
مشاركة: المراجعه ومراقبه الحسابات من النظريه الي التطبيق ( محمد بوتين)
3.3.1- العلاقة بين المراجعة المالية والمراجعة الداخلية
يشترط في المراجع المالي الذي يحكم على شرعية وصدق الحسابات وبالتالي يكسبها قوتها القانونية تجاه الغير أن يكون خارجيا عن المؤسسة ولا يربطه بها عقد عمل. أي عكس ما هو عليه الحال بالنسبة للمراجع الداخلي، أجير يتقاضى أجرة، يدرس الحسابات كميدان من ميادين التسيير، بهدف التحسين. ومهما يكن فإن المراجع الداخلي تابع للإدارة وعليه أن ينال رضاها. بتعبير آخر ، تتمثل أوجه الاختلاف على مستويين :
- الهدف : إن هدف المراجع المالي هو المصادقة على الحسابات وذلك تلبية لرغبات الغير، وهذا ما لم يستطع فعله المراجع الداخلي. وإذا كان هذا الأخير يولي اهتماما للجانب المالي ونوعية الحسابات فذلك تلبية لرغبة الإدارة لا غير.
- الموقع : إن المراجع الداخلي أجير كباقي أجراء المؤسسة الآخرين إلا أن المراجع المالي، بحكم الهدف الذي يسعى إليه ، يشترط فيه أن يكون مستقلا تماما وهو دائما خارجي عن المؤسسة التي يراجعها.
وكخلاصة لكل ما سبق فإن للمراجعة هدفان أساسيان هما المصادقة على القوائم المالية وتقييم الأداءات في المؤسسة. يسعى المراجع الخارجي إلى تحقيق الهدف الأول في إطار المراجعة المالية وإلى تحقيق الهدف الثاني في إطار مراجعة العمليات. أما فيما يخص المراجع الداخلي (الموظف الأجير) فإن دراسته للحسابات وإعطاء الرأي حولها يدخل في إطار المراقبة الداخلية ولا يكسبها قوتها القانونية. وهو، وبتقييمه للأداءات، يخدم التسيير وينير طريق متخذ القرارات .
4.1- تكامل المراجعة الداخلية والمراجعة الخارجية
لكل نشاط إنساني قواعده ومنهجيته، ولنظام المراقبة الداخلية في المؤسسة شروط مثالية ينبغي توفرها، كما للنظام المحاسبي السليم شروط قصد إعداد القوائم المحاسبية. كما للمراجعة ، سواء كانت داخلية أم خارجية ، شروط يجب إتباعها في مراقبة مختلف الوظائف وتدقيق الحسابات. وعليه ، فإن مراعاة كل ذلك سينعكس إيجابيا على مدى صدق المعلومات المحاسبية وسيزيد درجة الاعتماد عليها قوة.
غير أن الواقع عكس ذلك في المؤسسات إذ أن تقارير المراجعة لا تخلو من الملاحظات الشكلية والموضوعية، وفي هذا الإطار نورد مجموعة من الأمثلة ، مأخوذة من الميدان لو أخذ بها داخليا لتحسن التسيير لتغير الوضع تغييرا إيجابيا:
- حيث نقرأ في تقرير حول نظام المراقبة الداخلية المحاسبي الملاحظات التالية :
. إن المحاسبة لم تمسك حسب المعايير المعمول بها، أن القيود المحاسبية تسجل مباشرة على بطاقات تمثل دفتر الأستاذ،
. ليس هناك يوميات مساعدة ولا اليومية العامة الإجبارية،
. إن دفتر الأستاذ لا يتضمن الأرصدة المرحلة العائدة للدورات السابقة،
. ليس هناك موازين مراجعة عامة شهرية أو فصلية.
- ونقرأ حول نظام المخزونات نقاط الضعف التالية :
. جمع الوظائف المتعارضة،
. ليس هناك أية إمكانية لمقارنة الجرد المستمر بتسيير المخزونات،
. إن بعض بطاقات الجرد لا تتضمن إلا الكميات،
. إن بطاقات جرد البضائع غير واقعية،
. إن تسوية الفروق تتم دون محضر،
. إن بعض بطاقات الجرد تتضمن أخطاء حسابية،
. إن الطريقة المتبعة في مسك بطاقات الجرد لا تسمح باستخراج الفروق،
. لم نتمكن من تحليل وشرح أصل المخزون الظاهر بالميزانية.
وعليه ، فان خلاصة التقرير المذكور كانت: "وحسب ما أشير إليه من عيوب فإنه يتعذر علينا القيام بالمرحلة الثانية من مهمتنا والتي كان من المفروض أن تكون في فحص الحسابات والمصادقة عليها." أي رفض مواصلة المهمة .
- كما نقرأ في تقرير حول فحص حسابات شركة وطنية تجارية كبيرة في ذلك الوقت أهم النتائج التي توصلت إليها فرقة المراجعين التابعة للشركة الوطنية للمحاسبة آنذاك :
.عدم كفاية المحاسبة العامة،
. آثار عدم كفاية المحاسبة العامة على النتائج. "وعليه، وبالإضافة إلى عيوب نظام المراقبة الداخلية التي تجلت في عمل المرحلة الأولى فإننا لا يمكننا المصادقة على مدى شرعية وصدق الحسابات المدروسة".
يجدر بنا التذكير على أن المعلومات المحاسبية والمالية كانت ، وما تزال ، غير موثوق فيها لدى الكثير من مؤسساتنا، مما يثقل كاهل متخذي القرارات ، في مختلف المستويات ، كما تصعب مهمة مصلحة الضرائب والرسوم عليها، بالإضافة إلى تضليل كل راغب في التعامل معها حالة اعتماده على بياناتها.
وعليه ، وفي ظل الإصلاحات الحالية والتغييرات المستقبلية التي ستواجه المؤسسة ، لابد من إدخال تغييرات عميقة في التنظيم وأنظمة المراقبة الداخلية ، وإعطاء المراجعة بأنواعها المكان اللائق بها. وهذا من أجل التطور والقدرة على مواجهة المنافسة الحادة والعمل على البقاء ، على الأقل ، في ظل محيط اليوم.
إن المراقبة الداخلية أساسية وهي: "مجموعة ضمانات تساهم في التحكم في المؤسسة". ولا بد أن تراقب بطريقتين: خلية المراجعة الداخلية ، من طرف المراجع الداخلي ، وتقييم المراقب الخارجي لها عند إنجاز المرحلة الثانية ، التي تعد أهم مرحلة من المراحل الثلاث المتمثلة ، كما سنرى، في الحصول على معرفة عامة حول المؤسسة، تقييم نظام المراقبة الداخلية وفحص الحسابات.
إن المراجعة الداخلية والمراجعة الخارجية متكاملتان ، إذ تعتمد الثانية إلى حد كبير على الأولى فتسهل أو تصعب مهمة المراجع الخارجي بمدى جودة أو عدم جودة نظام المراقبة الداخلية ومدى جدية وكفاءة الساهرين على مدى تطبيقه. والمراجعة الخارجية مكمل لا بد منه للمراجعة الداخلية بالمهمة لاستقلاليته وموضوعية المراجع الخارجي. بتعبير آخر، أن القيام بالمهمة على ما يرام كمحترف من طرف الخارجي ، والشعور المهني للمراجع الداخلي ويقينه بأن الكل يراقب ومراقب وحرصه الدائم من جهته على تفادي، بل القضاء، على النقائص والانحرافات التي مافتئ يقف عليها المراجع الخارجي، يؤدي، ما في ذلك شك، إلى تحسين التسيير وبالتالي إنجاح المؤسسة وازدهارها. وتلكم من النتائج المباشرة وغير المباشرة لتكامل المراجعتين.
إن موضوع دراستنا هذه هو المراجعة الخارجية المالية والمحاسبية، التي تدخل في إطار مهمة ذلكم الشخص المحترف المحايد أي الخارجي عن المؤسسة، قصد المصادقة على مدى شرعية وصدق الحسابات. وفي هذا يجدر بنا أن نؤكد أن كلمة مراجعة، مراجع، مراقبة، مراقب، تدقيق، مدقق...مترادفة وتعني في كل ما سيأتي، في حالة عدم التأكيد، ما يقوم به هذا الشخص المحترف المستقل الخارجي.