
مشاركة: الرقابة الشرعية على المصارف والشركات المالية الإسلامية
وبعد هذه الأزمة قام المختصون في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول التي تسير على النظام الرأسمالي بدراسة أوجه الخلل، التي أدت إلى هذه الكارثة، وبالتالي إدخال الإصلاحات على مهنة المراجعة الخارجية. ومنها ما قام به معهد المحاسبين الأمريكي؛ بناءً على دراسات مستفيضة من قبل العديد من مفكري المحاسبة، والمهتمين بالمهنة من وضع معايير للمراجعة مثلت أول وأشهر معايير للمراجعة، وتبعتها العديد من الدول بعد ذلك.
وتتكون هذه المعايير من عشرة أجزاء تم تقسيمها إلى ثلاث مجموعات : المجموعة الأولى تحتوي على ثلاثة معايير، أطلق عليها المعايير العامة أو الشخصية، وهي تتعلق بالصفات المطلوبة فيمن يقوم بمهمة المراجعة الخارجية. المجموعة الثانية تحتوي على ثلاثة معايير، سميت معايير العمل الميداني، وهي خاصة بمتطلبات تنفيذ عملية المراجعة. واحتوت المجموعة الأخيرة على أربعة معايير خاصة بتوصيل نتائج المراجعة إلى المستفيدين، وأطلق عليها معايير التقرير(1).
7 – نحو مشروع قانون للرقابة الشرعية في المصارف وشركات الأموال الإسلامية :
لضمان استقلالية هيئات الرقابة الشرعية استقلالاً تاماً عن إدارة المصارف، ولضمان حيادها تماماً – وإن لم نشهد خلال عملنا الطويل مع مصارف وشركات عديدة ما يستدرك على هيئاتها من محاباة، والحمد لله – نرى أن يتم عمل هيئات الرقابة الشرعية من خلال مكاتب تدقيق شرعي كمكاتب تدقيق الحسابات. وتعتمد هذه المكاتب من قبل المصرف المركزي، أو وزارة التجارة أو وزارة المالية – كل بحسب اختصاصه -، وتعمل وفق معايير منضبطة، ولتكن معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية؛ لذا نقترح مشروعاً لقانون الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية.
مادة (1) : تعريف مكتب التدقيق الشرعي :
هو مؤسسة فنية تنشأ وفقاً لقانون خاص يصدر بشأنها، ينظم عملها في مراقبة أعمال المصارف والشركات المالية الإسلامية من الناحية الشرعية. وتعتمد تقاريرها من قبل الهيئات الرسمية.
مادة (2) : تكوين مكتب التدقيق الشرعي :
يتكون المكتب من مختصين في فقه المعاملات الشرعية – خصوصاً فقه المصارف -، ومن محاسبين قانونيين كما يشترط وجود مستشار قانوني أو أكثر. ويشترط في العاملين خبرة عملية في هذا المجال لا تقل عن خمس سنوات، ويصدر قرار من محافظ المصرف المركزي بتحديد المؤهلات والشروط المطلوبة.
مادة (3) : تعيين مكتب التدقيق الشرعي :
تعيين الجمعية العمومية لكل مصرف أو شركة مالية إسلامية مكتب التدقيق الشرعي، الذي يرتضيه المساهمون لتدقيق الأعمال الشرعية في مؤسستهم في اجتماعها السنوي، كما تحدد المكافأة السنوية للمكتب مراعية أسعار السوق. ولا يجوز مباشرة المؤسسة لعملها دون تعيين لمكتب التدقيق الشرعي.
مادة (4) : الاستغناء عن خدمة مكتب التدقيق الشرعي :
يتم ذلك إما بانتهاء العقد الموقع مع المكتب، وعدم رغبة أحد طرفي العقد بتجديده. وفي حال الاستغناء عن خدمات المكتب لإساءته، يرفع تقرير بذلك إلى الجهة المركزية المختصة.
مادة (5) : تقرير مكتب التدقيق الشرعي :
يجب أن يحتوي التقرير على العناصر التالية :
أ – العقود والعمليات التي تم فحصها والاطلاع عليها.
ب – الجهات المسؤولة في المصرف أو المؤسسة عن إجراء العمليات التي تم فحصها، ومراحل إنجازها.
جـ – القواعد المرجعية لتلك العقود والعمليات.
د – المخالفات الشرعية – إن وجدت – سواء في العقود أو في تنفيذ العمليات، وكيفية التخلص منها، ومدة التخلص المقترحة.
هـ – البدائل الشرعية لتلك المخالفات.
و – تاريخ الزيارات التدقيقية، ونتائجها.
ز – توقيع المدقق، ومسؤول المكتب.
مادة (6): يجب نشر تقرير مكتب التدقيق الشرعي ضمن التقرير السنوي للشركة.
مادة (7) : لا يجوز أن يكون عضو الرقابة الشرعية رئيساً لمجلس إدارة شركة مساهمة أو عضواً منتدباً فيها أو عضواً بمجلس إدارتها أو موظفاً فيها.
مادة (8) : لا يجوز أن يكون عضو الرقابة الشرعية :
أ – شريكاً في الشركة أو قائماً بأي عمل إداري فيها.
ب – شريكاً أو موظفاً لدى أحد ممن ذكروا في المادة (7) أو في الفقرة السابقة.
جـ – قريباً حتى الدرجة الرابعة لمن يشرف على إدارة الشركة أو حساباتها.
مادة (9) : لمحافظ المصرف المركزي أن يحيل عضو الرقابة الشرعية إلى لجنة التأديب إذا نسبت إليه مخالفة أحكام هذا القانون، أو أصول المهنة، أو ارتكاب إهمال جسيم، أو فعل مخل بالشرف أو الأمانة، أو تبين فقده لشرط من الشروط المنصوص عليها في هذا القانون.
وإذا تبين للمحافظ أن الواقعة المنسوبة إلى عضو الرقابة الشرعية تكون جريمة جزائية أحال الأوراق إلى النيابة العامة.
مادة (10) : المكتب الشرعي المركزي :
ينشأ في المصرف المركزي مكتب شرعي مركزي، يكون من مهامه مراقبة عمل مكاتب التدقيق الشرعي، وترفع إليه تقارير هذه المكاتب للنظر فيها، وفق المعايير المعتمدة من قبل المكتب المركزي. كما يقوم بالتفتيش الدوري على هذه المكاتب للتأكد من كفاءتها، ومؤهلات العاملين فيها، والتزامها بالشروط القانونية المطلوبة.
نتائج البحث
1-
المصارف الإسلامية والشركات المالية الإسلامية حاجة أساسية للمسلمين لاستثمار أموالهم استثماراً شرعياً صحيحاً.
2-
هيئات الرقابة الشرعية أداة رقابية على أعمال المصارف والشركات الإسلامية، لتحقيق حسن سير عملياتها وفقاً للقواعد الشرعية.
3-
رقابة الهيئات سابقة بالتأكد من صحة العقود وإجراءاتها، ولاحقة للتأكد من حسن تطبيق شروط العقود، واتباع تعليمات الهيئة.
4-
ضرورة إلمام أعضاء الهيئة بالقواعد الاقتصادية والمالية علاوة على تمكنهم من فقه المعاملات.
5- ضرورة قيام أعضاء الهيئة بتدريب موظفي المؤسسات المالية الإسلامية على مبادئ وأسس المعاملات الشرعية.
6- ضرورة استقلال الهيئة الشرعية عن مجالس إدارات المؤسسات المالية؛ لتمكنها من الرقابة التامة الصحيحة.
7- لضبط عمليات الرقابة ضرورة إيجاد رقابة شرعية داخلية وأخرى خارجية تتمثل في مكاتب التدقيق الشرعي، أسوة بمكاتب تدقيق الحسابات.
8-
المسارعة بإصدار قانون ينظم عمل مكاتب التدقيق الشرعي.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1 حيث بدأ نشاط المصارف الإسلامية الفعلي عام 1977م [انظر نقود وبنوك للدكتور باشا 75].
2 انظر [التنمية في المصارف الإسلامية – المجلة العلمية لكلية الشريعة والقانون بطنطا 1420هـ].
3 التنمية في المصارف الإسلامية للشريف 518.
4 النحل آية 43.
5 النساء آية 83، تفعيل آليات الرقابة على العمل المصرفي للدكتور القرضاوي – باختصار – ندوة البركة التاسعة عشرة، مكة المكرمة 1421هـ.
6 أي جعلها مهنة أي صنعة [انظر المعجم الوسيط 2/ 890].
7 معايير المحاسبة والمراجعة والضوابط للمؤسسات المالية الإسلامية المادة
(2)، والمادة (7) من الضوابط.
8 تفعيل آليات الرقابة على العمل المصرفي للدكتور أحمد عبد الله بتصرف، وانظر (تفعيل آليات الرقابة للقرضاوي 3 وما بعدها، الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية لداود 18 وما بعدها).
9 انظر القانون رقم (13) لسنة 1978م (قانون البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار)، وأيضاً مواد مشروع قانون البنك الإسلامي القطري ص 2 – 4.
10 النظام الأساسي لبنك فيصل الإسلامي السوداني ص 16.
11 المجموع للنووي 1/ 46، وشرح المنتهى 3/ 462.
12 المجموع 1/ 46.
13 حاشية ابن عابدين 4/ 311، وإعلام الموقعين 4/ 232، وشرح المنتهى
3/ 462.
14 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/ 20.
15 الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية حسن داود 21، نحو معايير للرقابة الشرعية في البنوك الإسلامية د. محمد بهجت 17 – مجلة بحوث الاقتصاد الإسلامي، الضوابط الشرعية لمسيرة المصارف الإسلامية د. أبو غدة 431 – ضمن بحوث في المعاملات والأساليب المصرفية الإسلامية.
16 انظر [فتاوى هيئة الرقابة الشرعية ببنك فيصل الإسلامي المصري، فتاوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي السوداني، والفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية " بيت التمويل الكويتي "، فتاوى شرعية في الأعمال المصرفية " ببنك دبي الإسلامي "، دليل الفتاوى الشرعية في الأعمال المصرفية " مركز الاقتصاد الإسلامي، المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية، القاهرة "].
17 انظر (الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية 43 وما بعدها، نحو معايير للرقابة في البنوك الإسلامية 15 وما بعدها، الضوابط الشرعية لمسيرة المصارف الإسلامية 431).
18 انظر تقرير لجنة تقويم الدور الشرعي بالمصارف الإسلامية، 99، 98.
19 المرجع السابق.
20 المرجع السابق.
21 المرجع السابق.
22 المرجع السابق.
23 المرجع السابق.
24 المرجع السابق.
25 تجربة بنك دبي الإسلامي، دراسة مقدمة إلى ندوة تقييم البنوك الإسلامية، القاهرة 27 – 28 شعبان 1420هـ، ص 11.
26 يوسف كمال، مجلة الدعوة، القاهرة، إبريل 1980م، الرقابة الشرعية للمصارف الإسلامية 39 وما بعدها.
27 نحو معايير للرقابة الشرعية 36، أساسيات التدقيق في ظل المعايير الأمريكية والدولية للقاضي ودحدوح.