عرض مشاركة واحدة
قديم 05-17-2009, 12:42 AM
  #3
ساره ابراهيم
 الصورة الرمزية ساره ابراهيم
 
تاريخ التسجيل: May 2009
الدولة: cairo
المشاركات: 763
Icon28 مشاركة: (كيف تحرج من يكرهك)*

كظم الغيظ في القرآن والسنة
كظم الغيظ، خلق قرآني جعله الله تبارك وتعالى من صفات المتقين، فقال عز وجل (( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )).

وعن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (ما من جرعة يتجرعها الإنسان أعظم أجراً من جرعة غيظ في الله عز وجل).
وقال محمد عبده في الغيظ، (ألم يعرض للنفس اذا هُضم حق من حقوقها المادية كالمال، أو المعنوية كالشرف، فيزعجها إلى التشفي والانتقام، ومن أجاب داعي الغيظ إلى الانتقام لا يقف عند حد الاعتدال، ولا يكتفي بالحق بل تجاوزه إلى البغي، فلذلك كان من التقوى كظمه).
وقد وردت كلمة الغيظ في آيات من القرآن الكريم منها قوله تعالى ((وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)) وقوله تعالى ((وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ)). وكظم الغيظ هو تجرعه واحتمال سببه والصبر عليه، وفي الحديث الشريف عن معاذ بن أنس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء. رواه أبو داود والترمذي وقال بعض المفسرين في قوله تعالى عن المتقين ((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ)) انهم الذين اذا ثار غضبهم -وهو أشد الغضب- كظموه وكتموه، ولم يستجيبوا لدواعيه ولا يعملون غضبهم في الناس، بل يكفون شرهم عنهم، ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل. وقال ابن جرير الطبري في العبارة نفسها ((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ)) يعني والجارعين الغيظ عند امتلاء نفوسهم منه. وكظم الغيظ يحتاج إلى إرادة صلبة وعزيمة قوية وشخصية تتحكم في عواطفها ومشاعرها الانتقام والتشفي، أو إلى ارتكاب ما لا يحسن بالرجل الحكيم الوقور. لذلك قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم (ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم (ما تعدون الصرعة فيكم قالوا: الذي لا يصرعه الرجال، قال ليس كذلك، ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب). وقد عنيت السنة النبوية المطهرة عناية واضحة بفضيلة كظم الغيظ، قال صلى الله عليه وسلم (من كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه لأمضاه، ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا)، فالتعبير بكلمة (جرع)، تفيد المعاناة والمعالجة وحمل النفس على الشيء المتعب الذي يعقب خيراً، كما يتجرع المريض الدواء المر ليورثه الشفاء والعافية.وقال تعالى ((يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ)). وكأن احتياج كظم الغيظ إلى الجهد والمشقة والمقاومة وهو بعض السر في ان الله تبارك وتعالى قد جعل هذه الفضيلة من أخلاق أهل التقوى. ولعل هذا السبب في أن السيدة عائشة رضي الله عنها كظمت غيظها حينما غاظها بعض من يخدمها وقالت: لله در التقوى ما تركت لذي غيظ شفاء). والغضب هو العامل المفسد لكظم الغيظ، فمن استجاب لداعي الغضب لم يستطع أن يكظم غيظه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: علمني شيئاً، ولا تكثر علي لعلي أعيه، فقال له لا تغضب فكرر الرجل قوله مراراً، وفي كل مرة يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تغضب وقد كرم الرسول صلى الله عليه وسلم اولئك الذين ينأون بأنفسهم عن الاستجابة للغضب الطائش الجامح، فقال (أشدكم من ملك نفسه عند الغضب وأحلمكم من عفا عند المقدرة وقال: من كف غضبه ستر الله عورته) وقال صلى الله عليه وسلم (من ملك غضبه وقاه الله عذابه).
والعلماء يقولون ان الغضب هو فوران دم القلب لارادة الانتقام وهذا شيء كأن الإنسان مجبول عليه، ولا يستطيع التخلص منه بالكلية، ولكن المأمول من الرجل صاحب الاخلاق الفاضلة ان يتجنب اسباب الغضب ما استطاع، وان لا يطع الشيطان فيما يوسوس له من الاستجابة لداعي الغضب، فلا يتهور ولا يتجبر ولا يندفع، وهذا خلق من اخلاق الانبياء، لان الحلم شيمة من شيمهم الاساسية.
وقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي المثل الأعلى في كظم الغيظ ومقاومة الغضب، وكان يتحمل من أذى قومه ما يتحمل وهو كاظم غيظه ضابط نفسه، ويقول في تواضع نبيل (أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر).
وقد أرشدنا رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى الوسائل التي تقي عواقب الغضب السيئة.
* الوسيلة الأولى: قوله صلى الله عليه وسلم (اذا غضب احدكم وهو قائم فليجلس فإن لم يذهب عنه الغضب فليضطجع).
* الوسيلة الثانية: قوله صلى الله عليه وسلم (ان الغضب من الشيطان وان الشيطان خلق من نار وانما تطفأ النار بالماء، فاذا غضب فليتوضأ).
* الوسيلة الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم عندما رأى رجلاً غاضباً ثائراً فقال: (اني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
وينبغي ان تتذكر ان الغضب يكون محموداً في بعض الأحيان وقد أشار الغزالي إلى هذا حين قال: وانما المحمود غضب ينتظر اشارة العقل والدين، فينبعث حين تجب الحمية، وينطفئ حين يحسن العلم، وحفظه على حد الاعتدال هو الاستقامة التي كلف الله بها عباده وهو الوسط الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (خير الامور أوسطها).
ومن مال غضبه إلى الافراط حتى جره إلى التهور واقتحام الفواحش، فينبغي أن يعالج نفسه لينقص من سورة الغضب، ويقف على الحق الوسط بين الطرفين فهو الصراط المستقيم.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يُجملنا بخلق الاستقامة على سواء السبيل.
__________________
ساره ابراهيم غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس