
مشاركة: دور المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة
) وإن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية ونظامها الاقتصادي تتبنى آلية الإصلاح الاقتصادي ( اليوسفي ) وما تقوم عليه من ركائز أربع هي :
أ) تحفيز الإنتاج من قوله تعالي :
(
تزرعون سبع سنين دأباً )
ب) تشجيع الادخار من قوله تعالى :
( فذروه في سنبله )
ج) ترشيد الاستهلاك من قوله تعالى :
( إلا قليلاً مما تأكلون )
د) المدة الزمنية اللازمة والكافية لتطبيق الخطة الاقتصادية وحتى تؤدي أكلها من قوله تعالى :
( ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ).
يقول تعالى :
( يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون . قال تزرعون سنين داباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون ، ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون ، ثم يأتي من ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون)
سورة يوسف ( 46-49 )
النظم الاقتصادية وانعكاسها
على الشكل القانوني للمنشآت الاقتصادية
أولاً : المقصود بالنظام الاقتصادي : Economic System
يكمن جوهر النظام الاقتصادي في تحديد طبيعة العلاقة بين الدولة والنشاط الاقتصادي ، وهي علاقة تختلف في مضمونها من نظام إلى آخر ، بل انه يمكن التعرف على ملامح النظام الاقتصادي السائد في الدولة من خلال الرؤية الواضحة لحجم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ، وبقدر حيازها لملكية وسائل الإنتاج[1].
ويشتمل النظام الاقتصادي في جوهره وعلى العناصر الثلاثة الآتية :
1) روح النظام :
تتجلى في الدوافع والأهداف الباعثة للحياة الاقتصادية ، والحاكمة للنشاط الاقتصادي.
أ)فإذا كان تعظيم الربح وتحقيق أقصى ربح ممكن ، وكان أقصى إشباع ممكن وتحقيق أكبر لذة ومتعة ممكنة في حالة الفرد والمنشأة ، وما يتبع هذا وذاك من آليات وإجراءات تفصيلية ، كان النظام السائد اقتصاد السوق Free Market Economic
، والعكس في حالة سيادة نظام اقتصاد الدولة الاقتصاد الآمر ، أو التخطيط المركزي.
ب)وإذا كان توخي الحلال والحرام في حالة الفرد والمنشأة ، ومن ثم الفوز بالنعيم والرغد في الدنيا والآخرة معاً مع أولوية المراعاة للآخرة ، وما يتبع هذا وذاك من آليات وإجراءات تفصيلية كان النظام السائد اقتصاد إسلامي Islamic Economic
.
2) مضمون النظام :
وهو ما يتعلق بالآليات المستخدمة ، والطريقة التي يتم بها انتقال المارد الاقتصادية بين فروع الإنتاج المختلفة ومستوى كفاءتها ، للتوصل إلى منتجات تستخدم في سد وإشباع الحاجات الإنسانية.
أ)فإذا كانت القاعدة الإقراضية بفائدة هي الآلية والطريقة المستخدمة لتمويل فروع الإنتاج المختلفة ، كان النظام السائد والغالب هو النظام الاقتصادي الرأسمالي ، وكذلك النظام الآمر والتخطيط المركزي.
ب)وإذا كانت القاعدة الإنتاجية القائمة على مشاركة راس المال والعمل بأدواتها وأساليبها التعاقدية المتعددة والمتنوعة ، كان النظام السائد هو النظام الاقتصادي في الإسلام.
3) شكل النظام :
تعبر عنه منظومة الروابط الإجتماعية والقانونية والتنظيمية ، التي تمثل الإطار العام للنشاط الاقتصادي ، ووحداته من ناحية ، والدولة ومؤسساتها ، من ناحية أخرى ، وفي هذا الخصوص يجب التفرقة بين المكونات الرئيسية التالية :
أ)ملكية وسائل الإنتاج ، وشكلها الخاص في ظل نظام اقتصاد السوق الحر ، وشكلها العام في ظل نظام الاقتصاد الموجه ، وشكلها المتعدد والمتنوع والتفرد ، من خاصة وعامة ومختلطة ووقف وزكاة في ظل نظام الاقتصاد في الإسلام.
ب)فئة المنظمين لعمليات الإنتاج وتقرير التوليفة المناسبة بين عناصر الإنتاج المختلفة ، والمسؤولة عن دراسة الجدوى ؛ ودور الفئة القيادي في النظام الاقتصادي الحر ، ودور التخطيط المركزي في النظام الاقتصادي الموجه ، ودورها الملائم لكل شكل من اشكال الملكية في النظام الاقتصادي في الإسلام.
وعلى أساس هذه المعابر الثلاثة في تصنيف النظم الاقتصادية يمكن التفريق بين خمسة نظم أو أنظمة اقتصادية رئيسية هي :
1)
نظام اقتصاد السوق الحر.
2)
نظام اقتصاد الموجه أو التخطيط المركزي الآمر.
3)
نظام الاقتصاد المختلط.
4)
نظام اقتصاد السوق الحديث.
5)
نظام الاقتصاد في الإسلام.
فلقد شهدت حقبة العقدين الأخيرين من القرن العشرين مولد نظام اقتصادي جديد عرف اصطلاحاً بـ " نظام اقتصاد السوق الحديث"[2] ، وهو رؤية اقتصادية للمؤسسات النقدية الدولية لتخليص مجموعة الدول الآخذة في النمو من براثن الفقر والجوع والتخلف ، وفي هذا النظام تختفي العلاقة المباشرة بين الدولة والنشاط الاقتصادي ، ويصبح الاعتماد على الآلية الحكومية بطريقة غير مباشرة ، عند الرغبة في التأثير على مجريات الحياة الاقتصادية ، ويصبح للدولة بحالات معينة تختص بها : كالتوازن الاقتصادي وتحقيق العدالة والنمو واعتبارات السياسة النقدية والمالية والاستثمار والتجارة الخارجية ، وفي ظل هذا النظام يكون من الضروري أن تتبع الدولة سياسة رقابية مثل : منع الاحتكار وتنشيط قوى المنافسة ، وسياسة المشروعات الصغيرة ، وسياسة مكافحة الإغراق والدور التوزيعي العادل للدخل القومي من خلال مكافحة البطالة وغير ذلك ، ومن الثابت أن نظام اقتصاد السوق الحديث يتبنى فلسفة التحول من القطاع العام والملكية العامة إلى القطاع الخاص ، والملكية الخاصة ، عن طريق ما يسمى ببرنامج الخصخصة والتي تسمى في بعض الدول بإعادة الهيكلة كما في تونس أو الرأسمالية الشعبية كما في شيلي.
وكان من الأسباب الرئيسية في بزوغ نظام " اقتصاد السوق الحديث " ما يلي:
-
أزمة المديونية العالمية في مطلع الثمانينات في بولندا والمكسيك وعدد من دول امريكا اللاتينية وغيرها من دول العالم .
-
أزمة الاقتصاديات المخططة مركزياً وانعدام مقومات الكفاءة الاقتصادية.
-
أزمة النظام الرأسمالي نفسه وتناقضاته وإلى الخبرة الدولية في الخصخصة.
[1] أنظر د. سامي عفيفي حاتم – الخبرة الدولية في الخصخصة ص19 ط 1994.
[2] الخبرة الدولية في الخصخصة د. سامي عفيفي حاتم ص22 ط1 1994م.