاداري وزالت ولاية القضاء العادي عنها.




وسوف نتناول في هذا البحث بالدراسة والتحليل قدر الامكان الموضوعات التالية :

أولا
:
حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 7/4/2013 وعرض موجز لبعض أسباب هذه الحكم .
ثانيا
:
حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 25/7/2015 وعرض موجز لبعض أسباب هذا الحكم.
ثالثا
:
اختصاص مجلس الدولة.
رابعا
:
تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا.
خامسا
:
مدى تأثير الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا ، وكذا المؤكد صدورها فيما بعد بالنسبة للضرائب الأخرى السالف الاشارة اليها، وايضا منازعات الحجز الاداري على الحصيلة الضريبية والدعاوى المنظورة أمام المحاكم العادية.
سادسا
:
دور الاعتبارات العملية في القضاء الدستوري أو ما يعرف برقابة التناسب.
سابعاً
:
مسئوليةالدولةعنأعمالالسلطةالتشريعيةبينالمنطقوالواق عوالقانونوالدستور.
ثامنا
:
بعض الاقتراحات التشريعية لمعالجة تداعيات أحكام المحكمة الدستورية العليا على الحصيلة الضريبية والدعاوى المنظورة أمام المحاكم العادية.




أولا :حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 7/4/2013 وعرض موجز لبعض أسباب هذا الحكم .

صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/4/2013 في الدعوى رقم 162 لسنة 31 ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005، فيما تضمنه باختصاص القضاء العادي بنظر منازعات الضريبة العامة على المبيعات وحيث أنه لما كان ذلك وكان النصان المطعون فيهما يمثلان إخلالا باستقلال السلطة القضائية وينتقصان من اختصاص مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية العامة دون غيره بالفصل في كافة المنازعات الادارية وقاضيها الطبيعي .
وفيما يلى عرض موجز لبعض أسباب هذا الحكم .
وحيث إن المشرع الدستوري ، بدءاً من دستور سنة 1971 قد حرص على دعم مجلس الدولة ، الذي أصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه جهة قضاء قائمة بذاتها، محصنة ضد أي عدوان عليها
أو على اختصاصها المقرر دستورياً عن طريق المشرع العادي، وهو ما أكده الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011 الذي أورد ذات الحكم في المادة (48) منه ، والمادة (174) من الدستور الحالي الصادر بتاريخ 25/12/2012 التي تنص على أن " مجلس الدولة جهة قضاء مستقلة، يختص دون غيره من جهات القضاء بالفصل في كافة المنازعات الإدارية....." ولم يقف دعم المشرع الدستوري لمجلس الدولة .

عند هذا الحد ، بل جاوزه الى الغاء القيود التى كانت تقف حائلا بينه وبين ممارسته لاختصاصاته فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971 نصاً يقضى بأن التقاضى حق مكفول للناس كافة ، وأن لكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعى وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعه الفصل فى القضايا ، ويحظر النص على تحصين أى عمل او قرار ادارى من رقابة القضاء ، وقد سار الدستور الحالى على ذات النهج فردد فى المادة (75) منه الاحكام ذاتها ، كما حظر فيها بنص صريح انشاء المحاكم الاستثنائية ، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التى كانت تحظر الطعن فى القرارات الادارية، وأزيلت جميع العوائق التى كانت تحول بين المواطنين والالتجاء الى مجلس الدولة بوصفه القاضىالطبيعى للمنازعات الادارية .
واذا كان المشرع الدستورى بنصه على أن " لكل مواطن حق الالتجاء الى قاضية الطبيعى " قد دل على ان هذا الحق فى اصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافا فيه مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم وقائما على مصالحهم الذاتية وان الناس جميعا لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ الى قاضيهم الطبيعى ، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية او الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية ، ولا فى مجال التداعى بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها ، إذ ينبغى دائماً أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى مجال اقتضائها او الدفاع عنها او الطعن فى الاحكام التى تصدر فيها ، وكان مجلس الدولة قد غدا فى ضوء الاحكام المتقدمة قاضى القانون العام، وصاحب الولاية العامة دون غيره من جهات القضاء بالفصل فى كافة المنازعات الادارية ، إلا ما يتعلق منها بشئون اعضاء الجهات القضائية المستقلة الاخرى التى ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لتلك الجهات ، سواء ورد النص على ذلك صراحة فى الدستور او تركه للقانون ، كذلك يخرج عن نطاق الولاية العامة لمجلس الدولة الفصل فى كافة المنازعات الادارية الخاصة بالقرارات الصادرة فى شأن ضباط وافراد القوات المسلحة ، وينعقد الاختصاص به للجان القضائية بهم طبقا لنص المادة (196) من الدستور الحالى .

وحيث إن المشرع قد أقر بالطبيعة الادارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم ، بدءاً من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، الذي أسند بنص البند سابعاً من المادة (8) منه لمجلس الدولة كهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الايضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحته ، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته فنص البند سابعاً من مادته رقم (8) على الحكم ذاته ، واكدت هذا الاختصاص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، التى عقدت فى البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الادارية فى منازعات الضرائب والرسوم وفقا للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات امام مجلس الدولة .

وحيث أنه متى كان ذلك ، وكان المرجع فى تحديد بنيان الضريبة العامة على المبيعات وعناصرها ومقوماتها واوضاعها واحكامها المختلفة بما فىفى ذلك السلع والخدمات الخاضعه للضريبة ، والمكلفين بها والملتزمين بعبئها وقيمة الضريبة المستحقة ومدى الخضوع لها والاعفاء منها الى قانون هذه الضريبة ، والى القرار الصادر من الجهة الادارية المختصة تنفيذا لاحكامه ، فإن المنازعهفى هذا القرار تعد منازعه ادارية بحسب طبيعتها ، تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقا لنص المادة (174) من الدستور الحالى الصادر فى 25/12/2012 واذ أسند النصان المطعون فيهما الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات الى المحكمة الابتدائية التابعه لجهة القضاء العادى، فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادما لاحكام الدستور الذى اضحى بمقتضاه مجلس الدولة ، دون غيره من جهات القضاء – وفى حدود النطاق المتقدم ذكره – هو صاحب الولاية العامة فى الفصل فى كافة المنازعات الادارية وقاضيها الطبيعى ، والتى تدخل ضمنها الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الادارية فى منازعات الضرائب ، ولا وجه للاحتجاج فى هذا الشأن بأن البند السادس من المادة (10) من القانون الحالى لمجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ، جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهنا بصدور القانون المنظم لكيفية نظر منازعات الضرائب امام محاكمة ، اذ لم يخص المشرع الدستورى – سواء فى ظل دستور سنة 1971 او الدستور الحالى – نظر تلك المنازعات والفصل فيها بقواعد اجرائية استلزم صدور قانون بها استثناءً من القواعد التي تخضع لها سائر المنازعات الإدارية الأخرى ، التي عهد لمجلس الدولة بالفصل فيها ، كما أن التراخي في سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمامه إعمالاً للنص المذكور ـ والذي طال إهماله من تاريخ العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه في 5/10/1972 ـ أو تضمين قانون الضريبة تلك القواعد ، لا يعد مبرراً أو مسوغاً لإهدار الاختصاص الذي احتفظ به الدستور لمجلس الدولة، بل يناقض ما انتهجه المشرع في شأن الضريبة على العقارات المبنية ، إذا نصت المادة و(7) من قانون هذه الضريبة الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008 على أن " يختص القضاء الإداري دون غيره بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيق أحكام القانون" كما يتصادم مع الالتزام الدستوري الذي يفرضه نص المادة (75) من الدستور بكفالة الحق لكل مواطن في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ، والذي يقتضي أن يوفر لكل فرد نفاذاً ميسراً إليه ، وإزالة العوائق خاصة الإجرائية منها التي تحول دون حصوله على الترضية القضائية التي يطلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التي يدعيها ، والقول بغير ذلك مؤداه ولازمه استتار المشرع وراء سلطته في هذا الشأن ليصرفها في غير وجهها ، فلا يكون عملها إلا انحرافاً عنها .
ثانياً:حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة25/7/2015وعرض موجز لبعض أسباب هذا الحكم
هذا وكان من المتوقع وبل ومن المؤكد أن تصدر أحكام فى بقية أنواع الضرائب الأخرى وكذا منازعات الحجز الإداري بأن يكون اختصاص القضاء الإداري دون العادى بنظر منازعات هذه الضرائب وأيضا منازعات الحجز الإداري .
وقد تحقق بعض ما تقدم بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا فى 25/7/2015 فى القضية رقم 70 لسنة 35 قضائية دستورية بعدم دستورية نص المادة (123) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 وسقوط عبارة (أمام المحكمة الابتدائية الوارد بعجز الفقرة الثانية من المادة (122) من القانون ذاته .
وفيما يلى عرض موجز لبعض أسباب هذا الحكم .
وفيما يلى عرض موجز لبعض أسباب هذا الحكم . وحيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع الدستوري،بدءًا من دستور سنة 1971 قد حرص على دعم مجلس الدولة،الذي أصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه جهة قضاء قائمة بذاتها،محصنة ضد أي عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستورياً عن طريق المشرع العادي، وهو ما أكده الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011 الذي أورد الحكم ذاته في المادة (48) منه ، والمادة (174) من الدستور الصادر بتاريخ 25/12/2012 ، والمادة (190) من الدستور الحالي التي تنص على أن" مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة ، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية ....." ولم يقف دعم المشرع الدستوري لمجلس الدولة عند هذا الحد ، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التي كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته ، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971 نصا يقضي بالتقاضي حق مكفول للناس كافة ، وأن لكل مواطن حقا لالتجاء إلي قاضيها الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، ويحظر النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء ، وهو ما انتهجه نص المادة (21)الصادرفي30/3/2011 ، ونص المادة (75) من الدستور الصادر فى25/12/2012،وقد سار الدستور الحالي على النهج ذاته في المادة (97) منه ، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات الإدارية ، وأزيلت جميع العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية. وإذا كان المشرع الدستوري بنصه في عجز المادة (97) من الدستور الحالي على أن "ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي" ، فقد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزها القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم والدفاع عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعاً لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي ، ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعي بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي دائماً أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها، وكان مجلس الدولة قد غدا في ضوء الأحكام المتقدمة قاضي القانون العام ،وصاحب الولاية العامة دون غيره من جهات القضاء في الفصل في كافة المنازعات الإدارية ، عدا ما استثناه الدستور ذاته بنصوص صريحة ضمنها وثيقة.
وحيث أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنا الأصل في الضريبة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً بما لها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها، باعتبار أن حصيلتها تعد إيراداً عاماً يؤول إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التي يتم تدبيرها لتشكل جميعها نهراً واحداً لإيراداتها الكلية، وأن نص القانون هو الذي ينظم رابطتها محيطاً بها، مبينا حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية وبين الدولة التي تفرضها من ناحية أخرى، سواء في مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها، أو الأموال التي تسري عليها، وشروط سريانها وسعر الضريبة ، وكيفية تحديد وعائها وقواعد تحصيلها، وأحوال الإعفاء منها، والجزاء على مخالفة أحكامها، وكان قانون الضريبة إذ يصدر على هذا النحو فإنه ينظم رابطتها تنظيماً شاملاً يدخل في مجال القانون العام، ويبرز ما للخزانة العامة من حقوق الممول وامتيازاتها عند مباشرتها، وبوجه خاص في مجال توكيده حق الإدارة المالية في المبادأة بتنفيذ دين الضريبة على الممول، وتأثيم محاولة التخلص منه.
وإذا كان حق الخزانة العامة في جباية الضريبة يقابله حق الممول في فرضها وتحصيلها على أسس عادلة، إلا أن المحقق أن الالتزام بالضريبة ليس التزاماً تعاقدياً ناشئاً عن التعبير المتبادل عن إرادتين متطابقتين، بل مرد هذا الالتزام إلى نص القانون وحده فهو مصدره المباشر، وإذ تتدخل الدولة لتقرير الضريبة وتحصيلها فليس باعتبارها طرفاً في رابطة تعاقدية أياً كان مضمونها ، ولكنها تفرض في إطار من قواعد القانون العام الأسس الكاملة لعلاقة قانونية ضريبية لا يجوز التبديل أو التعديل فيها أو الاتفاق على خلافها.
وحيث إن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، بدءاً من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، الذي أسند بنص البند سابعاً من المادة (8) منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات ،وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته فنص في البند سابعاً من المادة رقم (8)على الحكم ذاته، وأكدت هذا الاختصاص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ،التي عقدت في البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، وفقاً للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام تلك المحاكم.
وحيث إنه منذ أنذلك، وكان المرجع في تحديد بنيان الضريبة وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها وأحكامها المختلفة، بما في ذلك وعاؤها والمكلفون بها والملتزمون بعبئها وقيمة الضريبة المستحقة ومدى الخضوع لها والإعفاء منها إلى قانون هذه الضريبة، وإلى القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة تنفيذا لأحكامه، وكان قانون الضريبة على الدخل المشار إليه قد تضمن التنظيم القانوني للضريبة على المرتبات والأجور، وأجازت المادة (118) منه للممول الخاضع لتلك الضريبة الاعتراض على ما تم خصمه من ضرائب بطلب يقدم إلى الجهة التي قامت بالخصم، وأوجبت على تلك الجهة إحالة طلبه مشفوعاً بردها إلى مأمورية الضرائب المختصة، وتتولى المأمورية فحص الطلب، وفي حالة عدم اقتناعها بصحته، فيتعين عليها إحالته إلى لجنة الطعن التي تتولى الفصل في أوجه الخلاف بين مصلحة الضرائب العامة والممولين، وقد حددت المادة (120) من هذا القانون تشكيل لجان الطعن فنصت على أن "تشكل لجان الطعن بقرار من الوزير من رئيس من غير العاملين بالمصلحة وعضوية اثنين من موظفي المصلحة يختارهما الوزير، واثنين من ذوي الخبرة يختارهما الاتحاد العام للغرف التجارية بالاشتراك مع اتحاد الصناعات المصرية من بين المحاسبين المقيدين في جـدول المحاسـبين والمـراجعيـن لشركات الأموال بالسجل العام لمزاولي المهنة الحرة للمحاسبة والمراجعة .......، وتكون هذه اللجان دائمة وتابعة مباشرة للوزير ، ويصدر قرار منه بتحديدها وبيان مقارها واختصاصها المكانى ومكافآت أعضائها"، وقد عين نص المادتين (121 ، 122) من ذلك القانون قواعد وإجراءات مباشرة تلك اللجان لمهامها ،على نحو يبين منه أن هذه اللجان على ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا تعدو أن تكون هيئات إدارية خولها القانون مهمة الفصل في المنازعات التي تتردد بين مصلحة الضرائب العامة والممولين، باعتبار أن اللجوء إليها يمثل مرحلة أولية، قبل أن يتجه الطرفان صوب القضاء، ودون أن تضفي النصوص المتقدمة على تلك اللجان الصبغة القضائية، بل تظل مجرد هيئات إدارية تتأى عن مظلة السلطة القضائية، ليظل ما يصدر عنها قراراً إداريا متعلقاً بهذه الضريبة وأوجه الخلاف حولها بين الممول ومصلحة الضرائب، والتي تعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها، تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقاً لنص المادة (190) من الدستور الحالي، وإذ أسند النص المطعون فيه الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات طبقاً للقواعد والإجراءات التي يحددها إلى المحكمة الابتدائية التابعة لجهة القضـاء العـادي، وأجــاز الطعن في أحكامها بطريق الاستئناف، أمام محاكم الاستئناف التابعة لتلك الجهة، فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادما لأحكام الدستور الذي أضحى بمقتضاه مجلس الدولة، دون غيره هو صاحب الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، والتي تدخل ضمنها الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب، ولا وجه للاحتجاج في هذا الشأن بأن البند السادس من المادة (10) من القانون الحالي لمجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهناً بصدور القانون المنظم لكيفية نظر منازعات الضرائب أمام محاكمه، إذ جرى قضاء هذه المحكمة على أن المشرع الدستورى لم يخص سواء في ظل دستور سنة 1971 أو الدساتير اللاحقة عليه وانتهاء بالدستور القائم، نظر تلك المنازعات والفصل فيها بقواعد إجرائية استلزم صدور قانون بها، استثناء من القواعد التي تخضع لها سائر المنازعات الإدارية الأخرى، التي عهد لمجلس الدولة بالفصل فيها، كما أن التراخي في سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمامه إعمالا للنص المذكور والذي طال إهماله من تاريخ العمل بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه في 5/10/1972 أو في تضمين قانون الضريبة تلك القواعد، لا يعد مبررا أو مسوغا لإهدار الاختصاص الذي احتفظ به الدستور لمجلس الدولة، بل يناقضه ما انتهجه المشرع ذاته في بعض القوانين المنظمة لبعض أنواع الضرائب، كما يتصادم مع الالتزام الدستوري الذي يفرضه نص المادة (97) من الدستور الحالي بكفالة الحق لكل شخص في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، والذي يقتضي أن يوفر لكل فرد نفاذا ميسراً إليه ، وإزالة العوائق خاصة الإجرائية منها، التي تحول دون حصوله على الترضية القضائية التي يطلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التي يدعيها، والقول بغير ذلك مؤداه ولازمة استتار المشرع وراء سلطته في هذا الشأن ليصرفها في غير وجهها، فلا يكون عملها إلا انحرافاً عنها.
وحيث إنه لما كان ذلك وكان النص المطعون فيه يمثل إخلالاً باستقلال السلطة القضائية، وينتقص من اختصاص مجلس الدولة، باعتباره صاحب الولاية العامة دون غيره بالفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، بالمخالفة لنصوص المواد (94 ، 97 ، 184 ، 190) من الدستور الحالي، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته برمته، وبسقوط عبارة "أمام المحكمة الابتدائية" الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة (122) من قانون الضريبة على الدخل المشار إليه الذي ينص على أن : "...... ولا يمنع الطعن في قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية من تحصيل الضريبة".
لارتباطها بالنص المطعون فيه ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة.
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة :
أولا : بعدم دستورية نص المادة (123) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 .
ثانيا ً : سقوط عبارة "امام المحكمة الابتدائية" الوارده بعجز الفقرة الثانية من المادة (122) من القانون ذاته .
وبهذا الحكم اصبحت منازعات الضرائب المباشرة (الأطيان الزراعية والعقارات المبنية وضريبة الدخل من اختصاص القضاء الاداري) .
أما الضرائب غير المباشرة فقد أصبحت منازعات الضريبة العامة على المبيعات وفقاً لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في 7/4/2013 من اختصاص القضاء الإداري ومن المؤكد أن تصدر أحكام أخرى إذا ما طعن أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر منازعات ضريبة الدمغة والضريبة الجمركية وضريبة الملاهي وضريبة تنمية الموارد المالية وضريبة التسجيل (رسوم الإشهار العقاري).
ثالثاً : إختصاص مجلس الدولة
يعد القانون 112 لسنة 1946 أول قانون لمجلس الدولة وانتقلت مصر بمقتضاه من نظام القضاء الموحد إلى القضاء المزدوج.
وقد تعاقبت القوانين المنظمة لمجلس الدولة على النحو التالي:
- قانون 9 لسنة 1949.
- قانون 165 لسنة 1955.
- قانون 55 لسنة 1959.
- وأخيراً القرار بقانون 47 لسنة 1972 وقد أدخلت عليه عدة تعديلات بمقتضى القوانين 50 لسنة 73 ، 39 لسنة 1974 ، 32 لسنة 1983 ، 17 لسنة 1976 ، 136 لسنة 1984 ، 183 لسنة 1993 واصبح مجلس الدولة صاحب الاختصاص العام بنظر المنازعات الإدارية.

