
مشاركة: التنظيم والتخطيط والتنسيق *
مما لاشك فيه أن كل عملية من العمليات الاجتماعية لا تتميز بالجذرية وإنما تتصف بالمرونة وضرورة توافر الشروط المناسبة في كل حالة وفي كل بيئة لكي تنجح هذه العملية وتؤتي ثمارها. ولهذا حرصنا على أن نختم تعريفنا لفن تنظيم المجتمع بأنه يهدف إلى تلبية كافة احتياجات المواطنين بقدر الإمكان بمعنى أنه قد تحدث ظروف طارئة أو قد تتغير أساليب الدراسة أو التخطيط أو التنفيذ بشكل يجعل من غير اليسير الوصول إلى تحقيق كامل لكافة احتياجات المواطنين في المجتمع موضوع التنظيم.
ومن المهم أن ندرك أن عملية تنظيم المجتمع يمكن أن تتعدى نطاق المجتمع المحلي إلى نطاق أوسع وأشمل وهو نطاق المجتمع العالمي بأكمله إذا ما توفرت الأركان الضرورية اللازمة لعملية التنظيم.
وقد أضفنا إلى التعريف وجهة النظر القائلة بأن تنظيم المجتمع ليس عملية فحسب وإنما هو بناء يقوم بالفعل في التشكيلات التي تظهر في صورة هيئات وجمعيات ومؤسسات ترمي إلى التوفيق بين الموارد والحاجات.
التخطيط Planning
يحسن قبل أن نتناول بالتعريف "تنسيق الخدمات الاجتماعية" أن نقف على مدلول " التخطيط" وميادين تطبيقه. والتخطيط شأنه في ذلك شأن التنظيم يعتمد على التعاون البشري الواسع النطاق، فالتخطيط ليس عملية فردية وإنما هو عملية تعاونية حقيقية فهو تعاون في كافة الميادين الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية في إطار المجتمع المحلي أو الدولة بأكملها، وفي كثير من الأحيان يشمل العالم أو أجزاء كاملة من العالم.
وقد نشأ التخطيط في أول أمره بعيداً إلى حد ما عن الدوائر الاجتماعية، وخاصة في الدول الديمقراطية التي اعتبرته عنصراً دخيلاً على أساليبها ومناهجها وفد إليها من الدول ذات الاقتصاد الموجه وذات النظم الديكتاتورية.
وعندما ظهر الاتجاه نحو استخدام التخطيط في رسم سياسة إنشائية لمشروعات الإصلاح الاجتماعي، لقي مقاومة عنيفة من جانب الحكومات الديمقراطية التي اعتبرته " وسيلة منظمة خبيثة إلى حد ما، يراد بها الحد من التشكيلات الاجتماعية وتجميع الأفراد والجماعات لتحقيق أغراض غير كريمة أو مقصودة بناحية أو أخرى". ولكن طبيعة التطور البشري وتشابك المصالح وتداخل العلاقات بين الدول والشعب بعضها بالبعض الآخر، جعل من التخطيط ضرورة من ضرورات الحياة في مجتمع معقد متشابك الأطراف. فلم يعد الفرد ولا المجتمع منقسماً إلى خلايا يمكن أن تسير كل منها في طريق بعيد عن الأخرى، بل أصبح الارتباط بينهما من أهم مقومات نموها وحياتها وتطورها.
فقيام المشروعات الاقتصادية الكبرى لا تتحقق بدون تخطيط اقتصادي بل إن اقتصاديات المجتمع بأكمله لا بد أن تعتمد على تخطيط اجتماعي طويل الأمد. كما أن قيام المنظمات العالمية كهيئة الأمم المتحدة، أو قيام المنظمات الإقليمية كجامعة الدول العربية، لهو خير دليل على أن الدول لا يمكنها أن تعيش منعزلة عن غيرها من الدول الأخرى بل هي في حاجة ماسة إلى هذا التعاون في الشؤون الاجتماعية والثقافية. وحتى في الشؤون الصحية ظهرت الحاجة إلى قيام منظمة للصحة العالمية ومنظمة للأغذية والزراعة.
هذه المنظمات تعتمد في مشروعاتها على تعاون الشعوب المنضوية تحت لوائها، وعلى التخطيط في كافة مظاهره سواء أكان تخطيطاً اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو تخطيطاً ثقافياً.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله
if you fail to plan you plan to fail
كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم