
مشاركة: ازمات تواجه الشباب
الأزمة الثالثة: أزمة جلساء السوء
فقال صلى الله عليه وسلم : يا عم، قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله
ولولا دخل هؤلاء الجلساء لقال: لا إله إلا الله، لكنهم ما زالوا به حتى في سكرات الموت، حتى لم يقلها فأدخله الله النار.
والجليس السيء يدخل بمداخل:
منها: أن يغريك بالمال وهو فتنة.
يقول ابن تيمية : من احتجت إليه فأنت أسيره، ومن احتاج إليك فأنت أميره، ومن استغنيت عنه فأنت نظيره.
فالناس على طبقات، إما أن تكون أسيراً، أو أميراً، أو نظيراً.
والجلساء على هذه الطبقات، إما أن يجالسك فيصبح أميراً لك، أو أسيراً لك، أو نظيراً لك.
فإن احتجت له في معاملاتك الدنيوية من مال، أو واسطة، أو كسب، أو أسرة، أو غرض دنيوي، فقد تأمّر عليك.
ولذا كان من السنة: أن يستغني العبد عن الآخرين ويحاول جهده في ذلك.
والرسول صلى الله عليه وسلم لما بايع أبا بكر وسبعة معه اشترط عليهم ألا يسألوا الناس شيئاً.
حتى كان يسقط سوط أحدهم من على الفرس فلا يسأل أحداً أن يناوله إياه، وورد في صفة المتوكلين الذين يدخلون الجنة بلا حساب أنهم: (لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون). (1)
فهم إذاً لا يطلبون النفع، ولو كان جائزاً، إلا من الله تعالى وحده، فقد حققوا التوحيد أيما تحقيق.
الشاهد: أن الجلساء يدخلون من هذه المداخل.
وإذا احتاج إليك كنت أسيره، فاتق الله فيه، إذا احتاج إليك في خدمة دنيوية، فاجعلها وسيلة؛ لأن تهديه إلى الله عز وجل، وتكون له سبباً من أسباب الهداية.
أما إذا لم تحتج إليه، ولم يحتج إليك، فهو مساوٍ لك، وأنت مساوٍ له، فلا فضل لأحد على الآخر.
والجلساء على قسمين: منهم من تستطيع أن تؤثر فيه بالمخالطة فاستعن بالله، واتق الله فيه.
فالرسول صلى الله عليه وسلم أعظم من خالط جلساء السوء، فقد خالط المشركين والمنافقين، واليهود ، والنصارى ، ولكنه كان صلى الله عليه وسلم مؤثراً لا متأثراً.
وإمّا جليساً إذ خالطته أثّر فيك، فاهرب منه، وفرّ منه فرارك من الأسد.
لأن بعض الناس قوي الشخصية، ولو كان ضالاًّ، فإذا دخلت معه في المجلس، استولى على الحديث، وتكلَّم، وأخذ الوقت في محاضرة وفي تأثير، فلا تستطيع مجاراته ولو بكلمة، فهذا لا يُجالس إلا بقدر أن يسمع البلاغ، ثم لا تمكّنه من عقول الناس.

الأزمة الرابعة: ضياع الوقت
وأما الأزمة الرابعة: فهي ضياع الأوقات، الذي يُبتلى به كثير من الشباب، ولو صلّى وصام وحج واعتمر.
والوقت عندنا في الإسلام يكون لخدمة الآخرة، ولو كان عملاً دنيوياً، ويكون ذلك بإخلاص النية، وتوجيهها وجهة الآخرة.
أما الجلوس بلا عمل، ولو كان دنيوياً فهذا مرض عُضال يُصاب به البعض.
وقيل لـكرز بن وبرة : اجلس معنا، قال: احبسوا الشمس!
لأنها لن تعود أبداً لهذا اليوم.
وكان ابن عقيل رحمه الله، لا يضيع شيئاً من وقته، فإذا أتى ينام فكر فيما يكتب غداً، وإذا استلقى ليرتاح سبّح واستغفر، فهو ما بين عبادة وعلم.
فالله، الله، يا شباب بحفظ أوقاتكم، فإنها والله لا تعود لكم إذا فرطتم فيها، فاستغلوها، واكسبوا فيها خيراً من عبادة، أو علم، أو نفع للآخرين، أو دعوة.
أزمات أخرى
أخيراً: هناك بعض الأزمات لم أتطرق إليها، وهي معلومة للجميع.
منها: أن يكون البيت الذي يعيش فيه الشاب منحرفاً.
فيكون الشاب في صراع داخلي مع أهله، حيث يصرفونه عن الهداية، وهو يريدها، فواجبه الصبر والدعوة لهم لعل الله تعالى أن يحدث بعد ذلك أمراً.
وهناك الضغينة التي تنشأ بين الشباب بسبب الاختلافات التي لا بد من حدوثها بين البشر.
فواجب الشباب أن يعالجوها بالعذر للآخرين، ومباحثتهم بالحب والمودة، وأن يدعو لبعضهم بظهر الغيب.
هذا في مسائل الفقه والمسائل الاجتهادية في أمور الدعوة، وهو الذي يحدث كثيراً بين الشباب.
أما المسائل الأصولية، فالجميع والحمد لله متفق عليها.
والله أعلم، وصلَّى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم.
فى رعاية الله وحفظه على امل اللقاء