كان الكسائي يؤدب الأمين والمأمون ابني هارون الرشيد
فأراد يوما النهوض من عندهما
فابتدرا إلى نعليه ليقدماهما له
فتنازعا أيهما يفعل ، ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما واحدة
فلما رُفع الخبر إلى الرشيد وجَّه إلى الكسائي
فلما مثل بين يديه قال : من أعز الناس ؟
قال الكسائي : لا أعلم أعز من أمير المؤمنين
قال الرشيد : بلى ، إن أعز الناس من إذا نهض
تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين
حتى يرضى كل منهما أن يقدم له واحدة
فأخذ الكسائي يعتذر حاسبا أنه أخطأ
فقال الرشيد : لو منعتهما من تلك لأوجعتك لوما وعتبا
ولألزمتك ذنبا
فما وضع ما فعلا من شرفهما
بل رفع من قدرهما وبين عن جوهرهما
ولقد تبينت مَخيلة الفراسة بفعلهما
فليس يكبر المرء وإن كان كبيرا عن ثلاث :
تواضعه لسلطانه
ولوالديه
ولمعلمه