عرض مشاركة واحدة
قديم 04-14-2009, 05:57 AM
  #3
اسماء النحاس
مشارك نشط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: مصر
العمر: 38
المشاركات: 79
افتراضي مشاركة: ازمات تواجه الشباب

الأزمة الثالثة: أزمة جلساء السوء


والله عزَّ وجل، ذكر في القرآن جلساء السوء، وجلساء الخير، يقول سبحانه وتعالى: ((قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَالله إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ)).
هذان رجلان: جليس صالح، وجليس سيء، كان السيئ يقول في الحياة للجليس الصالح: أتزعم أن ربك يبعثك إذا كنت عظاماً وتراباً؟
أتظن أنك تدخل الجنة؟
أتظن أن هناك جنة وناراً؟
وهذا موجود في كل زمان ومكان.
ومن سنن الله القدرية أن يُجلس جلساء السوء، بجانب جلساء الخير، ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا))، هادياً يهدي القلوب، ونصيراً ينصر بالسيف.
ولكن ذاك الصالح ما أطاعه فأسلم، فلما توفي دخل الجنة، ودخل ذلك النار، فيقول المهتدي لإخوانه ولزملائه وهم على الأرائك، نسأل الله من فضله: ((هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ)) يقول: تريدون أن تتطلعوا على النار لتروا زميلي وجليسي السيئ، الذي استهزأ بالدين في الحياة؟
((فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ)) في وسط النار، ((قَالَ تَالله إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ))، يقول: كدت تغويني في الحياة فأصبحت قريباً من الغواية بسببك، فنجَّاني الله من وساوسك وظنونك.
ويقول تعالى عن الجلساء: ((الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)).
قال أحد أهل العلم من الوعاظ: إياك والجليس السيئ، ولو زعمتَ أنك تهديه فإنه يضرك، لأن الجرباء تعدي الصحيحة ولا تعدي الصحيحة الجرباء.
فهل سمعتم أن صحيحة أعدت الجرباء؟
فالواجب أن لا يُخالط الناس إلا من آنس في قلبه تقىً، وصلاحاً، ورشداً، بحيث لا يغويه الجلساء السيئون؛ لأن تأثيرهم شديد.
ولذلك ورد في الحديث عن سعيد بن المسيب عن أبيه المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي قال: (لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل صلى الله عليه وسلم فدخل أبو جهل وعبد الله بن أمية فجلسا عند رأس أبي طالب .


فقال صلى الله عليه وسلم : يا عم، قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله

ولولا دخل هؤلاء الجلساء لقال: لا إله إلا الله، لكنهم ما زالوا به حتى في سكرات الموت، حتى لم يقلها فأدخله الله النار.

والجليس السيء يدخل بمداخل:

منها: أن يغريك بالمال وهو فتنة.
يقول ابن تيمية : من احتجت إليه فأنت أسيره، ومن احتاج إليك فأنت أميره، ومن استغنيت عنه فأنت نظيره.
فالناس على طبقات، إما أن تكون أسيراً، أو أميراً، أو نظيراً.
والجلساء على هذه الطبقات، إما أن يجالسك فيصبح أميراً لك، أو أسيراً لك، أو نظيراً لك.
فإن احتجت له في معاملاتك الدنيوية من مال، أو واسطة، أو كسب، أو أسرة، أو غرض دنيوي، فقد تأمّر عليك.
ولذا كان من السنة: أن يستغني العبد عن الآخرين ويحاول جهده في ذلك.
والرسول صلى الله عليه وسلم لما بايع أبا بكر وسبعة معه اشترط عليهم ألا يسألوا الناس شيئاً.
حتى كان يسقط سوط أحدهم من على الفرس فلا يسأل أحداً أن يناوله إياه، وورد في صفة المتوكلين الذين يدخلون الجنة بلا حساب أنهم: (لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون). (1)
فهم إذاً لا يطلبون النفع، ولو كان جائزاً، إلا من الله تعالى وحده، فقد حققوا التوحيد أيما تحقيق.
الشاهد: أن الجلساء يدخلون من هذه المداخل.
وإذا احتاج إليك كنت أسيره، فاتق الله فيه، إذا احتاج إليك في خدمة دنيوية، فاجعلها وسيلة؛ لأن تهديه إلى الله عز وجل، وتكون له سبباً من أسباب الهداية.
أما إذا لم تحتج إليه، ولم يحتج إليك، فهو مساوٍ لك، وأنت مساوٍ له، فلا فضل لأحد على الآخر.
والجلساء على قسمين: منهم من تستطيع أن تؤثر فيه بالمخالطة فاستعن بالله، واتق الله فيه.
فالرسول صلى الله عليه وسلم أعظم من خالط جلساء السوء، فقد خالط المشركين والمنافقين، واليهود ، والنصارى ، ولكنه كان صلى الله عليه وسلم مؤثراً لا متأثراً.
وإمّا جليساً إذ خالطته أثّر فيك، فاهرب منه، وفرّ منه فرارك من الأسد.
لأن بعض الناس قوي الشخصية، ولو كان ضالاًّ، فإذا دخلت معه في المجلس، استولى على الحديث، وتكلَّم، وأخذ الوقت في محاضرة وفي تأثير، فلا تستطيع مجاراته ولو بكلمة، فهذا لا يُجالس إلا بقدر أن يسمع البلاغ، ثم لا تمكّنه من عقول الناس.







الأزمة الرابعة: ضياع الوقت


وأما الأزمة الرابعة: فهي ضياع الأوقات، الذي يُبتلى به كثير من الشباب، ولو صلّى وصام وحج واعتمر.

والوقت عندنا في الإسلام يكون لخدمة الآخرة، ولو كان عملاً دنيوياً، ويكون ذلك بإخلاص النية، وتوجيهها وجهة الآخرة.

أما الجلوس بلا عمل، ولو كان دنيوياً فهذا مرض عُضال يُصاب به البعض.
قال عمر رضي الله عنه: [إني لأرى الرجل ليس في مهنة من الدنيا، ولا عمل للآخرة، فيسقط من عيني].
قال تعالى: ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)).
فالليل يخلف النهار، والنهار يخلف الليل، وهو كنز لمن أراد أن يستغله في فكر، أو طاعة، أو عبادة، أو علم نافع.
دخل أحد الأخيار المسجد، فوجد رجلاً حزيناً فسأله: ما بك؟
فإذا هو قد فاتته صلاة الجماعة.
فانظر إلى حزنهم ولوعتهم على ضياع الأعمال الصالحة، وانظر إلى تفريطنا نحن الذين تضيع منا الصلوات تلو الصلوات، ونخسر الأجور تلو الأجور، فالله المستعان.
ويقول تعالى مبيناً أن الإنسان لم يُخلق للعبث: ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى الله الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)).
يقول ابن القيم : الضياع على عشرة أسباب؛ وأعظمها ضياع القلب، وضياع الوقت، ولا عوض منها أبداً.
فالقلب إذا ضاع منك، فقد خسرت مصيرك.
والوقت إذا ضاع منك، فقد ضاع عمرك.











وقيل لـكرز بن وبرة : اجلس معنا، قال: احبسوا الشمس!

لأنها لن تعود أبداً لهذا اليوم.
وكان ابن عقيل رحمه الله، لا يضيع شيئاً من وقته، فإذا أتى ينام فكر فيما يكتب غداً، وإذا استلقى ليرتاح سبّح واستغفر، فهو ما بين عبادة وعلم.
فالله، الله، يا شباب بحفظ أوقاتكم، فإنها والله لا تعود لكم إذا فرطتم فيها، فاستغلوها، واكسبوا فيها خيراً من عبادة، أو علم، أو نفع للآخرين، أو دعوة.







أزمات أخرى

أخيراً: هناك بعض الأزمات لم أتطرق إليها، وهي معلومة للجميع.

منها: أن يكون البيت الذي يعيش فيه الشاب منحرفاً.

فيكون الشاب في صراع داخلي مع أهله، حيث يصرفونه عن الهداية، وهو يريدها، فواجبه الصبر والدعوة لهم لعل الله تعالى أن يحدث بعد ذلك أمراً.
وهناك الضغينة التي تنشأ بين الشباب بسبب الاختلافات التي لا بد من حدوثها بين البشر.
فواجب الشباب أن يعالجوها بالعذر للآخرين، ومباحثتهم بالحب والمودة، وأن يدعو لبعضهم بظهر الغيب.
هذا في مسائل الفقه والمسائل الاجتهادية في أمور الدعوة، وهو الذي يحدث كثيراً بين الشباب.
أما المسائل الأصولية، فالجميع والحمد لله متفق عليها.
والله أعلم، وصلَّى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم.









فى رعاية الله وحفظه على امل اللقاء
__________________



ان العالم يفسح الطريق للمرء الذى يعرف الى اين هو ذاهب
اسماء النحاس غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس