الفصل الثاني
مشاكل المحاسبه عن الأصول غير الملموسه
وموقف المعايير المحاسبيه
تناول الباحث في الفصل السابق مدى التحول في عوامل تحقيق الثروه والدخل لمنشآت الأعمال من العوامل الماديه في ظل الاقتصاد الصناعي إلى العوامل غير الملموسه في ظل الاقتصاد الجديد، ومدى قصور النموذج المحاسبي في الاستجابة لهذا التحول، واهم تعريفات وتصنيفات الأصول غير الملموسه التي قسمها الباحث إلى نوعين أساسين هما الأصول غير الملموسه المقتناه من الغير من خلال عمليات الدمج والاستحواذ والتي يتم الاعتراف بها في القوائم الماليه، والأصول غير الملموسه المطوره داخلياً والتي يطلق عليها أصول رأس المال الفكري والتي لا يتم الاعتراف بها في القوائم الماليه.
ويتناول الباحث في هذا الفصل بالشرح والتحليل القياس والإفصاح المحاسبي عن الأصول غير الملموسه وفقاً للمعايير المحاسبيه الصادره عن المنظمات المهنيه مستهلاً ذلك بتحديد مشاكل ومعوقات الاعتراف المحاسبي بالأصول غير الملموسه المطوره داخلياً ومداخل قياس قيمتها وذلك على أساس أنه لا توجد مشكلة في الاعتراف بالأصول غير الملموسه المقتناه من الغير وفقاً للمعايير المحاسبيه، على أن ينتهي هذا الفصل بإجراء دراسة مقارنه للمعايير المحاسبيه المتعلقه بالأصول غير الملموسه بهدف تحديد نواحي القصور فيها ومدى الحاجة إلى تعديل المعالجه المحاسبيه التي وردت في تلك المعايير بما يؤدي إلى تحسين فعالية التقارير الماليه وذلك من خلال المباحث الثلاثة التالية :-
المبحث الأول : مشاكل ومعوقات القياس والإفصاح عن الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً.
المبحث الثاني : مداخل قياس الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً.
المبحث الثالث:دراسه مقارنه للمعايير المحاسبيه المتعلقه بالأصول غير الملموسه.
المبحث الأول
مشاكل ومعوقات القياس والإفصاح المحاسبي عن الأصول غير الملموسه
المطوره داخلياً (رأس المال الفكري)
إن التغيرات في بيئة الأعمال الحديثة وما ترتب عليها من زيادة أهمية العوامل غير الملموسه كأحد المسببات الرئيسية لتحقيق الثروه والدخل على كل من مستوى الاقتصاد الكلي والجزئي يثير الكثير من التساؤلات حول مدى ملاءمة الإطار المفاهيمي Conceptual Framework للمحاسبه الماليه للقياس والإفصاح المحاسبي عن تلك العوامل وخاصة في ضوء أن هذا الإطار قد تم تطويره خلال الفتره من أواخر السبعينات وحتى منتصف الثمانينات من القرن الماضي، تلك الفتره التي كانت فيها العوامل الماديه تلعب الدور الأساسي في تحقيق الثروه والدخل ولم تكن المعرفة ومهارات وكفاءات العاملين والابتكارات والاختراعات وغيرها من العوامل غير الملموسه المطوره داخلياً قد اكتسبت الأهميه القصوى التي اكتسبتها في ظل بيئة الأعمال اليوم.
إن الأخذ في الاعتبار لحقيقة التغيرات السابقه يدفع الباحث لدراسة عناصر الإطار المفاهيمي للمحاسبه الماليه لتحديد مدى ملاءمتها للمحاسبه عن تلك التغيرات وخاصة في ضوء أن هذا الإطار يمثل الأساس الذي تستند إليه المنظمات المهنيه في إصدار المعايير المحاسبيه المختلفة، ويتناول الباحث من خلال هذا المبحث أهداف التقارير الماليه ومفهوم الأصول ومعايير وشروط الاعتراف المحدده من خلال هذا الإطار بالشرح والتحليل لتحديد مدى ملاءمتها للقياس والإفصاح المحاسبى عن الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً كأحد مداخل ذيادة فعالية التقارير الماليه.
أولاً : أهداف التقارير الماليه :
وفقاً للإطار المفاهيمي للمحاسبة الماليه الصادر عن مجلس معايير المحاسبه الماليه (FASB) في بيان المفاهيم رقم (1) بعنوان أهداف التقارير الماليه لمنشآت الأعمالObjective of Financial Reporting by Business Enterprise"" فإن التقارير الماليه لها ثلاثة أهداف رئيسيه تتمثل في الآتي ([1]):
1- توفير معلومات مفيده للمستثمرين الحالين والمرتقبين والدائنين وغيرهم من المستخدمين تساعدهم على اتخاذ قرارات رشيده.
2- توفير معلومات مفيده للمستثمرين والدائنين وغيرهم من المستخدمين تساعدهم في تقدير مبلغ وتوقيت وعدم التأكد المحيط بالتدفقات النقديه.
3- توفير معلومات عن الموارد الاقتصاديه المتاحة للمنشأه والمطالبات المتعلقه بها وأثر الأحداث والعمليات والظروف على تغيير هذه الموارد والمطالبات
المتعلقه بها.
وبتحليل الأهداف السابقه نجد أنها بدأت بهدف عام هو توفير المعلومات المفيدة للمستثمرين والمستخدمين التي تساعدهم على اتخاذ القرارات ثم انتقلت إلى أهداف أكثر تفصيلاً حول طبيعة تلك المعلومات المفيدة والمتمثلة في المعلومات عن التدفقات النقديه والموارد الاقتصاديه المتاحة للمنشأة والتي تتحقق من خلالها تلك التدفقات، وهي المعلومات الأكثر أهمية للمستثمرين والمقرضين .
ويرى البعض أن الأهداف السابقه تركز في النهاية على موضوع الثروه، فكلاً من المستثمرين والمقرضين يرغبون في تعظيم ثرواتهم من خلال قراراتهم المتعلقه بالاستثمار في المنشأه أو إقراضها الأموال التي تحتاج إليها، وكذلك الحال فإن إدارة المنشأه ترغب في تعظيم ثروة المنشأه وذلك بمتابعة المعلومات المتعلقه بالموارد الاقتصاديه المتاحه ومدى مساهمتها في تحقيق التدفقات النقديه المتوقعه، تلك المعلومات التي تساعد المستخدمين من الداخل والخارج في اتخاذ القرارات ([2]).
ويرى البعض الآخرأن الهدف الأخير من أهداف التقارير الماليه هو الأكثر ارتباطاً وملاءمة لموضوع القياس والإ فصاح المحاسبى عن الأصول غير الملموسه.([3])
ويرى الباحثإنه لا يوجد تعارض بين أهداف التقارير الماليه وبين القياس والإفصاح المحاسبىعن الأصول غير الملموسه حيث أن تلك الأصول تمثل أحد أهم الموارد الاقتصاديه المتاحه للمنشأه والتي تساهم بشكل فعال في تحقيق التدفقات النقديه بما توفره لمنشآت الأعمال من ميزات تنافسية يصعب على الغير تقليدها، لذلك فإن توفير المعلومات المتعلقه بها يعتبر أحد الضرورات الملحة في ظل متغيرات بيئة الأعمال الحديثة وذلك لمساعدة المستخدمين على تقييم قدره المنشأه على تحقيق تدفقات نقديه موجبه، وبالرغم من ذلك فإن المعايير المحاسبيه لا تعترف إلا بالأصول غير الملموسه المشتراه من الغير ولا تسمح بالاعتراف بالأصول غير الملموسه المطوره داخلياً الأمر الذي يعد تناقض واضح بين أهداف التقارير الماليه ومدى قدرتها على تحقيق تلك الأهداف, ولحل هذه الإشكاليه لابد وأن تحتوي التقارير الماليه على كافة المعلومات المفيدة عن الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً سواء كان ذلك في صلب القوائم الماليه أو في ملحقاتها وسواء كانت هذه المعلومات كميه أو وصفيه.
ثانياً : تعريف الأصـول :
عرف مجلس معايير المحاسبه الماليه(FASB)الأصول في بيان المفاهيم
رقم (6) بعنوان " عناصر القوائم الماليه " " Elements of Financial Statements بأنها " منافع اقتصاديه مستقبليه محتمله تمت السيطرة عليها بواسطة وحدة معينة كنتيجة لأحداث أو عمليات تمت في الماضي " واشار المجلس إلى أن هناك ثلاث خصائص أساسيه يجب توافرها في أي أصل هى([4]):
أ- أن يتضمن الأصل منافع مستقبليه محتمله، بمعنى أن يكون له القدره بمفرده أو بالتضافر مع غيره من الأصول بصورة مباشره أو غير مباشره في تحقيق صافي تدفقات نقديه موجبة للمنشأه.
ب- قدره المنشأه على الحصول على المنافع المتولده من الأصلوالسيطرة عليها والتحكم فيها.
ج- أن تكون قدره المنشأه على التحكم في المنافع المستقبليه للأصل قد نتجت عن أحداث وعمليات تمت في الماضي.
وأشار المجلس إلى أن هناك خصائص ثانويه للأصل غياب إحداها لا يؤثر على الاعتراف به وتتمثل فى الآتى :
(1) تحمل الوحده تكلفه أو تضحيه اقتصاديه مقابل الحصول على الأصل.
(2) قانونية الامتلاك أو الحيازه.
(3) قابلية الأصل للتداول أو التصرف فيه بأي صورة.
ولقد أوضح المجلس أن كلمة محتمله Probable تشير إلى أنه لا يوجد شيء مؤكد على أنه أصل بنسبة 100%، فهذا المصطلح يستخدم ليشير إلى عدم التأكد المحيط بتدفق المنافع الاقتصاديه المستقبليه للمنشأه ([5])، ووفقاً للـ FASB فإن أحد مشاكل الإطار الفكري الحالي والتي تحتاج إلى حل لعلاج أوجه النقد الموجه له تتمثل في استخدام مصطلح المحتمله في تعريف كلاً من الأصول والخصوم ([6]).
كماعرفت لجنة معايير المحاسبه الدولية (IASC) الأصول في الإطار المفاهيمي المتعلق بإعداد وعرض القوائم الماليه بأنها " موارد تمت السيطره عليها بواسطة المنشأه نتيجة أحداث ماضيه، ومن المتوقع أن تتدفق منافعها الاقتصاديه إلى المنشأه فى المستقبل " ([7]).
وأوضحت اللجنة أن المنافع الاقتصاديه للأصل يمكن أن تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تحقيق التدفقات النقديه، ويمكن أن تتدفق هذه المنافع للمنشأه بأكثر من طريقه كأن يتم استخدام الأصل في إنتاج السلع والخدمات أو يتم مبادلته مع الآخرين أو يستخدم في سداد الديون([8]) .
وبتحليل تعريف الأصول الوارد في الإطار المفاهيمي الصادر عن مجلس معايير المحاسبه الماليه FASB في عام 1985 وكذلك التعريف الوارد فى الإطار المفاهيمى الصادر عن لجنة معايير المحاسبه الدولية IASC فى عام 1989، نجد أن هناك اتفاق على أن الأصول تمثل موارد اقتصاديه من المتوقع أن تتدفق منافعها إلى المنشأه في المستقبل، وأن كلا الجهتين قد أخذت بمدخل الأحداث والعمليات التبادليه في تحديد مفهوم الأصول إضافة إلى الأخذ بفكرة السيطرة القانونية على المورد الاقتصادي حتى يتم الاعتراف به على أنه أصل، وهو ما قد يعوق الاعتراف بالأصول غير الملموسه المطوره داخلياً على أساس أنها لم تنتج عن عمليات تبادليه وبالتالي يصعب تحديد قيمتها بدقه وموثوقيه كافيه استناداً إلى تكلفة اقتناؤها .
ويرى الباحث أن تطبيق مدخل المنفعه الاقتصاديه للاصول كبديل عن مدخل العمليات كأساس للاعتراف المحاسبى بها فى القوائم الماليه يمكن أن يساعد في الاعتراف بالأصول غير الملموسه المطوره داخلياٌ.
ويؤكد Nasha على أهمية المنفعة الاقتصاديه للأصل كأساس للاعتراف به في القوائم الماليه، حيث يعرف الأصل بأنه " القيمه الحاليه لكل التدفقات النقديه المستقبليه المتوقع تدفقها للمنشأة " ويعبر هذا التعريف عن وجهة نظر Nasha في معالجة أوجه قصور النموذج المحاسبى الحالي القائم على مبدأ التكلفه التاريخيه ومدخل العمليات في الاعتراف ببنود وعناصر القوائم الماليه " ([9]).
ويرى الباحث أن هذا التعريف يتلاءم مع أساس القياس الجديد الذي بدأ مجلس معايير المحاسبه الماليه FASB ([10]) في الأخذ به في بيان المفاهيم رقم (7) بعنوان استخدام معلومات التدفقات النقديه والقيمة الحاليه في القياس المحاسبي" Using Cash Flow Information and Present Value in Accounting Measurement" .
ويقترح الباحث أن يتم تعديل تعريف الأصول لاستيعاب الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً حيث يمكن تعريفهاعلى أنها عباره عن "المنافع الاقتصاديه المستقبليه التي من المتوقع أن تحصل عليها الوحدة نتيجة العمليات التبادليه أو التطويريه التي تمت في الماضي "
ويقترح الباحث أيضاً أن تقتصر الخصائص الأساسيه التي يجب توافرها في البند لكي يتم الاعتراف به على أنه أصل على الأتى :
1- احتمال تدفق منافعه المستقبليه للمنشأة.
2- إمكانية قياس تلك المنافع بشيء من الموثوقيه.
أما عن خاصية القدره على السيطره أو التحكم فى المنافع المتولده عن تلك الأصول فيرى الباحث أنها تتحقق في ضوء ما توفره قوانين حماية الملكيه الفكريه من حماية لبعض أنواع هذه الأصول مثل براءات الاختراع وأسرار العمل والعلامات التجارية وغيرها، وفي ضوء أن المنشأه هي التى ستستفيد من المنافع الاقتصاديه المتولده عن استثماراتها المرتبطه بتطوير وتنمية والمحافظه على عناصر الأصول غير الملموسه الأخرى والتى لا تتوافر لها الحماية القانونيه.
ثالثاً : معايير وشروط الاعتراف ببنود أو عناصر القوائم الماليه :-
وفقاً لبيان المفاهيم رقم (5) الصادر عن الـ FASB بعنوان([11]) الاعتراف والقياس في القوائم الماليه لمنشآت الأعمال" Recognition and Measurement in Financial Statements of Business Enterprises " فهناك أربعة شروط أساسية يجب توافرها في أي بند أو عنصر حتى يتم الاعتراف به وإثباته في القوائم الماليه وتتمثل هذه الشروط في الآتــي :-
(1) التعريف
Definition : يعني أنه يجب أن ينطبق على البند تعريف أحد عناصر القوائم الماليه حتى يتم الاعتراف به، أي يجب أن ينطبق على الموارد تعريف الأصول وعلى الالتزامات تعريف الخصوم وهكذا.
(2) القابليه للقياس
Measurability :
ويعني ذلك أن يكون للبند خصائص ملائمه قابله للقياس بموثوقيه كافيه، بمعنى أن تكون الخاصيه قابله للقياس الكمي باستخدام وحدة النقد على أن يتسم هذا القياس بالملاءمه والموثوقيه.
وأشار المجلس إلى أنه يوجد خمسة أساليب للقياس الكمي النقدي يمكن استخدام أحداها في قياس خصائص ومفردات القوائم الماليه هي :
أ- التكلفه التاريخيه : التي تحملتها المنشأه للحصول على الأصل في تاريخ اقتناؤه.
ب- التكلفه الجاريه أو الاستبداليه : وتتمثل فيما يمكن أن تتحمله المنشأه من نقديه في حالة إعادة شراء ما تمتلكه من أصول.
ج- القيمة السوقيه الجاريه : وتمثل ذلك القدر من النقديه التي يمكن الحصول عليه في حالة بيع الأصول.
د- صافي القيمه البيعيه : وتتمثل في النقديه الصافيه التي ينتظر الحصول عليها بعد خصم التكاليف في حالة بيع الأصل.
هـ- القيمه الحاليه للتدفقات النقديه المتوقعه : وتمثل التدفقات النقديه المتوقع الحصول عليها بعد خصمها بمعدل الفائده السائد في السوق في تاريخ الحصول على الأصل.
(3) الملاءمه
Relevance :
وتعني أن تكون المعلومات المتعلقه بالأصل لها القدره على إحداث تغيير في قرارات المستخدمين، ولكي تتسم المعلومات بالملاءمه لابد وأن يتوافر لها خاصيتين رئيسيتين هما :
أ- أن يكون لها قدره تنبؤيه أو أن يكون لها قدره على تقييم التوقعات السابقه أو قدره على التقييم الارتدادي للقرارات السابقه
Feedback Value أو كلاهما معاً.
ب- يجب توفيرها للمستخدمين في الوقت المناسب وهو ما يعرف بالوقتيه أو الزمنيه Timeliness.
(4) إمكانية الاعتماد أو الموثوقيه
Reliability :
لكي تكون المعلومات موثوقه فلابد وأن تتسم تلك المعلومات بصدق التمثيل Representational Faithfulness وإمكانية التحقق Variability والحيادية Neutrality، ويشير الـ FASB إلى أن إمكانية الاعتماد أو الموثوقيه قد تؤثر على توقيت الاعتراف بالبند أو العنصر، فقد ينطبق على البند أحد تعريفات عناصر القوائم الماليه وعلى الرغم من ذلك لا يتم الاعتراف به أو يؤجل الاعتراف به نظراً لدرجة عدم التأكد المرتفعه المحيطه به وبالتالي لا يمكن الاعتماد على المعلومات المتعلقه بهذا البند.
هذا ويجب الأخذ في الاعتبار أن المعايير الأربعه السابقه تخضع بشكل عام لاعتبارات التكلفه والعائد والأهميه النسبيه، وبالتالي يجب إجراء موازنه بين المعايير السابقه فقد تكون المعلومات قابله للقياس ولكنها غير ملائمة وليس لها أهميه، وبالتالي يجب عدم الاعتراف بها في القوائم الماليه، وعلى العكس من ذلك فقد تكون المعلومات ملائمة ولكن من الصعب قياسها بشكل كمي نقدي أو يمكن قياسها ولكن ليست بموثوقيه كافيه، ففي هذه الحالة يجب توفير هذه المعلومات نظراً لأهميتها للمستثمرين، مع الإشارة إلى درجة عدم التأكد المحيط بها ([12]).
ولقد حددت لجنة معايير المحاسبه الدوليهشروط إعتراف مماثله للشروط السابقه وتمثلت هذه الشروط فى الآتى ([13]) :-
(1) أن يكون من المحتمل تدفق المنافع الاقتصاديه المستقبليه المرتبطه بالبند للمنشأة.
(2) أن يكون للبند تكلفه أو قيمة يمكن قياسها بموثوقيه.
وأشارت اللجنة إلى ضرورة مراعاة تطبيق اعتبارات الأهميه النسبيه على البند الذي ينطبق عليه شروط ومعايير الاعتراف، فالأصل قد يكون له تكلفه قامت المنشأه بتحملها في سبيل الحصول عليه ويمكن قياس هذه التكلفه بموثوقيه كافية، إلا أنه ليس من المحتمل تدفق المنافع الاقتصاديه للأصل للمنشأه، فيجب في هذه الحالة عدم الاعتراف به على أنه أصل في قائمة المركز المالي([14]).
ولقد أخذت المنظمات المهنيه في الكثير من الدول مثل استراليا بالمدخل الذي تبنته لجنة معايير المحاسبه الدولية في تحديد شروط ومعايير الاعتراف فوفقاً للإطار الفكري للتقارير الماليه في استراليا فإنه لكي يتم الاعتراف بالأصل يجب أن يتم مقابله الشرطين التاليين ([15]).
1-
أن يكون للبند أو الأصل المراد الاعتراف به منافع مستقبليه وأن تغطي هذه المنافع المستقبليه على الأقل النفقات التي تم دفعها.
2-
أن يكون هناك تكلفة تاريخيه يمكن ربطها بموثوقيه بالمنافع المتدفقه من الأصل فى المستقبل.
وفي حالة تحقق الشرطين السابقين يتم إظهار البند المراد الاعتراف به كأصل في قائمة المركز المالي.
بتحليل شروط ومعايير الاعتراف السابقه لتحديد ما إذا كانت يمكن أن تنطبق على الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً أو ما يطلق عليه أصول رأس المال الفكري يتضح أن :
1- بالنسبة للشرط الأول :
المتعلق بانطباق أحد تعريفات عناصر القوائم الماليه على البند المراد الاعتراف به في تلك القوائم، فيرى الباحث أن تعريف الأصول ينطبق على أصول رأس المال الفكري نظراً لما تحتويه تلك الأصول من منافع اقتصاديه يمكن تدفقها لمنشآت الأعمال في المستقبل، وخاصة إذا ما تم التخلي عن مدخل العمليات كأساس للاعتراف المحاسبي ببنود الأصول، وتم استبداله بمدخل المنفعة الاقتصاديه المتوقعه من البند كأساس للاعتراف به على أنه أصل، ويجب الأخذ في الاعتبار أن الاعتراف بالأصول غير الملموسه المطوره داخلياً على أساس منافعها الاقتصاديه المستقبليه يثير نوعين من المشكلات هما:-
(1) مشكلة عدم التأكد المحيطه بالمنافع الاقتصاديه لتلك الأصول : فيرى البعض أن احتمال تدفق المنافع الاقتصاديه المستقبليه للبند المراد الاعتراف به على أنه أصل كأحد شروط الاعتراف بالأصول قد يعوق الاعتراف ببعض أنواع الأصول غير الملموسه مثل البحوث والتطوير، فقد يتم إنفاق الكثير من الأموال في مشروعات بحثيه بهدف تطوير منتج قائم أو إنتاج منتج جديد أو التوصل لتكنولوجيا حديثة دون أن تسفر هذه البحوث عن شيء، كما وأنه إذا أسفرت عن التوصل إلى اختراع أو ابتكار جديد فإن هناك فجوه زمنيه بين الإنفاق على تلك البحوث وبين تحقق المنافع الاقتصاديه المرتبطه بهذه النفقات، لذلك هناك صعوبه في التوقع بأن نفقات البحوث سيترتب عليها تدفق منافع اقتصاديه للمنشأة في المستقبل
([16]).
ويؤكد على ما سبق البعض بأن الاستثمارات غير الملموسه قد تحيط بها درجه عاليه من عدم التأكد فيما يتعلق بالمردود الاقتصادي لها كما هو الحال في الاستثمارات في مشروعات البحوث والتطوير التي تهدف إلى التوصل إلى ابتكار أو اختراع جديد تجني من خلاله منشآت الأعمال المزيد من الأموال وذلك بما يتوفر لهذا الاختراع من حماية قانونيه، وذلك لأن هذه الاستثمارات تأتي في مراحل مبكره جداً قبل التوصل لهذا الاختراع([17])، ويشير البعض الآخر إلى أن المخاطر المحيطة بالابتكار أو الاختراع في مرحلة البحوث والتطوير تنقسم إلى أربعة أنواع هي([18]):-
أ- المخاطر الفنيه المرتبطه بنجاح التوصل إلى الاختراع.
ب- المخاطر المرتبطه بعدم استكمال التكنولوجيا التي تم التوصل إليها نتيجة ابتكار المنافسين لتكنولوجيا أحدث.
ج- مخاطر عدم التأكد المرتبطه بالتدفقات النقديه المحتمله من الاختراع في حالة
التوصل إليه.
د- مخاطر عدم التأكد المتعلقه ببقاء الاختراع وتكلفه الحفاظ عليه.
المخاطر السابقه وما يترتب عليها من ارتفاع درجة عدم التأكد المحيطه بالمنافع المستقبليه للاستثمارات في مجال البحوث والتطوير دفعت المنظمات المهنيه إلى معالجة تلك الاستثمارات على أنها نفقات جارية فور تحملها.
ويرى الباحث أنه بالرغم من تلك المخاطر وعدم التأكد المحيط باحتمال تدفق المنافع المستقبليه لمثل هذه الاستثمارات إلى المنشأه إلا أن هذه الصعوبات والمشاكل يجب ألا تعوق رسملة تلك الاستثمارات والاعتراف بها على أنها أصل، وذلك لأنه لا يوجد شيء مؤكد على أنه أصل بنسبة 100% كما سبق وأشار الـ FASB عند تحديده لمفهوم الأصول هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه يجب الاعتراف بنفقات البحوث والتطوير على أنها أصل، وخاصة إذا ما كانت تلك النفقات تمثل نسبة كبيرة من إجمالي إيرادات المنشأه أو من إجمالي نفقاتها أو بالقياس لنفقات البحوث والتطوير في مجال الصناعه وذلك إعمالاً لاعتبارات الأهميه النسبيه([19]).
(2) مشكلة القدره على التحكم فى أو السيطرة على منافع الأصل : تعتبر قدره المنشأه على التحكم في والسيطره على المنافع المتوقعه من الأصل بالاستفاده بها أو بتأجيرها أو بنقل ملكيتها للغير تعتبر أحد الخصائص الأساسيه للأصل والتي قد تعوق الاعتراف بالكثير من أنواع الاستثمارات غير الملموسه على أنها أصول، مثل الاستثمارات في تعليم وتدريب وتنمية مهارات القوه العامله والاستثمارات في تنمية ولاء العملاء والمستهلكين، فبالرغم من أن هذه الاستثمارات يكون لها منافع مستقبليه متوقعة إلا أنه لا يتم معالجتها على أنها أصول في قائمة المركز المالي ويتم معالجتها على أنها نفقات جارية، وذلك بسبب صعوبة التحكم في أو السيطرة على تلك المنافع فقد ينتقل العاملين المدربين للعمل في منشأة أخرى وقد يتحول العملاء إلى منتجات منشأة
أخرى ([20]).
ويرى الباحث أنه بالرغم من المبررات السابقه إلا أنه يجب الاعتراف بمثل هذه الاستثمارات غير الملموسه على أنها أصول فى قائمة المركز المالى إعمالاً لمدخل المنفعه الاقتصاديه الذي أشار إليه الباحث بإعتباره الخاصية الأساسيه التي يجب توافرها في أي بند للاعتراف به على أنه أصل، كما وأن منشآت الأعمال التي تقوم بالإنفاق على تدريب وتنمية قدرات ومهارات عامليها جرى العرف على أن ترتبط مع هؤلاء العاملين بعقود عمل لمدة معينة كفيله بجني ثمار تلك الاستثمارات، وتضع شروط جزائيه يتحملها العاملين في حالة الرغبة في ترك العمل خلال هذه المده، وبالنسبة للمنافع المتوقعه من الاستثمارات التي تقوم بها المنشأه لتنمية ولاء العملاء والمستهلكين فإنه يمكن الحفاظ على تدفقها للمنشأة إذا ما تبنت إدارة المنشأه الاستراتيجيات التي تكفل لها ذلك بتحسين خدمات ما بعد البيع وإجراء دراسات السوق بهدف التعرف على المتطلبات الجديدة للمستهلكين لتلبيتها.
2- بالنسبة للشرط الثاني :
وهو قابلية البند الذي يتم الاعتراف به ضمن عناصر القوائم الماليه للقياس باستخدام وحدة القياس النقدي، وأن يكون هذا القياس موثوق فيه، ولتحقيق الثقة في هذا القياس فقد أخذت المعايير المحاسبيه بمبدأ التكلفه التاريخيه كأساس للقياس المحاسبي.
ويرى الباحث أنه بالرغم من إمكانية انطباق هذا الشرط على بعض عناصر الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً حيث يسهل تحديد التكلفه التاريخيه التي تحملتها المنشأه في سبيل تطويرها، إلا أنه قد يترتب على تطبيق هذا الشرط بعض المشاكل المتمثلة فى الأتى :
(1) مشكلة القياس النقدي الموثوق فيه : فقياس القيمة النقديه لعناصر الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً قد يثير بعض المشاكل المتمثلة في :-
أ- صعوبة تحديد قيمه نقديه لبعض عناصر الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً مثل رضاء العاملين ورضاء المستهلكين وثقافة المنظمه وغيرها من العناصر التي من الصعب التعبير عنها بوحدات قياس نقديه، الأمر الذي يمنع الاعتراف بها على أنها أصول بالرغم من أن هذه العناصر تتداخل مع غيرها من الأصول في تحقيق التدفقات النقديه.
ويقترح الباحث لحل هذه المشكلة أن يتم الإفصاح عن القياسات غير الماليه والوصفية المتعلقه بهذه العناصر في قوائم ملحقه بالقوائم الماليه التقليديه مثل قائمة رأس المال الفكري التي سيتناولها الباحث بالشرح والتحليل في أجزاء أخرى تالية، على أن يتم الإفصاح عن باقي عناصر أصول رأس المال الفكري والتي يمكن قياسها بوحدات نقديه باعتبارها ضمن الأصول مثل حقوق الملكيه الفكريه في صلب القوائم الماليه.
ب- مشكلة عدم وجود أسواق خاصة للتعامل في الأصول غير الملموسه، فانعدام وجود أسواق لمبادلة هذه الأصول يجعل من الصعوبه بمكان تحديد قيمه موثوق فيها لتلك الأصول، كما وأن وجود مثل هذه الأسواق في المستقبل يمثل تحدي كبير، نظراً لارتفاع درجة المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها البائع عند الإفصاح الكامل عن طريقة المعرفه التي يقوم ببيعها، كما وأن المشتري لن يكون راغباً في الشراء إلا بعد الحصول على المعلومات الكاملة عن مثل هذه الطريقة ([21]).
ويرى الباحث أنه بالرغم من أن وجود مثل هذه الأسواق قد يسهل من إمكانية تحديد قيم نقديه موثوق فيها لتلك الأصول، إلا أن عدم وجودها يجب ألا يعوق الاعتراف بالأصول غير الملموسه، حيث أنه يمكن تحديد قيمتها العادله على أساس القيمه الحاليه للتدفقات النقديه المستقبليه التي يمكن أن تنتج عن مثل هذه
الأصول ، وقد يعترض البعض على ذلك على أساس أن تقدير تلك التدفقات النقديه يعتمد بدرجة كبيرة على الحكم والتقدير الشخصي، إلا أنه يمكن الرد عليه بأن القياس المحاسبي بوجه عام يعتمد على التقدير والحكم الشخصي في كثير من الأحيان، كما وأن القياس على أساس القيمة الحاليه يعتبر أحد الأسس المقبولة للقياس وفقاً لبيان المفاهيم رقم (7) الصادر عن الـ FASB والسابق الإشارة إليه.
(2) مشكلة استناد القياس المحاسبي على التكلفة التاريخيه : فأحد أوجه النقد الموجهه للنموذج المحاسبي الحالي هو اعتماده على التكلفه التاريخيه كأساس للقياس المحاسبي فبالرغم من أن التكلفة التاريخيه توفر معلومات يمكن التحقق منها والاعتماد عليها إلا أنها لا تعبر عن المنافع الاقتصاديه المتوقعه لبنود القوائم الماليه في تاريخ إعداد تلك القوائم بالرغم من حاجة المستخدمين من المستثمرين الحاليين والمرتقبين والمقرضين وغيرهم إلى أن تعبر القيم الواردة في هذه القوائم عن المنافع الاقتصاديه المتوقعه في المستقبل من البنود التي تحتويها القوائم الماليه كأساس يمكن الاستناد إليه في اتخاذ قراراتهم المستقبليه المتعلقه بالمنشأه
ويرى الباحث أن أساس التكلفة التاريخيه لا يصلح للقياس المحاسبي لقيمة الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً، فقد تتوصل المنشأه من خلال أنشطة البحوث والتطوير إلى براءة اختراع منتج جديد أو تكنولوجيا أو طريقة عمل جديدة وفي هذه الحاله فإنه يتم الاعتراف بهذه البراءه على أنها أصل غير ملموس ويتم إظهارها ضمن الأصول في قائمة المركز المالي نظراً لانطباق شروط الاعتراف عليها، إلا أن المشكلة في هذه الحالة تتمثل في تسجيل هذه البراءه على أساس التكلفه التي تحملتها المنشأه في سبيل تطوير وتسجيل هذه البراءه والتي لا تعبر عن المنافع الاقتصاديه المتوقع تدفقها للمنشأة من وراء هذه البراءه والتي تفوق بكثير تكلفتها التاريخيه، ولذلك يقترح الباحث أن يتم إثبات الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً والتي يمكن قياسها على أساس قيمتها العادله في تاريخ إعداد القوائم الماليه.
3- الشرط الثالث :
والمتعلق بمدى ملاءمة المعلومات المتعلقه بالأصل لاحتياجات المستخدمين، فيرى
الباحث أن هذا الشرط ينطبق على المعلومات المتعلقه بالأصول غير الملموسه المطوره داخلياً وذلك لما لهذه المعلومات من تأثير على توقعات المستثمرين والمقرضين بصفة خاصة وغيرهم من المستخدمين المتعلقه بالتدفقات النقديه التي يمكن أن تحققها المنشأه في المستقبل، ويرجع ذلك كما سبق إيضاحه في الفصل الأول لزيادة أهمية تلك الأصول باعتبارها من العوامل الحاسمه في تحقيق الثروه والدخل لمنشآت الأعمال في ظل الاقتصاد الجديد، لذلك يرى الباحث ضرورة أن توفر التقارير الماليه المعلومات الكافية عن تلك العوامل، وذلك بإعتبار أن التقاريرالماليه هى أحد الأدوات الأساسيه لتوصيل المعلومات إلى فئات المستخدمين لمساعدتهم فى إتخاذ القرارات الاقتصاديه([22]).
4- الشرط الرابع والأخير :
وهو إمكانية الاعتماد أو الثقه في المعلومات المتعلقه بالأصل، فقد يرى البعض أن هذا الشرط قد يعوق الاعتراف بعناصر الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً وذلك نظراً لعدم وجود عمليات تبادليه يمكن من خلالها تحديد قيمة تلك الأصول بموثوقيه كافية ويعترض الباحث على ذلك على أساس أن الثقه في المعلومات تعني أمانتها في التعبير عن الواقع الاقتصادي، كما وأن الثقه في هذه المعلومات لا يعني أن تكون مؤكدة بنسبة 100%، فكما سبق وأشار الباحث فإن القياس المحاسبي يعتمد بدرجة كبيره على التقدير والحكم الشخصي على أن يبتعد هذا التقدير عن أي تحيز متعمد، كما وأنه يجب التضحيه بشيء من الدقه والموثوقيه في مقابل المزيد من الملاءمه مع مراعاة أن تتضمن المعلومات المتعلقه بتلك الأصول الحد الأدنى من الثقه حتى يمكن الاعتماد عليها.
يستخلص الباحث من العرض السابق لشروط ومعايير الاعتراف إمكانية انطباق هذه الشروط على الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً والتي يطلق عليها أصول رأس المال الفكري وخاصة إذا ما تم الأخذ بمدخل المنفعة الاقتصاديه كأساس للاعتراف بها في القوائم الماليه كبديل عن مدخل العمليات التبادليه ، وأن المشكلة الأساسيه التي قد تعوق الاعتراف بالكثير من عناصر الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً تتمثل في كيفية قياس قيمتها بموثوقيه كافيه خاصة في ظل عدم وجود عمليات تبادليه أو أسواق نشطة لمبادلتها.
ونظراً لصعوبة قياس الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً فسوف يتناول الباحث فى المبحث التالى أهم مداخل قياس الأصول وذلك بهدف تقييمها وتحديد الى أى مدى يمكن الاعتماد عليها فى قياس قيمة الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً.
المبحث الثاني
مداخل قياس الأصول غير الملموسه
يعتبر القياس أحد الوظائف الأساسيه للمحاسبه، الذي من خلاله يتم توفير معلومات مفيده عن نتائج أعمال المشروع ومركزه المالي وتدفقاته النقديه للمستخدمين بهدف مساعدتهم في ترشيد قراراتهم، فالخطوة الأولى فى العمل المحاسبى تتمثل فى تحديد الظواهر والأحداث والأنشطة التى يجب توفير المعلومات الملاءمه عنها لتلبية إحتياجات المستخدمين وذلك لإخضاعها للقياس ([23]).
ويعرف القياس المحاسبي بأنه " تحديد أرقام للظواهر الاقتصاديه الماضية والحاضرة والمستقبلة والتي تتعلق بوحده محاسبيه معينه على أساس المشاهده وطبقاً لقواعد محددة " ([24]).
ويعلق البعض على التعريف السابق بأنه يربط القياس بموضوعه وهو الظواهر الاقتصاديه، ويتم تعيين تلك الأرقام لهذه الظواهر على أساس المشاهده للظواهر الماضية والحاضرة وليست المستقبليه ([25]).
ولقد عرف Hendriksen القياس المحاسبي بأنه " تحديد مقادير كمية من النقود للأشياء أو الأحداث المرتبطه بالمنشأه والتي يتم الحصول عليها بطريقة ما، وتناسب التجميع الرياضي أو التفصيل المطلوب لظروف محدده " ([26]).
ويرى البعض أن التعريف السابق وأن كان يربط موضوع القياس وهو الأشياء والأحداث المرتبطه بالمنشأه بالقياس الكمي إلا أنه يحصر القياس الكمي في السمات والخصائص التي يتم التعبير عنها بوحدات نقديه بالرغم من أن القياس الكمي قد يكون نقدي أو غير نقدي ([27]).
ويتضح مما سبق أن المكونات الأساسيه لعملية القياس تتمثل في جانبين أساسيين همــا ([28]) :-
1- الجانب الأول :
ويختص بتحديد السمات والخصائص المراد قياسها، فالقياس المحاسبي يركز على جانب واحد أو خاصية واحده فقط وهي قيمة المنافع الاقتصاديه لبنود القوائم الماليه، فقياس الأصول ينصب على قيمة المنافع الاقتصاديه التي يمكن أن تنتج عن تلك الأصول في المستقبل، وقياس الخصوم ينصب على قيمة المنافع الاقتصاديه المستقبليه التي يمكن أن تضحي بها المنشأه في تاريخ استحقاق تلك الخصوم.
2- الجانب الثاني :
ويختص بتحديد نظام القياس الذي يتطلب :
(1) تحديد وحدة القياس والتي يشترط أن تكون ثابته ومتجانسه حتى تكون المقاييس الناتجه قابله للمقارنه.
(2) تحديد قواعد التعبير الكمي عن الخصائص باستخدام النظام العددي.
وتجدر الإشارة إلى أن الجانب الأول يمثل جانب النظريه والذي يختص بتحديد الخصائص المراد قياسها أما الجانب الثاني فيمثل النواحي الفنيه لعملية القياس، وكلا الجانبين هام.
ووفقاً للـ FASB فإن القياس المحاسبي لعناصر القوائم الماليه لابد وأن يتسم بالموثوقيه،ولكي يكون القياس موثوق فيه لابد وأن يكون بعيداً عن التحيز أو يتصف بالحياد وأن يكون قابلاً للتحقق وذلك من أجل دعم الثقة في المعلومات المحاسبيه وحتى يمكن الاعتماد عليها ([29]).
و يجب عدم إغفال حقيقة أن القياس المحاسبي لا يتسم بالدقة المطلقه حتى يكون موثوق فيه،فالقياس المحاسبي يعتمد بصورة كبيرة على التقدير والحكم الشخصي الذي يجب أن يتسم بالحياد وعدم التحيز، وهو ما يعني أن المعلومات المحاسبيه تعتمد على إجراءات قياس غير مؤكدة، ولتقليل مستوى عدم التأكد في القياساتالمحاسبيه يلجأ المحاسبون إلىالتحفظ الذي يؤدي إلى معالجات غير ثابته وغير متجانسه لعناصر القوائم الماليه ، كما وأن هذا التحفظ يتعارض مع كثير من مفاهيم وخصائص جودة المعلومات المحاسبيه، فتطبيق سياسة الحيطه والحذر ينتج عنه تشويه للأرقام المحاسبيه وهو ما يتعارض مع خاصية الملاءمه، إضافة لما سبق فإن التحفظ يعتبر نوع من أنواع التحيز في اتجاه تخفيض قيم الأصول والأرباح، وهو ما يؤثر بالسلب على جودة المعلومات المحاسبيه ([30]).
ويرى البعض أن موضوعية القياس تتحقق من خلال ([31]) :-
(1) إتباع خطوات محددة للقياس تتيح درجة عالية من الاتفاق بين القائمين بالقياس سواء في تكرار القياس أو في نتائجه.
(2) البعد عن التحيزالمتعمد عند القيام بالقياس المحاسبى،خاصة وأن هذا القياس يعتمد على الخبرة والتقدير الذاتى فى كثير من الأحيان
(3) ضرورة الاعتماد على الدليل الموضوعي كلما كان ذلك ممكناً وذ لك لتدعيم موضوعية القياس.
(4) الاستناد إلى الأساليب الإحصائية في مجال القياس كلما زادت درجة عدم التأكد في القياس وخاصة فيما يتعلق بالخصائص المراد قياسها والمرتبطه بالمستقبل.
والمقصود بالقياس المحاسبى للأصول غير الملموسه هو تحديد قيمتها والتى تتحدد فى ضوء المنافع المستقبليه المتوقع تدفقها للمنشأه منها خلال عمرها النافع، ويمكن تقسيم مداخل القياس المستخدمة في تحديد قيمة الأصول غير الملموسه إلى أربعة مداخل أساسية هي مدخل التكلفه، مدخل القيمه العادله، مدخل القيمه في الاستخدام ومدخل الخيارات الحقيقية ، وفيما يلي عرض وتحليل لهذه المداخل:-
أولاً : مدخل التكلفه :-
يستندالنموذج المحاسبي الحالي على مدخل العمليات والتكلفه الماضية كأساس لإثبات معظم البنود في القوائم الماليه، وتتمثل التكلفه التاريخيه في التضحيات التي تحملتها المنشأه في سبيل الحصول على خدمات ومنافع الأصل في المستقبل، وتتمثل قيمة الأصل في القيمة الحاليه لمقدار الخدمات والمنافع المتوقع الحصول عليها من الأصل في المستقبل، ومن المفترض أن تكون تكلفه الأصل وقت اقتناؤه مساوية للقيمه الحاليه لمقدار الخدمات المستقبليه المتوقع الحصول عليها من الأصل خلال عمره الإنتاجي، كما وأنها من المفترض أنها تعبر عن القيمة العادله للأصل وقت حيازته، وبالرغم من ذلك نجد أن تكلفه الأصل تمثل مؤشر يعبر عن تقدير الإدارة للحد الأدنى لقيمة ما يسهم به الأصل في تحقيق التدفقات النقديه التي سوف تؤول للمنشأة في المستقبل ([32]).
و يرىPaton أن مصطلح التكلفه لا يقابل مصطلح القيمه، ففي تاريخ الاستحواذ على الأصل فإن تكلفه الأصل ستساوي قيمته في معظم العمليات، وفي حالة اقتناء الأصل بمقابل غير نقدي فإن التكلفه تقاس على أساس القيمة العادله للمقابل المدفوع، وفي الواقع فإن التكلفه تقارب القيمة العادله في تاريخ الاستحواذ، ولكنها لا تعبر عن قيمة الأصل في الفترات اللاحقة على تاريخ الاستحواذ ([33]).
وتتحدد تكلفة الأصل المطور داخلياً بكافة التضحيات التي تحملتها المنشأه في سبيل تطوير هذا الأصل وجعله صالح للاستخدام.
وبدراسة مدخل التكلفه التاريخيه يتضح امكانية تطبيقة كأساس للقياس المحاسبى للكثير من أنواع الأصول غير الملموسه التى يسهل تحديد تكلفه تطويرها بدقة مثل مشروعات البحوث والتطوير، برامج الكمبيوتر، إعادة هندسة العمليات، إنشاء قواعد البيانات، ولكن هناك أنواع أخرى يصعب تحديد تكلفتها مثل تكلفه تطوير العلامات والأسماء التجارية وولاء العملاء والسمعة الحسنة وغيرها.
و بالرغم من أن الفرض الأساسى الذي يستند إلية مؤيدى هذا المدخل وهو أن تكلفه الشراء أو التطوير تعادل القيمه الاقتصاديه للخدمات والمنافع التي سيوفرها الأصل خلال عمرة المتوقع في تاريخ الاقتناء أو التطوير يعتبر فرض سليم، إلا أن هذا المدخل لا يأخذ في اعتباره قيمة المنافع الاقتصاديه التي يمكن تحقيقها في الفترات التالية على الاقتناء أو التطوير.
ووفقاً لتوجيهات الاتحاد الأوربي فإن القاعدة الأساسيه لقياس الأصول غير الملموسه هي التكلفة التاريخيه، وأن استخدام التكلفه الاستبداليه أو إجراءات إعادة التقييم للأصول غير الملموسه غير مسموح بها وفقاً لتلك التوجيهات إلا في حالات التضخم ([34]).
ويثيراستخدام التكلفة التاريخيه كأساس للقياس المحاسبى الكثير من الانتقادات التى من أهمهــا ما يلي :
(1) إتباع هذا الأساس في تقييم الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً يترتب عليه مشكلة محاسبيه جديده، وهي أنه بالرغم من أن الكثير من أنواع الأصول غير الملموسه يتم تطويرها في مشاريع منفصلة إلا أن المبالغ المنفقه على مشروع أو نشاط معينيترتب عليها نتائج قد تكون مفيده في تمهيد وإنارة الطريق أمام مشروع آخر، فالمبالغ المنفقه على سبيل المثال على مشروع تطوير دواء جديد والذي لم يتم استكماله قد تساهم في مشروع تطوير دواء بديل أثبت نجاحه، فهل المبالغ المنفقه على المشروع الأول يجب تخصيصها على المشروع الثاني الذي أثبت جدواه ونجاحه أم لا ؟ ([35]).
(2) عدم ملاءمة معلومات التكلفه التاريخيه لاحتياجات المستخدمين ،فتكلفة الأصل ليست هي الأصل ولكن فقط مقياس للأصل أو وصف لأحد خصائصه، ولكن الأصل كما هو معروف من قبل فإنه عباره عن منافع اقتصاديه مستقبليه من المتوقع تدفقها للوحدة خلال العمر المتوقع له، فالتكلفه التاريخيه قد تكون ملائمه في تاريخ اقتناء الأصل أو تطويره ولكن في تاريخ إعداد القوائم الماليه فإن التكلفه التاريخيه تفقد ملاءمتها لأنها تمثل تكلفه ماضية ولا تعبر عن قيمة الموارد الاقتصاديه التي تمتلكها المنشأه، وما يمكن أن تولده هذه الموارد من تدفقات نقديه في المستقبل سواء بمفردها أو بالاشتراك مع غيرها.
ثانياً : مدخل القيمة العادله :-
منذ فتره بعيدة والفكر المحاسبي في جدل دائم حول استخدام القيمة العادله كأساس للقياس المحاسبي بدلاً من التكلفة التاريخيه، ويرجع هذا الجدل إلى الخصائص التي يجب توافرها في المعلوماتالمحاسبيه وخاصة الملاءمه والموثوقيه،فالتكلفة التاريخيه ينظر إليها على أنها أكثر موثوقيه وموضوعيه بالمقارنه بالقيمة العادله، إلا أن القيمة العادله تعتبر أكثر ملاءمة مقارنه بالتكلفه التاريخيه خاصة في ظل الظروف الاقتصاديه السائدة([36])، وحديثاً بدأت المنظمات المهنيه العالميه الاهتمام بهذا النموذج كأساس للقياس والإثبات المحاسبي، فقد أصدر مجلس معايير المحاسبه الأمريكي (FASB) المعيار رقم (107) الذي يتطلب الإفصاح عن القيمة العادله للأدوات الماليه، وكأساس لقياس أداء المنشآت ([37])، وأصدر المعيار رقم 115 الذي يتطلب تقييم الاستثمارات الماليه المتاحة للبيع بالقيمة العادله ([38])، كما أصدر المعيار رقم (133) الذي وفقاً له يجب إظهار كل المشتقات الماليه في الميزانية بالقيمة العادله ([39]) وأصدر في عام 2000 بيان المفاهيم رقم (7) الذي حدد فيه إرشادات استخدام التدفقات النقديه والقيمة الحاليه وغيرها من قياسات القيمة العادله كأساس للقياس المحاسبي ومنذ هذا التاريخ فإن معظم إصدارات الـ FASB ([40]) من معايير ومشاريع معايير تستند إلى القيمة العادله كأساس للقياس والإثبات المحاسبي . أيضاً اتجهت لجنة معايير المحاسبه الدولية إلى الاهتمام بنموذج القيمة العادله كأساس للقياس المحاسبي عندما أصدرت معيار المحاسبه الدولي رقم (39) والخاص بالأدوات الماليه ([41]) وتلي ذلك إصدار كل من المعيار رقم (40) الخاص بالاستثمار العقاري ([42]) والمعيار رقم (41) والخاص بالزراعة ([43]).
وفي أوروبا فإن كل شركات التأمين المسجلة في بورصة الأوراق الماليه مطالبة بتطبيق القيمة العادله كأساس للقياس المحاسبي في التقارير الماليه بحلول عام 2005 ([44]).
وفي استراليا فقد أصدر مجلس معايير المحاسبه الاسترالي (AASB) المعيار رقم "1041" والذي وفقاً له فإن بنود الأصول طويلة الآجل يمكن أن تظهر في القوائم الماليه على أساس التكلفه أو على أساس القيمة العادله وأنه يجب على المنشآت التي تستخدم أساس القيمة العادله في تقييم هذه الأصول، أن تقوم بصورة منتظمة بإعادة تقييم تلك الأصول بهدف التأكد من أن القيمة الظاهرة بالقوائم الماليه لا تختلف بصورة جوهرية عن قيمتها العادله في تاريخ التقرير ([45]).
وفي المملكة المتحدة فقد أصدر مجلس معايير المحاسبه (ASB) المعيار رقم (15) الذي يسمح بإعادة تقييم بنود الأصول طويلة الأجل لإظهارها بقيمتها العادله ([46])، كما أصدر المعيار رقم (19) الخاص بالاستثمارات والذي يتطلب ضرورة إعادة تقييم الاستثمارات لإظهارها في القوائم الماليه بقيمتها العادله على أن يتم إثبات تكلفتها التاريخيه في ملاحق القوائم الماليه ([47]).
ويرى البعض أنه قد أصبح واضحاً منفعة وفائدة معلومات القيمة العادله وذلك في مجال تقدير قيمةالمنشأه ([48])،ويرى البعض الآخر أن التحول من المحاسبه على أساس التكلفه التاريخيه إلى المحاسبه على أساس القيمة العادله يؤدي إلى زيادة ملاءمة التقارير الماليه في بيئة الأعمال العالمية ([49])، ووفقاً لإحدى الدراسات فإن الهدف طويل الآجل لمجلس معايير المحاسبه الأمريكي(FASB )هو إثبات كل بنود الأصول والالتزامات الماليه في القوائم الماليه بقيمتها العادله بدلاً من التكلفه التاريخيه، وأن هناك سببين للعمل نحو إيجاد نظام للتقارير الماليه يستند إلى القيمة العادله هما([50]) :
أ- أن القيمة العادله توفر معلومات أكثر ملاءمة عن المعلومات التي توفرها التكلفه التاريخيه.
ب- أن نموذج القياس الحالي هو نموذج مختلط يقوم على أساس قياس بعض الأصول على أساس القيمة العادله والبعض الآخر على أساس التكلفه التاريخيه، وأنه قد حان الوقت لتطوير نموذج أفضل يقوم على استخدام القيمة العادله كأساس للقياس.
ويتناول الباحث فيما يلي مفهوم القيمة العادله بالشرح والتحليل، وكيفية قياس هذه القيمة ومزايا وعيوب استخدام هذا النموذج بهدف تحديد مدى إمكانية استخدامه في قياس قيمة الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً.
1- تعريف القيمة العادله :
عرف البعض القيمة العادله بأنها " القيمة التي يمكن أن يتم على أساسها مبادلة أصل ما في عملية بيع متوقعة بين كل من البائع والمشتري مع توافر الرغبة الصادقة في إتمام عملية التبادل "([51]). ونجد أن هذا التعريف قد ركز على رغبة البائع والمشتري في إتمام الصفقة كاساس لتحديد القيمة العادله للأصل موضوع الصفقة.وعرفها البعض الآخر بأنها " القيمة التي تعكس القدره الإيراداية المستقبليه للاستثمارات والتي على أساسها يتحدد التدفق النقدي المتوقع أن يحصل عليه المستثمر " ([52])، ووفقاً لهذا التعريف فإن قدره الأصل على تحقيق إيرادات مستقبليه هي الأساس في تحديد قيمته العادله .
وتعرف القيمة العادله في المعيار الدولي رقم (38) بأنها " المبلغ الذي يمكن أن يتبادل به أصل بين طرفين عالمين وراغبين وفي إطار صفقة متوازنة " وأوضح المعيار أن الصفقة المتوازنة صفقة بين أطراف من غير ذوي العلاقة، ويكون لدى هذه الأطراف المعرفة الكافية بالأصل المتبادل، ولديها الرغبة في إتمام هذه الصفقة ويعمل كل منهما للحصول على أكبر منفعة لنفسه([53]).
وتعرف أيضاً القيمة العادله في قاموس المصطلحات الخاصة ببيان المفاهيم رقم (7) الصادره عن الـ FASB بأنها " المبلغ الذي يمكن به شراء (أو تحمل) أصل ما (أو التزام) أو بيعه (أو سداده) في صفقة حالية بين طرفين راغبين في إتمام الصفقة في حالات بخلاف البيع الجبري أو التصفية "([54])،وفى عام 2004 صدر عن مجلس معايير المحاسبه الماليهFASB)) مشروع معيار مقترح لقياسات القيمة العادله أوضح من خلالة المجلس أن هدف القياس فى هذا المشروع هو التنبؤ بسعر الأصل أو الالتزام في حالة عدم وجود عمليات تبادليه للأصل أو الالتزام ([55]).
ويرى الباحث أن هدف القياس السابق يتناسب مع قياس قيمة الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً والتي لا توجد أي عمليات تبادليه تمت بشأنها بين المنشأه وبين أطراف أخرى على أن يتم التنبؤ بالقيمة العادله لهذه الأصول من خلال استخدام القيمة الحاليه كأساس لقياس قيمتها.
مما سبق يتضح أن القيمة العادله تتحدد في ضوء شرطين أساسيين هما :
(1) الشرط الأول
: أن يوجد طرفين لديهم الدراية الكافية بحالة الأصل أو الالتزام المراد تبادله ولديهم الرغبة في إتمام الصفقة وأن يكون الطرفين من غير ذوي العلاقة حتى لا يؤثر أحدهما على الآخر.
(2) الشرط الثاني :
أن تتم الصفقة في ظروف عادية وفي غير حالة الإجبار أو التصفية.
2- طرق تحديد القيمة العادله :-
أوضح الـ FASB أن القيمة العادله تحدد وفق الظروف التالية([56]) :
(1) أن سعر السوق الجاري للأصل أو الالتزام في أسواق نشطة هو أفضل دليل على القيمة العادله ويتم استخدام هذا السعر الأساسي لقياس القيمة العادله إذا كان هذا
السعر متوفر.
وتعرف السوق النشطة بأنها السوق الذي تتوافر فيه الشروط التالية([57]):-
أ- أن الأصناف والسلع التي يتم التعامل فيها أصناف وسلع متجانسه.
ب- وجود المشترون والبائعون الراغبون في التعامل في أي وقت.
ج- الأسعار متاحة للجمهور.
(2) في حالة عدم وجود أسعار سوق فيتم تقدير القيمة العادله على أساس أفضل المعلومات المتاحة، أخذاً في الاعتبار أسعار الأصول والالتزامات المتشابهة، ونتائج استخدام أساليب التقييم الأخرى، ويعتبر أسلوب القيمة الحاليه في الغالب أفضل الأساليب المتاحة في تقدير القيمة العادله، وإذا تم استخدام هذا الأسلوب في قياس القيمة العادله فإن تقدير التدفقات النقديه المستخدمة في هذا الأسلوب يتسق مع هدف قياس القيمة العادله فهذه التقديرات تتضمن الافتراضات التي يستخدمها المشاركون في السوق في عمل تقديراتهم للقيمة العادله ([58]).
3- مزايا استخدام القيمة العادله كأساس للقياس المحاسبي للأصول غير الملموسه:
بصفة عامة فإن استخدام القيمة العادله كأساس للقياس قد أثار الكثير من الجدل والاختلاف في وجهات النظر ما بين مؤيد لاستخدام القيمة العادله كأساس للقياس المحاسبي على أساس أنها توفر معلومات أكثر ملاءمة لاحتياجات المستخدمين وتزيد من قابلية التقارير الماليه للمقارنه، ومعارض لهذا الأساس وذلك على اعتبار أن عدم توافر سوق نشطة للأصل سيترتب عليه الاعتماد على التقدير والحكم الشخصي في قياس قيمتة العادله الأمر الذي سيؤثر بالسلب على موثوقيه نتائج القياس، كما وأن استخدام القيمة العادله كأساس في القياس المحاسبي قد يؤدي إلى زيادة تقلب الأرباح وذلك نظراً لأن الأسواق متقلبة بحكم طبيعتها.
وفيما يلي مناقشة لأهم مزايا استخدام مدخل القيمة العادله كأساس للقياس المحاسبي وذلك من خلال تأثير هذا المدخل على خصائص جودة المعلومات المحاسبيهفوفقاً لبيان المفاهيم رقم (2) والصادر عن الـ FASB فإن جودة المعلومات لمحاسبية تتحقق بتوافر ثلاث خصائص أساسية هي ([59]):
(1) الملاءمه :
Relevance
تتصف المعلومات المحاسبيه بالملاءمه عندما يكون لها قدره على إحداث تغير في قرارات المستخدمين ولقد أوضح الـ FASB أن الملاءمه تتحقق بتوافر ثلاث خصائص فرعية هــي :
أ- أن يكون للمعلومات قدره تنبؤية.
ب- أن يكون لها قدره على التغذية العسكية.
ج- أن تتصف بالوقتية.
والمعلومات المبنية على قياسات القيمة العادله هي معلومات أكثر ملاءمة من المعلومات المبنية على قياسات التكلفه التاريخيه وذلك لأنها لها قدره على التنبؤ بالمستقبل حيث أنها تعبر عن القيمة الحاليه للتدفقات النقديه المتوقعه في تاريخ إعداد التقارير
الماليه ([60])، كما وأن القدره على التغذية العكسيه للمعلومات المحاسبيه تكون أكبر بالنسبة لتلك المعلومات المعدة على أساس القيمة العادله وذلك مقارنه بالمعلومات المعدة على أساس التكلفه التاريخيه، إضافة إلى أن معلومات القيمة العادله تتصف بالزمنية بعكس التكلفه التاريخيه التي لا تتصف بالزمنية إلا في تاريخ اقتناء الأصول ([61]).
(2) الموثوقيه أو إمكانية الاعتماد :
Reliability
تعني امكانية الاعتماد على المعلومات المحاسبيه في اتخاذ القرارات، ولكي تكون تلك المعلومات موثوق فيها ويمكن الاعتماد عليها، لابد وأن تكون قابله للتحقق وخالية من التحيز المتعمد وتعبر بصدق عن حقيقة الظواهر الاقتصاديه والأحداث، وقد يرى البعض أنة في ظل عدم وجود سوق نشطه يمكن الاعتماد عليها في تحديد القيمة العادله للأصل إستناداً إلى قيمته السوقية الجارية فإن قياس القيمة العادله يخضع بدرجة كبيرة للذاتية والتقدير الشخصي، وهو ما يؤدي إلى انخفاض درجة موثوقيه هذا القياس، وقد ينتقد البعض استخدام مدخل القيمة العادله على أساس أن التقدير الشخصي في حالة عدم وجود سوق نشطه للأصل محل القياس قد يتيح الفرصة أمام الإدارة للتلاعب في الأرقام المحاسبيه بهدف تمهيد الدخل لتخفيف حدة تقلبات الأرباح([62]).
ويمكن الرد على ذلك بأنه حتى مع تطبيق مدخل التكلفه التاريخيه فإنه يمكن للإدارة أن تقوم بعمليات تمهيد الدخل، وذلك من خلال توقيت بيع الأصول فالأصول المسجلة على أساس التكلفه التاريخيه يمكن أن تتبع الإدارة طريقة استراتيجية لبيعها في توقيتات معينة بما يحقق لها أكبر قدر من أرباح أو خسائر
الحيازة.
ويرى الباحث أن القياسات المحاسبيه تعتمد بشكل كبير على التقدير والحكم الشخصي حتى في حالة استخدام أساس التكلفه التاريخيه، فتقدير العمر المتوقع للأصل والذي وفقاً له يتم حساب الإهلاك وكذلك تقدير المخصصات المختلفة التي يتم تكوينها لمواجهة الخسائر المستقبليه المحتمله يعتمد على الحكم والتقدير الشخصي وهذا التقدير لا يقلل من موثوقيه القياس طالما أن هذا التقدير قد تجنب التحيز المتعمد، وتؤكد لجنة معايير المحاسبه الدولية(IASC) على الدور الذي تلعبه التقديرات في القياسات المحاسبيه حيث أوضحت من خلال إطار إعداد وعرض التقارير الماليه أن " استخدام تقديرات معقوله هو جزء أساسي من إعداد القوائم الماليه ولا يقلل من إمكانية الاعتماد عليها، ولكن عندما يصعب عمل تقدير معقول لبند ما فإن البند لا يتم الاعتراف به " ([63]).
كما وأنه لزيادة الثقة في تقديرات القيمة العادله في حالة عدم وجود أسواق نشطة، فقد أصدر الـ FASB بيان المفاهيم رقم (7) الذي يحدد الأساليب والطرق الفنية التي يمكن الاعتماد عليها في تقدير القيمة العادله للبند محل القياس.
(3) القابليه للمقارنه :
Comparpility :
تعتبر القابليه للمقارنه أحد خصائص جودة المعلومات المحاسبيه التي تساعد المستخدمين في ترشيد قرارتهم، ولكي تكون المعلومات قابله للمقارنه لابد وأن تكون متسقة، والاتساق يعني الثبات على تطبيق المبادئ والسياسات المحاسبيه من فتره لأخرى ويرى الباحث أن تطبيق القيمة العادله كمدخل للقياس المحاسبي يؤدي إلى اتساق الأرقام المحاسبيه الظاهرة في القوائم الماليه بما يؤدي إلى زيادة قابليتها للمقارنه، بينما اتباع أساس التكلفه التاريخيه يؤدي إلى أرقام غير متسقة حيث يتم إثبات الأصول طويلة الأجل على أساس تكلفتها التاريخيه والتي تختلف عن قيمتها العادله في تاريخ إعداد القوائم الماليه بينما يتم إثبات الأصول قصيرة الأجل على أساس قيمتها الجارية والتي تعادل قيمتها العادله، وبالتالي فإن أساس القيمة العادله يدعم خاصية القابليه للمقارنه.
يتضح مما سبق وجاهة مبررات استخدام القيمة العادله كأساس للقياس المحاسبي بصفة عامة، أما فيما يتعلق بقياس الأصول غير الملموسه على أساس قيمتها العادله فقد يرى البعض أن المشكلة في تطبيق مدخل القيمة العادله كأساس للقياس المحاسبي للأصول غير الملموسه تتمثل في ندرة العمليات التي يتم من خلالها تحويل الأصول غير الملموسه بخلاف عمليات الاندماج، فبدون وجود عملية تبادليه لمثل هذه الأصول، يكون التنبؤ بالقيمة العادله أمر غير موضوعي ويعتمد على التقدير الشخصي الذي قد يفقد القياس موثوقيتة، كما وأن عدم وجود أسواق نشطة لتبادل هذه الأصول إضافة إلى عدم وجود أسعار لأصول مشابهة للأصول غير الملموسه المطوره داخلياً يزيد من صعوبة وعدم موثوقيه القياس على أساس القيمة العادله.
ويرى الباحث أن مدخل القياس على أساس القيمة العادله هو المدخل الملائم لقياس قيمة الأصول غير الملموسه سواء كانت مشتراة أو مطورة داخلياً وذلك لتلبية حاجة المستخدمين في التعرف على المعلومات الملاءمه المتعلقه بهذه الأصول والتي تعبر عن المنافع الاقتصاديه التي من الممكن أن تحققها المنشأه في المستقبل نتيجة شراء أو تطوير تلك الأصول، وبالرغم من عدم وجود أسواق نشطة لمبادلة الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً يمكن الاستناد إليها في تحديد القيمة العادله لتلك الأصول إلا أن مجلس معايير المحاسبه الماليه FASB قد وفر الأساس الذي يمكن الاستناد إليه في هذه الحالة لتقدير القيمة العادله لهذه الأصول وهو القياس على أساس القيمة الحاليه للتدفقات النقديه المتوقعه وذلك كما ورد في بيان المفاهيم رقم (7).
ثالثاً : مدخل القياس على أساس القيمة في الاستخدام
Value in use :
تعرف القيمة فى الإستخدام في المعيار الدولي رقم (36) بأنها " القيمة الحاليه لتقديرات التدفقات النقديه المتوقعه في المستقبل والتي تنتج من الاستمرار في استخدام الأصل، ومن التخلص منه في نهاية عمره المتوقع " ([64]).
و طالما أن قيمة الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً تتحدد فى ضوء قدره المنشأه على تطويرها واستخدامها في أعمالها الخاصة وبما يحقق لها ميزة تنافسية تساعدها على جني المزيد من الأرباح في المستقبل، لذلك فإن هذه القيمة والتى يطلق عليها القيمة فى الإستخدام يمكن الاعتماد عليها كأساس للقياس المحاسبي للأصول غير الملموسه المطوره داخلياً، وبالرغم من ذلك فإن الـ FASB قد اعترض على استخدام القياسات الخاصة بالوحدة Entity – specific Measures أو القيمة في الاستخدام Value In Useكهدف للقياس المحاسبي من خلال بيان المفاهيم رقم (7). ([65])
ويتضمن تقدير القيمة في الاستخدام خطوتين أساسيتين هما ([66]) :-
1- تقدير التدفقات النقديه الداخلة والخارجة والناتجة عن الاستمرار في استخدام الأصل، ومن التخلص النهائي منه.
2- تطبيق سعر أو معدل خصم مناسب لخصم التدفقات النقديه المستقبليه.
على أن يعتمد تقدير التدفقات النقديه المتوقعه على افتراضات معقولة وأن تمثل هذه الافتراضات أفضل تقدير للإدارة للظروف الاقتصاديه المتوقع أن تسود خلال العمر المتوقع للأصل، ووفقاً للـ FASB فإن أفضل تقدير للقيمةالحاليه للتدفقات النقديه تقوم به المنشأه لا يساوي بالضرورة القيمة العادله، وأورد الـ FASB العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى اختلاف توقعات الإدارة الخاصة بالتدفقات النقديه التي يمكن استلامها أو دفعها عن التدفقات النقديه التي يتوقع المتعاملون في السوق استلامها أو دفعها ومن ضمن هذه الأسباب ما يلي ([67]) :-
أ- قد تنوي إدارة المنشأه استعمال الأصل بشكل مختلف عن الاستعمال الذي يعتزمه المتعاملون في السوق.
ب- قد تفضل الإدارة تحمل مسئولية التزام ما مثل ضمان منتج معين بدلاً من تحويل المسئولية لمنشأة أخرى.
ج- قد تتمتع المنشأه بمزايا خاصة لا تتوافر لمنشآت أخرى كالمزايا الضريبية.
د- قد تتمتع المنشأه بمعلومات أو أسرار تجارية أو طرق خاصة لانتاج السلع أو تقديم الخدمات تضمن للمنشأة القدره على تحقيق أو تفادي دفع تدفقات نقديه تختلف عن التدفقات النقديه التي يحققها أو يتفادى دفعها المتعاملون الآخرون في السوق.
ويرى الباحث أنه بالرغم من اعتراض الـ FASB على استخدام القياسات الخاصة بالمنشأه أي القياس على أساس القيمة في الاستخدام كأساس للقياس المحاسبي للأصول، إلا أن هذا الأسلوب يعتبر أساس مناسب لقياس قيمة الأصول التي لا توجد أسواق خاصة لتداولها والتي لا توجد أصول مشابهة لها يتم تداولها في الأسواق كما هو الحال في كثير من أنواع الأصول غير الملموسه، خاصة وأن القيمة في الاستخدام يتم قياسها على أساس القيمة الحاليه لصافي التدفقات النقديه المتوقعه والتي يتم تحديدها بناء على تقديرات الإدارة للتدفقات النقديه المستقبليه المتوقعه من استخدام الأصل وعند التخلص منه، وبناء على معدل الخصم الذي يتم استخدامه في خصم هذه التدفقات، على أن يتم الإفصاح عن الافتراضات التي استندت إليها المنشأه في تقدير هذه التدفقات.
رابعاً : مدخل القياس على أساس الخيارات الحقيقية
Real options–Based Approach:
يرى البعض أن القيمة العادله أو القيمة السوقية العادله أو القيمة في الاستخدام من الصعب تحديدها في ظل الظروف الاقتصاديه الحاليه، وأن مدخل الخيارات الحقيقية هو المدخل المناسب لتحديد قيمة الأصول غير الملموسه ([68]).
شهدت السنوات القليلة الماضية نمو في البحوث الأكاديمية التي استخدمت نظرية التمويل ومدخل الخيارات الحقيقيةفي تقييم الأصول غير الملموسه، وهو ما يطلق عليه نظرية الخيار الحقيقي والتي تعتبر امتداد لنظرية الخيار المالي ([69]).
ويرى Upton أن أسلوب تحليل الخيارات الحقيقية يعتبر من الأساليب الواعدة التي يمكن الاعتماد عليها في تقدير قيمة الأصول غير الملموسه، وخاصة تلك التي مازالت تحت التطوير ولم يثبت بعد صلاحيتها من الناحية التجارية ([70]).
ولقد تم استخدام مصطلح الخيارات الحقيقية لأول مرة عام 1977 بواسطة Stewart Myers وكان أول تطبيق لهذه النظرية في شركات البترول والغاز ([71]) والخيارات الماليه هي أحد أدوات الاستثمار الحديثة التي تمكن المستثمر من الحد من المخاطر التي يتعرض لها والمتعلقه بتغيير أسعار الأوراق الماليه التي يمتلكها أو التي يزمع شراؤها أو بيعها في المستقبل، ويعرف الخيار المالي بأنه " حق وليس التزام على مشتري الخيار بأن يشتري أو يبيع عدد معين من الأوراق الماليه أو العملات من الطرف الآخر وهو بائع الخيار بسعر متفق عليه مقدماً على أن يتم التنفيذ في أي وقت خلال مدة العقد أو في نهاية مدة عقد الخيار([72]) أي أن الخيار المالي يستند لأصول مالية .
أما الخيار الحقيقيReal option فيعرفبأنه خيار مرتبط أو مستند لأصول غير مالية Non–financial Assets ، ويقوم مدخل الخيارات الحقيقية على تطبيق نفس الأساليب والمتغيرات المطبقة في نموذج Black & Scholes في تسعير الخيارات الماليه ولكن يستخدم مدخلات غير مالية([73]).
ويرى البعض أنة إذا كانت قيمة الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً تتحدد في ضوء ما تولده هذه الأصول من فرص أمام المنشأه لدخول أسواق جديدة أو لزيادة حصتها في الأسواق الحاليه أو لتطوير منتجات جديدة،فإن مدخل الخيارات الحقيقية يعتبر أداة مفيدة في تقدير القيمة المتوقعه للأصول غير الملموسه التي مازالت تحت التطوير والتي قد لا يوجد دليل على إمكانية تسويقها، فبدلاً من أن ننظر للأصل أو المشروع على أنه فقط مصدر للتدفقات النقديه المستقبليه فإنه يجب أن ننظر إليه على أنه سلسلة من الخيارات التي إذا تم ممارستها يمكن أن تولد خيارات وتدفقات نقديه أخرى ([74]).
ويرى مؤيدو أسلوب الخيارات الحقيقية أن استخدام نموذج تسعير الخيارات في التنبؤ بقيمة الأصول غير الملموسه يؤدي إلى تلافي الانتقادات الموجه للأساليب التقليدية المستخدمة في هذا المجال وبخاصة نموذج صافي القيمة الحاليه وما يرتبط به من عدم الموضوعية وخاصة عند تحديد معدل الخصم المستخدم، بالإضافة إلى عدم قدرته على التحديد الدقيق للقيمة الاقتصاديه للاستثمارات غير الملموسه في ظل بيئة أعمال تتسم بسرعة التغيير وعدم التأكد ([75]).
ووفقاً لـ Johnathan فإن أسلوب الخيارات الحقيقية يمكن استخدامه في تقدير قيمة أصول الملكيه الفكريه وغيرها من المشروعات الاستثمارية غير الملموسه التي تتسم بالغموض وصعوبة التنبؤ بنجاحها أو فشلها في المستقبل، فهذا الأسلوب لا يعمل على تفادي عدم التأكد والمخاطرة، ولكن ما يقوم به هذا النموذج هو محاولة تحديد درجةالمخاطرة وعدم التأكد المحيط بالمشروعات الاستثمارية غير الملموسه بشكل واضح من خلال استخدام الأساليب الإحصائية الأمر الذي يؤدي إلى المساعدة في اتخاذ القرارات([76]).
وفي ضوء الدراسة التي أجراها مركز بحوث جامعة فلوريدا لتقييم منافع مشروعات البحوث والتطوير والعائد الاقتصادي المتوقع منها، توصل المركز إلى أن مدخل الخيارات الحقيقية من بين غيره من مداخل التقييم الأخرى قادر على تقدير منافع مشروعات البحوث والتطوير التي مازالت تحت التنفيذ، ويساعد على اتخاذ القرارات بشأنها ([77]).
ويرى Luehrman أن ما تولده الأصول غير الملموسه من فرص أمام منشآت الأعمال يعتبر بمثابة خيارات حقيقية ولها نفس خصائص وسمات الخيارات الماليه، فمثلاً إذا توافر الدليل على جدوى وصلاحية أحد مشروعات البحوث والتطوير سوف تستمر المنشأه في الاستثمار في هذا المشروع، تماماً كما هو الحال في الخيار المالي إذا ارتفع سعر السهم موضوع الخيار فإن حائز الخيار المالي سوف يقوم بتنفيذه ([78]).
يستخلص الباحث مما سبق أن مدخل القياس على أساس التكلفه التاريخيه لا يصلح لقياس قيمة المنافع الاقتصاديه المتوقعه من الأصول غير الملموسه المطوره داخلياً وأن مدخل القياس على أساس القيمة العادله هو المدخل الأكثر ملاءمة للاستخدام في هذا المجال على أن يتم الاعتماد على القيمة الحاليه للتدفقات النقديه المتوقعه في تحديد القيمة العادله للأصول غير الملموسه المطوره داخلياً نظراً لعدم وجود أسعار سوقية لهذه الأصول كما أنه يمكن الاعتماد على مدخل الخيارات الحقيقية في تحديد القيمة المتوقعه لمشروعات البحوث والتطوير التي لم تكتمل بعد،وسوف يتناول الباحث من خلال المبحث الثالث المعالجه المحاسبيه للأصول غير الملموسه وفقاً للمعايير المحاسبيه الصادره عن المنظمات المهنيه لتحديد أوجة القصور والمشاكل المترتبة على تلك المعالجه.
(1)Financial Accounting Standard Board, (FASB), Concept Statement No.1 "Objectives of Financial Reporting by Business Enterprise", November, 1978.
)[2](Johnson, Todd, “ Understanding the Conceptual Framework “ , Article from the FASB Report , Dec , 2004 , P.1.
(1) Upton, Wayne S., "Business and Financial Reporting, Challenge from the New Economy", Spcial Report, Financial Accounting Standards Board, P. 61.
(2)Financial Accounting Standard Board, (FASB), Concept Statement No.6 "Elements of Financial Statements", December, 1985, Para, 25-26.
(1)Ibid , Para 44
(2) FASB Response to SEC Study on ,"The Adoption of a Principle – Based Accounting system “, July 2004, P.9.
(3)International Accounting Standard Committee, (IASC), "Framework for the Preparation and Presentation of Financial Statements", April, 1989, Para, 49.
(4) Ibid, Para. 55.
([9])Nasha,Humphrey H., "Accounting for the Future ", available at :// home . sprintmait .com /~humphreynash/2000,p2.
)[10])Financial Accounting Standard Board,( FASB) , Concept Statement No.7 "Using Cash Flow Information and Present Value in Accounting Measurement"
Feb., 2000.
)[11](Financial Accounting Standards Board , (FASB) , Concept Statement No.5 "Recognition and Measurement in Financial Statements of Business Enterprise" 1986.
([12](Johnson, Todd, "Relevance and Reliability", Article from FASB Report, Feb, 2005, P.1.
([13](International Accounting Standard Committee, (IASC), "Framework for the Preparation and Presentation of Financial Statement ",Op.Cit, Para, 83.
([14](Ibid, Para, 89 – 90.
([15]( Australian Accounting standard Board , (AASB),Statement of Accounting Concepts (SAC4) , " Definition Statements " 1995 , PP 3 – 4.
([16]( Upton,Wayne S, op.cit. PP. 75-76.
([17])Commission of the European Communities, Enterprise Directorate General,
"Study on the Measurement of Intangible Assets and Associated Reporting Practices", available at. http://europe-eu-int/comm/enterprise/services, April, 2003 P.110.
([18]( Green, Berks and Naik, Edward, "Valuation and Return Dynamics of New Ventures", Oxford Journals, Social Sciences, Review of Financial Studies, vol. 17 November 2004. PP 1 – 3.
[19]- لمزيد من التفصيل عن مفهوم الأهميه النسبيه راجع:
- محمد أمين عبدالله قايد، " مفهوم الأهميه النسبيه فى المحاسبه والمراجعه المشكله والطريق إلى الحل"، مجلة المحاسبه والإدارة والتأمين،كلية التجاره، جامعة القاهره، ع 31، 1984.
([20](Lev, Burch, "Intangibles Management, Measurement and Reporting" Brooking Institution, Press, Washington, 2001, P. 51.
([21]) Ibid, P. 18.
1- محمد حسين أحمد حسن، "قياس متطلبات التقارير الماليه الموجزة بالتطبيق على القطاعات الرئيسية للمستفيدين بالمملكة العربية السعودية"، مجلة الدراسات والبحوث التجارية، كلية التجارة ببنها، جامعة الزقازيق، ع2، 1998، ص61.
(1) Belkaoui, Ahmed Riahi, "Accounting Theory", Fourth Edition, Business Press, Thomson Learning,2001,P.37
([24]) AAA., Committee on Foundation of Accounting Measurement, "Report of the Committee on Foundation of Accounting Measurement, The Accounting Review, supplement, 1971, P.3.
([25]) R., J., Chambers, "Wanted Foundation of Accounting Measurement", Abacus, March, 1998, P.37.
([26]) Hendriksen , E.S& Breda , " Accounting Theory ", 5th ed., Irwin , inc , Homewood , Boston , 1992 , P.488.
(1) عبد الحميد أحمد محمود، " القياس المحاسبي للأصول : مدخل نظرية القياس " مجلة البحوث التجارية المعاصرة – كلية التجارة بسوهاج – المجلد الرابع عشر – العدد الأول – يونية 2000 – ص11.
(2) عباس مهدي الشيرازي – مرجع سبق ذكره – ص 63 – 69.
([29]) Financial Accounting standard Board, (FASB), Statement of Financial Accounting Concept, No.2, Op.cit.
(1) لمزيد من التفصيل عن التحفظ فى المحاسبه راجع على سبيل المثال:
-عباس مهدى الشيرازى، مرجع سبق ذكرة.
- F., Schaefer, ET. Al., "Accounting Conservatism and the Valuation of Accounting Number", working Paper, University of Notre Dame.1998.
- S., Basu, "The Conservatism Principle and the Asymmetric Timeliness of Earnnings", Journal of Accounting and Economics, Vol.24, No.1, 1997.
(2) عبد الحميد أحمد محمود، مرجع سبق ذكره، ص 29 – 30.
(1)عباس مهدي الشيرازي، مرجع سبق ذكره، ص 311.
([33]) Paton, William, "Cost and Value in Accounting", Journal of Accountancy,
Mach, 1946. نقلا عن
- M., Foster John and Upton, Wayne, “ Understanding the Issues: The Case for Initially Measuring Liabilities At Fair Value “, Financial Accounting Standard Board, Volume2, series 1, May 2001, P. 3
([34])Commission of the European Communities Enterprise Directorate General "Study on the Measurement of Intangible Assets and Associated Reporting Practices ", op.cit., P.98-99.
([35]) Upton, Wayne, "Business and Financial Reporting, Challenges from the New Economy", op.cit. P.85.
(1) طارق عبد العال حماد " مشكلات تطبيق المحاسبه عن القيمة العادله في البيئة المصرية بالتطبيق على البنوك " المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة، كلية التجارة، جامعة عين شمس، العدد الثاني، 2002 ص 512.
([37]) Financial Accounting Standard Board, (FASB), SFAS No107, "Disclosure About Fair Value of Financial Instrument", 1991.
([38])Financial Accounting Standard Board, (FASB), SFAS No.115, "Accounting for Certain Investment Debt and Equity Securities", 1993.
([39])Financial Accounting Standard Board, (FASB), SFAS No. 133, "Accounting for Derivative Instruments and Hedging Activities", 1998.
([40]) Financial Accounting Standard Board, (FASB), SFAC No.7, "Using Cash Flow Information and Present Value in Accounting Measurements", op,cit.P.14.
([41]) International Accounting Standard Committee, (IASC), IAS No.39, " Financial Instruments: Recognition and Measurement ", 1998.
([42](International Accounting Standard Committee, IAS (40), "Investment Property", 2003.
([43])International Accounting Standard Committee, (IASC), IAS (41)," Agriculture" 2001.
([44])Dullaway, David and Bice, Anthony, "How Fair Is Fair Value" Available at www.towrs.com/towers _publications / emphasis -2002, P.1.
([45]) Australian Accounting Standard Board, (AASB), Statement No.1041 "Revaluation of Non Current Assets", Melbourne, 2001.
([46]) Accounting Standard Board, (ASB), FRS (15), "Tangible Fixed Assets", London Institute of Chartered Accounting in England and Wales, 1999.
([47]) Accounting Standard Board, (ASB), SASP, No (119), "Accounting for Investment Properties ", Institute of Chartered Accountants in England and Wales, 1981.
([48]) Nelson, Karen, "Fair Value Accounting for Commercial Banks, an Empirical Analysis of SFAS, No. 107 ", Accounting Review, April, 1996, P.162.
([49](Gesmendi, David, "Fair Value Accounting and the Need for Industry Specific Rules", Available at, www.fairvalueaccounting/Business.
([50]) Willis, Diana, "Financial Assets and Liabilities – Fair Value or Historical
Cost?",Available at fvv/ewP-doc, 2002 P.1.
([51]) Barth, Mary, Et.al., "Response to the FASB Exposure Draft Disclosure about Derivatives Financial Instruments “, Accounting Horizons, Vol. 9 March, 1995, P. 96.
([52]) Rold,Zolks, "New FASB Standard on Bond Holdings May Prompt Increase in Rates for Buyers", Journal of Business and Insurance, Vol. 28 April, 1994, P. 80.
([53]) International Accounting Standard Committee, (IASC), IAS (38), op. cit. Para 7.
([54]) Financial Accounting Standard Board, (FASB), Concept Statement No. (7) Op.cit., P.12.
([55]) Financial accounting standard Board, (FASB), "Fair Value Measurement", Exposure Draft Proposed Statement of Financial Accounting Standards, September 2004.
([56])Financial Accounting Standard Board, FASB Statement No.142, "Goodwill and Other Intangible Assets", May, 2001, Para 23.
([57])International Accounting standard committee, IASC, IAS, No 41, op.cit. P.2.
([58])Financial Accounting standard Board, FASB statement No,142 , op.cit., Para24.
([59])FASB, Financial Accounting Standard Board FASC No (2) , "Qualitative Characteristics of Accounting Information", May,1980.
([60]) Willis, Diana, op.cit. P.2.
(1) محمد عبد الفتاح محمد عبد الفتاح، " الإفصاح عن القيمة العادله لبنود الأصول طويلة الآجل وتأثيره على جودة المعلومات المحاسبيه وموقف المراجع – دراسة ميدانية "، مجلة الفكر المحاسبي، كلية التجارة، جامعة عين شمس، عدد ثاني، السنة السادس، 2002 ، ص 154 – 155.
(2) لمزيد من التفصيل عن القياس على أساس القيمة العادله راجع:
- Barth, E., Marye, "Fair Value Accounting Evidence from Investment Securities and Market Valuation of Banks", the Accounting Review, Jan., 1994.
-E., Baton, "Timing of Assets Sales and Earning Manipulation", the Accounting Review, Dec, 1993.
(1) IASC, "Framework for Preparation and Presentation Financial reporting" op.cit. Para 86.
([64])International Accounting Standard Committee, (IASC),IAS No (36), op. cit., Para, 5.
([65]) Financial Accounting Standard Board, (FASB), Concept Statement, NO.7, Op.cit.Para.32.
([66]) International Accounting Standard Committee, )IAS( ,IAS No (36), op. cit .,
Para, 16.
([67]) Financial Accounting standard Board, (FASB), SFAC, No (7) Op. cit., Para 33.
([68] (Donald, J.Reifer, "Use of Real Options Theory to Value Software Trade Secrets" Available at www.soberit.hut.fi/edser-s.2002,P.1.
([69] (Zambon, S., " Accounting for Intangible and Intellectual Capital: An Overview of the issues and some considerations ", op. cit., P.9.
([70]) Upton, Wayne, "Business and financial Reporting, Challenges from the New Economy", op.cit. P.92.
([71]) Stewart, Myers, "Determination of capital Borrowing", Journal of Financial Economics, vol. 5, 1977.
نقلاً عن :
- Bob, Jensen, "Threads on Real Option Pricing Theory" 2001, P.1. Available at www.trinity.edu/rjensen/realopt.
(1)لمزيد من التفاصيل عن الخيارات الماليه راجع على سبيل المثال:
- منير إبراهيم هندي، " الفكر الحديث في مجال الاستثمار "، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1996، ص 563 – 678.
- محمد صالح الحناوي " تحليل وتقييم الأسهم والسندات : مدخل الهندسة الماليه، الدار الجامعية، الإسكندرية، 1998، ص 331 – 464.
([73]) Zambon, S., " Accounting for Intangible and Intellectual Capital : an Overview of the Issues and Some considerations ", op. cit. P.20.
([74](Upton, Wayne, "Business and Financial Reporting, Challenges from The New Economy", op.cit. P.93.
(1) راجع على سبيل المثال :
- Christophe, Bonteiller , " The Evaluation of Intangibles Advocating for an Option Based Approach " available at www.departments.Bucknelf.edu/management,2002
- Bob, Jensen, op.cit. P.2.
([76])Mum, Johnathan, " Real Options Analysis : Tools and Techniques for Valuing Strategic Investment & Decision " John Wiley& Sons , 2002. P.3.
([77]) Sisinnio, concas and Stephen, Reich, "Valuing the Benefit of Transportation Research a Matrix Approach", Summary of Final Report BC 353 24, Center for Urben Transportation Research at the University of South Florida.
([78]) luerhman , T.A., " What's it Worth ?a General Manager's Guide to Valuation " Harvard Business Review , May , June , 1997 , P.P132-133.