تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: مصري - أعمل الكويت
المشاركات: 729

مشاركة: تساؤلات اقتصادية شرعية والإجابة
♦ حكم التعامل المالى مع غير المسلمين المسالمين منهم والمحاربين• الإسلام دين التعايش السلمى مع غير المسلمين :
الإسلام دين عالمى يدعو إلى السلام والتعاون وتحقيق الخير للناس جميعاً فى إطار مجموعة من الضوابط المستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية ، ولم يُحَرِّمْ هذا الدين المعاملات المالية والتجارية وغيرها مع غير المسلمين ، ومن الأدلة على ذلك دور التجار المسلمين فى صدر الدولة الإسلامية فى التجوال فى أنحاء العالم وتعاملهم مع غير المسلمين تجاراً ودعاة ، وبفضل جهودهم تمكنوا من التعريف بدين الله واعتنق كثير منهم الإسلام عن إيمان راسخ وأصبحوا فيما بعد من رواد الدعوة الإسلامية .
♦ حكم التعامل مع غير المسلمين
لا تحرم الشريعة الإسلامية المعاملات مع غير المسلمين المسالمين بضوابط شرعية تتمثل فى الآتى( ) :
1) العدل وعدم الاعتداء أو ظلم الآخرين حتى ولو كانوا من غير المسلمين ، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ { [المائدة:8] .
2) البر والإحسان والمعاملة بالمثل ، ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: } لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ { [الممتحنة:8] .
3) الوفاء بالعهود والعقود ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ { [المائدة: من الآية1] .
4) المشروعية ، ويُقصد بها أن تكون العقود والعهود والمعاملات وما فى حكم ذلك متفقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية من حيث إنفاذ الحلال وإبطال الحرام وهذا وفقاً للقاعدة الشرعية التى تقول : (( المؤمنون عند شروطهم ، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرَّم حلالاً )) .
5) عدم المساس بمقاصد الشريعة الإسلامية ، ويقصد بذلك عدم الإضرار بالدين والنفس والعقل والعِرض والمال ، فلا ضرر ولا ضِرار .
6) الأولوية للتعامل مع المسلمين فهم أولى بالرعاية ، ودليل ذلك من الكتاب قول الله U : } وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ { [التوبة:71] ، وقولـه سبحانه وتعالى : } إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا { [المائدة:55] ، وقول الرسول r : p المؤمن لمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا i [البخارى ومسلم] ، ولا يكون التعامل مع غير المسلمين إلا عند الحاجة .
7) حرمة الاعتداء على أموالهم سواء بالسرقة أو الغصب أو الإتلاف أو نحو ذلك ، وأكد ذلك الإمام على بن أبى طالب t فقال : (( إنما قبلوا عقد الذمة لتكون أموالهم ودماؤهم كدمائنا )) .
وفى ضوء هذه القواعد والضوابط تكون المعاملات المالية مع غير المسلمين المسالمين مشروعة ، والمال المكتسب منها حلال ، فالإسلام دين عالمى يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .
♦ حكم التعامل المالى مع غير المسلمين المحاربين
لقد أفتى فقهاء الأمة بحرمة التعامل مع دولة معتدية محاربة ، أما بالنسبة للدولة التى توالى وتدعم الدولة المحاربة فيجوز التعامل معها عند الضرورة التى تُقاس بقدرها ، وتفصيل ذلك فى الفتاوى الصادرة عن دار الإفتاء ولجنة الفتوى بالأزهر وبيان شيوخ الأزهر على التتابع والتوالى وفتاوى مجامع الفقه الإسلامية العالمية .
ومن الأدلة التى اعتمد عليها الفقهاء هى قول الله تبارك وتعالى : } لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ { [آل عمران:28] ، وقولـه r : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ { [المائدة:51] ، وقوله سبحانه وتعالى : } إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ { [الممتحنة:9] .
ولقد أجاز فريق من الفقهاء التعامل معهم عند الضرورة فقط والتى تؤدى إلى هلاك النفس أو أعضاء من البدن أو نحو ذلك وفقاً للضوابط الشرعية التى وضعها الفقهاء للضرورة .
وتأسيساً على ما سبق فإن المال المُكتسب من المعاملات مع غير المسلمين المحاربين يعتبر حراماً يجب تطهيره وفقاً للضوابط الشرعية والكيفية التى سبق أن أشرنا إليها فى مواضع سابقة والتى تتلخص فى : التوبة والاستغفار والعزم الأكيد على تجنب مثل هذه المعاملات فى المستقبل والتخلص من هذا المال فى وجوه الخير العام .
♦ حكم التعامل مع الصهاينة وفقاً لاتفاقية الكويز
لقد حَرَّمت الشريعة الإسلامية التعامل مع العدو الصهيونى طبقاً لهذه الاتفاقية باعتبار الكيان الصهيونى دار حرب ، ولقد صدر فى هذا الشأن العديد من الفتاوى والبيانات منها على سبيل المثال ما يلى:
فتوى علماء الأزهر فى تحريم الصلح مع اليهود سنة 1956م .
فتوى علماء المسلمين عام 1989م بالأزهر بحرمة التعامل مع إسرائيل .
فتوى فضيلة الإمام الأكبر جاد الحق على جاد الحق ، مارس 1994م بحرمة التعامل مع
إسرائيل .
فتوى الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوى ، إبريل 1996م بالمقاطعة مع المعتدين .
ويُطلق على الصهاينة فى كتب الفقه الإسلامى : " أهل الحرب " فلا أمان لهم ولا عهد ، وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ { [المائدة:51] ، وتأسيساً على ذلك لا يجوز للأفراد أو رجال الأعمال التعامل مع الصهاينة .
• حكم من يتعامل مع أمريكا طبقاً لاتفاقية الكويز : ظالم
على أضعف الإيمان : لا تعتبر أمريكا دار حرب ولكن تدعم دولة معتدية محاربة ، ينطبق عليها حكم الكراهة ، ولا يجب التعامل معها إلا عند الضرورة لما فيه مصلحة لمصر ، وينطبق عليها قول الله تبارك وتعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ { [المائدة:57] ، فلقد اعتدت أمريكا على المسلمين فى أفغانستان والعراق ، وسجونها مكدسة بالمسلمين.
وفى ضوء ما سبق يجب تجنب كل معاملة تتضمن شبهات أو كراهية ودليل ذلك قول الرسول r : p إن الحلال بيِّن ، وإن الحرام بيِّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات ، فقد استبرأ لدينه وعِرضه ، ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام كالراعى يرعى حول الحِمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حِمى ، ألا وإن حِمى الله محارمه ، ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهى القلب i [رواه البخارى] .
وتأسيساً على ما سبق نميل إلى الرأى الفقهى الذى يرى ضرورة عدم التعامل (مقاطعة) مع أى دولة تدعم العدو الصهيونى حتى تعدل عن موقفها وتلتزم بالعدل وتبتعد عن العنصرية ، إلا فى حالة الضرورة التى تُقاس بقدرها ، ويجب أن يكون التعامل وفقاً لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية والتى فيها حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال ، والحذر من أى معاملة فيها طمس للهوية الإسلامية التى تمثل عزة المسلم وكرامته .
• وخلاص الأحكام الشرعية السابقة ما يلى :
أولوية التعامل المالى مع المسلمين ، ولا يكون التعامل مع غير المسلمين إلا عند الضرورة والحاجة .
جواز التعامل المالى مع غير المسلمين المسالمين وفقاً للقواعد والضوابط التى وضعها الفقهاء والمستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية .
تحريم التعامل المالى مع غير المسلمين المحاربين (دار حرب) ومن يتعامل معهم فهو منهم ومن الظالمين .
تحريم التعامل المالى مع الصهاينة وفقاً لاتفاقية الكويز المبرمة بين مصر والصهاينة وأمريكا حيث تعتبر دولة صهيون (دار حرب) .
1) ـ دكتور شوقى أحمد دنيا ، [القواعد الشرعية المنظمة للعلاقات الاقتصادية بين الدول الإسلامية وغير الإسلامية] ، بحث مقدم إلى مركز صالح عبد الله كامل بجامعة الأزهر ، مايو 1999م
ـ دكتور يوسف القرضاوى ، [غير المسلمين فى المجتمع الإسلامى] ، مكتبة وهبه .
ـ المستشار سالم البهنساوى ، [قواعد التعامل مع غير المسلمين] ، دار الوفاء ، 2004م .
ـ الدكتور عطية فياض ، [فقه المعاملات المالية مع أهل الذمة وغيرهم] ، دار النشر للجامعات ،
__________________
[]((الناجحون لا يتراجعون والمتراجعون لا ينجحون ))ربي لا تدعني أٌصاب باليأس إذا فشلت ولكن ذكّرني دائماً أن الفشل هو التجربة التي تسبق النجاح . وائــل مـــراد