تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صفات التاجر المسلم


أحمد فاروق سيد حسنين
10-14-2009, 02:49 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

صفات التاجر المسلم

إعداد : صلاح نجيب الدق
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً،أما بعد فإن هناك صفات ينبغي أن يتحلى ويتصف بها كل تاجرٍ مسلمٍ، أحببت أن أُذَكِرَ بها نفسي وإخواني القراء الكرام
أقول وبالله تعالى التوفيق
صحة الاعتقاد
يجب على كل تاجر مسلم أن يؤمن بأن شهادة أَنْ لا إله إلا الله تعني أنه لا معبود بحق إلا الله وأن شهادة أن محمداً رسول الله تعني أنه لا متبوع بحق إلا النبي وأن يعلم أن الغاية من خلق الناس هي عبادة الله وحده
قال تعالى وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ الذاريات
وعليه أن يخلص أعماله في تجارته لله تعالى وحده وأن يتجنب الشرك والرياء لأن ذلك محبط للأعمال الصالحة
قال الله تعالى وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ الزمر
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ مسلم حديث
حُسنُ التوكل على الله
على التاجر المسلم أن يتوكل على الله ويأخذ بأسباب الرزق الحلال له ولمن يعولهم
قال الله تعالى وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا الفرقان
وقال سبحانه وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ الطلاق
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» أخرجه الترمذي وصححه الألباني حديث
الإكثار من الدعاء
الدعاء سلوى المحزونين، ونـجوى المتقين،ودأب الصالحين، فإذا صدر عن قلب سليم، ونفس صافية،وجوارح خاشعة،وَجَدَ إجابة كريمة من رب رحيم فاحرص أخي التاجر الكريم، على الدعاء في جميع الأوقات وخاصة الأوقات الفاضلة
لقد حثنا الله تعالى في كثير من آيات القرآن الكريم وكذلك نبيه في سنته المطهرة، على الإكثار من الدعاء
قال الله تعالى وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ البقرة
وقال تعالى وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ غافر
عَنْ سَلْمَانَ الفارسي رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا» أخرجه أبو داود وصححه الألباني حديث
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ» أخرجه الترمذي وصححه الألباني حديث
المحافظة على إقامة الصلوات المفروضة جماعة في المساجد
إن إقامة الصلوات المفروضة جماعة في المساجد واجب على كل مسلم ذكر،بالغ،عاقل،قادر على الذهاب إلى المساجد،ولو بمساعدة الآخرين له،ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر إن الله تعالى قد أمر نبينا أن يصلي بأصحابه جماعة وهم في المعركة
فقال سبحانه «وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا» النساء
إذا كان الله تعالى قد أوجب صلاة الجماعة في حال المعركة،فإن وجوبها في حال الأمن من باب أولى
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ» البخاري حديث ، ومسلم حديث
مرماتين حسنتين وهما ما بين أظلاف الشاة أو ما بين أضلاعها، يعني شيء زهيد من اللحم
قال ابن حجر العسقلاني وَأَمَّا حَدِيث الْبَاب فَظَاهِر فِي كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْن، لأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّة لَمْ يُهَدِّدْ تَارِكهَا بِالتَّحْرِيقِ فتح الباري جـ صـ
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال َأَتَى النَّبِيَّ رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ فَأَجِبْ» مسلم حديث
قال ابن قدامة وَإِذَا لَمْ يُرَخَّصْ لِلأَعْمَى الَّذِي لَمْ يَجِدْ قَائِدًا لَهُ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى المغني جـ صـ
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ مسلم حديث
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ قَالَ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلا صَلَاةَ لَهُ إِلا مِنْ عُذْرٍ أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني حديث
قال الإمام الشافعي رحمه الله لا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر الأُم جـ صـ
قال الإمام ابن كثير رحمه الله عند كلامه على صلاة الخوف سورة النساء الآية وما أحسن ما استدل به من ذهب إلى وجوب الجماعة من هذه الآية الكريمة، حيث اغتفرت أفعال كثيرة لأجل الجماعة، فلولا أنها واجبة لما ساغ ذلك تفسير ابن كثير جـ صـ
ما أجمل أن نرى بعض المحلات قد أغلقها أصحابها وذهبوا لأداء الصلاة المفروضة، وقد تركوا على محلاتهم لوحة مكتوبًا عليها مُغلقٌ للصلاة
إن قول المؤذن عند النداء للصلاة المفروضة الله أكبر،الله أكبر تعني أن الله تعالى أكبر من التجارة والمال والأهل والولد، ومن كل شيء
الإيمان بأن الله تعالى ضمن الأرزاق لجميع المخلوقات
قال الله تعالى وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ الذاريات
وقال سبحانه وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ هود
عن أبي أُمَامةَ رضي الله عنه أن النبي قال «إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعبَ رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا يُنالُ ما عنده إلا بطاعته» صحيح الجامع حديث
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي قال «إن الرزق ليطلبُ العبدَ أكثرَ مما يطلبه أجله» صحيح الجامع للألباني حديث
التفقه في الدين ومعرفة أحكام التجارة
يجب على التاجر أن يعرف الأحكام الشرعية الخاصة بالتجارة التي يمارسها وذلك بسؤال أهل العلم، حتى يتجنب الشبهات والوقوع في الحرام، واعلم أخي الكريم أن طلب العلوم الشرعية يرفع منزلتك عند الله تعالى وعند الناس
قال الله تعالى يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ المجادلة
وعن مُعَاوِيَةَ بن أبي سفيان رضي الله عنه قال قال رَسُولِ اللَّهِ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» البخاري حديث مسلم حديث
حُسنُ اختيار التاجر لمعاونيه
يجب على التاجر المسلم أن يحسن اختيار من يساعده بحيث يكون من أهل العقيدة الصحيحة ومن أهل الصلاة والصدق والأمانة لأن الإنسان عادة يتأثر بمن يلازمه
عَنْ أَبِي سَعِيد الخدري رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ «لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنًا،وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيٌّ» أخرجه الترمذي وصححه الألباني حديث
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» أخرجه أبو داود وصححه الألباني حديث
استخارة الله تعالى ومشاورة أهل الخبرة الصالحين
ينبغي للتاجر المسلم أن يعتاد على استخارة الله تعالى في أموره الهامة، وأن يستشير أهل الخبرة من الصالحين في الأمر الذي يريد أن يقدم عليه، وكان النبي يعلم أصحابه الاستخارة
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ، يَقُولُ «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ ؛ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضَّني به، قَالَ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ البخاري حديث
الاستيقاظ مبكراً لطلب الرزق

ما أجمل أن يستيقظ المسلم مبكراً لطلب الرزق الحلال، متبعاً في ذلك سنة نبينا محمدٍ
عن صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ رضي الله عنه أن النبي قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا»، قَالَ وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ وَكَانَ صَخْرٌ رجلاً تَاجِرًا، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ تِجَارًا بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ أخرجه الترمذي وصححه الألباني حديث
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة
على التاجر المسلم أن يكون في تجارته من الدعاة المخلصين إلى الله تعالى، فيحث الناس على الخير ويمنعهم ويحذرهم من الشر قدر استطاعته بالحكمة والموعظة الحسنة
قال الله تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ آل عمران
وقال سبحانه ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ النحل
وعن أبي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه أن رسُولَ اللَّهِ قال «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» مسلم حديث
الابتعاد عن الشبهات

يجب على التاجر المسلم أن يسأل أهل العلم عما يجهله من أمور الحلال والحرام وأن يتجنب الوقوع في شبهات البيع والشراء
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ البخاري حديث مسلم حديث
الإكثار من ذكر الله تعالى في جميع الأحوال

ينبغي للتاجر المسلم أن يكون لسانه رطباً بذكر الله تعالى في كل وقت فيحرص على أذكار ختام الصلاة، والصباح والمساء وأذكار السفر وغيرها من الأذكار الثابتة من سنة نبينا محمد وليعلم كل تاجر مسلم أن هذه الأذكار المشروعة هي السبيل لمرضاة الله تعالى واطمئنان قلب العبد المسلم
قال سبحانه الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الرعد
وقال جل شأنه وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ الأعراف
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِيُّ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» البخاري حديث مسلم حديث
وعنه أيضًا رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ ؛ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ» البخاري حديث مسلم حديث
وعنه أيضًا رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» البخاري حديث مسلم حديث
وعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ حدثني أبي قال كنا عند رسول الله ، فقال «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ ؟ فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ ؟ قَالَ يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ» مسلم حديث
الالتزام بالصدق والأمانة في جميع المعاملات
إن الصدق مع الله ومع الناس وأداء الأمانة لأهلها هما شعار التاجر المسلم
قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ التوبة
وقال سبحانه إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا النساء
وعن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» البخاري ح
اجتناب الحلف بالله تعالى عند البيع والشراء
ينبغي للتاجر المسلم أن يتجنب الحلف ولو كان صادقاً، لأن النبي قد نهانا عن الحلف في البيع والشراء
فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ «الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلرِّبْحِ» مسلم حديث
وليحذر كل تاجر أن يشترى بأيمان الله مالاً حراماً
قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ آل عمران
الإنفاق في سبيل الله تعالى
اعلم أخي التاجر الكريم أن الإنفاق في سبيل الله تعالى هو التجارة الرابحة في الدنيا والآخرة، فاحرص على الإنفاق من مالك قدر استطاعتك، في وجوه الخير وهي كثيرة مثل بناء المساجد وعمارتها، ونشر كتب العلم النافع، ومساعدة الفقراء، وكفالة الأيتام المحتاجين، وتفطير الصائمين في رمضان، وغير ذلك من أبواب الخير واعلم أخي الكريم أن الصدقات تزيد الحسنات، و تزيد في المال قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ فاطر ،
وقال جل شأنه مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ البقرة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ» مسلم حديث
واحذر أخي التاجر الكريم من وسوسة الشيطان، فإنه سوف يوسوس لك قائلاً لا تنفق من مالك، وأمسكه عليك، فإنك محتاج إليه لتربية أولادك ولأمور كثيرة
وصدق الله تعالى حيث قال الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ البقرة
السماحة والرفق عند البيع والشراء
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى» البخاري حديث
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِِ النَّبِيِّ أنه قَالَ «إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ» مسلم حديث
الصبر على المعسرين والتجاوز عنهم
من الأخلاق الحميدة للتاجر المسلم أن يصبر على المعسرين
قال تعالى وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ البقرة
وليعلم كل تاجر أن الصبر على المعسرين له فضل عظيم عند الله يوم القيامة
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ قَالَ «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ» البخاري حديث مسلم حديث
كتابة الوصية الشرعية
إن الإنسان لا يدري متى وأين وكيف ينتهي أجله، ولذا ينبغي للتاجر أن يكتب وصيته؛ فيكتب ما له وما عليه، حتى إذا ما جاءه الموت بغتة، لا تضيع حقوق الناس عنده ولا حقوق ورثته عند الناس
قال الله تعالى إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ لقمان
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» البخاري حديث مسلم حديث
وختامًا أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم،وأن ينفع به المسلمين آمين

مجلة التوحيد عدد شـــــــــــوال 1430 هــ


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته