هذا الموضوع تم كتابته قبل ثورة 25 يناير
تمخض الجبل فولد فأرا
فوزى عبد الله متولى – المستشار الضريبى لمؤسسة أبو السعود
وكيل الوزارة بالجهاز المركزى للمحاسبات سابقاً
لم أجد عنوانا يعبر عن موضوعى هذا سوى هذا العنوان !
لا تتعجبوا زملائى المحاسبين وخبراء الضرائب الأعزاء من هذا العنوان ،لأنه حقيقى وليس فيه أى مواربه أو إستهزاء حيث أن المادة 94 من قانون رقم 91 لسنة 2005 قضت بأنه على المصلحة فحص إقرارات الممولين سنوياً من خلال عيتة يصدر بقواعد ومعايير تحديدها قرار من وزير المالية بناءً على عرض رئيس المصلحة وإنتظرنا طويلاً لنعرف ماذا تخبئة مصلحة الضرائب لمموليها بإختيارها لعينة الإقرارات المقدمة عن عامى 2005/2006 التى تقدم الممولين بإقرارتهم عنها وبتاريخ 8/5/2007 فؤجئنا بصدور قرار السيد الدكتور / وزير المالية رقم (272) لسنة 2007 بقواعد ومعايير تحديد عينه فحص إقرارات الممولين عن عامى 2005 ، ثم صدر بعد ذلك القرار رقم (659) لسنة 2008 بقواعد ومعايير تحديد عينة فحص إقرارات الممولين عن عام 2006 وأخيراً صدر القرار رقم 772 لسنة 2009 بتحديد عينة فحص إقرارات عامى 2007/2008 .
وبإستعراض القرارات الوزارية الثلاث تبين أنها جميعاً صورة طبق الأصل فلا تغيير ولا تبديل فى تحديد قواعد ومعايير عينة الفحص من سنة لأخرى ، مما أدى إلى توحيد إختيار عينة الفحص فى جميع السنوات ، وبالتالى معرفة السادة المحاسبين والممولين معا قواعد اللعبة مما يمكنهم من تقديم إقرارات تتوائم مع تلك القواعد والمعايير وبالتالى تلافى إختيار إقراراتهم ضمن عيته الفحص عن أى سنة من السنوات ، وكان الأجدى والأحسن فنياً أن تختلف قواعد ومعايير إختيار عينة الفحص من سنة لأخرى بحيث لا يعلم الممول وهو يعد إقراره ما سيصدره الدكتور وزير المالية من قواعد ومعايير لتحديد عينة الفحص عن السنة التى يعد الممول إقراره عنها مما سيترتب علية إعداد إقرارات أقرب للصحة لمحاولة الممولين سد معظم توقعاتهم عن القواعد والمعايير سلفاً .
ونحن نرى أن توحيد قواعد ومعايير إختيار عينة الفحص لجميع السنوات يعتبر إفلاساً فنياً من قبل مصلحة الضرائب التى تعلم الكثير والكثير من قواعد إختيار عينات الفحص .
وقبل أن نتحدث عن امثلة للقواعد التي كان يقتضي اتخاذها لابد من الاشارة الي ان فحص اقرارات الممولين عن الاعوام 2005/2006/2007 بعد المواعيد المحددة قانونا ( م 94 للقانون 91 لسنة 2005 ) سيترتب عليها عدم التزام الممولين بنتائج هذا الفحص وهو ماسنفرد له بحثا مستقلا في اعداد قادمة بمشيئة الله .
والان نورد امثلة للقواعد التي يجب مراعاتها في اختيار عينات الفحص :-
قبل الخوض فى توضيح هذه القواعد والأسس لابد من الإشارة إلى ضرورة مراعاة ان هناك إختلافات كثيرة بين المنشآت الصناعية والمنشآت التجارية والمنشآت الخدمية مما يتطلب إختلاف قواعد ومعايير تحديد عينة الفحص بالنسبة لكل نوع من هذه الأنشطة .
فمثلاً الأنشطة الصناعية يمكن إتخاذ معيار الاستهلاك الكهربائى من الكيلوات / ساعة ، وعند الفحص يتم المقارنة بكمية الانتاج لسنة من سنوات الفحص وذلك عن طريق تحديد نسبة القوي المحركة لكل اله وكمية انتاجها عن طريق كتالوج كل الة .
وفي سنة أخري لابد أن بختلف هذا المعيار ويمكن اتخاذ معيار اخر للمنشات الصناعية عن طريق عدد عمال التشغيل وعدد الالات والماكينات حيث انه لو اتخذنا هذا المعيار فمن السهل التحقق من كمية الانتاج عن طريق بيانات الهيئة العامه للتوحيد القياسي ومصلحة الرقابة الصناعية حيث انها تلزم المصانع بتحديد كمية الخامات المستخدمة والطاقة الانتاجية للمصنع .
أما المنشات التجارية والخدمية فهناك معايير كثيرة يمكن اخذها في الاعتبار عند اختيار عينه الفحص نذكر منها .... وضع معيار اختيار للعينة يتمثل في اختيار الشركات التي تشتمل ميزانياتها علي قروض من البنوك.. فمن السهل فحص ملف هذه العينة عن طريق الحصول من البنوك على صور الميزانيات التى قدمتها هذه الشركات لها للحصول على قروض من البنوك ومطابقتها بالميزانيات الواردة فى الإقرارات ، فدائماً ما تظهر هذه المطابقة عن إختلافات كثيرة لأن الشركات تظهر للبنوك من خلال ميزانياتها المقدمة لها على انها شركات رابحة ولديها أصول تغطى تلك القروض الممنوحة لها بعكس ما تظهره الميزانيات عن نفس السنوات والتى قدمتها تلك الشركات لمصلحة الضرائب .
ولابد أن يختلف هذا المعيار بالنسبة للمنشأت التجارية والخدمية فى سنة تالية حتى لا يحتاط الممول فى اقراراته المقدمة بعد ذلك ... لذا يمكن لسيادة الدكتور / وزير المالية أن يتخذ معياراً أخر لفحص المنشأت التجارية وهو مطابقة بيانات الخصم والتحصيل تحت ح / الضريبة بأرقام المبيعات الواردة فى إقرارات الممولين كما يمكن أخذ معيار ثالث وهو أرقام مطابقة المبيعات والمشتريات الواردة فى الاقرارات المقدمة لمصلحة الضرائب على الدخل بالإقرارات المقدمة لمصلحة الضرائب على المبيعات .
ويوجد معايير أخرى كثيرة مثال ذلك نسب إجمالى الربح وصافى الربح التى تظهرها الاقرارات حيث يمكن أخذ هذا المعيار ومطابقة تلك النسب مع النسب السابق محاسبة الممولين عنها والربط عليهم عن سنوات سابقة من واقع موافقاتهم على قرارات لجان داخلية أو طعن أو أحكام محاكم .
مع الاسترشاد بالقرارات الوزارية العديدة السابق صدورها بتحديد نسبة اجمالي الربح وصافي الربح لكثير من السلع المستوردة والسلع التموينية ومشروعات الانتاج الحيواني .. الخ ومن هذه القرارات :
القرارات ارقام (77) , (119), (199) لسنة 1977 والقرار ( 300 ) لسنه 1985 والقرار (476) لسنه1990.
كما يمكن لسيادة الدكتور وزير المالية أخذ معيار أخر وهو إختيار عينه الفحص للإقرارات التى تظهر ميزانياتها بند حسابات جارية دائنة للمولين أو الشركاء حيث دائماً ما توضح هذه الحسابات بان الشركة تحاول تغطية حساب الصندوق صورياً إلخ ... من القواعد والمعايير الأخرى التى يمكن تحديد عينات الفحص بموجبها من سنة لأخرى .
وجدير بالذكر ان كافة القرارات التى أصدرها السيد وزير المالية بقواعد ومعايير تحديد عينة فحص إقرارات الممولين السابق الإشارة إليها تلزم مصلحة الضرائب بإصدار منشورات بالتعليمات المنفذة لتلك القواعد والمعايير .
ولقد إطلعت على إحدى هذه التعليمات العامة والصادرة من مصلحة الضرائب برقم (28) لسنة 2008 بتاريخ 19/8/2008 بمناسبة صدور القرار الوزارى رقم (272) لسنة 2007 بشأن قواعد ومعايير تحديد عينة فحص إقرارات 2005 .. وتبين أنها تنقسم إلى قسمين :-
القسم الأول خاص بحالات الحسابات ، والقسم الثانى خاص بالحالات التقديرية ، وسنتكلم فى أسس فحص الحالات التقديرية التى ركزت على مراعاة مبدأ استقلال السنوات الضريبية وإجراء اكثر من معاينة خلال السنة الواحدة ومناقشة الممول فى أوجة إيراداتة الواردة فى الإقرارات المقدمة منه والإطلاع على مالديه من مستندات مشتريات ومصروفات وفواتير بيع والتحقق من بيانات التعامل مثل الخصم تحت حساب الضريبة وبيانات الضريبة على المبيعات والجمارك والتعاقدات وإعتماد المصروفات اللازمة لمزاولة النشاط طبقاً لأحكام القانون رقم 91 لسنة 2005 ولائحتة التنفيذية .
وتلك الأسس الواردة بالتعلبمات المشار إليها لا خلاف عليها ولكن الخلاف ينحصر فى التعليمات السرية التى تسير عليها الماموريات والتى أؤكد أن الكثير من السادة مامورى الضرائب ومديرى الفحص غير راضين عنها، لأنها لا تتفق مع أى قانون أو منطق خاصة وأنة طبقاً لهذه التعليمات الغير منشورة تقضى بأن الممول الذى لا يحتفظ بمستندات مشترياتة او مصروفاتة بتم إحتساب رقم مبيعاتة بالكامل كصافى ربح _ فهل هذا معقول .
هل أمطرت السماء فى مصر سلعاً جمعها الممولين وباعوها وبالتالى لم يسددوا ثمناً لها ولا توجد أى مصروفات بشانها. . .
ونرى أن هذا الاجراء التى إتجهت إلية مصلحة الضرائب رغماً عنها تمت بتوجيهات عليا سيودى حتماً إلى زيادة حجم المنازعات التى قد يطول أمرها وبالتالى سيترتب عليه تأجيل الربط وفرص التحصيل للضريبة ويؤثر سلباً على علاقة المصلحة بمموليها وينسف الثقة والإحترام المتبادل بينهما وهو الهدف الذى سعى القانون 91 لسنة 2005 لتدعيمه فضلا عما سعى إليه أيضا بالإجهاز على رصيد المنازعات الضخم المرفوع بشأنه دعاوى أمام المحاكم على اختلاف درجاتها وفقا لما قضت به المادة السادسة من هذا القانون ، والتى حددت نسبا معينة يتم سدادها وفقا للتفصيل الوارد بهذه المادة بحيث يترتب على سداد هذه النسب براءة ذمة الممول من قيمة الضريبة المتنازع عليها وانتهاء الخصومة فى الدعوى...
وسيترتب على إتباع هذه التقديرات الجزافية الخرافية تكدس المنازعات مرة أخرى أمام المحاكم لأن الممول لن يجد أمامه سوى المحاكم نظرا لما يقال الآن بالمأموريات بأن هناك تعليمات من السيد الدكتور وزير المالية للجان الداخلية بعدم انهاء المنازعات القائمة على هذه التقديرات بغير ما انتهت إليه المأموريات والخوف كل الخوف أن تكون هذه التعليمات قد صدرت أيضا للجان الطعن استنادا إلى ما قضت به الفقرة الأخيرة من المادة (120) قانون 91 لسنة 2005 بأن لجان الطعن تكون تابعة مباشرة للوزير الذى يقوم بتحديد مقارها واختصاصاتها ومكافأت أعضائها.
ومما تجدر الإشارة إلية فى هذا الخصوص أن المصلحة كات تعلن دائماً ان لجؤها إلى تحديد أرباح مموليها بطريقة التقدير لا يعتبر بمثابة جزاء أو عقاب إنما هو إجراء قانونى يتخذ كوسيلة للوصول إلى تحديد أرباح الممول بما يتمشى مع قواعد العدالة والمنطق والتطبيق السليم لأحكام قوانين الضرائب بكل الموضوعية والأمانة والشرف والبعد عن المغالاة والشطط دون إفراط او تفريط إيماناً للدور الهام الذى تلعبة السياسة الضريبية فى نجاح خطة الإصلاح الإقتصادى .
وأخيرا نود أن نوضح لسيادة الدكتور/وزير المالية أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكمها فى القضية رقم 18 لسنة 15 قضائية الصادر بجلسة 11/12/2005 والتى رأت فيه "أن على القانون الضريبي أن يعين وعاء الضريبة أو قاعدتها تعيينا دقيقا يؤدى إلى الوصول إلى التقدير الحقيقي للمال الذى تحمل به الضريبة وتشترط أن يكون هذا الوعاء محققا وليس محتملا وأن يكون محددا لا متسعا وفضفاضا وأن يستند إلى أسس واقعية لا افتراضية ولا حكمية لأن فى التعيين الدقيق لوعاء الضريبة ضمان لتحقيق العدالة الضريبية التى يقوم عليها النظام الضريبي، تلك العدالة التى تصون مال الممول من انتزاعه تحت ستار ضريبة غير مشروعة وتحمى حق الخزانة العامة من الضياع جراء وعاء محل للتنازع والاختلاف "
وأرى إلغاء هذه التعليمات السرية فوراً لأن مصلحة الضرائب تعلم جيداً انه لا يوجد أى ممول سيقبل بهذه التقديرات والتى سيترتب عليها تكدس ملفات الممولين امام لجان الطعن والمحاكم بكافة درجاتها وسيكون ممولى المصلحة فى موقف أقوى من المصلحة التى قامت بعمل تقديرات لا تتفق مع القانون أو الدستور أو المنطق أو العقل السليم والمعرضة للطعن فيها بعدم الدستورية .
__________________
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
محاسب سامح سعودى
عضو جمعية المحاسبين و المراجعين المصرية