عرض مشاركة واحدة
قديم 08-25-2011, 07:52 PM
  #75
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


الرأي النهائي‏!‏


بـريــد الأهــرام
42956
‏السنة 127-العدد
2004
يوليو
16
‏28 من جمادى الأولى 1425 هـ
الجمعة




أنا مواطن عربي وأكتب لك من بلدي لاستشيرك‏,‏ ذلك أن لي ابنا في سن العشرين وفي بداية دراسته أدخلته مدرسة أجنبية أملا له في تعليم أفضل ومستقبل أحسن‏,‏ ولأن هذه المدرسة تتبع النظام الأجنبي فهي تسمح بالاختلاط بين الطلبة والطالبات‏.‏ وفي سن الخامسة عشرة لاحظت علي ابني تعلقه بإحدي زميلاته التي لانعرف أصلها وما إذا كانت عربية أم فارسية‏,‏ كما أنها شديدة التحرر وعاداتها تختلف عن عاداتنا كعائلة ذات أصل عريق‏,‏ فنصحناه بعدم الاستمرار في توطيد علاقته بها فكانت ردة فعله دائما هي إقناعنا بأن علاقته بها مجرد علاقة زمالة‏,‏ وفي نفس الوقت نسمع أنه يقول لزملائه إنه يحبها ويريد الارتباط بها‏,‏ وعندما أطرح معه هذا الموضوع لا يستمع إلي ويبقي شارد الذهن غير عابئ بما أوجهه له من نصائح‏,‏ وقد بدأ أيضا عادة التدخين وأصبح يدخن‏3‏ علب سجائر في اليوم وعندما أشير إلي علاقته بها يكون عصبيا ويرتجف من العصبية‏,‏ كما أنه يقاطع كل أصدقائه الذين تحدثوا معه عن هذا الموضوع‏,‏ أو لأنهم نصحوه بالابتعاد عنها‏.‏



وأنا ووالدته حائران معه‏,‏ وخائفان من كثرة الضغط عليه للابتعاد عنها‏,‏ فلقد بدأ بالتدخين وقد يلجأ إلي ماهو أسوأ كالشرب‏,‏ أو المخدرات‏,‏ والعياذ بالله‏..‏ وابني يدرس الآن في إحدي الجامعات الأوروبية‏,‏ أما هذه الفتاة فتدرس في إحدي دول الخليج ولكن مازال الاتصال بينهما مستمرا‏,‏ فهو يتصل بها في كل الأوقات ويستشيرها في كل أموره‏.‏ وأنا ووالدته نلوم أنفسنا كثيرا لسبب اختيارنا له هذا المسار من التعليم‏,‏ ولقد وضعنا علي هذا الابن الكثير من الآمال فلقد كان حلمي أن يشب هذا الابن ليكون رجلا بارا بأسرته حريصا علي أمورها مراعيا لحقوق أخوته وأخواته‏,‏ وفي بعض اللحظات أحس إنه مسحور من جانب هذه الفتاة‏,‏ فلقد كره حتي الجلوس مع والدته وأخوته‏,‏ ويفضل أن يظل بالخارج طول اليوم رغبة في الابتعاد عن المنزل كما يحب العزلة في حجرته‏.‏



ولقد كتبت لك هذه الرسالة وكلي رجاء في أن تنظر إليها كمشكلة إنسانية يمر بها الكثيرون من شبابنا اليوم‏,‏ وسؤالي هو هل نحن ملومان لما وصل إليه حال ابننا‏,‏ حيث أنه قد جاء إلي دنيانا بعد أربع بنات ؟وهل الاهتمام الزائد بكل صغيرة وكبيرة في حياته‏,‏ والتدليل الزائد كان سببا في تصرفاته وسلوكه‏,‏ إنه كلما ضغطنا عليه يقول لنا إنه لن يتزوج طوال حياته‏,‏ وسوف يهاجر إلي بلد آخر‏..‏ فماذا نفعل معه؟‏!‏



ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏


حاول أنت وزوجتك أن تشعرا ابنكما أن فكرة ارتباطه بهذه الفتاة قابلة للمناقشة‏,‏ غير أنها تتطلب وقتا كافيا لدراستها والتحري عن أسرة فتاته وبحث ظروفها‏,‏ وكل ذلك قد يستغرق بعض الوقت قبل أن تتوصلا إلي رأيكما النهائي في الموضوع‏..‏ كما أن هناك أهدافا أخري أولي بالرعاية الآن وهي دراسته وضرورة توفيقه فيها وحصوله علي شهادته قبل اتخاذ أية خطوة علي طريق الارتباط‏,‏ وله الخيار بعد ذلك أن يتمسك باختياره لهذه الفتاة‏..‏ أو يعدل عنه وفقا لظروفه وتطور قصته معها حينذاك‏,‏ ذلك أن تغير موقفكما من الرفض القاطع لارتباطه بهذه الفتاة‏,‏ إلي التفكير في الأمر كقضية قابلة للمناقشة سوف يمد الجسور من جديد بينكما وبينه ويبعث الحرارة في تواصله معكما‏..‏ كما أنه سوف يخفف بعض الشئ من فورانه العاطفي تجاه فتاته‏..‏ لأن رفض الأبوين القاطع لاختيار الابن يؤجج عواطفه تجاه من اختارها‏..‏ ويضفي علي قصته معها ظلالا رومانسية شبيهة بالمآسي الغرامية في القصص القديمة حيث يحب الفتي الفتاة ويتحدان معا في مواجهة أقدار أقوي منهما تحاول التفريق عبثا بينهما‏!‏



أما بحث الأمر معه كشأن قابل ذات يوم للتنفيذ فإنه يجرد قصته معها من هذه الهالة الرومانسية‏..‏ ويتيح للفتي أن يري فتاته بشرا كالبشر لها ميزاتها ولها ايضا عيوبها‏..‏ ولقد يكشف له الاحتكاك بها بعد نزع الهالة الرومانسية عنها بعض مالايستريح إليه فيها أو في ظروفها أو في علاقته بها‏..‏ والمهم هو أن نتيح له فرصة هذا التفكير الموضوعي في الأمر‏,‏ وهو ما لم يتح له من قبل خلال انشغاله بالدفاع عن حبه في مواجهة رفض أبويه لاختياره‏.‏



كما أن دراسته في مجتمع آخر سوف تكسبه خبرة وتجربة وعمقا مما سيكون له بالضرورة أثره في نضج شخصيته واتزان تفكيره باذن الله‏.‏


__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس