تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: مصري - أعمل الكويت
المشاركات: 729

مشاركة: تساؤلات اقتصادية شرعية والإجابة
♦ حكم جوائز أوراق اليانصيب والسحب وجوائز المشترين
والتسويق الشبكى والمسابقات وأعمال خيرية
لقد انتشرت صور القمار والميسر فى المعاملات المالية والتجارية المعاصرة وأصبحت وسيلة فعالة من وسائل التسويق ولو أخذت أسماء غير القمار والميسر : جوائز السحب ، ومكافآت المشتركين ـ وجوائز المستهلكين ، والتسويق الشبكى (بزناس) ، والمعاملات المستقبلية فى البورصة ومعاملات الاختيار فى البورصة وجوائز اليانصيب غير الخيرية ومكافآت شهادات الاستثمار ، مراهنات المباريات الرياضية وما فى حكم ما سبق مما ابتدعه خبراء التسويق .
ولقد تناول فقهاء الإسلام وعلماء الاقتصاد الإسلامى هذه المعاملات بالدراسة وبيان الحكم الشرعى لها ، وبيان أثرها على التنمية الاقتصادية وسوف نتناول فى الفقرات التالية أهم عرض لبعض صور القمار والميسر المعاصرة لبيان الحلال لنلتزم به وبيان الحرام فنتجنبه حتى يفتح الله علينا بركات من السماء والأرض .
مفهوم الميسر (القمار) فى الفقه الإسلامى
قال العلماء والفقهاء أن الميسر هو القمار ، وكل شئ فيه قمار فهو من الميسر، وقال ابن عباس رضى الله عنه : الميسر هو القمار ، كانوا يتقامرون فى الجاهلية إلى أن جاء الإسلام فنهاهم الله تعالى عن هذه المعاملات والسلوكيات ، ونزل قول الله سبحانه وتعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ~ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ { [المائدة :90، 91] .
والقمار معناه اللعب على عِوضْ بأن يخرج كل واحد من اللاعبين مالاً على أن من غَلب فله أخذ المالين ،وهو حرام بالإجماع لأنه من صور أكل أموال الناس بالباطل ، ونهى الله U عن ذلك بقوله : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ { [النساء : 29] ، كما نهى رسول الله عنه فقال:
p من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله i [رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ] ، وفى صحيـح البخـارى ورد أن رسـول r قال : p من قال لصاحبه تعالى أقامرك فليتصدق أى عليه إفك ويجب عليه الصدقة للتكفير i [ رواه البخارى]
والميسر بصفة عامة معناه الضرب بالقداح على الأموال والثمار ، ولقد أجمع الفقهاء على تحريمه والسبب فى ذلك كما ورد فى القرآن الكريم أنه يلهى عن ذكر الله وعن الصلاة ، ومن المنظور الاقتصادى الإسلامى فإنه كسب بدون جهد وبدون قيمة مضافة إلى الإنتاج القومى فلا يحقق تنمية بل يقود إلى التخلف وإلى أكل أموال الناس بالباطل .
والحكم الفقهى للميسر والقمار والرهان هو التحريم ... فقد قال الفقهاء : كل شئ فيه حظ فهو من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز ، [أنظر:الفخز الرازى] ، وقالوا إن ضابط القمار المحرم هو أن يكون أحد المقامرين غانماً أو غارماً بسبب الحظ .
حكم جوائز أوراق اليانصيب :
يقوم نظام أوراق اليانصيب على شراء شخص كوبون [ورقة يانصيب] بمبلغ من المال وهدفه أن يشارك فى السحب على الجائزة أيا كانت مالاً نقدياً ، أو سيارة ، أو غير ذلك ،ثم يجرى السحب لاختيار أرقاماً معينة وهذا خاضع كلية للحظ ، ويترتب على ذلك أن مشتركاً يكسب بدون جهد ومشتركاً آخراً يخسر بسبب الحظ ، وهذا هو عين القمار الذى كان فى الجاهلية ونهى الله U عنه فى الآية السابق ذكرها وهى قول الله تبارك تعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ { [المائدة :90]
ولقد أجمع فقهاء المسلمين على تحريم أوراق اليانصيب حتى ولو كان جزءاً من ثمنها يستخدم أو يوجه إلى أغراض خيرية لأن الله طيب لا يقبل إلاّ طيباً ، ويجب أن تكون الغاية مشروعة والوسيلة كذلك مشروعة .
ولقد سئل فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر جاد الحق على جاد الحق السؤال التالى :
ما حكم الإسلام فى شراء تذاكر الحظ المشهورة باسم " اليانصيب " ؟
أجاب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر السابق جاد الحق على جاد الحق على هذا السؤال فقال( ) : " شراء هذه التذاكر المشهورة باسم " اليانصيب " من باب القمار المحرم ، وبيعها والإتّجار فيها باطل شرعاً أو فاسد للجهالة وللمخاطرة ، ويترتب على هذا التعامل أضراراً جسيمة تصيب الأفراد والمجتمعات ، فتقعدهم عن نشاط العمل الجاد ، والكسب الحلال ، وعن الاقتصاد المثمر ، وعن الشعور بالمسئولية نحو النفس والمجتمع ، وكل من يملك مالاً عن طريق شراء الحظ واليانصيب فإنما يملك مالاً حراماً خبيثاً عليه أن يتخلص منه وينتهى عنه بالتوبة إلى الله ، والندم على ما اقترف من آثام وما حصل من كسوب محرمة ، بسبب اليانصيب أو تذاكر الحظ وكم من ويلات ونكبات لحقت بالأشخاص والأسر التى ابتليت فى بعض أفرادها بأناس مقامرين فأصبحوا فى ذل وفاقة ، وعداوة وبغضاء ، وقعدوا عن الكسب الحلال ، وقد حذر الله المؤمنين من الميسر وهو القمار وبين لهم آثاره السيئة ، وأمرهم باجتنابه والبعد عنه فى قوله تعالى : }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُـوا إِنَّمَا الخَـمْرُ وَالـمَـيْـسِـرُ وَالأَنـصَـابُ وَالأَزْلامُ رِجْـسٌ مِّنْ عَـمَـلِ الـشَّـيْطَـانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ~ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ{ [المائدة :90،91]
إن على المسلمين جميعاً أن يقولوا بلى ، انتهينا ورضينا بحكم الله ، إذ ليس بعد قول الله حكم .. ولا مراء فيما أمر به وفيما نهى عنه } وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ{ [المائدة :50]
• حكم جوائز السحب المرصودة للمشتركين : تقوم بعض الشركات والمحلات والأفراد ... برصد جوائز ضخمة تغرى جمهور المستهلكين بالشراء أو الإكثار من الشراء بدون ضرورة معتبرة شرعاً لتزداد فرصتهم فى الحصول على المال النقدى أو السيارة أو المنزل أو الرحلة السياحية ونحو ذلك ، وكلما اشترى أكثر كانت فرصته أكبر ، وكل مبلغ يشترى به المشترى يعطى به كوبوناً.... وفى ميعاد وتاريخ معين يعلن بطريق القرعة عن الفائز أو الفائزين .... فالقصد من الشراء أن يغنم بالجائزة .
ولقد اختلف الفقهاء بين مجيز وغير مجيز ، فإذا لم تضيف الشركة تكلفة الجائزة ومصروفاتها إلى ثمن السلعة فهذا جائز ، أما إذا حملت الشركة المستهلك بتلك التكلفة فهذا غير جائز ، وهذا ما يحدث فعلاً .
ويرى العالم الفقيه الدكتور يوسف القرضاوى : أن هذا التعامل وإن لم يكن عين الميسر والقمار ، ففيه روح الميسر والقمار ، وهو الاعتماد على الحظ ، لا على السعى وبذل الجهد وفق سنن الله فى الكون وشبكة الأسباب والمسببات وما شرع الله لعباده من العمل فى الزراعة والصناعة والتجارة والحرف المختلفة ، فكل قصد المشترى أن ينتظر حتى تهبط عليه من السماء جائزة تغنيه من فقر ، وتعزه من ذل ، وتنقله من طبقة إلى طبقة دون أن يبذل مجهوداً أو يعطى الحياة كما أخذ منها ..... ويستطرد قائلاً أن مثل هذه المعاملات تشجع على الاتكال على الحظ ، وفيها روح الأنانية ولذلك يرى أنها محرمة .
كما حرَّم ابن باز مثل هذه المعاملات لأنها تقوم على الحظ وليس العمل وبذل الجهد .
وهناك بعض الفقهاء المعاصرين يضعون مثل هذه المعاملات فى سلة المعاملات المكروهة لأنها لا تحث على ضبط الإنفاق والاستهلاك وفق سلم الأولويات الإسلامية الضروريات والحاجيات ، وعلى العكس فإنها تشجع على الإسراف والتبذير .
• حكم التسويق الشبكى [بزناس] القائم على المكافآت والجوائز
لقد انتشر فى الوقت المعاصر نظام التسويق الشبكى [تعارف الناس عليه فى مصر باسم بزناس] ، وملخصه أن يقوم الشخص بشراء خدمة موقع على الإنترنت ويدفع مبلغاً من المال وعليه أن يغرى آخرين بعملية الشراء ..... فإذا بلغ مَنْ أغراهم تسعة يستحق له جائزة مبلغاً من المال وهكذا ، وكل فرد يحاول بكافة السبل المشروعة وغير المشروعة أن يغرى الآخرين على الشراء مُلوحاً لهم بالجائزة حتى يغنمُها .
فالمقصد والغاية من عملية الشراء والتسويق ليست السلعة أو الخدمة ولكن الحصول على الجائزة ..... فإذا لم تكن هناك جائزة أو مكافأة ما قام بعملية الشراء والتسويق أحد من هؤلاء .
ولقد أفتى فريق من الفقهاء المعاصرين منهم الأستاذ الدكتور / سامى سويلم جامعة الملك بن سعود بالسعودية والفقيه فى مؤسسة الراجحى ، والأستاذ الدكتور / صفوت حجازى من علماء الأزهر ، والأستاذ الدكتور /عبد الحى الفرماوى من علماء الأزهر ، والدكتور على السالوس وغيرهم بحرمة تلك المعاملات ومن حججهم فى ذلك ما يلى( ) :-
• أن هذه المعاملات تقوم على الحظ وليس العمل والجد أو الاستفادة المشروعة من الموقع أو الخدمة.
• التحريض على شراء خدمة ليس المشترى فى حاجة إليها ولكن غايته الكبرى هى المكافأة .
• سوف تنتهى هذه المعاملات فى نهاية المطاف إلى فريق رابح وفريق خاسر وبذلك تدخل فى نطاق القمار .
• لا تساهم فى التنمية الاقتصادية وزيادة القيمة المضافة حيث أنها عمليات وساطة غير ضرورية .
• أنها تحض (تدفع) الشباب على التفكير فى السعى وراء المكافأة ولو بطرق غير مشروعة وليس العمل الجاد المنتج.
• لا تعتبر المواقع أو الخدمات التى تسوق من الضروريات والحاجيات التى بدونها يهلك الإنسان أو يشقى .
• هناك معلومات خفيه غير معلنة حول من وراء هذا النظام المريب الذى أتى من بلاد لا نعرف هويتها علماً بأنه قد حرم فى العديد من دول العالم لأنه يقود إلى سلسلة من النصب والاحتيال .
• حكم مراهنات المسابقات الرياضية وما فى حكمها : لقد انتشر بين الناس ظاهرة المراهنات على من يكسب ، فعلى سبيل المثال : المراهنة من سوف يسبق الحصان الأبيض أم الحصان الأسود ، فيقوم كل فرد بدفع مبلغ من المال ، فمن يتحقق تنبؤه يكسب كل المال ، وكذلك المراهنة على من يكسب الفريق المصرى أم الفريق الفلسطينى .
وتعتبر هذه المراهنات من صور القمار المنهى عنه شرعاً لأنه يعتمد على الحظ .
• حكم جوائز المسابقات المدفوعة من طرف ثالث مشجع:
تقوم بعض الشركات والمؤسسات فى بعض المناسبات الدينية برصد بعض المبالغ النقدية أو الهدايا والمكافآت العينية لمن يفوز بالمركز الأول فى الجامعة أو فى المدرسة أو فى المسابقات الدينية ، وهذه الجوائز والمكافآت جائزة شرعاً لأنها مدفوعة من طرف ثالث على سبيل التبرع ، كما أن المقصد منها هو تحفيز الناس على التنافس فى الخير .
• حكم جوائز ومكافآت التشجيع على الأعمال الصالحات
تقوم بعض الجهات الخيرية والاجتماعية والدينية برصد مكافآت وجوائز لمسابقات حفظ القرآن الكريم وإعداد الأبحاث والدراسات العلمية النافعة المشروعة ، ومن مقاصدها حث الناس على التنافس على عمل الخيرات ، فهنا الغاية مشروعة ، والوسيلة مشروعة كذلك لأنه لم يدفع عِوَضاً ، ويقول العالم الفقيه الدكتور/ يوسف القرضاوى أن مثل هذه الأعمال الخيرية النافعة لا يشك عالم فى حرمتها .
ولقد حث الرسول r على المسابقة فى ثلاثة أمور فقط تدخل فى مجال التربية على روح الجهاد ، فقال : p لا سبق إلاّ فى نصل ، أو خف ، أو حافر i [أبو داود] ويقصد بالنصل : الرمح ، ويقصد بالخف : الإبل ، ويقصد بالحافر : الخيل ) .
(1) المصدر مجلة الاقتصاد الإسلامى رقم 179 فبراير ومارس 1996 م .
(1) لمزيد من التفصيل يُرجع إلى : إسلام أون لاين ، فتاوى اقتصادية معاصرة .
__________________
[]((الناجحون لا يتراجعون والمتراجعون لا ينجحون ))ربي لا تدعني أٌصاب باليأس إذا فشلت ولكن ذكّرني دائماً أن الفشل هو التجربة التي تسبق النجاح . وائــل مـــراد