
مشاركة: قسم التنمية البشرية
تنمية الروح

تشير أحدث إحصائية نشرتها وكالة تابعة للأمم المتحدة عن أعلى دول العالم في عدد حالات الانتحار إلى أن الدول الشيوعية هي أكثر الدول من حيث نسبة هذه الحالات، بينما تندر أو تكاد تنعدم في دول العالم الإسلامي، ويأتي على رأس الأسباب المؤدية للانتحار الخواء الديني والروحي، ويدلّل على ذلك ارتفاع معدلات النتحار في الدول الشيوعية والدول التي ينتشر فيها التفسخ الأخلاقي وضياع الفضيلة.
ها هي المجتمعات التي سبقتنا في مجالات التنمية البشرية وهندسة النجاح وتفننت في العلوم التي تعتني بالارتقاء بالنفس البشرية تعاني من أخطر الأدواء والعلل، وتننشر فيها هذه الظاهرة الخطيرة، وما ذلك إلا بسبب إهمال أهم جوانب التنمية البشرية وهو “التنمية الإيمانية والروحانية”.
إن الإيمان والتدين طبيعة فطرية إنسانية، وهذا نتيجة طبيعية لإحساس الإنسان - مهما بلغ من علم وقدرات - بالعجز أما الكثير من الظواهر مثل الزلازل والبراكين على سبيل المثال، ولذلك نجد أن الكثير من اللادينيين أو الملحدين أو حتى أصحاب الديانات الذين لا يجدون في دياناتهم الإشباع الرحي المطلوب، نجدهم يمارسون بعض الطقوس والعادات تحت مسميات مختلفة كاليوجا أو التأمل وغيرها، محاولين ملأ الفراغ الروحي الذي يعانون منه.
وعندما نتكلم عن التنمية الإيمانية أو الروحية، فإننا نقصد بذلك إشباع الروح وتغذيتها بما تحتاج إليه من غذاء ووقايتها من آفات النفس، كحاجة الجسد إلى الغذاء والوقاية من الأمراض.
إن الإيمان بالله والاطمئنان إليه والخوف والرجاء والصبر والرضا وغيرها هي العناصر التي تشكل الجانب الروحي عند كل منّا، وهناك وسائل لتنمية هذه العناصر، ومن أمثلتها : الصلاة والصيام وذكر الله وقراءة القرآن وغيرها من الوسائل التي تهذب الروح وتسمو بالأخلاق.
ولبيان أثر ذلك نسوق مثالا من باب التوضيح، عندما يصاب الإنسان بمصيبة ما فإنه يتفاعل معها حزناُ وألماً، وكلما عظم حجم المشكلة كلما زاد تأثره بها، فإذا كان هذا المصاب قد تعهد نفسه وروحه بالرعاية والتنمية فغرس فيها الرضا بقضاء الله عز وجل، فإنه سيتمثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) ، وسيصبر ويحتسب، ولن يستوعبه الحدث بل سيتخطاه مؤمناً صابراً مقبلاً على الحياة من جديد.