عرض مشاركة واحدة
قديم 10-18-2009, 07:44 AM
  #3
هشام حلمي شلبي
 الصورة الرمزية هشام حلمي شلبي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 5,223
افتراضي مشاركة: أحكام البيوع في الاسلام

فإن قيل : الصفات لا تقابل بالزيادة ، ولو قوبلت بها لجاز بيع الفضة الجيدة بأكثر منها من الرديئة ، وبيع التمر الجيد بأزيد منه من الرديء ، ولما أبطل الشارع ذلك عُلم أنه منع من مقابلة الصفات بالزيادة .

قيل : الفرق بين الصنعة التي هي أثر فعل الآدمي ، وتقابل بالأثمان، ويستحق عليها الأجرة، وبين الصفة التي هي مخلوقة لله ، لا أثر للعبد فيها ، ولا هي من صنعته ، فالشارع بحكمته وعدله منع من مقابلة هذه الصفة بزيادة ، إذ ذلك يفضي إلى نقض ما شرعه من المنع من التفاضل ، فإن التفاوت في هذه الأجناس ظاهر ، والعاقل لا يبيع جنساً بجنسه إلا لما هو بينهما من التفاوت ، فإن كانا متساويين من كل وجه لم يفعل ذلك . فلو جوز لهم مقابلة الصفات بالزيادة لم يحرم عليهم ربا الفضل ، وهذا بخلاف الصياغة التي جوز لهم المعاوضة عليها معه .

يوضحه أن المعاوضة إذا جازت على هذه الصياغة مفردة ، جازت عليها مضمومة إلى غير أصلها وجوهرها ، ولا فرق بينهما في ذلك .

يوضحه أن الشارع لا يقول لصاحب هذه الصياغة : بع هذا المصوغ بوزنه واخسر صياغتك . ولايقول له : لا تعمل هذه الصياغة واتركها ، ولا يقول له : تحيلْ على بيع المصوغ بأكثر من وزنه بأنواع الحيل ، ولم يقل قط: لاتبعه إلا بغير جنسه ، ولم يحرم على أحد أن يبيع شيئاً من الأشياء بجنسه" اهـ .

8 ـ إثبات صحة نسبة رأي ابن تيمية

يشكك بعضهم في فهم نص ابن القيم في إعلام الموقعين ، كما يشككون في صحة نسبة رأي ابن تيمية الذي نقله البعلي في الاختيارات الفقهية . فلدفع هذه التشكيكات ، أقدم هذه النصوص الستة التي لا تحتمل الأخذ والرد .

1- نص كتاب الاختيارات الفقهية :

"يجوز بيع المصوغ من الذهب والفضة بجنسه ، من غير اشتراط التماثل، ويجعل الزائد في مقابل الصنعة ، سواءً كان البيع حالاً أو مؤجلاً ، مالم يقصد كونها ثمناً" .

2- نص كتاب إعلام الموقعين:

"إن الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع، لامن جنس الأثمان (000) ، فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان ، كما لايجري بين الأثمان وبين سائر السلع، وإن كانت من غير جنسها . فإن هذه بالصناعة قد خرجت عن مقصود الأثمان، وأعدت للتجارة، فلا محذور في بيعها بجنسها ، ولا يدخلها : "إما أن تقضي وإما أن تربي" إلا كما يدخل في سائر السلع ، إذا بيعت بالثمن المؤجل ، ولاريب أن هذا قد يقع فيها . لكن لو سُدَّ على الناس ذلك لَسُدَّ عليهم باب الدَّين ، وتضرروا بذلك غاية الضرر" .

3 ـ نص كتاب المقنع :

" إلا الشيخ تقي الدين ، رحمه الله تعالى ، جوز بيع المصوغ المباح بقيمته حالاً ، قلت : وعمل الناس عليه ، وكذا جوزه نَساءً ، ما لم يقصد كونه ثمناً " .

4 ـ نص كتاب الفروع :

" وجوز شيخنا بيع المصوغ المباح بقيمته حالاً ، وكذا نَساءً ، ما لم يقصد كونه ثمناً".

5 ـ نص كتاب الإنصاف :

" إلا أن الشيخ تقي الدين ، رحمه الله ، جوز بيع المصوغ المباح بقيمته حالاً، قلت : وعمل الناس عليه، وكذا جوزه نَساءً، ما لم يقصد كونها ثمناً".

6 ـ نص كتاب كشاف القناع :

" وكذا جوزه ، أي بيع خاتم بجنسه ، بقيمته نَساءً ، ما لم يقصد كونها ثمناً ، فإن قصد ذلك لم يجز للنسأ " ، والنسأ هو النَّساء .

نقل أحد المحكمين العلميين لبحثي هذا رأياً آخر لابن تيمية . فقد سئل: "عن امرأة باعت أسورة ذهب ، بثمن معين ، إلى أجل معين ، هل يجوز أم لا ؟ فأجاب : إذا بيعت بذهب أو فضة إلى أجل لم يجز ذلك باتفاق الأئمة ، بل يجب رد الأسورة إن كانت باقية ، أو رد بدلها إن كانت فائتة " .

كما سئل : " هل يجوز بيع الحياصة بنسيئة ، بزائد على ثمنها ؟ فأجاب : أما الحياصة التي فيها ذهب أو فضة ، فلا تباع إلى أجل بفضة أو ذهب ، لكن تباع بعرض إلى أجل " .

يبدو لي أن هذا الرأي لابن تيمية هو رأيه القديم المنسوخ ، وهو فيه ناقل لآراء العلماء، وأن رأيه الآخر هو رأيه الشخصي المعتمد ، كما أظهرته كتب المذهب ، وكما هو واضح من رأي تلميذه ابن القيم . وله وجه بينه ابن تيمية نفسه ، بأن الحلي ليست أثماناً ، بل هي عروض ، كما أكد ذلك أيضاً تلميذه ابن القيم ، بمزيد من الشرح .

واعترض أحد المحكمين قائلاً : "إن تعليل النهي عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة بالثمنية ، إن جرى استعمالها كسلع يحل في بيع أحدهما بجنسه ، وبغير جنسه ، وبالنقود الورقية : النَّساء والتفاضل ، كسائر الأموال غير الربوية ، إنما هو تعليل بعلة تعود على أصلها بالإبطال، وذلك ممتنع في باب تعليل الأحكام " .

إن الأصل هنا هو الذهب والفضة، والعلة هي الثمنية ، فلا أدري كيف تعود هذه العلة على أصلها بالإبطال ؟ إذا عللنا الذهب بالثمنية ، فليس من المعقول أن نستمر في القول بأن الذهب ذهب ، بل إن الذهب ثمن ، والقول بأن الذهب ثمن ليس من شأنه العود على النص أو الأصل بالإبطال .

قالت هيئة تحرير المجلة في خطابها إليَّ : " لا يخفى عليكم أن الأخذ بقول ابن تيمية المخالف للجمهور في هذه المسألة قد يتخذه بعض الناس سبيلاً للتملص من تحريم ربا الدَّين . ذلك أن من حلي الذهب اليوم ما صنعته بسيطة تقرب نسبتها من 5% من قيمة الذهب الخالص في الحلية . فإن أجيز شراء الحلي نَساءً فقد يتخذ ذلك ذريعة لشراء الذهب بثمن مؤجل ، مع تحمل كلفة إضافية تقارب 5%" .

يعني أنهم قد يرون من المناسب التحريم سداً للذريعة . جواب هذا أن سد الذرائع تختلف فيه المذاهب ، فبعضها موسع (المالكية والحنابلة)، وبعضها مضيق (الحنفية والشافعية) . وفي كل الأحوال ، لا يمكن القضاء على الذرائع والحيل قضاءً مبرماً ، لكن مما يقلل من هذا في ظل الإسلام أن من يأتي الحيلة قد ينجو قضاءً ، ولكنه لا ينجو ديانة من الحساب عن الإثم الباطن . ولا يحسن المبالغة في سد الذرائع مخافة تعويق الأنشطة الاقتصادية والمعاملات التجارية . فقد يتظاهر الناس بالبيع ويبطنون الربا ، ولكن حيلتهم هذه لا يجب أن تؤدي إلى تحريم البيع .

وقد حاول بعض المعاصرين تحريم البيع المؤجل ، بزيادة في الثمن لأجل الأجل ، كي لا يتخذ هذا البيع ذريعة إلى الحيل الربوية . ولكن هذه المحاولة ليست مسددة ، لأنها بلا سند شرعي، بل إنها تصادم كل الأسانيد الشرعية.

