
مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
دائرة الاختيار!
بـريــد الأهــرام
42844
السنة 128-العدد
2004
مارس
26
5 من صفر 1425 هـ
الجمعة
ترددت كثيرا في الكتابة اليك لكني في النهاية توكلت علي الله العلي القدير, وقررت ان ابث اليك شكواي التي أرجو من الله ان اجد لديك المشورة والنصح فيها... فأنا سيدة متزوجة منذ مايقرب من ثلاثين عاما واشغل انا وزوجي مناصب رفيعة المستوي في الدولة, وقد بدأت مشكلتي حينما رزقت بابنتي بعد ولادة عسرة واتضح ان الولادة اثرت بدرجة طفيفة علي مستوي ذكائها.. وبعد استشارة الأطباء ذكروا ان الولادة اثرت علي درجة الذكاء بدرجة طفيفة ولكن بالجهد والمثابرة سوف تجتاز هذه المرحلة.. والحمد الله فقد تعاونت انا وزوجي علي مساعدتها في التعليم وأدخلناها أفضل مدارس اللغات, واستطاعت بحمد الله ان تحصل علي الثانوية العامة بدون ان ترسب في اي عام من الاعوام والتحقت بالجامعة وانهت دراستها ووفقها الله في العمل بإحدي هيئات الدولة المميزة, والي هنا ليست هناك مشكلة وانما بدأت المشكلة منذ بلوغ ابنتي سن الزواج, فنظرا لمستوي عائلتي تقدم لخطبتها العديد من الشباب لكني ترددت كثيرا في قبولهم حيث إن ابنتي لايشعر احد انها أقل قليلا من أقرانها الا بعد معاشرتها لفترة طويلة ولذلك خشيت عليها من الارتباط ثم يحدث الانفصال لاقدر الله.. ولااستطيع ان اذكر لاحد حالتها لانه لايشعر بها احد إلا بعد فترة, وكذلك لكيلا أجرح مشاعرها, ووالدها يري ان نقبل الشخص المناسب لها وأنا اري انه من الأفضل ان نقبل شخصا له نفس مواصفاتها ومستواها التعليمي والثقافي والاجتماعي والاسري, ولكن ما باليد حيلة فكيف يحدث هذا؟ إن ابنتي علي درجة عالية من الثقافة وتتعامل مع التقنيات, الحديثة من حاسب آلي وموبايل بسهولة ويسر ويمكن الاعتماد عليها في إدارة البيت فهل أنتظر حتي يجيء الشخص الموافق لها ولا أعلم متي يجئ؟ ام اوافق علي ارتباطها بشخص عادي في الظروف العادية كما يري والدها؟ إني حائرة ولا اعرف ماذا أفعل والأيام تمر سراعا واريد ان أطمئن عليها واري الفرحة في وجهها فماذا افعل ؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول
إذا اخذنا بالحلول النظرية فإن الأفضل لابنتك هو ان ترتبط بمن تتوافق ظروفه مع ظروفها, وليس من المحتمل ان ينكر عليها ذات يوم هذا الفارق الطفيف الذي يميزها عن قريناتها, لكن المشكلة هي كيف يمكن العثور علي مثل هذا الشاب المنشود الذي يتكافأ معها عائليا واجتماعيا وثقافيا.. ويختلف اختلافا طفيفا عن اقرانه في مستوي الذكاء؟ والي متي يطول انتظاره؟
لهذا فلقد يكون من الأوفق ألا تحصري دائرة الاختيار في هذه الفئة التي تتوافق ظروفها مع ظروف ابنتك, وان تتسع الدائرة قليلا وتقبلوا بشئ من المخاطرة المحسوبة, عسي ان يوفق الله ابنتكم الي شريك حياة متفهم ويقدر بقية مزاياها الأخري, وهي لاشك عديدة, كما ان اجتياز ابنتك لكل مراحل الدراسة بمدارس اللغات ثم الجامعة واستقرارها في عملها بهيئة مميزة من هيئات الدولة ـ كما تقولين ـ يؤكد أن الأثر الذي تركته الولادة العسرة علي مستوي ذكائها كان طفيفا بالفعل.. وفي كل الأحوال فإن من ترتبط به لابد ان يعرف كل ظروفها ويقبل بها.. لتكون احتمالات النجاح والسعادة هي الأغلب والأعم باذن الله.