
مشاركة: دور المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة
أ)
المؤسسات المالية ذاتها .
ب)
المتعاملون معها .
ج)
البيئة / المجتمع الذي تعمل فيه تلك المؤسسات وتخضع لنظامه.
ولا شك أن الارتباط بالرسالة يحدد الأهداف والغايات وكلاهما يحقق مصلحة الجميع أي الأطراف الثلاثة المذكورة .
ومن هنا فإن الدور الأساسي لهذه المؤسسات والذي تلتقي عنده هذه المصالح مجتمعة ومن ثم يحدد هدفها هو أنه أن يكون توظيف / استخدام الأموال في وجوه التجارة والاستثمار( التنمية ) طبقاً لمقاصد الشريعة وأحكامها التفصيلية.
2) تحديد طبيعة الوساطة المالية في ممارسة المهنة المصرفية الإسلامية ودورها في التنمية:
البنك الإسلامي في ممارسته للوساطة فى توظيف واستخدام أموال المودعين لاتتسم بحيادية الوسيط التقليدي[1] إذ يمارس المهنة المصرفية بأدوات تجارية واستثمارية ومن ثم فهو طرف فاعل فى علاقاته المالية والاستثمارية ومن ثم فإن مزاولة البنك الإسلامي للمهنة المصرفية وعمليات التمويل يستخدم الأدوات المصرفية الإسلامية كالمرابحة والسلم والاستصناع والمشاركة والمضاربة والإجارة مما يقتضى حتما التملك والبيع والشراء (التجارة ) باتفاق الفقهاء ، والقول بغير ذلك يزيد من أعباء تلك المؤسسات الناتجة عن إدارة مجوداتها من خلال كيانات أخرى مثل الشركات.
وتأسيساً على ذلك فإن البنوك الإسلامية تدخل طرفا مباشرا في المعاملات الشرعية بحسب نوعها وطبيعتها وما يتطلبه ذلك من تملك أصول ثابتة ومنقولة ، وذلك حتى تستطيع أن تؤدي دورها فى بناء قاعدة إنتاجية ، وتحقيق مصالح المتعاملين معها على أساس قاعد الربح والخسارة أو الغرم بالغنم التي لايجوز القول بأنها تُعرَض أموال الناس للخطر لأن الخطر يمكن التقليل منه أو حتى تلافيه بقواعد ونظم أخرى ، هنا تبرز أهمية وجود نظام رقابة فنَية فعال ، ونظام صناديق تأمين مخاطر الاستثمار ، مع ضرورة الالتزام في ممارسة الوساطة المصرفية من خلال ممارسة المهنة المصرفية بالشرائط الفنية البحتة مثل : مراعاة طبيعة مصادر التمويل وحجمه وتنوعه. وبكل ذلك تتحقق كفاءة تمثيل وظيفة الوساطة والتجاوب بفاعلية مع حاجات الاقتصاد وتقليل المخاطر.
3) العقود المشتقة من المعاني والتكامل فيها.
إن تنوع وتعدد الصيغ والأدوات التمويلية والاستثمارية فى ممارسة المهنة المصرفية الإسلامية يعتمد اعتمادا جوهرياً على تكاملها في ذاتها والتكامل فيما بينها على النحو التالي:
تكامل العقود في ذاتها:
إن المتأمل في أدوات وصيغ التمويل والاستثمار الإسلامي يجد أنها تتنوع إلى زمر أو حزم متجانسة متكاملة في ذاتها ، وهو ما يعَبر عنه فقهياً بالعقود المشتقة من معانيها كما يقول الإمام الرملي[2] وأسماء العقود المشتقة من المعاني لابد من تحقق تلك المعاني فيها.
وعلى هذا الأساس فالمرابحات مشتقة من الربح إذ هو جوهر هذه البيوع ؛ والسلم مشتق من تسليم رأس المال أي تعجيله ، وهو جوهر هذا البيع ؛ والاستصناع مشتق من الصنعة ؛ وهكذا في المشاركات والإجارة والمضاربة كلها مشتقة من معانيها التي يجب تحققها فيها.
4) تكامل العقود فيما بينها وتغطية أشكال الإنتاج المختلفة:
فضلا عن تكامل العقد فى ذاته على نحو ما سبق فان حزم العقود وزمرها تتكامل فيما بينها، فهناك زمرة أو حزمة البيوع التي تناسب التجارة القائمة على السلع والخدمات والاتجار فيها، وهناك داخل حزمة البيوع تتكامل الأدوات فمثلاً : في المرابحة السلعة حاضرة مملوكة للبائع والثمن حال أو مؤجل أو مقسط. وفي السلم السلعة غائبة موصوفة والثمن حال حاصر ؛ وفى الاستصناع السلعة موصوفة والثمن حال أو مؤجل.وهكذا تتكامل العقود بصيغها وأحكامها بحسب الحاجة والحال ؛ على المستوى الجزئي والأفراد والمؤسسات ، وعلى المستوى الكلى للدولة ، ومن هنا كان من لوازم تكامل صيغ العقود تنوعها أيضاً : ألا يصح الاعتماد كلية على صيغة منفردة واحدة ، وإلا تخلف المقصد والغاية والهدف ، ولم تتحقق الرسالة المنشودة في الاقتصاد[3].
معوقات أو صعوبات تمويل المصارف الإسلامية
للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وسبل التغلب عليها
معوقات أو صعوبات تمويل المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية
للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وسبل التغلب عليها
نستطيع القول بأن هذه المعوقات والصعوبات التي تواجه عمليات تمويل المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة تنقسم إلى قسمين الأول يتعلق بالمصارف والمؤسسات الإسلامية التمويلية ونبدأ به والثاني يتعلق بالمنشآت المتمولة نفسها وذلك على النحو التالي :
الصعوبات والمعوقات التي تواجه المؤسسات والمصارف الإسلامية في تمويل المنشآت
من أهمها ما يلي :
وسائل البنك المركزي الحالية وآثارها على طبيعة نشاط المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية والتعديل الجزئي المطلوب.
إن الأعمال المحظورة ( المنهيات ) على البنك المركزي والبنوك التجارية في جوهرها تشكل لب عمليات المصارف الإسلامية ( المطلوبات ) ، ونقصد بذلك أن تزاول أو تكون لها مصلحة مباشرة في أي عمل تجاري أو زراعي أو صناعي ( أي العمليات الاستثمارية التجارية ).
ولما كان الدور الحقيقي والرئيسي للجهاز المصرفي وعلى رأسه البنك المركزي هو دعم التنمية الاقتصادية وتقوية السوق المالية مما يقتضي التخلي ولو تدريجياً عن دور الوساطة الحيادية، والدخول في النشاط الاقتصادي الحقيقي ، والإيمان بهذا الدور لدى السلطات النقدية جعلها تنص على السماح للجهاز المصرفي ( البنك المركزي والبنوك التجارية ) ولو على سبيل الاستثناء وبقيود معينة لهذه البنوك ممارسة أنواع من النشاط الاستثماري[4].
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن السماح للمصارف الإسلامية بالعمليات الاستثمارية والتجارية مع الأعمال المصرفية ، يقتضي إحداث تعديلات في بعض وسائل وأدوات الرقابة والتوجيه التي يمارسها البنك المركزي على هذه المؤسسات المصرفية والمالية ، واستعمال الأدوات المناسبة في نفس الوقت حتى لا يفلت زمام الرقابة الواجبة من قبل البنك المركزي باعتباره بنك الدولة ونخص على وجه التحديد ما يلي :
1) الاحتياطي القانوني :
الهدف الرئيسي من الاحتياطي القانوني تحقيق القدرة لدى المصارف على تلبيه السحب من قبل المودعين ، فإذا كان ذلك وكانت الودائع الاستثمارية في المصارف الإسلامية لا يمكن إلا أن تكون غير مضمونة على البنك الإسلامي إلا في حالات التعدي والتقصير والإهمال ، بإعتبار البنك مضارباً ويضارب[5] لارتباط ذلك بالحلال والحرام في معاملات المصرف الإسلامي فإن الخشية أو الخوف من عدم قدرة البنك على تلبية طلبات السحب من قبل المودعين تكون منعدمة تماماً ، مما يترتب عليه أن ينخفض الاحتياطي القانوني إن لم ينعدم ، وإلا أصبحت أموالاً مكتنزة راكدة لا تدر ثمة عائد ،
ومن ثم يجب عدم التسوية بين النوعين من البنوك في نسب الاحتياطي النقدي.
هذا وفي الوقت الذي نرى فيه أنه لا حاجة للاحتياطي النقدي مقابل الودائع الاستثمارية في البنوك الإسلامية فإن الأصح عند البعض[6] : أن الاحتياطي ضروري مقابل هذه الودائع ولو بنسبة أقل ، والسبب أن هذه البنوك تسمح بسحب هذه الودائع أو جزءاً منها بشروط قبل الميعاد ولا يتحقق ضمان ذلك إلا بإخضاع هذه البنوك لنظام الاحتياطي مقابل الودائع.
وهذا يفرض بدوره على المؤسسات المالية والمصرفية الإسلامية في نفس الوقت نظام استثمار جيد تحت رقابة البنك المركزي لتلافي أو التقليل من مخاطره مما يقتضي:
أ) استحداث وسائل لضمان مخاطر الاستثمار كإنشاء صندوق لتأمين مخاطر الاستثمار[7] تحت إشراف البنك المركزي ، وتسهم فيه الودائع الاستثمارية في البنوك الإسلامية بنسب معينة يحددها البنك المركزي.
ويا حبذا لو اشترك البنك المركزي في إنشاء هذه المؤسسات لضمان ودائع المستثمرين في المصارف الإسلامية ،باعتبار أن ذلك أمر حيوي وضروري حتى بالنسبة للبنوك التجارية
وتنص عليه القوانين الوضعية ، فضلاً عن دورة في حماية ونجاح المصارف الإسلامية ، وكسب ثقة جمهور المتعاملين معها مسلمين وغير مسلمين ، مما ينعكس إيجابياً على الأداء المالي والاقتصادي ككل .
ب) تخصيص عمليات قصيرة وفيها نسبة كبيرة من الضمانات ، واحتسابها ضمن عناصر السيولة المطلوبة قانوناً .. وهكذا.
والجدول التالي يوضح حقيقة الوضع في كلا النوعين من البنوك:
البنوك التقليدية
المصارف الإسلامية
- ودائع تحت الطلب ( جارية )
ودائع جارية
- ودائع ادخارية
ودائع استثمارية :
-استثمار مشترك .
-استثمار مخصص
فالودائع لدى البنوك التقليدية تتقاضى فائدة ثابتة وفقاً لآجالها ، وليس على أساس نتائج الأعمال ، والودائع الائتمانية في المصارف الإسلامية لا تختلف عن الودائع تحت الطلب لدى البنوك التقليدية وعدم تقاضي فوائد في الغالب الأعم ، ومن حيث شروط الإيداع والسحب والالتزام بالرد عند الطلب.
2) بنسبة السيولة القانونية :
بالنسبة لنسب السيولة التي تفرضها البنوك المركزية على البنوك دون تمييز فإن أهم عناصر الموجودات السائلة في الغالب في البنوك هي :
أ)
الأرصدة لدى البنوك المركزية والبنوك الأخرى ولدى المراسلين.
ب)
السندات وأذونات الخزينة والسندات الأجنبية.
ج)
الأوراق النقدية والمسكوكات .
د)
أية موجودات أخرى يمكن أن يعتبرها البنك المركزي موجودات سائلة.
وبالنظر إلى عناصر الموجودات السائلة يتضح أن المصارف الإسلامية لا يمكنها شرعاً التعامل في العديد منها كالسندات والأذونات بمختلف أنواعها ومن ثم فإن تعميم البنوك المركزية لنسب السيولة على البنوك التقليدية والمصارف الإسلامية يضع الأخيرة من الناحية
[1]0 لمزيد من التفصيل حول أهمية الوساطة المالية أنظر د. عبد الله الجهنى الكشى – تطور النظم المصرفية وأثره على النمو الاقتصادى فى دول مجلس التعاون الخليجي م . آفاق اقتصادية. العدد186 لسنة 1421 هــ - 2001 م
[2] حاشية الرملي على أسني المطالب ح2 ص122.
[3] في تنظيم الإنتاج في الفقة وأثره في التنمية الاقتصادية أنظر د.سعيد أبو الفتوح بسيوني – الحرية الاقتصادية في الإسلام وأثرها في التنمية ص325 وما بعدها ط دار الوفاء – المنصورة مصر – وفى أشكال الملكية ودورها في الإنتاج – أنظر كتابنا – الملكية وضوابطها في الإسلام ط. مكتبة وهبة – مصر – وأصول الاقتصاد الإسلامي ط سنة 2001 – ط دار الرواي بالمملكة العربية السعودية.
[4] مثلما نصت عليه المادة (37) من قانون البنك المركزي الكويتي بالنسبة للبنك المركزي والمادة (67) بالنسبة للبنوك التجارية
[5] والمضاربة نوع شركة في الربح على أن رأس المال من طرف يقال له رب المال والعمل من الطرف الآخر يقال له المضارب ، وتنقسم إلى مطلقة لا تتقيد بزمان ولا مكان ولا نوع تجارة ولا تعيين بائع ولا مشتر ومضاربة مقيدة متى كانت خلاف ذلك.
أنظر 1406،1407 مجلة الأحكام العدلية – والمصرف الإسلامي مضارب ويضارب بنفس آلية تعامله مع أصحاب الودائع . أنظر الكمال بن الهمام – تكملة فتح القدير ح8/484.
[6]د. نجاة الله صديقي – أدوات السياسة النقدية في إقتصاد إسلامي ص8- د. محمد إبراهيم ربوي – علاقة البنك المركزي بالنسبة للمصرف الإسلامي ص17.
[7] يقوم هذا الصندوق على نظام التأمين التعاوني بقواعده وفنياته الشرعية والعلمية وما يتسع له هذا النظام لضمان جميع المخاطر بما فيها ضمان المسؤولية وضمان الخسائر.