9 ـ التفاضل لأجل الفصوص (دون تأجيل)

هل يجوز بيع ذهب بذهب أكثر منه ، أو فضة بفضة أكثر منها ، والزائد في مقابل الفصوص (الخرز) - البيع معجل- ؟

قد يكون لدى أحد الأفراد أو التجار ذهب يريد مبادلته بذهب آخر، فيه فصوص أو خرز، يجده لدى تاجر أو فرد ، وليس لدى المشتري نقود يشتري بها ثم يبيع . وقد تكون المبادلة ذات مبلغ كبير ، كما في المبادلة بين التجار ، فهل يجوز أن تتم المبادلة مباشرة بين الذهبين ، مع زيادة لقاء الفصوص ؟

1 ـ أجاز ذلك بعض العلماء :

قال الطحاوي (ت321هـ) : " إن كانت القلادة يحيط العلم بوزن ما فيها من الذهب، ويعلم أنه أقل من الذهب الذي بيعت به ، أو لا يحيط العلم بوزنه ، إلا أنه يعلم في الحقيقة (أنه) أقل من الثمن الذي بيعت به القلادة ، وهو ذهب ، فالبيع جائز . وذلك أنه يكون ذهبها بمثل وزنه من الذهب الثمن ، ويكون ما فيها من الخرز بما بقي من الثمن " .

وقال أيضاً : " الذهب مبيع بوزنه من الذهب الثمن ، وما بقي مبيع بما بقي من الثمن. وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين" .

وذكر بعد ذلك أن هذا مذهب ابن عباس من الصحابة ، ومجاهد ، والحسن ، وإبراهيم ، والشعبي ، من التابعين .

وقال ابن رشد (ت595هـ) : "اختلف العلماء في السيف والمصحف المحلَّى ، يباع بالفضة ، وفيه حلية فضة ، أو بالذهب ، وفيه حلية ذهب ، فقال الشافعي : لا يجوز ذلك ، لجهل المماثلة المشترطة في بيع الفضة بالفضة في ذلك ، والذهب بالذهب . وقال مالك : إن كان قيمة ما فيه من الذهب أو الفضة الثلث فأقل جاز بيعه (...) وكأنه رأى أنه إذا كانت الفضة قليلة لم تكن مقصودة في البيع ، وصارت كأنها هبة . وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا بأس ببيع السيف المحلَّى بالفضة ، إذا كانت الفضة أكثر من الفضة التي في السيف ، وكذلك الأمر في بيع السيف المحلَّى بالذهب ، لأنهم رأوا أن الفضة التي فيه ، أو الذهب ، يقابل مِثْله من الذهب أو الفضة المشتراة به ، ويبقى الفضل قيمة السيف " .

وقال الشيخ عبدالله بن منيع :

"حكم المبادلة بين مقدار من الذهب ومقدار أقل منه مضموماً إليه جنس آخر .

الحكم في ذلك فيما يظهر لي الجواز ، لأنَّ الزيادة في أحد العوضين مقابلة بالجنس الآخر في العوض الثاني ، أشبه الحكم بجواز بيع حلي الذهب بأكثر من وزنه ذهباً ، حيث إن الزيادة في الثمن وزناً هي قيمة الصنعة في الحلي" .

وفي قرار لمجمع الفقه الإسلامي بجدة : "تجوز المبادلة بين مقدار من الذهب ومقدار أقل منه مضموم إليه جنس آخر ، وذلك على اعتبار أن الزيادة في أحد العوضين مقابلة بالجنس الآخر في العوض الثاني " .

2 ـ التفاضل لأجل الفصوص ، عندما يؤدي فصلها إلى تخريب الصنعة، حكمه حكم التفاضل لأجل الصنعة ، كما ذكر الشيخ ابن منيع . فضم الفصوص جزء من الصنعة . ومع ذلك فقد نقلنا نصوصاً فقهية خاصة بكل منهما ، زيادة في الإيضاح .

10 ـ فصل الفصوص والخرز

1 ـ قال ابن جزي (ت741هـ) : "إذا كان الذهب والفضة سلعة لا يمكن نقضه منها ، كالسيف والمصحف المحلَّى ، فيجوز أن يباع دون أن ينقض ، خلافاً للظاهرية (...) مثل أن يكون محلَّى بالفضة ، فيباع بفضة ، فلا يجوز ذلك إلا بشرطين : أحدهما أن تكون الحلية تبعاً ، وهي أن تكون ثلث القيمة فما دون ذلك ، وقيل : ثلث الوزن ، وأن يكون يداً بيد ، خلافاً لسحنون " .

وقال الشوكاني (ت1250هـ) : " الحديث استُدِلَّ به على أنه لا يجوز بيع الذهب مع غيره بذهب حتى يفصل من ذلك الغير ، ويميز عنه ، ليعرف مقدار الذهب المتصل بغيره ، ومثله الفضة مع غيرها بفضة (...) . وكذلك في مسألة القِلادة يتعذر الوقوف على التساوي من دون فصل ، ولا يكفي مجرد الفصل، بل لا بد من معرفة مقدار المفصول والمقابل له من جنسه" .

وإلى العمل بظاهر الحديث ذهب عمر بن الخطاب، وجماعة من السلف، والشافعي، وأحمد، وإسحاق ، ومحمد بن الحكم المالكي .

وقالت الحنفية والثوري والحسن بن صالح والعترة : إنه يجوز إذا كان الذهب المنفرد أكثر من الذي في القِلادة ونحوها ، لا مثله ولا دونه .

وقال مالك : يجوز إذا كان الذهب تابعاً لغيره ، بأن يكون الثلث فما دون .

وقال حماد بن أبي سليمان : إنه يجوز بيع الذهب مع غيره بالذهب مطلقاً ، سواء كان المنفصل مثل المتصل أو أقل أو أكثر .

واعتذرت الحنفية ومن قال بقولهم عن الحديث بأن الذهب كان أكثر من المنفصل ، واستدلوا بقوله : "ففصَّلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً " .

2 ـ على أن الفصوص إذا كانت مما يسهل نزعها وإعادتها ، دون تخريب للصنعة . فيجب مبادلة الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، على الأصل في هذا الباب، أي وزناً بوزن، مِثْلاً بمثل ، وتدفع قيمة الفصوص والصنعة على حدة .

قال الشافعي (ت204هـ) : "كل صنف من هذه خلطه غيره مما يقدر على تمييزه منه، لم يجز بعضه ببعض إلا خالصاً مما يخلطه" .

فقد يلجأ بعض التجار إلى ضم شيء آخر ، للتحايل على التماثل، والوصول إلى التفاضل.

قال ابن تيمية (ت728هـ) : " أن يكون المقصود بيع ربوي بجنسه متفاضلاً ، ويضم إلى الأقل غير الجنس حيلةً (...) فإن الصواب في مثل هذا القول بالتحريم ، كما هو مذهب مالك والشافعي وأحمد ، وإلا فلا يعجز أحد في ربا الفضل أن يضم إلى القليل شيئاً من هذا " .

3 ـ في الحالات التي يطلب فيها الفصل لا يشترط الفصل الحسي إذا عُلم ، بطريقة من الطرق ، مقدار المال الربوي (الذهب ، الفضة) في الحلي الذهبية أو الفضية المختلطة بغيرها .

وهذا المبدأ يفيد عند مبادلة ذهب بذهب من عيارين مختلفين . فعيار الذهب مثبت ، في عصرنا هذا ، على الذهب نفسه ، وموثوق من قبل المتعاملين ، لأنه خاضع لرقابة الدولة ، فإذا عرف وزن كل قطعة من القطعتين أمكن تحقيق التساوي بينهما . فإن 1000غرام عيار 12=500 غرام عيار 24 ، بافتراض أن قيمة الشوائب الموجودة في القطعة الكبيرة مهدرة .

وتتم رقابة الدولة عن طريق نقابة الصياغ (إذا وجدت)، والغرفة التجارية ، وشيخ الصاغة. وأي غشٍ في العيار يعرض صاحبه للعقوبة : الغرامة ، الحبس ، الإقفال الموقت ، الطرد من المهنة . وإنما يجب الحذر من العيار ، ومن الأختام المزورة ، عند التعامل مع باعة متجولين غير مرخص لهم بممارسة المهنة . فعندئذ لا بد من إجراء فحص أو اختبار للعيار . وهذا ما يفعله التجار المرخص لهم عند التعامل مع هؤلاء الباعة المذكورين .

11 ـ تسديد قيمة التفاضل في الصنعة والفصوص والوزن

1 ـ بينا في الفقرة الخامسة أن التفاضل لأجل الصنعة يمكن أن يكون فرقاً في الوزن بين الذهب بالذهب ، أو الفضة بالفضة .

2 ـ لكن هذا لا يمنع أن تجري المبادلة بين الذهب والذهب، أو الفضة والفضة، وزناً بوزن، مِثْلاً بمثل ، وفرق الصنعة تسدد قيمته بغير الذهب (أو الفضة ) ، كأن تسدد بالنقود .

قال المودودي : " لا بد أن نعطيه (الصائغ) الأجرة ، إما بصورة الفضة، أو بصورة الأوراق النقدية " .

وقال الشيخ ابن منيع : " بيع الذهب بالقيمة إذا كان مشغولاً، أي فيه صنعة وصياغة. لا يخفى أن الذهب قد يباع بذهب ، وقد يباع بنقد آخر، من فضة، أو ورق نقدي، أو فلوس".

3 ـ وكما يجوز تسديد فرق الصنعة بالنقود، يجوز كذلك أن يسدد بالنقود ثمن الفصوص، أو فرق الوزن في الذهب أو الفضة ، عندما تكون المبادلة ذهباً بذهب بينهما تفاوت في الوزن ، أو فضة بفضة بينهما تفاوت في الوزن .

12 ـ هل يجب التفصيل في الثمن ؟

1 ـ في مبادلة الذهب بالذهب ، أو الفضة بالفضة ، إذا كان هناك زيادة صنعة أو فصوص، ذكر العلماء (المجيزون) جواز التفاضل ، إذا كان الذهب المنفصل (أو غير المصوغ) أكثر من الذهب المتصل (أو المصوغ) . وتكون الزيادة لقاء الصنعة أو الفصوص .

2 ـ إن العلماء الذين أخرجوا الحلي من الربويات ، وأجازوا بذلك التفاضل والنَّساء ، ينبني على مذهبهم أن المبادلة لا يجب أن تتم وزناً بوزن ، ولا مِثْلاً بمثل ، ولا يداً بيد .

وبهذا يجوز أن يباع بالنقود حلي ذهب أو فضة ، فيها صنعة وفصوص وتفاضل في الوزن، دون بيان أن هذا الجزء من الثمن يقابل هذا المقدار من الحلي، وهذا الجزء من الثمن يقابل الصنعة، وهذا الجزء يقابل الفصوص . بل يمكن البيع بثمن إجمالي واحد، يغطي الذهب والصنعة والفصوص، باعتبارها جميعاً سلعة واحدة لا تتجزأ ، وذلك دونما تفصيل .

3 ـ وعلى مذهب من يجيز التفاضل، دون النَّساء ، في الذهب بالذهب، والفضة بالفضة ، والزيادة في مقابل الصنعة أو الفصوص ، يكون التفصيل في الثمن مهماً ، من حيث بيان أن هناك زيادة تقابل الصنعة أو الفصوص .

وعلى مذهب من يرى معلومية هذه المبادلة يجب أن يعلم أن هذا المقدار من الذهب مساوٍ لهذا المقدار من الذهب ، وأن هذه الزيادة المعلومة تقابل هذه الصنعة أو الفصوص المشاهدة . ذلك لأن القاعدة هنا أن الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل .

4 ـ وكذلك على مذهب من لا يجيز التفاضل، يجب التفصيل في الثمن، إذْ تجب المبادلة وزناً بوزن ، والفصوص يكون لها ثمن منفصل معلوم .

5 ـ لكن إذا كانت المبادلة حلياً بنقود ، فالتفصيل في الثمن لا يجب عند أحد ، لأن التفاضل جائز عندئذٍ عند الجميع، لاختلاف الصنفين (العوضين).

6 ـ وهذا لا يمنع من أن يتفق المتعاقدان على التفصيل ، إذا شاءا ، بأن يطلبه المشتري ، ويجيبه البائع إلى طلبه .

13 ـ حلي جديد بحلي قديم

هذه المسألة هي أحد تطبيقات المسألة المطروحة في الفقرة الخامسة . فالتبادل هنا ذهب جديد بذهب قديم ، وهناك جديد بجديد ، بينهما فرق في الصنعة .

1 ـ قال الشيخ ابن منيع : " هل يجوز لتاجر الحلي ، حينما يعرض عليه أحد الناس حلياً قديماً ، ويبدي له رغبته في شرائه حلياً جديداً ، هل يجوز لهذا التاجر أن يشترط عليه في شرائه الحلي القديم أن يشتري منه حلياً جديداً ؟

هذه المسألة بحثت في هيئة كبار العلماء في المملكة ، وصدر القول بمنعها ، باعتبارها بيعتين في بيعة ، إلا أن هذا القول لم يكن محل إجماع
__________________
[overline]
قال صلى الله عليه وسلم:

<أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربه أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخ في حاجه أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - مسجد المدينة - شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام >
صححه الألباني الأحاديث الصحيحة رقم (906)
هشام حلمي شلبي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس