
مشاركة: قصص الانبياء
بناء المسجد النبوي:
وأول خطوة خطاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد ذلك هو إقامة المسجد النبوي. ففي المكان الذي بركت فيه ناقته أمر ببناء هذا المسجد، واشتراه من غلامين يتيمين كان يملكانه، وساهم في بنائه بنفسه، كان ينقل اللبن والحجارة ويقول:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
وكان يقول:
هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبرّ ربن ا وأطهر
وكان ذلك مما يزيد نشاط الصحابة في البناء حتى إن أحدهم ليقول:
لئن قعدنا والنبي يعمل
لذاك منا العمل المضلل
وكانت في ذلك المكان قبور المشركين، وكان فيه خرب ونخل وشجرة من غرقد، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل والشجرة فقطعت، وصفت في قبلة المسجد، وكانت القبلة إلى بيت المقدس، وجعلت عضادتاه من حجارة، وأقيمت حيطانه من اللبن والطين، وجعل سقفه من جريد النخل، وعمده الجذوع، وفرشت أرضه من الرمال والحصباء، وجعلت له ثلاثة أبواب، وطوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع، والجانبان مثل ذلك أو دونه، وكان أساسه قريباً من ثلاثة أذرع.
وبنى بيوتاً إلى جانبه، بيوت الحجر باللبن وسقفها بالجريد والجذوع، وهي حجرات أزواجه صلى الله عليه وسلم ، وبعد تكامل الحجرات انتقل إليها من بيت أبي أيوب.
ولم يكن المسجد موضعاً لأداء الصلوات فحسب، بل كان جامعة يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام وتوجيهاته، ومنتدى تلتقي وتتآلف فيه العناصر القبلية المختلفة التي طالما نافرت بينها النزعات الجاهلية وحروبها، وقاعدة لإدارة جميع الشؤون وبث الانطلاقات، وبرلماناً لعقد المجالس الاستشارية والتنفيذية.
وكان مع هذا كله داراً يسكن فيها عدد كبير من فقراء المهاجرين اللاجئين الذين لم يكن لهم هناك دار ولا مال ولا أهل ولا بنون.
وفي أوائل الهجرة شرع الأذان، النغمة العلوية التي تدوي في الآفاق، كل يوم خمس مرات، والتي ترتج لها أنحاء عالم الوجود. وقصة رؤيا عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه بهذا الصدد معروفة، رواها الترمذي وأبو داود وأحمد وابن خزيمة.
__________________
[overline]
قال صلى الله عليه وسلم:
<أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربه أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخ في حاجه أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - مسجد المدينة - شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام >
صححه الألباني الأحاديث الصحيحة رقم (906)