عرض مشاركة واحدة
قديم 01-22-2013, 01:16 AM
  #2
أحمد فاروق سيد حسنين
 الصورة الرمزية أحمد فاروق سيد حسنين
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,257
افتراضي مشاركة: علاقة الموكل بالوكيل فى ظل الشرع والقانون والعرف

الوكالة فى الشرع والفقه

وفيما يلى باب الوكالة من الكتاب المُِبارك فقة السنة للشيخ السيد سابق رحمة الله

الوَكالة
معناها التفويض، تقول: وكلت أَمري إلى اللّه. أَي؛ فوضته إليه. وتطلق على الحفظ، ومنه قول اللّه _ سبحانه _: " حسبنا الله ونعم الوكيل (2)" [آل عمران: 173].
والمراد بها هنا؛ استنابة الإنسان غيره فيما يقبل النيابة.

مشروعيتُه الوكالـــــة
وقد شرعها الإسلام للحاجة إليها، فليس كل إنسان قادراً على مباشرة أموره بنفسه، فيحتاج إلى توكيل غيره ليقوم بها بالنيابة عنه، جاءَ في القرآن الكريم قولُ اللّه _ سبحانه _ في قصة أَهل الكهف: " وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً " [الكهف: 19].
وذكر اللّه عن يوسف، أَنه قال للملك: " قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَْرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ " [يوسف: 55]. وجاءت الأَحاديث الكثيرة تفيد جواز الوكالة؛ منها أَنه صلى الله عليه وسلم وكَّل أَبا رافع ورجلاً من الأَنصار فزوَّجاه ميمونةَ _ رضي اللّه عنها _ وثَبتَ عنه صلى الله عليه وسلم التوكيلُ في قضاء الدين، والتوكيل في إثبات الحدود واستيفائها، والتوكيلُ في القيام على بُدْنه، وتقسيم جِلاَلِها(1) وجلودها، وغير ذلك.
وأَجمع المسلمون على جوازها بل على استحبابها؛ لأَنها نوع من التعاون على البر والتقوى، الذي دعا إليه القرآن الكريم وحَبَّبت فيه السنة، يقول اللّه _ سبحانه _: " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ " [المائدة: 2]. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "واللّهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أَخيه".
وقد حكى صاحب "البحر" الإجماعَ على كونها مشروعة.
وفي كونها نيابةً أَو ولايةً وجهان؛ فقيل: نيابة لتحريم المخالفة. وقيل: ولايةٌ لجواز المخالفة إلى الأَصلح، كالبيع بمعجل وقد أُمر بمؤجل.



أركان الوكالـــــة
الوكالة عقد من العقود، فلا تصح إلا باستيفاء أَركانها من الإيجاب والقبول، ولا يشترط فيهما لفظ معين، بل تصح بكل ما يدل عليهما من القول أَو الفعل.
ولكل واحد من المتعاقدين أَن يرجعَ في الوكالة، ويفسخ العقد في أَي حال؛ لأَنها من العقود الجائزة. أَي؛ غير اللازمة.



التَّنجيزُ والتَّعليقُ
وعقد الوكالة يصح منجزاً، ومعلقاً، ومضافاً إلى المستقبل،كما يصح مؤقتاً بوقت أَو بعمل معين؛ فالمنجز مثل: وكلتك في شراء كذا. والتعليق مثل: إن تم كذا، فأَنت وكيلي. والإضافة إلى المستقبل مثل: إن جاءَ شهر رمضان، فقد وكلتك عني. والتوقيت مثل: وكلتك مدة سنة. أَو: لتعمل كذا. وهذا مذهب الحنفية، والحنابلة. ورأي الشافعية، أَنه لا يجوز تعليقها بالشرط.
والوكالة قد تكون تبرعاً من الوكيل، وقد تكون بأَجر؛ لأَنه تصرف لغيره لا يلزمه، فجاز أَخذ العوض عليه، وحينئذ للموكل أَن يشترط عليه ألا يخرج نفسه منها، إلا بعد أَجل محدود، وإلا كان عليه التعويض(1). وإن نص في العقد على أجرة للوكيل، اعتبر أَجيراً وسرت عليه أَحكام الأَجير.



شروط الوكالـــــة
والوكالة لا تصح إلا إذا استكملت شُروطُها، وهذه الشروط منها شروط خاصة بالموكل، ومنها شروط خاصة بالوكيل، ومنها شروط خاصة بالموكَّل فيه. أَي؛ محل الوكالة.
شروطُ الموكِّلِ: ويشترط في الموكِّل أَن يكون مالكاً للتصرف فيما يؤكل فيه، فإن لم يكن مالكاً للتصرف فلا يصح توكيله، كالمجنون، والصبي غير المميز، فإنه لا يصح أَن يؤكل واحد منهما غيرَه؛ لأَن كلاًّ منهما فاقد الأَهلية، فلا يملك التصرف ابتداءً. أَما الصبي المميز، فإن يصح توكيلُه في التصرفات النافعة له نفعاً محضاً، مثل التوكيل بقبول الهبة، والصدقة، والوصية.
فإن كانت التصرفات ضارة به ضرراً محضاً، مثل الطلاق، والهبة، والصدقة، فإن توكيلَه لا يصح.
شروطُ الوكيلِ: ويشترط في الوكيل أَن يكون عاقلاً، فلو كان مجنوناً، أو معتوهاً، أَو صبياً غير مميز، فإنه لا يصح توكيله. أَما الصبي المميز، فإنه يجوز توكيلُه عند الأَحناف؛ لأَنه مثل البالغ في الإحاطة بأمور الدنيا، ولأَن عَمْراً ابن السيدة أم سلمة زوَّج أمَّه من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وكان صبياً لم يبلغ الحلُمَ بعدُ(1).
شروطُ الموكل فيه: ويشترط في الموكل فيه أَن يكون معلوماً للوكيل، أَو مجهولاً جهالة غير فاحشة، إلا إذا أَطلق الموكل،كأن يقول له: اشتر لي ما شئت. كما يشترط فيه أَن يكون قابلاً للنيابة.
ويجري ذلك في كل العقود التي يجوز للإنسان أَن يعقدها لنفسه؛ كالبيع، والشراءِ، والإجارة، وإثبات الدين والعين، والخصومة، والتقاضي، والصلح، وطلب الشفعة، والهبة، والصدقة، والرهن والارتهان، والإعارة والاستعارة، والزواج والطلاق، وإدارة الأَموال؛ سواء أَكان الموكل حاضراً أَم غائباً، وسواءً أَكان رجلاً أَم امرأَة.
روى البخاري، عن أَبي هريرة، قال: كان لرجل على النبي صلى الله عليه وسلم سنٌّ من الإبل، فجاء يتقاضاه فقال: "أَعطوه". فطلبوا له سنه فلم يجدوا إلا سناً فوقها. فقال: "أَعطوه". فقال: أَوفيتني أَوفى اللّه لك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن خيركم أَحسنكم قضاءً"(2).
قال القرطبي: فدل هذا الحديث مع صحته على جواز توكيل الحاضر الصحيح البدن؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أَمر أَصحابه أَن يعطوا عنه السن التي كانت عليه، وذلك توكيلٌ منه لهم على ذلك، ولم يكن النبيُّ صلى الله عليه وسلم مريضاً ولا مسافراً، وهذا يرد قولَ أَبي حنيفة، وسحنون في قولهما: إنه لا يجوز توكيل الحاضر الصحيح البدن، إلا برضاء الخصم. وهذا الحديث خلاف قولهما.



ضابطُ ما تجوزُ فيه الوَكالةُ
وقد وضع الفقهاءُ ضابطاً لما تجوز فيه الوكالة، فقالوا: كل عقد جاز أَن يعقده الإنسان لنفسه، جاز أَن يوكل به غيره. أَمَّا ما لا تجوز فيه الوكالة، فكل عمل لا تدخله النيابة، مثل الصلاة، والحلف، والطهارة، فإنه لا يجوز في هذه الحالات أَن يوكل الإنسان غيره فيها؛ لأَن الغرض منها الابتلاءُ والاختبار، وهو لا يحصل بفعل الغير..


يتبع





__________________
محاسب قانونى
أحمد فاروق سيد حسنين





اسألكم الدعاء لأبي وأمى
بالرحمة والمغفرة

أحمد فاروق سيد حسنين غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس