منتدى المحاسبين المصريين

منتدى المحاسبين المصريين (https://www.aliahmedali.com/forum/index.php)
-   إستراحة الأعضاء (https://www.aliahmedali.com/forum/forumdisplay.php?f=12)
-   -   قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع (https://www.aliahmedali.com/forum/showthread.php?t=6743)

حسام هداية 08-25-2011 07:21 PM

مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
 

العقبة الرئيسية


بـريــد الأهــرام
42928
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
18
‏30 ربيع الآخر 1425 هـ
الجمعة




أنا سيدة متزوجة منذ عشرين عاما ولم يكن لي نصيب في الإنجاب‏,‏ وترجع الأسباب إلي عملية الزائدة التي أجريت لي قبل الزواج‏,‏ ونتج عنها انسداد في الأنابيب وهو ما لا ذنب لي فيه وبعد الزواج اجريت عمليات كثيرة منها بالأنابيب ومنها منظار للبطن ومنها طفل أنابيب أكثر من سبع مرات حتي ذهبت حصيلة كل عمل زوجي في المملكة العربية السعودية للعلاج بدون فائدة ومنذ ثلاث سنوات عرض علي زوجي فكرة أن نتكفل بطفلة وعملنا كل الأوراق وتقدمنا بها في دائرة المنطقة التي نسكن بها وطلبنا طفلة حديثة الولادة لكننا واجهنا صعوبات وجود كفيل يضمنا لكفالة الطفلة وفي العام الماضي أيضا تقدمنا ولكن وزير الصحة أصدر قرارا بألا يقل عمر الطفلة عن عامين وألا تكون حديثة الولادة ونحن نمتلك شقة في منطقة المعادي الجديدة ونستطيع ان نصرف عليها حتي تتزوج وأن نؤمن حياتها بإذن الله لكني أرجو العون من الله ومن السيدة وزيرة الشئون الاجتماعية والسيد وزير الصحة وأي مسئول عن هذا الموضوع بمناسبة يوم اليتيم علما بأني أملك شقة ايضا باسمي وموظفة بوزارة الداخلية وأقيم حاليا مع زوجي في السعودية وتقدمنا في طلبنا الأول لاصطحاب الطفلة معنا وقوبل الطلب بالرفض وفي العام الماضي قررت أننا إذا أخذنا الطفلة فسوف اقيم في مصر واترك زوجي في السعودية علي ان يعود إلينا علي مدار العام فهل يمكن تحقيق هذه الأمنية الغالية لنا؟



ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏


لا علم لي في الحقيقة بقرار منع تسليم الأطفال حديثي الولادة للراغبين في التكفل برعايتهم‏..‏ ولا ادري ما هي علاقة السيد وزير الصحة بذلك وفي حدود علمي فإن الوزارة المختصة بشئون رعاية الأطفال مجهولي النسب أو الابناء هي وزارة الشئون الاجتماعية والتأمينات وليست وزارة الصحة‏,‏ وعلي اية حال فإن استعدادك للعودة للاقامة بمصر مع الطفلة التي تتسلمينها من احدي دور رعاية الايتام يذلل العقبة الرئيسية التي كانت تحول بينك وبين تحقيق هذه الأمنية الغالية‏,‏ ذلك ان وزارة الشئون الاجتماعية تتحفظ كثيرا علي تسليم الأطفال الصغار لمن لايقيمون في مصر اقامة دائمة‏,‏ وحجتها في ذلك عادلة ومنطقية وهي تعذر إشراف الوزارة أو دور الايتام علي هؤلاء الأطفال وهم في كفالة اسرهم الجديدة‏,‏ الي جانب الحرص علي تجنب شبهة الاتجار في الأطفال المحرومين من ذويهم الطبيعيين وهو حرص حميد لايستطيع احد ان يلوم الجهات المعنية عليه‏..‏ ويبقي بعد ذلك أن اناشد الأستاذة الدكتورة امينة الجندي وزيرة الشئون والتأمينات الاجتماعية ان تأمر بتيسير تسليمك لطفلة صغيرة لتقومي برعايتها في سكنك بمصر بعد عودتك بإذن الله‏,‏ فاتصلي بي أو اكتبي إلي بعنوانك ورقم هاتفك والله المستعان علي كل امر عسير‏.‏



حسام هداية 08-25-2011 07:22 PM

مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
 

الزيارة المفاجئة‏!‏


بـريــد الأهــرام
42935
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
25
‏7 من جمادى الأولى 1425 هـ
الجمعة




أكتب إليك لأني في أشد الحاجة لمن يسمعني ويشير علي‏,‏ فأنا رجل متوسط العمر نشأت في أسرة متوسطة‏,‏ بين أب موظف بالحكومة وأم تتفنن في تدبير حياة أسرتها وتلبية مطالب أبنائها الأربعة‏.‏ وشققت طريقي في الدراسة حتي حصلت علي ليسانس الحقوق‏,‏ ووجدت أبواب الوظائف مسدودة أمامي وليس لي نصير يوصي بتعييني في أي جهة حكومية فاتجهت إلي العمل بالمحاماة‏,‏ وبدأت بالتدريب لدي محام من أقارب والدتي‏,‏ وحصلت بعد فترة علي عضوية نقابة المحامين وانتقلت للعمل لدي محام أوسع نشاطا في حي العباسية‏,‏ وحصلت علي أول مرتب لي منه‏..‏ ثم تقدمت في العمل وأصبح يكلفني ببعض القضايا البسيطة نيابة عنه ويخصص لي نسبة من الأتعاب‏..,‏ فاستطعت أن أساعد أبي في تعليم اخوتي الصغار‏,‏ وظفرت لذلك بمكانة كبيرة لدي أبي وأمي وأسرتي‏,‏ ومضت بي الأيام‏,‏ وازدادت خبرتي بالعمل واتسعت دائرة معارفي وكثرت القضايا التي أباشرها‏,‏ فاستأذنت المحامي الكبير الذي أعمل معه في أن استقل بنشاطي في مكتب خاص بي‏..‏ ولم يعترض الرجل ولم يغضب لذلك‏,‏ وإنما قال لي إن هذه هي سنة الحياة ولابد للصغير من أن يكبر ذات يوم‏..‏ وأرشدني إلي مكتب لأحد المحامين شبه المعتزلين‏,‏ ونصحني باستئجار غرفة من مكتبه لبدء نشاطي الخاص فيها‏,‏ وتم ذلك بالفعل ووضعت لافتة تحمل اسمي علي واجهة العمارة التي يقع بها المكتب‏,‏ وبدأت أمارس عملي في مكتبي الجديد‏,‏ ومررت بفترة ركود في البداية حتي كدت أعجز عن دفع الإيجار‏,‏ لكني تمسكت بالأمل ولم أيأس‏,‏ ثم بدأ النشاط يدب تدريجيا في مكتبي وسددت الايجار المتأخر وديون تأثيث المكتب‏..‏ وبدأت أحاول تنظيم حياتي‏..‏ وكنت قد بلغت الثلاثين ولم أرتبط بأية علاقة عاطفية‏..‏ وخفت أن يسرقني العمر فلا أتزوج كما فعل المحامي الكبير الذي بدأت حياتي معه‏,‏ وكان أبي أمي يلحان علي بالزواج ويبحثان لي عن عروس مناسبة‏..‏ فرأيت أكثر من فتاة من الأقارب والمعارف‏..‏ ووافقت في النهاية علي التقدم لابنة موظف كبير يعرفه أبي‏..‏ وزرنا بيته واسترحت إلي شخصية هذه الفتاة‏,‏ وقرأنا الفاتحة‏,‏ وبدأنا نرتب لعقد القران‏,‏ وقبل أن نحدد موعده دخلت مكتبي في مساء أحد الأيام سيدة شابة وجميلة ولها شخصية مؤثرة‏,‏ ووكلتني في قضية ميراث لها‏,‏ فوجدتني أهتم بهذه السيدة وقضيتها‏,‏ وتكررت اللقاءات بيننا فعرفت أنها متزوجة ولها ابن في السابعة من عمره وزوجها يعمل بإحدي شركات البترول‏,‏ وحياتها العائلية مستقرة‏..‏ لكن شيئا ما



في عينيها أنبأني بأنه سيكون لي مع هذه السيدة شأن آخر بعيد عن قضيتها‏,‏ وصدق حدسي‏,‏ إذ وجدتها تتعمد إطالة زياراتها لي‏..‏ وتتجاوب معي في الحديث في أمور بعيدة عن مشكلتها القانونية‏,‏ وطلبتها ذات يوم هاتفيا لأبلغها بشأن يتعلق بالقضية‏,‏ فإذا بها ترحب بي بحرارة وتطيل الحديث معي وتنتهي المكالمة باعتراف متبادل مني ومنها بأن كلا منا في أشد الحاجة إلي الآخر‏..‏ وبدأت علاقتي بها من هذه اللحظة وتعمقت علي مدي الشهور التالية‏..‏ وشغلت تماما عن الفتاة التي قرأت الفاتحة مع والدها ورحت أتهرب من تحديد موعد القران‏,‏ وأبي وأمي يلحان علي في ذلك ويشكوان مما يواجهانه من حرج مع أسرة الفتاة‏..‏ إلي أن جاءت اللحظة التي جرأت فيها علي مصارحة أبي بأنني لا أعتزم إكمال مشروع الزواج من تلك الفتاة‏,‏ فغضب مني بشدة لكنه لم يملك لي شيئا‏..‏ وتفرغت بكل عواطفي لهذه السيدة الجميلة‏..‏ وبعد فترة بدأنا نتحدث عن الزواج فعرضت علي أن تطلب من زوجها الطلاق ونتزوج في أقرب فرصة‏,‏ وسعدت بذلك وشجعتها عليه وطمأنتها من ناحية ابنها بأنني سوف أكون أبا ثانيا له‏..,‏ فلم تعلق علي ذلك ولم يبد لي أنها مهمومة بأمر طفلها كثيرا وإنما بأمر زوجها الذي قالت إنه يحبها ولن يفرط فيها بسهولة‏..,‏ وبدأت هي المعركة مع زوجها وطلبت منه الطلاق فرفض بإصرار‏..‏ وهجرته إلي بيت أسرتها مصطحبة معها طفلها‏..‏ ونشط الوسطاء بين الطرفين لمحاولة الإصلاح دون جدوي‏..‏ وفي كل يوم يأتي وسيط حاملا عرضا جديدا للصلح وتتصل بي هي فأشير عليها بالرفض‏,‏ وأصبحنا نلتقي كل يوم ونفكر في مشكلتنا‏..‏ واستقر رأينا أخيرا علي أن أقابل زوجها وأواجهه بأن زوجته لا تريده وإنما تريد رجلا آخر وأنه من الأكرم له أن يسرحها بإحسان‏,‏ وإلا فإنني سوف أقيم دعوي طلاق باسمها ضده‏,‏ وسأتخذ كل السبل التي تحقق هذا الغرض‏..‏ وسألتني هي هل تستطيع بالفعل مواجهته بذلك حتي ولو تعدي عليك‏,‏ فأجبتها في ثقة انني أستطيع ذلك بغير شك‏..‏ وقابلته بالفعل وواجهته بكل شيء‏,



بصراحة قاتلة ولم أهتز حين قال لي إنني بذلك أهدم بيتا كان سعيدا قبل ظهوري في حياة زوجته‏..‏ وأمزق طفلا صغيرا بين أبويه وأحرمه من حياته التي كانت هادئة‏..‏ كما لم يؤثر في كثيرا قوله إن الله سوف يحاسبني حسابا عسيرا علي ذلك‏,‏ وقلت له إن هذا شأني مع ربي ولا دخل له به‏..‏ وانتهت الجلسة العاصفة بأن قبل بأن يطلقها ولكن علي شرط واحد لامحيص عنه‏,‏ وهو أن تترك له ابنها وأن توقع اقرارا بالتنازل عنه له‏.,‏ وفشلت كل محاولاتي معه لكي يتنازل عن هذا الشرط‏..‏ فرجعت إليها وأنا مشفق مما سيحدث حين تعرف بشرطه القاسي‏..‏ وتخوفت من أن تتراجع عن مشروع زواجها مني أمام هذا الشرط المعجز‏,‏ وبدأت الحديث معها بحذر شديد إلي أن وصلت إلي الشرط القاسي وفوجئت بها تتقبل الأمر باستهانة‏,‏ وتقول لي إن ابنها سيكبر ذات يوم وينفصل عنها سواء أقام معها أم مع أبيه‏,‏ كما أنه لن يعجز عن زيارة أمه في أي وقت وهو مع أبيه أو جدته‏..‏ وأنها قد اختارت أن تتزوج من تحب وسوف تدفع ضريبة ذلك راضية‏!‏



وتنفست الصعداء لاطمئناني إلي أن ارتباطنا سيمضي في طريقه المألوف‏,‏ لكني توقفت قليلا أمام تنازلها عن طفلها بهذه السهولة‏,‏ وتساءلت هل يكون ذلك دليلا علي عمق حبها لي ورغبتها في فقط‏,‏ أم هو مؤشر أيضا لضعف أمومتها‏..‏ وتفضيلها لسعادتها الشخصية علي أي اعتبار آخر ولو كان ابنها‏,‏ ولم أفكر طويلا في هذا الأمر‏..‏ ومضينا في الإجراءات‏..‏ وتم طلاقها وتوقيع التنازل عن ابنها‏..‏ وانتظرنا انتهاء فترة العدة في لهفة شديدة‏,‏ وتزوجنا وأقمت معها في شقتها التي ورثتها عن أبيها‏,‏ وكانت موضوع النزاع القانوني الذي عرفني بها وذلك إلي حين أستطيع تدبير مسكن آخر للزوجية‏.‏


ونهلنا معا من نبع الحب والعواطف الحارة‏..‏ وبذلت كل ما أملك من جهد لإسعادها‏..‏ وتعويضها عن حرمانها من ابنها‏..‏ وأنجبنا طفلا جميلا عمق الروابط بيننا‏..‏ وتحسنت أحوالي المالية كثيرا فدفعت مقدم ثمن شقة بمدينة نصر تليق بزوجتي‏,‏ وعشنا معا حياة جميلة معطرة بعبق الحب والعاطفة‏..‏ وقمنا برحلات سعيدة إلي المصايف والمشاتي‏,‏ وزرنا بيوت أهلها وأقاربها وبيوت أهلي وشهد لنا الجميع بأننا أسرة مثالية يجمعها الحب والتضحيات المتبادلة‏.‏ وأنجبت زوجتي بنتا أخري اكتملت بها سعادتنا‏,‏ وسعيت لدعوة ابن زوجتي من زوجها السابق لزيارتنا ليتعرف علي اخوته‏,‏ فلم أجد لديه ترحيبا بذلك بالرغم من موافقة والده‏,‏ ولم ينغص علينا حياتنا سوي جفاء هذا الابن لأمه‏,‏ لكنها بالرغم من ذلك تفهمت الأمر وقالت إنه سيأتي اليوم الذي يبحث هو فيه عن أمه‏,‏



ورحل عن الحياة المحامي المعتزل الذي كنت أستأجر غرفة في مكتبه‏,‏ فتفاهمت مع ورثته علي شراء المكتب كله ودفع ثمن معتدل له‏..‏ وتم ذلك بالفعل وسعدت به زوجتي كثيرا‏,‏ وأشرفت علي تنظيمه ووضع اللمسات الجميلة فيه‏..‏ وأصبح لي مساعدون وساع خاص‏..‏ وازداد نشاط المكتب فاشتريت أول سيارة لي‏,‏ وتسلمت شقة مدينة نصر وعرضت علي زوجتي الانتقال إليها لكنها فضلت البقاء في شقة والدها‏,‏ حيث يعرفها كل الجيران وأصحاب المحال التجارية المجاورة‏,‏ وتشتري ما تحتاج إليه بالتليفون وتجد دائما من يقضي لها طلباتها‏..‏ ولم أعترض علي ذلك‏,‏ لكن شيئا ما دفعني لأن أؤثث شقة مدينة نصر بالتدريج من باب الاحتياط‏,‏ فأصبحت كلما وجدت في يدي مبلغا طيبا من المال اشتري حجرة نوم مستعملة أو سفرة أو ثلاجة أو أنتريه‏,‏ حتي اكتمل تأثيثها علي مدي سنتين أو ثلاث سنوات‏,‏ وكبر ابني وابنتي والتحقا بالمدرسة الابتدائية ورحل أبي عن الحياة يرحمه الله‏,‏ ومن بعده بشهور والدتي‏,‏ ولم يبق في بيت العائلة سوي أصغر اخوتي الذي يدرس بالجامعة بعد زواج بقية الاخوة‏,‏ وفي هذه الفترة شكت زوجتي من أسنانها‏..‏ فاصطحبتها إلي طبيب شاب للأسنان عرفته خلال احدي القضايا التي كان طرفا فيها وهو شاب من أسرة غنية وطبيب ناجح وعيادته مزودة بأحدث الأجهزة‏,‏ وتطلب علاج أسنان زوجتي أن تتردد علي هذا الطبيب عدة مرات‏,‏ فتركتها تذهب إليه وحدها بعد أن عرفت الطريق إليه‏..‏ وشغلت بعملي وأسرتي‏..‏



ولاحظت بعد فترة أن زوجتي قد أصبحت فجأة ضيقة الصدر وكثيرة العصبية مع الطفلين ومعي‏,‏ وسألتها عما بها فلم تفدني بشيء سوي بأنها تشعر بالتعب من خدمة الطفلين والاستذكار لهما والواجبات المنزلية وملل الأيام المتشابهة في كل شيء‏..‏ فقدرت أنها ربما تكون قد افتقدت ابنها الذي أصبح مراهقا الآن‏,‏ فسعيت سرا لمقابلته وحدثته عن أمه وواجبه في أن يصل رحمها ويتواد معها‏..‏ الخ‏,‏ فوجدته مغلق القلب من ناحيتها تماما ويتهمها بالأنانية وبأنها ضحت به من أجل رجل هو أنا‏..‏ وتحدث معي بروح عدائية تحملتها صابرا عسي أن أستطيع إقناعه أو التخفيف من عدائه لأمه‏,‏ ولكن دون جدوي‏.‏


وأبلغت زوجتي بما حدث بغير أن أشير لروح العداء التي أبداها ابنها تجاهها وتجاهي‏,‏ ففوجئت بها تثور علي ثورة عارمة‏..‏ وتطلب مني ألا أستجدي مشاعر ابنها من أجلها مرة أخري‏,‏ وتقول لي إنه إذا كان لا يريد أن يري أمه فهي بالمقابل لا تريد أن تراه‏!‏ وجفلت من ثورتها‏..‏ وعجزت عن تفسيرها والتزمت الصمت لكيلا تتضاعف ثورتها وغضبها‏..‏ لكن شيئا ما كان قد فسد ولم يعد في الإمكان اصلاحه‏..‏ فلقد كثرت ثوراتها العصبية علي وعلي الطفلين لأتفه الأسباب‏,‏ وخاصمتني إثر ثورة من هذا القبيل لأول مرة منذ زواجنا وحرمتني من نفسها ولزمت غرفة الطفلين لأكثر من شهرين‏,‏ وأنا أحاول أن أعرف أسباب كل هذا الغضب وأراجع نفسي وما صدر مني فلا أجد سببا جديا للخلاف‏..‏



ومرت هذه العاصفة دون أن أعرف تفسيرا لها‏..‏ ثم تكررت الزوابع والعواصف بعد ذلك كثيرا ولغير أسباب واضحة‏,‏ حتي فوجئت بها ذات يوم توسط لدي عمها في أن أغادر البيت إلي شقة مدينة نصر حتي تهدأ أعصابها وتفكر بهدوء في حياتها ومستقبلها‏!‏


وحاولت التفاهم معها فلم تبد أي استعداد لذلك‏,‏ فقررت أن أستجيب لطلبها مؤقتا عسي أن تمضي هذه العاصفة في سبيلها وترجع حياتنا إلي سابق عهدها‏,‏ وانتقلت إلي مدينة نصر‏,‏ وأصبحت أزور الطفلين كل يوم في طريقي للمكتب‏,‏ فلا تتبادل معي زوجتي كلمة واحدة‏,‏ وإذا رأتني دخلت أي غرفة وأغلقت بابها عليها حتي أغادر الشقة‏..,‏ وإذا أرادت مني شيئا كتبت لي رسالة ووضعتها علي السفرة‏,‏ وإذا اتصلت بها تليفونيا لا تجيب‏,‏ وأنا حائر في أمري وأتساءل أين ذهب الحب الذي جمع بيننا‏12‏ عاما كاملة؟ وأين ذهبت التضحية من أجل الحب بأعز الأشياء؟إلي أن جاءت الصاعقة التي لم أتوقعها في أي يوم من الأيام‏,‏ وطلبت مني زوجتي الطلاق لماذا؟ لأنني لم أعد أحبك ولا أستطيع أن أحيا مع إنسان لا أحبه؟ وماذا فعلت حتي فقدت حبك لي؟ أنت مشغول عني بعملك وأصدقائك وأهلك ومعارفك‏,‏ ولا أسمع منك كلمة حب‏..‏ ولا تتذكر أنني زوجتك إلا حين ترغب في كامرأة‏,‏ كما أنك لاتقدم لي الهدايا ولم تشتر لي سيارة كما فعلت لنفسك‏..‏ ولم تقدم لي أية قطعة ألماسية أو ذهبية منذ زواجنا كما يفعل الأزواج المحبون‏,‏ ولا تذهب بي إلي الساحل الشمالي و‏..‏ و‏..‏ و‏..‏ الخ‏.‏



يا ربي أهذه هي كل شكواها مني؟ وماذا عن الأولاد؟‏..‏ وكيف تدمرين حياتهم العائلية من أجل مثل هذه الأشياء الصغيرة؟‏..,‏ وهل إذا فعلت كل ما تأخذينه علي تعدلين عن قرارك‏,‏ فيكون الجواب‏:‏ لا‏,‏ لأنه قد فات الأوان ولم يعد يجدي الآن أن تفعل أي شيء سوي أن تطلقني في هدوء إكراما للحب الذي جمع بيننا ذات يوم‏!‏