كان اختصاص مجلس الدولة المصري محدداً على سبيل الحصر في القوانين الأربعة الأولى بحيث كان يخرج عن اختصاصه ما لم ينص صراحة على دخوله فيه وكانت المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة في المنازعات الإدارية ، على الرغم من اختصاص مجلس الدولة كان يشمل الجزء الأكبر من هذه المنازعات.
وكان هذا المسلك التشريعي يجد تبريراً في أن نظام القضاء الإداري في مصر هو نظام حديث نسبياً وأن الحكمة تقتضي التدرج في تحديد اختصاصات هذا القضاء بحيث يتم الانتقال إلى تقرير الولاية العامة له إذا ما استقر نظام القضاء الإداري في مصر وبعد ارساء مبادئ القانون الاداري بما يحقق له الاستقلال عن القانون الخاص.
وقد تحقق هذا الانتقال بموجب المادة 172 من دستور 1971 والتي تنص على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة يختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ووفقاً لهذا النص أصبح مجلس الدولة صاحب الاختصاص العام بالمنازعات الادارية.
وتطبيقاً للمبدأ الوارد في المادة 172 من الدستور نصت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة 47 لسنة 1972 على اختصاص مجلس الدولة دون غيره في المسائل الواردة فيها وقد اتبع المشرع في هذه المادة مسلكاً يجمع بين اسلوبين فقد صدر في ثلاثة عشرة فقرة مسائل تختص بالفصل فيها محاكم مجلس الدولة وأضاف في الفقرة الرابعة عشرة (سائر المنازعات الإدارية).
ومؤدى ذلك أن المسائل الواردة في الفقرات الثلاث عشرة الأولى انما وردت على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر (المحكمة الادارية العليا في 20 يونيو سنة 2000 ـ الطعن رقم 382 لسنة 3ق) نظراً لاختصاص مجلس الدولة بسائر المنازعات الإدارية وفقاً للفقرة الرابعة عشرة .
باختصار أصبح مجلس الدولة صاحب الاختصاص العام بالمنازعات الإدارية وذلك على غرار الولاية العامة للمحاكم العادية على المنازعات غير الإدارية.
حيث تنص المادة (15) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أنه فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثنى بنص خاص ، وهذا يختلف عن المادة 14 من قانون السلطة القضائية السابق رقم 43 لسنة 1965 التي كانت تنص على اختصاص المحاكم المدنية بالفصل في كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص .
نطاق اختصاص مجلس الدولة بالمنازعات الادارية:
بصدور القانون الحالى لمجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 اعتبر مجلس الدولة قاضى القانون العام فى المنازعات الادارية اى يختص بكافة المنازعات الادارية التى تثور بين الافراد وبين السلطة الادارية ولا يخرج منها إلا مانص على استثنائه بنصوص خاصة .
هذا وأن القضاء الادارى يشترط فى المنازعة الادارية توافر شرطين على الاقل هما :
أ- أن يكون أحد اطراف الدعوى شخصا من اشخاص القانون العام .

ب- وأن تكون المنازعة بصدد ادارة مرفق عام أو تسييره بوسائل القانون العام ويلاحظ ان المشرع فى القانون الحالى لمجلس الدولة لم يكتف بالمعيار العام لتحديد أختصاص مجلس الدولة وانما لجأ الى توضيح الاختصاص العام والشامل لمجلس الدولة بالمنازعات الادارية بصورة صريحة فبعد ان اورد فى المادة العاشرة المسائل التى تختص بها محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فيها اضاف اليها فقرة اخيرة تجعل من مجلس الدولة صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الادارية وذلك بقوله فى عجز المادة العاشرة ، ( سائر المناعات الادارية ) وإزاء هذا الاسلوب الفريد من نوعه والمتميز فإن نطاق اختصاص مجلس الدولة بالمنازعات الادارية ينقسم الى نوعين :
1- منازعات يختص بها المجلس بحكم القانون .

2- المسائل التى تدخل فى نطاق اختصاص المجلس بعد أن صار قاضيا عاما للمنازعة الادارية ونبين كلا منها فيما يلى :


( 1 ) المنازعات الادارية بحكم القانون :
نصت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الحالى 47 لسنة 1972 .

" تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية :
أولاً : الطعون الخاصة بانتخابات المجالس المحلية .

ثانياً : المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم .

ثالثاً : الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات

رابعاً : الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبى .

خامساً : الطلبات التى يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية .

سادساً : الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقاً للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة .

سابعاً : دعاوى الجنسية .

ثامناً : الطعون التى ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائى، فيما عدا القرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل وذلك متى كان مرجع الطعن ، عدم الاختصاص أو عيبا في الشكل أو مخالفة للقوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها .

تاسعاً : الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميين بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية .

عاشراً : طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها في البنود السابقة سواء رفعت بصفة أصلية أو تبعية .

حادي عشر : المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريد أو بأى عقد إداري آخر .

ثاني عشر : الدعاوى التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون

ثالث عشر : الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانوناً .


رابع عشر : سائر المنازعات الإدارية.

ويشترط في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية أن يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص أو عيبا في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة .

ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح. "

ورغم وضوح الولاية العامة لمحاكم مجلس الدولة على المنازعات الادارية وفقا لنص الدستور والبند الرابع عشر من المادة العاشرة الا ان حرص المشرع على تعداد ثلاث عشرة مسألة تختص بها محاكم مجلس الدولة دون غيرها والتى اعتبرها الفقه بمثابة امثلة للمنازعات الادارية (1) آثار بعض الخلاف الفقهى حول مغزى التعداد (2) فقد ذهب جانب من الفقه الى ان هذا التعداد لم يرد الا على سبيل التمثيل فالمسائل المذكورة فى المادة العاشرة فى البنود الثلاث عشرة الاولى تدخل فى مدلول البند التالى لها مباشرة وهو ( سائر المنازعات الادارية ) الامر الذى يجعل ذكرها بنحو تفصيلى ضرباً من اللغو العبث والمشرع يجب ان يكون منزها عنه (3) هذا من ناحية .
ومن الناحية الفنية فىالصياغية فإن القاعدة المقررة فى هذا الشأن ان ضرب الامثلة ليس من عمل المشرع بل هو من عمل الفقهاء (4) ولكن جل الفقه يذهب الى ان الهدف من التعداد هو تقديم العون لمجلس الدولة فى التعرف على اهم المنازعات الادارية وللافراد المتقاضين كذلك (5) وقد تولى هذا الجانب من الفقه تفنيد حجة الرأى الاول بالقول بأن عبارة ( سائر المنازعات الادارية عامة مطلقة والقاعدة بقاء العام على عمومه المطلق على اطلاقه اذا لم يوجد دليل على التقييد او التخصيص (6) ثم أن التعداد السابق من شأنه ان يزيل اى غموض محتمل او التباس متوقع مستقبلا حول الطبيعه الادارية للمنازعات المتصلة بهذه المسائل وهى دوافع نبيلة نتفق مع فن الصياغة التشريعية فى مثل هذه الاحوال.(7) .
وهذا الرأى هو الذى أؤيده وأميل اليه .
(2) المسائل التى تدخل فىنطاقاختصاص مجلس الدولة بعد ان صار القاضى العام للمنازعات الادارية:
من اهم هذه المسائل مايلى :
1] المنازعات المتعلقة بأعمال الادارة المادية :
وهى الاعمال التى تنتفى عنها الصفة الادارية ولكن تباشرها الادارة بقصد تحقيق أثر قانونى معين مثل تـعـذيـب الـمـواطنـيـن فـى السجـون والـمعـتقلات او اصابة احد المواطنين نتيـجـة طلق نـارى مـن احــد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
(1) د . فؤاد النادى– القضاء الادارى– ص 218 .
(2) د . سامى جمال الدين – الرقابة على اعمال الادارة – ص 287
(3) د. محمود عاطف البنا – ص 51 الوسيط فى القضاء الادارى
( 4 ) د .محمد رفعت عبد الوهاب ، د . أحمد عبد الرحمن شريف الدين – القضاء الادارى– ص 243 .
( 5) د. سامى جمال الدين – مرجع سابق – ص 287
(6) د. محمود عاطف البنا – مرجع سابق ص 52 .
(7) د .سامى جمال الدين – مرجع سابق ص 289 .
افراد الشرطة والانفجارات الخاطئة للمفرقعات وكانت هذه المنازعات تخرج عن اختصاص القضاء الإداري ولكن القضاء الحديث للمحكمة الادارية العليا أعتبرها منازعات ادارية يختص بها مجلس الدولة بشرط ان يكون العمل المادى متصلا مباشرة بادارة مرفق عام وان يتم تسيير ذلك المرفق وفقا لأساليب القانون العام (1) .
أما اذا تعلقت المنازعه بعمل مادى لا تباشره الادارة بوصفها صاحبة سلطة او امتياز فإن القضاء العادى هو الذى يختص بنظره وهى ما انتهت اليه محكمة القضاء الادارىبالاسكندرية بشأن اصابات العمل التى تلحق الموظفين العموميين .
2] المنازعات المتعلقة بأعمال التعدى :
توجد اعمال التعدىLa voit de fait عندما تقوم الادارة باعمال مادية غير مشروعه بدرجة جسيمة وظاهرة تشكل مساسا صارخا بحريات الافراد او ممتلكاتهمفى فرنسا ينعقد الاختصاص للقضاء العادى بنظر دعاوى الافراد لوقف هذه الاعمال او التعويض عنها (2)
ولا محل لتطبيق اعمال التعدىفى مصر لانتفاء المبررات التاريخية فى فرنسا التى تجعل الاختصاص بنظرها للقضاء العادى لذلك فمن المصلحة رفض نظرية اعمال التعدىفى مصر وجعل الاختصاص بنظرها اذا ما حدث مضمونها للقضاء الادارى .
ويكمن هذا المضمون فى تصرف يصدر عن الادارة ويكون مقطوع الصلة بالقانون تماما لا من قريب ولا من بعيد بحيث لا يمكن اعتباره بحال من الاحوال عملا اداريا . (3)
ومثالها القبض على شخص بدون وجه حق ومصادرة امواله أو تقييد حريته فى التنقل او الاعتداء على حريته الشخصية او مصادرة جريدة دون مبرر قانونى(4) .
ولا شك أن جعل الاختصاص فى مصر لمجلس الدولة بنظر هذه المنازعات هو ما يتفق مع المنطق على اساس انه الاقدر بحكم تخصصه على مراقبة نشاط الادارة وهو ما أكده المجلس فى احكامه.(5)
3] منازعات الحجز الادارى :
كان الاختصاص بنظرها للقضاء العادى على اساس ان توقيع الحجز الادارى لا ينبثق عنه قرار ادارى يكون محلا للطعن عليه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
(1) د . فؤاد النادى– مرجع سابق ص 252
(2) د . محمد محمد بدران – رقابة اعمال الادارة – ص 207
(3) د . ابراهيم شيحا مبادى واحكام القضاء الادارىاللبنانى - ص 317 .
(4) د. فؤاد النادى– مرجع سابق ص 252 - .
(5) د. ماجد الحلو – القانون الادارى - ص 195 .
وقد لقى هذا القول تأييداً له من المحكمة الادارية العليا قبل صدور القانون الحالى لمجلس الدولة اما بعد صدور هذا القانون الذى جعل من مجلس الدولة القاضى العام للمنازعات الادارية فإن هذه المنازعات تكون من اختصاصه . (1)
وقد حرصت الدساتير المصرية التالية لدستور 1971 على دعم اختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعات الادارية بل كما سبق وان اوضحت لا اجد حرجا حينما اقول ولقد زادت من دعمه حينما اضيفت العبارة "يختص دون غيره " الى النصوص التالية لدستور 1971 كما سبق الايضاح .
دستور 2013 المادة 174 :
" مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره من جهات القضاء بالفصل فى كافة المنازعات الادارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه ويتولى الدعاوى والطعون التأديبية والافتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون ، ومراجعه وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التى تحال اليه ومراجعه وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التى تحال اليه ، ومراجعه العقود التى تكون الدولة طرفا فيها .
ويحدد القانون اختصاصاته الاخرى ."

الدستور الحالى 2014 المادة 190 :
" مجلسالدولةجهةقضائيةمستقلة،يختصدونغيرهبالفصلفىالمنا زعات الإدارية،ومنازعاتالتنفيذالمتعلقةبجميعأحكامه،كمايخت صبالفصلفى الدعاوىوالطعونالتأديبية،ويتولىوحدهالإفتاءفىالمسائل القانونيةللجهات التىيحددهاالقانون،ومراجعة،وصياغةمشروعاتالقوانينوال قراراتذات الصفةالتشريعية،ومراجعةمشروعاتالعقودالتىتكونالدولة، أوإحدى الهيئاتالعامةطرفاًفيها،ويحددالقانوناختصاصاتهالأخرى. "
رابعاً : تنفيذ احكام المحكمة الدستورية العليا .
نص قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1989 على ان تصدر احكام المحكمة وقراراتها باسم الشعب ( المادة 46 ) وأن احكامها وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن ( المادة 48 ) وان احكامها فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة والكافة ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم مالم يحدد الحكم تاريخيا آخر لتطبيقه اما بالنسبة للنصوص الضريبية فيسرى الحكم بعدم دستوريتها بأثر مباشر وذلك دون اخلال باستفادة المدعى من هذا الحكم .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د . فؤاد النادى– مرجع سابق ص 253 - .

وبالنسبة للنصوص الجنائية فإنه يترتب على الحكم بعدم دستوريتها اعتبار الاحكام التى صدرت بالإدانة استناداً اليها كأن لم تكن ( المادة (49) بعد تعديلها بالقرار بقانون 168 لسنة 1998 .
ووفقا لهذا النص الاخير فإن لحكم المحكمة الدستورية بعدم الدستورية اثر مباشر يسرى فى جميع الاحوال اعتبارا من اليوم التالي لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية وللحكم بعدم الدستورية اثر رجعى فى حالتين :
‌أ) حالة ما اذا كان يتعلق بنص جنائى تطبيقا لقاعدة القانون الاصلح للمتهم .
‌ب) حالة ما اذا قرر الحكم ذلك وحدد تاريخا آخر بسريانه وذلك فى غير النصوص الضريبية التى يكون للحكم بعدم دستوريتها اثر مباشر دائما .

وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن نطاق الحكم بعدم دستورية نص ضريبى على أنه من المقرر أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص فى قانون او لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لتاريخ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية مالم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر ، وان الحكم بعدم دستورية نص ضريبى لا يكون له فى جميع الاحوال الا اثر مباشر ....وهو حكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على جميع المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها ان تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق بالنص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب اى اثر من تاريخ نفاذه ، ولازم ذلك ان الحكم بعدم دستورية نص فى قانون غير ضريبي يترتب عليه عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لتاريخ نشره مادام قد ادرك الدعوى قبل الفصل ، فيها ولو كانت امام محكمة النقض ، وهو امر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها ، أما الحكم بعدم دستورية نص ضريبى فليس له الا اثر مباشر يطبق بمقتضاه على الوقائع والمراكز القانونية اللاحقة على صدوره من اليوم التالى لتاريخ نشره ولا ينسحب اثره الى الماضى .
مفهوم النص الضريبى تبعاً لذلك انما يقتصر على المواد التى تتضمن قواعد واسس تقدير وعاء الضريبة، وبيان أيا كان نوعها وكيفية تحديد مقدارها والشروط الموضوعية لهذا التقدير وبيان المكلف بها والملزم بسدادها ووسائل تحصيلها وكيفية ادائها وضوابط تقادمها دون ان يمتد الى المواد التى تورد شروطا شكلية او اجرائية .
اذا كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت فى القضية رقم 162 لسنة 31 ق دستورية بجلسة 7/4/2013 – والذى تم نشره فى الجريدة الرسمية بالعدد 15 مكرر (ب) فى 17 /4/2013 – بعدم دستورية نص الفقرة الاخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 والتى عقدت الاختصاص للمحكمة الابتدائية بالفصل فى المنازعات التى عددتها وهى نصوص غير ضريبية وفقا للمفهوم السابق لتعلقها بتحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع فى الدعاوى المتعلقة بالقانون سالف البيان ومن ثم فإن الحكم بعدم الدستورية يسرى عليها بأثر رجعى وقد جاء بمدونات هذا الحكم " ان المشرع قد اقر بالطبيعه الادارية للطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الادارية فى منازعات الضرائب والرسوم ...وان المنازعهفى هذا القرار تعد منازعه ادارية بحسب طبيعتها تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة ، واذا اسند النصان المطعون فيهما الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات الى المحكمة الابتدائية التابعه لجهة القضاء العادى فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادماً لاحكام الدستور الذى اضحى بمقتضاه مجلس الدولة دون غيره من جهات القضاء ....وهو صاحب الولاية العامة فى الفصل فى كافة المنازعات الادارية وقاضيها الطبيعى ، والتى تدخل ضمنها الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الادارية فى منازعات الضرائب البين من الاوراق ان الشركة الطاعنة اقامت دعواها بطلب رد ما دفعته للمطعون ضدها – مصلحة الضرائب على المبيعات – دون وجه حق وذلك بصحيفة اودعت قلم كتاب محكمة شمال القاهرة بتاريخ 20/6/1999 وقضى فيه بجلسة 27/1/2004 برفض الدعوى ، تأيد هذا القضاء استئنافا بجلسة 29/8/2004 ، ومن ثم فإن المنازعهفى تقدير الضريبة وتحصيلها تعد منازعه ادارية بحسب طبيعتها تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة وتنحسر عنها ولاية المحاكم العادية ، إذ أدرك قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر بتاريخ 7/4/2013 سالف الذكر " فى القضية رقم 162 لسنة 31 ق دستورية " الدعوى اثناء نظر الطعن الحالى امام هذه المحكمة فانه يتعين عليها اعماله من تلقاء ذاتها لتعلقه بالنظام العام .
الهيئة قد انتهت بالاغلبية المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة الرابعه من قانون السلطة القضائية الى ان القضاء بعدم الاختصاص يكون مع الاحالة فانها تعدل عن الاحكام التى ارتأت غير ذلك فيما قررته عند القضاء بعدم الاختصاص ، أو عدم الاختصاص والاحالة لنظرها اما المحكمة الادارية مع تحديد جلسة لما كان ذلك ، فإ، الهيئة تقضى فى موضوع الطعن بنقض الحكم المطعون فيه وفى موضوع الاستئناف رقم .....لسنة 8 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر النزاع والاحالة الى القضاء الإداري طعن رقم 2050لسنة 74 ق جلسة 24/6/2014 .
ومن قضاء المحكمة الدستورية العليا ذاتها يتضح ان كلمتها هى الاعلى والاخيرة فيما يتعلق بالاحكام والقرارات التى تصدرها فى نطاق اختصاصها .
ووفقا لقضاء هذه المحكمة فإن الدعاوى الدستورية هى دعاوى عينية بطبيعتها والاحكام الصادرة فيها لها حجة مطلقة قبل الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة سواء كانت قد انتهت الى دستورية النص التشريعى المطعون فيه أم الى عدم دستوريته (1) فأحكام المحكمة الدستورية العليا وقراراتها ملزمة للجميع سواء كانوا سلطاتاً أو أفراداً .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6 يوليو 1991 فى القضية رقم 20 لسنة 11 قضائية دستورية ، حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 16 مايو 1992 فى القضية رقم 65 لسنة 4 قضائية دستورية .
وبالنسبة للسلطات سواء كانت سلطة تنفيذية او تشريعية او حتى قضائية فالجميع يلتزم بما قضت به ويعمل بمقتضاه والمعنى والمفهوم والمضمون الذى تعطيه للنصوص هو الذى يأخذ به الجميع ولا يجوز اعطاء تفسيرا آخر مخالف لتفسيرها متناقضا معه .
ويتضح مما سبق عرضه من النصوص والاحكام ان كلمة القاضىالدستورىهى الكلمة الاعلى وهى الكلمة الاخيرة فى مجال اختصاصه فلا طعن فيها ولا معقب عليها ولا راد لها ولا رجعه فيها .
وعلى الجميع احترام هذه الكلمة واتباعها وعدم مخالفتها او الاخذ بغير مقتضاها .

التنفيذ من جانب السلطة القضائية:
حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بتقرير عدم دستورية قانون أو لائحة معينة يلزم محكمة الموضوع بالإمتناع عن تطبيق هذا القانون أو تلك اللائحة وإن كان القانون أو القرار بقانون يبقى من الناحية النظرية المجردة قائما حتى يلغيه المشرع وتبقى اللائحة قائمة حتى تلغيها جهة الإدارة فإن النص الغير دستوري يفقد قيمته من الناحية التطبيقية لأن جميع المحاكم سوف تمتنع عن تطبيقه إذا ما دفع أمامهابعدم دستوريته في قضيته أخرى إعمالا للحجية المطلقة للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بعدم الدستورية.

هذا وقد استقرت بعض أحكام المحكمة الإدارية العليا والتي تعرضت لأثر الحكم بعدم الدستورية بعد تعديل المادة 49/3 من قانون المحكمة الدستورية ومن أحكامها في هذا الصدد نذكر حكمها الصادر في 21 يناير 2006 والذي قضت فيه بأنه ومن حيث أن المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تقضي بأن أحكام المحكمة الدستورية وقراراتها ملزمة لجميع سلطات الدولة للكافة وأن تلك الأحكام تنشر في الجريدة الرسمية ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ومفاد ذلك حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة وأفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور أن الأحكام الصادرة في الدعاوي الدستورية وهي بطبيعتها دعاوي عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري تكون لها حجية مطلقة ولا يقتصر أثرها على الخصوم في الدعاوي التي صدرت بشأنها وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وجميع سلطات الدولة كما أن مؤدي عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون .
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 4143، 4615 لسنة 44 قضائية عليا بتاريخ 21/1/2006 ـ الدائرة الأولى ـ موضوع).


وقضت أيضا بأن الأصل في الأحكام القضائية أنها كاشفة لا منشأة إذ هي لا تستحدث جديداً ولا تنشئ مراكزاً أو أوضاعاً لم تكن موجودة من قبل بل إنها تكشف عن حكم الدستور أو القانون..................

فضلا عن أن نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا قضى بعدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم بعدم الدستورية في الجريدة الرسمية ومن ثم بات متعيناً على قاضي الموضوع إعمالاً لهذا النص ألا ينزل حكم القانون المقضي بعدم دستوريته على المنازعة المطروحة عليه.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3320 لسنة 47ق. عليا في 4/7/ 2004 ) .
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 371 لسنة 48 ق بتاريخ 17/2/ 2007 ) .

التنفيذ من جانب السلطة التنفيذية :
الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا ملزم للسلطة التنفيذية ويتمثل التزام السلطة التنفيذية بتنفيذ الحكم الصادر بعدم الدستورية في امتناعها عن أعمال حكم النص المقضي بعدم دستوريته ويتحقق هذا الأثر فور نشر الحكم الدستوري بالجريدة الرسمية دون توقف على قيام السلطة التشريعية بإلغاء هذا النص بحسبان أن هذا وأن كان سيظل قائما من الناحية النظرية إلى أن يلغيه المشرع إلا أنه لا يمكن تنفيذه إعمالا لحكم المحكمة الدستورية العليا الحائز للحجية المطلقة الملزم للكافة.


ومن صور تنفيذ السلطة التنفيذية للأحكام الدستورية التزامها بعدم تحصيل مبالغ استناداً إلى قانون قضى بعدم دستوريته .



خامساً : مدى تأثير الاحكام الصادرة من المحكمة
وكذا المؤكد صدورها فيما بعد بالنسبة للضرائب الاخرى وايضا منازعات الدستورية العليا السالف الاشارة اليها الحجز الادارى على الحصيلة الضريبية والدعاوى المنظورة امام المحاكم العادية .

ونصل إلى زبدة هذه الدراسة وهي مدى تأثير الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا السالف الإشارة إليها ، وكذا المؤكد صدورها فيما بعد بالنسبة للضرائب الأخرى وايضا منازعات الحجز الإداري على الحصيلة الضريبية واقتراح تشريعي بعلاجها.

وأننى أرى أن اختصاص القضاء الإداري بنظر منازعات الضرائب أمر مسلم به باعتبار أن هذه المنازعات منازعات إدارية إلا أن احالة الملفات الضريبية المعروضة حاليا على القضاء العادي خاصة منازعات ضريبة الدخل إلى القضاء الاداري من شأنه أن يؤثر على الحصيلة الضريبية لأن عملية تحويل هذه الملفات سوف تستغرق وقت طويل ثم عندما تحال إلى القضاء الإداري لابد وأن تعرض على هيئة مفوضي الدولة أولا قبل أن تعرض على محكمة القضاء الإداري وقد أوضحت المواد 27 ، 28 ، 29 من قانون مجلس الدولة اختصاصات هيئة مفوضي الدولة ويحسن أن أتناولها بشيء من الايجاز على النحو التالي:ـ


1- تحضير الدعوى وتهيئها للمرافعة وذلك على النحو الوارد بالمادة 27 من قانون مجلس الدولة 47 لسنة 1972 ، والتي تنص على :
" تتولىهيئةمفوضيالدولةتحضيرالدعوىوتهيئتهاللمرافعةولم فوضالدولةفيسبيلتهيئةالدعوىالاتصالبالجهاتالحكوميةذا تالشأنللحصولعلىمايكونلازمامنبياناتوأوراقوأنيأمرباس تدعاءذوىالشأنلسؤالهمعنالوقائعالتىيرىلزومتحقيقهاأوب دخولشخصثالثفيالدعوىأوبتكليفذوىالشأنبتقديممذكراتأوم ستنداتتكميليةوغيرذلكمنإجراءاتالتحقيقفيالأجلالذييحد دهلذلك .
ولايجوزفيسبيلتهيئةالدعوىتكرارالتأجيللسببواحد .
ومعذلكيجوزللمفوضإذارأىمنحأجلجديدأنيحكمعلىطالبالتأج يلبغرامةلاتجاوزعشرةجنيهاتيجوزمنحهاللطرفالآخر.
ويودعالمفوض – بعدإتمامتهيئةالدعوى – تقريرايحددفيهالوقائعوالمسائلالقانونيةالتىيثيرهاالن زاعويبدىرأيهمسببا، ويجوزلذوىالشأنأنيطلعواعلىتقريرالمفوضبقلمكتابالمحكم ةولهمأنيطلبواصورةمنهعلىنفقتهم .
ويفصلالمفوضفيطلباتالإعفاءمنالرسوم"


2- اقتراح انهاء النزاع صلحا وذلك على النحو الوارد بالمادة(28) من القانون المذكور والتي تنصعلى:
"لمفوض الدولة أن يعرض على الطرفين تسوية النزاع على أساس المبادئ القانونية التى ثبت عليها قضاء المحكمة الإدارية العليا في خلال أجل يحدده فإن تمت التسوية أثبتت في محضر يوقع من الخصوم أو وكلائهم ، وتكون للمحضر في هذه الحالة قوة السند التنفيذي ، وتعطى صورته وفقاً للقواعد المقررة لإعطاء صور الأحكام ، وتستبعد القضية من الجدول لانتهاء النزاع فيها ، وإن لم تتم التسوية جاز للمحكمة عند الفصل في الدعوى أن تحكم على المعترض على التسوية بغرامة لا تجاوز عشرين جنيها ويجوز منحها للطرف الآخر "

3- تقوم هيئة مفوضي الدولة خلال ثلاثة ايام من تاريخ ايداع التقرير المشار إليه في المادة (27) بعرض الأوراق على رئيس المحكمة لتعيين تاريخ الجلسة التي تنظر فيها الدعوى. وذلك وفقا للمادة29 والتي تنص على :
" تقومهيئةمفوضيالدولةخلالثلاثةأياممنتاريخإيداعالتقري رالمشارإليهفيالمادة 27 بعرضملفالأوراقعلىرئيسالمحكمةلتعيينتاريخالجلسةالتىت نظرفيهاالدعوى . "

هذه الاجراءات سوف تستغرق وقت طويل وهذا سوف يؤثر على حصيلة الضرائب وفي نفس الوقت فيه مشقة على الممولين ومصاريف قضائية وأتعاب محاماه وغيره من المصروفات الأخرى ناهيك عن القلق الضريبي الذي ينتاب الممولين من طول الاجراءات الضريبية ، هذا بالنسبة للدعاوى المعروضة أو المنظورة أمام المحاكم العادية في ضريبة الدخل .

أما الدعاوي المحالة إلى مكتب خبراء وزارة العدل فبالنسبة للدعاوي التي لم يعد فيها تقرير بعد أو الدعاوي التي باشر الخبير فيها مهمته وحضر المحامين أو المحاسبين أمامه ، وكذا مندوبي مصلحة الضرائب واستغرق فيها من الوقت والمال والجهد وكذا الدعاوي الذي أعد فيها الخبير تقرير قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا الأخير وارسل على المحكمة المختصة كل هذا وذاك وتلك وهؤلاء لم يعد لها أي قيمة قانونية لأن المحكمة سواء الابتدائية أو الاستئنافية لم تعد مختصة ، وسيبادر السادة الخبراء بعد هذا الحكم الدستوري بإعادة هذه الملفات إلى المحاكم التي أحالتها لهم للتصرف بعدما يكون قد انفق الممول من الجهد والمال أمام مكاتب الخبراء وستدور الحلقة من جديد أمام محاكم مجلس الدولة.

كما أن الأحكام النهائية الصادرة عن محاكم الاستئناف على مستوى الجمهورية والمطعون عليها بالنقض أمام محكمة النقض ، حيث ينصب الطعن بالنقض على محاكمة الحكم النهائي الاستئنافي الذي صدر فيها أي أن محكمة النقض لا تهتم بفحص الوقائع التي تتعلق بالدعاوي ومعنى ذلك أن محكمة النقض ليست درجة ثالثة للتقاضي إذ أنها لا تفصل في الوقائع وانما تفصل فقط في القانون وتضمن السير المنتظم والدقيق لعمل المحاكم ، فلا يوجد نظام قضائي دون أن يكون هناك احترام شديد للقواعد والمبادئ القانونية وهو ما تفرضه محكمة النقض، وتضمن محكمة النقض عدم مخالفة المحاكم للقانون أو هجرها له وكما قيل بحق تمثل العمود الفقري للنظام القضائي .

ولك سيدي القارئ أن تتخيل كم انفق من المال والجهد والمثابرة في كتابة المذكرات وعرائض الدعاوي حتى وصلت هذه الأحكام المطعون فيها بالنقض إلى محكمة النقض وبعض هذه الطعون قد يكون متعلق بالقانون 157 لسنة 1981 أو غيره من القوانين السابقة عليه ، وكذلك القانون 91 لسنة 2005 ، كل هذا سيعود نظره من جديد أمام محكمة القضاء الإداري كمحكمة أول درجة رغم أنه خلاف يتعلق بمخالفة تطبيق القانون وليس خلاف متعلق بالوقائع أو الماديات وستعرض هذه الأحكام على هيئة مفوضي الدولة وستعد فيها تقارير ثم تعرض على محكمة القضاء الإداري المختصة وهذا سوف يستغرق وقت وجهد ومال ونعود بذلك إلى نقطة البداية بعدما نكون قد وصلنا إلى نقطة النهاية؟!

سادسا: دور الاعتبارات العملية في القضاء الدستوري أو ما يعرف برقابة التناسب
أن القضاء الدستوري ليس قضاءا تطبيقياً يقوم بإنزال حكم الدستور بشكل آلي أو مجرد على الواقعات المعروضة عليه وانما يتحتم عليه أن يحقق التوفيق والتوازن بين اعتبارين.
أولهما: هو ارساء دعائم المشروعية الدستورية وضمان التزام كل من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بأحكام الدستور .
وثانيهما : هو المحافظة على استقرار الدولة ذاتها وحماية المصالح الاساسية للمجتمع من العصف بها.
فالقاضي الدستوري لا يصدر أحكامه وقراراته التفسيرية في الفراغ أو بطريقة نظرية بحته ، وإنما يقوم بهذه المهمة في اطار نظام سياسي واقتصادي واجتماعي متكامل له اسس ودعائم يجب على القاضي أن يحميها وإلا يتسبب بأحكامه وقراراته التفسيرية في انهيارها وتصدعها.
ويفرض الواقع العملي على القاضي الدستوري أن يزن بدقة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي من شأنها أن تترتب على أحكامه وقراراته التفسيرية.
وإذا قرر أن الحكم أو القرار الذي يتفق مع الناحية النظرية المجردة مع نصوص الدستور سوف تنتج عنه أزمة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية فإنه يعيد التفكير في هذا الحكم أو القرار ويبتكر الحل الذي يوفق بين ضرورة احترام المشروعية الدستورية وضرورة حماية مصالح المجتمع واستقرار أنظمته حتى ولو كان هذا الحل يخالف ما يقضى به ظاهر النصوص الدستورية.
وعلى ذلك فإن القاضي الدستوري يتحتم عليه الموازنة بين واجبه في كفالة احترام المشروعية الدستورية والحكم بعدم دستورية أي نص تشريعي يعرض عليه ويكون مخالفاً للدستور وواجبه في ضرورة ضمان واستقرار أنظمة المجتمع ونظمه وحمايته من الأزمات التي يمكن أن تحدث نتيجة لأحكامه وقراراته .
وهذا الوضع يجعل من القاضي الدستوري قاضي موازنات ومن هنا تأتي الأهمية الكبيرة للاعتبارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في القضاء الدستوري .
وبناء على ذلك فإن القاضي الدستوري ينبغي عليه تحقيق التوازن بين الاعتبارات المختلفة لكي يتمكن من أداء واجبه في ضمان التزام السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بأحكام الدستور مع تفسير نصوص الدستور بما يراعى ظروف المجتمع وتطويره ويجنبه الأزمات وبقدر نجاحه في تحقيق هذا التوازن الدقيق فإنه يكون قد نجح في أداء مهمته التي أناطها إليه المشرع الدستوري ،
ومع أهمية هذه الاعتبارات إلا أن القاضي الدستوري ينبغي عليه أن يقف عند الحد المعقول في مراعاة هذه الاعتبارات، فهو قاضي أولا ويقع على عاتقه التزام اساسي بتطبيق نصوص الدستور وإعلاء أحكامه ولا يجوز له تغليب الاعتبارات العملية على الإرادة الصريحة للمشرع الدستوري ولا يملك مخالفة مبادئ الدستور تحت أية ذريعة كانت لأنه إذا تجاوز حدود دوره أقر لنفسه بسلطة مساوية لسلطة المشرع الدستوري فإنه يكون قد أخل بمبدأ الفصل بين السلطات وجعل من نفسه سلطة تعلو على السلطة التشريعية المنتخبة وتسمو عليها ولكنه في الوقت ذاته جزء من نسيج المجتمع وكيانه وهذا يفرض عليه واجباً اساسياً في حماية نظم المجتمع ووقايتها من الأزمات . ومما تقدم يتضح أن قاضي الرقابة على الدستورية هو صاحب الكلمة الأعلى والأخيرة في موضوع التناسب في نطاق القانون الدستوري فهو الذي يفصل في الموضوع ويبت في النزاع ويحسم المسألة ويحكم في الدعوى المعروضة أمامه ، فعندما يعرض على القاضي نزاع معين وتثار أمامه نصوص معينة ويتمسك الأطراف بقواعد ومبادئ معينة ويطلب منه الفصل في النزاع فإن القاضي يقوم بتفسير كل هذا وتحديد المعاني والمفاهيم التي تنطوي عليها النصوص والقواعد والمبادئ والأحكام المثارة أمامه وهو يلجأ في ذلك إلى اساليب وطرق وقواعد التفسير المعروفة ، ويقوم القاضي ايضا باستخراج الشروط الكامنة في النصوص وضوابط تطبيق القواعد وحدود ونطاق أعمال الأحكام حتى تلك التي لم تذكر صراحة.
ويقوم بعد ذلك ببحث مدى توافر التناسب أو التوازن بين عناصر النزاع المعروض أمامه ليقطع النزاع بحكم حاسم منهي الخصومة، فدور القاضي هنا كدور الجراج الماهر والحاذق الذي يجري عملية صعبة ودقيقة ويتوقف عليها حياة المريض وما يصل إليه القاضي هنا هو ما سوف يحترمه الجميع وما سوف تأخذ به كل سلطات الدولة ولا يملك أحد أن يخرج عليه أو يخالفه أو يتنكر له ويتجاهله.
ويعتبر القاضي هنا صمام أمان soupape de securitéللجميع للدولة وللأفراد فهو بعمله هذا يجنب المجتمع من الأثار الخطيرة التي قد تترتب على اصطدام المصالح ويحمي المجتمع من أي هزة أو فجوة أو حتى انهيار في نظمه الأساسية وحسن سير مؤسساته الدستورية
وهو يعتبر الحصن الذي يلوذ إليه الأفراد لحماية حقوقهم وحرياتهم الفردية من اي اعتداء أو مساس من قبل السلطات العامة خاصة السلطة التشريعية عن طريق وضع قيود مبالغاً فيها على حقوق وحريات الأفراد فالقاضي يضع برقابته حداً للقيود limite des limites على الحقوق المعترف بها في الدستور ولذلك تعطي كثير من النظم الكلمة العليا في ذلك القاضي الرقابة على التناسب وهو عادة القاضي الدستوري هكذا الوضع في المانيا وفي فرنسا وفي مصر وفي غيرها من دول كثيرة.
وفي مصر نجد أن المحكمة الدستورية العليا تحتل مكانه سامية ليس فقط بين الهيئات التي تتولى القضاء وانما بين سلطات وهيئات الحكم في الدولة كلها، وتتسم الرقابة التي تضطلع بها بأنها رقابة متوازنة لا تميل في اتجاه دون آخر ولكنها تنتصف لأحكام الدستور وحدها وتعلي كلمتها على ما سواها بوصفها تعبيراً عن الإرادة الشعبية وهي في استلهامها لهذه لا تقنع من النصوص الدستورية بظاهر عباراتها ولكنها تغوص في اعماقها متقصية مضامينها الحقيقية كما أنها رقابة متطورة ترهف سمعها لحركة التاريخ وترنو ببعدها إلى أفاق المستقبل ولا تجمد عند لحظة معينة وتقبع في دائرة مغلقة ولكنها ترقب التطورات الفقهية والقضائية للقانون الدستوري المقارن نائية بذلك عن التقيد بقوالب صماء لمفاهيم النصوص الدستورية باعتبار أن هذه النصوص لا تصمد مع الزمن إلا بقدر استجابتها لأمال الجماهير العريضة وتعبيرها عنها، تلك هي مهمة المحكمة الدستورية العليا وهذا هو دورها وهذه هي أحكامها في اطار هذا الدور ([1]).
فالمحكمة الدستورية العليا تضطلع بمهامها التي تصون من خلالها ركائز حيوية لا تنهض الجماعة إلا في كنفها وتحمي الحرية الشخصية من أي عدوان أو مساس بها من قبل السلطات العامة وليس ذلك افتئاتا على السطلتين التشريعية والتنفيذية بل ارتكاز على حقيقة أن أحد لا يجوز أن يكون للدستور عصياً وأن المخاطبين بالنصوص الدستورية مدعون إلا التزامها وإلا كان فرضها لازماً من خلال ولوج طرائق الرقابة على دستورية النصوص القانونية التي عينها قانون المحكمة الدستورية العليا لتقرير بموجبها بطلان هذه النصوص أو صحتها وهو ما يعني أن بقاءها أو زوالها عائد في منتهاه إليها ويؤكد علو هامتها من خلال ضمانها سيادة الدستور وانفرادها بفرض القيود التي يتضمنها بما مؤاده أن مراجعتها القضائية the power of judicial review للأعمال التشريعية لا توانيها أو توازيها أو تطاولها أية صورة أخرى من صور الرقابة القضائية أيا كان موقعها إذ هي تحتل من اشكالها وانماطها على تعددها أكثرها قضاءً وأبعدها أثراً وارفعها شأناً ليكون بخصائصها ومكوناتها فريدة في بابها لا يردها عن ولايتها خصيم ولا ينال منها الأدعياء والمتخرصون.
غير أن المحكمة الدستورية العليا وتلك مهمتها وغاياتها لا يعنيها أن يكون رنين أحكامها عاليا ولا جرسها صاخباً مدوياً ولا أن يكون عملها اقتحاما لحدود أولاها الدستور للسلطتين التشريعين والتنفيذية ذلك أن وفاءها بالأمانة التي ناطها الدستور بها يقتضيها أن يكون خطابها هادئا واثقاً متزناً محكماً ليكون أعون على صون نظام لتبادل الرقابة بين من يباشرون السلطة وفقاً للدستور وبما يؤكد توازنها بين الأفرع التي تتوزع عليها التزاما بضوابطها وتقيدا بتخومها وتلك مهمة لا يجوز التهوين منها وقد تولتها المحكمة الدستورية العليا ملتزمة مقاصدها نائية بنفسها عن الانزلاق بها إلى غير مجالاتها.
وكان دأبها وحرصها أن تكون مناهجها في تأصيل أحكام الدستور وربطها بغاياتها النهائية علاقة لأمتها على طريق تقدمها وأن تكون مسئوليتها قبلها إصراراً على النهوض بواجباتها لا تفارق بأسها ولا تنقض ميثاقها ولا يقينها منها أن تغض بصرها عما قد يعترض تنفيذ بعض أحكامها من عوائق قانونية تعطل محتواها أو تحد من مداها ومن ثم يكون تدخلها لإسقاطها لازماً ليكتمل لأحكامها بينا فيها وليتم تنفيذها وفقاً لطبيعتها وعلى ضوء الأصل فيها فذلك وحده طريق الحق موئلا وميثاقا غليظاً (1).
سابعا:ـمسئولية الدولة عن أعمال السلطة التشريعية بين المنطق والواقع والقانون والدستور.

كانت أعمال السلطة التشريعية تتحصن في الماضي بمبدأ عدم مسئولية الدولة إلا أن الأبحاث والدراسات العلمية في هذا الشأن قد أبانت وهن بنيان المبدأ وضعف أساسه.
وكان من المنطقي إزاء ذلك الانصراف عن قاعدة عدم المسئولية والتخلي عنها ، إلا أن الواقع لم يساير هذا المنطق إلى نهايته ، فلا زال مبدأ عدم مسئولية الدولة عن أعمال السلطة التشريعية يصارع محاولات القضاء عليه وبالطبع هناك ثغرات أصابت المبدأ ومع ذلك فمقاومته قائمة ومستمرة.
أعلن مجلس الدولة المصري في حكم شهير اختصاص القضاء بالرقابة على دستورية القوانين على الرغم من خلو دستور سنة 1923 المطبق في ذلك الوقت من نص بهذا المعنى.
ولهذا الحكم صلة وثيقة بموضوعنا ، فقد أوضحت المحكمة مفهوم مبدأ الفصل بين السلطات وحدود اختصاص كل سلطة.
وإذا كانت المحكمة خلصت إلى ما سبق من خلال التفسير الضمني لمواد دستور 1923 فإنها استندت إلى صريح نصوص هذا الدستور لبيان حدود اختصاص كل سلطة من سلطات الدولة وفي هذا الصدد أعلنت المحكمة أن الدستور المصري إذ أقر مبدأ الفصل بين السلطات ضمناً حين حدد لكل سلطة من السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية المجال الذي تعمل فيه قد قرنه بمبدأ آخر حيث قرر في المادة (23) منه أن استعمال السلطات يكون على الوجه المبين بالدستور وبذلك استعمال السلطات لوظائفها ينتظمه دائما تعاون متبادل بينها على اساس احترام كل منها للمبادئ التي قررها الدستور(1).

أما المادة (86) للدستور 1971 فقد نصت على أن يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ويقر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وذلك كله على الوجه المبين في الدستور .
وهذا النص يقابل المادة (101) من الدستور الحالي مع مراعاة أن مجلس الشعب في هذا الدستور أصبح يسمى مجلس النواب ، فالمشرع الدستوري فيما يتعلق بالرقابة على دستورية القوانين قد أفصح عن أن سلطات البرلمان ليست مطلقة وعلى البرلمان بالتالي مراعاة الحدود المرسومة لمباشرة وظيفته المنصوص عليها في الدستور ،
فالسلطة التشريعية يجب أن تلتزم إذن بما ورد في الدستور من حدود وكل تجاوز لهذه الحدود يصبغ عملها بعدم الدستورية ويُكون ركن الخطأ في حقها فلا يملك البرلمان الإخلال باستقلال السلطة القضائية وينتقص من اختصاص مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية العامة دون غيره بالفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي بالمخالفة لنصوص الدساتير السالف الاشارة اليها تفصيلا.
وقد تنبه الفقه إلى الصلة بين الرقابة على دستورية القوانين وبين المسئولية عن التشريعات البرلمانية ، وهو ما دفع البعض إلى القول بأنه لا شك أن الأخذ بمبدأ حق القضاء المصري في مراقبة دستورية القوانين وهو كسب كبير لمبدأ مسئولية الدولة عن أعمالها المشرعة لارتباطه بهذا الحق لأنه إذا دفع بعدم دستورية قانون في دعوى مطروحة على القضاء وقررت المحكمة قبول الدفع وثبت لها أن الطاعن قد اصابه ضرر من هذا القانون الذي صدر مخالفاً لأحكام الدستور فلا شك بأنها ستقضي بالتعويض(2).

وبالتالي فإن الاعتبارات القانونية تسمح اذن بمسئولية الدولة عن القوانين على أساس الخطأ بل والمعطيات المنطقية في صالح هذا الاستنتاج .
فإذا كان القضاء يملك الامتناع عن تطبيق القانون المخالف للدستور فمن باب أولى يكون له سلطة التعويض عن الأضرار التي تسببها القوانين وهو اجراء هين بالمقارنة بعدم تطبيق التشريع.
إلا أن محكمة القضاء الاداري المصري قد خيبت الآمال برفضها التعويض عن القوانين ما لم ينص القانون على ذلك(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(1)محكمة القضاء الإداري في 10/2/1948.
(2) د.السيد المدني ـ مسئولية الدولة عن أعمالها المشرعة ـ رسالة دكتوراه إلى كلية الحقوق جامعة القاهرة 1952 ص 229 .
د. وحيد رأفت مسئولية الدولة عن أعمال السلطات العامة ـ 1929 ـ ص 85 وما بعدها.
د. نهى الزيني ـ مسئولية الدولة عن أعمال السلطة التشريعية رسالة دكتوراه إلى كلية الحقوق ـ جامعة القاهرة سنة 1985
ص 229.


(3) محكمة القضاء الإداري في 4/6/1957 ـ مجموعة المبادئ في خمسة عشر عام (1946 ـ 1961 ـ ص 676 ـ 677)
وبررت هذه المحكمة موقفها من زاويتين :
أ ) تبنى الأفكار القديمة في السيادة أي سيادة البرلمان وعدم توافر شروط المسئولية .
وقف قضاء محكمة القضاء الإداري بشأن المسئولية عن القوانين عند المرحلة الأولى من قضاء مجلس الدولة الفرنسي في الموضوع ، ومن ثم كان من الطبيعي أن تعتمد المحكمة على بعض الحجج التي قيلت في هذا الوقت لتبرير عدم مسئولية الدولة عن القوانين ، إلا أن مجلس الدولة الفرنسي عدل عن هذا الرأي ، وأضحت المسئولية عن القوانين من خلق هذا المجلس ، وإذا بحثنا في اساسها القانوني في أحكامه سنجد أنه يرجعها إلى مبدأ المساواة أمام التكاليف العامة ، وقد هجر فكرة عدم المسئولية عن التشريع .
ب) رفض تأسيس المسئولية على اساس تبعه المخاطر.
تقييم قضاء محكمة القضاء الإداري ومستقبل المسئولية عن القوانين:
أسست محكمة القضاء الإداري موقفها من عدم امكان نسبة الخطأ إلى المشرع على ضوء النظرية التقليدية للسيادة وما تحمله من معاني الإطلاق وعدم المساءلة علاوة على عدم توافر شروط خصوصية الضرر.
وهذا الاتجاه محل نقد من جانب الفقه سواء في مصر أو فرنسا ، وقد بلغت هذه الانتقادات من القوة الحد الذي دفع مجلس الدولة الفرنسي إلى العدول عن تبنيه لها.
وتحليل موقف محكمة القضاء الإداري السابق الإشارة إليه يكمن في الظروف التي أحاطت بها، ففي هذه الفترة لم يكن مجلس الدولة هو قاضي القانون العام للمنازعات الادارية ، حيث انحصر اختصاصه في طائفة من القرارات أوردها المشرع بالإضافة إلى العقود الإدارية .
وكان من العسير في هذا الإطار قبول دخول دعوى التعويض عن القوانين في دائرة اختصاص مجلس الدولة (1). إلا أن الظروف السابقة لم تعد كما كانت ، ونعتقد مع بعض الفقه (2). أن ما طرأ من تغيير في صالح اقرار مسئولية الدولة عن تشريعاتها البرلمانية تتمثل في الآتي :
1- بصدور دستور 1971 والقانون رقم 47 لسنة 1972 اصبح مجلس الدولة صاحب الاختصاص العام بنظر المنازعات الإدارية ، وكذا الدساتير التالية له على النحو السالف الاشارة اليه.
2- قنن دستور 1971 والدساتير التالية له الرقابة على دستورية القوانين ، حقاً أن القضاء اعترف لنفسه من قبل بحقه في هذه الرقابة على النحو السالف الاشارة إليه إلا أن هذا التقنين فضلا عن انه يمنع كل خلاف حولها يكسبها مكانة خاصة ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
([1]) د. محسن خليل ـ القضاء الإداري ورقابة اعمال الإدارة ـ 1968 ـ 724.

(2) د. فتحي فكري ـ مسئولية الدولة عن أعمالها غير التعاقدية ـ ص 59


فالمشرع الدستوري بتنظيم هذه الرقابة أفصح عن أن سلطات البرلمان ليست مطلقة وعليه بالتالي مراعاة الحدود المرسومة لمباشرة وظيفته المنصوص عليها في الدستور على النحو السالف الإشارة إليه ،
وفي هذا الاطار يبدو لنا أن تقرير مسئولية الدولة أكثر اتفاقاً مع إرادة المشرع الدستوري .

3- رفض المسئولية عن القوانين ينتهي بنا إلى حالة من حالات انكار العدالة.
Deni de justice وهذه النتيجة لا تتفق لا مع المبادئ العامة ولا مع دستور 1971 والدساتير التالية له التي تكفل حق التقاضي ولجوء كل مواطن إلى قاضيه الطبيعي.

4- صرحت المادة الثالثة من دستور 1971 وهي تقابل المادة الرابعة من الدستور الحالي بأن السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات .....الخ.
وعلى ذلك لا محل للقول بسيادة البرلمان والبرلمان على هذا النحو ليس أكثر من ممثل لصاحب السيادة (الشعب) ولا يتصور أن يقبل صاحب السيادة أن يعتدي من يمثله على حقوقه وحرياته دون أن تقوم المسئولية في حقه.

5- إذا سلمنا بصحة ما ذهبت اليه محكمة القضاء الإداري من رفض تأسيس المسئولية عن القوانين على اساسي الخطأ أو تبعة المخاطر فإن ذلك لا يعني اغلاق الباب نهائيا أمام الممولين للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تسببها القوانين ، فمن الممكن تأسيس هذا التعويض على مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة في الحالات التي يضر القانون بحقوق طائفة من المواطنين ، بحيث تفوق التضحيات المفروضة عليهم تلك التي يتحملها غيرهم وقد تحقق هذا الشأن بالنسبة للممولين الخاضعين للضريبة العامة على المبيعات التي قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 17 ونص الفقرة السادسة من المادة 35 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005،

وكذا الممولين الخاضعين لضريبة الدخل حيث قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة (123) من قانون الضريبة على الدخل 91 لسنة 2005 وسقوط عبارة أمام المحكمة الابتدائية الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة (122) من القانون ذاته.

وبالتالي يحق لهم المطالبة بالتعويض عن الاضرار التي سببتها لهم بعض نصوص القوانين السالف الاشارة اليها ، حيث سيتحملون أعباء مالية باهظة تفوق غيرهم من بقية المواطنين ، وربما يقال أن المسئولية عن القوانين ليست من قبيل المنازعات الإدارية حتى يختص بها مجلس الدولة.

وننوه هنا بما جرى عليه مجلس الدولة الفرنسي وهو يختص ايضا بالمنازعات الإدارية من نظره التعويض عن القوانين .
ويرى العلامة الفرنسي جورج فيدل وهو في نفس الوقت كان أحد أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي أن دعاوي المسئولية عن القوانين من المنازعات الادارية (1)

واذا لم يقنعنا كل ذلك فيكفي لتجاوز هذا الاعتراض أن يتدخل المشرع ويستعمل الرخصة الممنوحة له في الدستور بإضافة ما يراه من اختصاصات علاوة على المنازعات الإدارية إلى مجلس الدولة . حيث تنص المادة (172)من دستور 1971 على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوي التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى . وهي تقابل المادة 190 من الدستور الحالي.

هذا ولعل موقف القضاء من القرارات الصادرة تطبيقاً للمادة الأولى من القانون رقم 119 لسنة 1964 الخاص بجواز اعتقال بعض الفئات والمحكوم بعدم دستوريتها يترجم بارقة أمل نحو تقرير مسئولية الدولة عن القوانين .

وافتتح هذا القضاء بحكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية عام 1986 ، حيث أقرت تعويض المدعي عن اعتقاله وتعذيبه واعتبرت المحكمة أن الاعتقال قد تم طبقاً لقانون قضي بعدم دستوريته من العناصر المكونة لركن الخطأ ،

وسرعان ما دعمت محكمة القضاء الادارية هذا الاتجاه بإعلانها في حكم صدر في 22 مارس 1978 أن المادة الأولى من القانون 119لسنة 1964 والتي اعتقل المدعي بمقتضاها وقد قضت المحكمة العليا في الطعن رقم 5 لسنة 7 قضائية دستورية بجلسة أول ابريل 1978(2). بعدم دستوريتها فإن مؤدى هذا القضاء لزوما أن أضحى القرار الصادر باعتقال المدعي فاقداً سنده التشريعي موصوماً بعدم المشروعية ، وبالتالي وقع مخالفا للقانون مقيما لركن الخطأ في حق جهة الإدارة (3) .

وتكررت تلك الصيغة في جملة أحكام احدثها الحكم الصادر في 17 يناير 1991 والذي أوضح أن قرار اعتقال المدعي إذ صدر استناداً للمادة الأولى من القانون 119 لسنة 1964 والمقضي بعدم دستوريتها يشكل ركن خطأ في جانب الإدارة.
حقاً أن القضاء السابق لم يتطرق إلى المسئولية عن القوانين بطريق مباشر من ناحية واكتفى بإدخال عدم دستورية القوانين ضمن العناصر المكونة للخطأ ، ومن ناحية أخرى وهو ما يتماشى مع أن النظام القضائي المصري الذي لا يعرف المسئولية عن القوانين (4)،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) د. فتحي فكري ـ مرجع سابق ص 61 ـ مشار إلى هذا الرأي.
(2) المحكمة العليا ـ أول ابريل 1978 ـ المجموعة الرسمية جـ (2) من نوفمبر 1976 حتى تشكيل المحكمة الدستورية العليا ـ ص 146
(3) محكمة القضاء الإدارية في 22 مارس1987 ـ دعوى 2870 لسنة 40ق.
(4) د. حنفي جبالي ـ نائي رئيس المحكمة الدستورية العليا ـ المسئولية عن القوانين ـ رسالة دكتوراه إلى كلية الحقوق ـ جامعة عين شمس ـ 1987 ـ ص483

ومع ذلك يبقى لهذا القضاء أهميته في أنه أخرج إلى دائرة الضوء العلاقة الوثيقة بين تنظيم الرقابة على دستورية القوانين والمسئولية عن التشريعات التي يثبت مجانبتها لأعلى النصوص القانونية مرتبة وهي النصوص الدستورية، واياً ما كان الرأي في القضاء السابق فيرى الباحث مع بعض الفقه(1).أن المسئولية عن القوانين لا يصح أن تقف عند التشريعات المحكوم بعدم دستوريتها فالحاجة لتلك المسئولية كثيرا ما تلح علينا في تشريعات وان طابقت الدستور إلا أنها تضر بطائفة من الافراد على حساب الفئات الأخرى ،

والسبيل لعلاج هذا الوضع لا يمر عبر فكرة الخطأ إنما يتكفل مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة ، وهذا ما استقر عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي.

وقد نادى بعض الفقه(2). بإقرار المسئولية عن القوانين في مصر استنادا إلى مبدأ المخاطر ، وأيده في ذلك البعض الآخر(3) .

ثامناً: بعض الاقتراحات التشريعية لمعالجة تداعيات أحكام المحكمة الدستورية العليا على الحصيلة الضريبية والدعاوي المنظورة أمام المحاكم العادية
أما وقد صدر حكم المحكمة الدستورية العليا على هذا النحو وهو حكم لا رجعة فيه وأن القاضي الدستوري وأعني بذلك قاضي الرقابة على دستورية القوانين الذي هو في ذات الوقت صاحب الكلمة الأعلى والأخيرة في مراعاة الحد المعقول في مراعاة الاعتبارات العملية وأعمل الإرادة الصريحة للمشرع الدستوري فإن على المشرع العادي واجب هام ورئيسي أن يراعي هذه الاعتبارات العملية حرصاً على حقوق الخزانة من جانب ومصلحة الممولين الذين ليس لهم أدنى ذنب في هذا الشأن الدستوري الشائك الذي أوقعنا فيه عدم أخذ المشرع العادي بالأساليب العلمية وعدم احترام النصوص الدستورية ، فلا يجوز لأحد أن يكون للدستور عصياً كما لا يجوز الإخلال باستقلال السلطة القضائية
أو الانتقاص من اختصاص مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية العامة دون غيره بالفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي قاضي القانون العام.

وأن الفقه والقضاء في مصر وفرنسا وأحكام محكمة التنازع الفرنسية تعتبر منازعات الضرائب منازعات إدارية كما أنه لا تردد عندي في المنازعات المتعلقة بالحجز الإداري منازعات إدارية وأن القضاء الإداري أصبح مختصا بها منذ العمل بالمادة 172 من دستور 1971 أما ما جرى عليه قضاء محكمة النقض وظاهر قضاء مجلس الدولة بـأن المحـاكم العـادية تختص بنظر منازعات الحجز الإداري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
([1]) د. فتحي فكرى ـ مرجع سابق ص 63

(2) د. عاطف البنا ـ الوسيط في القضاء الإداري مرجع سابق ص 306

(3) د. جابر جاد نصار ـ مسئولية الدولة عن أعمالها غير التعاقدية ـ 1995 ـ ص46

بناء على أن توقيع الحجز الإداري ليس قراراً ادارياً وأن القواعد العامة تؤدي إلى هذا الاختصاص قياساً على اختصاص هذه المحاكم بالنظر في صحة اجراءات البيوع الجبرية والقضائية(1) .يتضح أن حكم المحكمة الإدارية العليا في سنة 1970 أي قبل العمل بدستور 1971 هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كما سبق القول فإنه لا تردد عندي من أن المنازعات المتعلقة بالحجز الإداري هي منازعات إدارية وأن القضاء الإداري هي منازعات إدارية وأن القضاء الإدارية أصبح مختصا بها طبقا للمادة 172 من دستور 1971 كما أنه لم يعد مشترطا أن تكون المنازعة طعناً في قرار إداري بل يكفي اتصالها بالجهة الإدارية ولو من طريق التبعية كما هو الشأن في الطلبات المتعلقة بالتعويض(2) .
ومراعاة للاعتبارات العملية فيما يلي بعض الاقتراحات التشريعية والإداري لمعالجة تداعيات أحكام المحكمة الدستورية العليا على الحصيلة الضريبية والمنازعات المنظورة أمام المحاكم العادية وفي نفس الوقت توصيات لهذا البحث.
1) أن يصدر قرار بقانون على وجه السرعة لمواجهة احالة الدعاوي الضريبية من القضاء العادي معدلا للقرار بقانون 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة إلى القضاء الإداري.
اقترح أن يكون نصه على النحو التالي:ـ
جميع الدعاوي المنظورة أمام جهات قضائية أخرى أو التي أصبحت بمقتضى هذا القانون أو أحكام المحكمة الدستورية العليا تظل أمام تلك الجهات حتى يتم الفصل فيها نهائيا.

ملحوظة هامة: ذكرت عبارة أو بمقتضى أحكام المحكمة الدستورية العليا لأن من المؤكد أن تصدر أحكام أخرى من المحكمة الدستورية العليا في بقية أنواع الضرائب الأخرى وهي الدمغة والضريبة الجمركية وضريبة الملاهي وضريبة تنمية الموارد المالية وضريبة التسجيل (رسوم الإشهار العقاري) ، وكذا منازعات الحجز الإداري.

وهذا الاقتراح ليس بجديد بل هو ترديد لنص المادة الثانية من قانون اصدار القانون 47 لسنة 1972 والتي تنص على أن جميع الدعاوي المنظورة أمام جهات قضائية أخرى والتي أصبحت بمقتضى هذا القانون من اختصاص مجلس الدولة تظل أمام تلك الجهات حتى يتم الفصل فيها نهائياً هذا النص وضع ضمن مواد اصدار القانون 47 لسنة 1972 الذي قرر الولاية العامة لمجلس الدولة بنظر كافة المنازعات الإدارية وباعتباره قاضي القانون العام وخشية المشرع أن يثقل كاهل هذا المجلس وحتى لا تتراكم الدعاوي أمامه من شأن ذلك يؤدي إلى ركود الدعاوي أمام المجلس قرر أن الدعاوي المنظورة أمام الجهات القضائية الأخرى والتي أصبحت بمقتضى هذا القانون من اختصاص مجلس الدولة تظل منظورة أمام تلك الجهات حتى يتم الفصل فيها نهائياً والذي أضفناه إلى هذا النص (كذلك الدعاوي التي تصبح من اختصاص مجلس الدولة بمقتضى أحكام المحكمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) نقض 22 مارس 1951 ، 27 فبراير 1955ـ الطعن رقم 194 لسنة 19 قضائية ـ المحكمة الإدارية العليا في 30 مايو 1970 ـ السنة 15ق رقم (59) ص 38
(2)د. مصطفى كمال وصفي ـ أصول اجراءات القضاء الإداري طبقاً للقانون 47 لسنة 1972 مطبعة الأمانة ـ الطبعة الثانية ـ 1972 ـ ص 102، 103..
الدستورية العليا) لأنه من ا لمؤكد أنه ستصدر أحكام أخرى من المحكمة الدستورية العليا بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر منازعات ضريبة الدمغة والجمارك والملاهي وتنمية الموارد المالية وضريبة التسجيل وكذا منازعات الحجز الإداري لأن المفروض في أي قانون أن يراعى المشاكل المستقبلية بمعنى لا ينظر إلى الحاضر فقط بل ينظر إلى المستقبل، وكفانا ما حدث ويحدث من الموجة العارمة من التشريعات الضريبية في ضريبة الدخل أن تشريعاً يصدر ولا يكاد يمضي عام أو أقل ويجري تعديله أو الغائه واصدار تشريع جديد.

أما الدعاوي التي ترفع من جانب المصلحة أو الممولين بعد صدور حكمي المحكمة الدستورية العليا المشار إليهما أو التي ستصدر بعد ذلك فترفع أمام القضاء الإداري أي الدعاوي الجديدة ترفع أمام القضاء الإداري بهذا الاقتراح تكون قد نفذنا حكم المحكمة الدستورية وفي نفس الوقت حافظنا على سلامة الدولة التي هي فوق كل اعتبار.

2) وفي حالة عدم الموافقة على هذا الاقتراح يكون من العدل والانصاف أن يصدر قرار بقانون أيضا على وجه السرعة بوقف العمل بالمادة (110) المتعلقة بمقابل التأخير من اليوم التالي لتاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية العليا لفي الجريدة الرسمية إلى تاريخ صدور الحكم بصفة نهائية أو باتة من محكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية العليا.

ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بأن الجزاء المقرر في المادة (172) من القانون 157 لسنة 1981 والتي تقابل المادة (110) من القانون 91 لسنة 2005 يتمثل في تعويض مقدر وفق الأسس التي بينها بقصد حمل الملتزمين بدين الضريبة على الوفاء بها في الآجال المحددة قانوناً ضماناً لحصول الدولة على الموارد اللازمة لمواجهة نفقاتها فلا يعنيها غير استئدائها في المواعيد المقررة لها وكان ايقاع هذا الجزاء غير مرتبط بمهلة جديدة تمنحها الدولة لمدينها بالضريبة لتحصل مقابل هذا الأجل على زيادة في مبلغها بل متوخياً ردع المدين إذا ماطل في ادائها فلا يكون متباطئاً أو متخاذلاً بل مبادراً إلى ايفائها تلافيا للجزاء المقرر للتراخي في دفعها فإن النص المطعون فيه لا يكون منطوياً على ربا المعنى المتقدم يؤيد ذلك أن الجزاء المقرر بهذا النص ليس وليد الإرادة بل يرتد في مصدره المباشر إلى نص القانون باعتباره محدداً في نطاق علائق القانون العام وعلى ضوء قواعد آمره لا يجوز الاتفاق على خلافها لخصائص الضريبة ومقوماتها وقواعد تحصيلها ،
وحيث أن النص المطعون فيه لا يتعارض مع حكم في الدستور من أوجه أخري.

فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى(1)هذا وأن من شروط استحقاق الفوائد التأخيرية وحتى تتحقق مسئولية المدين بوجه عام وفقاً للقواعد العامة يجب أن يكون هناك خطأ من جانب المدين وضرر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) المحكمة الدستورية العليا جلسة 16 نوفمبر 1996 القضية رقم 26 لسنة 16 قضائية دستورية ، نشر في الجريدة الرسمية العدد (47) الصادر 28 نوفمبر سنة 1996.
يلحق الدائن وعلاقة سببية تقوم بين الخطأ والضرر . هذا وأن خطأ المدين يتمثل في أن يتأخر عن الوفاء بالدين فبمجرد التأخر في الوفاء بالمبلغ عن الميعاد المعين هو الخطأ والممول هنا لم يتأخر إذ يفترض ذلك كما عبرت المحكمة الدستورية العليا على النحو السالف الإشارة إليه أن هذا الجزاء لردع المدين إذا ماطل في أدائها فلا يكون متباطئا أو متخاذلا والممول لم يقم بأي من هذه الأفعال بل استعمل حقه القانوني في الطعن أمام القضاء على قرار ربط الضريبة وأثناء نظر طعنه صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر طعنه وجاري إحالة طعنه الى القضاء الإداري وبالتالي تكون المدة من تاريخ الحكم بزاول ولاية القضاء العادي على طعنه وأيلولة هذه الولاية إلى القضاء الإداري إلى أن يتم الفصل في طعنه أمام هذه القضاء بصورة نهائية أو باتة ولا تحسب ضمن مدة استحقاق مقابل التأخير باعتبار أنه لا يمكن نسبة أي خطأ إلى هذا الممول فلم يكن مماطلا أو متباطئا أو متخاذلا في أداء الضريبة بل هو ضحية أو مجني عليه بسبب سوء العملية التشريعية في مصر وعدم معرفة الفرق بين اختصاص القضاء العادي والإداري لكل ما تقدم منفرداً ومجتمعاً فإن قواعد العدل والانصاف تقضي بعدم احتساب المدة السالف الاشارة اليها ضمن مدة التأخير واسقاط هذه المدة من الحساب.

3) ايجاد الوسائل أو الأساليب التي شأنها أن تؤدي إلى استقرار مراكز الممولين على وجه السرعة والتي يتمثل بعضها في اعادة النظر في المنازعات القضائية القائمة بين مصلحة الضرائب والممولين بإصدار قانون بإعادة النظر في كافة المنازعات القائمة بين مصلحة الضرائب والممولين بالنسبة لكافة الدعاوي المتطورة أمام جهات القضاء بما في ذلك محكمة النقض أو الإدارة العليا . ولا يجب القول بإصدار قانون للتصالح لأن مسائل الضرائب من النظام العام ومن ثم لا يجوز اجراء الصلح بشأنها ، فضلاً عن أن المادة (551) من القانون المدني تنص على أنه لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالنظام العام.

وعلى ذلك فإننا نتفق مع استاذنا الدكتور العميد / زكريا محمد بيومي من أن لجنة إعادة النظر لا تجري صلحاً بين مصلحة الضرائب والممولين ذلك أن هذه اللجنة لا تملك اجراءات الصلح لأنه لا يجوز في مجال الضرائب عقد صلح مع الممولين لأن معناه أن تتجاوز المصلحة عما شمله الصلح من الضريبة ولا جدال أنها لا تملك ذلك لأن الأمر يتعلق بحق الخزانة(1)

كما يرى ايضا السيد المستشار نائب رئيس محكمة النقض الأسبق ورئيس دائرة الضرائب بالمحكمة المذكورة أن ما تجريه لجان التصالح لا يعدو أن يكون مجرد اعادة تحديد مصلحة الضرائب لوعاء الضريبة للممول إلى الحد الذي يراه مناسبا له أو هو تحديد وعاء الضريبة على اساس جديد يرتضيه الطرفان(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
([1]) د. ذكريا محمد بيومي ـ الطعون القضائية في ربط الضرائب على الدخل ـ ص 327

(2) د. محمد رفعت عبد المجيد ـ مجلة محكمة النقض العدد الأول ـ يونيو 2006 ـ ص 39.
4) ثم نحلق في سماء الأمل طامعين أن يهب المشرع ليضع تشريعاً للإجراءات الضريبية يراعي فيه الاعتبارات الآتية:ـ
أ ـ أن يحقق هذا القانون الاجرائي مصالح كافة أطراف التعامل الضريبي (الممول ـ الإدارة الضريبية ).

ب ـ حسم مشكلة تحديد مصادر القواعد الإجرائية في المجال الضريبي .

جـ ـ التكامل والتنسيق بين المرحلة الإدارية للطعون في ربط الضريبة والمرحلة القضائية لهذه الطعون.

د ـ أن يحقق هذا القانون منطق الضمان والأمن القانوني لطرفي المنازعة الضريبية.

هـ ـ اعادة النظر في التقيد كأصل عام بالقوانين الإجرائية الأخرى.
ما سبق ذكره من اعتبارات دافعة إلى وضع القانون الضريبي الاجرائي بشقيه القضائي وغير القضائي وبصورة منفصلة ومستقلة عن القوانين الإجرائية المدنية والجنائية.
هذا الاقتراح سيساهم في تدفق الحصيلة الضريبية إلى الخزانة العامة حيث تمثل الضرائب 70% من موارد الموازنة العامة للدولة وفي نفس الوقت سيلقي قبولاً حسناً من الممولين(1).
5) أما وقد صدر حكم المحكمة الدستورية العليا السابق الاشارة إليه بأن القضاء الإداري هو القضاء المختص بنظر منازعات ضرائب الدخل فإنه وفقاً للقانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية في الباب الرابع منه تحت عنوان تدخل النيابة العامة وأن المادة (88) من القانون المشار اليه قد ورد بالبند الثالث منها فيما عدا الدعاوي المستعجلة يجب على النيابة العامة أن تتدخل في الحالات الآتية وإلا كان الحكم باطلا.
1- ...............................
2- ..............................
3- كل حالة أخرى ينص القانون على وجوب تدخلها فيها.
هذا وقد نصت المادة (125) من القانون 91 لسنة 2005 على أن الدعاوي التي ترفع من الممول أو عليه يجوز نظرها في جلسة سرية ويكون الحكم فيها دائماً على وجه السرعة على أنتكون النيابة العامة ممثلة في الدعوى يعاونها في ذلك مندوب من المصلحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) ولمزيد من التفصيل في هذا الشأن انظر مدى التعارض من ذاتية المنازعة الضريبية وأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية وحتمية وجود القانون الاجرائي الضريبي الموحد والمتكامل في مصر بحث مقدم من الدكتور/ محمد محمد عمران المستشار القانوني بمكتب مصطفى شوقي وشركاه لمؤتمر جمعية المالية العامة والضرائب بجامعة عين شمس سنة 2014.
ومما تقدم يتضح أن المادة (125) من قانون الضرائب على الدخل أوجبت تمثيل النيابة العامة في الدعاوي الضريبية ، وكذا مندوب المصلحة ، كما أن المادة (88) قد نصت على حالات التدخل الوجوبي للنيابة العامة في الدعاوي في حالة وجود نص قانوني يوجب تدخلها وأن عدم تدخل النيابة العامة مع وجوبه بأمر المشرع يرتب بطلان الحكم وأن هذا البطلان متعلق بالنظام العام.
وقد رأي المشرع أن المنازعات الضريبية ما قد يمس مصالح جديرة بحمايته فأوجب الاستعانة بالنيابة العامة في هذه القضايا حتى لا يحرم القضاء من عون ضروري وحري بالبيان أن تدخل النيابة العامة في الأحوال المتقدمة يكون أمام جميع درجات التقاضي ويترتب على عدم تمثيل النيابة العامة بطلان الحكم.
والحكمة من تمثيل النيابة العامة في الدعاوي الضريبية هو توفير طرق الوصول إلى تحقيق العدالة بقدر الامكان فيما يرفع إلى المحاكم من الدعاوي الخاصة بالطعن في التقدير ،
على أن القانون ، وإن أوجب أنتكون النيابة العامة ممثلة في دعاوي الضرائب إلا أنه لم يستلزم ابداء رأيها في النزاع.
(نقض 28/2/1968 ـ س19 ـ ص390 ـ 23/2/1972 ـ س23 ـ ص22).
واغفال تمثيل النيابة العامة يترتب عليه بطلان الأحكام الصادرة فيها وهو بطلان متعلق بالنظام العام يجوز التمسك به لأول مرة ولو أمام محكمة النقض حتى ولو كان الطاعن لم يسبق له التمسك به أمام محكمة الموضوع.
(نقض 21/12/1966 ـ مجموعة أحكام النقض في الضرائب والرسوم حتى يونيو 1970 ـ بند 657 ـ ص335) ،
ومن ثم إذا خلت محاضر جلسات محكمة الاستئناف والحكم المطعون فيه مما يفيد تمثيل النيابة العامة يترتب عليه بطلان الحكم.
(نقض 4/3/1980 ـ الطعن رقم 755 ـ س 44 لم ينشر)
على أنه لا يبطل اجراءات المحكمة ويعيب الحكم الصادر فيها في نزاع ناشئ عن تطبيق قانون الضرائب عدم ذكر اسم وكيل النيابة سهوا في أحد محاضر الجلسات متى كان الثابت أن النيابة العامة كانت ممثلة في تلك الجلسة وأن محاضر الجلسات التالية والحكم ومحضر جلسته قد تضمنت جميعاً ذكراً اسم وكيل النيابة الذي كان حاضراً في الدعوى .
(نقض 26/2/1953 ـ مجموعة مبادئ النقض الضريبية(2) .
ولما كان قانون مجلس الدولة السالف الاشارة اليه قد خلا من أي اشارة لتدخل النيابة العامة في الدعاوي التي ينظرها لذلك يتعين أن يتضمن قانون الاجراءات الضريبية نص يسمح بهذا الأمر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. ذكريا محمد بيومي ـ المنازعات الضريبية فلي ربط وتحصيل الضرائب ـ مطبعة جامعة القاهرة ـ 1990ص281ـ 282.
6) التوسع في انشاء دوائر لمحكمة القضاء الاداري بمعنى أن تكون هناك دائرة على الأقل لمحكمة القضاء الإداري في كل عاصمة من عواصم محافظات الجمهورية ،
حيث أنه وفقاً للمادة الثالثة من قانون مجلس الدولة يؤلف القسم القضائي من :
أ ـ المحكمة الإدارية العليا.
ب ـ محكمة القضاء الإداري.
جـ ـ المحاكم الإدارية.
د ـ المحاكم التأديبية.
هـ ـ هيئة مفوضي الدولة.

والذى يعنينا في هذا الأمر هو محكمة القضاء الإداري باعتبارها ستكون المحكمة المختصة بنظر منازعات الضرائب ، حيث تختص هذه المحكمة باعتبارها محكمة أول درجة بنظر المنازعات الادارية عدا ما تختص به المحاكم الادارية والمحاكم التأديبية أي أنها صاحبة الاختصاص العام في المنازعات الادارية كما تختص ايضاً بصفتها محكمة ثانى درجة بنظر الطعون التي ترفع إليها من أحكام المحاكم الادارية وذلك على النحو الوارد في المادة رقم 13 من القانون السالف الاشارة اليه.
ويكون مقر محكمة القضاء الإداري مدينة القاهرة ويرأسها نائب رئيس مجلس الدولة لهذه المحكمة وتصدر احكامها من دوائر تشكل كل منها من ثلاثة مستشارين ويجوز بقرار من رئيس مجلس الدولة انشاء دوائر لمحكمة القضاء الإداري في المحافظات الأخرى (مادة رقم 4 من القانون المشار إليه) ، في العام 2000/2001 تم توزيع دوائر محكمة القضاء الإداري بالقاهرة والمحافظات على النحو التالي:ـ

أ ـ دوائر محكمة القضاء الإداري بالقاهرة يبلغ عددها تسع دوائر

ب ـ دوائر محكمة القضاء الإداري بالأقاليم وتوزع على النحو التالي:ـ

دائرتان في كل من الاسكندرية والمنصورة واسيوط دائرة واحدة في كل من طنطا والقليوبية والمنوفية والاسماعيلية وكفر الشيخ والشرقية وقنا ، هذا العدد من الدوائر في هذه المحافظات فقط لا يتناسب مع اختصاص القضاء الاداري بنظر منازعات الضرائب ، حيث أنه في ظل وجود هذه المنازعات في ولاية القضاء العادي كان يوجد محكمة ابتدائية في كل عاصمة محافظة من محافظات مصر الأمر الذي يتعين معه في ظل الوضع الحالي أن يكون في كل عاصمة محافظة دائرة على الأقل من دوائر محكمة القضاء الاداري هذا الأمر سيساهم بنصيب كبير في أداء العدالة وبأيسر السبل الحصول عليها ذلك أن قرب المحاكم من المتقاضين يجنبهم مشقة الانتقال وضياع الوقت والمال بحثا عن العدالة ، كما أن تعدد دوائر محكمة القضاء الإداري في المحافظات لا بد أن يجاري التطورات التي يشهدها المجتمع ممثلة في نمو سكاني يتجاوز المليون مواطن كل عام ومتغيرات اقتصادية واجتماعية ترتب عليها زيادة مضطردة في المنازعات الضريبية التي ينتهي أمرها إلى المحاكم كما أن قلة عدد دوائر محكمة القضاء الاداري يتصادم مع الالتزام الدستوري الذي يفرضه نص المادة (97) من الدستور الحالي بكفالة الحق لكل شخص في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي والذي يقتضي أن يوفر لكل فرد نفاذاً ميسر اليه.Le droit dácces aux tribinolوإزالة العوائق خاصة الإجرائية منها التي تحول دون حصوله على الترضية القضائية التي يطلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التي يدعيها.
وتطبيقاً لذلك جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن حق التقاضي يفترض ابتداءً وبداهة تمكين كل متقاض من النفاذ إلى القضاء نفاذاً ميسر لا تثقله أعباء مالية ولا تحول بينه عوائق اجرائية وكان هذا النفاذ بما يمنعه من حق كل شخص من الالتجاء إلى القضاء وأن أبوابه غير موصدة في وجه من يلوذ بها وأن الطريق إليها معبداً قانوناً.
(حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 81 لسنة 19ق دستوري جلسة 6/2/1999).

7) يجب أن تتعدد درجات القضاء الإداري بحيث يصبح التقاضي أمام القضاء الإداري على درجتين وليس على درجة واحدة ، كما هو عليه الحال الآن فمن المعروف أن قضايا الضرائب من الكثرة والتشعب والدقة ، بحيث يتعذر على محكمة القضاء الاداري أو الدوائر التي ستنشأ لها في المحافظات النظر فيها دون أن ترهق ارهاقاً شديداً ، كما أن صالح المتقاضين في قضايا الضرائب التي أصبح الاختصاص بنظر منازعاتهم أمام القضاء الإداري وفقاً لحكم المحكمة الدستورية العليا السالف الإشارة اليه أن يستمر الحال على ما هو عليه امام القضاء العادي وذلك لتعدد درجات محاكم القضاء العادي بما يزيد من ضمانات المتقاضين ، فمثلا يتم الطعن على تقديرات مأمورية الضرائب أمام لجنة الطعن وتعتبر هذه اللجنة أولى مراحل التقاضي ويمكن في قراراتها أمام المحكمة الابتدائية ويمكن الطعن على حكم المحكة الابتدائية أمام محكمة الاستئناف ويمكن ايضا الطعن على حكم محكمة الاستئناف أمام محكمة النقض ، وبهذا التعدد في درجات التقاضي نضمن عدالة الأحكام ذلك أن التقاضي على درجتين يقتضي مراجعة الحكم من أكثر من محكمة بقصد تلافي ما قد يصيبه من أخطاء تؤثر في صحته ، وفي تحقيقه للعدل حيث القاضي بشر غير معصوم من الخطأ وأن فهم الأمور وتقديرها مما يقع فيه الخلاف تبعاً لاختلاف قدرات كل فرد.

كما أن تعدد درجات التقاضي من شأنه أن يؤدي إلى تدارك ما فات المتقاضين من دفاع وأدلة ووسائل دفاع أمام محكمة أول درجة وهو ما يساهم في بيان حقيقة الواقعة المعروضة على المحكمة ويحقق العدل بشكل أفضل.

ويلاحظ أنه إذا تعددت درجات القضاء الإداري من ناحية واصبح لمحكمة القضاء الإداري دوائر في كافة عواصم محافظات مصر فإن في ذلك ما يؤدي إلى قرب هذا القضاء من المتقاضين ومنع ما قد يلاقون من عنت ونفقات بل أن قرب القضاء من ناحية أخرى ، فمن المعروف أن الفصل في قضاء الضرائب كثيراً ما يستلزم إلماماً وافيا بالظروف المحلية وادراكاً للعرف الجاري في كل منطقة حتى لينص المشرع الضريبي نفسه احيانا على وجوب مراعاة تلك الظروف أو هذا العرف عند تطبيق قوانين الضرائب ، وفي ذلك كله ما يدعو إلى تحبيز
أو تفضيل تعدد درجات القضاء المختص بنظر منازعات الضرائب ، كما أنه لا يجب الإقلال من الضمانات القضائية التي كان يتمتع بها الممولين أمام القضاء العادي بل يتعين زيادتها أمام القضاء الاداري باعتباره قضاء مشروعية .


كما لا يفوتني أن أنوه إلى وجوب الأخذ بنظام تخصص القضاء ، حيث يساعد هذا التخصص على سرعة الفصل في القضايا لما يحققه من حسن اتقان العمل واكتساب المهارة والخبرة في مجال التخصص على عدة مستويات .

8) يكون من حق السادة ممولي الضريبة العامة على المبيعات ، وكذا ضريبة الدخل رفع دعوى تعويض على الدولة باعتبارها مسئولة عن أعمال السلطة التشريعية نتيجة الأضرار التي سببتها بعض نصوص القوانين المشار واليها والتي قضي بعدم دستوريتها على أساس مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة حيث أضرت نصوص القوانين السالف الإشارة إليها بحقوق هؤلاء الممولين وكبدتهم تضحيات مالية تفوق التضحيات التي يتحملها غيرهم من المواطنين وهذا يعد اخلال بمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة .

9) وأخـيراً وليس آخراً لماذا لا يتم احترام النصوص الدستورية الواردة في دستور 1971 ، 2012 ، 2014 التي حرصت جميعها على المحافظة على استقلال مجلس الدولة ، وأن دستور 2012 والدستور الحالي 2014 زاد من دعم اختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعات الإدارية على النحو السالف الاشارة إليه تفصيلا ، والقاعدة الاصولية في هذا الشأن هو احترام النصوص الدستورية ، فلا يجوز لأحد أن يكون للدستور عصياً ، كما لا يجوز الاخلال باستقلال السلطة القضائية والانتقاص من اختصاص مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية العامة دون غيره بالفصل في كافة المنازعات الإدارية ، وقاضيها الطبيعي قاضي المشروعية وقاضي القانون العام ، وأن الفقه والقضاء في مصر وفرنسا وأحكام محكمة التنازع الفرنسية وقضاء المحكمة الدستورية العليا في مصر تعتبر منازعات الضرائب منازعات ادارية ، كما أنه لا تردد عندي أن المنازعات المتعلقة بالحجز الإداري منازعات ادارية وقد اصبحت منازعات الضرائب المباشرة (الأطيان الزراعية ـ والعقارات المبنية ـ والدخل ) من اختصاص القضاء الادراي ،

أما الضرائب الغير مباشرة فإنه وفقاً لحكم المحكمة الدستورية العليا السالف الاشارة اليه أصبحت منازعات الضريبة العامة على المبيعات من اختصاص القضاء الاداري ، وقد ذكرنا أنه من المؤكد أن تصدر احكام اخرى من المحكمة الدستورية العليا بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر منازعات ضريبة الدمغة والضريبة الجمركية وضريبة الملاهي وضريبة تنمية الموارد المالية وضريبة التسجيل (رسوم الاشهار العقاري) وكذا منازعات الحجز الإداري.

ومن هنا نستطيع القول بأنه يجب أنيتم تعديل قوانين بقية أنواع الضرائب الأخرى ليكون الاختصاص بنظر منازعاتها أمام القضاء الإداري وكذا منازعات الحجز الإداري وذلك احتراماً لأحكام الدستور الذي لا يجب أن يكون أحداً عصياً لأحكامه .

إن الممولين في أي مجتمع متحضر إذا أمنت ضمائرهم بعدالة أحكام الموضوعية للضريبة والقواعد الإجرائية السليمة التي بمقتضاها يتم تحصيل هذه الضريبة استطاعوا الاطمئنان في علاقاتهم بالسلطة الضريبية إلى أنهم يعيشون في دول محفوظة كراماتهم ومحمية عندها حقوقهم إن لم ترعاه لهم الإدارة الضريبية نفسها تكفل لهم قضائها بذلك ، وهذه غاية ما يتطلع إليه الممولين في المجتمعات الحديثة المعاصرة.

هذا الأمر من شأنه اعادة الروح إلى النصوص الموضوعية إذا ما افتقدتها والقوة في دفع مفهوم العدالة الضريبية إذا جمدت النصوص الضريبية عن تبيانها والقدرة على ابداع القواعد الملزمة عند تغيب النصوص نفسها.

لكل ما تقدم منفرداً ومجتمعاً يحق للسادة الممولين رفع دعاوى تعويض على الدولة باعتبارها مسئولة عن أعمال السلطة التشريعية نتيجة للأضرار التي سببتها لهم بعض نصوص ضرائب الدخل والضريبة العامة على المبيعات على النحو السالف الاشارة إليه تفصيلا.

وفي النهاية أرجو أن يكون قد صادفني التوفيق في معالجة بعض أمور هذا البحث ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، وأن يساهم في إعلاء صرح الوطن، إنه سبحانه وتعالى على ما يشاء قدير .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الدكتور محمد محمد عمران
المستشار القانوني
بمكتب MAZARSمصطفى شوقي



([1]) المستشار / ممدوح مصطفى حسن ـ تقديم مجموعة الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية العليا من يناير 1987 حتى آخر يونيو 1991 ـ الجزء الرابع ص5.
__________________
Ali Ahmed Ali
على أحمد على غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-29-2015, 06:13 PM
  #2
sultanaccount
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
العمر: 68
المشاركات: 2,263
افتراضي رد: تداعيات أحكام المحكمة الدستورية العليا على الحصيلة الضريبية والدعاوي المنظورة أم

دائما سباق للخير علي باشا جزاك الله خيرا
sultanaccount غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:17 PM