
ملخص
ملخص
نالت قضية مكافحة غسل الأموال - إحدى صور الجريمة المنظمة عبر الوطنية - اهتماما كبيرا من دول العالم للحيلولة دون إثراء مرتكبى تلك الجرائم من أعمالهم الإجرامية. وتعد جرائم غسل الأموال من الجرائم الاقتصادية المستحدثة والتي ساعد علي تقدمها وتناميها ما أفرزته التكنولوجيا الحديثة من أدوات وآليات فرضت العديد من القيود والصعوبات علي ااكتشاف تلك الجرائم أو الوصول إلي مرتكبيها، فضلا عن تسارع وتعقد ظاهرة العولمة الاقتصادية.
غير أنه في الوقت نفسه، شهدت طرق ووسائل اكتشاف جرائم غسل الأموال تطورا هاما، كانت بدايته مع مكافحة جرائم الاتجار غير المشروع فى المخدرات والمؤثرات العقلية. وطوال الخمسة عشر عاماً الماضية (1988-2003) عقدت المؤتمرات وصدرت العديد من التوصيات، وكان للاتفاقات الدولية (الإقليمية والثنائية) الدور الأساسى فى مواجهة هذه الجرائم والتى طالت مختلف دول العالم، الغنية أو الفقيرة.
وبصدور اتفاقية مكافحة الاتجار غير المشروع فى المخدرات والمؤثرات العقلية (فيينا، 1988) وما تبعها من ضوابط وتوصيات لجهات مختلفة - خارج الدول أو داخلها- والتي هدفت جميعها إلي منع الاستخدام الإجرامى للنظام المصرفى لأغراض غسل الأموال نظرا لما يسببه ذلك من عواقب وخيمة، كان لابد من إجراءات فعالة للحد من جريمة غسل الأموال ومن قبلها الجرائم الأولية والأصلية التى ترتبط بها وسببت إزعاجا شديدا لدول العالم من نشر الفساد والإرهاب والرشوة وغيرها من الجرائم التى يرتكبها ذوو الياقات البيضاء, والذين لم تصل إليهم ذراع القانون لأسباب عديدة.
ولم تكن مصر بعيدة عن الأحداث والمستجدات على الساحة العالمية، إذ أثارت ظاهرة غسل الأموال جدلا واسعا علي المستوي الداخلي خاصة بعد أن تم تصنيفها ضمن الدول غير المتعاونة في هذا المجال، فقد اتجهت الحكومة المصرية بعد دراسة متأنية وفاحصة إلي إصدار قانون لمكافحة غسل الأمول، وذلك رغم وجود اتجاهات معارضة لإصدار هذا القانون.
ولا شك أن هذا القانون يمثل خطوة هامة علي الطريق الصحيح، وسيكون له دور مؤثر ليس فقط في تصنيف مصر ضمن الدول المتعاونة في هذا المجال, خاصة بعد أن احتلت تلك القضية أهمية متزايدة بعد أحداث سبتمبر 2001، ولكنه بلا شك سيشكل أحد العوامل الهامة في زيادة القدرات التنافسية للاقتصاد المصري بما يوفره من شفافية في المعاملات الاقتصادية والمالية. غير أنه تجدر الإشارة في الوقت نفسه إلى أن إصدار هذا القانون لا يجب أن يمثل نهاية المطاف في مثل تلك القضية المعقدة, والتي تشهد تطورا متسارعا خاصة في ظل استمرار وجود بعض الاتجاهات الداخلية المعارضة للقانون.