ورفضت الاستجابة لطلبها بالطبع وقدرت أنها قد تعيد النظر في موقفها ومسئوليتها تجاه الطفلين‏,‏ خاصة أنها قد جربت من قبل أثر الطلاق علي ابنها الأكبر‏,‏ ووسطت لديها أخوتي وإخوتها وكل أهلها بلا فائدة‏..‏ وقررت أن أصبر عليها إلي أن تراجع نفسها‏,‏ وأواصل الرفض لأطول فترة ممكنة أملا في الإصلاح وإنقاذ الأسرة‏..‏ إلي أن جاء يوم وفوجئت بزيارة مفاجئة لي في المكتب من طبيب الأسنان الشاب‏..,‏ لم أعرف سببها في البداية‏,‏ وظننته يريد أن يوكلني في قضية له‏..‏ فإذا به يحدثني عن زوجتي ويطلب مني أن أطلقها لأنها لا تحبني‏,‏ وإنما تحب رجلا آخر وتريد أن تتزوجه‏,‏ وهو هذا الطبيب نفسه‏!‏



وكدت أغيب عن الوعي وأنا أسمع حديثه‏..‏ وشعرت بأن كل كلمة نطق بها كانت خنجرا مسموما يحز في جسمي‏,‏ واسترجعت علي الفور موقفي المماثل من زوجها السابق وحديثي القاتل إليه بكلمات مشابهة‏..‏ وأدركت كم كنت قاسيا ومتجبرا وأنا أحدثه بمثل هذا الحديث‏,‏ وأطعنه بلا رحمة في كرامته وكبريائه‏.‏


ولولا خشيتي من الفضيحة لهجمت علي هذا الشاب وانهلت عليه ضربا وركلا ولكما‏,‏ لكني تمالكت نفسي بصعوبة بالغة وتعلقت بالخيط الأخير الذي أملت أن يعيد زوجتي إلي رشدها‏..‏ وتساءلت عن مصير الأبناء‏,‏ وقلت لهذا الشاب أنني لن أفرط في أولادي وسيكون الاحتفاظ بهم هو شرطي الوحيد للموافقة علي الطلاق‏..‏ وهونت عليه الأمر بأن هذا الشرط لن يحول بينها وبين ما تريد‏,‏ لأنها قد سبق لها أن تنازلت عن ابنها من زوجها الأول حين تزوجتني‏,‏ وغادرني الشاب محرجا‏..‏ وسلمت باليأس منها وأنا أتعجب لنفسي ولحال الدنيا‏.‏ فلقد دارت الأيام وتجرعت نفس الكأس المرة التي جرعتها أنا للزوج الأول لزوجتي‏..‏ وخبرت مشاعره وهو يسمع من رجل غريب أن زوجته تحبه ولا تريده هو‏..‏ وشعرت بالتعاطف الشديد معه بعد أن أصبحت مثله ضحية لهذه الغادرة التي تتقلب عواطفها كل بضع سنين‏..‏



وتم الطلاق بعد أحداث كثيرة ومريرة‏..‏ وظللت متمسكا بالأمل في أن تتحرك مشاعرها تجاه أطفالها في اللحظة الأخيرة وتعدل عن مشروعها وتواصل حياتها الزوجية معي‏..‏ بل وصل بي الحال إلي أن عرضت عليها أن تستمر كما هي زوجة لي وتقيم مع أطفالها وأعيش وحيدا في شقة مدينة نصر إلي أن تغير رأيها ولو طال الأمر لعدة سنوات‏,‏ ولم تقبل‏,‏ وأصرت علي الطلاق وتركت لي الطفلين ووقعت التنازل عنهما‏..‏ دون أن يهتز لها طرف وتزوجت طبيب الأسنان الشاب الثري ابن الأسرة الكبيرة‏,‏ الذي يملك شقة فاخرة وشاليها في مارينا وشاليها في العين السخنة‏,‏ وسيارتين أهداها واحدة منهما وقضيا شهر العسل في أوروبا‏..‏ وهي ناعمة البال‏,‏ وعشت أنا وحيدا في شقتي بمدينة نصر مع الطفلين أخدمهما وأرعاهما وأذاكر لهما دروسهما‏..‏ وأغسل ملابسهما‏,‏ وأمهما سعيدة بحياتها الجديدة ولا يشغلها أمر ابنيها في شيء‏,‏ ولا تطلب أن يزوراها‏..‏ بل أنا الذي أسعي لترتيب لقائهما بها في أحد بيوت الأهل لكيلا تتأثر معنوياتهما‏,‏ وأحرص علي ألا يكرها أمهما كما كرهها ابنها الأول‏,‏ حرصا عليهما هما‏,‏ وليس عليها‏:‏ وسؤالي إليك الآن يا سيدي هو‏:‏ ما هو تفسيرك لما حدث وماذا أفعل بحياتي ومع أبنائي‏..‏ وماذا تقول لي ولها؟



ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏


من لا تتردد في التخلي عن طفلها الوحيد استجابة لهوي النفس ودون أن تتريث أو تضع في اعتبارها مصلحة واستقرار حياته‏,‏ يسهل عليها أن تتخلي عن المزيد من أطفالها إذا فترت عواطفها تجاه الشخص الذي شردت ابنها الأول من أجله‏..‏ أو إذا تحركت مشاعرها المتقلبة تجاه فارس جديد ورغبت في أن تعيش معه أسطورة الحب الملتهب بضع سنين أخري‏,‏ وليس من المستبعد أن تترك بعد ذلك أطفالها منه جريا وراء حب جديد أو مغامرة عاطفية مفاجئة‏..‏ ولم لاتفعل وهي لا تؤمن ـ كما هو واضح مما ترويه عنها ـ بمسئولية الأم عن إسعاد أبنائها واستقرار حياتهم والتضحية من أجلهم باعتباراتها الشخصية‏,‏ وإنما يحكمها المنطق الفردي السائد في مجتمعات الغرب‏,‏ والذي يري أن هدف الإنسان الوحيد هو السعادة‏,‏ وأن كل ما يحقق له سعادته مطلوب ومرغوب بغض النظر عما يترتب عليه من إضرار بالآخرين أو تكدير لصفو حياتهم‏..‏ لأن المهم هو الأنا وليس الـ نحن‏,‏ والأهم هو سعادة الفرد وليست سعادة أبنائه أو صغاره أو من يتحمل المسئولية عنهم‏.‏ ومثل هذا المنطق ينكر بالطبع التضحية من أجل الأبناء أو من أجل أية اعتبارات عائلية وانسانية مهمة‏,‏ وقد أدي الإيمان به إلي ارتفاع نسب الطلاق في المجتمعات الغربية إلي ما يقرب من‏45‏ أو‏50‏ في المائة من حالات الزواج‏,‏ ولا عجب في ذلك إذا كان الجميع يبحثون عن سعادتهم الشخصية بغير أن يتوقفوا أمام مصلحة الأبناء وأمانهم‏,‏ مما يذكرنا بقول أديبة أمريكية شهيرة إن بعض الأمهات يتعاملن مع أبنائهن كما تفعل أنثي الضفدع مع صغارها‏,‏ إذ ما ان تضع الأنثي بيضها علي حافة المجري المائي وتخرج منه صغارها حتي تتركها لنفسها وتنصرف عنها وتدعها لتواجه أقدارها بلا حماية ولا رعاية من جانبها‏.‏



وهكذا تفعل في ظني كل من لا تضع مصلحة أبنائها في اعتبارها‏,‏ وهي تتخذ قراراتها المصيرية التي تنعكس عليهم بالضرورة سلبا وايجابا‏,..‏ وكل من تبرر لنفسها هدم عشها وتشريد أبنائها بزعم الحب الذي لا سلطان لأحد عليه‏..‏


وقصتك يا سيدي خير دليل علي ذلك‏,‏ فأسطورة الحب التي بررت لزوجتك السابقة ولك أيضا هدم حياة أسرة كانت هانئة وحرمان طفل صغير من أمه بدعوي الحب الذي لا حيلة لأحد فيه‏,‏ لم تصمد لأكثر من بضع سنين‏,‏ ولعلها كانت قد لفظت أنفاسها الأخيرة قبل هبوب العواصف والزوابع علي حياتك العائلية قبل ذلك بأعوام‏,‏ مما يعني في النهاية أن هذا الحب العظيم الذي زلزل الجبال قد ذوت جذوته بعد ثلاث أو أربع سنوات علي الأكثر ففترت العواطف‏..‏ وساد الملل‏..‏ وضعفت المناعة ضد الغزو الخارجي‏,‏ فكان ما كان من أمرها مع طبيب الأسنان‏.‏



إنني لا أريد أن أذكرك بدورك المؤسف في هدم حياة أم طفليك حين كانت زوجة لرجل آخر وأما لطفلها منه‏,‏ ولا أريد أن أذكرك أيضا بما فعلت مع زوجها الأسبق حين واجهته بحبك لزوجته ورغبتك في الزواج منها وهي مازالت عرضه وشرفه وشريكة حياته‏..‏ ولا أريد أن أذكرك بقسوتك عليه حين لم تترفق به‏..‏ ولم ترع حرماته ومشاعره باندفاع المسحور بالحب الزائف الذي لا يري في الحياة إلا هدفه وحده‏.‏


نعم لا أريد أن أذكرك بكل ذلك مراعاة لما تكابده الآن من مشاعر مؤلمة في وحدتك وحيرتك في أمرك وأمر طفليك بعد أن هجرتك بطلة الملاحم العاطفية إلي فارس جديد‏..‏ وأيضا لأن الحياة قد تكفلت بتلقينك درسها القاسي‏..‏ فتكررت معك نفس الزيارة المفاجئة من رجل غريب عنك ليحدثك في أدق شئونك الخاصة ويواجهك بما يكره كل إنسان في الوجود أن يواجهه في مثل هذا الموقف العصيب‏..‏ بلا تحسس ولا استحياء‏!‏ وإنما سأقول لك فقط انك قد أديت ثمن ما فعلت حين خببت امرأة أي أفسدتها علي زوجها وهو ما نهانا عنه الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه وحذرنا منه‏.‏



وانك تحملت عاقبة سوء تقديرك لشخصية زوجتك السابقة‏,‏ حين سعدت بتضحيتها بابنها من أجلك‏,‏ وغابت عن فطنتك في نفس الوقت دلالة هذه التضحية نفسها‏,‏ ومدي اشارتها إلي نمط شخصية زوجتك التي لاتعنيها إلا نفسها ورغائبها وأهواءها‏,‏ وإلي نوع القيم الأخلاقية التي تؤمن بها‏,‏ ولقد كان الأحري بك أن تشقي بهذه التضحية في حينها وتحترس من صاحبتها لا أن تسعد بها‏..‏ وتشعر بالنشوة المؤقتة والرضا عن النفس من أجلها‏.‏ والآن فإنك تسألني عما أقول لك ولها‏..‏ والحق أنني لاأريد أن أوجه إليها أية كلمة لأنه لن تجدي معها الكلمات‏,‏ وإنما أتوجه إليها فقط برجاء وحيد هو ألا تنجب المزيد من الأبناء في زواجها الثالث‏,‏ لكيلا تزيد عدد ضحايا تقلباتها العاطفية‏..‏ وقدرتها المذهلة علي نبذ الأبناء‏..‏ وبدء حياة جديدة مع رجل آخر كل بضع سنوات‏.‏ وهي لن تخسر شيئا كثيرا إن استجابت للتضحية‏,‏ فأمومتها من الأصل ضعيفة‏,‏ وصبرها علي عناء الأطفال قليل‏,‏ واستعدادها للتضحية بسعادتها من أجل سعادة الأبناء منعدم‏..‏ فلماذا تجيء إلي الحياة بالمزيد من الصغار الذين يتعرضون بعد قليل للحرمان من أمهم‏.‏


أما أنت‏,‏ فإن نصيحتي لك هي أن تطوي هذه الصفحة كلها من حياتك‏..‏ وأن تنزع من نفسك كل أثر لأي ميل عاطفي قديم تجاه زوجتك السابقة‏..‏ وأن تحاول بعد فترة مناسبة من النقاهة النفسية أن ترمم بنيان حياتك وترتبط بسيدة فاضلة لا تبحث عن المغامرات العاطفية‏,‏ ولا تريد أن تكون بطلة لأسطورة جديدة‏,‏ لتكون أما ثانية وربما أولي لطفليك‏,‏ وشريكة رشيدة لحياتك‏..‏ ورفيقة عطوفا لرحلة آمنة في الحياة بلا عواطف‏..‏ ولا زوابع ولا مغامرات‏!‏



حسام هداية 08-25-2011 07:28 PM

مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
 

النبـــع الصـــافي‏!‏


بـريــد الأهــرام
42935
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
25
‏7 من جمادى الأولى 1425 هـ
الجمعة




أنا مدرس نشأت في أسرة متوسطة لأب قضي جل عمره في القوات المسلحة متطوعا ثم قدم استقالته وعمل سائقا لسيارة أجرة‏.‏


وقد ربانا أبي علي العزة والكرامة وتحري الحلال في كل كبيرة وصغيرة‏,‏ حيث إنه حاصل علي الإعدادية الأزهرية ومازالت ذاكرته تحفظ أكثر من ثلثي القرآن والحمد لله‏,‏



وقد تخرجت في كلية الآداب وعملت مدرسا للغة العربية والحمد لله‏,‏ فقد نجحت في عملي ولمع نجمي في مجال الدروس الخصوصية إلي حد أنني لم أكن أجد وقتا للنوم إلا في نفس الشقة التي ألقي فيها دروسي‏,‏ وأكرمني الله وتزوجت وأنعم الله علي بولد جميل ومضت الحياة بي كأجمل ما يكون‏.‏


ثم توالت البلايا بادئة بمشكلات زوجية شبه مختلقة لأني والحمد لله زوج لا أزعم أنني مثالي‏,‏ لكني أتقي الله في زوجتي‏,‏ فإن أحببتها أكرمتها وإن أبغضتها لم أظلمها‏,‏ واستشرت البعض في سبب هذه المشاكل المفتعلة فأشاروا علي بإخراج صدقات لوجه الله ففعلت‏.‏ وسألت بعض المشايخ فقالوا لي‏:‏ عليك بتحري الحلال في مأكلك ومشربك مع أني أبذل العرق والجهد في كل قرش أكسبه‏.‏



ثم كانت القشة التي قصمت ظهري يوم أن أصيب والدي في حادث بسيارته الأجرة ماتت علي إثره ابنة أختي ذات السنوات الثلاث وكانت إلي جواره عند وقوع الحادث‏,‏ وتلقيت الخبر بالتليفون فوقع علي كالصاعقة‏,‏ وطيلة الطريق وأنا أدعو أن ينجي الله والدي‏,‏ ودخل أبي حجرة العمليات وبقي فيها ست ساعات مرت علينا كالدهر‏,‏ وعلمنا من الأطباء أنه أجريت له عملية ترقيع للحجاب الحاجز ورفع للرئتين وخياطة للكبد‏..‏


ورافقت والدي في المستشفي ستة وعشرين يوما لا أفارقه‏,‏ فقد كان مثل طفل صغير يحتاج لمن يقوم علي أبسط حاجاته‏.‏


وذات يوم وأنا أري أبي يكابد الآلام أقسمت علي نفسي ونذرت ألا أعطي دروسا خصوصية أبدا‏,‏ لعل الله يرفع عنا هذا البلاء‏,‏ ثم من الله علي والدي بالشفاء وعادت الحياة تضغط علي بمطالبها وراتبي كما تعلم لايكفي‏,‏ وعرض علي أبي أن يساعدني بحزء من معاشه لكني اعتذرت له شاكرا لأن إصلاح السيارة التهم كل ما ادخره أبي من كده ومعاشه‏..‏ وسألت أهل الفتيا فقالوا من نذر أن يطيع الله فليطعه فاستمررت في رفض اعطاء أي درس وانسحبت من سوق الدروس الخصوصية‏,‏ وبالرغم من إنني أعاني إلا أنني والحمد لله مصر علي موقفي وثابت علي قسمي ونذري بارا به والحمد لله علي كل حال‏.‏



ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏


لا بأس بما فعلت مادمت راضيا عن نفسك وتري أنك أفضل حالا بعده‏..‏ فالمهم هو أن يتوافق كل إنسان مع نفسه ومع أفكاره وأن يكون سلوكه متسقا مع ما يؤمن به من قيم ومبادئ حتي ولو لم يشاركه كثيرون فيها‏,‏ فينجو بذلك من ازدواج الفكر والسلوك‏,‏ فإذا كان باب الرزق من الدروس الخصوصية قد أغلق بالنسبة لك الآن‏,‏ فثق من أن الله سبحانه وتعالي سوف يعوضك عنه بمصادر أخري لا تستشعر أية غضاضة وأنت تنهل من نبعها الصافي بإذن الله‏.‏



حسام هداية 08-25-2011 07:29 PM

مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
 

الحـبل المقطـوع‏!‏


بـريــد الأهــرام
42942
‏السنة 127-العدد
2004
يوليو
2
‏14 من جمادى الأولى 1425 هـ
الجمعة


أنا سيدة تجاوزت الأربعين من العمر‏,‏ نشأت في أسرة مفككة‏,‏ وقد تعلمنا نحن الأبناء جميعا وتخرجنا في كليات القمة‏,‏ بالرغم من انشغال أبي بعمله وانصراف أمي عنا‏,‏ وخلال دراستي الجامعية التقيت بمن توهمت أنني قد أحببته‏,‏ وكان زميلا لي بالكلية وتزوجنا‏,‏ وتخرجت في كليتي وعملت في مكان محترم بالدولة‏,‏ في حين عجز زوجي عن انهاء دراسته الجامعية وتوقف عن التعليم دون أن يحصل علي الشهادة‏,‏ وعشنا في بداية حياتنا مع أبي ثم ترك لنا المسكن وانتقل هو إلي مسكن آخر‏,‏ وأنجبنا ابنة وابنا‏,‏ وحاول زوجي أن يعمل لكنه لم يستقر في عمل‏,‏ وتحملت عبء الأسرة وحدي أربع سنوات كاملة إلي أن عجزت عن تدبير نفقاته الخاصة وهي كثيرة‏,‏ إلي جانب مصاريف ابنتي وابني‏,‏ وجاء يوم ضربني فيه زوجي ضربا مبرحا أدي إلي نقلي إلي المستشفي لأنني لم أستطع إرضاء رغباته ومتطلباته المادية‏,‏ ولم أستطع الاحتمال أكثر من ذلك فطلبت الطلاق‏..‏ وبعد جهد جهيد تم الطلاق مع تنازلي عن جميع حقوقي المادية‏,‏ وتنازله هو عن حضانة الأبناء‏,‏ وعشت وحيدة مع ابني وابنتي أرعاهما وأدبر شئون حياتهما بغير معين سوي الله سبحانه وتعالي‏..‏ ثم من علي الله برجل متدين وعلي خلق ويشغل منصبا محترما‏,‏ واتفقنا علي الزواج‏,‏ غير أن أسرته رفضت ارتباطه بي لأني مطلقة ولي ابن وابنة‏,‏ ورفضت أسرتي كذلك هذا الزواج دون موافقة أهله‏,‏ وكانت ابنتي وقتها في الثامنة من عمرها وابني في الثالثة فتمسكنا بارتباطنا للنهاية‏,‏ وبعد صعوبات كثيرة تم الزواج دون علم الأهل علي الناحيتين‏,‏ ثم علم أهله وأهلي به وسلموا بالأمر الواقع‏..‏ ثم بعد فترة من الزمن باركوا زواجنا ورضوا عنه والحمد لله‏.‏



وأنجبت من زوجي الثاني بنتين‏,‏ ثم ولدا‏,‏ لكن العمر لم يطل به واختاره ربه وهو وليد إلي جواره فاستعوضت ربي فيه واستسلمت لمشيئته‏..‏ وصبرت علي بلائي وبعد ثلاث سنوات أخري وفي نفس اليوم الذي ولد فيه ابني الراحل‏,‏ أنعم الله علي بابن آخر كان ومازال نعم العوض لي عمن فقدت‏,‏ وخلال ذلك كان زوجي الأول قد تزوج بعدي خمس سيدات‏,‏ وهاجر إلي دولة أجنبية وحصل علي جنسيتها‏,‏ ثم رجع إلي مصر وابنتي في السادسة عشرة من عمرها وأقنعها بأن تتخلي عني وتذهب معه لكي يزوجها بمن يختاره لها‏..‏ واستجابت له ابنتي بالفعل وتركتني واصطحبها والدها معه وزوجها من تاجر عربي برغم رفضي الشديد‏,‏ حيث كنت أريد لها أن تتم تعليمها في مصر أولا قبل أن تفكر في أي مشروع للزواج‏,‏ لكن أباها سحرها بإغراءات الحياة في البلد الأجنبي والزواج‏..‏ الخ‏,‏ فانقادت له ولم تتردد في هجري ولم تراع مشاعري كأم ولم تترفق بي‏,‏ وبعد ذلك أراد مطلقي أن يضم ابني منه إليه‏..‏ وحاول إيذاء زوجي فاشتكاه في عمله ليسيء إليه ويجبره علي تسليم الابن إليه‏,‏ ونجح بالفعل في ضمه إليه واصطحبه معه إلي البلد الأجنبي وصبرت علي فراق ابني وابنتي وقلبي ينزف دما‏.‏


وتزوجت ابنتي قاسية القلب دون أن أشهد زفافها ودون أن أراها بفستان الفرح ودون أن تتصل بي أو تحرص علي صلتها معي‏,‏ في حين يحرص شقيقها العطوف أكرمه الله علي أن يتصل بي من الخارج بالرغم مما يكلفه هذا الاتصال من أعباء مادية‏.‏



ومضت بي الأيام وكلما تذكرت ابنتي الكبري التي قطعت كل صلة لها بي‏,‏ وابني الذي حرمت من حنانه وعطفه شعرت بالألم يعتصرني‏..‏ وحاولت أن أتشاغل عن حزني‏..‏ بأبنائي الصغار‏..‏ وبه هو نفسه‏..‏ وأعنت نفسي علي الصبر بتذكر أن الله سبحانه وتعالي قد عوضني بزوجي الحالي عما قاسيته وهو الزوج الصالح المتدين الذي يتقي ربه في كل معاملاته ويخدم والدته التي حرمت مثلي من ابنتها‏,‏ فكنت أنا لها نعم الابنة البديلة‏,‏ حتي اختارها الله إلي جواره وبكيتها طويلا ليس فقط لطيبتها وحنانها وإنما أيضا لأنها من أنجبت لي هذا الرجل الصالح زوجي‏.‏


وما دفعني للكتابة إليك هو أنني كما قلت لك من قبل موظفة ولي إيراد خارجي‏,‏ وأنفق دخلي الشهري علي أولادي من زوجي الحالي وبيتي ونفسي‏,‏ وزوجي ميسور الحال وكريم وقد أغدق علي الهدايا‏,‏ وكان نعم الأب لابني وابنتي من زوجي الأول خلال إقامتهما معنا لمدة تسع سنوات‏,‏ فكان يهتم بهما وبمذاكرتهما ويعلمهما الصلاة ويغدق عليهما النقود والهدايا‏,‏ إلي أن ضمهما إليه أبوهما واصطحبهما إلي حيث يقيم‏,‏ وسؤالي إليك هو‏:‏ هل يرثني ابني وابنتي من مطلقي الأول ويأخذان من مال زوجي بعد رحيلي؟



لقد مررت بأكثر من أزمة صحية ولم تسأل عني خلالها ولا بعدها ابنتي الكبري‏,‏ ولهذا فقد أوصيت زوجي بأن يعطي من ميراثي حين يجيء الأجل ابني من مطلقي مثلما ينال ابني منه‏,‏ أما ابنتي الكبري فإنني كلما تذكرتها لا أجد في قلبي تجاهها سوي المرارة والحسرة عليها لعدم رضائي عنها‏,‏ ولخشيتي من أن ألقي وجه ربي وقلبي غاضب عليها فماذا تقول لي؟



ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏


لأنه لا يعرف أحد من سيرث من فالأوفق هو ألا تشغلي نفسك كثيرا بما سوف يئول عنك إلي أبنائك بعد عمر طويل إن شاء الله‏...‏ والأفضل لك أن تنشغلي بحياتك وأبنائك وبكيفية رأب الصدع الذي حدث بينك وبين ابنتك‏,‏ من أن تنشغلي بتركتك وبمن سوف يستفيدون بها بعد عمر طويل‏..,‏ ولقد لام حكيم الصين كونفوشيوس أحد تلاميذه لأنه يشغل فكره كثيرا بالموت قائلا له‏:‏ إذا كنت لا تعرف الكثير عن الحياة فماذا تراك تعرف عن الموت؟


ولقد لفت نظري في رسالتك تساؤلك هل يحق لابنتك الجاحدة هذه أن تأخذ من مال زوجك في حين أنه لا مجال لمثل هذا التساؤل من الأصل‏,‏ لأن ابنتك هذه وشقيقها‏,‏ لايستحقان شيئا في مال زوجك ولا يرثانه لأنهما ليسا من صلبه‏,‏ وإنما يرثان عن أبيهما وأمهما الطبيعيين فقط‏..‏ وجحود الأبناء ليس من موانع الإرث التي تنحصر في ثلاثة موانع بالإضافة إلي مانع رابع مشروط بشرط محدد يكاد يبطله عمليا‏,‏ فأما الموانع الثلاثة فهي‏:‏ الرق والقتل العمد المحرم‏,‏ كأن يقتل الوارث مورثه ظلما‏,‏ واختلاف الدين بين المورث والوارث‏,‏ وأما المانع الرابع المشروط فهو اختلاف الدارين أي الوطن‏,‏ ولكن بشرط أن تكون شريعة الدار الأجنبية تحرم توريث الأجنبي عنها فتعامل بالمثل‏,‏ ولقد حرم الله جل شأنه الوصية إذا كان فيها إضرار بالورثة‏,‏ وروي أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قال‏:‏ إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصي جاف أي جار وظلم في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار‏,‏ وأن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة‏.‏



وتفكيرك في حرمان ابنتك من حقها في مالك بعد الرحيل‏,‏ ليس مما يتفق مع حدود الله سبحانه وتعالي‏,‏ التي أمرنا بالالتزام بها‏,..‏ تلك حدود الله فلا تعتدوها‏..‏ البقرة‏229,‏ ولقد حرم الله سبحانه وتعالي الإضرار عمدا بالورثة أو ببعضهم دون البعض الآخر لما في ذلك من مخالفة لأحكام الله عز وجل‏,‏ ومعاندة لما شرعه لعباده‏,‏ لهذا فإني أنصحك بألا تفكري في ذلك‏,‏ وأن تدعي أمر ابنتك لخالقها‏,‏ وللحياة التي ستلقنها دروسها القاسية‏,‏ وتعيدها إلي جادة العدل مع أمها والبر بها وبأبيها البديل الذي رعي الله فيها تسع سنوات وهي في كفالته‏,‏ ولسوف تعلمها الأيام بالضرورة ما لم تكن تعلم خاصة حين تنجب وتجرب شعور الأم ولهفتها علي فلذة كبدها‏,‏ وقلة صبرها علي فراقها‏,‏ وحسرتها علي جفاف عاطفة البنوة لديها إذا افتقدتها‏.‏


أما أنت يا سيدتي فلا تدعي المرارة المترسبة في قلبك تجاهها تدفعك إلي مخالفة أحكام الله سبحانه وتعالي‏,‏ أو معاندة شريعته‏..‏ وحاولي أن تتلمسي الطريق لوصل ما انقطع بينك وبين ابنتك‏,‏ ليس تكريما لها وإنما إشفاقا عليها من أن تواجه الحياة‏,‏ وهي موضع نقمة أمها وسخطها عليها‏..‏ ولعل ابنك البار العطوف يستطيع أن يفعل شيئا في هذا الشأن‏,‏ فيحث أخته المارقة علي أن تبر أمها وتحرص علي مودتها وتطلب صفحها عن خروجها علي طاعتها بلا تريث ولا تجمل ولا اعتذار‏,‏ ولو أنصفت ابنتك نفسها لفعلت ذلك‏,‏ ولما ترددت في رتق الحبل المقطوع معك والاتصال بك والاعتذار لك عن سابق جفائها معك‏,‏ ذلك أنها في حاجة إلي أمها بنفس القدر الذي تحتاجين به إليها‏,‏ ولربما كانت حاجتها إليك وإلي نصائحك لها واهتمامك بأمرها خاصة وهي في غربتها أشد وأكبر‏!‏



حسام هداية 08-25-2011 07:31 PM

مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
 

التجربة العارضة‏!‏


بـريــد الأهــرام
42942
‏السنة 127-العدد
2004
يوليو
2
‏14 من جمادى الأولى 1425 هـ
الجمعة




أنا رجل أبلغ من العمر‏71‏ عاما ومتزوج منذ‏47‏ عاما من ابنة عمتي وهي في مثل عمري ولم تكن حياتنا الزوجية مستقرة إلا أننا رزقنا بثلاث بنات‏,‏ عكفت علي تربيتهن وتهذيبهن خلقيا ودينيا وتحملت الكثير من مضايقات هذه الزوجة وشتائمها لي ولوالدتي حتي بعد وفاتها‏,‏ إلي أن أديت رسالتي نحو بناتي بإتمام تعليمهن الجامعي وزواجهن من رجال أكفاء وإنجابهن لحفدة أعزاء وصل بعضهم إلي نهاية التعليم الجامعي بعون من الله وفضله‏.‏



ومنذ نحو ثلاث سنوات ونظرا لما كابدته من نفور من زوجتي وجدت نفسي عاجزا عن الاتصال الحميم بها‏,‏ مما دعاني للابتعاد عن مخدعها والنوم في حجرة أخري‏,‏ وبمرور الأيام وجدتني أفقد توازني العاطفي والشخصي وأتغير في تعاملي مع الناس عموما‏,‏ فحاولت العلاج بالأدوية المقوية ولكنها لم تأت بنتيجة مما زاد من همومي وانطوائي‏,‏ وفي هذه الأثناء وضعت الأقدار في طريقي آنسة في نحو الثلاثين من عمرها رأيت فيها ماقد يعيد لي مافقدته‏,‏ فعرضت عليها الزواج وقبلت بعد تريث وتفكير‏,‏ وأتممنا الزواج عند المأذون ودخلت بها في أمان الله وكانت إرادة الله أن تحمل ولكن لم يدم الحمل طويلا‏,‏ فتألمت كثيرا ثم صبرت واحتسبت‏.‏ ومرت تسعة أشهر ونحن نتقابل مرة واحدة في الأسبوع حفاظا علي شعور الزوجة الأولي‏,‏ ومدعيا علي غير الحقيقة وجودي في أماكن أخري‏,‏ وفي مساء أحد الأيام منذ أسبوعين إذا بزوجتي الأولي تباغتني بعد عودتي من لقائي بزوجتي الثانية بسؤالها أين كنت؟ وتصر إصرارا عجيبا علي معرفة الاجابة مما اضطرني لأن أصرح لها بالحقيقة المرة التي لم تتوقعها‏,‏ فهاجت وماجت واستدعت إخوتي واكبرهم يصغرني بنحو‏14‏ سنة لتعرض عليهم الأمر واعتبرتهم أهلها‏,‏ مما أساء لمش


اعري بصفتي الأخ الأكبر لهم وعميد أسرتهم‏.‏ وطلبت الطلاق مع إحتفاظها بالشقة والإقامة فيها وعدم وجودي فيها أيضا إلا إذا طلقت الثانية‏..‏وإنني الآن اسألك ؟



هل أنا مخطئ بزواجي الثاني مع وضع الظروف التي ألجأتني لذلك الزواج في الاعتبار؟ وهل من حقها الاحتفاظ بالشقة وأخذ حقوقها المادية كاملة أيضا؟ وهل من العدل تطليق زوجتي الثانية إرضاء للزوجة الأولي وبناتها الثلاث المتزوجات؟


وهل إذا تم طلاق الزوجة الثانية ستستقيم الأمور وتنصلح حالتي النفسية وكأن شيئا لم يكن؟ أم سأعود للهموم والإنطواء مرة أخري؟‏..‏



ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏


الزواج للمرة الثانية في هذه المرحلة من العمر وممن تصغرك بأكثر من‏40‏ عاما ليس مما يتفق مع طبيعة المرحلة‏..‏ ولا مع المكانة التي يحرص أب مثلك علي أن تكون له بين بناته وأزواجهن وأصهارهن‏,‏ ناهيك عن الأهل والإخوة الذين يصغره أكبرهم بـ‏14‏ عاما‏..‏ لهذا فلقد كان الأجدر بك وقد صبرت ـ كما تقول ـ علي حياتك الزوجية‏47‏ عاما أن تحتمل مابقي من العمر المقدور للإنسان‏,‏ بغير الإقدام علي مثل هذه المغامرة التي تهدد الحياة العائلية بالاضطراب والقلاقل في سن الجلال والاحترام‏.‏ إن لم يكن رعاية للزوجة والأم التي رافقتك مايقرب من نصف قرن‏,‏ فرعاية علي الاقل للبنات المتزوجات وحرصا علي تجنيبهن الحرج مع أزواجهن وأصهارهن‏,‏ وتفاديا لتكدير حياتهن بمشكلة تتعلق بأمهن وتفرض عليهن كل الظروف أن يتعاطفن معها فيها وينحزن إلي جانبها ضدك مع مايترتب علي ذلك من حرج معك‏,‏ أو كدر في العلاقة بينك وبينهن‏,‏ ولقد كن في غني عن كل ذلك لو كان أبوهن قد وضعهن في اعتباره بعض الشئ وهو يقدم علي هذه الزيجة الثانية‏,‏ كما أن الانسان لايكتسب مايستحقه من مكانة لدي أبنائه وأخوته وأهله بضعفه أمام رغائبه وانحصار تفكيره فيما يحقق له وحده المتعة دون النظر إلي أي شئ آخر‏..‏ وإنما بترفعه عما لايليق به ولا بالمرحلة التي يجتازها من العمر وبصبره علي بعض النواقص في حياته‏,‏ بغير أن ينزلق إلي مايخدش جلاله واحترامه لدي من يهمهم أمره‏,‏ وقديما قالت الحكمة البوذية إن العظمة الحقيقية هي في الصبر علي المكاره‏,‏ وليس العكس‏,‏ ولهذا فلن اناقش معك قانونية حق زوجتك الأولي في الانفراد بمسكن الزوجية دونك إذا رفضت أنت إنهاء هذه التجربة العارضة في حياتك‏,‏ لأن الأمر هنا لايتعلق بالحقوق ولابنصوص القانون‏,‏ وإنما يتعلق بما يليق بالفضلاء أن يفعلوه وما لايليق‏..‏ ومايليق بالفضلاء هو أنه إذا استجاب أحدهم لأهوائه وأقدم علي ما أقدمت عليه أنت وأصرت زوجته علي أن يطلق الأخري أو تنفصل عنه بعد عشرة‏47‏ عاما‏,‏ فإنه لايجد مفرا أمامه من أنهاء هذه التجربة العارضة‏..‏ وتعويض بطلتها ماديا عن ذلك إرضاء لنفسها ولأن الإغراءات المادية كانت بالضرورة أحد أسباب قبولها لها‏,‏ ثم العودة إلي الزوجة الأولي ومحاولة بعث الحياة في علاقته بها أو الرضا بحياته معها دون تطلع إلي ماينقصه فيها‏,‏ فإن لم يفعل ذلك وأصر علي الاستمرار في التجربة العارضة إلي آخر مدي‏,‏ فلا مفر أمامه في هذه الحالة من الاستجابة لمطلب زوجته الاولي بالانفصال‏..‏ وترك مسكن الزوجية لها رعاية لعشرة نصف قرن من الزمان أيا كانت تحفظاته عليها‏..‏ وإكراما لأبنائه الذين يشقون باضطراب حياة أمهم في مثل هذه المرحلة من العمر‏..,‏ ويزعجهم كثيرا أن تفقد أمهم استقرار حياتها وأمانها في أواخر العمر‏,‏ وذلك كله بغض النظر عن حق الزوجة في الشقة أو عدم أحقيتها فيها‏,‏ فهل تفعل مايفعله الفضلاء في مثل هذه الظروف؟‏!‏



حسام هداية 08-25-2011 07:32 PM

مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
 

الأيام السعيدة


بـريــد الأهــرام
42942
‏السنة 127-العدد
2004
يوليو
2
‏14 من جمادى الأولى 1425 هـ
الجمعة



أنا فتاة في الثالثة والعشرين من عمري‏,‏ لي ثلاثة من الاخوة والأخوات يصغرونني‏,‏ ويشغل أبي منصبا مرموقا يتطلب دائما ضميرا يقظا وحيا‏,‏ وهو يقدس عمله ويضع مصالح الناس فوق كل شيء‏,‏ ولا يسعي أبدا للحصول علي أية منفعة شخصية له أو لأسرته‏,‏ ويستحيي من أن يتوسط لدي أحد للحصول علي اي مصلحة شخصية له‏.‏ أما والدتي فهي سيدة فاضلة وهبت حياتها وصحتها لخدمتنا ورعايتنا فكانت‏,‏ برغم أنها تعمل‏,‏ تقوم بكل شيء لنا‏,‏ وكنا نستمتع معها بأيام سعيدة حافلة بالحب والمودة والرعاية‏..‏ إلي أن مرضت فجأة منذ أربع سنوات بالمرض اللعين شفاها الله وعافاها‏..‏ واضطربت حياتنا جميعا‏,‏ ودخلت أمي غرفة العمليات أكثر من مرة وفي كل مرة تخفق قلوبنا خوفا عليها‏,‏ وعولجت كيميائيا وشفيت وعادت كما كانت قبل محنة المرض‏,‏ ورجعت لنا البسمة والأيام السعيدة من جديد‏..‏ وعادت أمي تقوم بكل شئوننا كما تحب دائما أن تفعل‏,‏ مع استمرار المتابعة مع الطبيب المعالج الذي قرر وقف العلاج لأن حالتها كما قال طيبة للغاية‏.‏ ومنذ عام تقريبا عادت أمي تشكو من آلامها وعرفنا للأسف أن المرض اللعين قد تسلل للعظام‏,‏ وأصبحت لا تقوي علي الحركة وساءت حالتها كثيرا بعد أن تلقت جرعة مكثفة من جلسات العلاج بالاشعاع‏,‏ فعجزت تماما عن الحركة‏..‏ وأصبحنا نتذكر‏,‏ ونتحسر علي الأيام السعيدة التي كانت أمنا فيها تخدمنا وترعانا كالنحلة النشيطة في كل الأوقات ولا تجعلنا نحن الأبناء نقوم بأي شيء نيابة عنها‏..‏



وأنا أكتب إليك الآن من المستشفي حيث شعرت أمي منذ أسبوع بهبوط حاد وبعدم الرغبة في الطعام وغير ذلك من المضاعفات التي تتكرر كثيرا منذ عودة المرض‏..‏ أرجوك مساعدتنا في ارسال أشعة والدتي وتقاريرها الطبية لتقرير سفرها للعلاج بالخارج‏,‏ سواء إلي وزارة العدل إذا كان القرار يتعلق بجهة عمل والدي‏,‏ أو إلي جهة أخري تكون هي المختصة‏,‏ ولقد دفعني للتعلق بهذا الأمل أن صديقا لوالدي أصيب ابنه بنفس المرض وتم ارسال أشعاته وتقاريره وتقرر له السفر للخارج علي نفقة الدولة وشفي بأمر الله‏,‏ فهل نأمل أن تساعدنا في ذلك لأن والدي كما ذكرت لك يستحيي أن يطلب أي شيء لأسرته؟



ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏


سترجع الأيام السعيدة إلي حياتكم قريبا‏..‏ ولسوف يأذن الله سبحانه وتعالي لوالدتك بالشفاء ويكشف عنها الضر بقدرته التي لا تحدها الحدود إن شاء الله‏..‏ غير أنه التماسا للأسباب فإنه يجب عليكم التقدم بطلب للعلاج علي نفقة الدولة في الخارج‏.‏ ووالدك أقدر مني علي معرفة جهة الاختصاص وهل هي وزارة العدل أم لا‏,‏ ذلك اني أتصور أن هناك نظاما خاصا لعلاج المنتسبين إلي الجهات القضائية‏..‏ فإن كان تصوري هذا غير دقيق فإن الجهة التي ينبغي لكم التقدم إليها في هذه الحالة تصبح هي وزارة الصحة ـ ادارة شئون علاج المواطنين في الخارج‏..‏ والاجراءات معروفة وأستطيع مساعدتكم فيها بإذن الله إذا اتصلت بي خلال الفترة المقبلة‏..‏ مع دعائي لوالدتك بأن يعجل الله سبحانه وتعالي لها الشفاء‏..‏ لكي تعود إليكم الابتسامة والأيام السعيدة الماضية‏.‏



حسام هداية 08-25-2011 07:34 PM

مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
 

الشخص المناسب


بـريــد الأهــرام
42942
‏السنة 127-العدد
2004
يوليو
2
‏14 من جمادى الأولى 1425 هـ
الجمعة



دفعتني للكتابة إليك رسالة لقاء التعارف من الطبيبة زوجة الطبيب ومشكلة ابنها التي كنت الطريق المنير لمساعدتها في حلها‏.‏ ولي أمل أن تكون عونا لنا في مشكلة ابنتي ذات الـ‏23‏ ربيعا الطيبة الجميلة‏.‏ فأنا طبيبة وزوجة طبيب نقيم في دولة أوروبية وقد ربيت ابنتي علي التعاليم الاسلامية وتقاليد الحياة المصرية وابتعدنا كلية عن مظاهر الحياة الغربية‏.‏ ابنتي هذه مثل صاحبة رسالة لقاء التعارف لها ذكاء محدود واستطاعت أن تحصل علي ثلاث دبلومات عالية وهي تعمل موظفة في احدي الوزارات في الدولة التي نقيم بها ومشكلتها أنها تشعر بالوحدة الشديدة خاصة أننا لا نستطيع أن نتعرف علي أصدقاء في مثل ظروفها من الجنسين في البلد الذي نعيش فيه أو من مصر في فترات زياراتنا لها كل عام كما أنها لاتستطيع أن تجد الشخص المناسب الذي من الممكن أن تتعرف عليه ليكون زوج المستقبل‏.‏ وابنتي جميلة وطيبة وعلي خلق وتدين وترغب في مقابلة شباب من مصر في مثل عمرها من الجنسين حيث أننا نبني آمالا كبيرة علي أننا سوف نلتقي بشباب في كل مرة نذهب فيها إلي القاهرة‏.‏ ولكننا نفشل حيث نجد أنفسنا فريسة سهلة لكل من نحاول أن نتعرف عليه‏,‏ فهل أجد من بين قرائك من يستطيع أن يساعد ابنتي ليكون لها صديقات من مصر‏,‏ وكذلك مساعدتها في ايجاد الشاب المناسب الذي يسعدها وتسعده ويكون عونا لها في الحياة‏,‏ مع ملاحظة أننا سنكون في القاهرة من‏15‏ يوليو الحالي إلي‏25‏ أغسطس المقبل بإذن الله‏.‏



ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏


أرجو أن تسمح لي الظروف بمساعدة ابنتك الطيبة علي تحقيق ما تصبو إليه خلال وجودها بمصر في الاجازة المقبلة بإذن الله‏,‏ كما أرجو الاتصال بي بالأهرام عقب وصولكم إن شاء الله‏.‏



حسام هداية 08-25-2011 07:36 PM

مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
 

المقامة الزوجية‏!‏


بـريــد الأهــرام
42942
السنة 127-العدد
2004
يوليو
2
‏14 من جمادى الأولى 1425 هـ
الجمعة




أنا سيدة لي زوج غيور‏,‏ وجار حسود‏,‏ وعائلة شتتتها الأهواء‏,‏ وصحبة فرقتها الأيام‏,‏ وأخوة أصبح كل منهم مشغولا بحالة‏,‏ وولد هزيل‏,‏ وآخر يطعمه ربي من دمي‏,‏ وبدن سقيم‏,‏ وعظام وهنت قبل المشيب‏,‏ حصلت علي مؤهل عال رشحني للعمل بوظيفة خادمة في بيت زوجي‏,‏ فما أحسنت الخدمة ولا أحسن لي من أخدمه‏,‏ وجمعت بين سوء الحظ وسوء الخط‏,‏ فلا أجد عندي ما أباهي به غيري‏,‏ وكان لي في القلب آمال‏,‏ والعقل احلام فأصبحت آلاما وأوهاما‏.‏ مزجت دمعي بدمي وتمنيت أن أخفيه عن كل من حولي فخانني دمعي وباح بما ضاق بي صدري‏,‏ فكتبت إليك لأني في أحزاني غارقة أنتظر زورقا ينجيني مما أنا فيه لعله يكون كلمة تذكرني بها بما نسيت عن كشف الكرب‏,‏ والفرج الذي يأتي بعد الضيق‏,‏ والعسر الذي لايغلب يسرين‏,‏ والبسط الذي يعقب القبض‏,‏ والسلام بعد الحرب والأمان بعد الخوف‏.‏ فماذا تقول لي؟



ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏


صياغتك لرسالتك علي طريقة المقامات المعروفة في الأدب العربي تعكس قدرا كبيرا من السخرية المريرة والضيق بالحياة‏.‏



فما سر كل هذا الإحباط؟ هل هي علاقتك بزوجك‏,‏ أم الملل من حياتك الزوجية وافتقادك حرارة العاطفة فيها‏,‏ أم هو تباعد الأخوة والأهل وانكفاؤهم علي ذواتهم وتشاغلهم عنك؟



علي أية حال فأنت في حاجة ماسة إلي ما يجدد حياتك‏,‏ ويطرد الملل والاحباط منها ويبعث الحرارة في علاقتك بزوجك وأهلك والمؤكد أيضا أنك في حاجة إلي إجازة قصيرة من الواجبات المنزلية وإلي تغيير نمط الحياة والمكان والوجوه والأشخاص الذين تتعاملين معهم لفترة قصيرة من الزمن تقضينها خارج المدينة التي تعيشين فيها‏.‏ ولسوف تستردين حيويتك وإقبالك علي الحياة بعد هذه الإجازة المفيدة إن شاء الله‏.‏



حسام هداية 08-25-2011 07:36 PM

مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
 

أصدقاء علي الورق


بـريــد الأهــرام
42942
‏السنة 127-العدد
2004
يوليو
2
‏14 من جمادى الأولى 1425 هـ
الجمعة




قرأت رسالة العصا السحرية التي روي فيها شاب قصته مع شقيقاته وعودته عن ظلمه لهن‏,‏ بل وإكرامهن بأكثر من حقهن في ميراث أبيهن كنوع من تطييب خاطرهن وواستغفارالله للظلم الذي أوقعه بهن‏,‏ ولقد بكيت كثيرا عندما قرأت هذه الرسالة‏,‏ لأنني فتاة تعشق اخوتها كثيرا ودعوت الله ألا يفرقنا وألا يدخل الشيطان بينناولقد بعثت لك بهذه الرسالة لإبداء اقتراح صغير لكل الإخوة الذين يتشاركون بميراث عن والدهم أو والدتهم ويديره أحدهم‏,‏ بأن يخصص كل أخ من ميراثه نسبة معينة قلت أو كثرت‏,‏ وذلك حسب الاتفاق بينهم كنوع من الأجر لذلك الأخ الذي يشقي ويتعب ويعمل لأجل اخوته‏,‏ فإن أيا منهم لو استثمر ماله في أي شركة سيعطي من يستثمر له ماله ويعمل لأجله مبلغا من المال‏,‏ ولعل في ذلك سدا للذرائع التي قد تجوب في نفس الانسان من أنه يتعب ويشقي ويأتي الاخرون ليأخذوا عائد عمله حلالا طيبا‏,‏ وهو أيضا لو توخينا العدل حق له جزاء تعبه وجهده‏.‏


أما ثانيا فإنه علي الأخ الذي يدير أموال أشقائه أن يسد وساوسهم أو وساوس أزواجهن وزوجاتهم بأن يطلعهم سنويا علي حسابات هذا المال حتي يطمئنوا له وحتي يريح ضميره أمام الله وأمامهم وليعلم كل ذي حق حقه‏.‏


من رسالة للقارئة‏/‏ رحاب محمد ولي الدين



‏*‏قرأت رسالة الأخ الفاضل بعنوان النظرة الباردة والتي روي فيها قصة كفاحه وصبره علي جفاء اخوته له حتي صنع نجاحه وأصبح محبوبا منهم‏,‏ وأقول له هذا وعد الله فهو رب العالمين والمتكفل بهم والمنعم عليهم‏,‏ وهو الذي وعد بقوله فان مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ووالله لن يغلب عسر يسرين فله الحمد فهو صاحب الفضل وحده وكان فضل الله عليك عظيما وله الحمد‏,‏ فمن حكمته أعطي فضله لأهل الفضل فتفضلوا به علي غيرهم مع أنهم لم يحسنوا إليهم في يوم من الأيام‏,‏ لكن هذه أخلاق أهل الفضل‏.‏


أسأل الله ان يعينك علي الشكر الدائم المستمر الذي يليق به سبحانه وتعالي‏,‏ وبقي شئ مهم ألا وهو الحج الي بيت الله الحرام أنت والوفية شريكة الحياة‏,‏ جمعنا الله واياك ومن كان سببا في لقائنا هذا العام في أرض عرفات‏.‏


من رسالة للقارئ الشيخ‏/‏ عبده هتيمي


الامام والخطيب بالمطرية ـ دقهلية




‏*‏ قرأت رسالة القارئة فرات عبدالمعز عبدالستار بعنوان رحيق الخبرة ردا علي رسالة الماء المقطر ولا أملك الإ أن أقول لك بارك الله فيك وفي ذريتك وأكثر من أمثالك‏.‏ فنحن لانملك لأولادنا من الدنيا شيئا سوي الدعاء لهم بالتوفيق والنجاح بعد ان نحسن تربيتهم والباقي علي الله سبحانه وتعالي‏.‏ والا مااقتتل ولدا سيدنا آدم‏,‏ وما كفر ابن سيدنا نوح ـ عليه السلام ـ الذي قال فيه الله عز وجل إنه عمل غير صالح صدق الله العظيم وأقول لصاحب بريد الجمعة انه أحسن اختيار عنوان الرسالة الأولي الماء المقطر لأن من اعتاد علي الماء المقطر فأول شربة من ماء الصنبور ستصيبه بجميع الأمراض‏.‏


ولقد أخطأ الوالد صاحب الرسالة في حمايته الزائدة عن الحد لابنتيه‏,‏ فالطفل الصغير ان لم يشعر بحرارة النار فسيظل يسعي وراءها كلما رأي عود الكبريت مشتعلا‏.‏


من رسالة للدكتور مهندس‏/‏ مصطفي فرغلي




‏*‏أقول للسيدة صاحبة رسالة صيغة الاعتراف‏:‏ لايبارك الله لك ولا لأولادك في شئ أخذته عنوة من زوجك الذي أمضي معك‏27‏ عاما وتحمل ليكبر أولاده‏.‏


ودعائي علي كل سيدة تعامل أهل زوجها معاملة سيئة وتفتح الباب علي مصراعيه لأهلها فقط‏,‏ وسيحاسبك الله عن سرقة ماليس من حقك‏..‏


وكذلك عن غرس الحقد في نفوس أبنائك تجاه والدهم‏..‏


من رسالة للقارئ‏/‏

صلاح الدين إبراهيم سلامة



حسام هداية 08-25-2011 07:43 PM

مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع
 

الخيال الجميل‏!‏


بـريــد الأهــرام
42949
‏السنة 127-العدد
2004
يوليو
9
‏21 من جمادى الأولى 1425 هـ
الجمعة


ترددت كثيرا في أن أكتب لك عن مشكلتي ولكن الذي دفعني إلي كتابتها هي قراءتي لمشكلة‏(‏ الزيارة المفاجئة‏).‏


فأنا سيدة في الخامسة والثلاثين من عمرها‏,‏ جميلة ومتدينة ومتزوجة منذ اثني عشر عاما ولي طفلان أحدهما في الحادية عشرة من عمره‏,‏ والآخر في السابعة‏,‏ وقد زففت إلي زوجي بعد أن تقدم لي بأربعين يوما فقط‏,‏ لأنه كان عريسا جاهزا ولقطة من وجهة نظر أبي‏,‏ ولم أستطع أن أرفض لأنني كنت قد فسخت خطبتي لعريس آخر بعد خطبة دامت ثلاثة أعوام‏,‏ وكنت حينذاك في عامي الأول الجامعي‏,‏ ومن وجهة نظر أهلي أنه عار أن أترك خطيبي مهما كانت الأسباب‏,‏ وساوموني إما أن أعود إلي خطيبي السابق الذي يحبني‏,‏ أو أتزوج عريس الغفلة هذا‏,‏ فاخترت عريس الغفلة لأنه وافق علي أن أكمل دراستي في الماجستير‏,‏ وانه طيب القلب ومتدين عكس الآخر‏.‏ وتزوجت رجلا لا أعرفه ولا أحبه وظننت أن الأيام ستجعلني أحبه‏,‏ ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن‏,‏ فهو مع الأسف انسان ضعيف الشخصية‏,‏ ابن أمه وآخر العنقود وينفذ كل أوامرها دون جدال‏,‏ لدرجة أنها حكمت عليه أن ينام في حجرة أخري بعيدا عني بعد ولادة الطفل الأول‏,‏ ونفذ أمرها دون جدال‏,‏ وعندما كنا نخرج معا ونعود كانت تكدر عليه حياته حتي لايخرج معي مرة أخري‏,‏ كان علي أن أنظف لها منزلها وأطبخ لها في يوم إجازتي‏,‏ وحتي


بعد عودتي من عملي يجب علي أن أجلس معها وأغسل لها الأطباق وأطبخ لها يوميا لأنها لا تحب الأكل البايت‏,‏ وانتظر عودته ثم نصعد معا إلي شقتنا ليأكل وينام ثم يصحو سريعا ويرتدي ملابسه وينزل إليها ويجلس عندها إلي ما بعد منتصف الليل‏,‏ ويصعد إلي شقتنا أخيرا فيجدني قد نمت من شدة التعب وإرهاقي في خدمة الأولاد وخدمة حماتي ومذاكرة الماجستير‏,‏ وكل هذا كان يدمر صحتي حتي مرضت بسبب الوقوف المتواصل‏,‏ ولم ترحمني حماتي‏,‏ بل قالت إنني أتمارض لكيلا أخدمها‏,‏ فواصلت خدمتي لها برغم مرضي منعا للمشاكل‏.‏ مع العلم أن شقيق زوجي معنا في نفس العمارة وزوجته لاتعمل‏,‏ ولكن الحكم كان علي أنا فقط‏,‏ حتي عندما كبرت بنت ابنها الآخر وأصبحت مقيمة معها بعد تخرجها في الجامعة كنت أنزل وأنظف لها الشقة والكل يجلسون وينظرون إلي وكأنني الشغالة‏,‏ وتحملت كل ذلك حتي حصلت علي الدكتوراه بعد عناء شديد وأصبحت لا أستطيع الوقوف لفترات طويلة‏,‏ فاضطررت لأؤجر من تنظف لي الشقة يوم الإجازة‏,‏ ولم استطع أن أقوم بتنظيف شقة حماتي‏.‏ وكانت الطامة الكبري‏,‏ وقالت حماتي لزوجي أنني تكبرت عليه وعليهم بعد الدكتوراه‏,‏ وتطاول شقيق زوجي علي بتحريض من زوجته دون أن أفعل له أي شئ سوي أنني طلبت من حماتي أن تقسم العمل بيني وبين ابنته وزوجته ولم يدافع عني زوجي‏,‏ بل اتهمني بالكذب وتركني أذهب إلي بيت أهلي الذين لم يسمعوا مني أي شكوي منذ زواجي رغم ما كنت ألاقيه‏,‏ وطبعا انهالت أمي عليه بالسب لأنه لم يستطع أن يدافع عن زوجته وهي تضرب وتسب أمامه‏,‏ فغضب من أمي وتركني أنا وأولاده في بيت أهلي عاما كاملا دون أن يسأل عني أو عن أبنائه تنفيذا لأوامر الوالدة‏,‏ وكان هذا الموقف كفيلا بأن يدمر كل ما بيننا‏,‏ ولكني فكرت في ابنائي الذين لا ذنب لهم‏,‏ فخضعت لتدخل بعض أفراد أسرته للصلح بيننا وعدت من أجل الأبناء فقط وأتحمل الحياة مع انسان لا تجمعني به أي مشاعر حب أو ود أو حتي رحمة‏,‏ وحياتي معه موت بطئ ولا يعطيني أي بصيص من النور في هذه الحياة المظلمة سوي أبنائي‏.‏



وخلال هذه الأحداث المؤلمة مررت بتجربة كان من الممكن أن تغير كل حياتي وتكون لي طوق النجاة‏.‏ فرئيسي في العمل رجل مثقف وذكي ورقيق جدا ويحترمني ويقدرني لأنني انسانة محترمة ومجتهدة‏,‏ وكل زملائي يحبونني‏.‏ وقد شعرت نحو هذا الرجل بمشاعر لاأستطيع أن أصفها لك فلم ينبض قلبي إلا له ولا أشعر بالسعادة إلا عندما أراه‏,‏ وحين أنظر إليه أجد فيه الشخص الذي تمنيت الارتباط به‏,‏ وعندما يضيق بي الحال أسرح في خيالي مع هذا الشخص وأحلم معه بالحب الذي لم أجده مع زوجي‏,‏ وأعود من خيالي علي أرض الواقع وأحمد الله علي حالي وأجد في ابنائي عوضا عما حرمت منه من حب ومشاعر لم أجدها في الحلال وأبيتها في الحرام‏,‏ فأنا انسانة متدينة والحمد لله وأعلم أنني لا أستطيع أن أفعل ما يغضب الله مني‏,‏ ولكن ما يؤرقني ويعذب ضميري هو أنني أعشق في خيالي غير زوجي‏,‏ وأسأل نفسي هل يحاسبني الله عما أشعر به‏,‏ مع العلم أنني لا أظهر أي شئ لهذا الرجل سوي الاحترام لدرجة أنه تمر بي أيام كثيرة لا أذهب فيها لمكتبه حتي لا تزداد نار هذا الحب ولكي أعفي ضميري من شبح الخيانة‏,‏ فضميري يقول لي إن تفكيري فيه خيانة لزوجي حتي ولو كان هذا التفكير يعوضني عن السعادة المفقودة‏,‏ لكني مازلت حائرة‏,‏ وأتساءل هل يحاسبنا الله عن المشاعر الدفينة؟‏,‏ وهل يمكن أن تقع الخيانة في الخيال؟‏!,‏ وماذا تفعل انسانة مثلي لايشاركها زوجها في أي شئ لا في المسئولية ولا في المشاعر ولا في الحياة‏,‏؟ علما بأنني حاولت كثيرا ورجوته مرارا أن يعصمني من التفكير في غيره‏,‏ فظن أنني أحتال عليه بذلك ليعطيني مساحة أكبر من وقته تاركا أمه المسنة‏,‏ ولكني قلت له اني أحتاج إلي جزء منك ولها الباقي فأبي ذلك‏,‏ فماذا أفعل وأنا انسانة جميلة وشابة ورومانسية لأبعد الحدود وأحتاج لأن أشعر بأنوثتي بجوار أمومتي‏,‏ فأحيانا أشعر بإنني مجرد خادمة أو جارية له‏,‏ وهذا يقتلني ولا يداويني من هذا إلا هذا الخيال الجميل‏..‏ فماذا أفعل؟



ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏


من رحمة الله بنا أنه سبحانه وتعالي لا يحاسبنا عما يجول بداخلنا من خواطر وأفكار ومشاعر مالم نترجمها إلي أفعال وتصرفات‏..‏ وفي الحديث الشريف الذي رواه الشيخان وآخرون ان الله قد تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها مالم تتكلم أو تعمل به‏.‏


غير أن الإنسان مطالب دائما بأن يتجنب مواقع الشبهات التي يمكن أن تستدرجه رغما عنه للوقوع في الخطأ‏.‏



والمثل الغربي الذي يقول خير لك ألا تبدأ من أن تبدأ ولا تعرف كيف تنتهي‏,‏ أولي بالاتباع في هذه الحالة‏,‏ من الاقتراب من الحمي حتي ليوشك الانسان أن يخالطه كما جاء في الحديث الشريف الآخر الذي يقول فيه صلي الله عليه وسلم‏:‏ إن من يرتع حول الحمي يوشك أن يخالطه وأن من يخالط الريبة يوشك أن يجسر‏!‏


وفي رواية أخري‏:‏ فمن ترك ما شبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك‏,‏ ومن اجترأ علي ما شك فيه من الاثم أوشك أن يواقع ما استبان‏.‏ وعاطفة الحب وإن كانت لاتخضع حقا لسيطرة الانسان إلا أن لها مقدمات في مقدور المرء أن يتحكم فيها ويمنع تطورها إلي عاطفة قاهرة لايملك إزاءها شيئا‏.‏



ومن هذه المقدمات اللقاء والاتصال والكلام والنظر والتراسل‏,‏ وكل انسان يستطيع أن يرد نفسه عن الاتصال أو الكلام أو النظر لمن يخشي تطور عاطفته نحوه‏,‏ أما إذا ضعفت إرادته عن رد نفسه عن مثل هذه المقدمات برغم خطورتها ولم تجد عاطفته ما يكبحها فإنها تتعمق وتتطور وتخرج عن حدود قدرته علي السيطرة عليها ووأدها‏..‏ وهذه هي خطورة التساهل في مثل هذه المقدمات التي تبدو لنا بريئة وخالية من الإثم‏..‏ وهو أنها تقود إلي الوقوع في الحب المحرم الذي نصرخ شاكين من عجزنا عن صده لأننا لا نملك قلوبنا‏,‏ وإنما يملكها خالقها سبحانه وتعالي‏,‏ في حين أننا كنا نملك ارادتنا ونستطيع أن نرد أنفسنا عن المقدمات التي أدت إليه‏.‏


ولقد سئل أحد كبار الدعاة عن الحب أهو حلال أم حرام؟‏!,‏ فأجاب إجابة طريفة وحكيمة في نفس الوقت‏,‏ إذ قال إن الحب الحلال حلال‏,‏ والحب الحرام حرام‏!‏ بمعني أن الحب المشروع كحب الرجل لزوجته والزوجة لزوجها حلال لا شبهة فيه‏,‏ والحب المحرم كحب الزوجة لغير زوجها وحب الرجل لزوجة آخر حرام لا مراء فيه‏.‏



وخطورة هذا الخيال الجميل الذي تستنيمين إليه الآن وتجدين فيه بعض ما يخفف عنك جفاف حياتك الزوجية وخلوها من العاطفة‏,‏ هو أنه قد يدفعك خطوة بعد أخري إلي الوقوع فيما لايحل لك مما لا ترضاه الزوجة الفاضلة المتدينة لنفسها كالنظر والخلوة والتلامس‏,‏ انتهاء ــ لا قدر الله ــ بالوقوع في الخطيئة‏.‏


لهذا فإن الأوفق هو أن تقاومي هذه المشاعر وهي في بدايتها لأنها سوف تستدرجك إلي الطريق المنحدر الذي ينتهي بما لا ترضين لنفسك‏,‏ وأن تجاهدي نفسك ومشاعرك‏,‏ وتحاولي بقدر الإمكان بعث الحرارة في علاقتك بزوجك والتجاوز عما يغضبك منه‏,‏ وتستمري في تجنب الاقتراب من رئيسك أو التعامل معه أو الانفراد به‏,‏ وحبذا لو انتقلت إلي موقع آخر في العمل يبعدك عنه ويبعده عنك‏..‏ فتموت عاطفتك تجاهه مع مرور الأيام‏,‏ كما تخمد جذوة النار إن لم تتلق المزيد من قطع الخشب‏,‏ ولابد أن يعينك ربك علي ذلك إن صدقت نيتك علي الاخلاص لزوجك ودعوت الله صادقة إن يجعلك من قاصرات الطرف اللاتي يقصرن طرفهن أي عيونهن وسمعهن علي أزواجهن حتي ولو شقين بحياتهن معهم‏.‏



أما إن عجزت عن مقاومة هذه العاطفة وإخمادها‏..‏ فاكتميها في صدرك ولا تعبري عنها بأية كلمة أو فعل أو إشارة‏,‏ واعتبريها ابتلاء لك يختبر به الله سبحانه وتعالي صدق عفافك والتزامك بحدوده‏,‏ واصبري عليها كما يصبر المرء علي الابتلاء‏,‏ فيكون لك من أجر الصابرين علي البلاء نصيب موفور باذن الله‏.‏




الساعة الآن 04:58 PM

Powered by Nile-Tech® Copyright ©2000 - 2025