
مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
الظلم المركب!
بـريــد الأهــرام
42837
السنة 128-العدد
2004
مارس
19
28 من محرم 1425 هـ
الجمعة
أنا زوجة وأم لابناء وبنات كبار اتموا تعليمهم, وعملوا, وتزوجوا, واستقلوا بحياتهم, وخلت الشقة علي أنا وزوجي, وكلانا بالمعاش.
ولأن الرحلة قد أنقضت بخيرها وشرها, فإنني لاأكتب لك شكوي من بخل زوجي, وإنما فقط لأمهد بما أرويه لك عن طبائعه, لما أريد مناقشته في نهاية الرسالة فزوجي قد حرمني طوال سنوات زواجنا من التمتع بمرتبي, وأجبرني علي انفاقه كله تقريبا علي البيت والأبناء وكانت مساهمته في نفقات الأسرة ضئيلة للغاية, وينفق معظم مرتبه علي ملذاته الشخصية من سجائر وأشياء أخري محرمة, وينفق بكرم علي أصدقائه وزميلاته ومعارفه, ويحرمني من أي مصروف, ولا يشتري لي شيئا علي الإطلاق, ولا يعرف كيف يجاملني في أي مناسبة, فإذا دعونا أحدا علي العشاء أصر علي أن تكون تكاليف العزومة مناصفة بيني وبينه, وأدفع النصف المفروض علي, ويظهر أمام الضيوف وكأنه حاتم الطائي, وكذلك فإننا إذا خرجنا معا لزيارة ابنتنا تكون المواصلات مناصفة بيننا, والمجاملات مناصفة كذلك حتي ولو كانت لشقيقته.
فهل يكون من العدل أن يحصل مثل هذا الزوج علي معاشي بالكامل بعد وفاتي, كما ينص علي ذلك القانون الجديد الذي يتحدثون عنه!.
أنني أتصور أن يحصل الزوج علي معاش زوجته بعد وفاتها بشروط واضحة وعادلة.
* أن يكون عائلا لأطفال أو أبناء لم يبلغوا سن العمل.
* أن يكون عاجزا عن الحركة أو مريضا.
* أن يكون معاشه ضئيلا لا يفي بالاحتياجات الأساسية له.. أما وأن يكون كزوجي يعيش بمفرده بعد زواج الأولاد, وفي صحة مقبولة, ومعاشه يساوي معاش زوجته تقريبا, ويحصل علي معاش زوجته بالكامل, فاعتقد أن هذا هو الظلم المركب, لأنه يكون قد ظلم زوجته في حياتها, وسوف يظلمها أيضا بعد وفاتها.
فلماذا لا يعاد النظر في هذا الموضوع, ولماذا لايعطي الزوج جزءا من المعاش حسب ظروفه التي أوضحتها والباقي يعود للدولة وذلك حتي لا نساعد مثل هذا الزوج, الذي يحصل علي معاش كبير, ولا يعول أحدا, وفي صحة جيدة. علي التصرف في هذا الدخل الكبير تصرفا ضارا به في هذه السن.
أنني لا أخشي الموت, بل أرحب به في أي لحظة حتي ألقي وجه ربي الكريم, لكني الآن أشعر بالأسف والظلم, ولن أكون راضية إذا حصل هذا الزوج علي أي مليم من معاشي.
ألست معي في أن هذا القانون سوف يظلم الكثيرات من الزوجات المضحيات مثلي, واللآتي لم يحصلن علي كلمة شكر واحدة في حياتهن من أزواجهن؟.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
ومن أدراك يا سيدتي أنك ستسبقين زوجك إلي لقاء ربك, وأنه سوف يستمتع بمعاشك, وقد ينفقه فيما يضره في هذه المرحلة من العمر؟, ومن يضمن ألا يسبقك هو إلي العالم الآخر, وتحظين أنت بمعاشه وتعوضين به بعض بخله, وتقتيره عليك في حياته؟.
وهل بلغ بك السخط علي زوجك أن أصبحت تفضلين أن يذهب كل أو معظم معاشك إلي خزانة الدولة, علي أن يستمتع به زوجك البخيل من بعدك؟, وكيف يمكن تطبيق القواعد التي تقترحينها لصرف معاش الزوجة الراحلة للزوج, وبعضها يمكن التحايل عليه, ويفتح الباب للحيل والألاعيب والفساد؟.
لقد ظل الأزواج علي مدي أكثر من50 عاما يطالبون بحقهم في معاش الزوجة الراحلة أسوة بما تحصل عليه الزوجة إذا رحل عنها زوجها, وكانوا يرون أن حرمانهم من نصيب الزوج في معاش زوجته الراحلة ظلم بين له, حتي استجابت الدولة أخيرا, وأعدت القانون الذي يسمح للزوج بنصيبه من معاش زوجته, والمؤكد هو أن المشرعين الذين أعدوا مواد هذا القانون لم يخطر لهم في بال أن تجئ المعارضة له من جانب بعض الزوجات اللاتي شقين بأزواجهن وحياتهن الزوجية, ويطلبن وضع ضوابط علي صرف معاش الزوجة الراحلة لزوجها لحرمان بعض الأزواج من أن يعيشوا في سعة بعد رحيل زوجاتهم. أن الفكرة رغم غرابتها تثير التأمل, وتدعونا لإحسان عشرة شريكات الحياة حتي لا ينتقمن منا بعد رحيلهن بحرماننا من معاشاتهن, كما تطالب كاتبة هذه الرسالة؟.. وشكرا لها!.