
مشاركة: المحاسبة الحكومية - النفقات العامة
الأسباب الظاهرية لازدياد النفقات العامة
يقصد بالأسباب الظاهرية، تلك الأسباب التي تؤدي إلى تضخم الرقم الحسابي للنفقات العامة، دون أن يقابلها زيادة في كمية السلع والخدمات المستخدمة في إشباع الحاجات العامة، وبعبارة أخرى، تلك الأسباب التي تؤدي إلى زيادة رقم النفقات العامة، دون أن ينتج عنها زيادة عدد الحاجات العامة التي تشبعها الدولة، أو دون أن تؤدي إلى زيادة عدد الأفراد الذين يستفيدون من النفقات العامة؛ أي أن هذه الزيادة في النفقات العامة لا تؤدي إلى زيادة في كمية الخدمة العامة المقدمة للأفراد ولا في تحسين نوعية تلك الخدمات، فهي لا تعدو أن تكون مجرد زيادة رقمية، ويمكن إرجاع تلك الزيادة إلى الأسباب الظاهرية التالية:
1- انخفاض قيمة النقد:
أصبح الانخفاض في قيمة النقد مظهرا" من مظاهر الحياة الاقتصادية في العصر الحديث، ولم تفلت منه دولة من الدول، مما دفع بعض الاقتصاديين إلى القول بأن التضخم أصبح ظاهرة لصيقة بالحياة الاقتصادية للدول (1).
ويقصد بالتضخم زيادة الطلب الكلي على العرض الكلي لسلع الاستهلاك زيادة لا يستجيب لها العرض، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الأسعار أي انخفاض القوة الشرائية لوحدة النقد، وليس المقصود بالتضخم الارتفاع المؤقت للأسعار؛ بسبب عجز طارئ في أحد المحاصيل الأساسية في الاقتصاد، أو ارتفاع الأسعار مرة واحدة، ثم استقرارها بعد ذلك ولكن المقصود بالتضخم هو الارتفاع المستمر في الأسعار عبر فترة ممتدة من الزمن (2).
ويترتب على ظاهرة التضخم انخفاض قيمة النقد؛ أي أن تدفع الدولة عددا" من الوحدات النقدية للحصول على كمية من السلع والخدمات أكبر مما كانت تدفعه للحصول على الكمية نفسها من السلع والخدمات. بعبارة أخرى أن تدفع الدولة زيادة في الوحدات النقدية للحصول على كمية من السلع والخدمات كان من الممكن الحصول عليها، بمقدار أقل من الوحدات النقدية في فترة سابقة؛ أي قبل الارتفاع الحاصل في الأسعار، وهو ما يترجم بارتفاع المستوى العام للأسعار، وبذلك تتضح العلاقة الطردية بين الأسعار والنفقات العامة، حيث يتطلب ارتفاع الأسعار المزيد من النفقات العامة للحصول على القدر نفسه من السلع والخدمات، ويعني ذلك أن انخفاض قيمة النقود، يؤدي إلى زيادة النفقات العامة في جزء منها زيادة ظاهرية، يتحدد هذا الجزء بمدى الانخفاض ومعدله، ويعني ذلك أن الزيادة في النفقات العامة تعود إلى ارتفاع الأسعار وليس إلى زيادة كمية السلع والخدمات التي تحققها النفقات العامة.
وبناء" على ذلك فإن دراسة ومقارنة النفقات العامة خلال فترات مختلفة للتعرف على الزيادة الحقيقية للنفقات العامة، تتطلب أن نستبعد التغيرات التي طرأت على تدهور القوة الشرائية للنقود، ويكون ذلك بالاستعانة بالأرقام القياسية لمستوى الأسعار، للتعرف على تطور النفقات العامة بالأسعار الثابتة، وذلك باستخدام المعادلة التالية:
النفقات العامة بالأسعار الجارية
النفقات العامة بالأسعار الثابتة = × 100
المستوى العام للأسعار
2- التغير في القواعد المالية للحسابات الحكومية ([1]) :
يؤدي تغير القواعد الفنية المتبعة في إعداد الحسابات العامة للدولة إلى إحداث زيادة في حجم النفقات العامة، هذه الزيادة هي زيادة ظاهرية وليست حقيقية، كما في حالة الانتقال من طريقة الموازنة الصافية إلى طريقة الموازنة الإجمالية، فاتباع الطريقة الأولى كان يسمح لبعض الإدارات والهيئات والمؤسسات العامة، أن تخصم نفقاتها من الإيرادات التي تقوم بتحصيلها، وتوريد المبالغ الصافية وإدراجها في الموازنة العامة، ونظرا" للانتقادات التي وجهت إلى هذه الطريقة، اتجهت في العصر الحديث غالبية الدول إلى إتباع طريقة الموازنة الإجمالية، التي توجب على الهيئات والمؤسسات العامة أن تسجل جميع الإيرادات والنفقات بأنواعها كافة في الموازنة العامة، تطبيقا" لمبدأ عمومية الموازنة، مما أدى إلى تضخم رقم النفقات العامة، رغم أنه لم تحدث أية زيادة حقيقية في هذه النفقات، وهو ما يجب أن يؤخذ في الحسبان عند إجراء المقارنة بين النفقات العامة خلال فترات مختلفة.
كما تعود الزيادة الظاهرية في النفقات العامة إلى التعديل الذي تجريه الدولة عند تحديد بداية ونهاية السنة المالية على نحو يؤدي إلى زيادة مبالغ النفقات العامة، دون أن ينطوي ذلك على زيادة حقيقية في حجم النفقات العامة.
كما يؤدي تعديل مضمون النفقات العامة بين مرحلة وأخرى، بصورة تسمح باتساعه، ليشمل بعض النفقات التي لم يكن يتضمنها قبلا"، إلى زيادة ظاهرية في حجم النفقات العامة، وهو ما يجب مراعاته عند إجراء المقارنة.
إضافة إلى ذلك، فإن تعدد الموازنات العامة وتداخل عناصرها يؤدي إلى تكرار حساب بعض النفقات العامة، بحيث يؤدي إلى إحداث زيادة ظاهرية في أرقام النفقات العامة.
كما أن اختلاف الفن الإحصائي المتبع بين سنة وأخرى، قد يؤدي إلى إيجاد زيادة ظاهرية في النفقات العامة.
3- اتساع إقليم الدولة:
يؤدي اتساع رقعة الدولة، وزيادة مساحة الإقليم التابعة لها (بانضمام إقليم أو أقاليم جديدة) إلى اتجاه النفقات العامة نحو الزيادة، لمواجهة مطالب الأقاليم الجديدة، وتعد هذه الزيادة في النفقات العامة زيادة ظاهرية رقمية؛ لأنها لم تؤد إلى زيادة نصيب الفرد منها، رغم ازدياد أرقامها (مثال فترة الوحدة بين مصر وسورية، خلال الفترة 1958-1961).
4- زيادة عدد السكان:
تنشأ زيادة عدد السكان عن اتساع مساحة الدولة، والزيادة الطبيعية للسكان عن طريق التكاثر، وتؤثر الزيادة الحاصلة في السكان في زيادة حجم النفقات العامة، لمواجهة الأعباء الجديدة في ميادين مختلفة من الخدمات العامة، ولا تعود الزيادة في النفقات العامة إلى الزيادة المطلقة في عدد السكان فقط، وإنما تتأثر النفقات العامة وتزداد بفعل التغيرات الهيكلية في السكان، فارتفاع عدد الأطفال إلى إجمالي السكان، يتطلب توفير الخدمات الأساسية المناسبة لمرحلة الطفولة، وفي مرحلة لاحقة، زيادة نفقات التعليم بشكل خاص، لمواجهة تلك الزيادة الحاصلة في نسبة عدد الأطفال، كما أن زيادة عدد الشيوخ يؤدي إلى زيادة المعاشات، كما أن ارتفاع توقعات الحياة يؤدي إلى العمل على زيادة العائد من الاستثمارات التعليمية، وكل ذلك يبرر الزيادة في النفقات العامة في هذا المجال وفي المجالات الأخرى المختلفة.
ورغم أن الزيادة في النفقات العامة الناشئة عن زيادة عدد السكان لا تعتبر زيادة ظاهرية، إلا أن ما جرت العادة عليه في دراسة النماذج الاقتصادية الرياضية والقياسية لقياس معدل النمو الاقتصادي الحقيقي، أن تستبعد أثر النمو السكاني باعتبار أن هذه الزيادة السكانية هي ظاهرة طبيعية للتكاثر السكاني، وبناء" على ذلك، يتطلب التعرف على الزيادة الحقيقية في النفقات العامة إلغاء أثر الزيادة في عدد السكان في النفقات العامة، من خلال تقسيم النفقات العامة الحقيقية على عدد السكان في كل فترة من الفترات.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله
if you fail to plan you plan to fail
كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم