
مشاركة: صلة المعايير المحاسبية بأهداف ومفاهيم المحاسبة المالية
5/3 المشاكل النظرية والتطبيقية في قياس تكلفة الأصول الثابتة المصنعة داخلياً:
باستعراض المعيار المحاسبي المقترح لقياس الأصول الثابتة المصنعة داخلياً نجد أن المعيار يشير إلى أن تكلفة الأصل ينبغي أن تشمل أي تكاليف تم أنفاقها على تصنيع الأصل ليصل إلى الحالة التي هو عليها وإلى المكان الذي هو فيه. ومن المعلوم أن قيمة الأصل الذي تصنعه المنشأة داخلياً وترغب في استخدامه في عملياتها ينبغي ألا تزيد عن ثمن تكلفته. أي أنه لا ينبغي أن يدخل في المبلغ الذي تحمله على حساب الأصول الثابتة أي ربح. وحتى يمكن لنا تحديد العناصر التي يمكن أن تحمل على الأصل الثابت الذي تصنعه المنشأة داخلياً خاصة عناصر التكاليف غير المباشرة والطريقة التي يمكن أن تحمل بها فمن المستحسن استعراض ما يدور حول هذا الموضوع من مشاكل ونقاش ووجهات نظر مختلفة :
ـ تمر الأصول الثابتة المصنعة في مراحل وتدخل فيها عناصر تكاليف مختلفة ، لذا لازالت تبرز بعض المشاكل النظرية والتطبيقية في قياس الأصول الثابتة المصنعة التي لازالت في حاجة إلى حلول مثل أي طرق التكاليف التي ينبغي اتباعها. التكلفة المباشرة Direct Cost أو التكلفة الكلية Full Absorption Cost أو طريقة وسط بين هاتين الطريقتين. وسوف يتم فيما يلي مناقشة بعض المشاكل للخروج في النهاية بتصور يحدد في ضوئه القياس المناسب لاحتساب قيمة الأصول الثابتة المصنعة في المنشأة لغرض الاستخدام.
ـ في الماضي عندما كانت عملية الإنتاج غير معقدة ، كان مقبولاً قياس الأصول الثابتة المصنعة على أساس التكلفة الأولية (Prime Cost) أي تكلفة المواد والأجور المباشرة. وقد كان ذلك مقبولاً في تلك الأيام لأن التكلفة الأولية كانت تمثل نسبة عالية من تكلفة المنتج. وبتطور عملية التصنيع وظهور الميكنة وما تلاها من ظهور خطوط التجميع. نمت وازدادت نسبة التكاليف غير المباشرة Indirect Cost بالنسبة إلى التكاليف الكلية Full Absorption Cost مما أصبح معه من الضروري عدم الاستمرار في قياس الأصول الثابتة المصنعة داخلياً على أساس التكلفة الأولية لأن حساب التكلفة على هذا الأساس لا يظهر الأصل بالتكلفة التي تم تكبدها في سبيل إنتاجها. وتبعاً لذلك تم تطوير نظام تكاليف بغية تسهيل عملية توزيع تكاليف الإنتاج غير المباشرة كان الهدف أساساً من ذلك هو اتخاذ قرار لقياس الأصول المصنعة.
ـ بالرغم من أن الأمر في النهاية يرجع إلى المنشأة نفسها لوضع وتطوير نظام تكاليف فإن النظام يمكن تصنيفه بأنه يقع بين مفهومي التكاليف المباشرة والتكاليف الكلية. وهذين المفهومين يختلفان فقط في مفهوم أساسي هو المعالجة المحاسبية للمصاريف غير المباشرة الثابتة.
ـ حسب مفهوم التكاليف المباشرة فإن المصاريف غير المباشرة الثابتة يتم معالجتها على أساس زمني وعليه يتم استبعادها من تكلفة الصنع، أما بموجب مفهوم التكاليف الكلية فإن المصاريف غير المباشرة الثابتة تحمل إلى تكلفة الصنع وبذا تكون جزء من تكلفة المنتج. وقد ثار جدل عبر السنين حول هذا الموضوع بين مؤيد ومعارض لهذا المفهوم. وفي الجوهر يرى مؤيدو مفهوم التكاليف المباشرة أن المصاريف غير المباشرة الثابتة (الإيجار مثلاً) تكون أقرب إلى حجم الإنتاج وليس إلى إنتاج الوحدة. لذا ينبغي تحميلها إلى حساب الأرباح والخسائر على أساس زمني. أما مؤيدو مفهوم التكاليف الكلية فيرون أن التكاليف غير المباشرة الثابتة ينبغي تحميلها للإنتاج طالما أنها مصاريف ضرورية لإنتاج السلع.
ـ بالإضافة إلى ما تقدم فقد برز تعقيد من خلال الاختلاف في هدف التقارير المالية المعدة للاستخدام الداخلي والتقارير المالية المعدة للاستخدام الخارجي. ونظراً لأهمية التحاليل التي تستخدم في المحاسبة الإدارية وقياس الأداء فإن كثيراً من رجال الأعمال يتبنون مفهوم التكاليف المباشرة لغرض التقارير الداخلية. ومن ناحية أخرى نلاحظ أن الجهات المسئولة عن إعداد معايير المحاسبة في كثير من الدول تميل إلى حد كبير إلى استخدام التكلفة الكلية لغرض التقارير المالية الخارجية.
ـ واضح مما تقدم أنه ليس هناك خلاف في تحديد التكاليف المباشرة واعتبارها جزء من ثمن تكلفة تحويل المنتج ولكن الخلاف يبرز في ماهية المصاريف غير المباشرة التي ينبغي أن تحمل على تكلفة التحويل وما هي التكاليف التي ينبغي أن لا تشملها تكلفة التحويل.
ـ أن الجزء الكبير من التكلفة يتضمن مشاكل بسيطة تتعلق بإدراج التكاليف المباشرة في تكلفة الأصل ولكن المشاكل التي نواجهها حسبما أشرنا هي التي تبرز عند إدراج بعض المصاريف غير المباشرة والكيفية التي يمكن بها أدراج هذه المصاريف غير المباشرة في قيمة الأصل ونناقش في الفقرات التالية بعض هذه المشاكل.
ـ تكلفة التوزيع : تجيز الممارسات المحاسبية تحميل جزء من المصاريف غير المباشرة غير الإنتاجية التي يتم تكبدها خلال دورات العمل العادية لتكلفة التحويل ، لجعل المنتج في حالته الحالية ومكانه الذي هو فيه وكنتيجة لهذا فإن تحميل المنتج بتكاليف نقله من مكان صنعه إلى مكان استخدامه، تعتبر تكاليف مسموح بها لأنها تعتبر جزء من التكلفة التي تتكبدها المنشأة خلال دورة العمل العادية لجعل الأصل في مكانه الحالي.
ـ المصاريف الإدارية والعمومية غير المباشرة : أن التكاليف العمومية، عكس النفقات ذات الطبيعة الوظيفية ، كنفقات الإدارة العليا لا تعتبر عادة تكاليف إنتاج ، لذا ينبغي استبعادها من قيمة الأصل.
وقد يكون من غير الممكن الفصل بين الوظائف الإدارية العليا في المنشآت الصغيرة. ففي مثل هذه الأحوال يمكن تقسيم النفقات الإدارية بعدالة على أساس ملائم على وظائف ، الإنتاج ، التسويق ، البيع ، الإدارة ، وعليه فإن المصاريف غير المباشرة المتعلقة بإدارات الخدمات. مثل مصاريف أقسام المحاسبة وشئون الموظفين ينبغي تحميلها على الوظائف الرئيسية للإنتاج ، التسويق ، البيع ، والشئون الإدارية على أسس تعكس مقدار المساندة التي يقدمها قسم الخدمات إلى هذه الأقسام الوظيفية ، حيث ينبغي أن يعتمد هذا التقسيم على الوظيفة/ الوظائف التي تقدمها الإدارة التي تقدم الخدمة. فعلى سبيل المثال.. تقوم إدارة الحسابات بمساندة الوظائف التالية:
أ - الإنتاج - وذلك عن طريق دفع المرتبات والأجور المباشرة وغير المباشرة وعن طريق مراقبة المشتريات، إعداد التقارير الدورية لكل وحدة إنتاج.
ب- التسويق والتوزيع - عن طريق تحليل المبيعات ومراقبة أستاذ المبيعات.
ج- المصاريف الإدارية والعمومية - وذلك عن طريق تحضير الحسابات الإدارية والقوائم المالية السنوية للأقسام والميزانيات التقديرية ، مراقبة مصادر النقدية والتخطيط للاستثمار.
د - يمكن توزيع التكاليف المتعلقة بقسم المحاسبة على قسم الإنتاج وبالتالي يمكن أن تكون جزء من تكاليف التحويل.
هـ وقد تبنى مشروع المعيار هذا الاتجاه حيث يفهم منه أن المصاريف غير المباشرة. غير مصاريف الإنتاج غير المباشرة ، يمكن أن تدرج ضمن تكاليف الأصل إذا كان هناك وضوح أنها ساهمت في جعل الأصل في حالته الحالية ومكانه الموجود فيه.
ـ توزيـع المصاريف غير المباشرة : يمكن تحميل المصاريف غير المباشرة إلى الأصل على أساس مستوى النشاط العادي للمنشأة ويمكن الاسترشاد بالعوامل التالية التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تحديد اصطلاح (عادي).
أ - كمية الإنتاج المقدر لوسائل الإنتاج أن تنتجها حسب تصميم مصمم الآلات وحسب تقدير الإدارة للإنتاج تحت ظروف التشغيل السائدة خلال العام (وردية واحدة أو ورديتين).
ب- مستوى النشاط المخطط له في الميزانية التقديرية خلال العام الجاري والعام القادم.
ج- مستوى النشاط المحقق فعلاً خلال العام الجاري والعام المنصرم.
ـ الطاقة العادية للإنتاج : وقد تم تعريف الطاقة العادية للإنتاج بأنها مستوى الإنتاج المخطط له أو مستوى الإنتاج المتوقع لعدة سنوات. وعلى أي حال خلال فترة بداية الإنتاج وحتى نقطة وصول مستوى التشغيل إلى المستوى العادي. فإن المستوى الفعلي للنشاط يؤخذ على أساس أنه المستوى العادي. ويرجع السبب في هذا إلى أنه من غير المعقول تحميل الأرباح والخسائر تكاليف بدء التشغيل التي من المتوقع أن تنتج إيراداً في المستقبل. أن معدل تغطية فترة بداية الإنتاج يجب أن تبنى على مستوى النشاط الذي يمكن الحصول عليه عندما يعمل المصنع في مستوى الإنتاج العادي. ولكن من غير المحتمل أن يتم هذا في الحياة العملية في السنة الأولى من بداية حياة المصنع لأن النتيجة تكون منخفضة وذلك بسبب الاعتراف بتكاليف غير متكررة يتم تكبدها خلال فترة بدء الإنتاج.
ـ التكاليف العادية : ليس المهم كيف يتم توزيع المصاريف غير المباشرة على الأصل ولكن المهم هو التأكد من أن التكاليف العادية هي التي ينبغي أن يحمل بها الأصل وهذا يعني أن النفقات غير العادية مثل المنتج التالف الزائد عن المعتاد والتكلفة الزائدة للطاقة ينبغي تحميلها على حساب الأرباح والخسائر. ويحدث هذا بصورة آلية كنتيجة لاستخدام التكاليف المعيارية بافتراض أن التكاليف المعيارية يتم مراجعتها من فترة إلى أخرى ويتم تحميل الانحرافات بطريقة سليمة وتعالج بطريقة ملائمة. وإذا لم تتوفر تكاليف معيارية ، فإن من الضروري عدم تحميل الأصل بتكاليف غير عاديه. ومن المهم أن ندرك أنه ينبغي أن يتم هذا الفحص في جميع مستويات التكاليف بما في ذلك التكاليف المباشرة.
ـ أسس تحميل التكاليف غير المباشرة: أن التكاليف غير المباشرة التي تحمل للأصل على أساس المستوى العادي للنشاط يجب تطبيقها بردها إلى أكثر عناصر التكاليف أهميه. وهكذا ؛ فإذا كان الإنتاج يعتمد على إنتاج المعدات والآلات بنسبة أعلى من عناصر الإنتاج الأخرى فإن توزيع التكاليف غير المباشرة ينبغي نسبته إلى عدد ساعات تشغيل الآلات والمعدات وإذا كان الإنتاج يعتمد على الأيدي العاملة فإن توزيع التكاليف غير المباشرة ينبغي أن يكون على أساس عدد ساعات العمالة المباشرة. وفي أكثر الحالات يتم استخدام ساعات العمل لتوزيع التكاليف غير المباشرة لأن العمالة تعتبر من الناحية التاريخية العنصر المرجح في تحديد الإنتاج.
الخلاصــة :
أن القول باستبعاد كل المصاريف غير المباشرة من تكلفة التحويل لا تعتبر معالجة محاسبية مقبولة وأن ممارسة الاجتهاد المهني فيما يتعلق بتوزيع أو تحميل المصاريف غير المباشرة يعتبر أمراً لابد منه ولكنه يتطلب منا الأخذ في الاعتبار كفاية إجراءات نظام محاسبة التكاليف المستخدم في المنشأة ، جدوى المبادئ المحاسبية المطبقة والثابت في تطبيقها.. وعلى أي حال فإن ما ينبغي اعتباره جزء من تكلفة الأصل المصنع داخلياً كل ما ينفق على الأصل ليجعله في حالته التي هي عليه والمكان الذي هو فيه.
5/4 المعالجة المحاسبية للنفقات اللاحقة لتاريخ اقتناء الأصل الثابت :
قد تتطلب ظروف بعض الأصول الثابتة الأنفاق عليها بعد تاريخ اقتنائها وسوف يتم فيما يلي مناقشة ما ورد في مفاهيم المحاسبة السعودية ومعيار المحاسبة الدولي لمحاسبة الأصول الثابتة فيما يتعلق بالنفقات اللاحقة.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله
if you fail to plan you plan to fail
كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم